آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 12584 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 7358 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 13240 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 14613 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 48744 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 43808 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 36026 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 20838 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 21096 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 27051 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-04-2007, 01:09 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

مــــريـــــــم

مشرفة

مشرفمشرف

مــــريـــــــم غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









مــــريـــــــم غير متواجد حالياً


من يشتري الجنة؟ الدكتور : راغب السرجاني

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم

نقلا عن رسائل ام البنين...


من يشتري الجنة؟ الدكتور : راغب السرجاني

الحلقة الأولى

المقدمة

إن الحمد لله ، نحمده و نستعينه ، ونستغفره ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، إنه من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمدا عبده ورسوله


وبعد ....استوقفتني كلمة جميلة لأبي هريرة ، رضي الله عنه ، توضح جانبا من حياة ذي النورين عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ..فقد أخرج الحاكم عن أبي هريرة ( متحدثا عن عثمان ) : ( اشترى عثمان الجنة من النبي صلى الله عليه وسلم مرتين ..!!) و قد نسأل أنفسنا : بأي ثمن اشترى عثمان الجنة؟

إن لشراء الجنة طرقا كثيرة

*قد تشتري الجنة بركعتين خاشعتين في جوف الليل
* قد تشتري الجنة بكلمة حق ..ترد ظالما .. أو تنتصر لمظلوم
* قد تشتري الجنة بصيام يوم حار في سبيل الله
* و قد تشتريها ببسمة ود صافية في وجه أخيك
* أو مسحة كف حانية على رأس يتيم

حقا يا أخواني .. ما أكثر طرق شراء الجنة! ولكن .. أي هذه الطرق سلك عثمان؟؟ و الجواب ..عند أبي هريرة ..يقول : ( حين حفر بئر رومة و حين جهز جيش العسرة ) في كلتا المرتين - وفي غيرهما - سلك عثمان في شرائه للجنة طريقا تميز به كثيرا طوال حياته رضي الله عنه..ذلكم هو الطريق


الجهاد بالمال

ومما لا شك فيه .. أن الجهاد بالمال من أهم طرق شراء الجنة .. الجهاد بالمال عبادة تحتاج إليها كل قضايا المسلمين اليوم .. في فلسطين والعراق وغيرهما ..فلا يعقل أن يكون المسلمون صادقين في تعاطفهم مع أخوانهم المجاهدين في أي أرض إسلاميةمحتلة ..دون أن يكون لهذا التعاطف صدى واقعي مادي .. فلا يعرف التاريخ قضايا نصرت بالتعاطف المجرد ، أو بالكلمات المنمقة و الشعارات الرنانة ..ولا يعقل أيضا أن يتحمل فريق من أمة الإسلام وحده عبء صد العدو و تحرير الأرض بالمال و النفس جميعا ..بينما يكتفي سائر المسلمين بالمراقبة لما يحدث و التعاطف السلبي - إن وصل الأمر للتعاطف السلبي - دون أن تتعدى المشاركة هذه الشكليات إلى دعم مادي يساهم بفعالية في إخراج المسلمين من
أزماتهم

في هذه الأسطر نحاول - إن شاء الله - إلقاء الضوء على قضية الجهاد بالمال ... كطريق من طرق شراء الجنة .. وكعنصر أساسي من عناصر التضحية في سبيل الله ..لا يرجى نصر للأمة - لا في فلسطين و لا في غيرها - إلا برسوخه في وجدان المسلمين و سلوكهم


و قد يلحظ القاريء الكريم في هذه السطور تركيزا على الواقع الفلسطيني ، دون غيره من مآسي المسلمين مع أهميتها و إلحاحها جميعا ..و إنما مرد ذلك إلى كون هذه الكلمات ألقيت ضمن سلسلة محاضرات كانت تركز على القضية الفلسطينية في الأساس و معلوم أن سائر مواطن الألم في جسد الأمة تلتقي معا في احتياجها للجهاد بالمال

و غني عن البيان أن لدعم قضايا المسلمين مقومات أخرى - إلى جانب الجهاد بالمال - كوضوح الرؤية ، وقتل الهزيمة النفسية ...فضلا عن تثبيت دعائم الإيمان و تقوية الروابط بين المؤمنين

و نسأل الله أن يعز الإسلام والمسلمين


يتبع

====================
من يشتري الجنة؟

دكتور : راغب السرجاني

الحلقة الثانية


=============

لقطات قبل البداية

========
اللقطة الأولى : رجل يعول أسرة مكونة من عشرة أفراد ...يعمل خارج مدينته ..يخرج كل يوم إلى عمله فإذا بالمعابر مغلقة والمدينة محاصرة ..فيعود إلى أهله خالي الوفاض
اللقطة الثانية:شيخ يمتلك متجرا ..لا يستطيع أن يفتحه إلا قليلا : فالحالة الأمنية حرجة جدا ، و أبناء يهود يعيثون في الأرض فسادا .. و إذا فتحه يوما لا يشتري منه إلا القليل ، فالمال قد قل في الأيدي ، والفقر قد عم في الأرض
اللقطة الثالثة :خمس عائلات قصفت منازلهم ، و بدد متاعهم ، وضاعت أملاكهم ..وهم يبحثون عن مأوى و قد ضاقت عليهم الأرض بما رحبت
اللقطة الرابعة : عائلة مكونة من أب و أم تجاوزا الستين ، وتسعة أبناء : أكبرهم في السادسة والعشرين .. أما الأب فلا يعمل ، والابن هو من يعول الأسرة ..خرج هذا الابن في مسيرة غاضبة يحمل حجرا يواجه اليهود ..فإذا به يتلقى رصاصة في صدره فيلقى ربه ..و تفقد العائلة عائلها
ولقطة خامسة : رجال من أمتنا مجاهدون صابرون ..باعوا أرواحهم لله ، واشتروا الجنة ..يريدون سلاحا أقوى من الحجر ..لكن هذه الظروف ارتفع فيها ثمن السلاح ، وقلت مصادره ، وقد لا يشترى إلا من يهودي بأضعاف ثمنه ، والرجال المجاهدون لا يستطيعونه ..فيتركون السلاح ، ويحملون الحجر
إخواني في الله ... أتظنون هذه اللقطات نادرة ؟ أتظنون أننا بذلنا مجهودا حتى نجدها؟؟ كلا والله ..هذه لقطات متكررة في كل مدينة ..في كل قرية .. في كل شارع ..بل في كل بيت ..هذه هي فلسطين ..الأرض المقدسة ..و هؤلاء هم إخواننا و آباؤنا و أمهاتنا و أبناؤنا..هذه لقطات تحتاج إلى تفاعل ..تلتقي جميعا في احتياجها إلى علاج واحد : هو الجهاد بالمال
و أنا أعلم أن الحديث عن بذل المال ليس بالحديث المحبب إلى النفوس ، ذلك أن حب المال و الضن به جزء من فطرة هذه النفوس .. وما أسهل الكلام المجرد مهما علت حرارته طالما كان الأمر بعيدا عن إخراج المال وبذله
أخي الكريم إذا كنت ، تشعر في قلبك بحب شديد للمال ، وتعلق كبير به ، و رغبة في الاحتفاظ به وتنميته ..فاعلم أن هذا شيء طبيعي تماما ..بل أن العجيب ألا تشعر بذلك ! هذا التعلق بالمال أمر لا يتعارض بالمرة مع الفطرة السليمة ، و أنا أعذرك تماما في هذا الحب للمال ، لإنه فطرة.. بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعذرك ! بل إن الله -عز وجل - ذاته يعذرك !! لا تتعجب ، وتعال نسبح سويا في آيات الله عز وجل .. أرأيت قوله تعالى في وصفه لبني آدم :(وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا )(20 سورة الفجر) ، وحتى إن لم تعرف المعنى الدقيق لكلمة :(جما ).. فإنك ستفهم مقصودها ..هكذا بثقلها (جما)!! يقول ابن كثير في معناها : (جما )أي : كثيرا فاحشا.. أي أن الإنسان جبل على حب المال حبا كثيرا فاحشا !! هذا وصف الله الخبير بما خلق ..العليم ببواطن النفس ، وما تخفي الصدور ..انظر إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يكشف بوضوح أسرار النفس البشرية .. إنه رسول عظيم ..طبيب ماهر ، صلى الله عليه وسلم ! يضع إصبعه بسهولة على مواطن الداء، ويصف بلسانه العذب كيف الدواء ..انظر إليه صلى الله عليه وسلم (في الحديث الذي رواه الإمام أحمد و الطبراني رحمهما الله )عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضة لابتغى إليهما آخر ) فهكذا جبل الإنسان على حب المال ، والسعي وراءه .ثم يقول : ( ولا يملأ بطن ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب ) ..انظر إلى روعة التشخيص في كلامه صلى الله عليه وسلم!! إن غريزة التملك ، وغريزة الكنز ، و غريزة السيطرة .. أمور داخلية أصيلة متشعبة في النفس متغلغلة في الوجدان
وكم تعبنا من علماء صوروا لنا الصالحين كالملائكة ليست لهم نفوس البشر ، لا يخطئون و لا يعصون لا يفترون عن عبادة و لا يركنون إلى راحة !..و ليس الأمر كذلك ،فالإسلام دين يعترف بنقائص النفس البشرية فلا يوجد من لا أخطاء له إلا الله سبحانه و تعالى ، ولا يوجد من لا شهوات لديه إلا الله سبحانه و تعالى

يتبع


بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة من يشتري الجنة ..دكتور راغب السرجاني
نقلا عن رسائل اختى ام البنين


من يشتري الجنة 3


ثم انظر إلى الآية الربانية العجيبة - وكل آيات الله عجيب- والله ما قرأتها إلا ووقفت مبهورا أمامها ، عاجزا عن تخيل كل أبعادها ..يخاطب رب العزة جل شأنه بني آدم ، فيقول
قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا (100) الإسراء ، سبحان الله! هل تتخيل خزائن الرحمة الإلهية؟ إنه من المستحيل أن تحيط بها .. إن السماوات و الأرض وما بينهما لأمر هين بسيط في هذه الخزائن الإلهية ..لو أن ابن آدم يملك هذه الخزائن ، و ترك لهواه و فطرته و طبيعته دون تعديل ولا توجيه ولا تهذيب ..ماذا يفعل؟ سيمسك خشية الإنفاق !! مع أن هذه الخزائن لا تنتهي ..ولن تنتهي !! لكن من فطرته الإمساك .. (.. وكان الإنسان قتورا ) يقول ابن عباس و قتادة ( رضي الله عنهما ) أي : ( بخيلا منوعا ).
القضية إذن عسيرة ، والإنفاق صعب ، ولا يعجبني أبدا أن يتكلم الواعظ عن الإنفاق و كأنه أمر يسير بسيط ..من لم يفعله كان دليلا على فساد فطرته ، أو ضياع دينه ..فالأمر عسير شاق بالفعل .. و إن كنت في شك من ذلك فأجبني : أي الشيئين أغلى : نفسك أم مالك؟ إن النفس أغلى دون شك ، أما المال فيذهب و يجيء ..تذكر هذه المقارنة السابقة ، ثم تأمل الآيات القرانية التي جمع الله فيها بين النفس و المال في أمور الجهاد.. لقد قمت ببحث عن تلك الآيات ، فكانت ثماني مرات !! وجدت فيها أمرا عجيبا ..لقد قدم الله المال على النفس سبع مرات ، وكأنه أشق و أصعب
* ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) التوبة

*لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ44) التوبة


الآية الوحيدة التي قدم الله فيها النفس على المال كانت
( إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التوبة.. إلى آخر الآية ..
هنا قدم الله النفس لأنه سبحانه و تعالى الذي يشتري ، و يعلم أيها أغلى : النفس أم المال ..بمعنى أن الإنسان من شدة تمسكه بالمال قد يتحرج في الجهاد به أكثر من تحرجه في الجهاد بنفسه!!
ولهذا الأمر تطبيق كبير في الواقع ..وجدناه في أنفسنا و في من حولنا ..وجدنا من يقدم كنز ماله على نفسه و راحتها ومتعتها !! قد يخاطر بسمعته من أجل المال ، مع أن تلويث السمعة إيذاء للنفس ! قد يخاطر بإراقة دماء الوجه من أجل المال ، و إراقة ماء الوجه إيذاء للنفس ! بل قد يخاطر بإخوانه و أحبابه .. وحتى بأبنائه من أجل المال ، يتركهم أعواما و أعواما ..يعمل بعيدا وحيدا حزينا من أجل المال ، وترك الأهل و الأحباب إيذاء للنفس
وفوق كل ذلك ..قد يخاطر الرجل بحياته و نفسه من أجل المال ، وهذا ليس مجرد إيذاء للنفس ..بل هو تضييع لها !! نشاهده كثيرا .. أرأيتم المرتزقة كيف يقاتلون في المعارك الضارية من أجل المال؟ أرأيتم السائق كيف يقود سيارته وهو يغالب النعاس ، فلا يركن إلى راحة معرضا حياته و حياة من معه للضياع من أجل المال؟ أرأيتم مريض القلب طبيبا كان أو مهندسا أو تاجرا .. كيف لا يكف عن الإرهاق في عمله وهو يعلم أنه يعرض نفسه للموت من أجل المال؟
حب المال - إذن - متغلغل تماما في النفس البشرية ، مسيطر تماما على جنباتها ..لماذا؟ لماذا يخلق الله- جلت قدرته و تعاظمت حكمته - الإنسان على هذه الجبلة؟لماذا يفطره على هذه الفطرة؟ ما الحكمة الربانية الجليلة وراء ذلك؟ هذا ما أسميه ( فلسفة الابتلاء)..الله سبحانه و تعالى - بقدرته و حكمته - زرع في النفس أمورا متأصلة فيها ، وعظم جدا حبها فيها ..ولما علم سبحانه وتعالى أنك أصبحت تحبها حبا جما ، ولا تطيق لها فراقا .. هنا طلب منك أن تبذلها في سبيله ، وتنفقها من أجله ..حتى تثبت أنك تقدم حب الله على حب شيء متأصل عميق في الفطرة، وهذا دليل الصدق في حب الله .. ولو طلب الله من الخلق بذل شيء بسيط زهيد لنجح في الاختبار الصادقون والكاذبون .. الأمر ليس تمثيلية هزلية ..الاختبار حقيقي و جاد ..بل هو عسير وشاق ، ولكونه عسيرا وشاقا فإن المكافأة سخية والجائزة عظيمة ..بل هي أعظم من أن يتخيلها البشر ، أو تخطر على أذهانهم .. إنها الجنة !! لو أدركتم حقيقتها لذبتم اشتياقا إليها ..لو أدركتم حقيقتها ما طابت لكم حياة على الأرض..لو أدركتم حقيقتها ما خاطرتم بها ، ولو كان الثمن خزائن الأرض و كنوز الدنيا بأسرها ...ترجمة هذا أنك تجد في نفسك حبا فطريا ، وميلا غريزيا للمال ، ثم يطلب الله منك أن تنفقه في سبيله ..هنا لابد أن تعقد مقارنة سريعة حتمية في داخلك : أيهما تحب أكثر : المال ..؟ أم الله ؟ !! نعم يا أخوة ، هذه هي الحقيقة بكاملها : المال .. أم الله ؟؟ كل إنسان سيقول بلسانه : أختار الله على ما سواه ..لكن لابد أن يصدق العمل قول اللسان ، و إلا فما معنى الاختبار؟؟

وترجمة هذا أيضا أنك تجد في نفسك حبا فطريا للآباء و الأبناء و الأزواج والعشيرة ، ثم يأتي موقف إما أن ترضي فيه الأحباب ، و إما أن ترضي فيه الله ..وعليك أن تعقد مقارنة سريعة : الأحباب؟ .. أم الله ؟ و تذكر أن الإجابة ستكون بالفعل لا بالقول .. الأمر جد خطير ، والقضية مصيرية في حياة الإنسان

)قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ
بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(24) التوبة

انظر إلى هذه المقارنة ..الجهاد جزء من حب الله و رسوله لكن لماذا يذكر في هذا المقام؟ حتى يلفت النظر إلى قضية ( الفعل لا القول )فلا يكفي أن تقول : أحب الله أكثر ..ولكن لابد من الجهاد في سبيله ، وبذل هذه الأشياء الثمانية المذكورة في الآية ..ولكن ماذا لو لم تفعل؟ (فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين)
أنا أريد أن أحفزكم إلى معاكسة فطرتكم ، ومخالفة ميلكم ، ومقاومة غريزتكم .. وهو أمر من الصعوبة بمكان -كما ترون - و لأني أعلم أني أضعف من أن أحفزكم بقولي ، فقد آثرت أن أحفزكم بقول العليم ببواطنكم ..الخبير بخفايا نفوسكم ..القدير على تصريف قلوبكم ..سأذكر لكم طريقة الله - عز وجل - في التحفيز على الإنفاق ، وهي طريقة عجيبة فريدة معجزة ، جديرة بأن تدرس بعمق ، وتفهم بعناية ، هي طريقة تختلف كثيرا عن طريقته - سبحانه وتعالى - في التحفيز على أمور الخير الأخرى ..طريقة تشعرك فعلا أن قضية إنفاق المال قضية محورية في مسألة الابتلاء و الاختبار ، بل هي قضية محورية في إثبات صدق إيمان العبد.. ولكونه يعلم -سبحانه - أن إخراج المال شاق وعسير ، فقد نوع في طريقته ، وعلم رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وسائل فريدة لتحفيز المسلمين نحو حب الإنفاق ، والوقاية من شح النفوس ...
هذه الوسائل ..هي موضوع الصفحات التالية

يتبع

=======================================


من يشتري الجنة؟4 د. راغب السرجاني

كيف تحب الإنفاق في سبيل الله؟
=============


أولا : والثمن ..الجنة


جعل الله سبحانه وتعالى الجنة نتيجة مباشرة لإنفاق المال ..فعلى سبيل المثال يقول سبحانه وتعالى : ( وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) آل عمران .فأول صفة تذكر للمتقين : أنهم ينفقون في السراء والضراء ! يقول ابن كثير رحمه الله : ( أي في الشدة والرخاء ، والمنشط والمكره ، والصحة والمرض ..وفي جميع الأحوال ) ..و يتضح بالفعل أننا نعاني من قصور شديد في فهم حقيقة الجنة ..فالجنة كلمة كان لها فعل عجيب في نفوس الصحابة ، فكانوا يستعذبون الآلام في سبيلها، ويستمتعون بالموت من أجلها.. ( الجنة ) كثيرا ما تتردد على أسماعنا ، فلا تحدث في قلوبنا ما كانت تحدثه في قلوب الصحابة ، ولابد أن نقف مع أنفسنا لحظات ، فنسألها : لماذا؟ لقد سمع هذة الآية السابقة ذاتها عمير بن الحمام ، رضي الله عنه في غزوة بدر ، فماذا فعلت فيه؟؟
روى الإمام مسلم - رحمه الله- عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر : ( قوموا إلى جنة عرضها السماوات و الأرض ) يقول عمير بن الحمام الأنصاري : يا رسول الله ، جنة عرضها السماوات و الأرض؟؟ أصابت الكلمة قلبه لا أذنه !! قال رسول الله : (نعم ) قال عمير : بخ بخ ..فقال رسول الله : ( ما يحملك على قول بخ بخ ؟؟) قال: لا والله يا رسول الله .. إلا رجاء أن أكون من أهلها ..فقال : ( فإنك من أهلها ) بشرى من الصادق المصدوق ..فأخرج تمرات من قرنه ، فجعل يأكل منهن ليتقوى على المعركة ، ثم قال : لإن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه .. إنها لحياة طويلة!! حياة طويلة تفصله عن الجنة !! قال أنس بن مالك : فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى
قتل ..موعده الجنة ، فكيف يصبر على الحياة؟؟

بل ارجع إلى بيعة العقبة الثانية ، وتأمل ذلك الموقف الرائع ! فقد روى الإمام أحمد- رحمه الله- عن جابر رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله علام نبايعك؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( على السمع والطاعة في النشاط والكسل ، وعلى النفقة في العسر واليسر ، و على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعلى أن تقوموا في الله ..لا تأخذكم في الله لومة لائم ، وعلى أن تنصروني إذا قدمت إليكم ، و أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم و أزواجكم و أبناؤكم ...) شروط قاسية وخطيرة وعهد غليظ ومؤكد ..هنا وقبل أن يبايعوا - كما في رواية ابن إسحق - يقول العباس عن عبادة بن نضلة رضي الله عنهم لقومه ينبههم إلى خطورة البيعة:( هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل؟ قالوا : نعم ..قال : إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس ، فإن كنتم ترون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبة ، و أشرافكم قتلا أسلمتموه ..فمن الآن ، فهو والله - إن فعلتم - خزي الدنيا و الآخرة ، و إن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على نهكة الأموال و قتل الأشراف ، فخذوه ، فهو - والله - خير الدنيا و الآخرة ...قالوا : ( فإنا نأخذه على نهكة الأموال و قتل الأشراف )قالوا : فما لنا بذلك يا رسول الله .. إن نحن وفينا بذلك؟ ( ما هو الثمن لكل هذه التضحيات النادرة ، والأحمال الثقيلة ، والتبعات العظيمة ؟؟) قال صلى الله عليه وسلم ة: (الجنة ) والجنة فقط ..قالوا : ابسط يدك ..فبسط يده ، فبايعوه ..لقد باع الأنصار كل شيء يملكونه من نفس ومال و راحة و أمن و أهل وديار ..باعوا كل شيء ، واشتروا شيئا واحدا : ( الجنة ) و نزلت الكلمة بردا
وسلاما على الأنصار ، فاطمأنت القلوب ، وخشعت الأبصار ، وسكنت الجوارح

وكانت الهجرة بعد هذه البيعة الغالية بقليل ..و كلنا يعلم كم ضحى المهاجرون ليلحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم و لكني هنا أذككركم فقط بموقف صهيب رضي الله عنه أثناء هجرته .. أورد ابن عبد البرالقصة عن سعيد بن المسيب - رحمه الله - قال : خرج صعيب مهاجرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ..فاتبعه نفر من المشركين ، فانتثر ما في كنانته ( أي أخرج ما في كنانته من سهام ) و قال لهم : يا معشر قريش ، قد تعلمون أني من أرماكم ( أحسنكم رميا بالسهام ) ووالله لا تصلون إلى حتى أرميكم بكل سهم معي ، ثم أضربكم بسيفي ما بقى منه في يدي شيء..فإن كنتم تريدون مالي دللتكم عليه ..قالوا : فدلنا على مالك و نخلي عنك .فتعاهدوا على ذلك ، فدلهم ، ولحق برسول الله ...فقال له رسول الله : ( ربح البيع أبا يحيى ) فأنزل الله تعالى فيه : (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد )أرأيتم ؟ (ربح البيع) وكيف لا يربح وقد اشترى الجنة ( سلعة الله الغالية ) بما كان يملك من مال؟ ..والجنة باقية ( خالدين فيها ) والمال عرض زائل
كيف لا يربح البيع و قد قال الله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ) ثم يقول بعد قليل في نفس الآية :(فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )التوبة
111

، لقد كان تجاوب الصحابة مع وعد الله بالفوز والجنة سريعا وواقعيا بصورة لافتة للنظر ..تأمل رد فعل أبي طلحة الأنصاري تجاه آية واحدة من كتاب الله ..طالما قرأناها..روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل ، وكان أحب أمواله إليه ( بيرحاء) ، (اسم بستانه من النخل ) و كانت مستقبلة المسجد ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ، ويشرب من ماء فيها طيب ..قال أنس : فلما أنزلت هذه الآية : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) قام أبو طلحة إلى رسول الله فقال : يا رسول الله ، إن الله تبارك وتعالى يقول: ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )، و إن أحب أموالي إلي ( بيرحاء ) و إنها صدقة لله أرجو برها و دخرها عند الله ..فضعها يا رسول الله حيث أراك الله ..فقال رسول الله :( بخ ! ذلك مال رابح
و قد سمعت ما قلت ، و إني أرى أن تجعلها في الأقربين ) فقال أبو طلحة : أفعل يا رسول الله .. فقسمها أبو طلحة في أقاربه و بني عمه
هكذا تعامل مع وعد ربه بصدق وصراحة ..ودون تسويف بحث عن أفضل ما يحب من ماله ( بستانه ) و بذله لربه في كلمة واحدة ّ و لم يكن هذا السلوك استثناء في أخلاق الصحابة ..ولا كان لحظة تسرع من أبي طلحة ..كل ما هنالك أنهم كانوا يرون الجنة أمامهم
بكل ما فيها من نعيم ..يرونها دائما .. أمام كل قول أو فعل أو تضحية


وما أدراك ما الجنة؟

روى الإمام مسلم - رحمه الله - عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سأل موسى عليه السلام ربه : ما أدنى أهل الجنة منزلة ؟ قال : هو رجل يجيء بعدما أدخل أهل الجنة الجنة ، فيقال له : ادخل الجنة ..فيقول : أي رب ..كيف وقد نزل الناس منازلهم و أخذوا أخذاتهم ؟ فيقال له : أما ترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول : رضيت يارب ..فيقول : لك ذلك و مثله ومثله ومثله ومثله! فقال في الخامسة : رضيت رب ! فيقول : هذا لك و عشرة أمثاله ! ..ولك ما اشتهت نفسك و لذت عينك ..فيقول : رضيت رب !! قال موسى عليه السلام : رب فأعلاهم منزلة ؟ قال : أولئك الذين أردت ، غرست كرامتهم بيدي ، وختمت عليها ، فلم تر عين و لم تسمع أذن ، ولم يخطر على قلب بشر ) قال صلى الله عليه وسلم : ومصداقه في كتاب الله عز وجل : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لها من قرة أعين )..وليس معنى ذلك أن يقتصر المسلم في سعيه إلى الجنة على الرغبة في أدنى الدرجات ، بل هو مأمور بالحرص على المعالي ، وطلب الفردوس الأعلى في الجنة ..برفقة النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول : (إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس ) اللهم إنا نسألك الفردوس
الحديث عن الجنة يطول ويطول ..ولابد أن نراجع معلوماتنا و معايشتنا و أحوالنا في الجنة ..و أنا على يقين من أن الجنة لو تعاظمت في قلوبنا لهان علينا ما نحن بصدد المجاهدة لتحقيقه والله المستعان

يتبع




من وحي تبوك
==========


تعالوا نغوص في أعماق التاريخ ..لنذهب إلى المعسكر الدائم للإيمان .. إلى المدينة المنورة ..و نصل إلى ساحة واسعة يجلس فيها خير الخلق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ..وعن يمينه و يساره و أمامه جماعات من الذين رضي الله عنهم و رضوا عنه ..يحفزهم صلى الله عليه وسلم على الإنفاق لتجهيز جيش عظيم في وقت عصيب اشتد فيه الحر ، وعظم فيه الخطب ، وطال فيه السفر ، وقل فيه الزاد ، وحان وقت القطاف ..لكن لابد من المغادرة ..هذا تجهيز جيش العسرة ..جيش تبوك ..ترى ماذ فعلوا حتى ينزل الله في حقهم : (لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (117) التوبة .

لكن قبل أن نرى فعلهم ، ونستمتع بصحبتهم ؟..تعالوا نعقد مقارنة عجيبة و قياسا غريبا بين تبوك وفلسطين!!.. وتخيلوا معي بهدوء ..لو كان رسول الله حيا بين أظهرنا ، ورأى – في وقت متزامن- أمر فلسطين على ما هي عليه الآن ، و أمرتبوك على ما كانت عليه ..و طاقة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تكفي لإخراج جيش واحد ..ترى ماذا سيكون موقفه؟أتراه يختار تبوكا .. أم تراه يختار فلسطين ؟؟ .. أتراه يحفز الناس على تبوك .. أم تراه يحفزهم على فلسطين؟؟

1- غزوة تبوك كانت لمقتل رسولين من المسلمين في أرض الشام ، كانا في طريقهما إلى قيصر ، ( رجلين فقط) .. أما فلسطين فقد قتل فيها في سنة واحدة : ثمانمائة من المسلمين.

2- في تبوك : كان الجيش الروماني يتجهز لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يدخل الجزيرة العربية بعد ..بل كان في أرض الشام ، ولم تكن أرضا إسلامية آنذاك .. أما في فلسطين فيعيث فيها الجيش اليهودي القذر فسادا ..الجيش اليهودي بالفعل في أرض إسلامية ..لا يحتل فقط بل يستبدل بأهل فلسطين أهله و أبناؤه من بني إسرائيل.
3- في تبوك..لم يخرج مسلم من داره .. أما في فلسطين فقد أخرج نصف أهل البلد من ديارهم !! وربنا يأمرنا ..و علينا الطاعة ، فيقول : ( و أخرجوهم من حيث أخرجوكم ).

4- تبوك كانت تهديدا ، ولم يحدث بعد قتال .. أما فلسطين فتعاني من حرب ضارية قائمة بالفعل ..و ربنا يأمرنا .ز وعلينا الطاعة فيقول : ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم )

5- تبوك لم تكن بها مقدسات إسلامية ..بل كانت بها ديار الظالمين ..ديار ثمود !! أما فلسطين ففيها الأقصى ..ثالث الحرمين .. و أولى القبلتين .. ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا بين أظهرنا لاختار فلسطين على تبوك . إن كان لابد من الاختيار ، فقضية فلسطين أشد خطورة ..وكلتا القضيتين خطيرة..

انظروا ماذا فعل الصحابة الكرام في تبوك .. وتخيلوا كيف كانوا سيفعلون لفلسطين..

لقد فتح الرسول صلى الله عليه وسلم باب التبرع علانية ، حتى يحفز المسلمون بعضهم بعضا ..وكان أول القائمين عثمان بن عفان رضي الله عنه ..قام يشتري الجنة !! لقد قام فقال علي مائة بعير بأحلاسها و أقتابها في سبيل الله ) فسر رسول الله بذلك سرورا عظيما ، فهذا عطاء كثير ! ثم فتح بباب التبرع من جديد ، فقام عثمان بن عفان ثانية( يزايد على نفسه ) قال : ( علي مائة بعير أخرى بأحلاسها و أقتابها في سبيل الله ) فسعد به رسول الله سعادة عظيمة ..حتى إنه قال : ( ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم )...ولكن هل سكن عثمان أو اطمأن ؟ انظر إليه.لقد أخذ يدفع من جديد حتى وصل ما تبرع به إلى ثلاثمائة بعير !!( وفي رواية : تسعمائة بعير ، ومائة فرس) ثم ذهب إلى بيته ، و أتى بألف دينار نثرها في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ..و رسول الله يقلبها متعجبا !..

وهكذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه .. أتى بأربعة آلاف درهم ، وقد يقول قائل : إنها أقل بكثير مما جاء به عثمان ..لكنها تعتبر ظاكثر نسبيا من عطاء عثمان- سبحان الله- لأنها كل مال أبي بكر الصديق .. حتى إن رسول الله سأله : ( وماذا أبقيت لأهلك ؟) قال له في يقين : أبقيت لهم الله ورسوله )
و أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنصف ماله وهو كثير ..بل كثير جدا..عبد الرحمن بن عوف أتى بمائتي أوقية من الفضة ، وهذا أيضا كثير..

كانوا – بصدق – يشترون الجنة – وما أزهد الثمن .. وما أعظم السلعة ..( ألا إن سلعة الله غالية .. ألا إن سلعة الله الجنة ).

بل إن النساء أتين بالحلي ..كان الكل يشارك..كانت قضية إسلامية تشغل كل فئات الأمة حتى الفقراء الذين لا يملكون إلا قوت يومهم !! جاءوا بالوسق و الوسقين من التمر!! تمر قليل يجهزون به الجيش الكبير؟ نعم قليل ، لكن هذا كل ما يملكونه ، سيطعمون جنديا أياما .. قد لا يعني هذا في نظر بعض الناس شيئا ..لكنها تعني بالنسبة لهم الكثير ، وتعني أيضا عند الله الكثير والكثير ..حتى إن المنافقين كانوا يسخرون من هذه العطايا البسيطة ، فأنزل الله دفاعا عظيما في كتابه عن هؤلاء الفقراء المتصدقين ..يقول تعالى : (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79)
التوبة ..فالله تعالى بنفسه هو الذي يرد على سخرية المنافقين.


وجاء البكاءون !
==============


جاء نفر من المؤمنين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ..يعرضون أنفسهم عليه ليجاهدوا معه .. وكانوا فقراء لا يملكون شيئا ، ولا عندهم بعير يحملهم ..و كذلك ليس عند رسول الله ما يحملهم عليه ، فأعفاهم من القتال لعذرهم ..لكنهم ما استطاعوا أن يتحملوا ذلك !! أخذوا يبكون على فوات فرصة الجهاد بالنفس و المال !! مع كونهم معذورين عذرا شرعيا مباشرا من رسول الله ..لكن تاقت النفوس إلى البذل و إلى الجهاد ..تاقت إلى الجنة .. أنزل فيهم ربنا : ( وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ (92) التوبة . طراز فريد عجيب من البشر .

بل انظر إلى أحدهم ..( علبة بن زيد ) رضي الله عنه .. تولى وهو يبكي ، ثم ذهب إلى بيته .. ولما جاء الليل قام يصلي و يبكي و يقول : ( اللهم إنك قد أمرت بالجهاد .. ورغبت فيه ..ثم لم تجعل عندي ما أتقوى به مع رسولك ، ولم تجعل في يد رسولك ما يحملني عليه .. و إني أتصدق على كل مسلم بكل مظلمة أصابني فيها من مال أو جسد أو عرض ) أرأيتم يا إخوة ..بماذا يتصدق ؟ يتصدق من حسناته ..هذه الأنواع من الأذى التي لحقت به من إخوانه ..ستتحول إلى حسنات يوم القيامة ، هو لايملك شيئا من مال أو بعير ..فيتصدق بالشيء الوحيد الذي يملكه ..يتصدق بحقه على إخوانه !!

ثم أصبح علبة بن زيد مع الناس ، وذهب إلى صلاة الصبح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ..و بعد الصلاة ، قال النبي : ( أين المتصدق هذه الليلة؟) فلم يقم إليه أحد ..ثم قال : ( أين المتصدق؟فليقم!) فقام إليه علبة ، فأخبره النبي : ( أبشر ..فوالذي نفس محمد بيده ..لقد كتبت في الزكاة المتقبلة ) إنه الصدق مع الله يقابل بكرم من الله ..حمية حقيقية للدين .. حتى و إن كان فقيرا معدما .. وسخاء و عطاء ، ورحمة من إله رحيم حنان منان ..سبحانه وتعالى

يتبع




تاسعا :الترهيب من عدم الإنفاق:
========================


وكما اهتم الإسلام بتحفيز النفس على البذل و التطهر من الشح ..فقد سلك في تربيتها جانبا آخر هاما لا يمكن إغفاله ، فأوضح أن الجهاد بالمال ليس بالأمر الاختياري أو الثانوي ..يستطيع الإنسان أن يتجاوزه أو يحيد عنه متى شاء ..و إنما هو سلوك إسلامي أصيل يبلغ درجة الفريضة و الركن أحيانا – كما في الزكاة - ، و يظل فيما سوى الفريضة معلما مميزا من معالم النفس المسلمة ، ودعامة هامة لحياة و سلامة المجتمع المسلم ..فقد روى الطبراني عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بقدر الذي يسع فقراءهم ..ولن يجهد الفقراء إذا جاعوا و عروا إلا بما يصنع أغنياؤهم .. ألا و إن الله يحاسبهم حسابا شديدا ، ويعذبهم عذابا أليما )..فلن ينجو الأغنياء بأموالهم طالما هناك فقراء يجوعون ويعرون..

و كذلك روى البخاري عن أبي سعيد الخدري قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى ، فمر على النساء فقال : ( يا معشر النساء تصدقن ، فإني أريتكن أكثر أهل النار !! فقلن : ويم يا رسول الله؟ قال : تكثرن اللعن ، وتكفرن العشير ) .. وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قالرسول الله صلى الله عليه وسلم :( ما من صاحب ذهب و لا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار ، فأحمي عليها في نار جهنم ، فيكوى بها جنبه و جبينه وظهره ..كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله : إما إلى الجنة ، و إما إلى النار ) قيل : يا رسول الله فالإبل ؟
قال : ( ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها – ومن حقها : حلبها يوم وردها- إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرر ( أي : جعلت في أرض مستوية ملساء) أوفر ما كانت ، لا يفقد منها فصيلا واحدا ..تطؤه بأخفافها ( أي : تدوسه )، وتعضه بأفواهها ..كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها ..في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين العباد ، فيرى سبيله : أما إلى الجنة ، و إما إلى النار ) ..قيل : يا رسول الله ، فالبقر والغنم ؟
قال : ) ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر ، لا يفقد منها شيئا .. ليس فيها عقصاء ( ملتوية القرن ) ولا جلحاء ( ليس لها قرن ) و لا عضباء ( مكسوة القرن ).. تنطحه بقرونها ، وتطؤه بأظلافها ، كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها ..في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد ، فيرى سبيله : إما إلى الجنة ، و إما إلى النار ) قيل : يارسول الله ، فالخيل؟
قال: ( الخيل ثلاثة : هي لرجل وزر ، وهي لرجل ستر ، وهي لرجل أجر ، فأما التي هي له وزر فرجل ربطها رياء و فخرا و نواء ( أي : عداء ) لأهل الإسلام ، فهي له وزر ..و أما التي هي له ستر فرجل ربطها في سبيل الله ، ثم لم ينس حق الله في ظهورها و لا رقابها ، فهي له ستر ..و أما التي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله لأهل الإسلام في مرج وروضة ، فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شيء إلا كتب له عدد ما أكلت حسنات ، وكتب له عدد أرواثها و أبواهل ( فضلاتها ) حسنات ، ولا تقطع طولها ( وهو الحبل التي تقاد منه ) فاستنت ( جرت بقوة ) شرفا أو شرفين ( الشرف : قرابة الميل ) إلا كتب له عدد آثارها و أرواثها حسنات ، ولا مر بها صاحبها على نهر ، فشربت منه ، و لا يريد أن يسقيها ..إلا كتب الله تعالى له عدد ما شربت حسنات ) قيل : يا رسول الله : فالحمر ؟

قال : ( ما أنزل علي في الحمر شيء إلا هذه الآية الفذة الجامعة : (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) الزلزلة .

بل انظر إلى هذا التحذير الرهيب في الحديث الذي رواه مسلم عن الأحنف بن قيس قال : كنت في نفر من قريش ، فمر أبو ذر الغفاري وهو يقول : بشر الكانزين بكي في ظهورهم ..يخرج من جنوبهم ، و بكي من قبل قفاهم ..يخرج من جباههم ..قال : ثم تنحىفقعد ..قال : قلت من هذا؟ قالوا : أبو ذر ..قال : فقمت إليه ، فقلت : ما شيء سمعتك تقول قبيل ؟( أي : قبل قليل ) قال : ما قلت إلا شيئا قد سمعته من نبيهم صلى الله عليه وسلم .قال : قلت : ما تقول في هذا العطاء؟ قال : خذه فإن فيه اليوم معونة ..فإذا كان ثمنا لدينك فدعه ) بهذا المنظار إذن – كان الصحابة – رضوان الله عليهم أجمعين – ينظرون إلى المال : إما أن يكون عونا على الحياة و مطالبها ، و إلا فهو في سبيل الله .. لأنه لو عزل عن المحتاجين إليه وقت حاجتهم ، واكتنزه صاحبه دونهم ، فالعاقبة وخيمة جدا كما رأينا ..نسأل الله السلامة من الشح وعواقبه.

وليس عقاب الشح خاصا بصاحبه فقط ..بل إن شؤمه يعم الأمة جميعا ..ألم تر إلى ذلك التحذير النبوي الذي يذكر سوء الجزاء الذي ينتظر المجتمعات التي لا تؤدي حق الله في أموالها..
روى ابن ماجة و البزار والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يا معشر المهاجرين ، خصال خمس إن ابتليتم بهن ونزلن بكم أعوذ بالله أن تدركوهن ..) وذكر منها : ( ولك يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ، ولولا البهائم لم يمطروا !!) ..فقيمة المجتمع الذي يبخل أبناؤه بما في أيديهم ، أقل من البهائم !! ولا يستحقون فضل الله لولا البهائم التي تحيا إلى جوارهم على فطرة الله لا تتعداها


عاشرا : ليست النائحة كالثكلى
=====================


إخواني في الله ..حدثتكم عن تسع محفزات ربانية على الجهاد بأموالكم في سبيل الله ..و لكن خبروني بالله عليكم ، إذا لم توجد كل تلك المحفزات .. أفلا يكفيكم حال إخوانكم في فلسطين؟؟
ألا يؤرقكم عراء أجسادهم و خواء بطونهم؟
ألا تهتز نفوسكم لأسر فقدت عائلها ..وشباب فقدوا بعض أطرافهم؟؟
أفلا تروعكم بيوت هدمت ، وشرد ساكنوها؟؟ ..ومزارع خربت ، وضاق الحال بمزارعيها؟
إخواني في الله ..نحن لا نتحدث عن باب نظري من أبواب الشرع ، نكتفي فيه بالمعلومات الجافة و المتون المحفوظة ..بل نحن نلمس واقعا مريرا ، يكتوي به إخواننا في فلسطين- وفي غير فلسطين- صباح مساء
أنا لا أدعوكم لإنقاذ قوم بائسين في طرف بعيد من العالم لا صلة لكم به ..بل أنتم تدعون للجهاد بأموالكم دفاعا عن أعراض إخوانكم في فلسطين- وفي سائر ديار الإسلام الجريحة-وواقعية المأساة و إحاحها على مشاعرنا يوميا لابد أن يكون حافزا لسخاء الأيدي ، ومن قبله سخاء القلوب
وواقعية المأساة – بل المآسي – هي المحفز العاشر للجهاد بالمال ..فتلك عشرة كاملة

كانت هذه بعض أساليب القرآن المعجزة في علاج شح الأنفس ، والتحفيز على مسألة شاقة على النفس ، وهي مسألة إخراج المال في سبيل الله ، و أنا أعتقد أن الإنسان إذا علم كل ما سبق فقد ينقلب حبه للمال إلى كراهية ، ولا يصبح المال حينئذ مدعاة للسرور ..كما روى البخاري عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما أحب أن لي مثل أحد ذهبا .. أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير ) أي : لقضاء حوائجه ، و أداء دينه ، ونفقة عياله

و إنفاق المال بعد هذا التحفيز هوز مرحلة من مراحل الإيمان ، ودرجة من درجات الرقي إلى الله عز وجل ..وفوق هذه الدرجة درجات عليا ..يبلغها من ارتقى من مرحلة أن يدعى إلى الإنفاق .. إلى مرحلة أن يرغب في الإنفاق و يبحث عن مواطنه ، ويتمنى أن لو يسر له سبيل يجود فيه بما في يديه ، طمعا في ما عند الله عز وجل ..وعن هذه الدرجة العليا تتحدث السطور القادمة

يتبع


همسات في الأذن

و أخيرا
أخي المتبرع لفلسطين ..المشتاق إلي لجهاد والجنة .. أخي المنفق في سبيل الله..
اجعل التبرع لفلسطين قضية ثابتة في حياتك ..عملا رئيسيا تعيشه كل يوم ..اقتطع نسبة ثابتة من دخلك الشهري أو اليومي أو الموسمي ..لا تنتظر حتى يتراكم المال ، فيصعب عليك الأمر ..بل انفق أولا بأول تهزم نفسك والشيطان.

أخي المنفق في سبيل الله

لا تكتف بتبرعك وحدك ..حفز الآخرين على التبرع ، فإن من سن سنة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة .. اكفل أسرة فلسطينية كل شهر.. فإن لم تكن لك طاقة بمفردك ..جمع من الآخرين و حفزهم .. و الأجر بينكم.

أخي المنفق في سبيل الله

رب أولادك على الاهتمام بفلسطين و بقضايا العالم الإسلامي كله ، فمن لم يهتم بأمر الملسمين فليس منهم .. إذا جاءك ولدك الصغير بجنيه لفلسطين فلا ترده ، ودرب نفوسهم على العطاء ، واشرح لهم بأسلوب مبسط حال أطفال فلسطين.

أخي المنفق في سبيل الله

اجعل يوما في الأسبوع لفلسطين ..تأكل فيه طعاما بسيطا .. والفت أنظار الزوجة والأولاد إلى أن طعام هذا اليوم سيذهب إلى فلسطين ..وليست القضية في ثمن الأكلة الواحدة ، ولكنها تربية على أن يشعر المؤمن بهموم إخوته

أخي المنفق في سبيل الله

إذا مرضت أو مرض أحد أحبابك ..فتصدق لفلسطين ، فقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم : ( داووا مرضاكم بالصدقة ).

أخي المنفق في سبيل الله

زكاتك جائزة على أهل فلاسطين ..بل هي محمودة ، ففيهم الفقير والمسكين ، وفيهم الغارم ، وفيهم المجاهد في سبيل الله ..اجمع زكاتك و زكاة من تعرف ، وساهم في فلسطين

أخي المنفق في سبيل الله

لا تمن بأعطيتك ، ولا تعتقد أن هذا فضل منك عليهم ..بل اعلم أن عطاءك فضل من الله عليك ، وكرم من الله إليك ، ورحمة من الله بك..
سألت رجلا من الأثرياء أن يتذكر أهل فلسطين بشيء من ماله ، فشمخ بأنفه ، ورفع هامته ، و أخرج محفظته ، وعبث فيها قليلا بأصابعه ، ثم أخرج في النهاية من ثناياها مبلغا زهيدا ، ثم قال بشك و ريبة : وهل سوف تصل هذه الأموال إلى فلسطين؟ يا أخي اعلم أن الله إن لم يرزقهم عن طريقك فسيرزقهم عن طريق غيرك .. و تضيع عليك أنت الفرصة ، واعلم أنك إن أخرجت المال في سبيل الله فهو لك أجر وصدقة .. و إن لم تخرجه و لم يكن من نصيبك فسوف يخرج لشيء آخر ، ويضيع عليك الأجر و الصدقة..
يا ابن آدم ..لا تظن أن رزقك سيزيد باكتنازك ..رزقك مكتوب بتمامه و أنت في بطن أمك


أخي المنفق في سبيل الله

لا تراء ..فإن الأعمال بالنيات ، وأخلص النية لله ، وجددها دائما ، ولا تجعل مع الله شريكا فيها ..يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65)الزمر


أخي المنفق في سبيل الله

لا تسوف ، فإن لله عملا بالنهارر لا يقبله بالليل ، وعملا بالليل لا يقبله بالنهار ..بادر فور دخول الفكرة إلى قلبك ، فالأنفاس معدودة ، والساعة آتية لا ريب فيها ..و احذر من سنة الاستبدال ، فإن لله أعمالا لابد أن تقضى ..بك أو بغيرك !! (هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)محمد

وختاما

أخي و حبيبي .. و رفيقي في طريق الله

يا من يباهي بك الله ملائكته ..لعملك وقلبك ..لا لصورتك و جسمك.
يا من تثق بالله ربا ، و بالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.
يا من تثق في وعد الله ..ووعد الله لا يتبدل ولا يتغير .
ألا تشتاق إلى جهاد و شهادة؟
إن كنت لا تستطيعه .. ألا تريد أن تجهز غازيا أو تخلفه في أهله؟
ألا تشتاق إلى أن تكفل يتيما فترسم على وجهه بسمة ، وتحشر إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم قريبا منه قرب السبابة من الوسطى؟؟
ألا تشتاق إلى جنة عرضها السماوات و الأرض .. أعدت للمتقين ..الذين ينفقون في السراء و الضراء؟؟

أخي وحبيبي

إن كنت غنيا فهذا شكر النعمة ، و إن كنت فقيرا فرب درهم سبق ألف درهم .. واعلم يا أخي أن الله قسم الأعمال بين عباده ، وكان نصيبك النصيب الأيسر ، فعلى إخوانك في فلسطين أن يدفعوا أرواحهم ، وعليك أنت في بيتك الآمن أن تدفع مالك ! فارض بما قسم الله لك من العمل يرفع عنك من البلاء ما لا تطيق..

أخي وحبيبي

كم هو قصير هذا العمر ، و أخشى عليك من ليلة ليس لها صباح ..يجيء فيها الموت بغتة كعادته .فتقول : (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)المؤمنون .. أخشى عليك من لحظة تقول فيها : (رب أرجعون *لعلي أعمل صالحا فيما تركت ) ..ها أنت و كأنك رجعت ..فاعمل ليوم لارجعة فيه..

أخي و حبيبي و رفيقي في طريق الله .. أتركك الآن ..وموعدنا الجنة إن شاء الله

فستذكرون ما أقول لكم ، و أفوض أمري إلى الله ، إن الله بصير بالعباد .. أقول قولي هذا و أستغفر الله لي ولكم ..والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تم بعون الله تبارك وتعالى
====================================


تعقيب : الأخوة و الأخوات أتمنى من الله أن تقوموا بقراءة هذا الكتيب الصغير بعد رمضان بإذن الله تعالى ، علما بأنني سأقوم بإرساله إلى المجموعة في صورة ملف word
و أتمنى من الله أن نقوم جميعا بالتعليق على ما أحدثه في صدورنا من حب لله تعالى وطلب للجهاد ولو بالقليل القليل.
أم البنين


التوقيع :


قال الله تعالى (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)
وقال الله تعالى (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ)







رد مع اقتباس
قديم 10-04-2007, 01:29 PM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

أفاق الفكر

مراقب

مراقب

أفاق الفكر غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








أفاق الفكر غير متواجد حالياً


مشاركة: من يشتري الجنة؟ الدكتور : راغب السرجاني

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


مشكوره اختنا الكريمه مريم موضوع اكثر من رائع نفع الله بكم ثبت وننتظر التالي


التوقيع :




لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم








رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:49 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir