آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 12623 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 7384 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 13270 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 14647 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 48776 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 43838 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 36047 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 20856 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 21123 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 27062 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-17-2011, 02:51 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

admin

إداري

admin غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








admin غير متواجد حالياً


تشاد Chad


تشاد Chad


Cant See Images
تشاد Chad بلد إفريقي يُعرف رسمياً بجمهورية تشاد، وهي دولة حبيسة لا منفذ لها على البحار، تُقدر مساحتها بنحو 1284000كم2، تحدها ليبية من الشمال، والسودان من الشرق، وجمهورية إفريقية الوسطى من الجنوب، ودول الكميرون ونيجيرية والنيجر من الغرب. عاصمتها نجامينة (فورلامي سابقاً). وهي خامسة دول إفريقية مساحة، وتقع في شمالي وسط إفريقية بين خطي العرض 7درجات و30دقيقة و22درجة و34دقيقة شمالاً، وخطي الطول 13درجة و37دقيقة و24درجة غرباً، وكانت جزءاً من إفريقية الاستوائية الفرنسية.


التضاريس

Cant See Images
سطح الأرض التشادية انعكاس للوحدات البنائية (التكتونية) المكونة للجزء الأوسط من إفريقية، الذي يتألف من حوض داخلي ضخم يشغل المقعر (السانكلياني) التشادي، ومن أجزاء الركائز القديمة التابعة للصفيحة الإفريقية المحيطة بالحوض من جهات الشمال والشرق والجنوب إضافة إلى ركائز النيجر الواقعة في الغرب خارج حدود جمهورية تشاد. وتبعاً لذلك تنتشر في تشاد صخور تعود إلى حقبة ما قبل الكامبري إضافة إلى الصخور الاندفاعية والصخور الرسوبية من الحقب الثاني الجيولوجي في شمالي البلاد وشرقيها. أما الصخور الأوسع انتشاراً فهي العائدة إلى الحقب الرابع الجيولوجي، وأغلبها من الرمال المغشية للأراضي التشادية الداخلية والغربية وحوض نهر شاري وبحيرة تشاد.
Cant See Images
تتألف أرض تشاد في معظمها من مناطق صحراوية واسعة مغلقة تحيط بها المرتفعات من جميع الجهات تقريباً. ويحتل منخفض جوراب Djourab الواقع على ارتفاع 172م فوق سطح البحر أوطأ أجزاء حوض تشاد، كما يشغل منخفض بحيرة تشاد الواقع على ارتفاع 281م فوق سطح البحر، الأجزاء الغربية والجنوبية الغربية من البلاد. أما الجبال المحيطة بحوض تشاد الكبير، فهي كتلة جبال تيبستي[ر] التي ترتفع إلى أكثر من 3000م (3415م في قمة إيمي كوسي) في الشمال، ومرتفعات الصخور الرملية لهضبة إردي (1116م) Erdi، وهضبة إيندِي (1000-1400م) Ennedi في الشمال الشرقي والشرق حيث تتصل بهضبة ودّاي Waddai المكونة من صخور بلورية صلبة في الشرق، أما في الجنوب فتحيط هضبة أوبانغي (1000م) بالحوض التشادي، وتستمر باتجاه الجنوب الشرقي في جبال أداماوا، ومندَرَة (1500م(، التي يقع معظمها خارج تشاد في أراضي الكاميرون ونيجيرية، ويبقى الهامش الغربي لحوض تشاد سطحاً شبه منبسط في صحراء النيجر الشرقية حيث ترتفع صحراء تينيري Ténéré نحو 400-500م فوق سطح البحر.

وبذلك يكتمل طوق الجبال والمرتفعات حول المنخفض التشادي الذي يقع دون ارتفاع 350م فوق سطح البحر وتسود فيه السطوح المنبسطة المتموجة.

المناخ والمياه

تسود في تشاد الأحوال المناخية المائلة إلى الجفاف المرافقة لدرجات الحرارة العالية الغالبة على وسط البلاد وشماليها، والحارة الرطبة في جنوبيها. ويمتد الفصل البارد نسبياً،الذي تراوح فيه حرارة النهار بين 29و35 درجة مئوية، وحرارة الليل بين 13و16 درجة مئوية، من كانون الأول حتى شباط. أما الفصل الحار فيمتد من آذار حتى كانون الأول، بل حتى كانون الثاني، وتراوح فيه الحرارة نهاراً حول 38 درجة مئوية وليلاً حول 20درجة. وتصل الحرارة المطلقة في تشاد إلى أعلى من 50 درجة في الوسط الغربي، والدنيا المطلقة إلى أقل من الصفر في ليالي الصحراء الشمالية وجبال تيبستي. وبالمقابل تكون أمطار الأنحاء الشمالية قليلة جداً بل نادرة، لا يزيد معدلها السنوي على10-20مم سنوياً، وفي الصحراء الشمالية من2-5مم، تزداد باتجاه الجنوب الرطب، حيث تراوح المعدلات السنوية بين800-1200مم تهطل بين أيار وتشرين الأول.


تتمثل الثروة المائية السطحية لتشاد بمياه نهري شاري ولوغون وروافدهما، ومياه بحيرة تشاد. ويأتي نهر شاري من جمهورية إفريقية الوسطى ويمر في جنوبي تشاد ويصب في بحيرتها بدلتا واسعة، ويبلغ طوله نحو 1200كم. أما نهر لوغون فيدخل البلاد ثم يسير مع الحدود التشادية ـ الكاميرونية حتى يرفد نهر شاري عن يساره، ويبلغ طوله نحو 960كم، وترفد النهرين روافد كثيرة مياهها دائمة. وفي البلاد أودية موسمية الجريان تجف مياهها في فصل الجفاف، وتنتهي مياهها في أحواض محلية مغلقة يجف ماء أغلبها، والبحيرة الوحيدة الدائمة هي بحيرة تشاد التي تتذبذب مساحتها بحسب ما يردها من مياه الأنهار والسيول ومقدار ما يتبخر من مائها بين سنة وأخرى، وهي وريثة بحيرة كبيرة جداً كانت تمتد حتى هضبة إيندي في مطلع الحقب الجيولوجي الرابع تعرضت للجفاف، ويكثر النطرون حول البحيرة حيث يُستثمر ويُصدر.

أما ترب تشاد فهي طينية بحيرية ولحقية نهرية في نطاق البحيرة الرباعية والمنخفضات والأودية، وهي ترب مدارية حمراء حديدية المحتوى في منطقة مداي، وعدا ذلك فالغالب أنها رمال وترب رملية، والجبال عارية من التربة. ويرتبط الغطاء النباتي بالمناخ والتربة، فتنتشر شجيرات وأعشاب السافانا الطويلة والأشجار النفضية المبعثرة في الجنوب المداري الرطب، وإلى الشمال منه تظهر السافانا المتداخلة مع شجيرات شوكية وسهبية واسعة، تليها باتجاه الشمال أعشاب الكثبان الرملية في الصحراء الحارة حيث تندر واحات النخيل. وتعيش في تشاد الحيوانات البرية في السافانا ومستنقعات الجنوب مثل الفيل وفرس النهر والكركدن والزرافة والخنزير البري والوعل الكبير والأسد والفهد والقردة، وأنواع كثيرة من الطيور والزواحف وغيرها.


السكان

استوطن الإنسان الأراضي التشادية منذ زمن طويل، ويبدو أن بدايات الاستيطان فيها ترجع إلى عصر البلايستوسين المبكر أو الأوسط (500.000-200.000 سنة خلت)، وقد استمر إعمار المنطقة حتى اليوم، إذ يُرجح أن قوم «الكوتوبا» Kotoba من صيادي الأسماك في حوض بحيرة تشاد اليوم هم أحفاد «الساو» أصحاب حضارة تشادية قديمة.

يتألف سكان تشاد من عدد كبير من المجموعات الإثنية ومن اللغات واللهجات والأديان، نتيجة قدم إعمار المنطقة، وبسبب موقعها الجغرافي المتوسط جسراً بين الصحراء وعالم البحر المتوسط في الشمال، وبلدان الغابات المدارية ـ الاستوائية في الجنوب. وعلى تعقيد التركيب العرقي ـ الإثني الذي يضم نحو 200فئة إثنية، يمكن تصنيفها في ثلاث مجموعات هي:

1ـ مجموعة السارا Sara: وموطنها الجنوب المداري الرطب في حوضي الشاري واللوغون وجنوب البحيرة. وتفرعات السارا القبلية كثيرة يتكلمون لغات سودانية وسطى تنتمي إلى العائلة اللغوية النيلية ـ الصحراوية، وهم من العنصر الزنجي تنتشر بينهم عادة تعدد الزوجات. ومن جيرانهم قبائل اللاكا، والمبوم، والغولا Gula، والتوماك، والتانغال Tangale.

2ـ مجموعة قبائل النطاق المداري شبه الجاف: وتضم أقواماً كثيرة من أصول مختلفة محلية إفريقية ووافدة، منهم قبائل الباما Bama من الباغِرمي Bagirmi مؤسسي مملكة باغرمي، وكذلك قبائل الكانوري والفولاني والحوصّه والعرب. وتنتمي إلى هذه المجموعة قبائل الكاتوكو واليدينا (أو البودوما) والكوري والكانمبو (من أصول عربية) واللازا والكريدا، والعرب الرحل الذين تتزايد أعدادهم باتجاه الشمال والشمال الشرقي في منطقتي وداي وكانم، وأغلبهم من أصول ليبية. ومن أقوام هذه المجموعة قبائل البولالا والكوكا والميدوغو من السكان المستقرين، وكذلك المابا والتاما وغيرهما.

3ـ مجموعة التوبو ـ الدازا: وموطنها جبال تيبستي وهضاب إيندي ـ بوركو في شمالي تشاد وشمال شرقيها، وأفرادها من أصول نيلية ـ سوداء، وتؤلف نحو 2٪ من مجموع سكان البلاد.

يتكلم التشاديون أكثر من 100 لغة ولهجة يصنفها اللغويون في 12مجموعة، إضافة إلى اللغة الفرنسية واللغة العربية، وهما اللغتان الرسميتان في البلاد. ويرتبط الكلام بالعربية وبلهجاتها الكثيرة بانتشار الإسلام بين السكان. وتبث الإذاعة التشادية ووسائل الإعلام الأخرى برامجها باللغات الفرنسية والعربية والسارا، وتُعرف العربية التشادية بـ «توركو».

يدين غالبية السكان بالإسلام المنتشر في الشمال والوسط، في حين تنتشر ديانات ومعتقدات وثنية تقليدية في الجنوب، إضافة إلى النصرانية التي انتشرت بين الوثنيين، وهم كاثوليك لهم أسقفية في نجامينة العاصمة.

يُقدر عدد سكان تشاد بنحو 7.153.000 نسمة (1997) أي إن الكثافة السكانية هي 6ن/كم2 تقريباً. تصل نسبة السكان العرب والمستعربين منهم (مثل الكانمبو والبولالا والداجو وغيرهم) إلى 53٪ تقريباً من مجموع التشاديين، يليهم السارا بنسبة 30٪ فالتوبو 2٪، والباقي أقوام مختلفة. وتتفاوت الكثافة السكانية تفاوتاً صارخاً بين الشمال الذي تقل الكثافة فيه عن 1ن/كم2، والجنوب الذي تزيد فيه على 25ن/كم2. ويُقدر معدل النمو السكاني في تشاد بنحو 25بالألف، علماً أن معدل المواليد هو 42بالألف والوفيات 17بالألف، ونسبة الذين أعمارهم أقل من 15سنة هي 43٪، فالشعب التشادي فتي جداً، مما يزيد في حدة أزمة تقديم الخدمات لهذه المجموعة العمرية غير المنتجة. أما متوسط الأعمار المتوقع فهو متدنٍ وبحدود 48سنة.
Cant See Images
Cant See Images
معظم سكان تشاد ريفيون وبدو رحل، ولا يشكل الحضريون سوى 23٪ من السكان يعيشون في خمس مدن مهمة هي العاصمة نجامينة[ر] (550000نسمة لعام 1997)، ثم موندو (285000 نسمة) Mondou، ومدينة سرح أو سارة (200000نسمة) Sarh، وهي مركز صناعي وتجاري وعقدة مواصلات مهمة. ومدينة بونغور (197000نسمة)، ثم مدينة أبيشيه (190000نسمة) شرقي البلاد وهي غنية بمساجدها ومدارسها الإسلامية الدينية وتُخرّج فقهاء ودعاة للدين، وفيها آثار سلاطين مملكة ودّاي الإسلامية ومعالمهم وأضرحتهم، تقع في بيئة رعوية تربي الأبقار، وفيها بعض الصناعات القائمة على وبر الجمال، وصناعات صغيرة أخرى.

ويغلب على مساكن الريفيين النماذج الدائرية أو الأكواخ ذات السقف المخروطي، مبنية من الطين وبعض الحجارة والقش والأخشاب للسقوف. وفي البقاع الصحراوية تبنى من الطين والأخشاب أو من القصب متناسبة مع فصل جفاف طويل ودرجات حرارة عالية ورطوبة متدنية مع سطوع شديد، في قرى صغيرة يراوح عدد سكانها بين 100-300نسمة، ينتمون إلى فئة إثنية ـ قبلية واحدة عادة.

نظام الحكم

نظام الحكم جمهوري رئاسي منذ استقلال تشاد عام 1960، وتسير على هدي دستور خضع لتغييرات وتعديلات كثيرة آخرها في عام 1996. وتتألف الحكومة والسلطات من البرلمان المؤلف من المجلس الوطني وعدد أعضائه 125 عضواً يُنتخبون كل أربع سنوات، ومجلس للشيوخ يُنتخب أعضاؤه كل ست سنوات، ويُنتخب رئيس الجمهورية مباشرة مدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وكانت تشاد يَحكمُها حزب واحد بين 1962-1975 حين منعت أحزاب المعارضة، واليوم تعددت فيها الأحزاب وأهمها حزب الحركة الوطنية من أجل الإنقاذ الذي فاز بـ 55مقعداً، وحزب الاتحاد من أجل التجديد والديمقراطية وفاز بـ31مقعداً في البرلمان، إضافة إلى أحزاب أخرى فازت في انتخابات عام 1997.

الأوضاع الاقتصادية

Cant See Images
تشاد واحدة من أفقر دول العالم، وهي على افتقارها إلى الموارد الطبيعية ومصادر الثروة، تعيش منذ خمسة عقود أزمات سياسية وحروباً أهلية مدمرة إضافة إلى موجات الجفاف المتكررة التي تمر بها، مما ينعكس سلباً على اقتصادها الضعيف أصلاً، ويقوم الاقتصاد التشادي على مبدأ السوق الحر وغلبة القطاع الخاص، مع تطبيق الخطط الخمسية منذ عام 1966، ويحتل قطاع الزراعة وتربية الحيوان الموقع الأول في اقتصاد تشاد.



الزراعة

Cant See Images
تسهم الزراعة بـ 40٪ من الناتج الإجمالي لتشاد، ويعمل فيها 85٪ من العاملين لعام 1999، وتشمل هذه النسبة قطاع الزراعة وتربية الحيوان وصيد السمك. وتقدر نسبة الأراضي الصالحة للزراعة 20٪من مساحة البلاد، لا يُزرع منها سوى سبعة ملايين هكتار فقط (5.4٪ من المساحة).

يتركز انتشار الأراضي الزراعية في الجنوب التشادي، حيث تمارس الزراعات الكثيفة في السهل الفيضي اللحقي لوادي نهر اللوغون، وفي حوض بحيرة تشاد وحولها، وكذلك في جزر زراعية متباعدة ومبعثرة في واحات الشمال.

يتصدر القطن قائمة المزروعات التشادية وقائمة المحاصيل التجارية المصدرة، إذ تُقدر نسبة إسهام القطن في قيمة صادرات تشاد بنحو 70-75٪، ويُدر عليها أكبر الأرباح. وتحتل المحاصيل الغذائية المرتبة الثانية بعد القطن وأهمها الذرة، والدخن (يعرف في الشمال بـ: القصب)، والفستق (الفول) السوداني، والأرز، والمنيهوت والقمح والسمسم.

أما القطاع الثاني بعد الزراعة، فهو قطاع تربية الحيوانات التي تُسهم بنحو 18٪ من الناتج الإجمالي للبلاد، ويعد قطيع حيواناتها واحداً من أكبر القطعان في إفريقية. كما أن قيمة صادرات تشاد من الحيوانات ومنتجاتها تحتل المكان الثاني بعد القطن، ويُشكل البقر أكثر من نصف قطيع حيوانات تشاد المؤلف من نحو 11مليون رأس من البقر فالغنم والخيول والحمير والجمال.

وتُعد بحيرة تشاد والأنهار الصابة فيها من أغنى البقاع الإفريقية بأسماك المياه العذبة، ويُقدر ما يُصاد منها بنحو 115-150ألف طن سنوياً، يُستهلك نصفها محلياً، ويُصدر الباقي إلى نيجيرية والكاميرون. أما غابات تشاد التي تغطي نحو 9٪ من مساحتها فتقدم نحو 3-4 ملايين م3 من الأخشاب إضافة إلى بضع مئات الأطنان من الصمغ العربي.

الصناعة

تشاد بلد زراعي بالدرجة الأولى، لم يتوسع في ميدان التصنيع بعد، إذ لا تزيد نسبة إسهام القطاع الصناعي في الناتج الإجمالي على 14٪، والعاملون فيه بحدود 6٪ من القوى العاملة، وهي فقيرة بالثروات الطبيعية، والموجود منها غير مستثمر إلا بقدر محدود لا يسمح بإقامة مشروعات صناعية حديثة. كذلك تفتقر إلى مصادر الطاقة، إذ لا تنتج سوى الكهرباء المولدة من الطاقة الحرارية والوقود المستورد. ومن الثروات الواعدة يحتل النفط المكان الأول يليه الأورانيوم والنطرون (كربونات الصوديوم) والكاولان، وبعض الذهب والولفراميت والبوكسيت، ولا يُستخرج منها عملياً سوى النطرون في منطقة بحيرة تشاد وبوركو. أما النفط فقد بدأ تجمع شركات نفط كونتينتال أويل، وشل، وشيفرون، وإكسكون البحث عنه عام 1969، واكتُشف بكميات اقتصادية في منطقة بحيرة تشاد وحقل دوبا.

أما الصناعات القائمة فهي، إضافة إلى الصناعات التقليدية اليدوية المحدودة الإنتاج، صناعات حديثة تقتصر على صناعة حلج القطن في أكثر من 25 وحدة موزعة في مناطق إنتاج القطن في حوضي اللوغون والشاري، تليها صناعة حفظ اللحوم وذبح المواشي في مسالخ حديثة مزودة ببرادات فنية كما في فارشا بالقرب من نجامينة وفي مدينة سارة (سرح)، ثم صناعة طحن الحبوب وتحضير الأرز، وصناعات أخرى متفرقة تعتمد على مواد مستوردة، خلافاً للصناعات الرئيسية التي قامت على تصنيع المواد الأولية الزراعية المحلية.

التجارة والمواصلات

التجارة الخارجية لتشاد محدودة وحجمها متواضع، ويقتصر تعاملها مع فرنسة والكميرون ونيجيرية والولايات المتحدة بالدرجة الأولى، وميزانها التجاري خاسر منذ استقلال البلاد، إذ بلغت قيمة صادراتها 288مليون دولار ووارداتها بقيمة 359مليون دولار عام 1999، ويتصدر القطن قائمة الصادرات بنسبة تزيد على 66٪ من قيمة الصادرات، تليها اللحوم ومنتجات الحيوانات وبعض المنتجات الزراعية والسمك والصمغ العربي، وتستورد السلع المصنعة والآلات والمحروقات ووسائل المواصلات والسكر والحبوب ومواد غذائية مختلفة أخرى.

تقتصر شبكة المواصلات في تشاد على شبكة الطرقات البرية للسيارات فقط، (إذ لا تمتلك سككاً حديدية)، وعلى شبكة مواصلات نهرية وجوية. وأغلب الطرقات البرية البالغ طولها أكثر من 30000كم غير معبدة وغير صالحة للسير في موسم الأمطار، أما المعبّد منها فلا يزيد على 13ألف كم، منها أربع طرقات تربطها بالدول المجاورة وتنتهي في موانئ الأطلسي. وتوفر الأنهار وسيلة مواصلات رخيصة في جنوبي تشاد، والمجرى الوحيد الصالح للملاحة على مدار السنة هو مجرى نهر الشاري بين نجامينة وبحيرة تشاد. وتمتلك تشاد شركة طيران وطنية متواضعة تؤمن النقل والسفر بين العاصمة وعدد من المدن برحلات منتظمة، وفي البلاد نحو 67 مهبط طائرات، أربعة منها مجهزة لاستقبال الطائرات الكبيرة، أهمها مطار العاصمة الدولي.


التاريخ

يدعو التشاديون بلدهم ببلاد الرافدين الإفريقية حيث عُثر عام 1960 في المنطقة الواقعة بين نهري شاري ولوغون على بقايا الإنسان الأول المعروف بإنسان أوسترالوبيتسن تشاد Chad australopithecine مع أسنان فيل منقرض قدر عمرها بالبلاستوسين المبكر أو الأوسط في منطقة كوروتورو في جنوب شرقي البلاد، إضافة إلى انتشار الإنسان القديم ومواقعه في العصور الحجرية في حوض تشاد ومحيطه حتى وادي النيل في الشرق، كما ذكر هيرودوت الزنوج سكان مغارات جنوب فزان، وقد أغنت دراسة الرسوم الصخرية في شمالي تشاد والأدلة الشاهدة على استمرار الاستيطان منذ القدم، إذ أكد تحليل هذه الرسوم المحفورة على صفحات الصخور أنها ترجع إلى زمن سيادة مناخ مناسب لعيش الحيوانات مثل الفيل والكركدن في أجزاء من الصحراء الكبرى إضافة إلى الزرافة والظبي الضخم وغيره من حيوانات تعيش اليوم في جنوبي تشاد، رسمها الإنسان على الصخور بدقة متناهية، وتُظهر هذه الرسوم مرحلتين تاريخيتين للاستيطان، مرحلة قديمة تمثل رسومها الحيوانات المذكورة وتعود إلى القرن الخامس ـ الرابع ق.م، ومرحلة تالية أحدث، تمثلها رسوم الأبقار والثيران متداخلة مع الرسوم القديمة، وفي الحالتين رُسم الإنسان صياداً كما في وادي غونووا في جبال تيبستي. كذلك عُثر في تشاد على أشكال من الطين المحروق تعود إلى البرونز المبكر قبل نحو 3000ق.م.

تعرض السكان الزنوج الأوائل إلى تسربات إثنية قادمة من الشمال حملت معها خصائص العناصر البيضاء والمستعربة من فزان وجنوبي ليبية، ومن الشرق من حوض النيل ودارفور، وبلغت هذه التأثيرات الإثنية أوجها بوصول الهجرات العربية ـ الإسلامية (بنو سليم) إلى شمالي إفريقية، ثم بعد القرن الرابع عشر الميلادي. ويعد أفراد قبيلة الكوتوكو في حوض بحيرة تشاد اليوم الذي كان معموراً منذ 500ق.م، أحفاد شعب الساو الزنجي القديم الذي أقام هو وأقوام أخرى حضارة دامت قروناً قرب البحيرة حتى قضت عليها ممالك القرون الوسطى.

قامت على أرض تشاد وإقليم السودان الأوسط عدة ممالك أسسها وافدون أمازيغ (بربر) قادمون من الصحراء الكبرى، دخلوها في زحفهم جنوباً بحثاً عن المرعى والماء، وقد اصطدم هؤلاء بالمزارعين الزنوج، وتمكنوا من السيطرة على الأقوام الأصلية المبعثرة، وتمازج الوافدون والسكان المحليون، وهناك الكثير من الشواهد على هجرات واسعة للأمازيغ (قبل الإسلام) باتجاه السودان الأوسط، حتى القرن الثامن الميلادي. ومن بين الممالك المذكورة برزت مملكة كانم ـ بورنو المحلية، التي بلغت أوج قوتها أواخر القرن السادس عشر الميلادي، ويرجع بقاؤها مسيطرة ومزدهرة إلى تحكّمها بالمعابر الجنوبية لطرق التجارة والقوافل العابرة للصحراء الكبرى إلى سواحل البحر المتوسط. كذلك قامت في المنطقة مملكتا كانم وباغرمي اللتان عاشتا حتى بدايات القرن السابع عشر الميلادي، وفي القرن الثامن عشر استطاعت سلالة ودّاي التشادية التي كانت خاضعة لنفوذ دارفور التخلص منه، وقامت بتوسيع مناطق سيطرتها باحتلال الأجزاء الشرقية من مملكة كانم. وكانت تجارة العبيد من أهم مصادر ثروة هذه الممالك الإسلامية التي عاشت صراعات دموية وحروب أدت إلى انهيارها في القرن التاسع عشر ثم سقوطها بيد الزعيم السوداني رابح الزبير بين عامي 1883-1893، وفي هذه الأثناء كان اقتسام إفريقية بين المستعمرين الأوربيين يدخل مراحله المتقدمة، واستطاعت إسقاط حكم رابح عام 1900، وأعادت القوات الفرنسية سلالة كانمبو الحاكمة التقليدية في تشاد إلى السلطة، وأُدخلت البلاد في اتحاد إفريقية الاستوائية الفرنسية عام 1910، لكن الاحتلال الفرنسي الكامل لتشاد تأخر حتى عام 1914، وتحولت إلى مستعمرة فرنسية منذ عام 1920، ثم مقاطعة ماوراء البحار عام 1946، وفي عام 1959حُلّ الاتحاد المذكور، ومُنحت تشاد حكماً ذاتياً في مجموعة دول الكتلة الفرنسية، ثم استقلالاً ناجزاً عام 1960، وأصبحت جمهورية رئيسها فرانسوا طومبلباي. وفي عام 1965، قامت ثورة ضد النظام القائم بقيادة جبهة التحرير الوطنية التشادية والجبهة الوطنية التشادية.

كان هدف الجبهتين ومؤيديهما إطاحة الحكومة القائمة وإنهاء دور بقايا النفوذ الفرنسي وطرد الخبراء العسكريين الإسرائيليين من الجيش التشادي والتقارب مع الدول العربية في شمالي إفريقية والسودان. وعلى الرغم من مساعدة القوات العسكرية الفرنسية لقوات الحكومة التشادية، لم يتمكن التحالف الفرنسي التشادي من التغلب على الثوار الذين تمكنوا من مواجهة التحالف في جبال تيبستي وشمالي البلاد، فاندلعت الحرب التشادية الأولى، وأطيح طومبلباي وحكومته في انقلاب عسكري قام به الجنرال فليكس مالوم عام1975. وعلى الجهود التي بذلت في سبيل توسيع قاعدة مؤيدة لحكومة وطنية، منيت تلك الجهود بالإخفاق عام 1979، حين انشق رئيس مجلس الوزراء حسين حبري وانسحب من الحكومة، وقاد القوات الشمالية ضد الجيش التشادي. أعقب ذلك إعلان هدنة وإقامة حكومة وحدة وطنية انتقالية في العام نفسه، لكن الحرب الأهلية عادت فاندلعت عام 1980 وطلب فيها رئيس الجمهورية غوكوني وداي مساعدة القوات المسلحة الليبية لحفظ النظام التي تدخلت بقوة قوامها 7000جندي بقيت في تشاد حتى حلت محلها قوات حفظ السلام التابعة لمنظمة الوحدة الإفريقية عام 1981. ولم تبق هذه القوات طويلاً فغادرتها في العام نفسه، وقام حسين حبري والفصائل الشمالية المسلحة المؤيدة له باحتلال المدن المهمة في شرقي تشاد، كما قام بتشكيل حكومة جديدة برئاسته في تشرين الثاني من عام 1981، لكن غوكوني وداي ألف حكومة معارضة في واحة برداي في تيبيستي بدعم ليبي. وفي عام 1982 احتلت القوات الشمالية العاصمة نجامينة وتشكلت حكومة جمهورية جديدة برئاسة حسين حبري الذي سيطرت قواته على كامل التراب التشادي ماعدا مساحات صغيرة في الشمال بقيت بيد قوات حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية التي شنت هجمات مضادة بمساعدة القوات الليبية، استعادت فيها مساحات إضافية عام 1983 فاستعان حبري بقوات عسكرية فرنسية وزائيرية، وتُوصِّل بعد ذلك (عام 1984) إلى اتفاق يقضي بخروج الفرنسيين والليبيين من تشاد.

استمرت معاناة تشاد بعد عام 1986 حين قامت القوات التشادية والفرنسية والأمريكية بدحر القوات الليبية، واستعادت قوات حبري سيطرتها على شمالي البلاد في مطلع عام 1987، لكن حبري ظل يواجه أزمات وأخطاراً تهدد حكمه، حتى تمكنت قوات إدريس ديبي من حركة الإنقاذ الوطني التشادي من الاستيلاء على مدينة أبيشيه، ففر حبري إلى الكاميرون في العام نفسه (1990).

قام ديبي بتشكيل حكومة مؤقتة برئاسته وتعليق الدستور، على أن يوضع دستور جديد وانتخابات جديدة تمت عام 1991، وصار بموجبها رئيساً رسمياً للبلاد، وقد أحبط محاولتي انقلاب ضده عام 1992، وفاز في انتخابات عام 1996 لمدة رئاسية ثانية، كما استطاع التغلب على حركات ثورية معادية لحكمه في إقليم تيبيستي.

الأوضاع الثقافية

تتصف الحياة الثقافية في تشاد بالتنوع الفلكلوري الشعبي، نتيجة تنوع السكان وكثرة المجموعات الإثنية وموروثها الثقافي في الفنون والآداب (المرويات) والرقص والغناء والرسم وفي العمران والعادات والتقاليد والطقوس الوثنية. وقد شجعت الدولة النشاطات الثقافية ودعمت مؤسساتها، كما اهتمت بالمتحف الوطني لما قبل التاريخ وللأسلحة التقليدية والأدوات الحجرية وغيرها، واهتمت بتشجيع السياحة الثقافية إلى مواقع حضارية في البلاد، مثل أماكن الرسوم الصخرية وغيرها. ويعمل المركز الثقافي التشادي على إحياء التقاليد المحلية والوطنية، لكن ذلك كله مرتبط بتوافر الإمكانات المادية والفكرية المعنوية، ويتأثر بمعاناة البلاد من الحروب والصراعات والمجاعات، إذ إن اهتمامات الدولة والسكان منصرفة أولاً إلى العمل على البقاء وتحسين الأوضاع المعاشية والخدمية للسكان.

Cant See Links

عادل عبد السلام
Cant See Links


رد مع اقتباس
قديم 10-17-2011, 03:07 PM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

admin

إداري

admin غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








admin غير متواجد حالياً


رد: تشاد Chad

صور من ليبيا: حرب تشاد الظالمة
Cant See Images


Cant See Links

متى بدأت الحرب الليبية التشادية ، و ما هي أسبابها ؟!

مصدر انجليزي :
The Chadian–Libyan conflict was a state of sporadic warfare events in Chad between 1978 and 1987 between Libyan and Chadian forces. Libya had been involved in Chad's internal affairs prior to 1978 and before Muammar al-Gaddafi's rise to power in Libya in 1969, beginning with the extension of the Chadian Civil War to northern Chad in 1968.[1] The conflict was marked by a series of four separate Libyan interventions in Chad, taking place in 1978, 1979, 1980–1981 and 1983–1987. In all of these occasions Gaddafi had the support of a number of factions participating in the civil war, while Libya's opponents found the support of the French government, which intervened militarily to save the Chadian government in 1978, 1983 and 1986.
The military pattern of the war delineated itself in 1978, with the Libyans providing armour, artillery and air support and their Chadian allies the infantry, that assumed the bulk of the scouting and fighting.[2] This pattern was radically to change in 1986, towards the end of the war, when all Chadian forces united in opposing the Libyan occupation of northern Chad with a degree of unity that had never been seen before in Chad.[3] This deprived the Libyan forces of their habitual infantry, exactly when they found themselves confronting a mobile army, well provided now with anti-tank and anti-air missiles, thus cancelling the Libyan superiority in fire-power. What followed was the Toyota War, in which the Libyan forces were routed and expelled from Chad, putting an end to the conflict.
Regarding the reasons behind Gaddafi's involvement with Chad, the initial reason stood in his ambition to annex the Aouzou Strip, the northernmost part of Chad that he claimed as part of Libya on the grounds of an unratified treaty of the colonial period.[1] In 1972 his goals became, in the evaluation of the historian Mario Azevedo: The creation of a client state in Libya's "underbelly", an Islamic republic modelled after his jamahiriya, that would maintain close ties with Libya, and secure his control over the Aouzou Strip; expulsion of the French from the region, and use of Chad as a base to expand his influence in Central Africa.[4]‏



مصدر عربى:

كانت ليبيا تحتل شريط اوزو منذ سنة 1973 وبعد ذلك تقدمت واحتلت شمال تشاد في نهاية السبعينيات بغية تامين الحدود الليبية ومساعة الحركة الثورية التشادية (فرولينا ) ضد نظام الرئيس تولمباي . لكن بعد وصول حركة فرولينا الى الحكم في تشاد وقع انقسام خطير داخل الجبهة نتج عنه قتال بين حسين هبري قائد القوات المسلحة الشمالية وكوكني وداي قائد القوات المسلحة الشعبية نتيجة الموقف من وجود القوات الليبية في شمال تشاد وما تبع ذلك من استنجاد كوكني وداي الذي طرد من العاصمة انجامينا بالقوات الليبية ضد عدوه حسين هبري المدعوم بالقوات الفرنسية فما كان من القوات الليبية ان القامت بهجوم بري وجوي كبير على قوات هبري وهذا ما يعرف بالمرحلة الاولى من الحرب
1_ المرحلة الاولى مرحلة الاجتياح :في عام 1983 قامت القوات الليبية بالتحرك نحو العاصمة التشادية من ثلاث محاور خرجت الاولى من مدينة ابشة والثانية من مدينة فيايالارجور والثالثة من فادا وهاجمت قوات هبري التي تقهقرت نحو العاصمة التي تعرضت لقصف جوي عنيف حيث انسحبت قوات هبري وما يوجد معها من الحامية الفرنسية الي مياتو ومساقط وبعد ذلك تجاوزت النهر ودخلت الى الكاميرون وسيطرت القوات الليبية على العاصمة وتم تنصيب كوكني وداي رئيس للجمهورية بعد اقل من شهر من القتال للقوات الليبية واقل خسائر ممكنة حيث لم تتجاوز
250 قتيل و300 جريح بينما تكبدت قوات هبري اكثر من 3000 حيث حققت القوات الليبية انتصارا مهم في ارض غريبة وخطوط امداد بعيدة جدا وظروف صعبة في ارض نائية وباقل خسائر . ثم عادت القوات الليبية الى ارض الوطن وقواعدها في شمال تشاد بعد الخلاف مع كوكني وداي الذي وقع في فخ نصبته له فرنسا عندما اقنعته بان يطلب من القوات الليبية الانسحاب حيث انسحبت الاخيرة في اقل من اسبوع تاركتا كوكني وحده في مواجه قوات هبري والقوات الفرنسية حيث هرب الى الجزائر وقامت الامم المتحدة بانشاء الخط الاحمر الفاصل بين شمال تشاد حيث القوات الليبية وجنوبه حيث هبري والقوات الفرنسية
استمر الوضع الى ماهو عليه حيث اهملت القيادة الليبية شؤون الجيش في تشاد حيث عاني جنوده من انعدام الروح المعنوية بعد بقائهم لاكثر من 4 سنوات في ظروف سيئة واهمال كامل لشؤونهم وهم في ارض غريبة حيث اقدم بعضهم على الانتحار والباقي هام في الصحراء وبعد ذلك بدات المرحلة الثانية من الحرب
2_ المرحلة الثانية _ في سنة 1987 قامت قوات هبري والقوات الفرنسية بخرق خط الاهدنة او مايسمى بالخط الاحمر وهاجمت فجاة القاعدة الليبية في وادي الدوم بعد هجوم جوي وبري كاسح حيث فقدت القوات الليبية القاعدة بعد قتلا عنيف راح ضحيته 1200 جندي ليبي قتيل وتدمير 300 دبابة ومدرعة ليبية واسر 250 ليبي منبينهم قائد المنطقة كما قامت القوات الليبية بالانسحاب من مدينة فايالارجور المهددة بالحصار بعد ان قامت بقصف القاعدة في وادي الدوم بغية تدمير المعدات التي تركتها هناك بعد ذلك تقدمت القوات التشادية والفرنسية وهاجمت قرية اوزو واحتلتها وطردت منها القوات الليبية . حيث تفطنت القيادة الليبية الي خطورة الموقف وقامت بهجوم بري وجوي كاسح على اوزو حيث اعادت السيطرة عليها ودمرت القوات المعادية هناك بعد تنفيذ خطة هجومية غاية في الروعة حيث تم قتل اكثر من 1100 جندي تشادي و150 جندي فرنسي بينهم 8 ضباط لكن حدث ان تسللت القوات التشادية الى الاراضي الليبية وهاجمت قاعدة معطن السارة حيث قتل اكثر من 1700 جندي ليبي وفقدان اكثر من 200 دبابة ومدرعة واسر اكثر من 400 جندي وانسحبت منها مباشرة لعدم قدرتها على الاحتفاظ بها وبعد ذلك تدخلت الامم المتحدة واعلنت وقف اطلاق النار وتم رفع القضية الى مجلس الامن




آخر تعديل OM_SULTAN يوم 10-18-2011 في 03:04 AM.
رد مع اقتباس
قديم 10-18-2011, 03:11 AM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: تشاد Chad

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب حرب تشاد.. الكارثة الكارثة - 8- اسباب الهزيمة...

د. فتحي الفاضلي

26 سبتمبر 2010م حققت القوات المسلحة الليبية، في تشاد، نجاحات عسكرية عديدة، لكنها كانت نجاحات جزئية، متفرقة زمنا، ومتناثرة مواقعا، سنشير اليها في وقت لاحق، باذن الله. اما الهزيمة المقصودة في عنوان هذا الجزء، فهي الهزيمة العسكرية النهائية الشاملة، والتي تأكدت بعد هزائم "فادا"، و"بير كوران"، و"وادي الدوم"، و"معطن السارة"، والتي تم الحديث عنها، في الجزئين، الخامس والسادس، تحت عنوان، "مذابح..لا.. معارك"، وراح ضحيتها الالاف من ابناء ليبيا.

وتعود هزيمة القوات الليبية في تشاد، الى اسباب عسكرية وسياسية عديدة، تقع مسؤليتها بالدرجة الاولى، على القيادة السياسية والعسكرية العليا، بما في ذلك معمر. كما تعود بعض الاسباب الاخرى، الى اخطاء عسكرية، تقع مسؤليتها المباشرة، على عاتق القادة العسكريين المحليين، او قادة الميدان. وسنتحدث في هذا الجزء، عن اسباب الهزيمة بصفة عامة، نتحدث بعدها، عن نماذج من قرارات ارتجالية عليا، واخطاء قاتلة، ارتكبها النظام، ساهمت -هذه الاخطاء- مساهمة فعالة، في هزيمة القوات المسلحة الليبية في تشاد.

اسباب الهزيمة..
كان من اهم اسباب هزيمة القوات المسلحة الليبية، اعتماد النظام الليبي في حربه ضد تشاد، على امكانيات ليبيا المادية الهائلة، وترسانة الاسلحة التي كان يكدسها، لسنوات عديدة قبل الحرب، مقابل امكانيات دولة، ربما صُنفت، في يوم من الايام، كافقر دولة في العالم. لقد انست الاسلحة الحديثة وتنوعها ومقدرتها وفاعليتها وكثرتها وضخامتها، انست، القادة الليبيين، فنون الحرب، وتكتيكاته، ومبادئه، واساسياته، فاعتمدوا على الكم لا على الكيف. وربما جاء هذا الكم الهائل، من السلاح، كمخدر، جعل القادة الليبيين، العسكريين منهم والسياسيين، يتعاملون مع حرب تشاد، كنزهة ترفيهية.

كما راهن النظام، على مشاكل تشاد الداخلية، فقد حاول توظيف الاختلافات والتمزقات والمشاكل، الاقتصادية والاجتماعية والعرقية والسياسية والدينية، المزمنة في تشاد، وظن ان استغلاله لهذه العوامل، قد يكفي لاختراق التشاديين، وتمزيقهم سياسيا، وعسكريا، ثم الانتصارعليهم، والسيطرة على بلادهم.

نذكر من هذه العوامل، على سبيل المثال، انقسام تشاد، الى شمال مسلم، وجنوب مسيحي، والفقر المدقع، الذي كانت تمر به تشاد، حيث صنفت، في يوم من الايام، وكما ذكرنا، كافقر دولة في العالم، واختلاف التشاديين فيما بينهم، فكريا وسياسيا وعرقيا ودينيا، وما نتج عن ذلك من تأسيس احزاب سياسية، وفصائل مسلحة، لا اول لها ولا اخر، وما حدث بين هذه الفصائل، من انقسامات وانشقاقات وصراعات دموية، تحدثنا عنها بالتفصيل في الجزء الثاني، من هذا الكتاب، تحت عنوان "المقاومة.. وتأسيس جبهة التحرير الوطني التشادي"، والجزء الثالث تحت عنوان " انشقاقات وتصادمات."

لكن تأثير جميع هذه العوامل الاقتصادية والعرقية والسياسية والدينية، في هذه الحرب، كان محدودا جدا، فقد كانت نجاحاتها جزئية، تكتيكية، مؤقتة (لا نقرها بالطبع). فلم يحرز استخدام هذه العوامل، نجاحات عسكرية تذكر. ولم ينجح النظام - عبر استغلال هذه العوامل- في احكام سيطرته على تشاد، او في تحقيق انتصار شامل واحد. فقد التف التشاديون في النهاية، حول قادتهم، ووضعوا وطنهم نصب اعينهم، عندما ادركوا تلاعب النظام الليبي، واستغلاله لهذه العوامل.

وتعود الهزيمة ايضا، الى الانتقال الارتجالي، من حليف الى اخر، انتقالا غير مبرر احيانا، وغير مدروس احيانا اخرى. مما كان له الاثر السلبي على المقاتل الليبي في ميدان القتال. لقد كان النظام يتنقل من حليف الى اخر، بسرعة وعبث وارتجال، ودون ترو ودون توفر الاسباب المنطقية الضرورية لهذا التنقل احيانا. وحتى لو توافرت الاسباب، فان توقيت الانتقال وطريقته، كانت تتم بصورة ماساوية، فقد كان يصاحب الانتقال من حليف الى اخر، مذابح يذهب ضحيتها المقاتل الليبي في تشاد.

ومن الاسباب التي ساهمت في الهزيمة ايضا، اشتراك طلاب المدارس والمعاهد ومنتسبي المقاومة الشعبية، فكما فعل في اوغندا، مع افراد المقاومة الشعبية، ارسل النظام الطلاب وافراد المقاومة الشعبية للمشاركة في الحرب الدائرة في تشاد. ليس ذلك فحسب، بل ارسل هذه الفئات دون اعداد وتدريب واستعداد. بل ويروى ان النظام كان يجمع الناس من دور السينما وملاعب كرة القدم والشوارع، وعند البوابات، ويرسلهم الى اتون الحرب في تشاد. كما كان اعوان النظام يوقفون الناس، وخاصة سائقي الشاحنات، فيستولون على الشاحنات، لاستخدامها في الحرب التشادية، او يوجهون السائق وشاحنته، الى تشاد قسرا. وبالطبع لا تصلح هذه الفئات والمجاميع، لمواجهة ميليشيات مسلحة، تمرست على حرب العصابات، على ارضها، حتى اصبح افرادها، رجال حرب من الطراز الاول، ترعرعوا في اتون الصدامات العسكرية، بين الحكومات التشادية والفرولينات، منذ الستينات، ولاكثر من ثلاثين عاما تقريبا.

كما ساهمت التكتيكات العسكرية الجديدة، والتي تبنتها القوات التشادية، في هزيمة القوات الليبية، فقد اعتمدت القوات التشادية، في المراحل الاخيرة من الحرب، على الاسلحة الخفيفة، والمباغتة السريعة، مقابل الاسلحة الروسية الثقيلة، وخاصة الدبابات الضخمة، التي كان يصعب المناورة بها، في رمال الصحراء، مما جعل القوات التشادية، اسرع تحركا، واكثر فاعلية، واسهل مناورة ومباغتة، من القوات الليبية.

اضف الى كل ذلك، ان التشاديين كانوا يقاتلون بشراسة، من اجل قضية وطنية عادلة، فكانوا على استعداد للموت، من اجل تحرير بلادهم. اما المقاتل الليبي، فكان يقاتل بلا دوافع وطنية مقنعة، وبدون قضية، بل كان المقاتل الليبي، يؤمن بان القضية التي يقاتل من اجلها، قضية غير عادلة، بل لا تعرف اغلب القوات الليبية، القضية التي يقاتلون من اجلها اصلا. ففقد المقاتل الليبي بذلك الروح المعنوية، والدافع الوطني، والديني، والسياسي، الذي يساعده على القتال بكفاءة واخلاص وتصميم.

ومن الاسباب الرئيسية ايضا، تعدد الاطراف المشتركة في هذه الحرب، والفوضى التي خلقها هذا الخليط غير المتجانس، من الفرولينات، والقوات المسلحة الليبية، والطلبة، والمقاومة الشعبية، والفيلق الاسلامي، والقيادة السياسية، والقادة العسكريين، الذين لا يتنفسون الا اذا جائتهم الاوامر العليا، فلا هي حرب عصابات، ولا هي حرب نظامية، واضحة.

العميد الركن سليم الحجاجي.. واسباب الهزيمة..
ويلخص العميد الركن سليم الحجاجي، اسباب الهزيمة في تشاد، في مقال له بعنوان "اسباب هزيمة القوات الليبية في تشاد" - يلخصها- في فشل القيادة وغيابها عمليا. وتشمل القيادة، التي يشير اليها الركن الحجاجي، القائد العام للقوات المسلحة، ووزارة الدفاع، وهيئات الاركان العامة، بالاضافة الى اصغر القادة الميدانيين، وذلك بالاضافة الى فقدان الخبرة العسكرية والسياسية، مع الشلل والارتباك والارتجال، بل والفشل في تقدير المواقف التقدير الصحيح، بسبب الفراغ القيادي، وغياب خطة سوق شاملة (استرتيجية)، مع غياب خطة التعبئة العلمية الموضوعية.

ويواصل الحجاجي قائلا: ان غياب الترابط والتنسيق والتجانس، بين القوات الليبية المختلفة، التي اشتركت في تشاد (الجوية، المشاة، الصاعقة، الطلبة، المقاومة،... الخ)، وغياب التنسيق والترابط والتجانس، داخل نفس السلاح، يعتبر سببا هاما، من اسباب الهزيمة في تشاد. كما اشار الحجاجي، الى ان فنون الهجوم، والانسحاب، والتقدم، والدفاع، قد اهملت في هذه الحرب، او غابت تماما، الى درجة تبعث على السخرية والرثاء. مما انعكس، على ضعف اداء الوحدات الفرعية الصغيرة، واداء الوحدات الاكبر، ايضا.

اضف الى كل ذلك، وكما يقول العميد الركن الحجاجي، عدم ايمان الليبيين بالقيادة السياسية الليبية (معمر ونظامه)، فالشعب الليبي يرفض قيادته السياسية، منذ ان بدأت في اذلالاه، وتحطيم روحه المعنوية، والمس بكرامته. فلم يكن المقاتل الليبي، مطمئنا، بسبب قيادته السياسية، على حاجات ابنائه التعليمية والصحية والامنية في ليبيا. اضف الى كل ذلك غياب الدوافع والاهداف المقنعة، وراء هذه الحرب العبثية، فقد غابت الدوافع، التي تجعل منها، حربا مشروعة، وتجعل منها قضية عادلة، يقاتل الجندي الليبي ويمةت من اجلها، بينما يملك المقاتل التشادي، دافعا قويا، فهو يقاتل من اجل تحرير وطنه.

ويضيف العميد الركن سليم الحجاجي الى هذه الاسباب، غياب الضبط والربط العسكريين، وغياب التنفيذ الطوعي، والواعي للاوامر العسكرية، والتعليمات، مع غياب التدريبات العسكرية الجادة، وخاصة التدريبات العسكرية، في ظروف جغرافية، ومناخية، وتضاريس، وطقس، وحرارة، مثل تلك، التي واجهها المقاتل الليبي، في تشاد (انتهى كلام الحجاجي).

واود ان انوه، الى ان الاسباب التي ذكرت حتى الان، لا تكفي لتبرير الهزيمة العسكرية، التي تعرضت لها القوات المسلحة الليبية، بالرغم مما تملكه هذه القوات، من كم هائل، من الاسلحة، والامكانيات، والغطاء الجوي، والعمق الاسترتيجي، فالاسباب التي ذكرناها، حتى الان، تشرح الهزيمة، لكنها لا تبررها.


كما اود ان ان انوه ايضا، الى ان تكرار الخصم لنفس التكتيك، ونجاحه فيه، اكثر من مرة، يدل على قصور من طرف قادة الميدان. فالتكتيك الذي تبنته القوات التشادية، عبر استخدام الاسلحة الخفيفة، والشاحنات الصغيرة، على سبيل المثال، والذي قصم ظهر القوات الليبية، في فترة من فترات الحرب، ما كان له ان يتكرر اكثر من مرة واحدة، حيث انتفي عنصر المفاجأة، بعد المرة الاولى، خاصة وقد تكررت هذه الاساليب، في حروب سابقة في العالم. فكان يجب توقع ذلك اصلا. كما كان على قادة الميدان، ايجاد وسائل واساليب وتكتيكات، تواجه اساليب الخصم الجديدة، وتشلها.

وربما يؤخذ على القادة الميدانيين ايضا، غياب خطط الطواري، وخطط الانسحاب، التي تضمن سلامة القوات المقاتلة او المساندة، فيبدوا ان هذا الامر كان غائبا تماما، في بعض فترات الحرب. وقد يعود ذلك الى عدم توقع الهزيمة، او عدم توقع المباغتة، وهذا قصور واضح، فجميع جيوش العالم عبر التاريخ، لا تتقدم بخطة هجوم او دفاع، الا وتقدم معها خطط انسحاب، لا تقل دقة واحكاما عن خطط الهجوم والدفاع. يحدث ذلك مع اكبر واصغر جيوش العالم، ويحدث ذلك ايضا، اثناء اكبر واصغر الحروب. والقائد العسكري، الذي لا يتوقع الهجوم في اي لحظة، وباي شكل، ولا يتوقع المباغتة، ولا يستطيع ان يتكيف مع اساليب الخصم، في الميدان، وبالسرعة والدقة المطلوبة، والذي يعتقد انه ليس في حاجة الى خطة انسحاب، وخطط دفاع، تحت اسواء الظروف، واسواء التوقعات، وفي اية لحظة، وفي اية حالة من الحالات، هذا النوع من القادة، لا يصلح لقيادة الجيوش، مهما كانت رتبهم وخبرتهم ووطنيتهم ومكانتهم. فلابد ان يتوقع القائد العسكري اسواء الاحوال، لا افضلها، ولابد ان يكون جاهزا، على مدار الساعة، وباكثر من خطة، قادرة على مواجهة، اسواء المواقف.

الامر الاخر الذي اود ان اضيفه، هو انني كنت اتمنى، ان يرفض قادة الحرب في تشاد، استقبال واستخدام المجندين والطلبة وافراد المقاومة الشعبية، او اعادتهم الى ليبيا، ولو ادى ذلك الى رفض الحرب والاستقالة، مهما آلت اليه النتائج، فذلك افضل من ان يكونوا اما ضحايا، واما مبررا للهزيمة. خاصة وقد مر الليبيون، بتجربة مماثلة، في اوغندا. كما كنت اود، كلما انتقل النظام، من حليف الى اخر، ان يتم تغيير، او نقل، او استبدال، او طمس، جميع ما اطلع عليه الحليف السابق (العدو الحالي)، من معلومات، او مواقع، او اسلحة، او ذخائر، او مخازن، او برامج، او ...الخ.

وسنخصص، باذن الله، وكما ذكرنا سابقا، فصلا كاملا، يتحدث فيه قادة وضباط وجنود وطلبة ومواطنين، اشتركوا في حرب تشاد، فمن حقهم ايضا، ان يُسمعوا، ومن العدل ان نطلع على وجهة نظرهم، في هذه الحرب، من جميع جوانبها، بما في ذلك بالطبع، اسباب الهزيمة.

وسنتحدث فيما يلي، عن مجموعة من المواقف والقرارات السياسية الارتجالية، والتي تعتبر في الواقع، اخطاء قاتلة، اتخذتها او سببتها القيادة السياسية والعسكرية العليا، بما في ذلك بالطبع، معمر، وقد ساهمت هذه الاخطاء، بصورة مباشرة، او غير مباشرة، في هزيمة الجيش الليبي في تشاد، وفي ضياع الاف الضحايا.

الخطاء القاتل الاول..
ولعلي ابدأ بالتقارب الليبي التشادي، والذي تُوج في ديسمبر1972، وفي عهد "تمبلباي"، بمعاهدة تضامن او تعاون، بين ليبيا وتشاد. وذلك بعد فترة طويلة، من الصدام العنيف بين النظامين، فقد ساندت ليبيا، قبل هذا التقارب، جبهة التحرير الوطني التشادية (فرولينا)، اقتصاديا وعسكريا. فردت الحكومة التشادية، بمساندة عناصر وقوى عديدة ضد النظام الليبي، بل يروى ان تمبلباي، ساند الانقلاب الذي عُرف بـ"محاولة فزان" او "محاولة سبها"، والتي جرت في شهر مايو، من عام 1970م، او ربما تغاضى عن نشاطات المشتركين فيها، او صرح بمباركتها ومساندتها، تهديدا للنظام الليبي، ونكاية به.

ثم عادت العلاقات السياسية، كما ذكرنا، بين البلدين، وتوجت هذه العلاقة، بزيارة "تمبلباي" الى ليبيا، وتوقيع اتفاقية التضامن او التعاون المذكورة، والتي اوقفت ليبيا، بناء عليها، دعمها لجبهة التحرير الوطني التشادي (الفرولينات)، بما في ذلك ايقاف البث الموجه الى تشاد، من اذاعة الجبهة، وطرد اغلب قادة واعضاء الفرولينات من ليبيا.

ليس ذلك فحسب، بل تسرع النظام الليبي، فطبل وزمر، واعلن عن تأسيس مصرف مشترك، بين ليبيا وتشاد، كما اعلن عن استثمارات بين البلدين، بالملايين، اشيع انها قد تصل الى اربعين مليون دولار.

وكان التشاديون يتابعون ما يجري بين "تمبلباي" و"معمر"، وادركوا (مدنيين وعسكريين)، وبحسهم الوطني، وحرصهم على حرية بلادهم، واستقلالها، ان وراء الكرم الليبي المفاجيء، امر ما، فليس من المعقول، ان تدفع ليبيا هذه الملايين، وليس من المعقول ،ان تعلن ليبيا عن بناء الطرق، والمنشآت المدنية، في شريط اوزو، مجانا ولوجه الله.

لقد ادرك التشاديون، ان هناك بنودا سرية لهذه الاتفاقية، تغاضى "تمبلباي"، بناء عليها عن شريط اوزو، كما ادركوا ان "تمبلباي"، ربما استلم، او ربما وُعد باستلام بعض الملايين، من ليبيا، مقابل تغاضيه عن شريط اوزو. بل انتشرت شائعات تقول، ان المبلغ المذكور (40 مليون دولار) هو غطاء لرشوة تمبلباي، وثمنا لتنازله، او سكوته رسميا، عن شريط "اوزو."

وبيت القصيد هنا، ان هذا التقارب، وهذه الاتفاقية فرصة، كان يجب ان يستغلها النظام الليبي، كمدخل لايجاد حلول استراتيجية، سلمية طويلة المدى بين البلدين. ولكن النظام الليبي، اصدر اوامره، الى القوات المسلحة الليبية، بالدخول الى شريط اوزو، وذلك عقب التوقيع على المعاهدة مباشرة، او بعد فترة وجيزة من ذلك، وتحت غطاء ساذج، يتلخص في حماية المهندسين والبنائين الليبيين، الذين يفترض انهم يقومون ببناء طريق، يربط بين ليبيا وتشاد، كما كان يدعي النظام، لقد فعل النظام الليبي ذلك، بسبب عنجهيته واستهتاره، ونظرته الدونية الى الأخرين، واحتقاره للشعوب، عبر تعامله مع شخص واحد فقط، (تمبلباي) في امور بهذا الحجم.

ليس ذلك فحسب، فالقوات الليبية، لم تتلق اية مقاومة في اوزو، بل كان الدخول الاول والتمركز في اوزو، اقرب الى النزهة، منه الى اي شيء اخر، مما عزز الشكوك لدى الشعب والجيش التشادي، حول الاتفاقية، وحول تمبلباي بالذات. واصبح تمبلباي، في اعين مواطنيه، وفي اعين حكومته ايضا، تابعا للنظام الليبي، بل اصبحت القوات المسلحة التشادية، تنظر اليه كخائن، مما دفع بعشرات الضباط الى التخطيط للاطاحة به.

وهكذا كانت الطريقة التي تعاملت بها ليبيا مع الاتفاقية، كدخول قوات مسلحة ليبية لاوزو، والوعود باغداق الملايين على تشاد، عبر البنك التجاري المزعوم، وزيارة تمبلباي لليبيا، واعلان منطقة الحدود كمنطقة تضامن وتعاون، من اهم العوامل التي شجعت وحفزت القوات المسلحة التشادية، على ضرورة الاطاحة بتلمباي، فقد رأى اغلب العسكريون، ان هذا التقارب، هو في الواقع تقاربا مخجلا ومشبوها، بيعت فيه قطعة من ارض تشاد الى ليبيا، مقابل حفنة من الدولارات، ومقابل المحافظة على امن وسلامة "تمبلباي" ونظامه.
كان التسرع والارتجال الذي مارسه النظام اذا، هو احد اهم الاسباب، التي ادت الى استفزاز الشعب لتشادي، والقوات المسلحة التشادية، وبالتالي من اهم الاسباب، التي ادت الى انقلاب 1975م، والذي اطاح بتمبلباي، وجاء بـ" فيليكس معلوم"، رئيسا لتشاد، والذي اعاد الصراع على شريط اوزو الى نقطة الصفر.

انقلبت الاتفاقية اذا ضد النظام، وبدلا من ان تكون هذه الاتفاقية، مدخلا لاستعادة اوزو او ضمها، قانونيا، او مدخلا على الاقل، لايجاد حلول سلمية، والوصول الى اتفاقية رسمية، تُرضي الدولتين، وتوثق في المؤسسات الدولية، بدلا من كل ذلك،، تحولت الاتفاقية، الى اهم اسباب الاطاحة بتمبلباي، واهم اسباب وصول "فيليكس معلوم" الى السلطة، والذي اعتبر تواجد القوات الليبية، في اوزو، ضربا من الاحتلال، فوضع طرد القوات الليبية، على قمة اولوياته.

الخطاء القاتل الثاني..
عندما نُظم مؤتمر كانو للصلح، بين الفصائل التشادية، في 1979م، دعيت اليه جميع فصائل المقاومة التشادية، بالاضافة الى “واداي”(حليف ليبيا في ذلك الوقت)، والذي قبل الدعوة، وشارك في المؤتمر المذكور. لكن مؤتمر كانو، لم يستضف ليبيا، ولم يستضف الفصائل والشخصيات الحليفة لها (ما عدا واداي). فتحول التحالف بين "معمر" و"واداي" - بسبب ذلك- اي بسبب قبول "واداي" لدعوة المؤتمر، دون استضافة ليبيا، تحول هذا التحالف الى قطيعة بل الى عداوة، وبدأت الامور تسير من سيء الى اسواء بين معمر وواداي.

ولكن اتساع رقعة الصدام العسكري بين "هبري" و"واداي"، في مارس من عام 1980م، كاد ان يؤدي الى سيطرة "هبري" على تشاد، وطرد "واداي" من انجامينا، (انظر الجزء الثالث)، مما اضطر "واداي"، الى طلب المعونة من ليبيا من جديد، فاستجابت ليبيا لطلبه، وتدخلت بقوة عسكرية، استطاعت، بالتعاون، مع قوات واداي، ان تطرد قوات "هبري"، وتستولى على "انجامينا"، وذلك، في ديسمبر من عام 1979م. وهكذا، عاد "واداي" رئيسا لتشاد مرة اخرى. بعد ان كاد "هبري"، وزير دفاعه، في ذلك الوقت، ان يطيح به، ويطرده من تشاد. وهرب "هبري" غريم "معمر" و"واداي" الى الكاميرون، واصبحت لليبيا ولقوات "واداي"، اليد العليا في تشاد، وتمركزت القوات الليبية في انجامينا، وسيطرت، مع قوات واداي، على مقاليد الامور فيها.

وبيت القصيد هنا، ان العلاقة بين الطرفين (معمر وواداي)، عادت بعد ازمة مؤتمر كانو، واستثناء ليبيا منه، الى افضل حالاتها، فاتيحت فرصة اخرى كان على النظام الليبي ان يوظفها بعقل وحكمة وترو، من اجل الوصول الى حلول سلمية، فقد فتحت الابواب لعشرات البدائل والحلول بين ليبيا وتشاد، وهاهو الخصم اللدود للاثنين (هبري)، بعيدا عن الاحداث، وبعيدا عن السيطرة، وها هو "واداي"، بمساعدة ليبيا، الرجل الاول في تشاد. بل عادت الاجواء الى افضل مما كانت عليه، بين "تمبلباي" و"معمر"، عندما توصلا الى اتفاقية التعاون والتضامن المذكورة.

ولكن، وبعد مرور شهر، او اقل، على عودة العلاقات بين "واداي" و"معمر"، وتوافر الظروف المناسبة للوصول الى معادلات يقبلها الطرفان، بخصوص جميع الامور، المتنازع عليها، - بعد مرور شهر او اقل على ذلك- وبالتحديد في السادس من يناير من عام 1981م، وفي خطوة ارتجالية عبثية غير مدروسة، اعلن "معمر" عن قيام الوحدة بين ليبيا وتشاد، دون علم الشعب التشادي، والحكومة التشادية، ودون موافقتهما، بل وبدون علم "واداي"، الرئيس التشادي، في ذلك الوقت، والذي فوجيء، هو الاخر، بهذا الاعلان، كما فوجيء به رجل الشارع.

ومن الواضح، ان القيادة الليبية قد فقدت، في ذلك الوقت، وكعادتها، القدرة على التفكير، بل ومن الواضح، حتى لاكثر السياسيين غباء، ان اعلان الوحدة بين بلدين، يسيطر جيش احدهما على عاصمة الاخرى، هو اعلان عن نية الاستيلاء على هذه الدولة، او ضمها، او احتلالها.

لقد اعتبر المراقبون السياسيون والمجتمع الدولي، بصفة عامة، ان الاعلان عن الوحدة بهذه السرعة، وبهذه الطريقة، وفي هذه الظروف، وفي وجود قوات ليبية في تشاد، بل وفي عاصمة تشاد نفسها، اعتبره المراقبون السياسيون، محاولة لضم تشاد الى ليبيا بالقوة، عبر استخدام "واداي" كحصان طروادة. واعتبر البعض الاخر، ان هذ الاعلان، هو مناورة سياسية فاشلة، ترمي الى الهاء التشاديين، واشتغالهم بطرد الليبيين من انجامينا، ونسيان شريط اوزو الى الابد. كما تفعل اسرائيل، عندما تحتل مزيدا من الاراضي، لينسى العالم، المناطق التي تم احتلالها سابقا.

وهكذا، وضع "معمر"، حليفه "واداي"، في موقف لا يُحسد عليه، شبيه والى حد ما، بالموقف الذي وجد "تمبلباي" نفسه فيه، عقب الاتفاقية المشبوهه. فقد اُتهم "واداي" ايضا، بانه دمية في يد ليبيا، وشكك التشاديون في نواياه، وفي طبيعة علاقاته مع ليبيا، ودرجة تعاونه معها. فاستنكر "واداي"، الاعلان عن تلك الوحدة، من طرف واحد، وبهذه الصورة، واصر على ان ليبيا وتشاد، دولتين منفصلتين. واصطدمت قوات "واداي"، والقوات الليبية على ارض تشاد، على خلفية هذا الاعلان الارتجالي غير المدروس، وسقط ضحايا من الطرفين.

وطلب "واداي" من ليبيا سحب قواتها من تشاد فورا، بالرغم من ان هذه القوات، هي التي ساعدته على هزيمة "هبري"، وجاءت به على قمة السلطة في تشاد. كما اثار هذا الاعلان الارتجالي العبثي، غضب جميع الدول الافريقية تقريبا، واعتبروه غزوا عربيا لدولة افريقية، وطلبت "منظمة الوحدة الافريقية" من ليبيا، في اجنماع طاريء لها، الانسحاب الفوري من تشاد.

فاضطر النظام الليبي، الى الانسحاب، ليس فقط من انجامينا، بل من جميع المواقع التي كان يحتلها الا شريط اوزو، وذلك في اكتوبر من عام 1981م، وفي غضون اسبوعين او اقل، وذلك استجابة للضغوط الافريقية والعالمية والتشادية. انسحبت ليبيا من العاصمة، وبهذه السرعة، عندما ادركت الخطاء الفادح الذي ارتكبه النظام الليبي، او بالاحرى ارتكبه معمر، بعد كل ما جرى من معارك، وبعد كل ما سقط من ضحايا، وما سفكت من دماء.

ولم ينته الامر عند هذا الحد، بل ان هذا الخطاء القاتل، كان وراء عودة "هبري" كرئيس لتشاد، فقد زحفت قوات "هبري" على انجامينا، بعد ان استغلت الفراغ العسكري، الذي خلفه انسحاب القوات الليبية، واستولت على العاصمة، انجامينا، واصبح هبري رئيسا لتشاد، وقائدا اعلى للقوات المسلحة. واستمر "هبري" على رأس السلطة، منذ ذلك الحين، حتى عام 1992م، وقد ذهب الاف الضحايا من الليبيين على يديه، وايدي رجاله العسكريين، في عدة معارك منها، كما ذكرنا، معارك وادي الدوم، وبير كوران، وفادا، ومعطن السارة (انظر الى الفصلين الخامس والسادس من هذا الكتاب، تحت عنوان "مذابح لا معارك"). وهو ايضا الرئيس الذي استطاع ان يوظف جميع المعادلات السياسية والعسكرية ضد معمر، بذكاء وترو ودهاء، وبدون عبث وتسرع وارتجال، بما في ذلك، كسب القوى الخارجية، كفرنسا ومصر وامريكا والسودان، في جانبه، من اجل مصلحة بلاده، وسلامة جنوده.

وعندما اتحدث هنا عن الرئيس "هبري"، فانني اتحدث عنه في نطاق الحرب الليبية التشادية فقط، ولا اتحدث عنه خارج هذا النطاق. فطبيعة حكمه، وديمقراطيته، او ديكتاتوريته، وعدله او ظلمه، وعلاقته بشعبه بصفة عامة، وفشله او نجاحه، في ادارة البلاد، وهل كان الرجل مقبولا، او منبوذا، من قبل شعبه، وغير ذلك من الامور الداخلية، ارى انها تقع تحت بند "اهل تشاد ادرى بشعابها"، لكنني لا اقره على حبة خردل من ظلم، مارسه ضد مواطنيه.

وعودة الى موضوعنا، فان "هبري" لا يطيق "معمر"، ولا يثق فيه، ويعتبره مجنونا، عبثيا يخطط للاستيلاء على وطنه تشاد. فوهب "هبري"، حياته لهزيمة "معمر"، وايقافه عند حده. ولو قمنا باجراء مقارنة سريعة، بين اوضاع القوات المسلحة الليبية، عندما كان "واداي" على رأس السلطة، وبين اوضاعها، عندما وصل "هبري" الى السلطة، وانعكاس ذلك على القوات الليبية، لادركنا اننا لا نتحدث هنا، عن خطاء قاتل فقط، بل عن جريمة حرب اقترفتها القيادة الليبية، واقترفها "معمر"، عبر استفزاز شعب كامل، باعلان ضم بلاده، الى دولة اجنبية (ليبيا)، بينما جنود ليبيا، يسرحون ويمرحون في عاصمة بلاده. إنها الجريمة التي اتت بـ"هبري" الى السلطة، والجريمة التي كانت وراء الاف الضحايا، والجريمة التي كانت تقف وراء جزء كبير من كارثة تشاد.

الخطاء القاتل الثالث..
عندما اقترح الرئيس الفرنسي، "فرانسوا ميتران"، في اجتماع ضمه مع "معمر"، في جزيرة كريت باليونان، في ابريل 1984م، ان تنسحب القوات الليبية، والقوات الفرنسية، من تشاد، ويتركون التشاديون يعالجون قضاياهم بانفسهم - عندما اقترح الرئيس الفرنسي ذلك- وافق معمر على الاقتراح، فسحبت فرنسا قواتها (بعد موافقة معمر على الاقتراح). لكن معمر، لم يف بوعده، مما سبب احراجا شديدا، وازمة سياسية حادة للرئيس ميتران. واعتبر الرئيس ميتران، تصرفات معمر، تصرفات صبيانية، وليست تصرفات مسؤول. وزاد من احراج فرنسا، واحراج الرئيس ميتران بالذات، ان وزير خارجية فرنسا، كان يتحدث مع وزير خارجية امريكا، مؤكدا له ان القوات الليبية، قد انسحبت من تشاد، حسب الاتفاق، لكن وزير خارجية امريكا في ذلك الوقت، قدم له صورا التقطتها اقمارا صناعية امريكية، تثبت غير ذلك، بل تثبت ان ليبيا قد قامت بتنقلات متفرقة لوحدات عسكرية من منطقة الى اخرى، في تشاد للتمويه والتظاهر بالانسحاب، وكانت تلك الوحدات، تُنقل من مكان لتتمركز في اخر. واذيع الخبر على الهواء في امريكا وفرنسا، وتعرض وزير خارجية فرنسا للسخرية، على الهواء، مما زاد من احراج فرنسا وميتران ووزير خارجيته.

ويبدوا ان فرنسا، كانت، قبل هذه الحادثة، تاخذ في الاعتبار، العديد من المعادلات والخطوط السياسية، الكفيلة بتأمين سياسة متوازنة في تشاد، تكسب بها جميع الاطراف، اي تكسب ليبيا، و"هبري"، وتحاول، في نفس الوقت، ابعاد امريكا، او التقليل من تدخلها على الاقل. ولكن بعد اخلال النظام الليبي بوعده، وتعرض فرنسا الى ما تعرضت اليه، من كذب وخداع واحراج، بعد ذلك، لم تعد فرنسا تبالي بتلك المعادلات، فتدخلت في الحرب، بثقل غير معهود، في جميع المجالات، مما اضر بالجندي الليبي.

فلم يكن الرئيس "ميتران" هو المتضرر الوحيد من هذا الامر، بل شاركه في ذلك الجنود الليبيون ايضا، والذين دفعوا ثمن هذا العبث غاليا، فقد كان رد فعل فرنسا، السياسي والعسكري، عنيفا، فقد كثفت فرنسا من تدخلاتها في الحرب الدائرة في تشاد، وضاعفت من دعمها السياسي والعسكري والمالي لهبري، وزودته بالغطاء الجوي، والمعلومات والصواريخ. وهو ما كان يحلم به هبري، ويتمناه، كما زاد تصميم فرنسا، على اخراج القوات الليبية من تشاد.

لقد كان في مقدور "معمر"، عنما التقى بالرئيس "ميتران"، عدم الموافقة على الانسحاب. كما كان في مقدوره ايضا، تأجيل المحادثات او الاستمرار فيها، حتى ايجاد بدائل وحلول وخيارات اخرى، بدلا من ان يحاول الكذب على رئيس دولة، لها ما لها من امكانيات عسكرية وسياسية دولية، قد تؤذي - هذه الامكانيات - الجندي الليبي، في ميدان القتال. وهذا ما حدث بالفعل.

ليس ذلك فحسب بل كانت تلك الحادثة مدخلا استخدمته امريكا، لاقناع فرنسا بزيادة حجم التدخل العسكري والمادي ضد القوات الليبية، من جهة، كما قربت هذه الحادثة، وجهات النظر بين فرنسا وامريكا، بخصوص القضية التشادية.

وهكذا لم يحاول معمر، كسب فرنسا، او امريكا، او مصر، او السودان، او الدول المجاورة، في جانب ليبيا حفاظا على سلامة جنوده، كمسؤول وقائد اعلى للقوات المسلحة، بل تصرف بعبث صبياني، مما دفع فرنسا، وغيرها من الدول، الى الدخول بثقل اكبر في الصراع الدائر في تشاد، مما الحق، هذا التدخل، الضرر الشديد بالمقاتل الليبي، وساهم مساهمة كبيرة في هزيمة ليبيا في تشاد، عبر زيادة حجم المعونات العسكرية، وتوفير الغطاء الجوي، والاهم من كل ذلك، كمية وحساسية المعلومات الميدانية، التي قدمتها فرنسا لهبري، مما سبب في زيادة مآسي الليبيين.

الخطاء القاتل الرابع..
عندما قرر "واداي"، حليف ليبيا، المصالحة مع هبري، العدو اللدود لمعمر (ربما حدث ذلك في اغسطس من عام 1986م)، لاسباب رأى "واداي"، انها تصب في مصلحته، ومصلحة وطنه، تشاد، تم اعتقاله هو، وبعض اعوانه، في مدينة طرابلس.

وربما قرر "واداي"، قبول المصالحة مع "هبري"، بعد ان احس بقرب انتصار الاخير، خاصة وان المجتمع الدولي، بدأ يمد يده لهبري بكثافة واضحة، سياسيا واقتصاديا وعسكريا. او ربما احس بنية النظام الليبي، في استبداله بحليف اخر (الشيخ بن عمر- رئيس المجلس الثوري الديمقراطي")، والذي اعلن انسحابه، من الحكومة المؤقتة، برئاسة "واداي"، فسارعت ليبيا، ودون تردد او ترو، الى مساندة، الشيخ بن عمر، معنويا وماديا وعسكريا، بل وقصفت القوات الجوية الليبية، قوات واداي، حليف الامس، مما اكد شكوك "واداي".

ومهما كان السبب الذي دفع بـ"واداي"، الى الصلح مع "هبري"، لم ينجح النظام الليبي، كعادته، في التعامل، مع هذا الامر، بالحكمة التي يتطلبها هذا الموقف الحساس، والمتمثل في وجود بشر من الليبيين، في ميدان الحرب، مختلطين بقوات "واداي" في عمق تشاد. ليس ذلك فحسب، فما ان قرر "واداي" قبول الصلح مع "هبري"، حتى القي عليه القبض، ووضع تحت الاقامة الجبرية، بل وتواترت الاخبار، عن محاولة اغتيال، تعرض لها "واداي"، على ايدي رجال الامن الليبيين، او على ايدي رجال الشيخ بن عمر، في مدينة طرابلس، كما تاكد وقوع صدامات مسلحة، بين حرس واداي، من جهة، وحرس الشيخ بن عمر، او الامن الليبي، من جهة اخرى، سقط اثرها، قتلى وجرحى من الطرفين. حدث ذلك في فترة قريبة زمنيا، من المذابح الرئيسية، التي تعرض لها الليبيون في تشاد.

وقد وردت قصة اعتقال "واداي" او محاولة اغتياله، باكثر من رواية، تؤكد كل رواية منها، واقعة الاعتقال، وواقعة التصادم المسلح، بين حراس "واداي"، واخرين، كما تؤكد كل رواية، اصابة "واداي"، وموت حراسه.

تقول احدى الروايات، انه قد تم استدعاء "واداي"، الى اجتماع مع معمر، في مزرعة خارج مدينة طرابلس، وفي طريقه الى الاجتماع، اطلق عليه اعوان الشيخ بن عمر الرصاص، فجرح "واداي"، وقُتل احد حراسه، وجرح اخر، كما قُتل، حسب هذه الرواية، اثنين من حراس الشيخ بن عمر. وتقول رواية اخرى، ان النظام الليبي، اراد اعتقال، واداي"، عندما كان رئيسا للحكومة التشادية المؤقتة، وكان يصاحبه اربعة من حراسه، قُتلوا جميعا، بينما جُرح "واداي".

ومن الواضح، كما يرى المراقبون السياسيون، من خلال هذه الروايات، وغيرها من روايات شبيهة بها، ان معمر كان ينوي التخلي عن واداي، او بالاحرى، التخلص منه. واحلال الشيخ بن عمر، محله، من اجل ان يسيطر النظام الليبي، على الحكومة المؤقتة.

وعندما علمت قوات "واداي" بواقعة الاعتقال او بمحاولة الاغتيال، التي تعرض لها زعيمهم "واداي"، انضمت (قوات واداي) الى قوات "هبري". كما اندلعت صدامات دموية مسلحة، بين القوات الليبية وقوات "واداي"، تساندها قوات "هبري"، الذي رحب بالطبع بـ "واداي"، وقواته، وسارع في مساندته. بل تذكر بعض المصادر ان قوات "واداي"، قد قامت باختطاف عشرات الضباط والجنود الليبيين واحتجزتهم كرهائن مقابل اطلاق سراح زعيمهم "واداي".

ليس ذلك فحسب بل ان حجم المعلومات التي تحصل عليها جنود "واداي" عن كمية ونوع وطبيعة الاسلحة والمواقع ونوع وكثافة التدريبات ومعلومات اخرى، كان لها بالغ الاثر في الحاق الضرر بالقوات الليبية في وقت لاحق، كما ساعدت تلك المعلومات القوات التشادية، في معاركها الرئيسية التي راح ضحيتها الاف الليبيين.

تلك كانت اهم اسباب الهزيمة، وتلك كانت نماذج مختارة، من القرارات السياسية الفوقية المزاجية، التي لا تدل الا على الاهمال والتخبط والعبث والتسرع والارتجال، والتي كان لها بالغ الاثر في انهاك القوات الليبية في تشاد، والحاق اشد الضرر واكبر الخسائر بها. فقد ذهب ضحية هذه الاخطاء، وغيرها من الاخطاء الاخرى، الاف الضحايا من الليبيين. ولابد من محاسبة الجميع، دون استثناء. والله ولي التوفيق.

والى اللقاء، مع الجزء التاسع، من "حرب تشاد.. الكارثة الكارثة"، تحت عنوان "ما بعد الهزيمة .. "، نتحدث فيه باذن الله، عن الهزيمة السياسية، في هذه الحرب. والله ولي التوفيق.



اضغط هنا للاطلاع على باقي حلقات "حرب تشاد.. الكارثة.. الكارثة."

د. فتحي الفاضلي
___________________
لمراسلة الكاتب
Cant See Links
Cant See Links
Cant See Links

لزيارة موقع الكاتب
Cant See Links

المراجع
1- اسباب هزيمة القوات الليبية في تشاد/ العميد الركن سليم الحجاجي/ صوت الطليعة/ العدد 24 / السنة التاسعة/ جمادي الاولى/ 1410 هـ-ديسمبر 1989م/ ص 32-35.
2- منشور الكفاح/ العدد السادس/ السنة الثالثة / مارس 1987م / ص 7 و 8.
3- تشاد هزيمة الحدود الجغرافية.. واللاحدود السياسية/الحياة/ الاثنين11 مايو 1992م- 10 ذو القعدة 1412 هـ/ ص 14-17.
4- قصة التدخلات والهزائم الليبية في تشاد/ مؤسسة الامن العالمي الامريكية/ الكسندرا- فيرجينيا/14 مارس 2006م.
5- Geoff L. Simons (2004). Libya and the West... From Independence to Lockerbie. I.B. Taurist & Co Ltd. pp. 60-81.
6- Kenneth M. Pollack (2002). Arabs at War, Military Effectiveness, 1948-1991. Lincoln: University of Nebraska Press

Cant See Links


رد مع اقتباس
قديم 10-18-2011, 03:16 AM   رقم المشاركة : 4
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: تشاد Chad

كتاب حرب تشاد.. الكارثة.. الكارثة
5- مذابح.. لا.. معارك


يتحدث هذا الفصل عن تفاصيل المعارك العسكرية، بين القوات الليبية، والقوات التشادية، منذ اول تدخل عسكري ليبي في تشاد، حتى خروج القوات الليبية، بما في ذلك، اسماء، ومواقع، وتواريخ المعارك، والتحالفات، والتكتيكات، والانشقاقات، والهزائم، والاسرى، والاسلحة، والانتصارات، والمذابح التي تعرض لها الليبيون، بالاضافة الى سقوط اهم معاقل القوات الليبية، بالرغم من التفوق الليبي العسكري الهائل عدة وعتادا. وسنقدم موضوع هذا الفصل على حلقتين، ان شاء الله، نظرا لحجم التفاصيل واهميتها. ويعتبر هذا الفصل، بالاضافة الى اهميته التوثيقية، خطوة متقدمة، نحو محاولة جادة، لفهم وتحليل الدوافع الحقيقية للحرب، واسباب الهزيمة ونتائجها، وما ترتب عليها. وهو موضوع حلقة اخرى قادمة باذن الله.



لقد حصرت ليبيا، سقف مساعدتها للمقاومة التشادية، في العهد الملكي، في الجوانب المدنية. وكان من ضمن ما شملته هذه المساعدات، الاتصالات والاقامة والمواصلات، بالاضافة الى حرية التنقل والحركة داخل ليبيا، وحرية السفر منها واليها. كما شمل ذلك ايضا، حرية الاتصال بالتشاديين المقيمين في ليبيا، وحرية ضمهم الى المقاومة. لكن النظام الملكي، لم يزود الجبهة الوطنية لتحرير تشاد (الفرولينات) بالسلاح. وحافظ على علاقة جيدة مع الحكومة التشادية بقيادة تمبلباي، ومع ابا صديق ايضا، قائد الفرولينات في ذلك الوقت. بل وقعت ليبيا، قبل انقلاب سبتمبر بقليل، اتفاقية تعاون مع تشاد، في عدة مجالات، منها العمالة التشادية في ليبيا، وامور اخرى، تتعلق بالمعاهد الدينية، والمؤسسات التي اسستها ليبيا في تشاد. (2) و (3)




وفي اغسطس 1971م، اي اثناء العهد الحالي العسكري، ساندت ليبيا انقلابا عسكريا فاشلا، ضد الرئيس التشادي، فرانسوا تمبلباي. فقطع تمبلباي علاقاته بليبيا. كما طرد النظام الحالي، من 2000 الى 3000 تشادي، كانوا يعملون في حقول النفط ودوائر الشرطة، في العهد الملكي. وقد تعود اسباب طردهم، الى تعاطفهم مع الحركة السنوسية، وخوف النظام من تعاطفهم، بالتالي مع النظام الملكي. (2) و(7). فقطع تمبلباي علاقاته بليبيا، كرد فعل على مساندة الانقلاب، وطرد التشاديين من اعمالهم. بل ساند تمبلباي محاولة انقلابية ضد النظام الليبي. فاعترفت ليبيا بـ "الفرولينات"، كممثل شرعي لتشاد. وزودت ابا صديق بما يحتاجه، في مختلف المجالات، بما في ذلك السلاح، وسمحت له باستعمال اذاعة موجهة من ليبيا الى الشعب التشادي. فوصلت العلاقات الليبية التشادية الى اسواء حالاتها. (1) و (5).




و في ابريل 1972م، اعيدت العلاقات بين ليبيا وتشاد، اثر وساطة قام بها "ديوري هاماني"، رئيس نيجيريا في ذلك الوقت. وزار تمبلباي ليبيا في ديسمبر 1972م. كما تم التوقيع على معاهدة تعاون وسلام بين النظام الليبي والنظام التشادي، في الثالث والعشرين من نفس الشهر. وقد ضمن تمبلباي، بهذه المصالحة، تخلي ليبيا عن "جبهة التحرير الوطني التشادي"، بالاضافة الى الوعد بتأسيس "مصرف مشترك" بين ليبيا وتشاد، تموله ليبيا، يقال انه كان غطاء لرشوة تمبلباي شخصيا، بمبلغ 40 مليون دولار، ثمنا لتنازله رسميا، عن شريط "اوزو". (1) و (3) و(5).



ويبدوا ان هناك بنود غير معلنة في هذه الاتفاقية، فقد دخلت القوات الليبية، في صيف 1973م، وتحت غطاء هذه الاتفاقية، الى شريط "اوزو". ويعتبر هذا التدخل، اول واكبر تدخل عسكري للقوات الليبية في "اوزو". ولم تواجه القوات الليبية اية مقاومة، واحتلت الشريط المتنازع عليه (1) (3) (5) (6) . مما قد يرجح ان الامر معد مسبقا، بين الحكومتين الليبية والتشادية، في ذلك الوقت. بل ومما يدل ايضا، على ان احد البنود غير المعلنة، ينص على التنازل (نهائيا) عن شريط اوزو لليبيا، فقد كانت الفترة التي تفصل بين التوقيع على المعاهدة، ودخول القوات الليبية الى الشريط، قصيرة جدا. وفي مارس من عام 1974م، اعلنت ليبيا عن تاسيس البنك المشترك، بين ليبيا وتشاد. بل يُذكر ان معمر، قام بزيارة الى تشاد، في شهر مارس 1974م.



لكن هذه الاتفاقية، وما لحقها من تدخل القوات الليبية، وتسرب الاشاعات، حول حقيقة البنك الليبي التشادي المشترك، كانت احد العوامل الرئيسية التي عجلت، بالاطاحة بتمبلباي ونظامه، في 13 ابريل 1975م. وهكذا، يرجح ان تنازل "تمبلباي" عن شريط اوزو، او بيعه لليبيا، او التغاضي عن تواجد القوات الليبية في اوزو، كانت من اهم دوافع الانقلاب. وعندما اصبح الجنرال "فيليكس معلوم"، رئيسا لتشاد، اثر الانقلاب الذي اطاح بتمبلباي، احتل مطلب طرد القوات الليبية من شريط اوزو، قمة اولويات النظام الجديد. (1) و (5)



لذلك، طلب الرئيس "فيليكس"، من القوات الليبية، الخروج من شريط اوزو فورا. ولكن بدلا من الانسحاب، جدد النظام الليبي، بل ضاعف دعمه للفرولينات بقيادة "كوكوني واداي"، الذي حل محل "ابا صديق". كما ادعت ليبيا، بادي الامر، ان القوات الليببية متواجدة في "اوزو" لحماية المدنيين (عمال البناء والمهندسين)، الذين يفترض انهم يقومون ببناء طريق يربط بين ليبيا وتشاد، لمصلحة الشعبين (3) (4). واعترفت ليبيا بالنظام التشادي الجديد، بقيادة "معلوم"، بعد اسبوعين فقط من الانقلاب (وربما كانت ليبيا اول دولة تعترف بالانقلاب). والواضح ان ليبيا كانت تتمنى، ان تكسب ثقة النظام الجديد، لتحافظ على اتفاقياتها السابقة، التي ابرمتها مع "تمبلباي"، فهذه الاتفاقيات، هي في النهاية، مبررات التدخل الليبي في الشأن التشادي.



لكن قضية احتلال اوزو، ومطالبة ليبيا بالانسحاب، بدأت تطفو على السطح، علنا وبقوة، مع مجيء النظام التشادي الجديد. فاندلعت صدامات عسكرية، بين القوات الليبية، وقوات "حسين هبري"، في يونيو 1976م.



وفي اكتوبر 1976م وقع انشقاق بين "واداي" و"هبري"، بسبب اختلاف وجهات نظر كل منهما تجاه التعاون مع النظام الليبي، بما في ذلك التدخل الليبي، الذي يرفضه "هبري" رفضا تاما. لذلك زادت ليبيا من دعمها لـ "واداي" ضد "هبري"، وزودته بمختلف الاسحلة بما في ذلك، المعدات الثقيلة، فاستطاعت قوات "واداي" السيطرة على منطقة تبستيBET .



ثم توسعت دائرة المعارك بين القوات الليبية، وقوات حليفها "واداي" من جهة، والقوات التشادية (قوات "هبري" وقوات الحكومة التشادية) من جهة اخرى. واستطاعت القوات الليبية تدعمها قوات "واداي"، احتلال مدن "زوار" و "اورو" و"باردي"، وذلك في يناير 1978م. (4)



وفي فبراير 1978م، استطاعت القوات الليبية، تساعدها قوات واداي ايضا، وقوات البركان، بقيادة "احمد اصيل" في ذلك الوقت، احتلال مدينة "فايا لارجوا"، وهي من اكبر مدن الشمال. كما استطاعت القوات الليبية، في هذه المعارك، اسر 1500 مقاتل تشادي، من اصل 5000، كانوا في "فايا لارجوا". وقد شارك في هذه المعارك، 4000 جندي ليبي، مدعمين بغطاء جوي مكثف، يساندهم 2500 مقاتل من قوات "واداي". (1) (4) (5).



ثم واصلت قوات "واداي" والقوات الليبية، زحفها نحو العاصمة (انجامينا)، فاستنجد الرئيس التشادي "فيليكس معلوم" بفرنسا، التي تدخلت بـ 1000 جندي، مدعمين بغطاء جوي، يُقدر بعشرين طائرة "جقوار". وتراجعت القوات الليبية وقوات "واداي"، الى شريط اوزو، بعد ان طردتها، قوات "هبري"، والقوات الفرنسية، من مدينة "عاطي" في مايو 1978م.(4) وكانت فرنسا حريصة على عدم التصادم مباشرة، مع القوات الليبية، وتمثلت مساعدتها لهبري، في المساندة السياسية والمعدات والتهديد الجوي والمعلومات.



وفي يوليو من عام 1979م، شكلت الاطراف التشادية المتصارعة، بما في ذلك "واداي"

و"هبري"، حكومة عُرفت بـ "حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية" (انظر الفصل الثالث- تحت عنوان "انشقاقات وتصادمات"). وذلك بعد ان تخلص "هبري" من حليفه الرئيس التشادي، "فيليكس معلوم". واصبح "واداي" رئيسا لتشاد، و"عبد القادر كاموجي" نائبا للرئيس، و"حسين هبري" وزيرا للدفاع الوطني، و"احمد اصيل" وزيرا للخارجية، و"ابا صديق" وزيرا للصحة. ولم يوافق النظام الليبي على هذه الحكومة بالكامل، واعتبر تشكيلها بهذه الكيفية، تهميشا له ولاعوانه. كما رأت ليبيا ان قبول "واداي" لرئاسة الحكومة الوطنية، يعتبر محاولة لتهميش ليبيا. (3)(6)



لذلك اندلعت صدامات عسكرية عديدة، بين القوات الليبية وحليفها "واداي"، استمرت هذه التصادمات، الى نهاية 1979م. وفي نوفمبر1979م، حاولت القوات الليبية احتلال مدينة، "فايا لارجوا"، تساندها قوات البركان، فتصدت لها قوات "هبري" وقوات "واداي" معا (4)، وهكذا اصبح اعداء الامس، اصدقاء اليوم، ضد القوات الليبية.



وعندما كادت ليبيا، ان تخسر اكبر واهم اعوانها من القادة التشاديين (واداي) الى الابد، اندلع صدام مسلح في "انجامينا"، في مارس 1980م، بين قوات "هبري" وقوات "واداي"، فاستطاعت قوات "واداي" السيطرة على النصف الشمالي من العاصمة، كما استطاع "هبري" السيطرة على النصف الجنوبي منها. واستمر هذا القتال لمدة تسعة اشهر، انتصر فيه "هبري" على "واداي". (1) (4) (5)



استنجد "واداي" اثر ذلك بليبيا، مرة اخرى، فانطلقت القوات الليبية في اكتوبر 1980م، تدعمها قوات "واداي"، وقوات "الفيلق الاسلامي"، وهو جيش من المرتزقة جُند من مختلف البلاد والجنسيات، وتدفع ليبيا لمنتسبيه، رواتب شهرية من 500 الى 5000 دولار شهريا، مع مبلغ يدفع لاهل المجند، في حالة موته (قد يصل الى 50000 دولار). (1) (4) (5)



انطلقت هذه القوات التي تكونت من 7000 جندي نظامي، تدعمهم مئات المصفحات والدبابات، من طراز T-55s، بالاضافة الى الدعم الجوي، والمدافع المضادة للطائرات. كما شاركت قوات الفيلق الاسلامي، بـ 7000 مقاتل، وقوات البركان، وقوات واداي،

بـ 0 600الى 7000 مقاتل.(4)



اما القوات التشادية، فقد بلغت 4000 جندي، ينقصها الغطاء الجوي، والاسلحة الثقيلة، والمدافع المضادة للدبابات. فاستطاعت القوات الليبية، وقوات "واداي"، و"البركان"، احتلال مدينة "فايا لارجوا" في اوائل نوفمبر 1980م (4).



ثم تقدمت هذه القوات نحو "انجامينا"، ودخلتها في 16 ديسمبر 1980م، واصبح "واداي" عقب ذلك، رئيسا لتشاد. وهرب "هبري" الى الكاميرون، وربما هربت قواته الى السودان. فطاردت قوات الفيلق الاسلامي، قوات هبري، داخل السودان، ولكن مصر (في عهد الرئيس انور السادات) هددت ليبيا بالتدخل العسكري، اذا دخل جندي ليبي واحد الى ارض السودان.

فقدت القوات الليبية، في هذه المعارك، التي استمرت من اكتوبر الى منتصف ديسمبر، 1980م، عدد 1500 جندي، بينما جرح الاف اخرون. (1) (4) (5)



وفي السادس من يناير من عام 1981م، اي قبل مرور اقل من شهر، على سيطرة قوات واداي والقوات الليبية على "انجامينا"، اعلنت ليبيا ضم تشاد اليها. او بالاحرى، اعلنت عن قيام وحدة من طرف واحد. فاتهم "واداي" اثر هذا الاعلان، بانه دمية تلعب بها ليبيا كيفما تشاء. واعتبر المراقبون السياسيون، ان اعلان الوحدة، بهذا الشكل، وبهذه الصورة، وتحت هذه الظروف، ومع تواجد قوات ليبية في تشاد (بلغت حسب بعض المصادر 15000 جندي ليبي في ذلك الوقت)، هو ثمن مساعدة ليبيا لـ"واداي" ضد "هبري". او ربما كان ضم تشاد، جزء من المخطط الذي كانت ترمي اليه ليبيا من وراء تدخلها اصلا. وشكك التشاديون، كما شككت الدول الافريقية الاخرى، في مواقف "واداي"، وطبيعة علاقاته واتفاقياته ومباحثاته وتعاونه مع ليبيا. كما اثار هذا الاعلان، حفيظة وغضب الجميع، بما في ذلك، اغلب او جميع الدول الافريقية، كما اغضب "فرنسا" ايضا. بل حتى "منظمة الوحدة الافريقية"، طلبت من ليبيا، الانسحاب الفوري من تشاد. (1) (3) (4) (6).



استنكر "واداي" الاعلان عن ضم تشاد الى ليبيا، واستنكر الاعلان عن الوحدة، من طرف واحد، واصر ان ليبيا وتشاد دولتان منفصلتان. ليس ذلك فحسب، بل طلب من ليبيا سحب قواتها من تشاد فورا، بالرغم من ان هذه القوات، هي التي ساعدته على هزيمة "هبري". فاندلعت، على خلفية هذه الاحداث، صدامات عديدة متتالية، بين القوات الليبية وقوات "واداي"، انتقاما لموقف "واداي". ومن اشهر هذه الصدامات، تلك التي جرت، في ابريل 1981م، في مدينة "ابشة"، او قريب منها، وقد ذهب ضحيتها الكثير من الليبيين والتشادين (1) (4) (6)



اضطرت ليبيا، استجابة لهذه الضغوط،، او كسبا لموقف سياسي، او انتقاما من "واداي"، الانسحاب الى شريط اوزو، في غضون ثلاثة اسابيع فقط، او اقل. وتم الانسحاب المفاجأة السريع، في اكتوبر1981م. فاستغل "هبري" الفراغ العسكري الذي سببه انسحاب القوات الليبية، وزحف في 7 يونيو 1982م، على "انجامينا"، فاحتلها، وهرب "واداي" الى ليبيا. واصبح "هبري" رئيسا لتشاد. وكان قد تلقى دعما عسكريا وسياسيا، من السودان ومصر وفرنسا وامريكا. (1) (4) (6)



احتضنت ليبيا "وادي"، مرة اخرى، وقررت ان تحتل "انجامينا" وتطرد "هبري"، فجهزت في1983م، 11000 جندي، تساندهم كالعادة، قوات "واداي" و"البركان" و"الفيلق الاسلامي". فارسل "هبري" في ابريل 1983م، قوات قوامها 1700 مقاتل لاعتراضها او تأخيرها، فهُزمت قوات هبري، وقتل منها 142 مقاتل تشادي، ووقع منها 252 في الاسر. واستطاعت القوات الليبية وحلفائها احتلال مدينتي "فايا لارجوا" و"ابشة"، في 25 يونيو 1983م، وواصلت زحفها نحو "انجامينا" (4)



لكن هبري شن هجوما مضادا، في اوائل يوليو 1983م، وانتصر على قوات "واداي" في مدينة ابشة، وفي نهاية نفس الشهر، واصلت قوات "هبري" هجومها حتى حررت "فايا لارجوا"، ثم انطلقت نحو اوزو. (4) (6)



فجهزت ليبيا في اوائل اغسطس 1983م، قوات بلغت اكثر من 10000 مقاتل، مدعمين، وكالعادة، بالدبابات وبـ 80 طائرة مقاتلة، بعضها طائرات SU-22s (سوخوي) وميراج وTU-16 و دبابات ومدافع وقاذفات وصواريخ. كما ساهم "واداي" بـقوات بلغت ما بين الـ 3000 الى الـ 4000 مقاتل. (4)



وفي العاشر من اغسطس 1983م، هاجمت هذه القوات، قوات "هبري"، التي بلغت قرابة الـ 5000 جندي، تمركز اغلبهم في مدينة "فايا لارجوا". ولم يستطع هبري الصمود، فانسحب الى انجامينا، بعد ان خسر قرابة الـ 700 جندي. لكنه استنجد بفرنسا.(4) فقسمت فرنسا تشاد الى نصفين، يفصل بينهما، خط عرض 16، على ان تتحكم فرنسا وقوات "هبري" في المناطق الواقعة جنوب هذا الخط،، بينما تسيطر القوات الليبية وقوات "واداي" على المناطق الواقعة شماله. (1) (3) (4) (5) (6) وصرحت فرنسا، مهددة، ان اية قوات، تتجاوز هذا الخط جنوبا، ستتعرض الى القصف الجوي بالطائرات الفرنسية.



وفي السادس من سبتمبر 1983م، هاجمت قوات "هبري" مدينة "ام شالوبة"، جنوب خط العرض16، وطردت منها القوات الليبية، وقوات "واداي". ثم اتجهت الى مدينة "فايا لارجوا"، شمال الخط، واحتلتها. فقامت القوات الليبية، اثر ذلك، بقصف مدينتي "ام شالوبة" و"فايا لارجوا"، بقنابل النابالم وقنابل الفسفور الابيض (4) وكانت مذبح راح ضحيتها المدنيين الابرياء. الامر الذي انكرته ليبيا، واكدته تشاد. وحاول "هبري"، اثر ذلك، شن هجوما على شريط اوزو، ولكنه تراجع عن ذلك.



وفي ابريل 1984م، اقترح الرئيس الفرنسي "فرانسوا ميتران"، في اجتماع ضمه مع معمر، في جزيرة كريت باليونان، اقترح، انسحاب القوات الليبية والفرنسية من تشاد. فوافق معمر، على اقتراح الرئيس الفرنسي، وفعلا انسحبت القوات الفرنسية، في العاشر من نوفمبر 1984م. لكن القوات الليبية لم تنسحب، بل كانت تتظاهر بالانسحاب، او ربما سحبت جزء رمزي من قواتها، ثم اجرت بعض التنقلات والتحركات، تظاهرا بالانسحاب. وبقى في تشاد الاف الجنود الليبيين (تقدرها بعض المصادر ب 6000 جندي). (4) (6) وقد سبب هذا الامر، ازمة سياسية، كان الجنود الليبيون ضحيتها، كما سنبين ذلك فيما بعد.



وسنواصل الحديث عن باقي المعارك ونتائجها، في الجزء الثاني من هذه الحلقة، الاسبوع القادم، باذن الله، تحت عنوان "مذابح.. لا .. معارك 2"، والله ولي التوفيق.



اضغط هنا للاطلاع على باقي حلقات "حرب تشاد.. الكارثة.. الكارثة".



د. فتحي الفاضلي

__________

لمراسلة الكاتب

Cant See Links

Cant See Links

Cant See Links





لزيارة موقع الكاتب

Cant See Links



المراجع:



1- Geoff L. Simons (2004). Libya and the West... From Independence to Lockerbie. I.B.Taurist & Co Ltd. pp. 60-81.

2- محطات من تاريخ ليبيا.. مذكرات محمد عثمان الصيد ( رئيس الحكومة الليبية الاسبق) / اعدها للنشر / طلحة جبريلL الطبعة الاولى / 1996م/ ص 183-184.

3- Virginia Thompson & Richard Adloff. (1981) Conflict in Chad. Institute of International Studies, University of California, Berkeley; no. 45. Research Series, University of California, Berkeley.

4- Kenneth M. Pollack (2002). Arabs at War, Military Effectiveness, 1948-1991. Lincoln: University of Nebraska Press

5- Geoff Simons (1993) Libya: the Struggle for Survival. New York: St. Martin Press. P 268-277.
6- Library of Congress, Federal Research Division. Country Study: Chad. edited by Thomas Collelo .Cant See Links.

7- John Wright (1989). Libya, Chad and the Central Sahara. Barnes and Nobel books, Ottowa, New Jersey.


Cant See Links


رد مع اقتباس
قديم 10-18-2011, 03:22 AM   رقم المشاركة : 5
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: تشاد Chad

كتاب حرب تشاد.. الكارثة.. الكارثة
6- مذابح.. لا.. معارك.. الجزء الثاني


انتهت الحلقة السابقة عندما اقترح الرئيس الفرنسي "فرانسوا ميتران"، في ابريل 1984م، انسحاب القوات الليبية والفرنسية من تشاد. فوافق "معمر" على هذا الاقتراح، وتعهد بالانسحاب، فانسحبت القوات الفرنسية، لكن القوات الليبية لم تنسحب، مما خلق ازمة سياسية، كان الجنود الليبيون ضحيتها الوحيدة.
وفي نفس الفترة، ساندت امريكا، القوات التشادية، بثقل اكبر من المعتاد، فامدت "هبري" بدعم مالي وسياسي وعسكري، حيث زودته بالعتاد، والمال، والمعلومات، والسلاح. كما ساعدت فرنسا ايضا، قوات "هبري"، في نفس المجالات، بالاضافة الى مجال التدريب. وكانت اهم الاسلحة التي تحصلت عليها، او طلبتها، القوات التشادية، في تلك الفترة، هي الاسلحة الخفيفة المحمولة، المضادة للدبابات والطائرات، ومنها على سبيل المثال، قاذفة الصوايخ الامريكية المحمولة على الكتف (Redeye) وصواريخ ميلان (MILAN) الفرنسية. (4) (8) (9)



كما غيرت القوات التشادية من اساليبها العسكرية، حيث تبنت تكتيكات جديدة، تمثلت في استخدام سيارت من نوع تويوتا- بيك-آب(شاحنات تويوتا صغيرة) مزودة بمدافع 106 ملم، ومدافع رشاشة، بالاضافة الى قاذفات مضادة للدبابات، وعربات مدرعة صغيرة. وتتميز هذه السيارات (التويوتا) بسرعتها، وسهولة تحركها على الرمال، مقارنة بالدبابات، وكذلك سهولة المناورة بها، خاصة عند الدوران، وعند تغيير اتجاه السيارة بصورة مفاجأة. اما الدبابة فثقيلة الوزن، وبطيئة الحركة، مقارنة بهذا النوع من السيارات، لذلك يصعب المناورة بها، كما يصعب هروبها، من امام القاذفات، بسرعة ودقة، اذا ما تعرضت لهجوم ما، وقد تكون ايضا، قليلة الفاعلية عند الالتحام.




وتتلخص اساليب القوات التشادية الجديدة، في اختراق القوات الليبية، رتل كانت او فصيل او غير ذلك من التقسيمات العسكرية، بسرعة كبيرة، من عدة جوانب بهذه السيارات، ثم تفرقها، او تقسمها، الى مجموعات صغيرة تعزلها عن بعضها البعض، ثم تحاصر المجموعات الصغيرة، من جميع الجهات، وتفنيها بالكامل تقريبا، مستخدمين المدافع، والرشاشات، المحمولة، او المنصوبة، على ظهور السيارات التي تحدثنا عنها. (4)



اما بالنسبة للدبابات، فقد كانت السيارة تدور بسرعة حول الدبابة، ثم تقصفها (من المنتصف غالبا). وقد تتلقى الدبابة الواحدة، في اغلب الاحوال، اكثر من قذيفة، من اكثر من سيارة. وكانت السيارة تقوم بتغيير اتجاهها، بسرعة ومرونة، بعد ان تقصف الدبابة، لتهرب من مجال القصف، فتتقدم سيارة اخرى، لتقصف نفس الدبابة، من جهة اخرى، فتُحرق الدبابة بمن فيها احيانا. (4) واذا حاول طاقم الدبابة الهروب، او نجح في الهروب من الدبابة، تلقته الرشاشات من جميع الاتجاهات. وقد تبنت القوات التشادية، هذا الاسلوب، في اغلب المعارك، التي سنتحدث عنها، وحتى نهاية الحرب تقريبا.



وقررت القوات الليبية وقوات "واداي"، في وسط 1985م، شن هجوم كبير على القوات التشادية بقيادة "هبري". فجهز الليبيون 7000 جندي، تساندهم ثلاثمائة عربة مدرعة ودبابة، وستون طائرة مقاتلة، بالاضافة الى الفين او ثلاثة الاف مقاتل من قوات "واداي". وبدأ الهجوم، في بداية فبراير 1986م، فتجاوزت القوات الليبية وقوات "واداي"، خط العرض 16، بقوة قوامها 5000 جندي، يساندهم الغطاء الجوي، والاسلحة المدرعة الثقيلة، بالاضافة الى 5000 مقاتل من قوات البركان، وقوات "واداي". واستطاعت هذه القوات احتلال "ام شعلوبة"(او ام شالوبة) و "كاليات". (1) (4) (5)



شنت القوات التشادية، اثر ذلك، هجوما مضادا، مستخدمة التكتيك الجديد، الذي تحدثنا عنه، اي سيارات التويوتا المزودة بالمدافع والرشاشات والقاذفات المضادة للدروع الثقيلة. فحررت "ام شعلوبة" و"كاليات"، في اليوم الثاني من احتلالهما، وذلك في 13 فبراير 1986م. (4)



ثم اضافت فرنسا، دعما اخر لـ "هبري"، تمثل هذه المرة بـ 2000 جندي فرنسي، بالاضافة الى دعم اخر، في جوانب الاستطلاع والاسلحة والتدريب والمعلومات. كما قام السلاح الجوي الفرنسي (مستخدما طائرات الجقور)، بقصف مواقع وقواعد للقوات الليبية في تشاد، تنفيذا لما هددت به فرنسا، في حال اختراق، القوات المهاجمة (الليبية وواداي) لخط العرض 16. فاضطرت القوات المهاجمة (القوات الليبية وقوات واداي) مع القصف الفرنسي، ومع هجوم "هبري"، الى الغاء الهجوم الكبير والتراجع الى شريط اوزو. (1) (4) (5)



ثم اتسعت رقعة الخلاف بين "معمر" و"واداي" مرة اخرى. وربما اراد "واداي" ايقاف المعارك لحقن الدماء، او ربما احس بانتصارات هبري، او ادرك حجم الدعم الفرنسي والامريكي، او شعر بان ليبيا تنوي استبداله بحليف اخر ( الشيخ عمر). ومهما كان السبب، فقد عرض "واداي" مبدأ الصلح مع "هبري"، الامر الذي اعتبره النظام الليبي خيانة من جانب "واداي". (4) (12)



وكالعادة لم يتعامل النظام الليبي بالحكمة التي يتطلبها، الموقف الحساس، والمتمثل في وجود جنود ليبيين في ميدان الحرب، مختلطين بقوات "واداي" في عمق تشاد. فقد القى القبض على "واداي"، بامر من "معمر"، ووضع في احد السجون، او تحت الاقامة الجبرية. بل وترددت اخبار مفادها ان "واداي" وحراسه، قاوموا امر الحجز او القبض، فاطلق عليهم اعوان النظام (احد الحراس) النار، ويقال ان "واداي" اصيب بجروح، من جراء طلقات نارية، بل وذكرت بعض المصادر، ان بعض الليبيين والتشاديين من الحراس، قُتلوا في تلك الحادثة. جرى كل ذلك في 30 اكتوبر من عام 1986م. ودفع الجنود الليبيون في الميدان ثمن هذا الخطاء الفادح. (1) (4) (5)



فعندما وصل خبر اعتقال "واداي"، الى قواته في تشاد، انضمت قوات "واداي" الى قوات "هبري" فورا، واخذت القوتان (هبري وواداي) تقاتلان معا، القوات الليبية. ففتح النظام الليبي على نفسه بذلك، جبهة دموية جديدة. يل ذكرت بعض المصادر ان قوات "واداي"، اختطفت، او القت القبض على اكثر من 60 ضابط وجندي، من القوات الليبية، وهربت بهم الى جبال تيستي، كرهينة، حتى يتم اطلاق سراح "واداي". واندلعت كذلك صدامات دموية بين الحلفاء السابقين (القوات الليبية وقوات واداي)، ثم استطاعت قوات "واداي"، طرد القوات الليبية، من مدن "اور" و"ازور" و"بارادي"، في منطقة تبستي. (1) (4)

فارسلت ليبيا قوة مكونة من 2000 جندي، مدعمين بدباباتT-62 ، وغطاء جوي مكثف، وطردت قوات "واداي" من المدن والقرى المناطق التي استولت عليها في "تبستي". فارسل "هبري"، اثر ذلك، دعما لقوات "واداي"، مكون من 2000 مقاتل، استطاعوا، مع قوات "واداي"، استعادة مدن وقرى "اور" و"ازوار" و" بارادي"، مرة اخرى، وذلك في يناير1987م. (4)



وفي مارس1987م، انسحبت القوات الليبية من مناطق "تبستي"، وجهزت قوات اخرى، قوامها 8000 جندي، يدعمهم غطاء جوي مكثف، من طائرات الميج القاذفة المقاتلة، وطائرات الميج الهوائية (الهيلوكوبتر)، بالاضافة الى اكثر من 60 طائرة مقاتلة اخرى، وثلاثمائة دبابة ومصفحة، وانظمة صواريخ، وراجمات. (4)



وجهز "هبري"، من جانبه، قوات قوامها 10000 مقاتل، (من بينها قوات "واداي")، بالاضافة الى 20000 مقاتل احتياطي تجمعوا من عدة مناطق وقبائل في تشاد. مستعدين للقتال عند الحاجة. واتجه 5000 من هذه القوة، بقيادة "حسن جاموس"، الى مدينة "فادا"، احد المعاقل الرئيسية للقوات الليبية. وقد استخدمت هذه القوة، 150 سيارة مدرعة امريكية، و70 ناقلة فرنسية، و400 سيارة "تويوتا- بيك آب"، مزودة ببنادق رشاشة، ومدافع مورتر وقاذفات قنابل يدويه وصواريخ ميلان. (4)



وفي الثاني من يناير1987م، شنت هذه القوات، هجوما على مدينة "فادا"، واستطاعت تحريرها في غضون ثمان ساعات فقط،، بعد سلسلة من الهجومات المباغتة استخدمت فيها الاساليب الجديدة التي تبنتها القوات التشادية.



وفقدت ليبيا في هذه الساعات الثمانية، 784 قتيل (بل ذكرت بعض المصادر ان عدد الضحايا وصل الى 800 فقيد)، من اصل 1200 مقاتل، كانوا في مدينة "فادا"، كما وقع في الاسر81 اسيرا، بالاضافة الى تدمير ما يقارب من المائة دبابة، والاستيلاء على ستة مدافع مضادة للطائرات، وعلى مجموعة من دبابات T-55s السوفياتية، بينما قُتل 50 وجرح 100 مقاتل من الجانب التشادي. (1) (4) (12) (15)

فارسلت القيادة العسكرية الليبية، في"وادي الدوم"، في اواسط مارس1987م، 1500 مقاتل، في محاولة لاستعادة مدينة "فادا"، ونجدة القوات التي انهزمت فيها. وكانت القوات التشادية تتوقع هذا الامر، فسقوط "فادا"، حتما سيدفع بالقوات الليبية، الى ارسال قوات لاستعادتها، او لنجدة القوة المتبقية فيها او حولها. لذلك نصبت القوات التشادية، كمينا للقوات التي ارسلت للنجدة، لاستعادة "فادا". وفي الثامن عشر من مارس، توقفت القوات الليبية في منطقة "بئر كوران" (تكتب "بير كورا" في بعض المصادر)، فحاصرتها القوات التشادية ليلا. وفي فجر التاسع عشر من مارس، هاجم التشاديون القوات الليبية، من جميع الجوانب، وكانت مذبحة اخرى، بعد مذبحة "فادا". (1) (4) (12) (13) (15)



ثم ارسلت القيادة العسكرية الليبية، في "وادي الدوم"، قوات اخرى، لمساعدة القوات التي حوصرت ودمرت في "بئر كوران". لكن القوات التشادية سارعت للقاء هذه القوات ايضا، وهاجمتها في التاسع عشر من شهر مارس ليلا (اي في نفس اليوم الذي جرت فيه مذبحة بئر كوران)، قبل ان تصل هذه القوة الى هدفها، وبالتحديد على بعد عشرة اميال شمال "بئر كوران"، حاصرتها القوات التشادية، ومارست عليها نفس الاساليب السابقة، الذي مارسته في بئر كوران، وقضت عليها، قضاء تاما، في فجر 20 مارس1987م. (4) (12) (15)



وقد بلغت خسائر القوات الليبية، في هاتين المعركتين (معركة نجدة قوات "فادا"، ومعركة نجدة قوات "بئر كوران") 800 قتيل، بالاضافة الى تدمير 86 دبابة من طراز T55s، كما استولت القوات التشادية على اكثر من عشر دبابات، وعتاد اخر لاحصر له. (4)



وفي نهاية مارس1987م، اتجه 2000 مقاتل تشادي، لمهاجمة قاعدة "وادي الدوم"، مركز قيادة القوات الليبية الرئيسي، والذي كان محميا، بقوة تبلغ من 5000 الى 7000 جندي، بالاضافة الى اكثر من 200 الى 300، من الدبابات وناقلات الجنود والعربات المدرعة، وكانت القاعدة محاطة بحقول الالغام، كما يوجد بها كم هائل من الاسلحة الثقيلة والخفيفة من مدافع وصواريخ وراجمات واجهزة انذار ورادارات. مع غطاء جوي من طائرات الميج 21 و 24 (هيلوكوبتر) و25، وطائرات السوخوي 22، وعدد اخر من الطائرات الايطالية والتشيكية، وطائرات نقل روسية من نوع "انتينوف"، مع دفاعات جوية تتكون من صواريخ سام 6، و سام 7، ومنظومة صواريخ اخرى، بالاضافة الى المدافع المضادة للطائرات. (1) (4) (5) ( 12) (13) (15)




كان اقتحام وادي الدوم، شبه مستحيل، نظريا، فقد كان، وكما راينا، محصنا بصورة رهيبة. خاصة لو اخذنا في الاعتبار، امكانيات التشاديين المتواضعة، امام تحصينات وادي الدوم الهائلة. وربما كان التشاديون على علم بمداخل ومخارج القاعدة، وعلى علم بنقاط ضعفها، وتحصيناتها، ومواقع حقول الالغام التي كانت تحيط بها. بل ربما كانوا على علم بالامور اليومية والادارية والتنظيمية في القاعدة. وربما علمت القوات التشادية بذلك، عن طريق اعوان "واداي" (حلفاء الامس واعداء اليوم) الذين كانوا يقاتلون في صفوف القوات الليبية، قبل انضمامهم الى قوات "هبري"، وقبل ان يصدر معمر امره، بالقبض على "واداي".



حاصرت القوات التشادية القاعدة، ثم اقتحمتها في 22 مارس1987م، بقيادة "حسن جاموس"، بقوة بلغت من 2000 الى 3000 مقاتل. وسقطت القاعدة، في غضون اربع وعشرون ساعة، وتقول بعض المصادر ان القاعدة سقطت (فعليا) خلال اربع ساعات فقط من الهجوم. (4) (13) وجسدت بذلك، اكبر صدمة عسكرية منذ بداية التدخل الليبي في تشاد. فالقاعدة الحصينة، ومركز القيادة ،وما حوته من دروع، وطائرات، وجنود، واجهزة انذارات، وصواريخ، ومصفحات، سقطت في طرفة عين، فتعرضت القوات الليبية لمذبحة اخرى غير متوقعة.



لقد تم اختراق القاعدة اولا، ثم الانتشار فيها، ثم تدميرها بما فيها، ولم تتلق القوات التشادية، مقاومة تذكر، فلم يكن الدفاع عن القاعدة يناسب حجم الهجوم، او يناسب اهمية القاعدة، وحجم القوات والاسلحة الموجودة فيها. كما جرت محاولات ضعيفة لشن هجومات مضادة، ولكنها فشلت.



وتقدر خسائر القوات الليبية في "وادي الدوم" ،بـ 1269 قتيل، و438 اسير، بالاضافة الى تدمير مئات الدبابات والمدرعات وناقلات الجنود والاليات. وبالاضافة ايضا، الى تدمير 20 طائرة تشيكية، من طرازL-29، و4 طائراتMi-24s ، وراجمات، وعدة بطاريات صواريخ، من نوع سام، بينما بلغت خسائر التشاديين 29 قتيلا و 58 جريحا. (4) (13)

شنت القوات الجوية الليبية، اثر ذلك، غارات جوية انطلقت من قاعدة "معطن السارة" التي تقع داخل ليبيا (على بعد 100 كيلومتر تقريبا من الحدود التشادية). وذلك كرد فعل على سقوط وادي الدوم، وبهدف تدمير الاسلحة والعتاد والاجهزة التي بقت في القاعدة، حتى لا تستفيد منها القوات التشادية.



وعقب سقوط وادي الدوم، انسحبت القوات الليبية من مدينة "فايا لارجوا"، المعقل الرئيسي الاخير للقوات الليبية في تشاد، خوفا من محاصرتها، كما حدث في مدينة "فادا"، وقد قدرت الخسائر في "فايا لارجوا"، قبل واثناء وبعد الانسحاب، بالمئات ايضا، كما استولت القوات التشادية، على طائرات "توبوليف" مقاتلة قاذفة، وميغ 21، وهيلوكوبتر، وصواريخ سام، ورادار سوفياتي، واكثر من 100 دبابة. وقد قدرت تكلفة هذا المعدات التي استولى عليها التشاديون ب 500 مليون الى بليون دولار (1) (5).



انسحب ما تبقى من القوات الليبية، بعد سقوط "وادي الدوم"، الى "اوزو"، وفي ربيع 1987م، اعدت ليبيا قوة تراوحت ما بين 12000 الى 13000 جندي، انطلقت في اوائل اغسطس 1987م، نحو "بارداي". فاعترضتها القوات التشادية وحاصرتها في "اومشي"، على بعد 80 كيلومترا جنوب مدينة "اوزو". وعاملتها بنفس الاسلوب، عن طريق استخدام سيارات "التويوتا" والعربات المدرعة السريعة، التي تحدثنا عنها. وذلك على غرار ما حدث في "بئر كوران" وباقي المناطق. واستطاعت القوات التشادية، ان تحتل مدينة "اوزو" في الثامن من اغسطس 1987م. (4)



بلغت خسائر القوات الليبية في هذه المعارك (اومشي واوزو( 650 قتيلا، كما وقع 147 ليبيا في الاسر، ودمرت قرابة الـ 100 سيارة عسكرية، والـ 30 دبابة وعربة مدرعة. (4)



قصفت القوات الجوية الليبية، اثر ذلك، مدينة "اوزو"، قصفا مكثفا لفترة طويلة، ثم تقدمت قوات ليبية مكونة من 13000 الى 15000 الف جندي تجاه المدينة، ونجحت في استرجاعها، في 28 اغسطس 1987م. وقد بلغت خسائر الليبيين البشرية، في معارك "اوزو"، قرابة الـ 1225 قتيل، و262 جريح. (4)



وكانت الطائرات التي قصفت مدينة "اوزو"، تنطلق من قاعدة "معطن السارة" في ليبيا. فقررت، القوات التشادية، لذلك، اقتحام القاعدة، وتدميرها في العمق الليبي، إما انتقاما لقصف اوزو، او لشل القاعدة ومنعها من شن غارات جوية مستقبلا. فتسللت قوة يقودها "حسن جاموس" ايضا، داخل الاراضي الليبية. ثم تسللت هذه القوة، داخل القاعدة ليلا، واختفوا في اركانها وزواياها ومواقع متفرقة منها. وكانوا يعرفون القاعدة شبرا شبرا، ويعرفون زواياها، واركانها، وخباياها، وبواباتها، وحراساتها، واسلحتها، ويعرفون عنها الكثير غير ذلك.



وعند الفجر، نجح التشاديون في تدمير القاعدة، تدميرا كاملا، وخاصة الاسلحة، والمعدات، التي لم يقدروا على حملها او قيادتها او استخدامها. وقد تم ذلك، في الفترة من 4 الى 6 سبتمبر 1987م.



وقد قدرت خسائر ليبيا البشرية، في قاعدة "معطن السارة"، حوالي 1700 جندي، كما وقع 300 في الاسر، بالاضافة الى تدمير 26 طائرة، و70 دبابة و سيارة مدرعة، وعدة رادارات. بينما خسر التشاديون 65 مقاتل، وجرح منهم 112 مقاتل فقط. (4) .وكان معمر، في تلك الاثناء يحتفل بعيده، في سبتمبر، عيد معمر، ويحدث الشعب الليبي، في خطابه، عن احتلال شريط "اوزو"، لكنه لم يحدث شعبه عن المعارك.. او .. بالاحرى.. المذابح.. التي تعرض لها ابناء الوطن، في بئر كوران، وفادا، ووادي الدوم، وفايا لارجو، واوزو.. وغيرها، وذلك حتى لا يفقد القائد العام للقوات المسلحة، بهجة العيد، عيد الفاتح العظيم.



وهكذا..



قدرت خسائر ليبيا البشرية، في حرب تشاد، من بدايتها الى نهايتها من 8000 الى 10000 ليبي، واكثر من الف وخمسمائة اسير. وفقدت ليبيا معدات يقدر ثمنها بثلاثة بلايين من الدولارات، في فترة محدودة جدا. من بينها 28 طائرة، واكثر من 800 دبابة وعربة مدرعة وناقلات ورادارات واجهزة انذار وبطاريات صواريخ، وغيره مما لا يحصى من الاسلحة الخفيفة والعتاد والوقود والذخائر ناهيك عن الاف الملاين التي صرفت في بناء الطرق والمطارات والمهابط والمدرجات مما يحتاج الى كتاب كامل لحصرها وتقييمها. بينما بلغت خسائر التشاديين اقل من الف جندي.



بعد كل هذه الخسائر في الارواح والاموال والمعدات، تفضل النظام الليبي، وعلى رأسه معمر، بتحويل قضية اوزو الى المحكمة الدولية، التي حكمت بحق تشاد في شريط اوزو المتنازع عليه. لكننا لن نسبق الاحداث، بل سنتحدث قبل ذلك، عن دوافع الحرب واسباب الهزيمة، ونتحدث فيها بالتحديد، عن دور جميع الاطراف في هذه الهزيمة، بما فيها بالطبع، الاطراف السياسية والعسكرية. نتحدث بعدها، باذن الله، عن مآسي ومذابح اخرى، صاحبت هذه الكارثة التي حلت ببلادنا.



فالى اللقاء في الحلقة السابعة.. باذن الله.. من حرب تشاد.. الكارثة.. الكارثة.. والحديث عن دوافع الحرب واسباب الهزيمة. والله ولي التوفيق.



اضغط هنا للاطلاع على باقي حلقات "حرب تشاد.. الكارثة.. الكارثة."



د. فتحي الفاضلي

___________________

لمراسلة الكاتب

Cant See Links

Cant See Links

Cant See Links

لزيارة موقع الكاتب

Cant See Links







المراجع:





Geoff L. Simons (2004). Libya and the West... From Independence to Lockerbie. I.B.Taurist & Co Ltd. pp. 60-81.

محطات من تاريخ ليبيا.. مذكرات محمد عثمان الصيد ( رئيس الحكومة الليبية الاسبق) / اعدها للنشر / طلحة جبريلL الطبعة الاولى / 1996م/ ص 183-184.

Virginia Thompson & Richard Adloff. (1981) Conflict in Chad. Institute of International Studies, University of California, Berkeley; no. 45. Research Series, University of California, Berkeley.

Kenneth M. Pollack (2002). Arabs at War, Military Effectiveness, 1948-1991. Lincoln: University of Nebraska Press

5. Geoff Simons (1993) Libya: the Struggle for Survival. New York: St. Martin Press. P 268-277.
Library of Congress, Federal Research Division. Country Study: Chad. edited by Thomas Collelo .Cant See Links.

John Wright (1989). Libya, Chad and the Central Sahara. Barnes and Nobel books, Ottowa, New Jersey.

تشاد الاطماع والمأساة 1 / الانقاذ/ العدد 21/ رجب 1407 هـ- مارس 1987م ص 4-15

تشاد الاطماع والمأساة 2 / الانقاذ/ العدد 22/ شوال 1407 هـ- يونية 1987م ص 17-22

النزاع الليبي التشادي/ التحالف / تصدر عن الدائرة الاعلامية للتحالف الوطني الليبي/ العدد الثالث/ اكتوبر 1989م. ص 13-19.

تورط القذافي في تشاد الى اين/ الطليعة/لا يوجد رقم للعدد ولا تاريخ اصدار/ ص 46-50.

حلقة جديدة في المسلسل التشادي/ شهداء ليبيا/ العدد 19/ يناير 1987م/ ص 3.

التشاد: متى تبدأ الجولة الجديدة / اليوم السابع/ الاثنين 10 نوفمبر 1986م/ ص 26

مكره اخاكم.. لا بطل/ صوت ليبيا/ العدد 12/ نوفمبر 1981م/ ص 4-5.

جريمة في تشاد /احمد الزبير السنوسي/ من خفايا انقلاب 1969/ موقع اخبار ليبيا/ .
Cant See Links


رد مع اقتباس
قديم 10-18-2011, 03:27 AM   رقم المشاركة : 6
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: تشاد Chad

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب: حرب تشاد.. الكارثة الكارثة
7- دوافع الحرب..


قبل ان اتحدث عن موضوع هذه الحلقة، اود ان انوه الى انني، وكغيري من ملايين العرب والمسلمين، بما في ذلك ملايين الليبيين والتشاديين، ضد هذه الحرب جملة وتفصيلا، حتى لو ورد في هذا الجزء، او في غيره من الاجزاء السابقة او القادمة، ما قد يفهم خلاف ذلك.



واؤمن كذلك، وكغيري من ملايين الليبيين، ان قضية "اوزو"، وجميع القضايا المتعلقة بهذه الحرب، والتي ذهب ضحيتها الاف الابريا، كان من الممكن معالجتها بالف وسيلة ووسيلة سلمية اخرى. كما اؤمن ان كل ليبي، اشترك في هذه الحرب، تضرر بسببها، او لم يتضرر، مات في هذه الحرب، او لم يمت، هو ضحية لهذا النظام الاهوج، وضحية لهذه الحرب العبثية.



كما انني انظر الى الشعب التشادي، كجار مسلم لبلادنا، له ما للجار المسلم من حقوق. لقد جاهد الشعب الليبي، والشعب التشادي، جنبا الى جنب، في الماضي القريب، ضد استعمار مشترك شرس، لم يآلوا فينا، ولا في التشاديين، الا ولا ذمة، كما جاهد الشعب التشادي، في جانب شيخ الشهداء، عمر المختار، وضحى التشاديون والليبيون معا، بدمائهم واموالهم من اجل الارض والدين والعرض.



كما فتح التشاديون اراضيهم لليبيين، وذلك عندما تضاعف جنون الاستعمار الايطالي البشع، فاضطر جزء من الليبيين، الى الهجرة الى ارض الله الواسعة، فاستقبل التشاديون الليبيين، واحتضنوهم، واسكنوهم ارضهم، وشاركوهم في تجارتهم واموالهم، ولم يشعروهم بانهم غرباء او دخلاء، بل اشعروهم، بانهم لا يختلفون عن اهل تشاد الاصليين.



ينطبق كل ذلك، على الجنوب التشادي ايضا، او الجزء غير المسلم، من الشعب التشادي، فجميعنا ضحايا لهذه الحرب العبثية، وما سببته من ظلم، وقهر، وسفك دماء، وتنكيل واغتصاب، ومعاناة، واحزان، ناهيك عما خلفته هذه الحرب البشعة، من يتامى وارامل ومفقودين ومساكين ولاجئين ومعوقين، فهذه الحرب، وبكافة المعايير، كارثة كارثة، طالت البلاد والارض والعباد، في البلدين، ليبيا وتشاد.
وسنتحدث في هذا الجزء، عن دوافع الحرب واسبابها، ثم نتحدث في الجزء القادم، عن اسباب الهزيمة، كما سنخصص فصلا كاملا، من هذا الكتاب، نطلع فيه على اراء ورؤية ووجهات نظر جنود وافراد وقادة وافراد من العسكريين الذين شاركوا في حرب تشاد.

دوافع الحرب..

تعددت دوافع الحرب، وكان اغلبها دوافع مصطنعة، يعلن عنها النظام، من حين الى اخر، ليقنع الليبيين ويقنع القوات المسلحة، بضروروة وجدوى وعدالة هذه الحرب. كما جاءت بعض هذه الدوافع والاسباب كغطاء لاهداف غير معلنة. وسنتحدث في باقي هذا المقال، عن اهم دوافع هذه الحرب واسبابها.


ضم او استعادة شريط اوزو..
تعتبر اعادة شريط اوزو او ضمه الى ليبيا، من بين اهم الاسباب المعلنة للحرب. وقد تحدثنا عن ملابسات هذا الشريط، في الفصل الرابع من هذا الكتاب، تحت عنوان "خلفيات شريط اوزو". وفي خضم مجهوداته المتواصلة والمكثفة للترويج لهذا الدافع، اتهم النظام العهد الملكي بالتسيب والخيانة والمتاجرة بالوطن، والتفريط في جزء من ارض الوطن (شريط اوزو)، لذلك لابد من استرداده ولو بالقوة. وبذلك يحقق النظام اكثر من هدف، فيطعن في امانة ووطنية العهد الملكي من جهة، ويبرر قرار تدخله العسكري من جهة ثانية، ويضفي غطاء وطنيا بطوليا على هذا التدخل، من جهة ثالثة، ويبرز من جهة اخرى "ثورته" كبديل وطني عن العهد الملكي، من المفترض ان يعيد - هذا البديل- كرامة الوطن، ويحرر جزء "مغتصب" منه.


اليورانيوم.. وباطن اوزو..

ويكمن السبب الاخر، في الثروة الهائلة من اليورانيوم، التي يحتويها شريط اوزو. فهذه الثروة اضافت اهمية اقتصادية للشريط بعد اهميته الوطنية والسياسية. فبعد اكتشاف هذه الثروة الاسترتيجية او بالاحرى الاعلان عن وجودها، تحول شريط اوزو، من مجرد شريط صحراوي، وقطعة ارض جرداء، لا يستحق ان يُجرح من اجلها جندي واحد، الى ارض ذات قيمة اقتصادية استراتيجية هائلة. فيبرر النظام، استنادا على هذا السبب، تدخله العسكري، ليس في شريط اوزو وحسب، بل في تشاد بكاملها. فلسان حال النظام، يقول ان استعادة قطعة هذه الارض، الغنية بمثل هذا المعدن، تستحق ان يعلن من اجلها الحرب، وتستحق ان يموت من اجلها الليبيون.







اسباب امنية..

ويكمن السبب الرئيسي الاخر في تأمين الحدود الجنوبية لليبيا. فقد دأب النظام الليبي، في كل مناسبة، بسبب وبدون سبب، على الادعاء بان قوى الامبريالية العالمية والاستعمار والصهيونية والاخطبوط غيرالمرئي، يخطط لغزو ليبيا من الجنوب، وذلك لضرب "الثورة" او سرقتها. بل ويروى ان معمر، كان يردد دائما، ان الثورة ليست مهددة من الشمال فقط (اي من البحر الابيض المتوسط)، بل ومن الجنوب ايضا. وحسب رؤية معمر- فان تأمين الحدود الجنوبية، وحمايتها من القوى "الخفية الوهمية الرهيبة"، يعتبر امرا مصيريا، لا يتم الا عبر السيطرة العسكرية على تشاد (الاحتلال)، او عبر ضمها الى ليبيا نهائيا (وحدة قسرية)، او على اقل تقدير، السيطرة عليها، عبر تثبيت ودعم ومساندة نظام تشادي موالي للنظام الليبي، وجميع هذه الوسائل، تستوجب التدخل العسكري.



الحركة السنوسية..

يعتبر انتشار الحركة السنوسية في شمال تشاد، من اهم الاسباب التي تقف وراء رغبة النظام، في التدخل العسكري والسياسي في تشاد، وذلك منذ قيام الانقلاب في 1969م. فالحركة السنوسية، واتباعها واعوانها والمنتسبين اليها، تعتبر، حتى اليوم، احدى كوابيس معمر. ويمكننا ادراك ذلك بعد مراجعة سريعة لممارسات النظام ضد الحركة، ورجالها واتباعها واضرحتها واموالها وزواياها ومؤسساتها. ومازال شبح المحاولة التي اطلق عليها، "مؤامرة فزان"، او "محاولة سبها"، والتي ضخمها النظام القائم، بصورة خيالية، وادخل فيها الغرب والامبريالية والصهونية والعهد الملكي والسنوسية واهل فزان، - ما زال هذ االكابوس- ماثلا امام معمر، حتى يومنا هذا. ولان تشاد، تعتبر احدى اهم المعاقل الرئيسية للحركة السنوسية، لذلك يرى النظام، ضرورة السيطرة على الشمال التشادي، من اجل شل او اضعاف او انهاء او ضرب او احتواء، او على اقل تقدير، تحييد الحركة والمتعاطفين معها في تشاد.



أمريكا..

ومن الاسباب التي يرجحها بعض المراقبين السياسيين، ان النظام الليبي (من حيث يدري، اومن حيث لا يدري)، يعتبر طرفا في صراع النفوذ في افريقيا، بين فرنسا وامريكا، فقد اُستغل النظام او اُستُخدم (بارادته او بدون ارادته)، في تمهيد الطريق امام امريكا، للتدخل العسكري والسياسي والاقتصادي، في الشأن التشادي، بل الافريقي، وذلك من اجل منافسة، او زحزحة فرنسا، من مستعمراتها القديمة.



امبراطورية اسلامية..

يؤكد بعض المراقبين السياسيين، ان معمر كان ينوي تأسيس امبراطورية اسلامية صحراوية، تشمل ليبيا وبعض الدول الافريقية الاخرى، من بينها تشاد ومالي والنيجر والسودان، وغيرها من الدول العربية والاسلامية، وان بداية تأسيس هذه الامبراطورية يبدأ بضم تشاد. والغريب ان هذا التصور، او هذا التحليل، قد ورد في اكثر من مصدر غربي، وخاصة المصادر التي تناولت المشكل الليبي التشادي.



حماية المسلمين في الشمال.. من اضطهاد الجنوبيين..

يروج النظام الليبي، وبصورة دورية، الى ان اهم اسباب تدخل ليبيا في تشاد، هو انقاذ وحماية التشاديين المسلمين، من مرارة الاضطهاد، الذي يمارسه عليهم الجنوب المسيحي. والنظام يروج لهذا الامر، ويروج ايضا للأمر السابق (أي تأسيس امبراطورية اسلامية)، ليكسب تعاطف العالم الاسلامي، ويضفي على تدخله، طابعا دينيا، ويجعل من مهمة القتل والتدخل العسكري، مهمة انسانية سامية. ويصور انقلاب سبتمبر، كثورة اسلامية، تستجيب، وبدون تردد، لاستغاثة المسلمين، اينما كانوا، وبأي ثمن.



صفقات السلاح الروسي...

تململ ضباط وجنود القوات المسلحة الليبية، وتململ معهم الشعب الليبي ايضا، بسبب الكم الهائل من الاسلحة الروسية، التي كان النظام يكدسها، في المخازن، وبدأت الاصوات ترتفع مطالبة بتبريرات مقبولة، لهذه الصفقات، والغاية والهدف منها، كما بدأت الاشاعات تنتشر، حول عمولات ورشوات وسرقات مرتبطة بالصفقات العسكرية، التي بلغت البلايين. واطلق الشارع الليبي على الاسلحة الروسية اسم "الحديد المصدي"، او الحديد الذي طاله الصدى، كناية على طول مدة التخزين، وعدم استخدامه، الا في الاستعراضات المملة، وعدم الحاجة اليه، وانتفاء ضرورته، بهذا الحجم على الاقل. فالتدخل العسكري في تشاد، اتاح فرصة ذهبية للنظام الليبي، لاستخدام هذه الاسلحة، وتبرير الصفقات السابقة، بل وابرام صفقات اخرى جديدة.



دوافع اخرى..

ووردت دوافع مختلفة اخرى، منها تهديد االسودان، وتطويق نظام جعفر النميري، رحمه الله، وحاجة ليبيا الى منفذ على المحيط،، والتخلص من بعض ضباط، وافراد القوات المسلحة الليبية، تحت غطاء الحرب.



تلك كانت الاسباب والدوافع المعلنة، وغير المعلنة للحرب. واود ان انوه، مرة اخرى، الى ان جميع الدوافع والاهداف والاسباب التي ذكرناها، مجتمعة، لا تبرر الحرب، بل لا تبرر موت انسان واحد، خاصة وان تشاد لم تعتد على ليبيا، ولم ترسل جيوشها لتعزيز قواتها في اوزو، عقب اول تدخل عسكري ليبي، على سبيل المثال، كما لم تمارس ما من شأنه، استفزاز النظام الليبي.



ليس ذلك فحسب بل ان الاجواء بين ليبيا وتشاد، كانت على افضل ما يرام، قبيل التدخل العسكري الليبي الاول في تشاد، وخاصة بعد زيارة تمبلباي الى ليبيا، وتوقيع اتفاقية التعاون. كل ذلك يدل على ان التدخل الليبي في تشاد، وفي اوزو بالذات، وفي تلك الفترة، لم يكن له اي ميرر، بل على العكس، كانت له ردود افعال سلبية جادة، ضد الليبيين، نظاما وقوة، فقد استفز هذا التدخل، التشاديين، نظاما وجيشا وشعبا، المسلمين منهم، وغير المسلمين.





ناهيك عن الحلول السلمية، التي كان من الممكن ان تحقق اغلب اهداف النظام الليبي، دون اراقة نقطة دم واحدة، ومع ذلك اصر النظام الليبي، على التدخل العسكري، قبل ان يجرب بعض تلك الحلول، مما اضاف غموضا اخر الى هذه الحرب، وفتح بابا واسعا من التكهنات حولها.



والى اللقاء، مع الحلقة الثامنة،الاسبوع القادم، باذن الله، والحديث عن "اسباب الهزيمة..." السياسية والعسكرية في تشاد، والله ولي التوفيق.



اضغط هنا للاطلاع على باقي حلقات "حرب تشاد.. الكارثة.. الكارثة."



د. فتحي الفاضلي

______________________

لمراسلة الكاتب



Cant See Links

Cant See Links

Cant See Links



لزيارة موقع الكاتب

Cant See Links
Cant See Links



رد مع اقتباس
قديم 10-18-2011, 03:44 AM   رقم المشاركة : 7
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: تشاد Chad

كتاب حرب تشاد.. الكارثة الكارثة
8 - اسباب الهزيمة...

حققت القوات المسلحة الليبية، في تشاد، نجاحات عسكرية عديدة، لكنها كانت نجاحات جزئية، متفرقة زمنا، ومتناثرة مواقعا، سنشير اليها في وقت لاحق، باذن الله. اما الهزيمة المقصودة في عنوان هذا الجزء، فهي الهزيمة العسكرية النهائية الشاملة، والتي تأكدت بعد هزائم "فادا"، و"بير كوران"، و"وادي الدوم"، و"معطن السارة"، والتي تم الحديث عنها، في الجزئين، الخامس والسادس، تحت عنوان، "مذابح..لا.. معارك"، وراح ضحيتها الالاف من ابناء ليبيا.

وتعود هزيمة القوات الليبية في تشاد، الى اسباب عسكرية وسياسية عديدة، تقع مسؤليتها بالدرجة الاولى، على القيادة السياسية والعسكرية العليا، بما في ذلك معمر. كما تعود بعض الاسباب الاخرى، الى اخطاء عسكرية، تقع مسؤليتها المباشرة، على عاتق القادة العسكريين المحليين، او قادة الميدان. وسنتحدث في هذا الجزء، عن اسباب الهزيمة بصفة عامة، نتحدث بعدها، عن نماذج من قرارات ارتجالية عليا، واخطاء قاتلة، ارتكبها النظام، ساهمت -هذه الاخطاء- مساهمة فعالة، في هزيمة القوات المسلحة الليبية في تشاد.

اسباب الهزيمة..

كان من اهم اسباب هزيمة القوات المسلحة الليبية، اعتماد النظام الليبي في حربه ضد تشاد، على امكانيات ليبيا المادية الهائلة، وترسانة الاسلحة التي كان يكدسها، لسنوات عديدة قبل الحرب، مقابل امكانيات دولة، ربما صُنفت، في يوم من الايام، كافقر دولة في العالم. لقد انست الاسلحة الحديثة وتنوعها ومقدرتها وفاعليتها وكثرتها وضخامتها، انست، القادة الليبيين، فنون الحرب، وتكتيكاته، ومبادئه، واساسياته، فاعتمدوا على الكم لا على الكيف. وربما جاء هذا الكم الهائل، من السلاح، كمخدر، جعل القادة الليبيين، العسكريين منهم والسياسيين، يتعاملون مع حرب تشاد، كنزهة ترفيهية.

كما راهن النظام، على مشاكل تشاد الداخلية، فقد حاول توظيف الاختلافات والتمزقات والمشاكل، الاقتصادية والاجتماعية والعرقية والسياسية والدينية، المزمنة في تشاد، وظن ان استغلاله لهذه العوامل، قد يكفي لاختراق التشاديين، وتمزيقهم سياسيا، وعسكريا، ثم الانتصارعليهم، والسيطرة على بلادهم.

نذكر من هذه العوامل، على سبيل المثال، انقسام تشاد، الى شمال مسلم، وجنوب مسيحي، والفقر المدقع، الذي كانت تمر به تشاد، حيث صنفت، في يوم من الايام، وكما ذكرنا، كافقر دولة في العالم، واختلاف التشاديين فيما بينهم، فكريا وسياسيا وعرقيا ودينيا، وما نتج عن ذلك من تأسيس احزاب سياسية، وفصائل مسلحة، لا اول لها ولا اخر، وما حدث بين هذه الفصائل، من انقسامات وانشقاقات وصراعات دموية، تحدثنا عنها بالتفصيل في الجزء الثاني، من هذا الكتاب، تحت عنوان "المقاومة.. وتأسيس جبهة التحرير الوطني التشادي"، والجزء الثالث تحت عنوان " انشقاقات وتصادمات."

لكن تأثير جميع هذه العوامل الاقتصادية والعرقية والسياسية والدينية، في هذه الحرب، كان محدودا جدا، فقد كانت نجاحاتها جزئية، تكتيكية، مؤقتة (لا نقرها بالطبع). فلم يحرز استخدام هذه العوامل، نجاحات عسكرية تذكر. ولم ينجح النظام - عبر استغلال هذه العوامل- في احكام سيطرته على تشاد، او في تحقيق انتصار شامل واحد. فقد التف التشاديون في النهاية، حول قادتهم، ووضعوا وطنهم نصب اعينهم، عندما ادركوا تلاعب النظام الليبي، واستغلاله لهذه العوامل.

وتعود الهزيمة ايضا، الى الانتقال الارتجالي، من حليف الى اخر، انتقالا غير مبرر احيانا، وغير مدروس احيانا اخرى. مما كان له الاثر السلبي على المقاتل الليبي في ميدان القتال. لقد كان النظام يتنقل من حليف الى اخر، بسرعة وعبث وارتجال، ودون ترو ودون توفر الاسباب المنطقية الضرورية لهذا التنقل احيانا. وحتى لو توافرت الاسباب، فان توقيت الانتقال وطريقته، كانت تتم بصورة ماساوية، فقد كان يصاحب الانتقال من حليف الى اخر، مذابح يذهب ضحيتها المقاتل الليبي في تشاد.
ومن الاسباب التي ساهمت في الهزيمة ايضا، اشتراك طلاب المدارس والمعاهد ومنتسبي المقاومة الشعبية، فكما فعل في اوغندا، مع افراد المقاومة الشعبية، ارسل النظام الطلاب وافراد المقاومة الشعبية للمشاركة في الحرب الدائرة في تشاد. ليس ذلك فحسب، بل ارسل هذه الفئات دون اعداد وتدريب واستعداد. بل ويروى ان النظام كان يجمع الناس من دور السينما وملاعب كرة القدم والشوارع، وعند البوابات، ويرسلهم الى اتون الحرب في تشاد. كما كان اعوان النظام يوقفون الناس، وخاصة سائقي الشاحنات، فيستولون على الشاحنات، لاستخدامها في الحرب التشادية، او يوجهون السائق وشاحنته، الى تشاد قسرا. وبالطبع لا تصلح هذه الفئات والمجاميع، لمواجهة ميليشيات مسلحة، تمرست على حرب العصابات، على ارضها، حتى اصبح افرادها، رجال حرب من الطراز الاول، ترعرعوا في اتون الصدامات العسكرية، بين الحكومات التشادية والفرولينات، منذ الستينات، ولاكثر من ثلاثين عاما تقريبا.
كما ساهمت التكتيكات العسكرية الجديدة، والتي تبنتها القوات التشادية، في هزيمة القوات الليبية، فقد اعتمدت القوات التشادية، في المراحل الاخيرة من الحرب، على الاسلحة الخفيفة، والمباغتة السريعة، مقابل الاسلحة الروسية الثقيلة، وخاصة الدبابات الضخمة، التي كان يصعب المناورة بها، في رمال الصحراء، مما جعل القوات التشادية، اسرع تحركا، واكثر فاعلية، واسهل مناورة ومباغتة، من القوات الليبية.



اضف الى كل ذلك، ان التشاديين كانوا يقاتلون بشراسة، من اجل قضية وطنية عادلة، فكانوا على استعداد للموت، من اجل تحرير بلادهم. اما المقاتل الليبي، فكان يقاتل بلا دوافع وطنية مقنعة، وبدون قضية، بل كان المقاتل الليبي، يؤمن بان القضية التي يقاتل من اجلها، قضية غير عادلة، بل لا تعرف اغلب القوات الليبية، القضية التي يقاتلون من اجلها اصلا. ففقد المقاتل الليبي بذلك الروح المعنوية، والدافع الوطني، والديني، والسياسي، الذي يساعده على القتال بكفاءة واخلاص وتصميم.



ومن الاسباب الرئيسية ايضا، تعدد الاطراف المشتركة في هذه الحرب، والفوضى التي خلقها هذا الخليط غير المتجانس، من الفرولينات، والقوات المسلحة الليبية، والطلبة، والمقاومة الشعبية، والفيلق الاسلامي، والقيادة السياسية، والقادة العسكريين، الذين لا يتنفسون الا اذا جائتهم الاوامر العليا، فلا هي حرب عصابات، ولا هي حرب نظامية، واضحة.



العميد الركن سليم الحجاجي.. واسباب الهزيمة..

ويلخص العميد الركن سليم الحجاجي، اسباب الهزيمة في تشاد، في مقال له بعنوان "اسباب هزيمة القوات الليبية في تشاد" - يلخصها- في فشل القيادة وغيابها عمليا. وتشمل القيادة، التي يشير اليها الركن الحجاجي، القائد العام للقوات المسلحة، ووزارة الدفاع، وهيئات الاركان العامة، بالاضافة الى اصغر القادة الميدانيين، وذلك بالاضافة الى فقدان الخبرة العسكرية والسياسية، مع الشلل والارتباك والارتجال، بل والفشل في تقدير المواقف التقدير الصحيح، بسبب الفراغ القيادي، وغياب خطة سوق شاملة (استرتيجية)، مع غياب خطة التعبئة العلمية الموضوعية.

ويواصل الحجاجي قائلا: ان غياب الترابط والتنسيق والتجانس، بين القوات الليبية المختلفة، التي اشتركت في تشاد (الجوية، المشاة، الصاعقة، الطلبة، المقاومة،... الخ)، وغياب التنسيق والترابط والتجانس، داخل نفس السلاح، يعتبر سببا هاما، من اسباب الهزيمة في تشاد. كما اشار الحجاجي، الى ان فنون الهجوم، والانسحاب، والتقدم، والدفاع، قد اهملت في هذه الحرب، او غابت تماما، الى درجة تبعث على السخرية والرثاء. مما انعكس، على ضعف اداء الوحدات الفرعية الصغيرة، واداء الوحدات الاكبر، ايضا.

اضف الى كل ذلك، وكما يقول العميد الركن الحجاجي، عدم ايمان الليبيين بالقيادة السياسية الليبية (معمر ونظامه)، فالشعب الليبي يرفض قيادته السياسية، منذ ان بدأت في اذلالاه، وتحطيم روحه المعنوية، والمس بكرامته. فلم يكن المقاتل الليبي، مطمئنا، بسبب قيادته السياسية، على حاجات ابنائه التعليمية والصحية والامنية في ليبيا. اضف الى كل ذلك غياب الدوافع والاهداف المقنعة، وراء هذه الحرب العبثية، فقد غابت الدوافع، التي تجعل منها، حربا مشروعة، وتجعل منها قضية عادلة، يقاتل الجندي الليبي ويمةت من اجلها، بينما يملك المقاتل التشادي، دافعا قويا، فهو يقاتل من اجل تحرير وطنه.
ويضيف العميد الركن سليم الحجاجي الى هذه الاسباب، غياب الضبط والربط العسكريين، وغياب التنفيذ الطوعي، والواعي للاوامر العسكرية، والتعليمات، مع غياب التدريبات العسكرية الجادة، وخاصة التدريبات العسكرية، في ظروف جغرافية، ومناخية، وتضاريس، وطقس، وحرارة، مثل تلك، التي واجهها المقاتل الليبي، في تشاد (انتهى كلام الحجاجي).

واود ان انوه، الى ان الاسباب التي ذكرت حتى الان، لا تكفي لتبرير الهزيمة العسكرية، التي تعرضت لها القوات المسلحة الليبية، بالرغم مما تملكه هذه القوات، من كم هائل، من الاسلحة، والامكانيات، والغطاء الجوي، والعمق الاسترتيجي، فالاسباب التي ذكرناها، حتى الان، تشرح الهزيمة، لكنها لا تبررها.
كما اود ان ان انوه ايضا، الى ان تكرار الخصم لنفس التكتيك، ونجاحه فيه، اكثر من مرة، يدل على قصور من طرف قادة الميدان. فالتكتيك الذي تبنته القوات التشادية، عبر استخدام الاسلحة الخفيفة، والشاحنات الصغيرة، على سبيل المثال، والذي قصم ظهر القوات الليبية، في فترة من فترات الحرب، ما كان له ان يتكرر اكثر من مرة واحدة، حيث انتفي عنصر المفاجأة، بعد المرة الاولى، خاصة وقد تكررت هذه الاساليب، في حروب سابقة في العالم. فكان يجب توقع ذلك اصلا. كما كان على قادة الميدان، ايجاد وسائل واساليب وتكتيكات، تواجه اساليب الخصم الجديدة، وتشلها.

وربما يؤخذ على القادة الميدانيين ايضا، غياب خطط الطواري، وخطط الانسحاب، التي تضمن سلامة القوات المقاتلة او المساندة، فيبدوا ان هذا الامر كان غائبا تماما، في بعض فترات الحرب. وقد يعود ذلك الى عدم توقع الهزيمة، او عدم توقع المباغتة، وهذا قصور واضح، فجميع جيوش العالم عبر التاريخ، لا تتقدم بخطة هجوم او دفاع، الا وتقدم معها خطط انسحاب، لا تقل دقة واحكاما عن خطط الهجوم والدفاع. يحدث ذلك مع اكبر واصغر جيوش العالم، ويحدث ذلك ايضا، اثناء اكبر واصغر الحروب. والقائد العسكري، الذي لا يتوقع الهجوم في اي لحظة، وباي شكل، ولا يتوقع المباغتة، ولا يستطيع ان يتكيف مع اساليب الخصم، في الميدان، وبالسرعة والدقة المطلوبة، والذي يعتقد انه ليس في حاجة الى خطة انسحاب، وخطط دفاع، تحت اسواء الظروف، واسواء التوقعات، وفي اية لحظة، وفي اية حالة من الحالات، هذا النوع من القادة، لا يصلح لقيادة الجيوش، مهما كانت رتبهم وخبرتهم ووطنيتهم ومكانتهم. فلابد ان يتوقع القائد العسكري اسواء الاحوال، لا افضلها، ولابد ان يكون جاهزا، على مدار الساعة، وباكثر من خطة، قادرة على مواجهة، اسواء المواقف.
الامر الاخر الذي اود ان اضيفه، هو انني كنت اتمنى، ان يرفض قادة الحرب في تشاد، استقبال واستخدام المجندين والطلبة وافراد المقاومة الشعبية، او اعادتهم الى ليبيا، ولو ادى ذلك الى رفض الحرب والاستقالة، مهما آلت اليه النتائج، فذلك افضل من ان يكونوا اما ضحايا، واما مبررا للهزيمة. خاصة وقد مر الليبيون، بتجربة مماثلة، في اوغندا. كما كنت اود، كلما انتقل النظام، من حليف الى اخر، ان يتم تغيير، او نقل، او استبدال، او طمس، جميع ما اطلع عليه الحليف السابق (العدو الحالي)، من معلومات، او مواقع، او اسلحة، او ذخائر، او مخازن، او برامج، او ...الخ.

وسنخصص، باذن الله، وكما ذكرنا سابقا، فصلا كاملا، يتحدث فيه قادة وضباط وجنود وطلبة ومواطنين، اشتركوا في حرب تشاد، فمن حقهم ايضا، ان يُسمعوا، ومن العدل ان نطلع على وجهة نظرهم، في هذه الحرب، من جميع جوانبها، بما في ذلك بالطبع، اسباب الهزيمة.

وسنتحدث فيما يلي، عن مجموعة من المواقف والقرارات السياسية الارتجالية، والتي تعتبر في الواقع، اخطاء قاتلة، اتخذتها او سببتها القيادة السياسية والعسكرية العليا، بما في ذلك بالطبع، معمر، وقد ساهمت هذه الاخطاء، بصورة مباشرة، او غير مباشرة، في هزيمة الجيش الليبي في تشاد، وفي ضياع الاف الضحايا.

الخطاء القاتل الاول..

ولعلي ابدأ بالتقارب الليبي التشادي، والذي تُوج في ديسمبر1972، وفي عهد "تمبلباي"، بمعاهدة تضامن او تعاون، بين ليبيا وتشاد. وذلك بعد فترة طويلة، من الصدام العنيف بين النظامين، فقد ساندت ليبيا، قبل هذا التقارب، جبهة التحرير الوطني التشادية (فرولينا)، اقتصاديا وعسكريا. فردت الحكومة التشادية، بمساندة عناصر وقوى عديدة ضد النظام الليبي، بل يروى ان تمبلباي، ساند الانقلاب الذي عُرف بـ"محاولة فزان" او "محاولة سبها"، والتي جرت في شهر مايو، من عام 1970م، او ربما تغاضى عن نشاطات المشتركين فيها، او صرح بمباركتها ومساندتها، تهديدا للنظام الليبي، ونكاية به.


ثم عادت العلاقات السياسية، كما ذكرنا، بين البلدين، وتوجت هذه العلاقة، بزيارة "تمبلباي" الى ليبيا، وتوقيع اتفاقية التضامن او التعاون المذكورة، والتي اوقفت ليبيا، بناء عليها، دعمها لجبهة التحرير الوطني التشادي (الفرولينات)، بما في ذلك ايقاف البث الموجه الى تشاد، من اذاعة الجبهة، وطرد اغلب قادة واعضاء الفرولينات من ليبيا.


ليس ذلك فحسب، بل تسرع النظام الليبي، فطبل وزمر، واعلن عن تأسيس مصرف مشترك، بين ليبيا وتشاد، كما اعلن عن استثمارات بين البلدين، بالملايين، اشيع انها قد تصل الى اربعين مليون دولار.

وكان التشاديون يتابعون ما يجري بين "تمبلباي" و"معمر"، وادركوا (مدنيين وعسكريين)، وبحسهم الوطني، وحرصهم على حرية بلادهم، واستقلالها، ان وراء الكرم الليبي المفاجيء، امر ما، فليس من المعقول، ان تدفع ليبيا هذه الملايين، وليس من المعقول ،ان تعلن ليبيا عن بناء الطرق، والمنشآت المدنية، في شريط اوزو، مجانا ولوجه الله.

لقد ادرك التشاديون، ان هناك بنودا سرية لهذه الاتفاقية، تغاضى "تمبلباي"، بناء عليها عن شريط اوزو، كما ادركوا ان "تمبلباي"، ربما استلم، او ربما وُعد باستلام بعض الملايين، من ليبيا، مقابل تغاضيه عن شريط اوزو. بل انتشرت شائعات تقول، ان المبلغ المذكور (40 مليون دولار) هو غطاء لرشوة تمبلباي، وثمنا لتنازله، او سكوته رسميا، عن شريط "اوزو."

وبيت القصيد هنا، ان هذا التقارب، وهذه الاتفاقية فرصة، كان يجب ان يستغلها النظام الليبي، كمدخل لايجاد حلول استراتيجية، سلمية طويلة المدى بين البلدين. ولكن النظام الليبي، اصدر اوامره، الى القوات المسلحة الليبية، بالدخول الى شريط اوزو، وذلك عقب التوقيع على المعاهدة مباشرة، او بعد فترة وجيزة من ذلك، وتحت غطاء ساذج، يتلخص في حماية المهندسين والبنائين الليبيين، الذين يفترض انهم يقومون ببناء طريق، يربط بين ليبيا وتشاد، كما كان يدعي النظام، لقد فعل النظام الليبي ذلك، بسبب عنجهيته واستهتاره، ونظرته الدونية الى الأخرين، واحتقاره للشعوب، عبر تعامله مع شخص واحد فقط، (تمبلباي) في امور بهذا الحجم.

ليس ذلك فحسب، فالقوات الليبية، لم تتلق اية مقاومة في اوزو، بل كان الدخول الاول والتمركز في اوزو، اقرب الى النزهة، منه الى اي شيء اخر، مما عزز الشكوك لدى الشعب والجيش التشادي، حول الاتفاقية، وحول تمبلباي بالذات. واصبح تمبلباي، في اعين مواطنيه، وفي اعين حكومته ايضا، تابعا للنظام الليبي، بل اصبحت القوات المسلحة التشادية، تنظر اليه كخائن، مما دفع بعشرات الضباط الى التخطيط للاطاحة به.

وهكذا كانت الطريقة التي تعاملت بها ليبيا مع الاتفاقية، كدخول قوات مسلحة ليبية لاوزو، والوعود باغداق الملايين على تشاد، عبر البنك التجاري المزعوم، وزيارة تمبلباي لليبيا، واعلان منطقة الحدود كمنطقة تضامن وتعاون، من اهم العوامل التي شجعت وحفزت القوات المسلحة التشادية، على ضرورة الاطاحة بتلمباي، فقد رأى اغلب العسكريون، ان هذا التقارب، هو في الواقع تقاربا مخجلا ومشبوها، بيعت فيه قطعة من ارض تشاد الى ليبيا، مقابل حفنة من الدولارات، ومقابل المحافظة على امن وسلامة "تمبلباي" ونظامه.

كان التسرع والارتجال الذي مارسه النظام اذا، هو احد اهم الاسباب، التي ادت الى استفزاز الشعب لتشادي، والقوات المسلحة التشادية، وبالتالي من اهم الاسباب، التي ادت الى انقلاب 1975م، والذي اطاح بتمبلباي، وجاء بـ" فيليكس معلوم"، رئيسا لتشاد، والذي اعاد الصراع على شريط اوزو الى نقطة الصفر.

انقلبت الاتفاقية اذا ضد النظام، وبدلا من ان تكون هذه الاتفاقية، مدخلا لاستعادة اوزو او ضمها، قانونيا، او مدخلا على الاقل، لايجاد حلول سلمية، والوصول الى اتفاقية رسمية، تُرضي الدولتين، وتوثق في المؤسسات الدولية، بدلا من كل ذلك،، تحولت الاتفاقية، الى اهم اسباب الاطاحة بتمبلباي، واهم اسباب وصول "فيليكس معلوم" الى السلطة، والذي اعتبر تواجد القوات الليبية، في اوزو، ضربا من الاحتلال، فوضع طرد القوات الليبية، على قمة اولوياته.


الخطاء القاتل الثاني..

عندما نُظم مؤتمر كانو للصلح، بين الفصائل التشادية، في 1979م، دعيت اليه جميع فصائل المقاومة التشادية، بالاضافة الى “واداي”(حليف ليبيا في ذلك الوقت)، والذي قبل الدعوة، وشارك في المؤتمر المذكور. لكن مؤتمر كانو، لم يستضف ليبيا، ولم يستضف الفصائل والشخصيات الحليفة لها (ما عدا واداي). فتحول التحالف بين "معمر" و"واداي" - بسبب ذلك- اي بسبب قبول "واداي" لدعوة المؤتمر، دون استضافة ليبيا، تحول هذا التحالف الى قطيعة بل الى عداوة، وبدأت الامور تسير من سيء الى اسواء بين معمر وواداي.

ولكن اتساع رقعة الصدام العسكري بين "هبري" و"واداي"، في مارس من عام 1980م، كاد ان يؤدي الى سيطرة "هبري" على تشاد، وطرد "واداي" من انجامينا، (انظر الجزء الثالث)، مما اضطر "واداي"، الى طلب المعونة من ليبيا من جديد، فاستجابت ليبيا لطلبه، وتدخلت بقوة عسكرية، استطاعت، بالتعاون، مع قوات واداي، ان تطرد قوات "هبري"، وتستولى على "انجامينا"، وذلك، في ديسمبر من عام 1979م. وهكذا، عاد "واداي" رئيسا لتشاد مرة اخرى. بعد ان كاد "هبري"، وزير دفاعه، في ذلك الوقت، ان يطيح به، ويطرده من تشاد. وهرب "هبري" غريم "معمر" و"واداي" الى الكاميرون، واصبحت لليبيا ولقوات "واداي"، اليد العليا في تشاد، وتمركزت القوات الليبية في انجامينا، وسيطرت، مع قوات واداي، على مقاليد الامور فيها.

وبيت القصيد هنا، ان العلاقة بين الطرفين (معمر وواداي)، عادت بعد ازمة مؤتمر كانو، واستثناء ليبيا منه، الى افضل حالاتها، فاتيحت فرصة اخرى كان على النظام الليبي ان يوظفها بعقل وحكمة وترو، من اجل الوصول الى حلول سلمية، فقد فتحت الابواب لعشرات البدائل والحلول بين ليبيا وتشاد، وهاهو الخصم اللدود للاثنين (هبري)، بعيدا عن الاحداث، وبعيدا عن السيطرة، وها هو "واداي"، بمساعدة ليبيا، الرجل الاول في تشاد. بل عادت الاجواء الى افضل مما كانت عليه، بين "تمبلباي" و"معمر"، عندما توصلا الى اتفاقية التعاون والتضامن المذكورة.

ولكن، وبعد مرور شهر، او اقل، على عودة العلاقات بين "واداي" و"معمر"، وتوافر الظروف المناسبة للوصول الى معادلات يقبلها الطرفان، بخصوص جميع الامور، المتنازع عليها، - بعد مرور شهر او اقل على ذلك- وبالتحديد في السادس من يناير من عام 1981م، وفي خطوة ارتجالية عبثية غير مدروسة، اعلن "معمر" عن قيام الوحدة بين ليبيا وتشاد، دون علم الشعب التشادي، والحكومة التشادية، ودون موافقتهما، بل وبدون علم "واداي"، الرئيس التشادي، في ذلك الوقت، والذي فوجيء، هو الاخر، بهذا الاعلان، كما فوجيء به رجل الشارع.
ومن الواضح، ان القيادة الليبية قد فقدت، في ذلك الوقت، وكعادتها، القدرة على التفكير، بل ومن الواضح، حتى لاكثر السياسيين غباء، ان اعلان الوحدة بين بلدين، يسيطر جيش احدهما على عاصمة الاخرى، هو اعلان عن نية الاستيلاء على هذه الدولة، او ضمها، او احتلالها.

لقد اعتبر المراقبون السياسيون والمجتمع الدولي، بصفة عامة، ان الاعلان عن الوحدة بهذه السرعة، وبهذه الطريقة، وفي هذه الظروف، وفي وجود قوات ليبية في تشاد، بل وفي عاصمة تشاد نفسها، اعتبره المراقبون السياسيون، محاولة لضم تشاد الى ليبيا بالقوة، عبر استخدام "واداي" كحصان طروادة. واعتبر البعض الاخر، ان هذ الاعلان، هو مناورة سياسية فاشلة، ترمي الى الهاء التشاديين، واشتغالهم بطرد الليبيين من انجامينا، ونسيان شريط اوزو الى الابد. كما تفعل اسرائيل، عندما تحتل مزيدا من الاراضي، لينسى العالم، المناطق التي تم احتلالها سابقا.

وهكذا، وضع "معمر"، حليفه "واداي"، في موقف لا يُحسد عليه، شبيه والى حد ما، بالموقف الذي وجد "تمبلباي" نفسه فيه، عقب الاتفاقية المشبوهه. فقد اُتهم "واداي" ايضا، بانه دمية في يد ليبيا، وشكك التشاديون في نواياه، وفي طبيعة علاقاته مع ليبيا، ودرجة تعاونه معها. فاستنكر "واداي"، الاعلان عن تلك الوحدة، من طرف واحد، وبهذه الصورة، واصر على ان ليبيا وتشاد، دولتين منفصلتين. واصطدمت قوات "واداي"، والقوات الليبية على ارض تشاد، على خلفية هذا الاعلان الارتجالي غير المدروس، وسقط ضحايا من الطرفين.

وطلب "واداي" من ليبيا سحب قواتها من تشاد فورا، بالرغم من ان هذه القوات، هي التي ساعدته على هزيمة "هبري"، وجاءت به على قمة السلطة في تشاد. كما اثار هذا الاعلان الارتجالي العبثي، غضب جميع الدول الافريقية تقريبا، واعتبروه غزوا عربيا لدولة افريقية، وطلبت "منظمة الوحدة الافريقية" من ليبيا، في اجنماع طاريء لها، الانسحاب الفوري من تشاد.

فاضطر النظام الليبي، الى الانسحاب، ليس فقط من انجامينا، بل من جميع المواقع التي كان يحتلها الا شريط اوزو، وذلك في اكتوبر من عام 1981م، وفي غضون اسبوعين او اقل، وذلك استجابة للضغوط الافريقية والعالمية والتشادية. انسحبت ليبيا من العاصمة، وبهذه السرعة، عندما ادركت الخطاء الفادح الذي ارتكبه النظام الليبي، او بالاحرى ارتكبه معمر، بعد كل ما جرى من معارك، وبعد كل ما سقط من ضحايا، وما سفكت من دماء.

ولم ينته الامر عند هذا الحد، بل ان هذا الخطاء القاتل، كان وراء عودة "هبري" كرئيس لتشاد، فقد زحفت قوات "هبري" على انجامينا، بعد ان استغلت الفراغ العسكري، الذي خلفه انسحاب القوات الليبية، واستولت على العاصمة، انجامينا، واصبح هبري رئيسا لتشاد، وقائدا اعلى للقوات المسلحة. واستمر "هبري" على رأس السلطة، منذ ذلك الحين، حتى عام 1992م، وقد ذهب الاف الضحايا من الليبيين على يديه، وايدي رجاله العسكريين، في عدة معارك منها، كما ذكرنا، معارك وادي الدوم، وبير كوران، وفادا، ومعطن السارة (انظر الى الفصلين الخامس والسادس من هذا الكتاب، تحت عنوان "مذابح لا معارك"). وهو ايضا الرئيس الذي استطاع ان يوظف جميع المعادلات السياسية والعسكرية ضد معمر، بذكاء وترو ودهاء، وبدون عبث وتسرع وارتجال، بما في ذلك، كسب القوى الخارجية، كفرنسا ومصر وامريكا والسودان، في جانبه، من اجل مصلحة بلاده، وسلامة جنوده.

وعندما اتحدث هنا عن الرئيس "هبري"، فانني اتحدث عنه في نطاق الحرب الليبية التشادية فقط، ولا اتحدث عنه خارج هذا النطاق. فطبيعة حكمه، وديمقراطيته، او ديكتاتوريته، وعدله او ظلمه، وعلاقته بشعبه بصفة عامة، وفشله او نجاحه، في ادارة البلاد، وهل كان الرجل مقبولا، او منبوذا، من قبل شعبه، وغير ذلك من الامور الداخلية، ارى انها تقع تحت بند "اهل تشاد ادرى بشعابها"، لكنني لا اقره على حبة خردل من ظلم، مارسه ضد مواطنيه.

وعودة الى موضوعنا، فان "هبري" لا يطيق "معمر"، ولا يثق فيه، ويعتبره مجنونا، عبثيا يخطط للاستيلاء على وطنه تشاد. فوهب "هبري"، حياته لهزيمة "معمر"، وايقافه عند حده. ولو قمنا باجراء مقارنة سريعة، بين اوضاع القوات المسلحة الليبية، عندما كان "واداي" على رأس السلطة، وبين اوضاعها، عندما وصل "هبري" الى السلطة، وانعكاس ذلك على القوات الليبية، لادركنا اننا لا نتحدث هنا، عن خطاء قاتل فقط، بل عن جريمة حرب اقترفتها القيادة الليبية، واقترفها "معمر"، عبر استفزاز شعب كامل، باعلان ضم بلاده، الى دولة اجنبية (ليبيا)، بينما جنود ليبيا، يسرحون ويمرحون في عاصمة بلاده. إنها الجريمة التي اتت بـ"هبري" الى السلطة، والجريمة التي كانت وراء الاف الضحايا، والجريمة التي كانت تقف وراء جزء كبير من كارثة تشاد.



الخطاء القاتل الثالث..

عندما اقترح الرئيس الفرنسي، "فرانسوا ميتران"، في اجتماع ضمه مع "معمر"، في جزيرة كريت باليونان، في ابريل 1984م، ان تنسحب القوات الليبية، والقوات الفرنسية، من تشاد، ويتركون التشاديون يعالجون قضاياهم بانفسهم - عندما اقترح الرئيس الفرنسي ذلك- وافق معمر على الاقتراح، فسحبت فرنسا قواتها (بعد موافقة معمر على الاقتراح). لكن معمر، لم يف بوعده، مما سبب احراجا شديدا، وازمة سياسية حادة للرئيس ميتران. واعتبر الرئيس ميتران، تصرفات معمر، تصرفات صبيانية، وليست تصرفات مسؤول. وزاد من احراج فرنسا، واحراج الرئيس ميتران بالذات، ان وزير خارجية فرنسا، كان يتحدث مع وزير خارجية امريكا، مؤكدا له ان القوات الليبية، قد انسحبت من تشاد، حسب الاتفاق، لكن وزير خارجية امريكا في ذلك الوقت، قدم له صورا التقطتها اقمارا صناعية امريكية، تثبت غير ذلك، بل تثبت ان ليبيا قد قامت بتنقلات متفرقة لوحدات عسكرية من منطقة الى اخرى، في تشاد للتمويه والتظاهر بالانسحاب، وكانت تلك الوحدات، تُنقل من مكان لتتمركز في اخر. واذيع الخبر على الهواء في امريكا وفرنسا، وتعرض وزير خارجية فرنسا للسخرية، على الهواء، مما زاد من احراج فرنسا وميتران ووزير خارجيته.

ويبدوا ان فرنسا، كانت، قبل هذه الحادثة، تاخذ في الاعتبار، العديد من المعادلات والخطوط السياسية، الكفيلة بتأمين سياسة متوازنة في تشاد، تكسب بها جميع الاطراف، اي تكسب ليبيا، و"هبري"، وتحاول، في نفس الوقت، ابعاد امريكا، او التقليل من تدخلها على الاقل. ولكن بعد اخلال النظام الليبي بوعده، وتعرض فرنسا الى ما تعرضت اليه، من كذب وخداع واحراج، بعد ذلك، لم تعد فرنسا تبالي بتلك المعادلات، فتدخلت في الحرب، بثقل غير معهود، في جميع المجالات، مما اضر بالجندي الليبي.

فلم يكن الرئيس "ميتران" هو المتضرر الوحيد من هذا الامر، بل شاركه في ذلك الجنود الليبيون ايضا، والذين دفعوا ثمن هذا العبث غاليا، فقد كان رد فعل فرنسا، السياسي والعسكري، عنيفا، فقد كثفت فرنسا من تدخلاتها في الحرب الدائرة في تشاد، وضاعفت من دعمها السياسي والعسكري والمالي لهبري، وزودته بالغطاء الجوي، والمعلومات والصواريخ. وهو ما كان يحلم به هبري، ويتمناه، كما زاد تصميم فرنسا، على اخراج القوات الليبية من تشاد.

لقد كان في مقدور "معمر"، عنما التقى بالرئيس "ميتران"، عدم الموافقة على الانسحاب. كما كان في مقدوره ايضا، تأجيل المحادثات او الاستمرار فيها، حتى ايجاد بدائل وحلول وخيارات اخرى، بدلا من ان يحاول الكذب على رئيس دولة، لها ما لها من امكانيات عسكرية وسياسية دولية، قد تؤذي - هذه الامكانيات - الجندي الليبي، في ميدان القتال. وهذا ما حدث بالفعل.

ليس ذلك فحسب بل كانت تلك الحادثة مدخلا استخدمته امريكا، لاقناع فرنسا بزيادة حجم التدخل العسكري والمادي ضد القوات الليبية، من جهة، كما قربت هذه الحادثة، وجهات النظر بين فرنسا وامريكا، بخصوص القضية التشادية.

وهكذا لم يحاول معمر، كسب فرنسا، او امريكا، او مصر، او السودان، او الدول المجاورة، في جانب ليبيا حفاظا على سلامة جنوده، كمسؤول وقائد اعلى للقوات المسلحة، بل تصرف بعبث صبياني، مما دفع فرنسا، وغيرها من الدول، الى الدخول بثقل اكبر في الصراع الدائر في تشاد، مما الحق، هذا التدخل، الضرر الشديد بالمقاتل الليبي، وساهم مساهمة كبيرة في هزيمة ليبيا في تشاد، عبر زيادة حجم المعونات العسكرية، وتوفير الغطاء الجوي، والاهم من كل ذلك، كمية وحساسية المعلومات الميدانية، التي قدمتها فرنسا لهبري، مما سبب في زيادة مآسي الليبيين.



الخطاء القاتل الرابع..

عندما قرر "واداي"، حليف ليبيا، المصالحة مع هبري، العدو اللدود لمعمر (ربما حدث ذلك في اغسطس من عام 1986م)، لاسباب رأى "واداي"، انها تصب في مصلحته، ومصلحة وطنه، تشاد، تم اعتقاله هو، وبعض اعوانه، في مدينة طرابلس.

وربما قرر "واداي"، قبول المصالحة مع "هبري"، بعد ان احس بقرب انتصار الاخير، خاصة وان المجتمع الدولي، بدأ يمد يده لهبري بكثافة واضحة، سياسيا واقتصاديا وعسكريا. او ربما احس بنية النظام الليبي، في استبداله بحليف اخر (الشيخ بن عمر- رئيس المجلس الثوري الديمقراطي")، والذي اعلن انسحابه، من الحكومة المؤقتة، برئاسة "واداي"، فسارعت ليبيا، ودون تردد او ترو، الى مساندة، الشيخ بن عمر، معنويا وماديا وعسكريا، بل وقصفت القوات الجوية الليبية، قوات واداي، حليف الامس، مما اكد شكوك "واداي".

ومهما كان السبب الذي دفع بـ"واداي"، الى الصلح مع "هبري"، لم ينجح النظام الليبي، كعادته، في التعامل، مع هذا الامر، بالحكمة التي يتطلبها هذا الموقف الحساس، والمتمثل في وجود بشر من الليبيين، في ميدان الحرب، مختلطين بقوات "واداي" في عمق تشاد. ليس ذلك فحسب، فما ان قرر "واداي" قبول الصلح مع "هبري"، حتى القي عليه القبض، ووضع تحت الاقامة الجبرية، بل وتواترت الاخبار، عن محاولة اغتيال، تعرض لها "واداي"، على ايدي رجال الامن الليبيين، او على ايدي رجال الشيخ بن عمر، في مدينة طرابلس، كما تاكد وقوع صدامات مسلحة، بين حرس واداي، من جهة، وحرس الشيخ بن عمر، او الامن الليبي، من جهة اخرى، سقط اثرها، قتلى وجرحى من الطرفين. حدث ذلك في فترة قريبة زمنيا، من المذابح الرئيسية، التي تعرض لها الليبيون في تشاد.
وقد وردت قصة اعتقال "واداي" او محاولة اغتياله، باكثر من رواية، تؤكد كل رواية منها، واقعة الاعتقال، وواقعة التصادم المسلح، بين حراس "واداي"، واخرين، كما تؤكد كل رواية، اصابة "واداي"، وموت حراسه.

تقول احدى الروايات، انه قد تم استدعاء "واداي"، الى اجتماع مع معمر، في مزرعة خارج مدينة طرابلس، وفي طريقه الى الاجتماع، اطلق عليه اعوان الشيخ بن عمر الرصاص، فجرح "واداي"، وقُتل احد حراسه، وجرح اخر، كما قُتل، حسب هذه الرواية، اثنين من حراس الشيخ بن عمر. وتقول رواية اخرى، ان النظام الليبي، اراد اعتقال، واداي"، عندما كان رئيسا للحكومة التشادية المؤقتة، وكان يصاحبه اربعة من حراسه، قُتلوا جميعا، بينما جُرح "واداي".

ومن الواضح، كما يرى المراقبون السياسيون، من خلال هذه الروايات، وغيرها من روايات شبيهة بها، ان معمر كان ينوي التخلي عن واداي، او بالاحرى، التخلص منه. واحلال الشيخ بن عمر، محله، من اجل ان يسيطر النظام الليبي، على الحكومة المؤقتة.
وعندما علمت قوات "واداي" بواقعة الاعتقال او بمحاولة الاغتيال، التي تعرض لها زعيمهم "واداي"، انضمت (قوات واداي) الى قوات "هبري". كما اندلعت صدامات دموية مسلحة، بين القوات الليبية وقوات "واداي"، تساندها قوات "هبري"، الذي رحب بالطبع بـ "واداي"، وقواته، وسارع في مساندته. بل تذكر بعض المصادر ان قوات "واداي"، قد قامت باختطاف عشرات الضباط والجنود الليبيين واحتجزتهم كرهائن مقابل اطلاق سراح زعيمهم "واداي".

ليس ذلك فحسب بل ان حجم المعلومات التي تحصل عليها جنود "واداي" عن كمية ونوع وطبيعة الاسلحة والمواقع ونوع وكثافة التدريبات ومعلومات اخرى، كان لها بالغ الاثر في الحاق الضرر بالقوات الليبية في وقت لاحق، كما ساعدت تلك المعلومات القوات التشادية، في معاركها الرئيسية التي راح ضحيتها الاف الليبيين.



تلك كانت اهم اسباب الهزيمة، وتلك كانت نماذج مختارة، من القرارات السياسية الفوقية المزاجية، التي لا تدل الا على الاهمال والتخبط والعبث والتسرع والارتجال، والتي كان لها بالغ الاثر في انهاك القوات الليبية في تشاد، والحاق اشد الضرر واكبر الخسائر بها. فقد ذهب ضحية هذه الاخطاء، وغيرها من الاخطاء الاخرى، الاف الضحايا من الليبيين. ولابد من محاسبة الجميع، دون استثناء. والله ولي التوفيق.



والى اللقاء، مع الجزء التاسع، من "حرب تشاد.. الكارثة الكارثة"، تحت عنوان "ما بعد الهزيمة .. "، نتحدث فيه باذن الله، عن الهزيمة السياسية، في هذه الحرب. والله ولي التوفيق.



كتبت في يوم الاحد 26 سبتمبر 2010م.



اضغط هنا للاطلاع على باقي حلقات "حرب تشاد.. الكارثة.. الكارثة."



د. فتحي الفاضلي

___________________

لمراسلة الكاتب

Cant See Links

Cant See Links



لزيارة موقع الكاتب

Cant See Links



المراجع

1- اسباب هزيمة القوات الليبية في تشاد/ العميد الركن سليم الحجاجي/ صوت الطليعة/ العدد 24 / السنة التاسعة/ جمادي الاولى/ 1410 هـ-ديسمبر 1989م/ ص 32-35.

2- منشور الكفاح/ العدد السادس/ السنة الثالثة / مارس 1987م / ص 7 و 8.

3- تشاد هزيمة الحدود الجغرافية.. واللاحدود السياسية/الحياة/ الاثنين11 مايو 1992م- 10 ذو القعدة 1412 هـ/ ص 14-17.

4- قصة التدخلات والهزائم الليبية في تشاد/ مؤسسة الامن العالمي الامريكية/ الكسندرا- فيرجينيا/14 مارس 2006م.

5- Geoff L. Simons (2004). Libya and the West... From Independence to Lockerbie. I.B. Taurist & Co Ltd. pp. 60-81.

6- Kenneth M. Pollack (2002). Arabs at War, Military Effectiveness, 1948-1991. Lincoln: University of Nebraska Press


Cant See Links


رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:50 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
سبق لك تقييم هذا الموضوع: