لولا الحب الحقيقي … لما كان هناك شيء يستحق أن نعيش من أجله ..
إنه الحب الحقيقي لله سبحانه … إنه النور الذي يملأ أفئدتنا …. نور القلب ونور الإيمان ونور البصائر
إذا لم تثمر أيامك ولياليك بنكدها وألامها وأحزانها سوى هذه الثمرة فأنت الفائز وكفي به فوزاً ..
أما إن كنت من أولئك الذين يظنون انهم يعرفون حقيقة الحب ، لتكتشف في الأخير أن حبك هذا لم يكن سوى
حبك لنفسك ولشهواتك ولذهبك ..فأنت العابث بعمرك حتى لو عشت أعوام عديدة تطأ فيه بقدميك تراب
القبور كلما زارتك كوارث الدنيا لتقبر عزيزاً على قلبك ، ثم تغادر لتستانف حياتك من خلال خدعة أنت تعيشها
، عندما ظننت أنك تعرف جيداً كيف تُحب ..وتنسى حينها أنك قد اقتربت كثيراً لتصبح تراباً يطأه الناس كلما
أتوا للمقبرة …. إنما هي دقائق وثوان … وبعدها ينتهي كل شيْ
...امتلأ القصر المنيف بصخب قلما يغادره ، عندما يكون هناك أكثر من مناسبة ...
إتجهت لغرفة نومها بكسل واضح وتمددت على سرير غرفتها الجديدة بعدما أخذت قرصين من البنادول ،
بعدما ملت من مراقبة كل مايحدث أمامها وكأنها تشاهد فيلماً تدور وقائعه على ساحة الحقيقة لاتكاد ترى أي
صلة بينه وبينها ..
عندما رأها شاردة ..إقترب منها وقد نثر قليلاً من العطر ولما أصبح يشعر بحرارة أنفاسها قال لها :أحبك.!
لعلها خرجت منه بصدق في لحظة هو يستجدي فيها المقابل الفوري من الراحة النفسية … يذهب بعدها
لحال سبيله وقد نسي كل شيء … كل شيء
رمقته بنظرة إحباط ..عرف جيداً مغزاها..
لم يدع لها وقتاً للترجم له نظرة الإحباط التي كادت أن تتفوه بها بعدما طفحت قسمات وجهها بكراهية وقرف
شديدين .. فقال على الفور: هاه ..وشلون النومة على السرير الجديد ؟
ومن خلال مهارة في فن المناورة عندما لايرى أحد أحق منه في سماع أي جواب لسؤال هو يطرحه
لأنهاطبيعة في جبلته قد عرفتها جيداً من خلال عشرون عاماً ... غرفة نوم بعشرين ألف ريال وشلون
مايكون سريرها مريح ؟!
قطع ولدهما كل ذلك عندما صاح وهو يراقب المبارة في التليفزيون : أه ياحكم يابن الكلب ، الله …. أمك
تسلل وسوى نفسه ماشافها … قفز بعدها منادياً على الخادمة بصوت حاد : ريفيتا ..ريفيتا ياحمارة … وين
طس كوستا .. ساعة ماجاب الغدا من ماكدونالد .. إتصلي عليه بالجوال ..قولي له وينك يابن الكلب؟ ..
تشاغل الأب عن ذلك كله وأخذ يهمس بينه وبين نفسه وهو امام المرآة يعدل من ربطة عنقه … الله لايبارك
بهاالولد .. كل سنة وحنا لنا خدامين وسواقين من وساخة لسانه..
جلست على طرف السرير ونهضت بصعوبة جراء الألم في رأسها ولما أصبحت جوار سياج الدور العلوي
صاحت فيه : قم انت ياحمار واتصل به .. القدور مليانة أكل وترسل لماكدونالد ماتترك الفسقة عنك ..
قام غاضباً وأطفأالجهاز قائلاً وهو يغادر : ماتتركون التنكيد أباروح وأخليلكم البيت
الأم : إلا أنا اللي أبي أهج واخليلكم القصر.. ماعاد ادري ألقاها منكم والا من ابوكم
جاء وقد انتهى من أرتداء كامل ملابسه وصوته يسبقه : بدينا ..ووش دخل أبوه في مشكلتكم ؟! ..
حاول أن يودعها قبل أن يذهب لكنها نفضت يده بعصبية وركضت لغرفتها مغلقة بابها ..
جاء السائق وحمل حقيبته واتجه به للمطار …
ذلك هو حال شريحة كبيرة من رجال اليوم .. إنتهت دولتهم ولم يبق لهم وظيفة سوى ( الذكورة ) ..لأنهم أصبحوا عبيد للعادة التي أصبحت مع طول الزمن سوط موجع يتناول ظهورهم كلما مارسوا العناق مع هذه العادة لأن هؤلاء إذا وجدوا حائلاً يقع بينهم وبين العادة فقدوا عقولهم بحثاً عنه .. لأنهم في احتياج دائم .. وسيان أن تكون هذه العادة كأس، أو سيجارة ،أو معسل، أو.... وقد يكون نهماً في الركض وراء الملايين وتكديسها..
لاتدري كم مر من الوقت وهي نائمة في غرفتها الجديدة ، لم تنتبه إلا وابنتهاالشابة تطرق باب غرفتها …
قامت وفتحت لها بضيق ورجعت رامية بنفسها فوق الفراش ..