قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : كل مؤمن مكلف بالتوقف و التفتيش عند حضور الأقسام عن التناول و الأخذ، حتى يشهد له الحكم بالإجابة، و العلم بالقسمة، و المؤمن فتاش و المنافق لقاف. و قال صلى الله عليه و سلم ( المؤمن وقاف ) و قال صلى الله عليه و سلم : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) فالمؤمن يقف عند كل قسم من مأكول و مشروب و ملبوس و منكوح و سائر الأشياء التي تفتح له فلا يأخذ حتى يحكم له بجواز الأخذ و التناول كحكمه إذا كان في حالة التقوى. أو حتى يحكم له بذلك الأمر إذا كان في حالة الولاية. أو حتى يحكم العلم في حالة البدلية و الغوثية، و الفعل الذي هو القدر المحض و هي حالة الفناء، ثم تأتيه حالة أخرى تتناول كل ما يأتيه و يفتح له ما لم يعترض عليه الحكم والأمر والعلم، فإذا اعترض أحد هذه الأشياء امتنع من التناول، فهي ضد الأولى.
ففي الأولى الغالب عليه التوقف و التثبت. و في الثانية الغالب عليه التناول و الأخذ و التلبس بالفتوح. ثم تأتى الحالة الثالثة.
فالتناول المحض و التلبس بما يفتح من النعم من غير اعتراض أحد الأشياء الثلاثة و هي حقيقة الفناء، فيكون المؤمن فيها محفوظاً من الآفات وخرق حدود الشرع مصاناً مصروفاً عنه الأسواء، كما قال الله تعالى : }كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ{.يوسف24. فيصير العبد مع الحفظ عن خرق الحدود كالمقرض إليه المأذون له و المطلق له في الإباحات الميسر له الخير، ما يأتيه قسمه المصفى له من الآفات و التبعات في الدنيا و الآخرة، و الموافق لإرادة الحق و رضاه و فعله و لا حالة فوقها و هي الغاية، و هي السادة الأولياء الكبار الخلص أصحاب الأسرار، الذين أشرفوا على عتبة أحوال الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين.