أسرار في تاريخ استيلاء الصهيونية على فلسطين1

[abo _mohammed]

أسرار في تاريخ استيلاء الصهيونية على فلسطين1

أسرار تاريخ استيلاء الصهيونية على فلسطين
بسم الله الرحمن الرحيم،الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد....

منذ أن طرد الرومان اليهود من فلسطين في القرن الأول الميلادي وهم يتطلعون إلى العودة إلى فلسطين وسيناء وإعادة الوطن القومي لهم فيها. ويقول البعض أن اليهود كانوا من وراء تأليب الدول الصليبية للقيام بالحملات الصليبية في القرن الخامس الهجري. وقد يكون هذا صحيحا أو لا. ولكن تؤكد بعض الوثائق والتصريحات أن اليهود استغلوا الحملة الفرنسية على مصر وسوريا من أجل هذا المقصد، وأيضا الحملة الإنجليزية عام 1882م على مصر والتي أدت إلى احتلال مصر.

الخطة الصهيونية للوصول إلى فلسطين:
طلب من المسئولين عن فلسطين إقامة وطن قومي في فلسطين. فقد قدموا طلبات عديدة من سلاطين بني عثمان على فترات زمنية بالموافقة على إقامة وطن قومي في فلسطين لليهود.

وهذه المساعي قد باءت بالفشل الذريع، لمعرفة سلاطين بني عثمان بخطورة هذا المشروع في المستقبل على بيت المقدس والأماكن المقدسة. وآخرها طلب زعيمهم هرتزل من السلطان عبد الحميد الثاني في الربع الأول من القرن الهجري السابق. ووعده بسداد ديون الدولة العثمانية، ولكن رد السلطان عبد الحميد كان عنيفا معهم، بل وعمل عدة إجراء بمنع هجرة اليهود إلى فلسطين وعدم التصريح لأي يهودي بالتواجد في فلسطين أكثر من مدة معينة، وضم سنجق القدس إلى إدارة الباب العالي رأسا، بعد أن كان تابعا لإدارة ولاية سوريا العثمانية.


فعملت المحافل الماسونية التابعة للصهيونية بكل نشاط بعد ذلك لخلعه حتى تم لهم ذلك. وسعوا إلى نقل الخلافة من سلاطين بني عثمان إلى العرب لأنهم قد وجدوا العرب أقل وعيا عن العثمانيين في مسألة فلسطين، ووجدوا في صفاتهم ما يسهل معه الاستيلاء على فلسطين (أقل حرصا على الاستقرار من الأتراك على قول لورنس اليهودي والنص مترجم إلى العربية). وقد تم ذلك كله في الحرب العالمية الأولى. وحتى بعد أن سيطرت المحافل الماسونية على الحكومة العثمانية، لم يستطع أن يتخذ الصهيونية منهم قرارات حاسمة مؤبدة لإقامة وطن قومي في فلسطين وإن كان قد نجحوا بعض الشئ إلا إنه قد اعترض البعض على المشروع في البرلمان العثماني.فقرروا أخذها رسميا من العرب وإلإنجليز بعد إشعال الثورة العربية، وهزيمة العثمانيين أمام الإنجليز وحلفائهم العرب في الحرب العالمية الأولى.

الحرب العالمية الأولى. وهي الحرب التي خرجت منها فلسطين من تحت أيدي الحكام المسلمين إلى أيدي الحكام الصليبيين واليهود.
ضغطت ألمانيا بكل قوة لإدخال الدولة العثمانية معها في الحرب. فأخطأ الوزراء وقرروا دخول الحرب. وقد كان السلطان عبد الحميد يتوقع نشوب الحرب العالمية، ويخطط ألا يدخلها مطلقا ولكن خلفاؤه لم يكونوا على وعي سياسي مثله يستطيع الحفاظ على بلاد الإسلام والدولة العثمانية. وهددت الأساطيل الألمانية بضرب العاصمة استنبول في حالة عدم الموافقة على دخول الحرب. فانتهز العثمانيون الفرصة لإخراج الإنجليز من مصر.

وعد بلفور:
في المرحلة الأولى من الحرب العالمية الأولى، تعرضت إنجلترا وفرنسا لهزائم ساحقة أمام الجيوش الألمانية في الغرب والجيوش العثمانية في الشرق. ففي الشرق انتصر العثمانيون انتصارات قوية على الجيش الإنجليزي في العراق وفي غاريبولدي. وأخذت الدولة العثمانية تجهز جيشا لإخراج الإنجليز من مصر. بينما اكتسح الألمان الأراضي الفرنسية. وبذلك أصبح وضع الإنجليز في خطر.

وكانت إنجلترا تبحث عن أي حل للخروج من الأزمات العسكرية التي تعرضت لها مهما كانت النتائج والتضحيات. وكانت أمريكا حينئذ تقف موقف المتفرج المستهزئ بما يحدث في أوروبا من الحرب الفارغة التي كان يضحك الأمريكان منها ويحمدون الله على أنهم تركوا تلك القارة الموبوءة. وكانت تمد كلا الطرفين بالمال والسلاح. ولكن في المرحلة الثانية من الحرب العالمية تحولت كل هذه الأوضاع وتبدلت.

انتهز اليهود الفرصة فأخذوا يعرضون مساعداتهم لكلا الطرفين في مقابل الموافقة على إنشاء وطن قومي في فلسطين. ووجدوا استهتار العثمانيين بمشروعهم بينما وجدوا إنجلترا مستعدة كمال الاستعداد لمساعدتهم في ذلك، فكان وعد بلفور بالموافقة على إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. وصدر هذا الوعد من المسئولين الإنجليز إلى عائلة روتشيلد الصهيونية التي تمثل الصهيونية العالمية، والتي تسعى من عشرات السنين لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين أو في غيرها.

وكان هذا الوعد مقابل دخول الصهيونية الحرب في صف إنجلترا بدفع أمريكا نحو الحرب في صف إنجلترا وفرنسا. وكان اليهود يسيطرون على مراكز المال والإعلام في أمريكا. فعملت الصهيونية بكل طاقتها ومكرها على تحويل الحرب لصالح إنجلترا وفرنسا.

فأولا استطاعت إدخال أمريكا الحرب. فقبض رجال البحرية الأمريكية على بحريين ألمان وفي حوزتهم رسالة إلى دول أمريكا اللاتينية للتحالف معهم ضد أمريكا. وطبيعة الأحداث تلقي التهمة على اليهود في أنهم كانوا من وراء كتابة الرسالة بل وكشفها حتى يثيروا الحرب بين أمريكا وألمانيا. وعلى كل حال فقط استطاع الإعلام اليهودي في أمريكا في دفع أمريكا نحو الحرب. وبذلك تدفقت الأموال والأسلحة والجيوش نحو القارة الأوروبية لإنقاذ الوضع القائم للحرب وتحويله ليكون في صالح إنجلترا وفرنسا. في حين ابتدأت أزمة في الاقتصاد والسلاح تظهر في الجيوش الألمانية بسبب طول مدة الحرب.

وثانيا: أشعل اليهود الثورات في المدن الألمانية، مما أدى إلى حصول نكسة اقتصادية.

وثالثا: أنشأت الصهيونية عدة شبكات تجسس في ولاية سوريا العثمانية، وخاصة في ساحل لبنان، تعمل لصالح الإنجليز ضد الحكومة العثمانية وجيوشها. وكانت السلطات العثمانية -على غير مثال سابق لليهود لديهم- تكتشف تلك الشبكات وتحاكم أعضائها ولكن بعد حصول الهزائم المتكررة التي أفقدت السلطات العثمانية السيطرة على منطقة لبنان أمام الزحف الإنجليزي.

ورابعا: إشعال المحافل الماسونية التابعة للصهيونية العالمية للثورة العربية في ولاية سوريا العثمانية. فنشطت الجمعيات السرية للضباط العرب وطالبت بالاستقلال عن الدولة العثمانية بتوجيه وتأييد من الدول الغربية وبالأخص من عملاء الصهيونية. فقد وجد في أيدي السلطات العثمانية وثائق التحالف بين قيادات عربية وبين السفارات الأجنبية إنجلترا وفرنسا.

وخامسا:استطاع اليهود إدخال العرب الحرب في صف إنجلترا بدلا من دخولهم في صف الدولة العثمانية. فقد كانت الجزيرة العربية واليمن ونجد منطاق وولايات تابعة للدولة العثمانية، وكانت الجيوش العثمانية متواجدة في تلك البلاد. وأصدرت الحكومة العثمانية أوامرها للشريف حسين، أمير مكة والحجاز بإرسال من عنده من القوات العثمانية وكذلك من قواته العربية الخاصة. وكانت طبيعة الحال تقتضي تنفيذ أوامر السلطات العثمانية باعتباره واليا للعثمانيين، وخاصة بعد أن أعلن الخليفة العثماني الجهاد ضد إنجلترا. وكانت الخطة العثمانية تطويق الإنجليز في مصر بالجيوش العثمانية الزاحفة من الشام والزاحفة من الجزيرة العربية.

ولكن ما حصل عكس ذلك فقد استطاع المستشرق اليهودي الإنجليزي"لورنس" إقناع الشريف حسين بدخول الحرب في صف إنجلترا، واستطاع كذلك إشعال الثورة العربية في الجزيرة العربية وفي ولاية سوريا العثمانية ضد السلطات العثمانية. وكان ذلك بوعد الشريف حسين بنقل الخلافة من سلاطين بني عثمان لتكون عربية وخالصة للشريف حسين، ووعده كذلك بإعطائه جميع ولاية سوريا العثمانية وتوسيع حدود مملكته من البحر الأحمر إلى الخيج العربي. فمنع الشريف حسين جنوده من الانضمام للحرب وأيضا قام عملاء لورنس وعساكر الشريف حسين بتفجير خط السكة الحديد الذي كان ينقل الجنود العثمانية إلى جبهة القتال. وبذلك فشلت الخطة العثمانية في إخراج الإنجليز من مصر بل وجد الجيش العثماني السوري وحده دون الجيش العثماني العربي في ساحة القتال في سيناء، واستطاعت القوات الإنجليزية صد الجيش العثماني في سيناء. وقد أجبرت السلطات الإنجليزية المصريين دخول الحرب في صف الجيوش الإنجليزية فاستخدموا حوالي مليون مصري -ما يعادل عشر الشعب المصري يومئذ- في خدمة الجيش الإنجليزي. وكذلك استنفذا ثروات مصر المالية، وكلذلك الخدمات كالمستشفيات وغيرها في الحرب.

وبهزيمة الدولة الوحيدة التي كانت يمكن أن تخرج الإنجليز من مصر والتي كانت تدافع عن البلاد الإسلامية وعن فلسطين زهاء أربعة قرون، أصبح الطريق خاليا أمام الجيوش الإنجليزية واليهود للاستيلاء على فلسطين. ودخل القائد الإنجليزي ألنبي القدس، وتابع الاستيلاء على مدن لبنان والأردن بمعونة اليهود. ووصل إلى قبر صلاح الدين وركله بقدمه وقال:" ها قد عدنا يا صلاح الدين".

ومنذ تلك الحادثة دخلت فلسطين تحت الانتداب البريطاني الذي كان يعي مندوبا بريطانيا يهوديا. فخرجت فلسطين من تحت حكم الحكام المسلمين إلى حكم اليهود الإنجليز.

وبذلك اشترك العرب بعلم أو بدون علم في تنفيذ الخطة الصهيونية للاستيلاء على فلسطين، وتنفيذ الاتفاقية بين الصهيونية والإنجليز، بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

وفي رسالة للورنس إلى عشيقته وهو في الجزيرة العربية يقول فيها : إنه كان بوسعه أن يوفي بوعده للشريف حسين بنقل الخلافة، ولكنه فضل أن تنتصر بلاده في الحرب ويكون خائنا للوعد بدلا من أن تخسر بلاده الحرب ويكون غير خائن للوعد" يعني أنه كان بمقدوره عدم إعطاء الوعود الكاذبة للشريف حسين ولكن كانت تلك الخيانة من أجل إنقاذ موقف إنجلترا المتدهور في الحرب. وعلى الحقيقة لم يكن لورنس يفعل إلا تنفيذ الخطة الصهيونية الإنجليزية بتحويل مجرى الحرب لتكون في صالح إنجلترا مقابل إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين في حالة انتصار الإنجليز. ومن تصريحاته كذلك: أهدافنا تدمير الدولة العثمانية. وكان ذلك ضروريا لليهود للوصول إلى فلسطين حتى يستطيعوا فك القبضة العثمانية عن فلسطين.

ولما أعلن الشريف الحسين الخلافة أرسلت إنجلترا بعدم الموافقة على ذلك إلا بعد إذن الحلفاء. ثم انشغل الشريف حسين بالحرب مع أمراء الجزيرة العربية عن جميع مشاريعه وآماله التي تحطمت بظهور قوة عبد العزيز آل سعود الذي أقام المملكة العربية السعودية. [ ... مع اعتذارنا لكاتب المقال ] وكان غرض الإنجليز والصهيونية تفتيت العالم الإسلامي والعربي إلى دويلات متصارعة والتخلص من أي قوة تريد إعادة الوحدة الإسلامية تحت راية الخلافة مثل الشريف حسين.

وأعطت إنجلترا العراق لفيصل بن الشريف حسين، والأردن لعبد الله بن حسين، أما مصر فقد أعلنت إنجلترا استقلالها عن الدولة العثمانية أثناء الحرب، وأعلنت حسين كامل سلطانا على مصر. وبذلك نرى أن [ بعض ]البلاد العربية بعد انهيار الدولة العثمانية قد وقعت تحت سيطرة الإنجليز والفرنسيين و [ حكامها ] قد تم تعيينهم من قبل لندن وباريس مما يمنع أي مطالبة لطرد اليهود من فلسطين أو يمنع قيام دولة إسرائيل كما سيحصل بعد ذلك في ثورات الفلسطينيين وفي حرب 48.


__________________
نور الدين

تعديل التاريخ في 31-10-2002 - 02:52

الصور المرفقة

 

التوقيع :

قال تعالى :
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
[فصلت:33]