5 Feb 2004 04:51:59 GMT
الاهرام - مصر
الغزو بسبب النيات
بالرغم مما أدي إليه الغزو الأمريكي ـ البريطاني للعراق واحتلاله من كوارث مدمرة سياسيا واجتماعيا لهذا البلد العربي الكبير, وبالرغم مما ثبت من عدم وجود أي مصداقية للاتهامات الأمريكية ـ البريطانية للعراق بامتلاك أسلحة دمار شامل بالمخالفة لقرارات مجلس الأمن, بعد أن أثبتت عمليات التفتيش الحرة تماما بعد احتلال العراق, عدم وجود هذه الأسلحة.
بالرغم من كل ذلك, فإن وزير الخارجية الأمريكي الذي فقدت مبررات بلاده لغزو العراق مصداقيتها, خرج علي العالم بتبرير جديد لقيام الإدارة الأمريكية بغزو العراق, وهو أنه تكفي نية العراق لإنتاج أسلحة الدمار الشامل كمبرر لغزو هذا البلد!
ووفقا لهذا المنطق العجيب, فإن النيات وحدها وليس الفعل, أصبحت كافية لاتخاذ القرار الرهيب بغزو دولة وتدميرها وتخريب اقتصادها وبنيتها الأساسية وقتل وترويع أبنائها ووضعها علي شفا التمزق العرقي والطائفي. وهذا الغزو بسبب النيات يبدو أنه ليس عاما وإنما موجه لبلدان بعينها, حيث إن إسرائيل ليست مجرد دولة تنوي أن تنتج أسلحة دمار شامل, وبالتحديد أشدها فتكا, أي الأسلحة النووية, بل هي بالفعل قوة نووية.
وكان الأجدر بالولايات المتحدة التي تقول إنها تحارب الانتشار النووي في مختلف بلدان العالم, أن تتخذ موقفا أكثر جدية من إسرائيل حتي يوقن العالم أن الموقف الأمريكي من قضية الانتشار النووي, ومن انتشار أسلحة الدمار الشامل عموما, هو موقف متسق ولاينطوي علي أي أزدواجية.
أما الوضع الراهن والمتمثل في تبرير غزو العراق لمجرد نياته في إنتاج أسلحة الدمار الشامل, مع تجاهل امتلاك إسرائيل فعليا لهذه الأسلحة وبالتحديد الأسلحة النووية, فإنه يؤكد الانحياز الأمريكي المطلق لإسرائيل, والترصد للبلدان العربية, بما يساعد علي إيجاد مشاعر غير مواتية لتطوير العلاقات بين البلدان العربية وبين الولايات المتحدة الأمريكية رغم أن هذا التطوير علي قواعد العدالة والاحترام المتبادل هو في مصلحة الشعب الأمريكي والشعوب العربية, وفي مصلحة الاستقرار في هذه المنطقة الحيوية للاقتصاد العالمي.
العرض العادي
