ملفات الفضائح بدأت تتسرب من المحسوبين على الثوريين، أو التقدميين العرب، وعائد الثقة على أولئك الزعماء وبلدانهم، يثير الشكوك في التكوين الأساسي لتلك الزعامات والأحزاب، ولو اكتفينا بمذكرات من ساهموا بالانقلابات، أو عاشوا أسرار الحروب العربية، وكيف فضحت تلك الصور المواقف والأشخاص الذين وصلوا إلى حد القداسة وتبرئتهم من أي تهم تلتصق بمبادئهم والدور الذي لعبوه في هزيمة الأمة العربية، لاعتقدنا أنها جملة أقوال وتصفية حسابات، لكن ما جاء من خلال أرشيف ليبيا القذافي، وعراق صدام، والتقابل بين الزعيمين في شبكة عالم سري يدير المؤامرات، والرشاوي ويحتضن الإرهابيين، ثم إفشاء أسرار دول خارجية في التعاون بالتسليح، أو التجسس، يضعنا أمام حقيقة جديدة، أن التاريخ العربي الحديث هو الأسوأ في كل المراحل، بدءاً من انحطاط الدولة الإسلامية، والاستعمار، لأن من تذرعوا بخلق عالم عربي جديد يقوم على الحرية، والاشتراكية، وتقاسم السلطة، ومكافحة الاستعمار إلى آخر تلك الأماني التي رفعتها شعارات تلك الدول، بدأ يأخذ مجرى آخر، أي أن الحقيقة، إن لم تكشف من الباطن، فهي الأسهل بالكشف من الخارج، وقد يساهم أرشيف الاتحاد السوفياتي في تعرية أدوار الكثير من الدول والأشخاص، وكيف أحدثوا تغييرات سلبية دفع ثمنها شعب الأمة العربية بأجمعه، لو فسحت السلطات الروسية عن تلك المعلومات..
فإذا كانت بيانات رشاوى النفط التي وزعها صدام جزءاً من معلومة صغيرة، فإن تسريبات القذافي بمن تعاونوا معه في تسليح ليبيا من خلال تصنيع أسلحة دمار شامل، لا تعود فقط بالفائدة على العالم الغربي، بل للوطن العربي الذي عليه أن يرى كيف يتم التفكير عند تلك الزعامات والتي تسيرها غرائزها لا عقولها، ثم ماذا لو كان بحوزة مثل تلك الدولتين أسلحة بهذا الحجم، هل يمكننا فهم بمن ستوجه إليه؟ وهل تكون بحصانة من وقوعها في أيدي إرهابيين إذا ماعلمنا أن معظم من اخترعوا الانقلابات هم من مارس التعذيب، والقتل والإرهاب بمختلف الوسائل والمؤامرات؟
قد لا يكون العراق وليبيا الاستثناء في صحيفة السوابق لتاريخ عربي لم يكتب، بل قد تطال نظماً، وأشخاصاً، ودولاً خارجية ساهمت في تلك الأدوار، بمعنى أن ما تعارفنا عليه بالمؤامرات الأجنبية نسج بتواطؤ من الداخل العربي، وقد لا ينجو أي نظام من كشف المستور خاصة إذا كانت الدول الخارجية تريد أن تدخل في حسابات عسيرة مع كل النظم العربية، وقد تكون وسيلتها الأخطر نزع السرية عن مختلف المعلومات حتى لو نالها بعض الضرر، إذا ما كانت الفوائد بقلب هياكل تلك النظم تعود بفوائد أكبر، وبمصالح بعيدة المدى تجعل الدول العربية مجال الاتهام والمساءلة ليس أمام الرأي العام العالمي، بل أمام شعوبها وأجيالها القادمة.
العرض العادي
