آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 20829 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 14651 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 20810 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 22238 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 56298 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 51401 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 43300 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 25701 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 26076 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 31984 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-09-2012, 10:51 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

أفاق الفكر

مراقب

مراقب

أفاق الفكر غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








أفاق الفكر غير متواجد حالياً


قبسات من عبقريَّة المعرِّي


قبسات من عبقريَّة المعرِّي
د . صالح إبراهيم مضوي

تفيض ساحة الأدب العربي بالأعلام، ولكن بقدر إبداع هؤلاء الأعلام بقدر ما غفل عنهم المثقف والقارئ العربي؛ فعَلَمٌ مثل أبي العلاء المعري جدير بأن يلمَّ بأدبه ومؤلفاته كل من يمت للعربية بِصِلة، فقد سما أبو العلاء في دنيا الأدب فكان نجماً زاهراً، وارتقى إلى أفلاك الحكمة فكان فارساً لا يُجارَى، ويراعاً لا يُبارَى، وإنّ فقده لبصره لم يغير في سموّ بصيرته، بل زاد من عبقريّته وإبداعه..


هو أحمد بن عبد الله التنوخي المكنَّى بأبي العلاء، وُلِد في معرَّة النعمان، وإليها نُسِب، وكانت ولادته يوم الجمعة عند مغيب الشمس لثلاث بقين من شهر ربيع الأول سنة 363هـ. (973م).

ولم يبلغ الرابعة من عمره حتى أصابه الجدري، فذهب بعينه اليسرى، وغشي اليمنى بياض لم يلبث أن أطفأها.

عاش أبو العلاء أعمى، وكان يقول: إنه لا يتذكَّر من الألوان إلاّ الأحمر؛ لأنه أُلبس في أيام إصابته بالجدري ثوباً معصفراً.

وأبو العلاء سليل بيت علم وأدب، فكان أبوه من أهل الأدب، وجدّه سليمان قاضي المعرّة؛ وكانت أمّه من أسرة تُعرف بآل سبكة، اشتهر منهم غير واحد بالوجاهة والأدب، فهو إذاً مكتنف من الطرفين بالعلم والوجاهة والأدب.

وأُعطِي من قوة الحافظة ما يفوق التصور، ولعل لعماه يداً في تقوية حافظته، تلك الحافظة التي كان يخزن فيها كل مفردات اللغة حتى قيل: ما نطقت العرب بكلمة لم يعرفها أبو العلاء. نظم الشعر وهو في الحادية عشرة من سنّه. ولما نضج عقله آثر العزلة فاحتبس في منزله، وسمّى نفسه "رهين المحبسين" إشارة إلى عماه، ولزومه منزله.

وقد نطَّم ذلك شعراً، وزاد سجناً آخر، وهو كونه موجوداً في هذه الحياة الدنيا، يقول:

أراني في الثلاثةِ من سجوني
فلا تسألْ عن الخبرِ النّبيثِ
لفقدي ناظري ولزومِ بيتي
وكونِ النفسِ في الجسدِ الخبيثِ


فالمعري اشتهر بمقته للحياة، وقد تمنى أنه لم يُولَد، بل أورد في شعره أن أباه قد جنى عليه بتسبّبه في مجيئه لهذه الحياة، وله أشعار كثيرة يُفضِّل فيها الموت على الحياة، مثل قوله في اللزوميات:

يدلُّ على فضلِ المماتِ وكونِه
إراحةُ جسمٍ أن مسلكَه صعبُ
ألم ترَ أن المجدَ تلقاك دونه
شدائدُ من أمثالها وجبَ الرعبُ
إذا افترقت أجزاؤنا حُطّ ثقلُنا
ونحملُ عبئاً حين يلتئمُ الشَّعبُ


وأخذ أبو العلاء بالتأليف والنظم، على أنه لم تتيسر له العزلة الدائمة؛ إذ تحوّل محبسه إلى مزار يؤمه الطلاب، فما يضن عليهم بالفوائد اللغوية وشرح معاني الألفاظ، وشعر القدماء والمحدثين، وكانت تنهال عليه الرسائل فما يتلكأ عن الإجابة عليها.

ويجمع مؤرّخوه على أنه انقطع عن أكل اللحم، واقتصر على النبات، ذاهباً مذهب البراهمة الذين لا يأكلون اللحم لكي لا يذبحوا الحيوان ففيه تعذيب له، ويتجافون عن إيلامه؛ فمضى خمس وأربعون سنة، طعامه العدس وحلواه التين.

إن المتأمل لشخصية المعري يجد نفسه أمام موسوعة علميّة لا يخبو بريقها، وأمام معين لا ينضب، وأمام بحر خضم لا ساحل له.

إن الفلسفة التي اتخذها المعري سبيلاً ومنهاجاً لحياته وبكل ما تحمله –أحياناً- من مخالفات جرت عليها عادة بني البشر، إلاّ أن هذه الفلسفة والنظرة المتشائمة للحياة لم تذهب رونق الضياء الوهاج الذي تزخر به حياة المعري، كما أن الآراء التي قيلت عن شخصية المعري -على فرض صحتها- لا تمنع من أن نأخذ من أدبه ما يريح النفوس، ويطرب الوجدان.

كيف لا وقد سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رديفه قائلاً: هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيء؟ فقال له: نعم. فاستنشده حتى أنشده مائة بيت...

فالنبي صلى الله عليه وسلم استحسن شعر أمية، واستزاد من إنشاده على الرغم من أن أمية شاعر جاهلي لم يسلم!

لقد كان المعري حسن الشعر، جزل العبارة، فصيح اللسان، غزير الأدب، عالماً بفنون اللغة، حافظاً لأسرارها، متمكِّناً من دقائقها، وهو حقيق وجدير بأن يُقال له: (فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة).

فالذي يقف على مؤلفات المعري يجد نفسه منجذباً ليأخذ منها المزيد والمزيد، بل يجد نفسه أمام معلِّم بارع في كل ضروب الحياة.

فمالنا لا نأخذ منه ونتعلَّم كيف نرد على من أساء لنا دون أن ننفعل ونتنفس الصعداء، وكيف نواجه النقد الذي وُجِّه لنا، أو لمن يهمنا أمره، وذلك بأن نتمعن في قصته مع الشريف المرتضى، فقد دخل أبو العلاء المعري يوماً على الشريف المرتضى فعثر برَجُل، فقال له الرجل: من هذا الكلب؟! فقال أبو العلاء: الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسماً. فقرّبه المرتضى وأدناه، واختبره، فوجده عالماً مشبعاً بالفطنة والذكاء، فأقبل عليه إقبالاً كثيراً.

وكان المعري يتعصَّب لأبي الطيب المتنبي كثيراً، ويفضله على بشار وأبي النواس وأبي تمام، وكان المرتضى يبغض المتنبي، ويتعصَّب عليه، فجرى يوماً ذكر المتنبي فتنقَّصه المرتضى، وجعل يتتبع عيوبه، فقال المعري: لو لم يكن للمتنبي من الشعر إلاّ قوله:

لك يا منازلُ في القلوب منازلُ
أقفرتِ أنتِ وهُنَّ منكِ أواهلُ


لكفاه فضلاً وشرفاً. فغضب المرتضى، وأمر به فسُحب برجله، وأُخرج من مجلسه. وقال لمن بحضرته: أتدرون أي شيء أراد هذا الأعمى بذكر هذه القصيدة؟! فإن لأبي الطيب ما هو أجود منها لم يذكرها. فقالوا: لا. فقال لهم: أراد أن يذمني بقول المتنبي فيها:

وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ
فهي الشهادةُ لي بأني كاملُ


فأي سلاح فتّاك يستطيع أن يصل إلى دار الخصم، ويفعل بالخصم الأفاعيل مثلما فعل السلاح الذي استعمله المعري.

وما الذي يمنع من أن ننظر بالنظرة الوسطية التي طالما نادى بها المعري في شعره مثل قوله:

إذا كنت تبغي العيشَ فابغِ توسّطاً
فعند التناهي يقصرُ المتطاولُ
تُوقَّى البدورُ النقصَ وهي أهلَّة
ويدركُها النقصانُ وهي كواملُ


فهو في هذين البيتين نادى بمبدأ الفطرة الإنسانية في براءتها وبساطتها وسماحتها.

ومما يدل على فطنة أبي العلاء وصفاء ذهنه وذاكرته الوقَّادة، يُحكى أنه كان له جار أعجمي، فاتفق أنه غاب عن معرّة النعمان، فحضر رجل أعجمي يطلبه قد قدم من بلده، فوجده غائباً ولم يمكنه المقام، فأشار إليه أبو العلاء أن يذكر حاجته إليه، فجعل ذلك الرجل يتكلَّم كثيراً بالفارسية وأبو العلاء يصغي إليه إلى أن فرغ من كلامه، (ولم يكن أبو العلاء يعرف باللسان الفارسي)، ومضى الرجل، فقدم جارُه الغائب، وحضر عند أبي العلاء، فذكر له حال الرجل، وجعل أبو العلاء يذكر له بالفارسية كلَّ ما قاله الرجل، مما جعل الرجل يبكي ويستغيث ويلطم، إلى أن فرغ من حديثه، وسُئل عن حاله، فأخبرهم أنه أُخْبِر بموت أبيه وإخوته وجماعة من أهله.

إن شخصية مثل شخصية المعري ينبغي ألاّ يكون النسيان حليفاً لها، وألاّ تكون مؤلفاته حبيسة الرفوف تنادي من يزيح الغبار عنها، فحتماً سيجد كل من تصفَّح صفحة من مؤلفات المعري ينبوعاً من علم، أو معلومة فريدة، أو حكمة بليغة، أو عبارة سلسة يضيفها إلى رصيده المعرفي والثقافي واللغوي..


ومن الحكم المروية عن أبي العلاء المعري قوله: الخير كل الخير فيما أُكْرِهت النفس الطبيعية عليه، والشرّ كل الشرّ فيما أكرَهَتك النفس الطبيعية عليه. وهذا قريب من قول ابن المقفع "إذا اختلط عليك أمران ولا تدري أيهما تفعل فانظر إلى أحبهما إليك وخالفه؛ فإن أكثر الصواب في مخالفة الهوى".

ومن طريف ما جاء في أشعاره أنه شوهد واقفاً عند المستجار متعلقاً بأستار الكعبة يقول:

ستورُ بيتِك ظلُّ الأمن منك وقد
علقتها مستجيراً أيها الباري
وما أظنّك لما أن علقت بها
خوفاً من النار تدنيني من النارِ
فها أنا جارُ بيتٍ أنت قلت لنا
حجُّوا إليه وقد وصيتَ بالجارِ


ومن شعره في الزهد:

فلا تشرفْ بدنيا عنك معرضةٍ
فما التشرّفُ بالدنيا هو الشرفُ
واصرفْ فؤادَك عنها مثلما انصرفت
فكلُّنا عن مغانيها سينصرفُ
يا أمَّ دفرٍ لحاك اللهُ والدةً
فيك الخناءُ وفيك البؤسُ والسرفُ
لو أنك العرسُ أوقعت الطلاقَ بها
لكنك الأمُّ ما لي عنك منصرفُ


وقال مخاطباً الدنيا (أم دفر):

عرفتك جيداً يا أمَّ دفرٍ
وما إن زِلتِ ظالمةً فزولي
دعيتُ أبا العلا وذاك مَيْنٌ
ولكنَ الصحيحَ أبو النزولِ


آثاره العلمية:

مات أبو العلاء (في الثاني من ربيع الأول سنة 449هـ، 1057م)، ولكنه ما زال حيًّا بما خلَّف وراءه من ثروة علميَّة يتوارثها الأدباء والدارسون والباحثون على مرِّ العصور.

وقيمةُ المرءِ ما قد كان يحسنُهُ
والجاهلون لأهل العلم أعداءُ
فقمْ بعلمٍ ولا تطلبْ به بدلاً
فالناسُ موتى وأهلُ العلم أحياءُ


ومن أشهر آثاره العلمية:

- رسالة الغفران: والتي كانت مدار حديث كثير من الأدباء والشعراء على مَرِّ التاريخ.

- سقط الزند: وهو كتاب يجمع شعر أبي العلاء في شبابه.

- لزوم ما لا يلزم (اللزوميات)، و يحتوي على شعره الذي نظمه في كهولته.

- معجز أحمد: وهو شرح إبي العلاء لديوان "أبي الطيب المتنبي".

- عبث الوليد: وهو شرحه لديوان البحتري.

كما أن له عدداً من الرسائل منها:

- رسالة الملائكة.

- رسالة الحروف.

- الرسالة الإغريضية.

- الرسالة المنيحية.

Cant See Links


الشاعر أبو العلاء المعري

هو أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي , عربي النسب من قبيلة تنوخ إحدى قبائل اليمن ، ولد في معرة النعمان (سورية) بين حماة وحلب في يوم الجمعة الثامن والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلاثمائة للهجرة (973م) وكان أبوه عالما بارزا ، وجده قاضيا معروفا.
جدر في الرابعة من عمره فكفت عينه اليسرى وابيضت اليمنى فعاش ضريرا لا يرى من الألوان إلا الحمرة. وقال الشعر وهو ابن احدى عشرة سنة..“ وكان له في آبائه واعمامه فضلاء وقضاة وشعراء منهم :

سليمان بن احمد جده قاضي ”المعرة“، وابو المجد محمد بن عبد الله اخو ابي العلاء، وكان شاعراً، كرس اكثر شعره في الزهد.
قدم ابو العلاء بغداد سنة / 368هـ واقام بها سنة وسبعة اشهر ثم رجع الى بلده حتى مات سنة/ 449 في ايام الخليفة القائم.

تلقى على يد أبيه مبادئ علوم اللسان العربي ، ثم تتلمذ على يد بعض علماء بلدته ، وكان حاد الذكاء قوي الذاكرة ، يحفظ كل ما يسمع من مرة واحدة ، وجميع من كتبوا عن أبي العلاء المعري قالوا فيه أنه مرهف الحس ، دقيق الوصف، مفرط الذكاء ، سليم الحافظة ، مولعاً بالبحث والتمحيص ، عميق التفكير .

اعتكف في بيته حتى بلغ العشرين من عمره ، منكبا على درس اللغة و الأدب ، حتى أدرك من دقائق التعبير وخواص التركيب مالا يطمع بعده لغوي أو أديب ، وقد بدأ ينظم الشعر وهو في الحادية عشر من عمره .

وفي سنة ثلاثمائة واثنين وتسعين هجرية ، غادر قريته قاصدا بلاد الشام ، فزار مكتبة طرابلس التي كانت في حوزة آل عامر ، وانقطع إليها فترة طويلة ، فانتفع بما فيها من أسفار جمة ، ثم زار الّلاذقية وعاج على دير بها ، وأقام فترة بين رهبانه ، فدرس عندهم أصول المسيحية واليهودية ، وناقشهم في شتى شؤون الأديان ، وبدأ حينئذ شكه وزيغه في الدين .

قصد أبو العلاء المعري بعد ذلك بغداد، وهي مستقر العلم ومثابة العلماء فاحتفى به البغداديون وأقبلوا عليه ، فأقام بينهم فترة طويلة يدرس مع علمائهم الأحرار الفلسفة اليونانية والحكمة الهندية ، ويذيع آرائه ومبادئه على جمع من التلاميذ لازموه وتعيشوا له .

وكان قد فقد أباه وهو في الرابعة عشر من عمره ، فلما فقد أمه كذلك وهو في بغداد حزن عليها حزنا شديدا ، وأحس الخطوب الداهمة والمصائب تترى عليه دون ذنب جناه ، فبدأ ينظر إلى الحياة والعالم نظرة سخط ومقت وازدراء وتشاؤم ، و رأى أن من الخير أن يعتزل الناس والحياة ويزهد في ملذاتها ووصلت درجة زهد أبو العلاء المعري إلى أنه ظل خمسة و أربعين عاما لا يأكل لحم الحيوان ولا لبنه وبيضه قانعا من الطعام بالعدس ومن الحلوى بالطين ومن المال بثلاثين دينارا يستغلها من عقار له ، عاد إلى بلدته سنة أربعمائة هجرية ، وكانت آراء المعري شاهد على ما نقول عنه من نظرة تشاؤمية للحياة فهو يرى أنه ليس في الدنيا ما يستحق أن نضحي من أجله وأن كل ما فيها شر وشرور ، بل هناك من الباحثين في حياته من يقولوا أنه كان ينظر إلى أن كل من يسعى لملذات الدنيا فهو شر ، كما أنه ينظر إلى المرأة نظرة قريبة إلى نظرته إلى الحياة .


مواقف مع ابي العلاء

امتاز المعري بسرعة البديهة، وحدة الخاطر، فكان يتلقى المواقف ويديرها بعقلانية تنم عن علم غزير، واردت في كلامي هذا استعراض بعضِ من تلك المواقف اراد له مناوؤه من ورائها ايقاعه في دائرة الجهل وكان ذلك الجهل منهم بعينه ورد ابو العلاء بغداد قاصداً ابا الحسن علي بن عيسى الربعي، ليقرأ عليه، فلما دخل اليه قال علي بن عيسى:”ليصعد الاصطبل “ فخرج مغضباً ولم يعد اليه. والاصطبل في لغة اهل الشام الاعمى، ولعلها معربة.
ـ ودخل مرة على المرتضى ابي القاسم فعثر برجل، فقال: من هذا الكلب؟ فقال المعري: ”الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسماً، وسمعه المرتضى فاستدناه واختبره فوجده عالماً مشبعاً بالفطنة والذكاء فاقبل عليه اقبالاً كبيراً.
كان ابو العلاء يتعصب للمتنبي ويفضله على ”بشار بن برد“ ومن بعده مثل: ابي نواس وابي تمام، وكان المرتضى يبغض المتنبي ويتعصب عليه، فجرى يوماً بحضرته ذكر المتنبي فتنقصه المرتضى وجعل يتتبع عيوبه فقال المعري: لو لم يكن للمتنبي من الشعر الا قوله: ”لك يا منازل في القلوب منازل “
لكفاه فضلاً، فغضب المرتضى وامر فسحب برجله واخرج من مجلسه، وقال لمن بحضرته: اتدرون اي شيء اراد الاعمى بذكر هذه القصيدة، فان للمتنبي ما هو اجود منها لم يذكرها؟!فقيل: النقيب السيد اعرف، فقال اراد قوله في هذه القصيدة واذا اتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل..ولما رجع المعري الى ”المعرة “ لزم بيته، وسمى نفسه ”رهين المحبسين“ يعني: حبس نفسه في المنزل، وحبسه عن النظر الى الدنيا بالعمى.
مرض يوماً فوصف له الطبيب اكل الفروج، فلما جيء به لمسه بيده فقال:”استضعفوك فوصفوك، ؟! وحدت ”غرس النعمة ابو الحسن الصابي “ انه بقي خمساً واربعين سنة لا يأكل اللحم، ولا البيض، ويحرم ايلام الحيوان، ويقتصر على ما تنبت الارض، ويلبس خشن الثياب، ويظهر دوام الصوم.
لقيه رجل فسأله: لم لا تأكل اللحم؟ فأجابه: ارحم الحيوان.قال: فما تقول في السباع التي لا طعام لها الا لحم الحيوان، فان كان لذلك خالق فما انت بأرق منه، وان كانت الطبائع المحدثة لذلك، فمانت بأحذق منها، ولا اتقن عملاً فسكت.قال ابن الجوزي نقلاً عن ابن زكريا، انه قال: قال لي المعري:ما الذي تعتقد؟ فقلت في نفسي: ”اليوم اقف على اعتقاده“ فقلت له:ما انا الا شاكٍ فقال وببديهية عفوية: وهكذا شيخك.ويقول القاضي ابو يوسف، عبد السلام القزويني، قال لي المعري: لم اهج احداً قط. فقلت له: صدقت، الا الانبياء عليهم السلام، فتغير لونه...
ورغم كل ذلك يظل المعري زاهداً حيث يقول:

ضحكنا وكان الضحك منا سفاهةً
وحق لسكان البسيطة ان يبكوا
يحطمنا صرف الزمان كأننا
زجاج ولكن لايعاد له سبك
وقال في رثاء الحسين بن علي، عليهما السلام
رأس ابن بنت محمد ووصيته للمسلمين على قناة يرفع
والمسلمون لمنظر ولمشهدٍ لا جازع فيهم ولا متفجع


ويقول ياقوت: والناس مختلفون في ابي العلاء فمنهم من يقول كان زنديقا ومنهم
من يقول زاهدا متعبدا ياخذ نفسه بالرياضة والخشونة و الاعراض عن اعراض الدنيا...“.
وحدث ابو زكريا انه لما مات المعري انشد على قبره اربعة وثمانون شاعراً.

عقيدته

أثارت عبقرية المعري حسد الحاسدين فمنهم من زعم أنه قرمطي، ومنهم من زعم أنه درزي وآخرون قالوا إنه ملحد ورووا أشعارا اصطنعوا بعضها وأساؤوا تأويل البعض الآخر، غير أن من الأدباء والعلماء من وقفوا على حقيقة عقيدته وأثبتوا أن ما قيل من شعر يدل على إلحاده وطعنه في الديانات إنما دس عليه وألحق بديوانه. وممن وقف على صدق نيته وسلامة عقيدته الصاحب كمال الدين ابن العديم المتوفي سنة 660 هـ وأحد أعلام عصره، فقد ألّف كتابا أسماه العدل والتحري في دفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري وفيه يقول عن حساد أبي العلاء "فمنهم من وضع على لسانه أقوال الملحدة، ومنهم من حمل كلامه على غير المعنى الذي قصده، فجعلوا محاسنة عيوبا وحسناته ذنوبا وعقله حمقا وزهده فسقا، ورشقوه بأليم السهام وأخرجوه عن الدين والإسلام، وحرفوا كلامه عن مواضعه وأوقعوه في غير مواقعه".

اتخذ الشاعر العربي العريق أبو العلاء المعري، ذات يوم مجلسه قبالة بيته في بلدته معرة النعمان في القطر العربي السوري، اتخذ مجلسه بين مريدين وأصدقاء، أحبوه وأحبوا ما فاضت به قريحته من أفكار ورؤى ثاقبة، وراح يتحدث إليهم، مطلعا إياهم على ما اختزنته ذاكرته المضيئة المتوقدة من أفكار في اللغة والأدب والحياة أيضا، ومن المؤكد أن احد المتحلقين الجدد، أعجب به وبما قاله، فسأله عن وضعه، فرد عليه أبو العلاء ببيتين شعريين سبق وكتبهما، هما:
أراني في الثلاثة من سجوني فلا تسال عن الخبر النبيث
لفقدي ناظري ولزوم بيتي وكون الروح في الجسم الخبيث
اهتز المتحلقون حول أبي العلاء طربا، وتمادى احدهم فطلب منه أن ينشد المزيد من أشعاره، فراح أبو العلاء ينشد قصيدة رثاء كتبها للتو، يقول فيها: خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد.
وراح المحيطون به يصفقون إعجابا.
في تلك اللحظة مر احد الصلفين المختالين في الأرض، بالقرب من المجموعة المحيطة بابي العلاء، وتوقف لمعرفة سبب التصفيق، ويبدو أن التصفيق لحكيم المعرة الأعمى لم يعجبه، فطرح سؤالا استنكاريا، هو: من هذا الأعمى.
ارتفعت حرارة أبي العلاء، وغلى الدم الإنساني في عروقه، وتوجه ناحية العابر، منقبض الأسارير. أعطى لحظة للصمت كي يؤدي دوره في توصيل ما أراد توصيله من رد على ذاك المتغطرس الأحمق، وقال بمنتهى الثقة: اعمى من لا يعرف مئة اسم للكلب.
أتصور أن ذلك العابر راجع نفسه في تلك اللحظة، وتمنى أن يكون واحدا من المتحلقين حول أعمى المعرة الذي طغى نجمه على نجوم من عداه من أهل البلدة.
الرواية، سواء كانت وقعت بالفعل أو اختلقها عقل احد الرواة الأذكياء، لا تذكر ماذا فعل ذلك الرجل حين استمع إلى ذاك الرد المشيد بالمعرفة، الثقافة والإطلاع، إلا أنني أتصور أن ذلك الرجل خجل من نفسه ومضى في طريقه، وهو يفكر في طريقة يتمكن عبرها من معرفة مئة اسم للكلب.
أما المتحلقون حول أبي العلاء المعري، فقد استخفهم الطرب، فتابعوا تصفيقهم معبرين عن إعجابهم بحكيم المعرة التي طبقت شهرته الآفاق، فما كان من المعري إلا أن طلب منهم أن يتوقفوا عن التصفيق، لعلمه أن المبالغة في الأمور تحولها إلى اضداها.
في المساء تفرق شمل الملتئمين، وذهب كل منهم في حال سبيله، وهو يتمنى لو أن اليوم طال أكثر، كي ينهل من علم غزير جمعه أبو العلاء المعري عبر سنوات عمره بأيامها ولياليها، فيما دخل أبو العلاء إلى بيته، وهو يفكر في ذلك المسكين، وكان أكثر ما يشغل أبي العلاء هو السؤال عن العمى، فمن هو الأعمى حقا؟ اهو ذاك الذي يرى ولا يرى في الآن ذاته؟ أم ذاك الذي يرى الأشياء ويرى في الآن ذاته ما وراء الأشياء؟ من هو الأعمى اهو ذاك الذي يرى ولا يعرف؟ أم ذاك الذي لا يرى ويعرف؟
ومضى الليل وأبو العلاء يطرح السؤال تلو السؤال عمن هو الأعمى، وانتابته الشكوك وأحاطت به من جانب، ونادى على مرافقه في منتصف الليل، ليتلو عليه هذا ما تقوله المعاجم في العمى وأنواعه، وشرع مرافقه في القراءة وشرع أبو العلاء في التذكر. انه يعرف كل ما يُتلا عليه، وكان كلما قرأ مرافقه، يتأكد من أن الأعمى هو من لا يعرف.


بدء السعادة إن لم تخلق امرأة

لم يكن أبو العلاء ناضب الفكر تجاه المرأة كما يبدو من بيت الشعر السابق لكن كل ما في الأمر أن أبو العلاء كان يخاف من فتنة المرأة وجمالها ، كما أن هناك نظرة أبي العلاء للولادة و الموت يدرك حجم تشاؤمه فهو يرع أن العدم خير من الوجود ، كما أنه يرى أن الإنسان معذب ما دام حيا , وأن متى ما مات استراح و له بيتان شعر قال فيهما :

قضـى الله أن الآدمـي مـعذب حتـى يقـول العالمـون بـــه قضـــى
فهنئ ولاة الموت يوم رحيــله أصابوا تراثا و استراح الذي مضــــى

كما أن له بيت قريبا من البيتبن السابقين يقول فيه :

فليت وليدا مات ساعة وضعه ولم يرتضع من أمه النفساء

وهناك أيضا من حياته ما يدل على تشاؤمه فلقد احتجز نفسه في داره ، وسمى نفسه رهين المحبسين يقصد بذلك العمى والمنزل

وظل معتقلا عن الناس ما عدا تلاميذه ، دائبا على البحث والتعليم والكتابة ، فأخرج مجموعة ضخمة من التواليف والكتب ذهبت أكثرها بفعل الحروب الصليبية ،
ومن أهم وأبرز كتبه :

1. ديوان سقط الزند، ويشمل ما نظمه من الشعر أيام شبابه.
2. ديوان اللزوميات، ويشمل ما نظمه من الشعر أيام كهولته.
3. رسالة الغفران، وهي قصة خيالية فريدة في الأدب العربي.
4. ديوان رسائله، ورسالة الملائكة والدرعيات.
5. كتاب الفصول والغايات.


كان للمعري كما هو شأن أي شاعر ومؤلف آخر خصائص في شعره ونثره وكتاباته بفعل البيئة التي عاش فيها وغير ذلك من العوامل الأخرى ، من أهم خصائص شعر وكتابات المعري الاشتمال على الأمثال والحكم والحكمة ، و خصوبة الخيال ، تكلمه عن التاريخ والحوادث التاريخية ورجال العرب الذين اشتهروا بفعل حوادث تاريخية مشهورة وله بيت شعر طريف يتكلـم فيه عن معرفته برجـال العرب والحوادث التاريخية يقول فيه :

ما كان في هذه الدنيا بنو رمن إلا وعندي من أخبارهم طرف

كما أن كتاباته تميزت بالأسلوب الساخر والمتهكم، ولا يفوتنا أن نقول أن أبرز ملامح وخصائص ما شعر و كتب أبو العلاء المعري النظرة التشاؤمية التي يحملها شعره أو نثره.

أما عن أهم أهداف مؤلفاته من رسائل ودواوين فهو الوصف و كان من أكثر الشعراء إجادة له ، وفد قيل عنه أنه ليس أقل إجادة في الوصف لغير المحسوس من المحسوس ، وأيضا من أهدافه في مؤلفاته النقد ، ومن أمعن النظر في شعره تبين أن له طريقتان في النقد ، الأولى نقد المسائل العلمية ، والثانية نقد الأخلاق والعادات والمزاعم ، وفي كلتا الطريقتين لا يخلو كلامه من التهكم والسخرية والاستخفاف فهو أسلوب يكاد أن يقترن به دائما .

وقد شرح كتب ودواوين ومؤلفات عدة مثل ديوان معجز أحمد لأبي الطيب المتنبي ، وديوان ذكرى حبيب لأبي تمام ، وديوان عبث الوليد لأبي عبادة البحتري .

أما عقيدته فقد اختلف فيها الكثيرون فمنهم من زعم أنه من المتصوفين لكلامه ظاهر وباطن , ومنهم من زعم أنه كافرا ملحدا ، ومنهم من قال أنه كان مشككا متحيرا ففي شعره ما يدل على الإيمان وفيه ما يدل على الكفر , ولعل من أبرز شعره الذي يدل على إيمانه قوله :

إنما ينقلون من دار أعمال إلى دار شقوة أو رشاد

أما أبرز ما يدل على كفره قوله :

قلتم لنا صانع قديـم قلنا صدقتم كذا نقــول
ثم زعمتم بلا مكـان ولا زمان، ألا فقولـــــوا
هذا كـــلام له خبئ معناه ليست لنا عقول


رفض أبو العلاء المعري الزواج – من مظاهر زهده في ملذات الدنيا والحياة ونظرته لها – لكي لا يجني على ابنه ما جناه عليه أبوه ، مات سنة أربعمائة وتسعة وأربعون هجرية ، تحديدا يوم الجمعة الثالث عشر من ربيع الأول ، وكان حينئذ في السادسة والثمانين من عمره، وقف على قبره مائة وثمانون شاعرا منهم الفقهاء والعلماء والمتحدثون والمتصوفون ، وقد أوصى أن يكتب على قبره :
هذا جناه أبي علي و ما جنيت على أحد



رد مع اقتباس
قديم 09-09-2012, 10:57 AM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

أفاق الفكر

مراقب

مراقب

أفاق الفكر غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








أفاق الفكر غير متواجد حالياً


رد: قبسات من عبقريَّة المعرِّي

رسالة الغفران : أبو العلاء المعري


حول المؤلف :

هو أبو العلاء أحمد بن عبدالله التنوخي ، المعري نسبة إلى المعرة بالشام ، الفيلسوف الشاعر الأديب اللغوي ، صاحب المؤلفات الكثيرة التي فنيت ولم يكتب لها الخلود جراء التخريب الذي مرت به بلدة المعرة من قبل الصليبيين ثم التتار .


اتهم أبا العلاء بالزندقة لجرأته في تناول بعض المسائل الدينية آنذاك ، كما دافع مناصروه عنه واستدلوا بزهد الرجل وعزلته وصدقه مع نفسه ومع عصره ، حيث عرف عنه تقشفه وأدبه وابتعاده عن أبواب الولاة .

ولد سنة 363هـ واندمج في الحياة ثم اعتزل الناس واعتكف في منزله للتأمل والتأليف ولقب نفسه بـ رهين المحبسين حتى مات في منزله سنة 449 هـ .

حول الكتاب :

رسالة الغفران هي رد على الرسالة الأصل التي بعث بها ابن القارح علي بن منصور الحلبي ، الشيخ الأديب المعروف لأبي العلاء ، يستعرض فيها قدرته اللغوية والأدبية وتجاربه ورحلاته .وأسلوب أبي العلاء في هذا المنشأ الأدبي غريب على الفنون الأدبية المعروفة في وقته .

فقد نحا منحى لم يسبق إليه في الأدب الإسلامي ، فتعرض لبعض المقدسات الدينية بأسلوب خيالي سردي ، كالنار والجنة والصحابة والأنبياء والملائكة والذات الإلهية .


فمثلا يقول : ” فلما أقمت في الموقف زهاء شهر أو شهرين ، وخفت العرق من الغرق ، زينت لي النفس الكاذبة أن أنظم أبياتا في رضوان خازن الجنان ، عملتها في وزن : ” قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان” ووسمتها برضوان ، ثم ضانكت الناس حتى وقفت منه بحيث يسمع ويرى ، فما حفل بي ، ولا أظنه آبه لما أقول ” .

ثم يستمر في هذا السرد الاستطرادي التخيلي لغيبيات الحشر والمعاد ويتكلم على ألسنة الأنبياء والمرسلين والملائكة والرب تعالى .

وهو إذ ينقل الموقف إلى الدار الآخرة يساءل الشعراء السابقين واللغويين والفلاسفة ويحاججهم ويستفهم منهم ويرد من خلال أجوبتهم المفتعلة على بعض الآراء والمدارس التي عاصرها على مستوى الأدب واللغة والدين والأخلاق .

فهو يجعل من شخصيات الدار الآخرة مستندات دعم لأفكاره وقناعاته وآرائه .

وهو بهذا الجموح الأدبي غير المسبوق قد حصد اتهامات البعض ممن عاصروه أو ممن جاءوا بعده بالفسوق والزندقة والتجديف العقدي ، فيما كان في رسالته ينتقد بعض الزنادقة والمنافقين وأصحاب الهوى .

تنقسم رسالة الغفران إلى مقاطع منفصلة من حيث الأحداث والمواقف لكنها متصلة من حيث المسار العام لجوّ الرسالة ، وسأذكر بعض هذه المقاطع :



تلخيص : رسالة الغفران

تعد رسالة الغفران لابي العلاء من أعظم كتب التراث العربي النقدي وهي من أهم وأجمل مؤلفات المعري وقد ألفها أبو العلاء المعرى وأملاها سنة 424 هـ ، وهو فى الستين من عمره ، رداً على رسالة ابن القارح وهي رسالة ذات طابع روائي حيث جعل المعري من ابن القارح بطلاً لرحلة خيالية أدبية عجيبة يحاور فيها الأدباء والشعراء واللغويين في العالم الآخر، وقد بدأها المعري بمقدمة وصف فيها رسالة ابن القارح وأثرها الطيب في نفسه فهي كلمة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ثم استرسل بخياله الجامح إلى بلوغ ابن القارح للسماء العليا بفضل كلماته الطيبة التي رفعته إلى الجنة فوصف حال ابن القارح هناك مطعماً الوصف بآيات قرآنية وأبيات شعرية يصف بها نعيم الجنة وقد استقى تلك الأوصاف من القرآن الكريم مستفيداً من معجزة الإسراء والمعراج ، أما الابيات الشعرية فقد شرحها وعلق عليها لغوياً وعروضياً وبلاغياً.

ويتنقل ابن القارح في الجنة ويلتقي ويحاور عدداً من الشعراء في الجنة من مشاهير الأدب العربي منهم من غفر الله لهم بسبب أبيات قالوها كزهير وشعراء الجنة منهم زهير بن أبي سلمى والأعشى و عبيد بن الأبرص و النابغة الذبياني و لبيد بن أبي ربيعة و حسان بن ثابت والنابغة الجعدي.ثم يوضح قصة دخوله للجنة مع رضوان خازن الجنة ويواصل مسامراته الأدبية مع من يلتقي بهم من شعراء وأدباء ثم يعود للجنة مجدداً ليلتقي عدداً من الشعراء يتحلقون حول مأدبة في الجنة وينعمون بخيرات الجنة من طيور وحور عين ونعيم مقيم. ثم يمر وهو في طريقه إلى النار بمدائن العفاريت فيحاور شعراء الجن مثل " أبو هدرش" ويلتقي حيوانات الجنة ويحوارها ويحاور الحطيئة. ثم يلتقي الشعراء من أهل النار ولا يتوانا في مسامرتهم وسؤالهم عن شعرهم وروايته ونقده ومنهم إمرؤ القيس وعنترة بن شداد و بشار بن برد و عمرو بن كلثوم و طرفة بن العبد والمهلهل و المرقش الأكبر والمرقش الأصغر والشنفرى وتأبط شراً وغيرهم. ثم يعود من جديد للجنة ونعيمها .

تعد محاوارات ابن القارح مع الشعراء والأدباء واللغويون التي تخيلها المعري في العالم الآخر مصدراً مهماً من مصادر دراسة النقد الأدبي القديم حيث حوت تلك المسامرات والمحاورات مباحث نقدية مهمة وأساسية في النقد الأدبى
، فهو إلى جانب أمور الصرف والنحو . يدعم رسالته بالدرس المقارن إذ إنه إذا عرض فكرة أو موضوعًا فإنه يذكر كل أبيات الشعراء فى الموضوع نفسه مقدمًا لنا فرصة مقارنة بعضها مع البعض الآخر .

ولا يخفى مع كل ما سبق الرؤية الخيالية الخصبة التى قدمها أبو العلاء والتى يرى معها كل ما هو مدهش ، بالرغم من أنه رجل أعمى .
Cant See Links


رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:16 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir