الأول : - ما لوحظ فيه المخاطب : فالمكي ما وقع خطاباً لأهل مكة والمدني ما وقع خطاباً لأهل المدينة .
الثاني: - ما لوحظ فيه المكان: فالمكي ما نزل بمكة، ويدخل في مكة ضواحيها، كالمنزل عليه صلى الله عليه وآله وسلم بمنى وعرفات والحديبية. والمدني ما نزل بالمدينة، ويدخل في المدينة ضواحيها كالمنزل عليه صلى الله عليه وآله وسلم ببدر وأحد .
الثالث : - ما لوحظ فيه الزمان: فالمكي ما نزل قبل الهجرة وان كان نزوله بغير مكة ويدخل فيه ما نزل علىالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في سفر الهجرة. والمدني: ما نزل بعد الهجرة وان كان نزوله بغير المدينة ويدخل فيه ما نزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أسفاره بعد الهجرة كسورة الفتح فقد نزلت على النبي بعد منصرفه من الحديبية والاصطلاح الثالث هو الراجح والمقبول وهو ما عليه جمهور العلماء لأنه حاصر وضابط ومطّرد ولا يرد عليه ما ينقضه .
فوائد العلم بالمكي والمدني
لمعرفة السور المكّية عن المدنية فوائد جمّة يمكن الاشارة إلى بعضها : -
أولاً: التعرف على الجهة التاريخية لنزول الآيات، ووجه الخطاب فيها، والبيئة التي أحاطت نزولها .
ثانياً : تأثير هذه المعرفة في فهم محتوى الآيات، ولا سيما في مجالات الفقاهة والاستنباط .
ثالثاً : إنها تعين على معرفة تاريخ التشريع والوقوف على سنّة الله الحكيمة في تشريعه وهي التدرج في الشتريعات بتقديم الأصول على الفروع والاجمال على التفصيل وقد أثمرت هذه السياسة التشريعية ثمرتها وعادت على الدعوة الاسلامية بالقبول والاذعان والانتشار .
رابعاً : إنه يعرف بها الناسخ والمنسوخ - عند القائلين به - فيما لو وردت آيتان متعارضتان إحداهما مكية والأخرى مدنية فانه يُحكم بنسخ الثانية للأولى لتأخرها عنها .
خامساً : فائدة كلامية ولا سيّما في بحث الإمامة والاستنادات الواقعة كثيراً في كثير من الآيات ، وهي موقوفة في الأغلب على معرفة المكي من المدني .
ضوابط معرفة المكي والمدني
لمعرفة المكي والمدني طريقان : الأول سماعي والثاني قياسي .
أما السماعي: فعن طريق النقل الصحيح بأن سورة كذا أو آية كذا نزلت بمكة أو بالمدينة ، قبل الهجرة أو بعدها .
وأما القياسي: فهناك ضوابط كلّية لمعرفة كل منهما ، وهذه الضوابط مبناها على التتبع والاستقراء المبني على الغالب والكثير .
ضوابط المكي:
(1) كل سورة فيها لفظ (كلا ) فهي مكية .
(2) كل سورة فيها (يا أيها الناس) فهي مكية ، والقاعدة ليست عامة بل غالبة .
(3) كل سورة فيها سجدة فهي مكية .
(4) كل سورة فيها قصة آدم وإبليس فهي مكية ، سوى (البقرة ) .
(5) كل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم الماضية فهي مكية سوى (البقرة ) .
(6) كل سورة فيها حروف التهجي فهي مكية ، إلاّ البقرة وآل عمران ، وفي الرعد خلاف (1) .
ضوابط المدني:
(1) كل سورة فيها (يا أيها الذين آمنوا) فهي مدنية ، سوى (الحج )
(2) كل سورة فيها تفاصيل الفرائض والسنن والحدود والاحكام والقوانين فهي مدنية
(3) كل سورة فيها ذكر المنافقين فهي مدنية ، سوى (العنكبوت )
(4) كل سورة فيها إذن بالجهاد ، أو ذكر له ، وبيان لأحكامه فهي مدنية
(5) كل سورة فيها محاججة لأهل الكتاب ، ومجادلة لهم ، فهي مدنية (2) .
المصادر :
(1) يُراجع البرهان للزركشي ج 1 / 188 وما بعدها + الاتقان للسيوطي ج 1 / 47 وما بعدها .
(2) المصدرين السابقين + صبحي الصالح ، مباحث في علوم القرآن ص 183 .
-ضوابطه 1-كل سورة فيها سجدة 2-كل سورة فيها لفظ : كلا 3-كل سورة فيها يا أيها الناس 4-كل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم الغابرة 5-كل سورة فيها قصة آدم وإبليس ما عدا البقرة 6-كل سورة تفتح بحروف التهجي مثل : آلم - آلر - حم ما عدا البقرة وآل عمران .
-مميزاته 1-الدعوة إلى التوحيد وعبادة الله وذكر القيامة والجنة . 2-يفضح أعمال المشركين من سفك دماء وأكل أموال اليتامى 3-قوة الألفاظ مع قصر الفواصل وإيجاز العبارة 4-الإكثار من قصص الأنبياء وتكذيب أقوامهم
ط- مميزات وضوابط المدني
- ضوابطه 1-كل سورة فيها فريضة أو حد 2-كل سورة فيها ذكر المنافقين 3-كل سورة فيها مجادلة أهل الكتاب 4-كل سورة تبدأ بـ)يا أيها الذين آمنوا… (
-مميزاته 1-بيان العبادات والمعاملات والحدود والجهاد … 2-مخاطبة أهل الكتاب ودعوتهم إلى الإسلام 3-الكشف عن سلوك المنافقين وبيان خطرهم على الدين 4-طول المقاطع والآيات في أسلوب يقرر قواعد التشريع
ي- أهمية علم المكي والمدني
-1-يعرف بالمكي والمدني الناسخ والمنسوخ -2- علم المكي والمدني يعين الدارس على معرفة التشريع -3- الاستعانة في تفسير القرآن وفهم معانيه -4- تذوق اساليب القرآن والاستفادة منها في اسلوب الدعوة -5- الوقوف على السيرة النبوية من خلال الآيات القرآنية
ك- أمثلة للآيات المكية في سورة مدنية وبالعكس
1-آيات مكية في سورة مدنية
2-آيات مدنية في سورة مكية
ل- ما حمل من مكة إلى المدينة وبالعكس
1-ما حمل من مكة إلى المدينة
2-ما حمل من المدينة إلى مكة
م- حمل من المدينة إلى الحبشة
ن- ما نزل صيفاً وشتاءً
ص-ما نزل بأماكن متعددة
أ- عناية الصحابة فيه: نجد أعلام الهدي من الصحابة والتابعين يضبطون منازل القرآن آية آية ضبطاً يحدد الزمان والمكان وهذا الضبط عماد قوي في تاريخ التشريع، فنرى ابن مسعود (1)يقول: والله الذي لا إله غيره ما نزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، ولا نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلت، ولو أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله، تبلغه الإبل لركبت إليه.
ب- عناية التابعين: نجد أيضاً الأعلام من التابعين (2)الذين أخذوا عِلمهم من الصحابة يعتنون بهذا العلم عناية تامة، كيف لا وهم تلاميذ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا رجل يسأل عكرمة (3)عن آية من القرآن، فيجيبه أنها نزلت في سفح ذلك الجبل وأشار إلى سَلْع (4).
جـ- عناية العلماء : اعتنى العلماء بتحقيق المكي والمدني عناية فائقة فتتبعوا القرآن آية آية وسورة سورة ترتيباً وفق نزولها حيث بذلوا جهداً كبيراً، وراعوا في ذلك الزمان والمكان والخطاب وهو تحديد دقيق يعطي صورة علمية في التحقيق لهذا العلم.
د- منزلة المكي والمدني: من أشرف علوم القرآن علم نزوله وجهاته، وترتيب ما نزل بمكة والمدينة، وما نزل بمكة وحكمه مدني، وما نزل بالمدينة وحكمه مكي، وما نزل بمكة في أهل المدينة، وما نزل بالمدينة في أهل مكة، وما يشبه نزول المكي في المدني، وما يشبه نزول المدني في المكي، والآيات المدنيات في السور المكية، و الآيات المكية في السور المدنية.
1- منهج سماعي: يستند إلى الرواية الصحيحة عن الصحابة والتابعين الذين عاصروا الوحي وشاهدوا نزوله، أو عن التابعين الذين تلقوا عن الصحابة وسمعوا منهم كيفية النزول ومواقفه وأحداثه.
2- منهج قياسي اجتهادي: يستند إلى خصائص المكي وخصائص المدني، فإذا ورد في السورة المكية آية تحمل طابع التنزيل المدني أو تتضمن شيئاً من حوادثه قالوا: إنها مدنية، وإذا ورد في السورة المدنية آية تحمل طابع التنزيل المكي، أو تتضمن شيئاً من حوادثه قالوا: إنها مكية، وهذا قياسي اجتهادي، ولهذا نجدهم يقولون: كل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم الخالية فهي مكية، وكل سورة فيها فريضة أو حدّ فهي مدنية.
ز- تعريف المكي والمدني .
فيه ثلاث آراء:
1- اعتبار زمن النزول: وهو القول المشهور(1). ويمتاز هذا القول بشمول تقسيمه جميع القرآن، ولا يخرج عنه شيء حتى كان عموم قولهم في المدني : ((ما نزل بعد الهجرة)) ، يشمل ما نزل بعد الهجرة في مكة نفسها في عام الفتح، أو عام حجة الوداع، مثل آية: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}.كما يشمل ما نزل بعد الهجرة خارج المدينة في سفر من الأسفار أو غزوة من الغزوات.
فالمكي ما نزل قبل الهجرة وإن كان بالمدينة، والمدني ما نزل بعد الهجرة وإن كان بمكة، فما نزل بعد الهجرة وإن كان بمكة أو عرفة فهو مدني، كالذي نزل عام الفتح، كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] أو نزل في حجة الوداع كقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: 3].
2- اعتبار المخاطب:
أن المكي ما وقع خطاباً لأهل مكة و المدني ما وقع خطاباً لأهل المدينة، لأن الغالب على أهل مكة الكفر ، فخوطبوا بـ: {يا أَيُّها النَّاسُ}، وإن كان غيرهم داخلاً فيه، وكان الغالب على أهل المدينة الإيمان، فخوطبوا بـ: {يا أيها الذين آمنوا} وإن كان غيرهم داخلاً فيه.
وهذا الضابط لا يطّرد - ينطبق - دائماً، لأن في سورة البقرة و النساء -وهما مدنيتان- خطاًباً مكياً وهو : {يا أَيُّها النَّاسُ}.
3- اعتبار مكان النزول:
أن المكي ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، والمدني ما نزل عليه بالمدينة، ويترتب على هذا الرأي عدم ثنائية القسمة، فما نزل عليه بالأسفار - مثل سورة الأنفال، وسورة الفتح، وسورة الحج -لا يطلق عليه مكي ولا مدني وذلك مثل ما نزل عليه بِتَبُوك وبيت المقدس.
ويدخل في مكة ضواحيها، مِنى وعرفات، والحُدَيْبِيَة، ويدخل في المدينة أيضاً ضواحيها: بَدْر، وأُحُد، وسَلْع.
وكذلك يترتب على هذا الرأي أن ما نزل بمكة بعد الهجرة يكون مكياً.
حـ- مميزات وضوابط المكي
ضوابطه:
1- كل سورة فيها سجدة.
2- كل سورة فيها لفظ كلا.
3- كل سورة فيها يا أيها الناس
4- كل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم الغابرة.
5- كل سورة فيها قصة آدم وإبليس ما عدا البقرة.
6- كل سورة تفتح بحروف التهجي مثل: آلم، آلر، حم، ما عدا البقرة وآل عمران.
مميزاته:
1-الدعوة إلى التوحيد وعبادة الله ، وذكر القيامة والجنة والنار، ومجادلة المشركين.
2- يفضح أعمال المشركين من سَفْك دماء، وأكل أموال اليتامى ، ووأد البنات.
3- قوة الألفاظ مع قصر الفواصل وإيجاز العبارة.
4- الإكثار من عرض قصص الأنبياء وتكذيب أقوامهم لهم للعبرة، والزجر، وتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم.
1- يعرف بالمكي والمدني الناسخ والمنسوخ -سيأتي الكلام عنه في النوع الخامس-، الذي كان من حكمة تربية القرآن في التشريع.
2- علم المكي والمدني يعين الدارس على معرفة تاريخ التشريع والوقوف على سُنة الله الحكيمة في تشريعه، بتقديم الأصول على الفروع، وترسيخ الأسس الفكرية والنفسية، ثم بناء الأحكام والأوامر والنواهي عليها، مما كان له الأثر الكبير في تلقي الدعوة الإسلامية بالقبول، ومن ثم الإذعان لأحكامها.
3- الاستعانة بهذا العلم في تفسير القرآن وفهم معانيه.
4- تذوق أساليب القرآن والاستفادة منها في أسلوب الدعوة.
5- الوقوف على السيرة النبوية من خلال الآيات القرآنية.
ك- أمثلة للآيات المكية في سور مدنية وبالعكس
1- آيات مكية في سور مدنية
أ-سورة الأنفال كلها مدنية ما عدا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ...} [الأنفال: 64].
ب-سورة المجادلة كلها مدنية ما عدا قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ… }[المجادلة: 7].
2- آيات مدنية في سور مكية.
أ-سورة يونس كلها مكية ما عدا قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ..} [يونس: 40].