الوطـــن والمتطفلون
الوطن ليس كلمة من بين الشفتين تنبعث , ولا به تتزين, وليس مصلحة ولا شعارا ولا جسرا لعابري السبيل , بل هو عمل وتضحية وإخلاص , وهو رئة المرء التي يتنفس بها.....
ثم إن كلمة الوطنية ليست بطاقة هوية, ولا جواز سفر , بل انتماء فؤاد وجوارح , وحب وإخاء
ما أعظم وأجمل منهما ..الوطن والوطنية... حين تلتحم الوطنية بالوطن ....تتربى في أحضانه
وتقتات على خيره , وتتنفس هواه , فيجري في عروقها ذاك الدم الصافي الخالي من شوائب التهجين والقبلية , ومن النطيحة والمتردية وما أكل السبع.........
لهذا ترى المواطن مواطنا حقا , وليس مستوطنا متملقا يترصد حركات القمر , فإذا أفل تراه كخفاش بردائه الأسود , يجوس بين الديار ... وبهذا يؤدي دور مخلوقين من القوارض وآخر من الطيور , وهو في حقيقة أمره إنسان كرمه الله سبحانه ونعمه وأودع فيه نعمة العقل.
( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك) الانفطار 6. 7. 8 .
أيها الإنسان: من الناس من هو مؤمن ... ومنهم من هو كافر .. وإني إياكما أعني أنت أخي المؤمن وأنت أختي المؤمنة ولست عليكما بمسيطر....
لساننا ليس بعاقر بل لسان عاقل ...لساننا عربي وبه القرآن نزل
( إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) يوسف 2
( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها) الحج 46
أفبعد هذا الكلام من حديث........؟
أقول الوطن هو الأم الحنون التي لا تعرف الإساءة ولا الحقد ولا الضغينة تجاه فلذات كبدها
كثيرا ما أسأنا للوطن- بقصد أو بغير قصد - بأقوال وأفعال .. لكنه لم يتزعزع ...لم يتحرك
عن أصالته قيد أنملة ..لم تخدشه رياح , ولم تؤثر فيه الأعاصير , لأنه وطن العروبة والإسلام .. لذا فتشبثنا به وحبنا له لمن الإيمان , والإيمان ما استقر في السويداء وترجمته المواقف ...لذلك فليعلم القاصي والداني أن حبنا للوطن نابع من إيماننا بالله سبحانه وتعالى
وما جاء به محمد صلاة ربي وسلامه عليه .فلا مجال للمزايدة ولا للنقاش .
إني من ترابه وطينته ...أعيش فوقه..وأدفن في بطنه ويخرجني ربي تارة أخرى منه....
لهذا تراني في كل محفل أقول وأعيد مكررا القول : لن أسمح مطلقا أن يكتب أو يتحدث أو يشار إلى وطني – من غير أهلي وعشيرتي – من قبل من يلمعون الأحذية السوداء ليروا قبح وجوههم عليها ....
وطن لا للابتزاز ولا للانتهاز موطن فيه , والذي يرى غير ذلك عليه أن يلتحق بركب المتطفلين , فهم هناك في كل وادي يهيمون ........
وطني من خيرة الأوطان , حباه الله جلت قدرته بثروة وثراء , وكساه ببساط أخضر , وسقى تربته بدم طاهر وفرات ونهر.....
قلت حباه الله بهذه النعم أفلا نكو نوا من الشاكرين.......؟
وطن إن سكت يوما عن ضيم المتطفلين فإنه لا يصمت ولا يصم أذنيه عن أنين البائسين....
وطن هو إخاء ورخاء , وطمسا لمعالم التفرقة والشقاء . وتذكروا معي- يرحمني الله وإياكم –
قول الله عز وجل( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ) الحجرات10 .
( فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) آل عمران 103
وطن علمتني فيه الحياة أن في الحياة أمواتا , يسقون الناس أجاجا ولأنفسهم فراتا , عمت البصيرة فيهم فرأوا الناس عراتا .............
ابراهيم تايحي
العرض العادي
