كل هذا قد فهمه البعض على أنه تقييد لحرية المرأة, و لكنه في الحقيقة حماية لها..
لو أن الله سبحانه و تعالى لم يفرض الحجاب, لكان على المرأة أن تطالب به, لأنه أكبر تأمين لها و لحياتها,
ذلك أن نضارة المرأة موقوتة, و فترة جمالها- لو حسبناها- فلن تزيد عن خمسة عشر عاما, ثم بعد ذلك تبدأ بالذبول...
هب أن امرأة بدأت بالذبول و زوجها مازال محتفظا بنضارته, قادراً على الزواج, و خرج إلى الشارع و وجد فتاة في مقتبل العمر
و في أتم نضارتها و قد كشفت عن زينتها, ماذا سيحدث؟! إما أن يقتن بهذه الفتاة و يترك زوجته و يتزوجها,
و إما أنه عندما يعود إلي بينه يلحظ الفرق الكبير بين امرأته و هذه الفتاة, فيزهد في زوجته, و يبدأ في الانصراف عنها...
لكن لو حجبت النساء مفاتنهن عن الرجال, لصارت كل منهن آمنه من فقدان زوجها, و من تغيير نفسه أمام زوجته,
و لظلت محتفظه بحبه لها و إقباله عليها, لماذا ؟ لأن الجمال نمو, و النمو في المخلوقات و النبات و الحيوان و الإنسان لا يدركه المتتبع له,
و لذلك تجد الرجل و له ولد ينظر إليه كل يوم, فلا يمكن أن يلحظ أنه يكبر, ولكن لو غاب عنه شهراً, يتجمع نمو الشهر كله و هو بعيد عنه,
و عندما يعود يحس بأنه قد كبر.. و الفلاح مثلا لو جلس بجوار الزرع, لا يلحظ نموه و لا يراه, فإذا غاب عنه فترة لاحظ هذا النمو.
و الرجل مع زوجته كذلك, فهو عندما يتزوجها و هي عروس تكون في أبهي زينتها و نضارتها, و لكن لأنه يراها كل يوم,
فإنه لا يلحظ فيها أي تغيير, و تكبر و تذهب نضارتها و جمالها من أمامه شيئا فشيئا, دون أن يلاحظ هذا الذبول,
بل تظل في عينيه هي نفس العروس الجميلة التي زفت إليه.. و لكن إذا رأى امرأة غيرها, أصغر منها و لا تزال في قمة نضارتها,
بدأت المقارنة و أحسن بالتغيير, و أثر ذلك في نفسه.. و لذلك و نحن نرى أمهاتنا بعد أن كبرت و ملأت وجوههن التجاعيد,
و لا نشعر بهذا, بل نجد في أمهاتنا نضارة لا نشبع من النظر إليها. فإذا كان الله سبحانه و تعالى قد حجب المرأة من أن تستلفت الأنظار
إليها بالكشف عن زينتها, و هو قد حجب غيرها ممن هن أصغر و أجمل و أكثر نضارة من أن يستلفتن أنظار زوجها فيعرض عنها..
و العجيب أن المرأة لا تلتفت إلي هذه الحكمة, و هي أن الحجاب حماية لها و لزوجها و لبيتها,
بل تأخذ المسألة على أساس من الحرية الجوفاء , ناسية أن هذا التقييد إنما شرع لحمايتها. و العقاب في الشرع في كل الحالات,
لا يبدأ إلا عند النزوع إلى عمل شيء, فأنت ترى وردة جميلة, انظر إليها كما شئت فليس في ذلك إثم و لا حساب,
و تمتع برائحتها كما شئت, فليس هناك إثم و لا حساب, إلا أن تمد يدك لتقطعها, حينئذ تكون قد اعتديت...
و أنت ترى فرسا جميلة, انظر إليها كما شئت, و تمتع بالنظر إليها كما تريد, فلا إثم عليك, إلا أن تحاول أن تركبها دون إذن صاحبها,
و هكذا كل ما في الدنيا من جمال, و الله سبحانه و تعالى يقول: (( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ))
زينة لمن؟ لأصحابها فقط؟ الآية جاءت بالزينة على إطلاقها, و لهذا فهي زينة لصاحبها, و لمن أراد أن ينظر إليها و يتمتع بجمالها,
كل ما في الكون من جمال, انظر إليه كما تشاء, فليس هذا محرما, إلا المرأة ,
فالنظرة إليها محرمة, من المرأة للرجل, و من الرجل للمرأة, و النظر إليها و التأمل في جمالها من غير زوجها إثم ,
و كذلك الرجل بالنسبة للمرأة, نظر المرأة للرجل و تأملها في ملامح رجولته إثم ,