كيف أعد الله النبي لتحمل مسئولية الرسالة؟

[fateemah]

كيف أعد الله النبي لتحمل مسئولية الرسالة؟


قبل أن ينزل عليه الوحي بالرسالة.. حقق النبي استقرارا عائليا بنجاح زواجه من السيدة خديجة، كما حقق نجاحا في حياته العملية، وقدرة علي التعامل مع الشعوب المختلفة من خلال سفره إلي اليمن والشام للتجارة، وبرع في فن الحرب والسلام لكن هذا لم يكن كافيا في إعداده الرباني لتحمل مسئولية الرسالة، وكان لابد أن يخوض تجربة إنسانية ليتأكد أنه جاء رحمة للعالمين، وليس للمؤمنين فقط.

كيف أعد الله محمدا الإنسان ليتحمل مسئولية الرسالة.،. ومواجهة الموقف العصيب لنزول الوحي ويتحقق التوازن في داخله بين المادة والروح.

إنسانية الرسول

كان رسول الله رحمة للأرض كلها، وكان لابد أن تظهر إنسانية الرسول قبل البعثة ليتأكد هذا المعني، لأنها لو ظهرت بعد البعثة فسوف تكون لاتباعه، أو أنها سوف تفسر بأنها تكريس لأهداف الدعوة.
الإنسانية مبدأ مطلق، والقرأن مثلما قال يا أيها الذين أمنوا قال: يا أيها الناس ويخاطب أيها الناس بمصالح الناس جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا.
كان النبي عمره 32 عاما عندما علم أن امرأة اسمها سعدة بنت ثعلبة، أخذت طفلها -8 سنوات- وخرجت من قريتها إلي قرية أخري، وكان ابنها هذا هو زيد بن حارثة وفي طريقها إلي القرية الأخري أغارت عليها إحدي القبائل، فخطفت القبيلة المغيرة زيدا من أمه، وتم بيعه عبدا في سوق عكاظ، فيشتريه رجل اسمه حكيم بن حزام بن خويلد بأربعة آلاف درهم، وهذا الرجل هو شقيق السيدة خديجة بنت خويلد.
اشتراه حكيم وأهداه لأخته خديجة.. ثم أرادت السيدة خديجة أن تقدم هدية للنبي "صلي الله عليه وسلم" فقامت بأهدائه عبدها زيد، وكان زيد يبكي فراق أمه وأبيه، وهو لا يدري أن هذا أجمل أيام حياته "ربما منعك ليعطيك"..
ويقيم زيد عند النبي كخادم، بينما أمه وأبيه يجوبان الأرض بحثا عنه.. ويقول أبوه فيه القصائد التي تعبر عن حزنه الذي يعتصره وافتقاده لفلذة كبده، إلي أن التقي الأب ببعض المعارف العائدين من رحلة الحج، فأخبروه أنهم رأوا ابنه في مكة لدي رجل اسمه محمد بن عبدالله بن عبدالملطب.

هذا.. ابني زيد
ويهرول الأب إلي مكة بعة أن استدان الفدية التي سيحرر بها رقبة ولده، ثم يذهب إلي النبي "صلي الله عليه وسلم" ويقول له: يا محمد جئناك في الغلام الذي عندك، قال: من؟ قالوا: زيد بن حارثة، قال: وما ذاك؟ قالوا: انكم بني عبدالمطلب تفكون العاني وتطعمون الجائع، وقد جمعنا لك من المال الكثير لكي نفديه، فيرد عليهم: فهل لكم في خير من ذلك؟ قالوا: خير من الفداء؟ فقال النبي "صلي الله عليه وسلم": بدلا من الفداء نخيره فإن اختاركم فهو لكم بغير مال، وإن اختارني فما أنا بالذي يرغب عمن اختاره.

وكان النبي "صلي الله عليه وسلم" قد أحسن بقوة تعلق زيد به، فقالوا للنبي "صلي الله عليه وسلم": نعم انصفت.
فوقف زيد في مواجهة أبيه وعمه، وقال له النبي: أتعرف هذين؟ قال نعم هذا أبي وهذا عمي، ثم اندفع في أحضانهما، فقال له النبي: يا زيد إني أخيرك بين أن تذهب مع أبيك وعمك، وبين أن تبقي معي، فقال زيد بلا تردد: لا أكون مع أحد غيرك وأتركك أبدا، بل أبقي معك ما حييت.
قال أبوه وعمه: يا زيد ويحك، أتختار العبودية علي أبيك وعمك.
فقال: لقد رأيت من هذا الرجل شيئا من الرحمة لا يعدل الدنيا بما فيها في عيني.
لم يكن النبي في هذا اليوم قد بعث نبيا، ولا عرض عليه الإسلام، ولا القصة قصة إسلام وكفر، القصة معنية بإنسانية الرسول.
فأخذ النبي يده وقال: تعال معي يا زيد وصعد به إلي الحرم المكي ورفع يده أمام قريش وقال: يا معشر قريش من اليوم زيد ابني، هو زيد بن محمد، أرثه إن مات ويرثني إن مت.
وقد مات زيد شهيدا، وشهد له النبي بأنه من أهل الجنة.
الإنسانية إذن ليست مقصورة علي المسلمين فقط، الإنسانية صفة عامة تدل علي رحمة القلب.
وهكذا تم إعداد النبي لتلقي الرسالة.


هدم وبناء الكعبة

هل كان لدي النبي مهارات إدارية كقائد وزعيم؟
هل كانت لديه القدرة علي حل المشكلات؟
هل كانت لديه القدرة علي تجميع الناس؟
وهل كان يملك شهادة أجمعت عليها قريش بالنسبة لأمانته وأخلاقه؟
هو الآن عمره 35 سنة.. قررت قريش إعادة بناء الكعبة، بعد أن هدم السيل بعض جدرانها.

في البداية خافوا من هدم الكعبة حتي لا يكون مصيرهم هو مصير ابرهة.. لكن الوليد بن المغيرة سيد قريش قال: أنا أبدأكم لأن الهدف هو الخير.. وأمسك بالمعول وقال: اللهم إنك تعلم أننا نفعلها للخير لا للشر.

التوقيع :

اللهم أغفرلي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين
والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والاموات