كنت قد نشرت سلسلة من المقالات التي تتحدث عن نخبة من ضحايا الارهاب في ليبيا، من الذين قتلوا او عذبوا او اغتيلوا او شنقوا ظلما وخسة وغدرا، على ايدي النظام المنهار ورجاله ومؤسساته المخابراتية والامنية واللجان الثورية في الداخل وسفاراته في الخارج تحت قيادة معمر القذافي. فهؤلاء الافراد والسفراء واللجان والمؤسسات ومعمر القذافي نفسه، جميعهم، متورطين في هذه الجرائم، دون ادنى شك.
ولقد اوردت في تلك السلسلة من المتورطين، في جرائم القتل، والشنق، والاغتيال، والتعذيب، ما اشارت اليه المراجع، والمصادر المختلفة، ولكن هذا الظرف الذي تمر به بلادنا، يحتم علينا ان ننوه الى ان اسماء المجرمين قد تتشابه مع اسماء مواطنين اخرين ابرياء. كما قد يرسل النظام زبانيته المجرمين القتلة باسماء مستعارة، قد تتطابق هي الاخرى مع اسماء مواطنين ابرياء. بل قد ينتحل بعض المجرمون اسماء مواطنين ابرياء لشيء في نفس فرعون. اقول ذلك بالرغم من ان اغلب الجرائم موثقة في الداخل والخارج.
ومع ايماني، وكأي مواطن ليبي، بحتمية القصاص العادل، وضرورته، سوى تحت باب الحق العام، او الخاص، لكنني اؤكد على ايماني، بان المتهم بريء حتى تثبت ادانته. فالاشارة الى اسماء المتورطين، في هذه الجرائم، لا تكفي لادانتهم او لعقوبتهم. بل لابد من التحقيق في هذه الجرائم تحت اشراف مؤسسات الدولة القانونية، وبمعرفة المحاكم، والمحامين، والقضاء. وباختصار داخل نطاق القضاء. كما يجب ان تتاح للمتهمين فرص الدفاع حتى لو تاكد بما لا يدع مجال للشك، تورطهم في هذه الجرائم البشعة.
وبيت القصيد هنا، ان القصاص لابد منه، وان الاشارة، الى مجرم، او قاتل، او متورط، او متعاون، او مخطط، او منفذ، او محرض، على هذه الجرائم، لا يكفي للعقوبة، او الادانة، او القصاص. بل لابد، من اتخاذ الاجراءات القانونية، تحت اشراف، الدولة ومؤسساتها القانونية، فما قامت، ثورة السابع عشر من فبراير المباركة، الا لترسيخ دولة القانون، ودولة الامن، والحرية، والعدل، وحقوق الانسان، والسلام، والامان.
كما اؤكد على ان السلسلة التي تتحدث عن ضحايا الوطن في الداخل والخارج لم تنته بعد، بل سنواصل باذن الله، نشر حوادث اغتيال وقتل واختطاف وتعذيب الليبييين على ايدي النظام المنهار، وبقدر الجهد، والمعلومات، لتوثيقها من جهة، وتقديرا وتكريما لجهود اصحابها من اجل الوطن من جهة اخرى، وابراز مواقفهم وبطولاتهم، للاجيال القادمة، من جهة ثالثة، كما ان توثيق هذه الجرائم، يعتبر رسالة الى جميع طغاة الارض، بان الشعوب لا تنسى ابنائها، مهما طال الزمان. والله من وراء القصد.