آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 20965 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 14752 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 20914 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 22314 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 56381 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 51473 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 43381 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 25770 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 26154 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 32053 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-27-2012, 12:00 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الأبعاد السياسية للطاعنين في معاوية رضي الله تعالى عنه

الأبعاد السياسية للطاعنين في معاوية رضي الله تعالى عنه – الحلقة الأولى

عندما تُطلُّ الفتن برأسها يتفاوت الناس وتتفاوت موازينهم ومواقفهم، ولا يألو من يريد لتلك الفتن أن تستمر جهدًا في صب الوقود عليها والبحث عن مختلف الطرق التأجيجية، فإن استطاع بالتصريح والطرق المباشرة قفز إلى أعلى سلالمها، وإن حال دون ذلك حائل لجأ إلى التعريض والطرق غير المباشرة محاولاً الانتقال فيها من درجة إلى درجة للوصول إلى أهدافه.
وفي هذه الأيام نلاحظ تكالب جهات عدة تتواطأ على تكريس ثقافة الطعن في الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه والبراءة منه وتكفيره والتعريض بمحبيه المترضِّين عليه وعلى الصحابة أجمعين والتهجم عليهم.
إن هذا التكريس ليس وليد اليوم، ولكنَّه ورقة يلعب بها جهات عدة بغية الوصول إلى أهداف معينة، وقد صدر هذا التكريس العدائي ضد هذا الصحابي الجليل من عدة جهات في هذا الوقت:
الجهة الأولى: الشيعة.
الجهة الثانية: الممهدون للتشيع والذين هم كالبوابة له وممن يمثلهم: عدنان إبراهيم وأحمد الكبيسي.
الجهة الرابعة: بعض رموز الصوفية.
الجهة الخامسة: بعض رموز الإخوان المسلمين.
لقد التقت هذه الفئات كلها في أمور عدة، منها: الطعن في الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه.
وسنخصِّص هذه الحلقة بذكر بعض أقوال هؤلاء.
فأما طعون الشيعة في معاوية رضي الله عنه وأرضاه بل وطعونهم في الخلفاء الراشدين الثلاث وفي عموم الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وتكفيرهم لهم فهي أمورٌ معلومة، ملؤوا بها كتبهم ومؤلفاتهم، وتنادوا بها جهارًا نهارًا، ولم يكتفوا بذلك حتى أضافوا إلى نزعة الكراهية والأحقاد هذه البراءة أيضًا من محبِّي الصحابة الكرام وتكفيرهم وكراهيتهم، كل ذلك عن طريق نصب عداء موهوم بين صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته، وبين عليٍّ رضي الله عنه والخلفاء من قبله رضي الله عنهم أجمعين، ومن ثم الانشغال بتفريق الناس إلى موالين للصحابة يجب البراءة منهم وموالين لآل البيت مبغضين للصحابة، والتنقُّل عبر سلسلة من المواقف الطائفية لا تخلو من لعن أهل السنة وتكفيرهم وإيغار الصدور عليهم والتعاون مع الآخرين ضدهم، كل هذه الأمور تنضح بها الأدبيات الشيعية والتاريخ الشيعي، وقد كانت هذه الثقافة العدائية التفريقية معولاً من المعاول الأولى لتمزيق الأمة وخطف أناس واستغلال عقولهم ومشاعرهم في صناعة البغضاء والشحناء.
ولئن كان هؤلاء يصرِّحون بمثل هذه الأدبيات ويريدون تغيير الخريطة بما يتوافق مع هذه الأيدلوجية كما يقول جعفر العلوي رئيس جمعية الرسالة الإسلامية في البحرين في لقاء معه على قناة أهل البيت:”كربلاء المقدسة ينبغي أن تتحول إلى مركز إشعاع حضاري للعالم، وهي ستكون بإذن الله عاصمة المستقبل”.
فلئن كان هؤلاء ينادون إلى أدبياتهم بطريقة مباشرة فإنَّ هناك فئة آثروا أن يجعلوا من أنفسهم بوابات وجسور إليها، وتشرَّبوا من بعض تلك الكؤوس الحاقدة حتى ظهر أثر ذلك عليهم في هجمات مغرضة على معاوية وعلى صحابة آخرين رضي الله عنهم أجمعين والهجوم على محبِّيهم، ومن هؤلاء كما سبق: عدنان إبراهيم وأحمد الكبيسي.
لقد أبدى عدنان إبراهيم كراهية منقطعة النَّظير للصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه، وبلغ به الحقد والغل أن يقول في اتصال معه من غرفة الغدير الشيعية:”لو أن الله الكريم تبارك وتعالى وجل مجده خيَّرني أو خيَّر أي رجل عاقل من المسلمين والمسلمات أن يمحو شخصا من التاريخ لن أمحو جنكيز خان، معاذ الله، لن أمحو هولاكو معاذ الله، لماذا؟ لأنه لولا معاوية ما كان جنكيز خان ولا هولاكو”!
ويقول:”إذا أمكن ألا تُخلَق هذه الشخصية لتمنيت ألا تُخلق”!
وجاهر بهذه الهجمات الشرسة المتشنِّجة في مواضع عديدة على رؤوس الأشهاد، كما جاهر بالطعن في أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها والطعن في جملةٍ من الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين.
وقال متهجِّمًا على المذهب الذي يترضَّى أهلُه على عليٍّ ومعاوية رضي الله عنهما وهو مذهب أهل السنة:”مذهب يعزز التناقض والمشروخية في شخصية المسلم”.
وفي مقابل ذلك الحقد المتأجِّج على معاوية رضي الله عنه يقول عن محمد باقر الصدر مادحًا ممجِّدًا:”أكبر عقل فلسفي عربي في القرن العشرين على الإطلاق، ومرجع شيعي أعظم”.
ولم يكن أحمد الكبيسي بأقل منه في الطعن في معاوية رضي الله عنه، وقد حصر فضيلة الصُّحبة في بعض الصحابة دون بعض، وتَهجَّم بكل عدوانية وشراسة على معاوية رضي الله تعالى عنه وعرَّض بتكفيره والحكم عليه بالنَّار، وبلغ به الانفعال أن يقول لأحد المتداخلين معه:”اللهم احشرني مع علي، وأنت إن شاء الله الله يحشرك مع معاوية”!
فهذه الفئة إن لم يكن بعض من فيها شيعة متستِّرون فهم قنطرة واضحة إلى التشيع وطريق ممهّد إليه، وهم ورقة رابحة لاختطاف الناس إلى الأدبيات الشيعية المورِّثة للبغضاء والشحناء، والعجب أنَّه في الوقت الذي يزعم فيه عدنان إبراهيم أنه يريد التحرر من العقل الجمعي إذا به يمشي في خطوات متسارعة متلاحقة إلى العقل الجمعي الشيعي.
وأمَّا الفئة الثالثة وهم الصوفية فهم قنطرة أخرى لا تقل خطورة للتشيع، وقد بيَّن ابن خلدون في مقدِّمته العلاقة الوثقى بين التشيع والتصوف.
يقول ابن خلدون في معرض ذلك:”ثم حدث أيضًا عند المتأخرين من الصوفية الكلام في الكشف وفيما وراء الحس، وظهر من كثير منهم القول على الإطلاق بالحلول والوحدة، فشاركوا فيها الإمامية والرافضة لقولهم بألوهية الأئمة وحلول الإله فيهم، وظهر منهم أيضًا القول بالقطب والأبدال، وكأنه يحاكي مذهب الرافضة في الإمام والنقباء، وأشربوا أقوال الشيعة، وتوغلوا في الديانة بمذاهبهم، حتى لقد جعلوا مستند طريقهم في لبس الخرقة أن عليًّا رضي الله عنه ألبسها الحسن البصري وأخذ عليه العهد بالتزام الطريقة، واتصل ذلك عنهم بالجنيد من شيوخهم، ولا يُعلم هذا عن علي من وجه صحيح، ولم تكن هذه الطريقة خاصة بعلي كرم الله وجهه، بل الصحابة كلهم أسوة في طرق الهدى، وفي تخصيص هذا بعلي دونهم رائحة من التشيع قوية، يفهم منها ومن غيرها مما تقدم دخولهم في التشيع وانخراطهم في سلكه” إلخ.
وقد كُتِبتْ رسائل عدة في العلاقة بين التصوف والتشيع.
ومن رموز الصوفية في هذا العصر من الطاعنين في معاوية رضي الله عنه أحمد صديق الغماري وأخواه عبد الله وعبد الحي.
يقول أحمد بن الصديق الغماري في كتابه (البحر العميق):”ومن تعظيم جنابهم (أي: الصحابة) الأقدس وحماهم الأطهر تنزيههم عن إدخال المنافقين والفجرة فيهم وعدهم من زمرتهم مثل معاوية وأبيه وابنه الحكم بن العاص وأضرابهم قبحهم الله ولعنهم، فإن عدَّ هؤلاء من جملة الصحابة بعد تكذيب خبر الله ورسوله بكفرهم ونفاقهم حطٌّ من قدر الصحابة رضي الله تعالى عنهم … وعلم سيرة الفاجر اللعين معاوية ومعاندته لله ورسوله واستخفافه بأمرها واستهزائه بالشريعة المحمدية وسفكه الدماء البريئة”.
وقال عنه في كتاب (الجواب المفيد للسائل المستفيد):”منافق كافر”.
وطعن فيه أيضًا في كتابه (جؤنة العطار) بأنواعٍ من الطعون من قبيل الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم وشرب الخمر وأنه من أهل النار، وقال عنه:”قبحه الله”، و”معاوية اللعين”.
كما وصف أخوه عبد الحي بن الصديق الغماري معاوية رضي الله عنه بالفاجر الظالم.
وهكذا عبد الله بن الصديق الغماري طعن في معاوية رضي الله عنه في كتابه (القول المسموع في الهجر المشروع) وفي كتابه (الحاوي في الفتاوي) واتهمه بأنه لم يحسن إسلامه، وقال:”وليس كل صحابي فاضلاً، بل فيهم منحرفون عن الجادة مثل سمرة بن جندب والمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص وجرير بن عبد الله البجلي”.
وهو ممن تقوَّى به عدنان إبراهيم وقال عنه في معرض ذلك:”الحافظ الغماري قدس الله سره”.
ومن الصوفية الطاعنين في معاوية رضي الله عنه أيضًا محمد بن عقيل بن عبد الله باعلوي حيث ألف كتابًا سماه (النصائح الكافية لمن يتولى معاوية) قرَّر فيه وجوب بغض معاوية رضي الله عنه وجواز لعنه ومنع الترضي عنه.
ونسب هذه العقيدة العدائية إلى كثير من الصوفية العلويين فقال في الكتاب المذكور:”وكقول الكثير منهم (أي: من الصوفية العلويين) بانتفاء عدالة معاوية وأشباهه وبغضهم في الله ومنع تسويدهم والترضي عنهم، على أنهم لا يخوضون في هذه المسألة إلا في مجالسهم الخاصة بهم”.
وكذا فعل أيضًا في مقدمة كتابه (العتب الجميل) حيث وصف معاوية وأباه رضي الله عنهما بكهف المنافقين، وقال:” وأمه آكلة الأكباد، وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وسمرة بن جندب وأبا الأعور السلمي والوليد بن عقبة وأضرابهم ممن لو مزجت مياه البحار بذرة من كبائر فظائعهم لأنتنت”!
ومنهم أيضًا محمود سعيد ممدوح أحد المتصوفة حيث قال مادحًا هذا الرجل ومؤلفاته التي تطعن في معاوية رضي الله عنه:”سيدي محمد بن عقيل بن يحيى آل با علوي، صاحب المصنفات الجليلة التي فرح لها المحبون، وكمد لها النواصب المنافقون من شيعة كهف النفاق، أما المحبون لآل بيت الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم استقبلوها قيامًا، ودعوا لمصنفها سيدي محمد بن عقيل رحمه الله تعالى، فأُكرِمنا بالنصائح الكافية لمن يتولى معاوية، وأُكرمنا بكتابه العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل”!
ومن المتصوفة الطَّاعنين في معاوية رضي الله عنه أيضًا عبد السلام ياسين المرشد العام لجماعة العدل والإحسان ذات المنهجية الصوفية حيث طعن في معاوية رضي الله عنه في غير موضع من كتابه (الشوى والديمقراطية) واتهمه بأنه خرج بالسيف والبطش والقوة وأنه نقض أعلى عرى الإسلام ووصفه بالاستكبار القبلي وبشيخ العصبية القبلية الأموية القرشية واتهمه بالإكراه والعنف والكذب والاستبداد والنفاق وشراء الدين.
ومن الصوفية الطاعنين في معاوية رضي الله عنه علاء أبو العزائم شيخ الطريقة العزمية الصوفية.
ومن الصوفية الذين لم يجرؤوا على الطعن الصريح العلني في معاوية رضي الله عنه وإنَّما سلكوا سياسة أخرى وهي سياسة الحط والانتقاص من المدافعين عنه؛ علي الجفري.
ففي الوقت الذي انبرى فيه الكُتَّاب والمثقفون وأبناء هذا البلد للتصدي لهجوم الكبيسي على معاوية رضي الله عنه سلك علي الجفري مسلكًا من نوعٍ آخر، فانتهج سياسة الحط والانتقاص من هؤلاء المدافعين من الكُتَّاب والمثقَّفين وغيرهم، واعتبر تصدِّيهم ودفاعهم لا يمت للأخلاق والإسلام بصلة! مما يؤكد لنا وبكل وضوح على وجود نقاط التقاء في تكريس الثقافة العدائية لمعاوية رضي الله عنه.

وكان يتحتَّم على علي الجفري – لو كان الأمر عنده على خلاف هذا – من مقتضى الغيرة على هذا الصحابي الجليل ومن مقتضى العرفان بالجميل وهو يعيش على هذه الدولة وما يمثله تعدِّي الكبيسي وتعريضه بنظام الملك من هجوم على الدولة ونظامها وقيادتها أن يقف مع المتصدِّين الشرفاء في ذلكم الوقت.
ولكنَّ الجفري لم يحرِّك ساكنًا، بل آثر الهجوم على هؤلاء الشُّرفاء بدلاً من أيِّ أمرٍ آخر.
وحينئذٍ لقائل أن يقول: ألم يكن الأليق بالجفري أن يقول للكبيسي: (إن هجومك لا يمت للأخلاق والإسلام بصلة) بدلاً من أن يقول هذه العبارة نفسها لمن كان في موقف دفاع أمام تعدِّي الكبيسي؟!
وقد سبق في كلام محمد بن عقيل باعلوي الصوفي تقسيمه للصوفية الطاعنين في معاوية رضي الله عنه إلى متستِّرين لا يطعنون في معاوية إلا في مجالسهم الخاصة، وإلى مُجاهرين به مُعلنين.
وأما الفئة الرابعة فهم بعض رموز الإخوان المسلمين، وهو سيد قطب حيث قال في كتابه (كتب وشخصيات):”إن معاوية و زميله عمرًا لم يغلبا عليًّا لأنهما أعرف منه بدخائل النفوس، وأخبر منه بالتصرف النافع في الظرف المناسب، ولكن لأنهما طليقان في استخدام كل سلاح، و هو مقيد بأخلاقه في اختيار وسائل الصراع، و حين يركن معاوية و زميله الى الكذب والغش والخديعة والنفاق الرشوة وشراء الذمم لا يملك علي أن يتدلى الى هذا الدرك الأسفل، فلا عجب ينجحان ويفشل، وإنه لفشل أشرف من كل نجاح”!
هكذا تكالب هؤلاء وتواطؤوا على الطعن في خال المؤمنين معاوية رضي الله عنه وأرضاه والطعن في جملة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين لأهداف ومآرب.
فما هي هذه الأهداف والمآرب؟
ما هو السر وراء تخندق هؤلاء في الطعن والانتقاص من معاوية رضي الله عنه؟
ما هي أبعاد هذه الطعونات وماذا يُراد منها؟
وما خطر ذلك على دول الخليج على وجه الخصوص؟
هاذا ما سنقف عليه في الحلقات القادمة بإذن الله.

يتبع …
Cant See Links


آخر تعديل OM_SULTAN يوم 09-27-2012 في 12:13 AM.
رد مع اقتباس
قديم 09-27-2012, 12:10 AM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: الأبعاد السياسية للطاعنين في معاوية رضي الله تعالى عنه

الأبعاد السياسية للطاعنين في معاوية رضي الله تعالى عنه – الحلقة الثانية

تناولنا في الحلقة الماضية تواطؤ بعض الجهات على الطعن في الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه، وتم إجمالها في أربع جهات، وهم: الشيعة، والممهِّدون للتشيع، ورموز من الصوفية، ورموز من الإخوان المسلمين، وتم التنبيه هناك والإشارة إلى ما يحمله هذا التواطؤ والتحالف وبالخصوص في مثل هذه الأيام من التعريض بأنظمة الحكم في دول الخليج ومحاولة المساس بها تحت شعارات وطرق مختلفة، وهذا ما سنتناوله بشيء من التفصيل في حلقات قادمة بإذن الله.
وأما في هذه الحلقة وما بعدها فسنسلِّط الضوء على بعض الخلفيات المهمة لتلك الجهات الأربعة ودوافعها وراء الطعن في معاوية رضي الله عنه بل والطعن في جملة من الصحابة رضي الله عنهم، وحينئذٍ نقول:
لقد مثَّل الغلوُّ بمختلف أنواعه والخروج عن الاعتدال والوسطية منحدرًا إلى كثير من المعتقدات والمواقف الحادة، وأفرز كثيرًا من المشكلات والتحديات، وأدى إلى كثير من المواقف العصيبة، ومن أخطر الجوانب التي تلبَّس أناسٌ فيها بالغلوِّ والميل عن جادة الاعتدال: موضوع الإمامة والحكم.
عندما نعود إلى الحقبة الأولى وجدودنا الأوائل الذين وقفوا أمام التحديات بكل قوة وعزم وحنكة وبُعد نظر والذين لولا إيمانهم وصمودهم وإصرارهم ونضالهم ودفاعهم عن هذه الديار بعد فضل الله سبحانه لربَّما كنَّا كما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد حفظه الله في محاضرته (روح الاتحاد) منضمِّين إلى آخرين.
بعد لحوق النبي صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى وقد بلَّغ الرسالة من ربِّه وأدى الأمانة ونصح الأمة – بأبي هو وأمِّي – وقد منَّ الله سبحانه عليه باجتماع القلوب المتفرِّقة في جزيرة العرب وبعد مبايعة المسلمين لأبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة لهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ كانت هناك محاولات عدة من فئات مختلفة مغرضة للإطاحة بالدولة الإسلامية وزعزعة أمنها واستقرارها وإدخال جزيرة العرب في حالة من الفتن والفوضى والصراعات وإفساد الدين، وقد استطاع أبو بكر رضي الله عنه الخليفة الأوَّل لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الوقوف أمام هذه التحديات بكل حزم وقوَّة وإخماد هذه الفتن وإطفاء نار الفرقة بحمد الله سبحانه وفضله والمحافظة على دعائم دولة الإسلام ومقرَّراتها ووحدتها وأمنها واستقرارها.
وبعد انهيار الإمبراطورية الفارسية وتهاوي عرشها الكسروي ودخول أرض فارس في إطار الدولة الإسلامية إبان خلافة الفاروق عمر رضي الله عنه الخليفة الراشد الثاني كانت هناك نفوس قد أُلهبت بنار الحقد من أبناء تلك الديار واستحوذت عليها الرغبة الشديدة في الانتقام بسبب زوال ملك كسرى وانطفاء نار المجوسية العقيدة السائدة في تلك البلاد آنذاك، ومن هنا سولت لأبي لؤلؤة المجوسي نفسه اغتيال خليفة المسلمين عمر رضي الله عنه، وتسنَّى له ذلك في لحظة غادرة ماكرة كان الخليفة فيها يؤم المسلمين في صلاة الفجر.
وفي مقابل هذه الواقعة المأساوية والجريمة النكراء التي هزَّت مدينة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم تزعم الشيعة – وهي الجهة الأولى التي سنلقي الضوء على خلفيات مهمة لها – أن أبا لؤلؤة هذا إنَّما كان رجلاً شيعيًّا من الموالين لعلي رضي الله عنه ومن أنصاره، وأنه قتل عمر رضي الله عنه انتقامًا لآل البيت، وأنه أحسن في ذلك وأجاد، ولذلك فهم يبجلِّونه ويعظِّمونه إلى يومنا هذا.

فمما جاء في كتاب (سفينة البحار) من الكتب الشيعية أن أبا لؤلؤة كان من أكابر المسلمين والمجاهدين بل من خُلَّص أتباع أمير المؤمنين (يعنون عليًّا رضي الله عنه)!
وهكذا تم تحوير جريمة قتل خليفة المسلمين في ذلك الزمان وتسويغ اغتياله من طرف الشيعة على أنَّه عمل جهاديٌّ بطولي ثوريٌّ لنصرة أهل البيت، وذلك لأن الشيعة ترى أن قيادة الأمة هي حقٌّ إلهي مخصوصٌ بعليٍّ رضي الله عنه.
ومع افتراق الشيعة إلى طوائف شتى فإن الطائفة الإثنى عشرية الجعفرية الإمامية ترى أن قيادة الأمة حقٌّ إلهيٌّ منصوص عليه من الله محصورٌ على اثني عشر إمامًا ابتداءً من عليٍّ رضي الله عنه وانتهاءًا بمحمد بن الحسن العسكري الملقَّب عندهم بالمهدي والقائم والذي تنتظره الشيعة بفارغ الصبر، وهي شخصية تزعم الشيعة أنها وُلدت منذ قرون عديدة وغابت عن الأنظار منذ تلك الأحقاب إلى يومنا هذا، وأنَّه في فترة غياب وأنه سيخرج في الوقت الذي يريد لينتقم من العرب أشد انتقام ويذبحهم ذبح الشياه!
ونتيجة هذه العقيدة التي تدَّعي أن قيادة الأمة محصورة على الأئمة الاثني عشر فلا تعترف الشيعة بأيِّ قيادة إلاَّ إذا كان على هذا الوجه، ومن هنا فقد كان الخط الشيعي منذ بدايات ظهوره خطًّا ثوريًّا تصادميًّا دمويًّا هدفه الأوَّل والرئيس هو إقامة الإمامة الإلهية والبراءة من أعدائها والنيل منهم وإضعاف شوكتهم ورشقهم باللعن والتكفير والتعاون ضدَّهم ولو مع ألد أعداء الأمَّة.
ومع هذه العقيدة الإمامية التي تحصر القيادة في الاثني عشر ومع غياب الثاني عشر منذ قرون فلم تستطع رؤوس شيعية سياسية إقناع أتباعها بإقامة دولة شيعية مع هذه المعضلة إلا تحت ستار أن نظام الحكم إنَّما سيكون بالنيابة عن الإمام.
وقد كان لإسماعيل الصفوي مؤسس الدولة الصفوية الدور المحوري في استعمال هذه الورقة، وكان ذا جذور صوفية، ثم اعتنق المذهب الشيعي وجعله المذهب الرسمي لدولته، ولما كانت الشيعة في تلك الفترة ذات أقلية في إيران فقد قام إسماعيل الصفوي بعمليات طائفية عنيفة في سبيل توسيع رقعة التشيع في دولته ابتدأها بقتل علماء المذهب السني وإبادتهم واستيراد علماء شيعة من لبنان وممارسة شتى الأدوار الإرهابية المروِّعة لإرغام الناس على اعتناق الفكر الشيعي، وقد كان لهذه الأفاعيل المهولة الدور البارز في تغيير خريطة إيران وتحويلها إلى دولة شيعية اثني عشرية.
وعندما كان الفكر الشيعي الاثنا عشري قائمًا على عقيدة الإمامة الإلهية التي هي مبتدأة عندهم بعليٍّ رضي الله عنه – وهو منهم براء – ومختتمة بمن أسموه بمحمد العسكري – الذي أثبت التاريخ أنَّه لم يكن له وجود وأنَّ الحسن العسكري الذي يدَّعون أنه أباه لم يكن له ذرية ولا عقب – فقد ترتب على هذه العقيدة المختلقة الطعن في الخلفاء الراشدين الثلاث وفي معظم الصحابة ومنهم معاوية ولعنهم وتكفيرهم باعتبارهم مغتصبين لحقِّ عليٍّ رضي الله عنه، وملؤوا كتبهم ومجالسهم ومنابرهم بألفاظ اللعن والتكفير والتخليد في النار والبراءة.
كما ترتَّب على هذه العقيدة عدم اعتراف الشيعة بأي حكومة قائمة ما لم تكن حكومة إمامية، فلم تكن عندهم الدولة الأمورية ولا الدولة العباسية ولا غيرها بحكومات شرعية، وعدم الاعتراف بالأنظمة الملكية باعتبارها على غير الطريقة الإمامية التي يستمدُّ صاحبها السلطة من الله.
يقول الخميني في كتابه (الحكومات الإسلامية):”وحكومة الإسلام ليست ملكية ولا شاهنشاهية ولا إمبراطورية”.
بل إنَّ الأمر أخذ منحى أشد خطرًا في التاريخ الحديث عندما طرح الخميني في الكتاب نفسه وفي مواضع أخرى طريقة جديدة للخروج من مأزق غياب الإمام المزعوم محمد العسكري وهو ما سمَّاه بولاية الفقيه والذي يجعل إدارة الحكم بيد أحد رجال الدين الشيعة يقوم مقام الغائب.

ثم يقول الخميني:”وفي حالة عدم إمكان تشكيل تلك الحكومة فالولاية لا تسقط؛ لأن الفقهاء قد ولاَّهم الله، فعليه أن يأخذ الزكاة والخمس والخراج والجزية إن استطاع، لينفق كل ذلك في مصالح المسلمين، وعليه إن استطاع أن يقيم الحدود.
ويستدل لذلك بالخلافة التكوينية التي يدَّعي أنها تخوِّل للأئمة السيطرة على جميع ذرات الكون، إلى أن يقول:”وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقامًا لا يبلغه ملك مقرب ولا نبيل مرسل”.
وحينئذٍ فالأمر لا يتوقف على مجرد عدم اعتراف الاثنى عشرية بالحكومات القائمة إذا لم تكن على الطريقة الإمامية، بل لا بدَّ للطائفة الشيعية – بناءً على ولاية الفقيه – من أن يتولى رجلُ دينٍ شيعي إدارة أمور الطائفة والقيام بمهامه كحاكم ولو لم تكن هناك حكومة شيعية قائمة، ذلك الذي من نتائجه البديهية تكوين تنظيمات شيعية في كيان الدول السنية وتكوين دولة إمامية بقيادة رجل دين شيعي داخل مجتمعات سنية، ويُمكن لهذا الكيان الإمامي أن يتواجد في هذه المجتمعات في صورة حزب سياسي أو جمعية شيعية أو تحت أي مسمَّى آخر، يعطي الولاء المطلق للدولة الإيرانية الإمامية المنفردة في نظرهم بشرعية الحكم حيث تجتمع هناك الخيوط وتتلاقى.
وقد حاول بعض هؤلاء الإمامية أن يستدلَّ على طعنه في معاوية رضي الله عنه بأنه نقض الشورى، محاولاً إلهاب مشاعر الآخرين والتأثير عليهم، ومع فساد هذا الاستدلال كما سيأتي فإنَّه لا يستقيم ألبتَّة على مذهب الإمامية؛ لأن أصل أصول المذهب الإمامي الإيمان بأن الإمام منصوب من الله سبحانه، ومن هنا فلا مجال للشورى في اختياره؛ لأن الإمامة اختيار إلهي لا خيرة للبشر فيه، وحينئذٍ فإذا كان هناك كلام عن نقض الشورى فإن مذهب الإمامية هي التي قامت على نقض الشورى بادعاء أن الإمامة أمرٌ لا اختيار للبشر فيه.
وأما من أنكر ولاية الفقيه من المنتسبين إلى التشيع في العصر الحديث بل وأنكر قضية الإمامة من مثل أحمد الكاتب فقد كان طعنه في معاوية رضي الله عنه وفي أنظمة الملك عمومًا مبنيًّا على وجه آخر غير ذلك الوجه القائم على الإمامة الإلهية للاثني عشر، وهو التذرع بأن النظام الملكي نقضٌ للشُّورى، وأن معاوية رضي الله عنه نقض الشورى.
يقول أحمد الكاتب في كتابه (نحو خلافة ديمقراطية) في معرض هجومه على معاوية رضي الله عنه:”وعندما وجد معاوية نفسه عاريًا من صفات الخلافة الحقة، وصبغتها الشرعية، وفاقداً لرضا الأمة؛ حاول تأسيس شرعية دستورية جديدة هي العصبية القبلية القرشية والتعويض بها عن الشورى المفقودة ومبادئ العدالة الإسلامية”.
إلى أن يقول:”وأرسى معاوية بذلك أخطر انقلاب دستوري في تاريخ المسلمين من نظام الشورى الى نظام الوراثة العائلية، اعتمادا على قوة السيف واستناداً الى أعراف النظام القرشي الجاهلي”.
وقد نسي أحمد كاتب أو تناسى أن الله سبحانه جعل من أنبيائه وصفوة خلقه ملوكًا كما جاء ذلك منصوصًا عليه في القرآن الكريم.
فإذا كان نظام الملك في حدِّ نفسه نظامًا استبداديًّا مناقضًا للشورى والعدل فهل يبيح الله سبحانه لأنبيائه أن ينقضوا الشورى ويستعيضوا عنه بنظام استبداديٍّ ظالم؟!
وإذا كان المقصود من الحكم هو القيام بمصالح الدين والدنيا فماذا يضير القائم بها المقيم للعدل والقسطاس إن كان وصل إلى الحكم بالوراثة وماذا ينفع المفرِّط في تلك المصالح المضيِّع لها إذا كان وصوله إلى الحكم بطريقٍ آخر؟!
ومن المنتسبين إلى التشيع أيضًا والذين رفضوا الإمامة وهو مع ذلك من الطاعنين في معاوية رضي الله عنه بالذريعة السابقة نفسها أحمد القبانجي حيث يقول ضمن كلامه عن الخلافة والإمامة:”النظرية الشيعية التي تختزل الإمامة في منصب السلطة الزمنية تكرس مفهوم السلطة الوراثية التي ابتدعها معاوية وعمل على تحويل الخلافة إلى سلطنة موروثة دون مبرر عقلي أو مسوّغ شرعي”.
هكذا تواطأ أحمد الكاتب وأحمد القبانجي وآخرون من الذين يزعمون أنهم من أهل النقد والتصحيح في البيت الشيعي على الطعن في الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه والطعن في الأنظمة الملكية ووصفها بأنظمة الاستبداد والظلم وأنَّه ابتداع من معاوية رضي الله عنه لا مبرر عقلي له ولا مسوغ شرعي.
وأحمد القبانجي صاحب المذهب الشيعي الذي يحاول أن يتقرَّب ويتزلَّف بنقد هذا المذهب هو أيضًا من المعتنقين للفكري الليبرالي المتطرِّف وغارق في العقائد الباطنية، فهو على سبيل المثال: يجاهر بأن القرآن ليس كتابًا منزَّلاً من عند الله سبحانه وإنَما هو نتاج بشري، ساخرًا في معرض ذلك من النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مستهزئًا به ضمن كلام قبيح دنيء، نافيًا وجود الجنة والنار، مشبِّهًا الجنة بحظيرة أغنام، إلى غير ذلك من الموبقات العظائم.
ذلك الذي يجعلنا لا ننخدع بكلِّ من ينتسب إلى التشيع ويتزلَّف إلينا بنقد البيت الشيعي ويظنُّ أنَّه يمكن أن يغرينا بكونه ورقة رابحة في نقد الأدبيات الشيعية، فهو يدخل إلينا متزلِّفًا متقرِّبًا من هذا الباب وبهذه الادعاءات ليرمي فلذات الأكباد إلى الفكر الذي يدَّعي أنه ينتقده من باب آخر أو إلى أفكار وسموم أخرى.
إننا حينما نقف على هذه الخلفية ونعرف أن الأمر عقيدة إماميَّة لا تعترف بأيِّ حكومة طالما أنها ليست حكومة إمامية أو قائمة مقام الإمام ينجلي لنا سرُّ مناداة طوائف الشيعة في البحرين وغيرها بملكية دستورية، وقد تنادوا مع آخرين بأن هذه المطالبة في البحرين إلا بداية الطريق إلى جميع دول الخليج.
وقد تواطأت على المناداة بالملكية الدستورية في دول الخليج فئات عدة كما سيأتي، منهم أصحاب التيار الليبرالي كأحمد منصور في الإمارات، ومن أمثال ابتسام الكتبي وغيرهم، كما سنورد أقوالهم إن شاء الله في حلقات قادمة، ونسلِّط الضوء على أبعاد هذا التواطؤ الذي يسعى لزعزعة أمن واستقرار دول الخليج والثورة على أنظمتها تحت شعار المطالبة بالملكية الدستورية وشعارات أخرى، ومن هنا ينجلي لنا سر تحالف جهات عدة على تكريس ثقافة الطعن في الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه أول ملوك المسلمين.

Cant See Links


رد مع اقتباس
قديم 09-27-2012, 12:15 AM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: الأبعاد السياسية للطاعنين في معاوية رضي الله تعالى عنه

الأبعاد السياسية للطاعنين في معاوية رضي الله تعالى عنه – الحلقة الثالثة

تناولنا في الحلقة الماضية تسليط الضوء على إحدى أهم الخلفيات التي انطلقت منها الشيعة الاثنى عشرية في طعنها في معاوية وصحابةٍ آخرين رضي الله عنهم أجمعين وأثر ذلك في مواقفها العقائدية والسياسية تجاه الحكومات.
وسنلقي الضوء في هذه الحلقة على الخلفية التي انطلقت منها الجهة الثانية التي يمثلها عدنان إبراهيم وحسن السقاف وغيرهما والتي تُمثِّل رافدًا من روافد التشيع وذراعًا خطيرًا من أذرع الفكر الثوري، بما سيكشف لنا عن معالم أخرى خطيرة تسعى إلى ترسيخ معتقدات ثورية ونشرها للإطاحة بالحكومات المسلمة وزعزعة أمنها واستقرارها.
إنَّ الحقيقة تكشف لنا هنا بجلاء أن ثَمَّ تيَّارا ثوريًّا معروفًا في تاريخ الفرق والطوائف يشتمل على العديد من المعتقدات الخطيرة يُراد نشره بين المسلمين.
قد يظن البعض لأوَّل وهلة عندما يسمع بهذا التيار أنه اندثر في الأحقاب القديمة وانقرض، ولكن الحقيقة خلاف ذلك.
والعجب أنَّه في الوقت الذي ينشر بعضهم عقائد مختلفة لهذا التيار وبكل جرأة فإنهم يجبنون تمامًا عن تبني هذا التيار؛ لئلاَّ ينفر منهم الجمهور، ولذلك فهم يتستَّرون تحت أسماء أخرى، ويبرِّرون خروجهم عن هذه الأسماء في بعض المعتقدات بذارئع الاستقلالية والاجتهاد ونحو ذلك.
إن هذا التيار الفكري الذي يروِّج هؤلاء لكثير من معتقداته هو: تيار المعتزلة.
وبعيدًا عن الإطالة نقول:
إنَّ المعتزلة يُنسبون إلى واصل بن عطاء الذي وُلد سنة 80 هـ، وكان يحضر مجالس الحسن البصري رحمه الله التابعي المعروف، ثم إنه – أي: واصل بن عطاء – اخترع عقيدة لم يُسبق إليها، فادعى أن المسلم الفاسق ليس بمؤمن ولا بكافر، بل هو منزلة بين المنزلتين، فإن مات على غير توبة فهو من المخلدين في النار مع جملة الكفار، وأنه لا يجوز على الله أن يغفر له أو يرحمه، وقد كان الناس من الصحابة والتابعين وجميع أهل السنة قبل أن يُظهر واصل بن عطاء قوله يقولون: إن أهل الكبائر من أهل الملة هم مؤمنون موحدون بما معهم من الاعتقاد الصحيح، فاسقون عصاة بما أقدموا عليه من الكبائر، فإن ماتوا على غير توبة فهم تحت مشيئة الله، إن شاء الله غفر لهم، وإن شاء عذبهم على الكبائر ثم أدخلهم الجنة، لم يخالف في هذا الاعتقاد إلا فرقة الخوارج التي ظهرت قبل أن يُعلن واصل عقيدته والتي كانت تقول: إن الفساق من أهل الملة كفار مخلدون في النار.

وبسبب هذه العقيدة التي اخترعها واصل بن عطاء والتي انفرد بها عن المسلمين طرده الحسن البصري من مجلسه، فاعتزل واصل جانبًا مع أصحابه وانضم إليه عمرو بن عبيد الذي أُعجب به وزوَّجه أخته ليكوِّنا معًا نواة التيار الاعتزالي.
قام مذهب المعتزلة على ما أسموه بالأصول الخمسة، وتبنَّى العديد من العقائد المتطرِّفة وكان معولاً خطيرًا من معاول تفريق الأمة، وسنقتصر هنا في هذا المقال – لئلاَّ نطيل على القارئ الكريم – على الأصل الخامس، وهو: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما يتفرَّع عنه من موضوع الإمامة.
وقد يتساءل البعض ممن ليس له اطلاع على هذا المذهب: وما المشكلة في هذا الأصل وهو ثابتٌ بالكتاب والسنة والإجماع؟! ما الذي انفردت به المعتزلة عن غيرها في هذا الباب؟!
إنَّ الجواب عن هذا السؤال يبيِّن لنا أمرًا غاية في الأهمية، وهو: ألاَّ نغترَّ بمجرَّد الدعاوى والشعارات حتَّى ننظر في الحقائق والمضامين، فليس كلُّ من رفع شعار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو على فهمٍ صحيح لهذا الباب، وليس كلُّ من رفع شعار الإصلاح فهو على قصدٍ وفهمٍ صحيح له.
لقد حرَّفت المعتزلة باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن حقيقته الشرعية الصحيحة، فأدرجوا فيه الإنكار على الأئمة بالسيف، وسوَّغوا قتال من يرونهم أئمة جور وأوجبوا الخروج والثورة عليهم، ذلك الذي هو أيضًا مذهب الزيدية والخوارج.
ونتيجة لذلك وجَّهت المعتزلة سهامها المسمومة إلى بعض الصحابة وعلى رأسهم معاوية، واتكأت في هذه الطعونات على ما جرى بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، فجعل بعض المعتزلة من تصويب عليٍّ طريقًا إلى تفسيق معاوية بناءً على أنَّه فعل كبيرة في نظرهم، بل ذهب المتقدِّمون منهم كواصل بن عطاء إلى تجويز أن يكون عليًّا والصحابة الآخرين فساقا في حرب الجمل، بل جزم عمرو بن عبيد منهم بذلك فحكم على أصحاب حرب الجمل بأنهم جميعًا فساقا، واتفقوا جميعًا على عدم القول بإمامة معاوية، وقد خالفوا في هذه المذاهب كلِّها أهل السنة والجماعة الذين لم يفسِّقوا أحدًا من الصحابة، بل جعلوهم مجتهدين، وترضوا عليهم جميعًا، وأوجبوا الإمساك عما شجر بينهم، وأمروا بألاَّ يُذكروا إلا بالجميل.
ولذلك نجد عبد الجبار الهمذاني أحد كبار المعتزلة يقول عن معاوية رضي الله عنه:”كان بعيدًا عن الدين آخذًا في طريقة التغلب والملك”.
ويقول أيضًا:”وقد بينا من قبل الكلام في فسقه، وأن الشك إنما هو في كفره، وبيَّنا وجوه فسقه، وذكرنا أن الذي أوردناه قليل من كثير، وكل ذلك يبيِّن كونه باغيًا”.
وقد انتحل فكر الاعتزال بعض المعاصرين وانطلقوا منه في ترسيخ ثقافة الطعن في الصحابة الكرام والمصادمة مع ولاة الأمر والثورة عليهم.
يقول عدنان إبراهيم جوابًا على سؤال عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:”المعتزلة على فكرة لم يفهموا هذا المبدأ على أنه مثلاً في أشياء جزئية، وإنما أكثر شيء دعَّموه في باب الحكم والموقف من الحاكم وتجاوزات الحاكم والحكام كما يقال”.
هكذا يُزيِّن عدنان إبراهيم مذهب المعتزلة والذي يبيح استخدام القوة ضد الحاكم والثورة المسلحة عليه، ومن هنا نرى أن الذين يروجون لمثل هذه العقائد الاعتزالية يجاهرون بذلك علانية.
فها هو عدنان إبراهيم نفسه يقرِّر من فوق المنبر مشروعية الخروج على الحكام، ويصوِّب عقيدة الإنكار بالسيف، ويدَّعي أن الصبر على أئمة المسلمين وعدم الخروج عليهم هو عبودية للحكام، وأنَّه من الفقه السلطاني الذي لا علاقة له بالشرع.
ويتهم في الخطبة نفسها حكام العرب ومن دون استثناء بأنهم ظلمة، وأن من دافع عنهم فهو من أهل النار!
بل ويتمادى به الأمر فيمارس إرهابًا فكريًّا شنيعًا على من يخالفه في عقيدته الاعتزالية ضد الحكام فيقول في حقِّ أهل العلم والاجتهاد الذين لا يرون الخروج على ولاة الأمر:”لا بد أن يُحاصَرَ هؤلاء معنويا وأدبيا، وأن تُسقط منزلتهم ومثابتهم حتى يتعلم الآخرون أن يستنعجوا ويسترنبوا، أن يصبحوا نعاجًا وأرانب لأي حاكم ظالم، وإلا تُسقط عن رتبتك كإمام متجهد”!!
هكذا يتجاسر عدنان إبراهيم على الأئمة المجتهدين ويدعو إلى إسقاط مكانتهم والانتقاص منهم لمجرَّد أنَّهم لا يرون الخروج على الأئمة!
ولذلك وانطلاقًا هذه الروح الثورية الحادة فهو يشن حملات هجومية عديدة على أهل العلم من السابقين والمعاصرين، ويصمهم بالألفاظ الدنيئة والأوصاف القبيحة.
يقول عدنان إبراهيم:”لا يزال بعض المشايخ أقصد حاخامات أمة محمد هؤلاء المشايخ شهداء الزور، عيب والله يقال علماء دين، هؤلاء سفلة، وهم يفصلون الفتاوى للحكام”.
ويقول:”ابن تيمية ناصبي، ابن حزم ناصبي، ابن حجر الهيتمي هواه أموي، الذهبي هواه أموي ومتهم بالنصب، وابن كثير وابن عساكر مؤرخي بني أمية”.
ويقول:”ما رأت أمة محمد من ذرية أبي سفيان خيرًا، كل البلاء الذي وقع على الأمة من أبي سفيان وذريته”.
ويقول:”وأنت تترضى على معاوية، الله يحشرك معه يا أهبل يا أحمق”!
ويقول:”مشايخ اليوم أستحي أن أقول عنهم أنهم نساء ولا صبيان ولا حقران، بل هم ذباب وصراصير وأرانب”!
وهكذا ينحدر عدنان إبراهيم في مخاطبة الناس إلى هذا المنحدر ويمارس السباب والشتائم والهجوم على الآخرين بكل تشنج وحدة!
بل ويتهم المذهب السني بأنه يمثل خطورة من الناحية المنهجية والتربوية لأنه مذهب يترضى عن الصحابة جميعًا ولا يقدح في أحدٍ منهم!
يقول عدنان إبراهيم في معرض تهجمه على الصحابة:”مذهب الشيعة أقل خطرا على العقل وعلى النفس، أقل خطرا منهجيا وتربويا من هذا المنهج (أي: من منهج أهل السنة)”.
وهكذا نجد أيضًا أحمد الكيسي يشنُّ حملة هجومية عنيفة على أهل السنة الذين يترضون على معاوية رضي الله عنه.
فيقول على سبيل المثال: هناك نواصب وهم أنتم يا بتوع معاوية!
ويقول أيضًا: أنا كنت هكذا، أنا من أهل الأنبار، والأنبار نواصب؛ لأنهم يحبون معاوية!
ويعرِّض بلعنهم!
ويقول: أنت إما أن تكون مع علي وإما أن تكون مع معاوية، اختر لك واحد منهم، اللهم احشرني مع علي، وأنت إن شاء الله الله يحشرك مع معاوية!
ومما اتكأ عليه عدنان إبراهيم في طعنه في معاوية رضي الله عنه أنه أتى بنظام ملكي، وأنَّ ذلك في زعمه جريمة كبرى، وأن الأنظمة الملكية هي أنظمة غير شرعية.
يقول عدنان إبراهيم:”أخطاء معاوية عظمى، أخطاء معاوية ذبحت الشورى يعني الديمقراطية الإسلامية واستبدلت بها نظام الملك العضوض الذي نعاني منه إلى اليوم”.
ولسنا نطيل النقاش هنا، وسنكتفي بنقلٍ عن ابن خلدون المؤرِّخ المعروف، حيث قرَّر في مقدمته الشهيرة أنَّ المُلك كنظام للحكم ليس مذمومًا في نفسه، وأنَّ من قصد به رعاية المصالح وإقامة العدل والقيام بالحقوق فقد أحسن، ومَن قصد به الأغراض والشهوات وإضاعة المصالح والحقوق فقد أساء.
يقول ابن خلدون مستدلاًّ لذلك:”وقد قال سليمان صلوات الله عليه: (ربِّ هب لي مُلكًا لا ينبغي لأحد من بعدي)، لما علم من نفسه أنه بمعزل عن الباطل في النبوة والملك، ولَمَّا لقي معاوية عمر بن الخطاب رضي الله عنهما عند قدومه إلى الشام في أبهة الملك وزيه من العديد والعدة استنكر ذلك وقال: أكسروية يا معاوية؟ فقال: يا أمير المؤمنين إنا في ثغر تجاه العدو وبنا إلى مباهاتهم بزينة الحرب والجهاد حاجة، فسكت ولم يخطِّئه لما احتج عليه بمقصد من مقاصد الحق والدِّين، فلو كان القصد رفض الملك أصله لم يقنعه هذا الجواب في تلك الكسروية وانتحالها، بل كان يحرِّض على خروجه عنها بالجملة، وإنما أراد عمر بالكسروية ما كان عليه أهل فارس في ملكهم من ارتكاب الباطل والظلم والبغي وسلوك سبله والغفلة عن الله، وأجابه معاوية بأن القصد بذلك ليس كسروية فارس وباطلهم، وإنما قصده بها وجه الله، فسكت”، إلى آخر كلامه رحمه الله.
وإذْ ذكرنا عدنان إبراهيم فنذكر أيضًا نموذجًا آخر في هذا الباب.
فها هو حسن السقاف وهو من الذين يطعنون في معاوية رضي الله عنه ويكفِّرونه ومن المروِّجين للعديد من عقائد المعتزلة يجاهر أيضًا بمذهب الخروج على الحكام في كتب عديدة له، منها على سبيل المثال شرحه على الطحاوية.
ففي الوقت الذي يقول فيه الإمام الطحاوي:”ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا” ينأى السقاف بنفسه عن هذا ويقول:”فكرة عدم الخروج على أئمة الجور ليست صحيحة، وهي مخالفة للقرآن والسنة وعمل الصحابة وأئمة التابعين من أهل السنة والجماعة، وخلف من بعدهم خلف غيَّروا وبدلوا هذه الفكرة خوفًا من التنكيل والتعذيب قهرًا وذلة واستكانة وتقية من سيف وسوط بني أمية الذين بغوا وطغوا”.
وفي الوقت الذي ينقل فيه العلامة النووي في شرحه على صحيح مسلم الإجماع في على عدم الخروج على الأئمة وإن جاروا نجد أن السقاف في الكتاب السابق يعترض ويقول:”هو من الإجماع الموهوم المنقوض الباطل، وهذه المسألة أخطأ فيها (أي: العلامة النووي) خطأ واضحًا”.
ولذلك فلا نستغرب من السقاف عندما يقول:”المعتزلة من أئمة أهل الهدى”!
ولقد حاول السقاف الترويج لعقيدة الخروج على ولاة الأمر باسم أهل البيت، وحاول أن يضع الحكومات الأموية والعباسية في جهة وأهل البيت في جهة مقابلة كما تفعله الشيعة.
يقول السقاف:”كان مذهب آل البيت هو الخروج على الطغاة والبغاة بالسيف”.
ويقول:”لم يُسمع بأشنع من فجور وظلم وفسق الأمويين والعباسيين الظلمة قتلة آل بيت رسول الله، ومعاوية هو من أسس لهم هذا المنهاج”.
وهنا نتساءل: ما هي العلاقة بين المعتزلة والشيعة؟
إن العلاقة بين المذهبين علاقة تاريخية قديمة، فلقد شهد مذهب المعتزلة والشيعة التقاءً وتزاوجًا في العديد من العقائد، وقد تأثَّر كلٌّ منهما بالآخر تأثُّرًا كبيرًا في جوانب عديدة، ذلك الذي جعل بعض المعتزلة يعتنق بعض العقائد من مثل تفضيل عليٍّ رضي الله عنه على من سبقه من الخلفاء، وادِّعاء أنَّ عليًّا رضي الله عنه كان أحقَّ بالخلافة من غيره وأنَّه سكت عن حقِّه للمصلحة، وهذا ما نصَّ عليه بعض المعتزلة من أمثال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة، وهو أيضًا مذهب الزيدية ذلكم المذهب الذي يشترك مع المعتزلة في كثيرٍ من المعتقدات إلى درجة أن بعض الكتَّاب جعل الزيدية التي هي من المذاهب الشيعية طائفة من طوائف المعتزلة.
وقد روَّج عدنان إبراهيم هذه العقيدة التي تدَّعي أنَّ عليًّا رضي الله عنه أحقُّ بالخلافة من غيره في بعض خطبه موافقةً منه للزيدية وبعض المعتزلة.
وإذا كنا نتحدَّث عن المعتزلة فإنَّنا نجد أن بعض المغالين في الديمقراطية والذين يُدرجون في هذه الكلمة مصادمة الحكام ومناوءتهم يجعلون من غيلان الدمشقي أحد رؤوس المعتزلة الأب الروحي للفكر الديمقراطي!
يقول بعضهم بعد أن وصف المعتزلة بأنهم حاملوا لواء العقل والحرية والعدال:”ومن أوائل هؤلاء وأبرزهم غيلان الدمشقي الذي يمكن اعتباره الأب الحقيقي لحركة التنوير وواحدًا من أهم منظري الفكر السياسي في التاريخ الإسلامي إن لم نقل بأنه أهمهم جميعا مادام هو الذي أسس للفكر الديمقراطي ودافع عنه ودفع حياته ثمنًا لذلك”!
هكذا أصبح أحد كبار المعتزلة – وهو غيلان الدمشقي – هو الأب الروحي للفكر الديمقراطي!
لم يكن غيلان هذا من الدعاة إلى الحرية كما ادعى هؤلاء، بل كان من أوائل المعتزلة الذين نفوا القضاء والقدر، وزعموا أن البشر هم الفاعلون لأعمالهم دون تقدير من الله، وهي دعوة مصادمة لنصوص القرآن والسنة وإجماع أهل العلم، وقد ناظره الإمام أبو حنيفة، ونهى الإمام مالك عن مجالسته، وأحضره الخليفة عمر بن عبد العزيز فناظره، فأظهر غيلان التوبة، ثم بعد أن توفي عمر بن عبد العزيز رجع إلى مذهبه ودعا إليه الناس، فناظره الإمام الأوزاعي إمام أهل الشام في زمانه بحضرة الخليفة هشام بن عبد الملك، ومع ظهور الحق فقد آثر غيلان المكابرة، ولذلك أجمع أهل العلم قاطبة على ذمه وأنه كان داعيةَ تفريق ناشرًا لعقائد لم يُسبق إليها.
وهكذا أيضًا نرى آخرين يجعلون من عمرو بن عبيد المؤسس الثاني لمذهب المعتزلة كما سبق رمزًا تاريخيًّا للمقاومة والثورة على الحكام، وهو الذي روى الحديث المكذوب على رسول الله صلَّى الله عليه وسلم:”إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه”!
ولذلك نرى كثيرًا من أصحاب الفكر الثوري الذين يريدون الثورة على النصوص الشرعية باسم العقل والتحرر أو الثورة على ولاة الأمر باسم الحرية والديمقراطية يستندون إلى عقائد المعتزلة ويجعلون من كبراء هذا المذهب آباء روحيين مناضلين ودعاة للفكر الإسلامي التنويري!
ومما تجدر الإشارة إليه أن هؤلاء المعتزلة كانوا يظهرون للناس في أثواب قد يغتر بهم بسببها من لا يعرف حقيقتهم، فقد كان لواصل بن عطاء المؤسِّس الأوَّل للمعتزلة مواقف في التصدي للزنادقة، وكان عمرو بن عبيد المؤسِّس الثاني مذكورًا بالزهد والنسك والعبادة.
وهكذا نرى اليوم عدنان إبراهيم يَظهر في ثوب المتصدي للملاحدة كما كان عطاء بن واصل يفعل من قبل، ذلك الذي جعل بعض من لا يعرف حقائق الفرق والمذاهب يُضفي على عدنان هالات من المديح، وربَّما أدى هذا الاغترار بالبعض إلى أن ينساق شيئًا فشيئًا إلى العقائد الاعتزالية التي ينشرها هذا الرجل، وإذا كان الرد على الملاحدة ودحض أباطيلهم وكشف ترهاتهم بالأدلة الصحيحة أمرًا محمودًا فإنَّ استغلال هذا الأمر كهالة إعلامية لكسب الجمهور ونشر الأفكار الاعتزالية المتطرِّفة بينهم أمرٌ غير محمودٍ على الإطلاق.
وأخيرًا نقول:
تكمن خطورة عدنان إبراهيم والكبيسي وغيرهما من الذين يطعنون في معاوية رضي الله عنه وينشرون عقائد المعتزلة في جوانب عديدة، منها:
الأوَّل: ترسيخ ثقافة التهجم على الصحابة رضي الله عنهم والتهجم على علماء الأمة وعلى أهل السنة عمومًا تصل إلى التعريض بلعنهم وتكفيرهم.
الثاني: نشر الأفكار الثورية وبالخصوص فيما يتعلَّق بالموقف من الحكام وجواز الخروج المسلَّح عليهم كتنظير عقائدي.
الثالث: اقتران ذلك بالحكم على حكام العرب ومنهم حكام دول الخليج بأنهم جائرون ظالمون، ومن ثم جواز بل وجوب الخروج عليهم.

الرابع: أن المذهب المعتزلي يعدُّ رافدًا من روافد التشيع كما سبق بيانه.
الخامس: أنَّ المعتزلة تستَّروا في نشر عقائدهم باسم العقل والفكر، وبالغوا في هذا الباب وغلوا فيه، وقد فتحوا بذلك الطريق إلى كل من يريد نشر ما شاء ورد ما شاء بالذريعة نفسها، ذلك الذي يمثِّل منحدرًا خطيرًا وطريقًا إلى نشر الفوضى الفكرية والانفلات وتفريق المجتمع وتمزيقه إلى خنادق فكرية متعددة والافتيات على مقررات الأمة وثوابتها في أمور لا يُحتَمل فيه الخلاف.
وبدلاً من أن يتمَّ التركيز على تطوير عقول الشباب في الرقي بالأمة في مختلف الميادين الحضارية والعلوم العصرية النافعة من طب وهندسة وفيزياء وكيمياء واقتصاد وعلوم كونية وتكنولوجيا وغيرها يتم إغراء هذه العقول بالثورة على عقائدها والانفلات من ثوابتها والانشغال بصراعات فكرية لا تخدم المجتمع في شيء وتوتير العلاقة مع ولاة الأمر وإيغار الصدور عليهم تحت أسماء رنانة مختلفة.

يتبع ….
Cant See Links


رد مع اقتباس
قديم 09-27-2012, 12:18 AM   رقم المشاركة : 4
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: الأبعاد السياسية للطاعنين في معاوية رضي الله تعالى عنه

الأبعاد السياسية للطاعنين في معاوية رضي الله تعالى عنه – الحلقة الرابعة (الصوفية والجفري)

ذكرنا فيما مضى أن من الجهات التي سعت في الطعن في معاوية رضي الله عنه بعض المتصوفة، وذكرنا شيئًا من أقوالهم هناك، أما هنا فإننا نسلِّط الضوء على ما يُراد من وراء هذه الطعون من مخطِّط خطير لاستقطاب الشباب إلى المدرسة الصوفية العلوية بحضرموت عن طريق علي الجفري الذي يمثِّل قنطرة عبور في هذا المخطَّط وعلى يد آخرين من هذه المدرسة الصوفية العلوية الحضرمية، فنقول:
حاولت الصوفية تثبيت أقدامها والترويج لأفكارها بإيجاد رابط بين التصوف وأهل البيت، على غرار العديد من الأيدلوجيات الفكرية والحركات السياسية التي شهدها التاريخ والتي جعلت من أهل البيت شعارًا لممارسة سيطرة فكرية أو سياسية باسم الأحقية في الاتباع أو في الحكم.
يقول محمد حمزة بن علي الكتاني أحد المتصوفة:”عند عرضنا لسلاسل أسانيد التصوف نجد كثيرا منها يرتبط بأئمة آل البيت عليهم السلام، خاصة الإمام سيدنا جعفر الصادق وولده عليهما السلام؛ وبغض النظر عن صحة تلك السلاسل وعدمها ؛ فإنه ما من شك أن إمام الصوفية في وقته: معروفا الكرخي كان تلميذا للإمام علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق عليهم السلام، بل أسلم على يديه، وعنه أخذ السري السقطي وبه اهتدى، ولا ينكر مطلع على تاريخ التصوف ومذاهبه التعظيم الخاص الذي يوليه الصوفية لللأئمة الاثني عشر: سيدنا محمد بن الحسن العسكري وآبائه إلى سيدنا علي عليهم السلام؛ واعتبارهم أن أول الأقطاب في الإسلام هو الحسن بن علي أو والدته سيدتنا فاطمة الزهراء عليها سلام الله”.
إلى أن قال:”ثم إن أغلب مشايخ الطرق الكبار ينتسبون لآل البيت الكرام، كالشيخ عبد القادر الجيلاني، والشيخ أحمد الرفاعي، والإمام البدوي، والشيخ عبد السلام بن مشيش، و الإمام الشاذلي وغيرهم رضوان الله عليهم جميعا”.
وألف أحد كبار الصوفية في هذا العصر وهو أحمد صديق الغماري كتابًا سماه (البرهان الجلي في تحقيق انتساب الصوفية إلى علي) زعم فيه أن سلسلة التصوف تنتهي إلى علي رضي الله عنه وأنهم تلقوا حقائق التصوف منه رضي الله عنه.
بل جنح الغماري في هذا الكتاب إلى أمر آخر وهو ادعاء أن التفضيل بين الصحابة رضي الله عنهم أمرٌ ظني لا قطعي، ليجعل من هذا الادعاء طريقًا له إلى القول بأفضلية عليٍّ رضي الله عنه على بقية الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم؛ ليوافق بذلك طوائف الشيعة ويمهِّد الطريق إلى مذهبهم.
وأحمد الغماري هو أحد الطاعنين في معاوية رضي الله عنه وقد ملأ بذلك كتبه، وقد سبق شيء من كلامه فيما مضى.
وقد تواطأ على هذا الطعن جماعة آخرون من المتصوفة في مخطَّط واضح يمهِّد لبث الفكر الشيعي في المجتمعات السنية باسم التصوف وأهل البيت، ومحاولة إيجاد مرجعيات صوفية علوية للسيطرة على المجتمعات، ذلك الذي لا تُحمد عقباه، ومحاولة التغني بكلمات من مثل السلام والحوار والتعايش السلمي واستغلالها في هذا المضمار، ومن المعلوم بالضرورة أن التعايش السلمي مع أصحاب الأديان والقوميات لا يعني من قريب أو بعيد الترويج لأجندات معينة من هنا أو هناك باسم التعايش والسلام.
ومن هؤلاء الصوفية الطاعنين في معاوية رضي الله عنه علي الجفري حيث يقول:”أشعر بالأسى أحياناً وبالغثيان أحياناً، فهذا الكلام غير مقبول؛ لأن البداية كانت عند رفع المصاحف في معركة صفين استثماراً لعواطف المسلمين في صف الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ولتقديسهم لكتاب الله عز وجل، فكان هذا أول استثمار للدين في معركة سياسية” (حوار مع صحيفة المصري اليوم).
فنجد أن الجفري بدلاً من أن يكف عما وقع بين الصحابة ويذكرهم بالجميل كما هو مذهب أهل السنة والجماعة نراه يوجه سهامه الطاعنة في معاوية رضي الله عنه ويزعم أنه كان يستثمر الدين ويستغله من أجل تحقيق مكاسب سياسية!
نعم! لم يجد الجفري حرجًا من أن يتهم معاوية رضي الله عنه بأنه من الذين يستغلون الدين لأغراض معينة.
إذا علمنا هذا فإنه يزول استغرابنا من موقف الجفري عندما آثر انتقاص الكُتَّاب والمثقفين من أبناء هذا البلد الذين تصدوا لهجوم الكبيسي على معاوية رضي الله عنه واعتبر تصدِّيهم ودفاعهم لا يمت للأخلاق والإسلام بصلة!

وهذا يذكرنا بقول محمد بن عقيل بن عبد الله باعلوي:”وكقول الكثير منهم (أي: من الصوفية العلوية) بانتفاء عدالة معاوية وأشباهه وبغضهم في الله ومنع تسويدهم والترضي عنهم، على أنهم لا يخوضون في هذه المسألة إلا في مجالسهم الخاصة بهم”.
وإذا كان هنا كلام عن استغلال الدين لتحقيق المصالح والأهداف فإنَّ من الذين انزلقوا في هذا الباب وجعلوا من أعمال منسوبة إلى الدين طريقًا لهم إلى تكتيل الناس وتجميعهم واستجلاب عواطفهم وكسب ولاءاتهم هم كثير الصوفية.
فكم هي محاولات هؤلاء الصوفية للتأثير على الناس عن طريق حفلات الأناشيد والغناء والرقص؟!
وكم هي محاولاتهم اليوم لاستغلال كلمات من مثل السلام والحوار والمحبة وغيرها لزخرفة المذهب الصوفي وإخفاء ما وراء الكواليس؟!
وكم هي محاولات هؤلاء الصوفية لاستغلال اسم أهل البيت للترويج لأفكارهم وأجنداتهم وكسب الولاءات وإضفاء هالات التقديس على مشايخهم؟!
وإذا كان هناك أناس سعوا إلى اعتلاء كراسي الحكم باسم أهل البيت بادعاء الأحقية في الملك فإن الصوفية العلوية تحاول فرض أجنداتها بادعاء أنها الأحقُّ بالاتباع كما سيأتي.
ولم يتوقف الأمر على طعن أولئك الصوفية في معاوية رضي الله عنه، بل توالت محاولاتهم الحثيثة والعديدة للترويج للفكر الشيعي بأساليب وطرق ملتوية وشعارات مختلفة، ومن ذلك محاولتهم زعزعة عقيدة أهل السنة والجماعة في التفاضل بين الخلفاء الراشدين على النسق المعروف بين أهل السنة من أفضلية الصديق ثم الفاروق ثم ذي النورين ثم أبي السبطين رضي الله عنهم أجمعين، في محاولة من أولئك الصوفية لتقرير أفضلية أهل البيت على من سواهم ترويجًا لمذهب الشيعة.
وكان ابتداء هذا المخطَّط بادعاء أن مسألة التفضيل بين الخلفاء الراشدين مسألة ظنية تقبل الأخذ والرد، ثم الانطلاق من ذلك لتقرير أفضلية علي رضي الله عنه على بقية الخلفاء رضي الله عنهم أجمعين وادعاء أفضلية أهل البيت على غيرهم.
ومن الجهود الصوفية في هذا الباب ما قام به محمود سعيد ممدوح من تأليب كتابٍ سماه (غاية التبجيل وترك القطع في التفضيل) قدَّم له جماعة من صوفية حضر موت من شيوخ علي الجفري، وطبعته دار الفقيه التابعة للجفري، قرَّر محمود سعيد في كتابه هذا مذهب الشيعة الزيدية، وابتدأ ذلك بادعاء أن مسألة التفضيل بين الخلفاء مسألة ظنية، وأنه يجب ترك القطع بالترتيب المعروف عند أهل السنة، لينطلق بعد ذلك إلى تقرير أفضلية علي رضي الله عنه على بقية الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.
وقد اعترف محمود سعيد في كتابه هذا بأن ما قرَّره هو مذهب الشيعة الأوائل، وأن الشيعي هو من وافق الشيعة في أن عليًّا رضي الله عنه أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن خالفهم في عدا ذلك، وأن الضابط الذي يمكن من خلاله تبيين الحد الأدنى المتفق عليه في معنى الشيعي هو تفضيل عليٍّ على سائر الصحابة رضي الله عنهم، هذا التفضيل الذي جنح إليه المؤلف نفسه.

وهذا تصريح مباشر من محمود سعيد بالترويج للفكر الشيعي في كتابه هذا.
كما ألمح صاحب الكتاب إلى تقرير مذهب الزيدية من استباحة الخروج على ولاة الأمر إن كانوا على ظلم، وهذا مزلق خطير آخر، فما أسهل أن يتهم من شاء ولاة الأمر بالظلم لاستباحة الخروج عليهم، كما فعل الخوارج الأوائل عندما استباحوا الخروج على الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه وقتله تحت شعار محاربة الظلم والجور.
كما نجد أن صاحب الكتاب يورد الثناء على مذهب الزيدية وأنه مذهب قد صين عن الغواية وأنه اتصل بسلاسل الذهب من الرواية وتناقله الأئمة الكرام!
هكذا تواطأ غير واحد من صوفية حضرموت على التقديم لهذا الكتاب الذي يروِّج للفكر الشيعي وبمنتهى الجرأة.
وهكذا أيضًا لم يجد علي الجفري بأسًا من أن يتولى دار الفقيه طباعة هذا الكتاب الذي يصرِّح صاحبه في طياته بتقرير المذهب الشيعي بالتصريح المباشر.
كما نجد سالم الشاطري أحد المقرظين للكتاب يقول في تقريظه عند كلامه عن المؤلِّف:”ووضع الخلاف والأقوال مفتحة الأبواب أمام القارئ وهو بالخيار يأخذ منها ما أحب بإنصاف”!
هكذا أصبحت مسألة التفاضل بين الخلفاء عند الشاطري مسألة خلافية يسوغ للقارئ أن يأخذ فيها بما شاء!
كما نجد أن عمر بن حفيظ يؤكد في تقريظه للكتاب أن مسألة التفضيل ظنية وأن التوقف شأن أهل ورع واحتياط؛ ليخالف بذلك مذهب أهل السنة والجماعة في التفاضل المعروف بين الخلفاء الراشدين!
وهكذا أيضًا أشاد أبو بكر العدني في تقريظه بالمؤلِّف وأنه جاء في كتابه بالبدائع!
ومن ذلك أيضًا محاولات علي الجفري لتثيبت أقدام المذهب الشيعي والتعاطي مع ما فيه من معتقدات على أنه إثراء للشريعة الإسلامية وأنه من الخلاف العلمي الشرعي الإيجابي المثمر، وأن المذهب الشيعي هو من المذاهب المخدومة المؤسسة المؤصلة، وأن المشكلة هي مشكلة سياسية لا دينية.
يقول علي الجفري:”في السابق عندما كانت الأمة مستقرة على مذاهب مخدومة ومؤسسة ومؤصلة كالمذاهب الأربعة لدينا – مذهب أهل السنة والجماعة- ومذهب إخواننا الزيدية، ومذهب إخواننا الإثنى عشرية، ومذهب إخواننا الإباضية، العلاقة التي تراكمت فيها الثروة المعرفية لدى كل مذهب من هذه المذاهب سار بها شيئاً فشيئاً إلى القدرة على استيعاب هذا التنوع” (حوار مع صحيفة المصدر اليمنية).
ويُسأل: كيف يستطيع المسلمون تجنب الفتن الموجودة في كل مكان وخاصة الفتن التي تحدث بين أصحاب الطوائف المختلفة مثل السنة والشيعة؟ فيقول:”بأن يفرقوا بين الاختلاف العلمي الشرعي وبين الصراع السياسي الذي يستغل الاختلاف الطائفي” (مقابلة مع جريدة البيان).
ويُسأل عن الاختلافات المذهبية بين السنة والشيعة فيقول:”المذهبية شيء راقٍ وليست خطأ لأنها مناهج واجتهادات لفهم الشريعة مستنبطة من الكتاب والسنة من خلال وجود المذاهب بل من خلال اختلاف المذاهب صارت عندنا ثروة تشريعية بسببها صار علماء القانون في العالم الذين يتخصصون في فلسفة صياغة القانون ينظرون إلى التشريع الإسلامي نظرة إكبار وإعجاب من خلال هذا الأمر، إذن ليس الإشكال في المذاهب ولا في الاختلاف ولا في التاريخ الذي مضى، إنما الإشكال في من يريد أن يستثمر ذلك لمصالح ضيقة أو فردية إما جماعية أو سياسية أو عنصرية وعندما تتحول الاختلافات المذهبية التي هي في حقيقتها تنوع وإثراء للشريعة الإسلامية إلى صدام فهنا الإشكال” (لقاء موقع الشورى نت)!
وعندما نراه يطالب الشيعة بالكف عن جرح مشاعر السنة بالتعدي على الصحابة رضي الله عنهم فإننا نجده يقول عن هذا الأمر:”وهذا (أي: سب الصحابة) ليس من أسس مذهبهم وإلا لكان لنا نظر فيه” (صحيفة التصوف الإسلامي المصرية)!
هكذا يستغفل الجفري القراء ويسعى لتثيبت أقدام المذهب الشيعي بادعاء أنه مذهب مؤسس مخدوم مؤصل وأنه لبنة من لبنات إثراء الشريعة الإسلامية!
كما أننا نجد أيضًا أن غير واحد من صوفية حضرموت يحاول تكوين توليفة عجيبة يجمع فيها بين مذهب أهل السنة في التفاضل بين الخلفاء ومذهب الإمامية في تفضيل أهل البيت على من سواهم وأنهم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم وحملة أسراره.
يقول أبو بكر بن عبد الرحمن العلوي الحضرمي:”وقد ذهب سيدي قطب الإرشاد الحبيب عبد الله بن علوي نفع الله به إلى أن وراثة المختار وحمل ما اضطلع من الأسرار لأهل بيته الأطهار، وذكر ذلك في مواضع من كتبه ودواوينه، ومن ذلك قوله في التائية الكبرى:
وآل رسول الله بيتٌ مطهَّرٌ … محبتهم مفروضةٌ كالمودةِ
هم الحاملون السرَّ بعد نبيهم … ووراثه أكرم بها من وراثةِ”.
ونظرًا لهذا الغلو في أهل البيت نجد أن المؤرخ صالح بن حامد العلوي الحضرمي يقول في كتابه (تاريخ حضرموت) وهو يتكلم عن أحفاد أحمد بن عيسى المهاجر الذي ينتسب إليه العلويون في حضرموت:”إلا أنه بقي فيهم من يعتنق المذهب الإمامي إلى اليوم، ومن هؤلاء في عصرنا الشاعر أبو بكر بن عبد الرحمن بن شهاب المتوفى سنة 1341هـ”.
كما أنَّنا مجد عدة مصادر شيعية من مثل (أعيان الشيعة) للعاملي و(طبقات أعلام الشيعة) للطهراني ترجمت لأبي بكر بن عبد الرحمن الحضرمي.
ذلك الذي جعل عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف قاضي ومفتي حضرموت في زمانه يقول في كتابه (نسيم حاجر في تأييد قولي عن مذهب المهاجر):”إن العلويين الحضرميين ومن لفَّ لفَّهم إلى هذا الحين إن لم يكونوا على مذهب الإمامية فإنهم على أخيه، إذ طالما سمعنا ممن لا يحصر عدًّا أو لا يضبط كثرة منهم من يقول: إنها لما زُويت عنهم الخلافة الظاهرة عوِّضوا بالخلافة الباطنة، فصارت إلى عليٍّ ثم إلى ابنه ثم إلى زين العابدين ثم إلى الباقر ثم إلى الصادق، وهكذا في الأفضل ثم الأفضل من ذرياتهم، ألا ترى أنهم يقولون بقطبانية هؤلاء، وما القطبانية إلا الإمامة نفسها”.
وإضافة إلى احتضان المدرسة الصوفية العلوية الحضرمية لمنهج الغلو في أهل البيت فإننا نجد أيضًا أنها تعتبر نفسها صاحبة الحق المطلق وأنه لا يجوز الاعتراض عليها في شيء وأن من خالف طريقتها فقد انحرف إلى السبل المتفرقة.
نقل أبو بكر بن عبد الرحمن العلوي في كتابه المذكور عن عبد الله الحداد قوله:”ومن خالف طريقة السادة بني علوي بحيث يضادها فهو من السبل المتفرقة عن سبيل الله”.
قال أبو بكر بن عبد الرحمن:”والحاصل أن طريقتهم هي السبيل الأقوم والمهيع الواسع الذي لا يقدر أحد على الاعتراض على شيء من مجملاتها أو مفصلاتها من غير احتياجها إلى تأويل أو تعليل بما كثر فيه القال والقيل، فهي المأمور بالعض عليها بالنواجذ والمطابقة في جميع أصولها وفروعها للكتاب والسنة”.
قال:”وقد قلت سابقًا أبياتًا تناسب المقام وتشير إلى طرائق أولئك الأقوام وهي:
لذ بالنبي وبالأئمة من بني … علوي الغر الهداة الحائر
فهم الخلاصة من سلالة أحمد … ومعين فياض الندى المتواتر”.
كما أننا نجد أيضًا إضفاء الهالات المقدسة على العديد من هؤلاء الصوفية العلوية، ومن ذلك على سبيل المثال ما جاء في ترجمة علوي بن الفقيه المقدم:”وحكي أن الشيخ عبد الله با عباد سأل صاحب الترجمة عما ظهر له من المكاشفات بعد موت والده فقال: (ظهر لي ثلاث: أحيي وأميت بإذن الله، وأقول للشيء كن فيكون، وأعرف ما سيكون، فقال الشيخ عبد الله: نرجو فيك أكثر من هذا)”!!
بل لم يسلم من ذلك نسبة أحاديث مفتراة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول أبو بكر بن عبد الرحمن العلوي:”نقل السيد العلامة عبد الرحمن بن مصطفى العيدروس المدفون بمصر في كتابه (مرآة الشموس) قال: أخرج الطبراني في الأوسط قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حضرموت تنبت الأولياء كما تنبت الأرض البقل)”.
فهذا الحديث لا أصل له لا في المعاجم ولا في المسانيد ولا في غيرها!
ونظرًا لادعاء المدرسة الصوفية العلوية الحضرمية الأحقية في الاتباع فقد كرَّس علي الجفري جهده في استقطاب الناس إلى هذه المدرسة الصوفية امتثالاً لأمر اللواذ بالصوفية من بني علوي بحضرموت.
وقد حاول ممارسة هذا الاستقطاب تحت ستار إرجاع الأمة إلى مرجعيتها، والتي يعني بها الصوفية العلوية بحضرموت.
فنجده يقول:”مشكلة غياب المرجعية الواعية التي يرجع إليها في مثل هذا الأمر كان لها دور في تأجيج مثل هذه الصراعات” (حوار مع موقع العربية).
ويقول:”من الممكن الحل إذا أعيدت الدفة إلى العلماء العاملين الموثوق بهم المتصل علمهم بالسند رواية ودراية وتزكية”.
ويقول أيضًا:”وليسامحني أيضاً أهل السنة فقدوا الرجوع إلى المراجع الحقيقيين فيهم، ومن ثمّ أصبح زمام تصرفات السنة ليس إلى المراجع الحقيقيين وإنما للناس الأكثر شهرة والأقدر مؤسسة ومالاً، والذين تَهُب رياح السياسة لصالحهم” (حوار مع صحيفة المصري اليوم).
ولذلك نجده في مواطن عديدة يضفي الهالات الكبيرة على الصوفية العلوية بحضرموت، ويصرِّح في مواضع أخرى بمحاولات ربط الآخرين في أقطار العالم الإسلامي بهذه المدرسة الصوفية العلوية.
يقول الجفري:”عندما انتهت فترة الشيوعية عندنا في ما كان يسمى باليمن الجنوبي وحصلت الوحدة وعدنا إلى مدارسنا مع أشياخنا الذين شُردوا عن مدارسهم وبدأنا نفتحها ونعيد صلاتِنا بإندونيسيا وجنوب شرقي آسيا وشرقي أفريقيا وكل المناطق التي كانت تتبع تلك المدرسة دعوياً” (حوار مع صحيفة المصري اليوم).
ومن مكامن الخطورة أيضًا أن من الأمور التي يمكن بها صرف الولاءات إلى مشايخ الطرق الصوفية ما يُسمى بالعهد والبيعة.
يقول أبو بكر بن عبد الرحمن العلوي عن طريقة بني علوي:”ويقولون بأخذ العهد والتلقين ولبس الخرقة” إلخ.
وقد تأثرت بهذه الطريقة الصوفية في الاستقطاب من أخذ البيعات والعهود جماعات عدة.
يقول الجفري:”الدعوة والتبليغo0o0o0o0o ‬مؤسسوها من الصوفية،o0o0o0o0o ‬والإخوان المسلمون مؤسسها حسن البنا دعوته سنية صوفية،o0o0o0o0o ‬فلن تجد حركة إسلامية استطاعت أن تخلف أثرا فيo0o0o0o0o ‬العصر الحديث إلا كان لها صلة بالصوفية” (لقاء صحيفة الأيام البحرينية).
ومن المعلوم ما تضمنته دعوة التبليغ والإخوان المسلمين من أخذ البيعات والعهود وصرف الولاءات إلى زعماء هذه الطرق التبليغية والإخوانية، وما ذلك إلا تأسيا بالطرق الصوفية وما تضمنت من أخذ البيعات والعهود.
نعم! لقد جعل الجفري من نفسه جسرًا لاستقطاب الشباب إلى الفكر الصوفي عمومًا وإلى المدرسة الصوفية العلوية بحضرموت خصوصًا، كلُّ ذلك وفق خطة منهجية مرحلية لإحكام السيطرة على العقول باسم المرجعية والتصوف وأحقية اتباع أهل البيت، ومن مقتضيات هذه الخطة المرحلية المؤقتة:
1- تجنب الكلام عن الأمور السياسية.
2- تجنب المصادمة مع الحكام؛ لئلا يتسبب ذلك في التقليص من المد الصوفي في هذه المرحلة.
3- تجنب الكلام عن الجماعات وأعيانها ولو كانت تنظيم القاعدة نفسها باستثناء من يُسمونهم بالوهابية فلا بد من الهجوم عليهم باعتبارهم حجر عثرة في طريق المد الصوفي.
يقول الجفري:”أسامة بن لادن لا أمدحه ولا أذمه” (لقاء صحيفة الأيام البحرينية).
ويُسأل: هل من وجهة نظركم الشخصية تعتبرون تنظيم القاعدة والشيخ أسامة بن لادن إرهابيون؟ فيقول الجفري:”لم اجلس معه، وعلمنا أن لا نحكم على من لم نجالس” (صحيفة 26 سبتمبر اليمنية).
ويقول أيضًا:”أما الإخوان (أي: الإخوان المسلمون) وماذا يريدون وماذا يفعلون فلست حكماً عليهم”.
وكلُّ هذه النقاط السابقة مِن تجنب الخوض في السياسة وعدم المصادمة مع الحكام ليست إلا أمورًا مرحلية مؤقتة وخطة منهجية مقرَّرة يُراد منها إبعاد العراقيل أمام المد الصوفي عمومًا والتمهيد لصرف الولاءات إلى الصوفية العلوية بحضرموت خصوصًا.
وقد حاول الجفري أن يمارس أنواعًا من الإرهاب الفكري للترويج للفكر الصوفي.
فمن ذلك قوله:”التصوف أصل من أصول الدين” (حوار مع جريدة الشرق الأوسط).
ويقول أيضًا:”التصوف هو صمام الأمان في حفظ الدعوة” (حوار مع صحيفة التصوف الإسلامي المصرية).
ويقول:”التصوف هو صمام أمان لمحبة أهل السنة لآل البيت من أن تخرج عن حدها إلى الحد المحظور” (حوار مع موقع العربية).
ويقول:”التصوف هو المؤهل عالمياً لأن يكون سفير السلام الحقيقي إلى العالم” (حوار مع صحيفة المصري اليوم).
ويقول:”أنجح من يقوم بنشر الإسلام في الغرب هم الصوفية” (حوار مع صحيفة التصوف الإسلامي المصرية).
كما يصرِّح الجفري بوجود تحالفات صوفية عالمية فيقول:”ولكنهم (أي: الصوفية) قادمون وبقوة، ليس في منهج واحد من مناهج التصوف أو في بلد واحد، لكن على مستوى العالم الإسلامي، فهناك انتهاضة لن يستطيع أن يوقفها أحد”!
هكذا خططت الصوفية في مؤامرة كبرى لصرف الولاءات إلى مشايخ الطرق الصوفية وهكذا خطط الجفري لصرف الولاءات إلى الصوفية العلوية بحضرموت تحت شعار إقامة المرجعية الدينية في العالم الإسلامي وهكذا ادعى غير واحد من صوفية حضرموت بأحقية بني علوي من أبناء أحمد بن عيسى المهاجر بالاتباع وأنهم الأولى بإيفاد الناس إليهم وربط الناس بهم، وأمَّا ما يُحاك وراء الكواليس فلا يبعد أن يكون أمرًا أكبر من هذا كله.

يتبع …
Cant See Links


رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:38 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir