آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 12027 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 6872 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 12730 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 14052 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 48247 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 43240 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 35599 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 20546 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 20762 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 26681 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-17-2011, 01:50 AM   رقم المشاركة : 31
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم


المقالة الرابعة والعشرون

فـي الـحـث عـلـى مـلازمـة بـاب الله تـعـالـى


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : أحذر معصية الله عزَّ وجلَّ جداً، وألزم بابه حقاً وأبذل طوقك وجهدك في طاعته معتذراً متضرعاً مفتقراً خاضعاً، متخشعاً مطرقاً، غير ناظر إلى خلقه ولا تابع لهواك، ولا طالب للأعواض دنيا وأخرى، ولا ارتقاء إلى المنازل العالية والمقامات الشريفة، واقطع بأنك عبده والعبد وما ملك لمولاه، لا يستحق عليه شيئاً من الأشياء، أحسن الأدب ولا تتهم مولاك، فكل شئ عنده بمقدار، لا مقدم لما أخر ولا مؤخر لما قدم، يأتيك ما قدر لك عند وقته وأجله إن شئت أو أبيت، لا تشره على ما سيكون لك، ولا تطلب وتلهف على ما هو لغيرك، فما ليس هو عندك لا يخلو إما أن يكون لك أو لغيرك، فإن كان لك فهو إليك صائر وأنت إليه مقاد ومسير، فاللقاء عن قريب حاصل، وما ليس لك فأنت عنه مصروف وهو عنك مول فأنى لكما التلاق فاشغل بإحسان الأدب فيما أنت بصدده من طاعة مولاك عزَّ وجلَّ في وقتك الحاضر، ولا ترفع رأسك ولا تمل عنقك إلى ما سواه. قال الله تعالى : }وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى{.طـه131. فقد نهاك الله عزَّ وجلَّ عن الالتفات إلى غير ما أقامك فيه ورزقك من طاعته وأعطاك من قسمه ورزقه وفضله، ونبهك أن ما سوى ذلك فتنة افتتنهم به، ورضاك قسمك خير لك وأبقى وأبرك وأحرى وأولى، فليكن هذا دأبك ومتقلبك ومثواك، وشعارك ودثارك ومرادك ومرامك، وشهوتك ومناك، تنل به كل المرام، وتصل به إلى كل مقام وترقى به إلى كل خير ونعيم وطريف وسرور ونفيس. قال الله تعالى : }فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{.السجدة17. ولا عمل بعد العبادات الخمس وترك الذنوب، ولا أجمع ولا أعظم ولا أشرف ولا أحب إلى الله عزَّ وجلَّ، ولا أرضى عنده مما ذكرنا لك، وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى بمنه.


آخر تعديل عمر نجاتي يوم 04-18-2022 في 09:54 AM.
رد مع اقتباس
قديم 12-17-2011, 01:51 AM   رقم المشاركة : 32
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم


المقالة الخامسة والعشرون

فـي شــجـرة الإيـمـان


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : لا تقولن يا فقير اليد، يا مولى عنه الدنيا وأبناؤها، يا خامل الذكر بين ملوك الدنيا وأربابها، يا جائع يا نايع يا عريان الجسد يا ظمآن الكبد يا مشتتاً في كل زاوية من الأرض من مسجد وبقاع خراب، ومردوداً من كل باب، ومدفوعاً عن كل مراد، ومنكسراً ومزدحماً في قلبه كل حاجة مرام. إن الله تعالى أفقرني وذوى عنى الدنيا وغرني، وتركني وقلاني وفرقني ولم يجمعني، وأهانني ولم يعطني من الدنيا كفاية، وأخملني ولم يرفع ذكرى بين الخليقة وإخواني، وأسبل على غيري نعمة منه سابغة يتقلب فيها في ليله ونهاره، وفضله عليّ وعلى أهل دياري وكلانا مسلمان مؤمنان ويجمعنا أبونا آدم وأمنا حواء عليهما السلام، أما أنت فقد فعل الله ذلك بك، لأن طينتك حرة وندى رحمة الله متدارك عليك من الصبر والرضا واليقين والموافقة والعلم وأنوار الإيمان والتوحيد متراكم لديك، فشجرة إيمانك وغرسها وبذرها ثابتة مكينة مورقة مثمرة متزايدة متشعبة غضة مظللة متفرعة، فهي كل يوم في زيادة ونمو، فلا حاجة بها إلى سباطة وعلف لتنمى بها وتربى، وقد فرغ الله عزَّ وجلَّ من أمرك على ذلك، وأعطاك في الآخرة دار البقاء وخولك فيها، وأجزل عطاءك في العقبى مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. قال الله تعالى: }فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{.السجدة17. أي ما عملوا في الدنيا من أداء الأوامر، والصبر على ترك المناهى، والتسليم والتفويض إليه في المقدور، والموافقة له في جميع الأمور. وأما الغير الذي أعطاه الله عزَّ وجلَّ الدنيا وخوله ونعمه بها وأسبغ عليه فضله فعل به ذلك، لأن محل إيمانه أرض سبخة وصخر لا يكاد يثبت فيها الماء وتنبت فيها الأشجار، ويتربى فيها الزرع والثمار فصب عليها أنواع سباطه وغيرها مما يربى به النبات والأشجار، وهى الدنيا وحطامها ليحفظ بها ما أنبت فيها من شجرة الإيمان وغرس الأعمال، فلو قطع ذلك عنها لجف النبات والأشجار، وانقطعت الثمار، فخربت الديار، وهو عزَّ وجلَّ مريد عمارتها، فجشرة إيمان الغنى ضعيفة المنبت وخال عما هو مشحون به منبت شجرة إيمانك يا فقير، فقوتها وبقاؤها بما ترى عنده من الدنيا وأنواع النعيم، فلو قطع ذلك عنه مع ضعف الشجرة جفت، فكان كفراً وجحوداً وإلحاقاً بالمنافقين والمرتدين والكفار، اللهمَّ إلا أن يبعث الله عزَّ وجلَّ إلى الغنى عساكر الصبر والرضا واليقين والتوفيق والعلم وأنواع المعارف فيقوى الإيمان بها فحينئذ لا يبالى بانقطاع الغنى والنعيم، والله الهادي الموفق.


آخر تعديل عمر نجاتي يوم 04-18-2022 في 09:54 AM.
رد مع اقتباس
قديم 12-17-2011, 01:52 AM   رقم المشاركة : 33
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم


المقالة السادسة والعشرون

فـي الـنـهـي عـن كـشــف الـبـرقـع عـن الـوجـه


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : لا تكشف البرقع والقناع عن وجهك حتى تخرج من الخلق وتوليهم ظهر قلبك في جميع الأحوال ويزول هواك، ثم تزول إرادتك ومناك، فتفنى عن الأكوان دنيا وأخرى، فتصير كإناء منثلم لا يبقى فيك غير إرادة ربك عزَّ وجلَّ فتمتلئ به عزَّ وجلَّ وبحكمه، إذا خرج الزور دخل النور، فلا يكون لغير ربك في قلبك مكان ولا مدخل وجعلت بواب قلبك، وأعطيت سيف التوحيد والعظمة والجبروت، فكل من رأيته دنا من ساحة صدرك إلى باب قلبك ندرت رأسه من كاهله فلا يكون لنفسك وهواك وإرادتك ومناك في دنياك وأخراك عندك رأس امتثال ولا كلمة مسموعة، لا أرى متبع إلا إتباع أمر الرب عزَّ وجلَّ، والوقوف معه والرضا بقضائه وقدره، بل الفناء في قضائه وقدره، فتكون عبد الرب عزَّ وجلَّ وأمره لا عبد الخلق وآرائهم، فإذا استمر الأمر فيك كذلك ضربت حول قلبك سرادقات الغيرة وخنادق العظمة وسلطان الجبروت، وحف بجنود الحقيقة والتوحيد، ويقام دون ذلك حراس من الحق عزَّ وجلَّ، كيلا يخلص الخلق إلى تطلب القلب من الشيطان والنفس والهوى، والإرادات والأماني الباطلة، والدعاوى الكاذبة الناشئة من الطباع والنفس الآمرة بالسوء، والضلالات الناشئة من الهوى، فحينئذ إن كان في القدر مجئ الخلق وتواترهم إليك وتتابعهم وتطابقهم عليك، ليصيبوا من الأنوار اللائحة والعلامات المنيرة والحكم البالغة، ويروا من الكرامات الظاهرة وخوارق العادة المستمرة، ويزدادوا بذلك من القربات والطاعات والمجاهدات والمكايدات في عبادة ربهم عزَّ وجلَّ، حفظت عنهم أجمعين وعن ميل النفس إلى هواها، وعجبها ومباهاتها، وتعاظمها بالتكبر بهم وبقبولهم لك وإقبال وجوههم إليك، وكذلك إن قدر مجئ زوجة حسناء جميلة بكفايتها وسائر مؤنتها حفظت من شرها وحمل أثقالها وأتباعها وأهلها، وصارت عندك موهبة مكفاة مهناة منقاة مصفاة من الغش والخبث والغل والحقد والغضب والخيانة في الغيب، فتكون لك مسخرة، وهى وأهلها محمولة عنك مؤنتها، مدفوعة عنك أذيتها، وإن قدر منها ولد كان صالحاً ذرية طيبة قرة عين. قال الله تعالى : }وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ{.الأنبياء90. وقال تعالى: }هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً{.الفرقان74. وقال تعالى: }وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً{.مريم6. فتكون هذه الدعوات التي في هذه الآيات معمولاً بها مستجابة في حقك إن دعوت بها أو لم تدع، إذ هي في محلها وأهلها، وأولى من يعامل بهذه النعمة ويقابل بها من كان أهلاً لهذه المنزلة، وأقيم في هذا المقام وقدر له من الفضل والقرب هذا المقدار، وكذلك إن قدر مجئ شئ من الدنيا وإقبالها لا يضر إذ ذاك، فما هو قسمك منها فلابدّ من تناوله وتصفيته لك بفعل الله عزَّ وجلَّ، وورود الأمر يتناوله وأنت ممتثل للأمر مثاب على تناوله، كما تثاب على فعل صلوات الفرض وصيام الفرض، وتؤمر فيما ليس بقسمك منها بصرفه إلى أربابه من الأصحاب والجيران والإخوان المستحقين الفقراء منهم وأصحاب الأقسام على ما يقتضى الحال، فالأحوال تكشفها وتميزها، ليس الخبر كالمعاينة. فحينئذ تكون من أمرك على بيضاء نقية لا غبار عليها ولا تلبيس ولا تخليط ولا شك ولا ارتياب، فالصبر الصبر، الرضا الرضا، حفظ الحال حفظ الحال، الخمول الخمول، الخمود الخمود، السكوت السكوت، الصموت الصموت، الحذر الحذر، النجا النجا، الوحا الوحا، الله الله ثم الله، الإطراق الإطراق الإغماض الإغماض الحياء الحياء إن يبلغ الكتاب أجله، فيؤخذ بيدك فتقدم وينزع عنك ما عليك ثم تغوص في بحار الفضائل والمنن والرحمة ثم تخرج منها فتخلع عليك الأنوار والأسرار والعلوم والغرائب المدنية، ثم تقرب وتحدث فيه بإعلام وإلهام وتكلم وتعطى وتغنى وتشجع وترفع، وتخاطب بـ }إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ{.يوسف54. فحينئذ أعتبر حالة يوسف الصديق عليه السلام حين خوطب بهذا الخطاب على لسان ملك مصر وعظيمها وفرعونها، كان لسان الملك قائلاً معبراً بهذا الخطاب والمخاطب هو الله عزَّ وجلَّ على لسان المعرفة، سلم إليه المالك الظاهر وهو ملك مصر، وملك النفس وملك المعرفة والعلم والقربة والخصوصية وعلو المنزلة عنده عزَّ وجلَّ. قال تعالى في ملك الملك : }وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ{.يوسف56. أي في أرض مصر }يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ{.يوسف56. قال تعالى في ملك النفس: }كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ{.يوسف24. وقال تعالى في ملك المعرفة والعلم: }ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ{.يوسف37. فإذا خوطبت بهذا الخطاب يا أيها الصديق الأكبر، أعطيت الحظ الأوفر، من العلم الأعظم، ومنحت وهنيت بالتوفيق والمنن والقدرة والولاية العامة، والأمر النافذ على النفس وغيرها من الأشياء والتكوين، بإذن إله الأشياء في الدنيا قبل الآخرة. وأما في الأخرى في دار السلام والجنة العليا، فالنظر إلى وجه المولى الكريم زيادة ومنة، وهو المنى الذي لا غاية له ولا منتهى، والله الموفق لحقائق ذلك، إنه رؤوف رحيم.


آخر تعديل عمر نجاتي يوم 04-18-2022 في 09:55 AM.
رد مع اقتباس
قديم 12-17-2011, 01:53 AM   رقم المشاركة : 34
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة السابعة والعشرون

فـي أن الـخـيـر و الـشـّـر ثـمـرتـان


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : أجعل الخير والشر ثمرتين من غصنين من شجرة واحدة، أحد الغصنين يثمر حلوا والآخر مراً، فاترك البلاد والأقاليم ونواحي الأرض التي يحمل إليها هذه الثمار المأخوذة من هذه الشجرة، وابعد منها ومن أهلها واقترب من الشجرة وكن سائسها وخادمها القائم عندها، وأعرف الغصنين والثمرتين والجانبين، فكن إلى جانب الغصن المثمر حلواً، فحينئذ يكون غذاؤك وقوتك منها، واجتنب أن تقدم إلى جانب الغصن الآخر فتأكل من ثمرته فتهلك من مرارتها، فإذا دمت على هذا كنت في دعة وأمن وراحة وسلامة من الآفات كلها، إذ الآفات وأنواع البلايا تتولد من تلك الثمرة المرة، وإذا غبت عن تلك الشجرة وهمت في الآفاق وقدم بين يديك من تلك الثمرتين وهى مخلطة غير متميزة الحلوة من المرة هنا فتناولت منها، فربما وقعت يدك على المرة فأدنيتها من فيك فأكلت منها جزءاً ومضغته، فسرت المرة إلى أعماق لهواتك وباطن حلقك وخياشيمك، فعملت فيك وسرت في عروقك وأجزاء جسدك فهلكت بها، ولفظك الباقي من فيك وغسل أثره لا ينفع لا ويدفع عنك ما قد سرى في جسدك ولا ينفعك، وإن أكلت ابتداء من الثمرة الحلوة وسرت حلاوتها في أجزاء جسدك وانتفعت بها وسررت فلا يكفيك ذلك، فلابد تتناول غيرها ثانياً، فلا تأمن أن تكون الثانية من المرة فيحل بك ما ذكرته لك، فلا خير في البعد عن الشجرة والجهل بثمرتها والسلامة في قربها والقيام معها، فالخير والشر بفعل الله عزَّ وجلَّ، والله هو فاعلهما ومجريهما. قال الله عزَّ وجلَّ : }وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ{.الصافات96. وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (الله خلق الجازر وجزوره) وأعمال العباد خلق الله عزَّ وجلَّ وكسبهم. قال تعالى : }ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{.النحل32. سبحانه ما أكرمه وأرحمه أضاف العمل إليهم وأنهم استحقوا الدخول إلى الجنة بعملهم، وهو بتوفيقه ورحمته لهم في الدنيا والآخرة.


قال صلى الله عليه وسلم : (لا يدخل الجنة أحد بعمله، فقيل له ولا أنت يا رسول الله؟ فقال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته، ووضع يده على رأسه) مروي ذلك في حديث عائشة رضي الله عنها، فإذا كنت طائعاً لله عزَّ وجلَّ ممتثلاً لأمره منتهياً لنهيه مسلماً له في قدره، حماك عن شره وتفضل عليك بخيره وحماك عن الأسواء جميعها ديناً ودنيا. أما دنيا فقوله تعالى: }كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ{.يوسف24. وأما ديناً فقوله عزَّ وجلَّ : }مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً{. النساء 147. مؤمن شاكر ما يفعل البلاء عنده وهو إلى العافية أقرب من البلاء، لأنه في حمل المزيد أيضاً لأنه شاكر. قال الله عزَّ وجلَّ : }لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ{.إبراهيم7.فإيمانك يطفئ لهب النار في الآخرة التي هي عقوبة كل عاص، فكيف لا يطفئ نار البلايا في الدنيا؟؟ اللهمَّ إلا أن يكون العبد من المجذوبين المختارين للولاية والاصطفاء والاجتباء، فلابد من البلاء ليصفى به من خبث الهوى والميل إلى الطباع، والركون إلى شهوات النفس ولذاتها، والطمأنينة إلى الخلق والرضا بقربهم، والسكون إليهم والثبوت معهم والفرح بهم، فيبتلى حتى يذوب جميع ذلك، ويتنظف القلب بخروج الكل، ويبقى توحيد الرب عزَّ وجلَّ ومعرفته وموارد الغيب من أنواع الأسرار والعلوم وأنوار القرب، لأنه بيت لا يسعه اثنان، قال الله عزَّ وجلَّ : }مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ{.الأحزاب4. وقال تعالى: }إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً{.النمل34. فأخرجوا الأعزة عن طيب المنازل ونعيم العيش، وكانت الولاية على القلب للشيطان والهوى والنفس والجوارح متحركة بأمرهم من أنواع المعاصي والأباطيل والترهات فزالت تلك الولاية فسكنت الجوارح وفرغت دار الملك التي هي القلب وتنظفت الساحة التي هي الصدر. فأما القلب فصار مسكناً للتوحيد والمعرفة والعلم. وأما الساحة فمهبط الموارد والعجائب من الغيب، كل ذلك نتيجة البلايا وثمراتها، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إنا معاشر الأنبياء أشد الناس بلاء ثم الأمثل فالأمثل) وقال صلى الله عليه وسلم : (أنا أعرفكم بالله وأشدكم منه خوفاً) فكل من قرب من الملك اشتد خطره وحذره، لأنه في مرأى من الملك لا يخفى عليه تصاريفه وحركاته. فإن قلت: فالخليقة عند الله عزَّ وجلَّ بأجمعهم كشخص واحد لا يخفى عليه منهم شئ، فأي فائدة لهذا الكلام؟

فنقول لك : لما علت منزلته وشرفت رتبته عظم خطره، لأنه وجب عليه شكر ما أولاه من جسيم نعمه وفضله فأدنى الآلتفات عن خدمته تقصير في شكره وذلك نقصان في طاعته. قال الله عزَّ وجلَّ : }يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ{.الأحزاب30. قال ذلك لهن لتمام نعمه عزَّ وجلَّ عليهن باتصالهن بالنبي صلى الله عليه وسلم فكيف من كان مواصلاً بالله عزَّ وجلَّ وقربه، تعالى الله علواً كبيراً عن التشبيه بخلقه }لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ{.الشورى11. والله الهادي.


آخر تعديل عمر نجاتي يوم 04-18-2022 في 09:55 AM.
رد مع اقتباس
قديم 12-17-2011, 01:53 AM   رقم المشاركة : 35
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم


المقالة الثامنة والعشرون

فـي تـفـصـيـل أحـوال الـمـريـد


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : أتريد الراحة والسرور والدعة والحبور، والأمن والسكون والنعيم والدلال وأنت بعد في كير السبك والتذويب وتمويت النفس ومجانبة الهوى وإزالة المرادات والأعواض دنيا وأخرى وقد بقيت فيك بقية من ذلك ظاهرة لائحة؟؟ على رسلك يا مستعجل مهلاً مهلا، يا مترقب الباب مسدود إلى ذلك، وقد بقيت عليك منه وفيك ذرة ومنه المكاتب عبد ما بقى عليه درهم، أنت مصدود عن ذلك ما بقى عليك من الدنيا مقدار مص نواة، والدنيا هواك ومرادك، ورؤيتك بشئ من الأشياء أو طلبك بشئ من الأشياء وتشوق نفسك إلى شئ من الأعواض دنيا وأخرى، فما دام فيك شئ من ذلك فأنت في باب الإفناء، فاسكن حتى يحصل الفناء على التمام والكمال، فتخرج من الكير وتكمل صياغتك وتجلى وتكسى وتطيب وتبخر، ثم ترفع إلى الملك الأكبر فتخاطب : }إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ{.يوسف54. فتؤانس وتلاطف، وتطعم من الفضل ومنه وتسقى وتقرب وتدنى وتطلع على الأسرار وهى عنك لا تخفى فتغتني بما نعطي من ذلك عن جميع الأشياء. ألا ترى إلى قراضة الذهب متفرقة مبتذلة متداولة غادية رائحة في أيدي العطارين والبقالين والقصابين والدباغين والنقاطين والكناسين والكفافين أصحاب الصنائع النفيسة والرذيلة الدنية الخبيثة، ثم تجمع فتجعل في كير الصائغ فتذوب هناك بإشعال النار عليها، ثم تخرج منه فتطرق وترقق وتطلع وتصاك فتجعل حلياً، ثم تجلى وتطيب فتترك في خير المواضع والأمكنة من وراء الأغلاق في الخزائن والصناديق والأحقاق وتحلى بها العروس وتزين وتكرم، وقد تكون العروس للملك الأعظم فتنقل القراضة من هذه إلى قرب الملك ومجلسه بعد السبك والدق، هكذا أنت يا مؤمن إذا صبرت على مجاري الأقدار فيك ورضيت بالقضاء في جميع الأحوال قربت إلى مولاك عزَّ وجلَّ في الدنيا، فتنعم بالمعرفة والعلوم والأسرار، وتسكن في الآخرة دار السلام مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين في جوار الله وداره وقربه عزَّ وجلَّ، فاصبر ولا تستعجل، وأرض بالقضاء ولا تتهم، فسينالك برد عفو الله ولطفه وكرمه بمنه تعالى.


آخر تعديل عمر نجاتي يوم 04-18-2022 في 09:55 AM.
رد مع اقتباس
قديم 12-17-2011, 01:54 AM   رقم المشاركة : 36
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم


المقالة التاسعة والعشرون

فـي قـولـه صلى الله عليه وسلم كـاد الـفـقـر أن يـكـون كـفـرا



قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : يـؤمن العبد بالله ويسلم الأمور كلها إليه عزَّ وجلَّ، ويعتقد تسهيل الرزق منه وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصبه، ويؤمن بقوله عزَّ وجلَّ }وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ{.الطلاق2–3. ويقول ذلك ويؤمن به وهو في حال العافية والغنى ثم يبتليه الله عزَّ وجلَّ بالبلاء والفقر فيأخذ في السؤال والتضرع فلا يكشفهما عنه فحينئذ يتحقق قوله صلى الله عليه وسلم : (كاد الفقر أن يكون كفراً) فمن تلطف الله به كشف عنه ما به فأدركه بالعافية والغنى ويوفقه للشكر والحمد والثناء ويديم له ذلك إلى اللقاء . ومن يرد الله فتنته يديم بلاءه وفتنته وفقره فيقطع عنه مدد إيمانه فيكفر بالاعتراض والتهمة له عزَّ وجلَّ والشك في وعده فيموت كافرا بالله عزَّ وجلَّ جاحداً لآياته ومسخطاً على ربه، وإليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : (أن أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل جمع الله له بين فقر الدنيا وعذاب الآخرة) نعوذ بالله من ذلك وهو الفقر المنسي الذي استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم * والرجل الثاني هو الذي أراد الله عزَّ وجلَّ اصطفاءه واجتباءه وجعله من خواصه وأحبائه وأخـلائه ووارث أنبيائه وسيد أوليائه ومن عظماء عباده وعلمائهم وحكمائهم وشفعائهم وشيخهم ومتبوعهم ومعلمهم وهاديهم إلى مولاهم ومرشدهم إلى سبل الهدى واجتناب سبل الردى فأرسل إليه جبال الصبر وبحار الرضا والموافقة والغنى في قضائه وفعله ثم يدركه بجزيل العطاء ويدللـه في آناء الليل وأطراف النهار في الجلوة والخلوة في الظاهر مرة والباطن أخرى بأنواع اللطف وفنون الجذبات فيتصل له ذلك إلى حين اللقا والله الهادي.


رد مع اقتباس
قديم 12-17-2011, 01:55 AM   رقم المشاركة : 37
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة الثلاثون

فـي الـنـهـي عـن قـول الـرجـل أي شــيء أعـمـل و مـا الـحـيـلـة

قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : ما أكثر ما نقول : أي شئ أعمل؟؟ وما الحيلة؟؟ فيقال لك : قف مكانك ولا تجاوز حدك حتى يأتيك الفرج ممن أمرك بالقيام فيما أنت فيه. قال الله عزَّ وجلَّ : }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{.آل عمران200. أمرك بالصبر يا مؤمن ثم بالمصابرة والمرابطة والمحافظة والملازمة له ثم حذرك تركه فقال : }واتقوا الله{ في ترك ذلك، أي لا تتركوا الصبر فإن الخير والسلامة فيه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد). وقيل : كل شئ ثوابه بمقدار إلا ثواب الصبر فإنه جزاف غير مقدر لقوله تعالى : }إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ{.الزمر10. فإذا اتقيت الله عزَّ وجلَّ حفظك للصبر ومحافظة الحدود وأنجز لك ما وعدك في كتابه وهو قوله عزَّ وجلَّ : }وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ{.الطلاق2–3. وكنت بصبرك حتى يأتيك الفرج من المتوكلين وقد وعدك الله عزَّ وجلَّ بالكفاية فقال : }وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ{.الطلاق3. وكنت مع صبرك وتوكلك من المحسنين وقد وعدك بالجزاء فقال عزَّ وجلَّ : }وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ{.القصص14. ويحبك الله مع ذلك لأنه قال : }إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{.البقرة195. فالصبر رأس كل خير وسلامة دنيا وأخرى، ومنه يترقى المؤمن إلى حالة الرضى والموافقة ثم الفناء في أفعال الله عزَّ وجلَّ حالة البدلية والغيبة، فاحذر أن تتركه فيخذلك في الدنيا والآخرة ويفوتك خيرهما نعوذ بالله من ذلك.


آخر تعديل عمر نجاتي يوم 04-18-2022 في 09:56 AM.
رد مع اقتباس
قديم 12-17-2011, 01:57 AM   رقم المشاركة : 38
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم


صلواة سلطان الاولياء عبد القادر كيلاني قدس الله سره

اَلصَّلاَةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللّٰهِ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حبيبَ اللّٰهِ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نَبِىَّ اللّٰهِ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خليل اللّٰهِ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا صَفِىَّ اللّٰهِ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَلِىَّ اللّٰهِ،

اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَيْرَ خَلْقِ اللّٰهِ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نُورَ عَرْشِ اللّٰهِ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا اَمينَ وَحْىِ اللّٰهِ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ زَيَّنَهُ اللّٰهُ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ شَرَّفَهُ اللّٰهُ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ كَرَّمَهُ اللّٰهُ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ عَزَّمَهُ اللّٰهُ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ عَلَّمَهُ اللّٰهُ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ سَلَّمَهُ اللّٰهُ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَنِ اِخْتَارَهُ اللّٰهُ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ اْلاَوَّلينَ وَاْلاٰخِرينَ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا شَفيعَ الْمُذْنِبِينَ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَاتَمَ النَّبِيينَ،

اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَحْمَةً لِلْعَالَمينَ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا اِمَامَ الْمُتَّقِينَ،
اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ رَبِّ الْعَالَينَ،

صَلَاوَاتُ اللّٰهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَاَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ وَحَمَلَةِ
عَرْشِهِ وَجَميعِ خَلْقِهِ عَلٰى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلٰى اٰلِهِ وَصَحْبِهِ اَجْمَعينَ.


رد مع اقتباس
قديم 12-17-2011, 01:57 AM   رقم المشاركة : 39
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

فتوح الغيب

مقالات 31-40
الشيخ الرباني عبدالقادر الجيلاني قدس سره


رد مع اقتباس
قديم 12-17-2011, 01:58 AM   رقم المشاركة : 40
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة الحادية والثلاثون

فـي الـبـغـض فـي الله


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : إذا وجدت في قلبك بغض شخص أو حبه فأعرض أعماله على الكتاب والسنة, فإن كانت فيهما مبغوضة و أنت تبغضه فأبشر بموافقتك الله عزَّ وجلَّ ورسوله، وإن كانت أعماله فيهما محبوبة وأنت تبغضه فاعلم بأنك صاحب هوى، تبغضه بهواك ظالماً له ببغضك إياه، وعاصٍ لله عزَّ وجلَّ ولرسوله تخالف لهما فتب إلى الله عزَّ وجلَّ من بغضك واسأله عزَّ وجلَّ محبة ذلك الشخص وغيره من أحبائه وأوليائه وأصفيائه والصالحين من عباده، لتكون موافقاً له عزَّ وجلَّ. وكذلك أفعل فيمن تحبه يعني أعرض أعماله على الكتاب والسنة فإن كانت محبوبة فيهما فأحبه. وإن كانت مبغوضة فابغضه. كيلا تحبه بهواك وتبغضه بهواك وقد أمرت بمخالفة هواك قال عزَّ وجلَّ : }وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ{.ص26.


آخر تعديل عمر نجاتي يوم 04-18-2022 في 09:56 AM.
رد مع اقتباس
قديم 12-17-2011, 01:59 AM   رقم المشاركة : 41
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة الثانية والثلاثون

فـي عـدم الـمـشــاركـة فـي مـحـبـة الـحـق

قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : ما أكثر ما تقول كل من أحبه لا تدوم محبتي إياه فيحال بيننا إما بالغيبة أو بالموت أو بالعداوة وأنواع المال بالتلف والفوات من اليد، فيقال لك : أما تعلم يا محبوب الحق المعنى المنظور إليه المغار عليه، ألم تعلم أن الله عزَّ وجلَّ غيور خلقك وتروم أن تكون لغيره، أما سمعت قوله عزَّ وجلَّ : }يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ{.المائدة54. وقوله تعالى : }وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{.الذاريات56. أما سمعت قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (إذا أحب الله عبدا ابتلاه فإن صبر افتناه. قيل يا رسول الله و ما افتناه. قال لم يذر له مالا ولا ولدا). وذلك لأنه إذا كان له مال وولد أحبهما فتنقص وتجزي فتصير مشتركة بين الله عزَّ وجلَّ وبين غيره والله تعالى لا يقبل الشريك وهو غيور قاهر فوق كل شئ غالب لكل شئ فيهلك شريكه ويعدمه ليخلص قلب عبده له من غير شريك فيتحقق حينئذ قوله عزَّ وجلَّ : }يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ{.المائدة54. حتى إذا تنظف القلب من الشركاء والأنداد من الأهل والمال والولد واللذات والشهوات وطلب الولايات والرياسات والكرامات والحالات والمنازل والمقامات والجنات والدرجات والقربات والزلفات فلا يبقى في القلب إرادة ولا أمنية يصير كالإناء المنثلم الذي لا يثبت فيه مائع لأنه أنكسر لفعل الله عزَّ وجلَّ كلما تجمعت فيه إرادة كسرها فعل الله وغيرته فضربت حوله سرادقات العظمة والجبروت والهيبة وأحضرت من دونها خنادق الكبرياء والسطوة فلم يخلص إلى القلب إرادة شئ من الأشياء والكرامات والحكم والعلم والعبادات فإن جميع ذلك يكون خارج القلب فلا يغار الله عزَّ وجلَّ بل يكون جميع ذلك كرامة من الله لعبده ولطفا به ونعمة ورزقا ومنفعة للواردين عليه فيكرمون به ويرحمون ويحفظون لكرامته على الله عزَّ وجلَّ فيكون خفيراً لهم وكنفا وحرزا وشفيعا دنيا وأخرى.


رد مع اقتباس
قديم 12-17-2011, 02:01 AM   رقم المشاركة : 42
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة الثالثة والثلاثون

فـي تـقـســيـم الـرجـال إلـى أربـعـة أقـســام

قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : الناس أربعة رجال :
رجل : لا لسان له ولا قلب وهو العاصي الغر الغبي لا يعبأ الله به، لا خير فيه، وهو وأمثاله حثالة لا وزن لهم إلا أن يعمهم الله عزَّ وجلَّ برحمته، فيهدي قلوبهم للإيمان به ويحرك جوارحهم بالطاعة له عزَّ وجلَّ. فأحذر أن تكون منهم، ولا تكترث بهم ولا تقم فيهم فإنهم أهل العذاب والغضب والسخط سكان النار وأهلها نعوذ بالله عزَّ وجلَّ منهم، إلا أن تكون من العلماء بالله عزَّ وجلَّ ومن معلمي الخير وهـداة الدين وقواده ودعاته، فدونك فأتهم وادعهم إلى طاعة الله عزَّ وجلَّ، وحذرهم معصيته، فتكتب عند الله حينئذ جهبذا، فتعطى ثواب الرسل والأنبياء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه : (لأن يهدى الله بهداك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس).

الرجل الثاني : رجل له لسان بلا قلب فينطق بالحكمة ولا يعمل بها، يدعو الناس إلى الله وهو يفر منه عزَّ وجلَّ، يستقبح عيب غيره ويدوم هو على مثله في نفسه، يظهر للناس تنسكا ويبارز الله عزَّ وجلَّ بالعظائم من المعاصي، إذا خلا كأنه ذئب عليه ثياب، وهو الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : (أخوف ما أخاف على أمتي من منافق عليم اللسان). وفي حديث آخر : (أخوف ما أخاف على أمتي من علماء السوء). نعوذ بالله من هذا، فابعد منه وهرول، لئلا يختطفك بلذيذ لسانه فتحرقك نار معاصيه، ويقتلك نتن باطنه وقلبه.

والرجل الثالث : قلب بلا لسان، وهو مؤمن ستره الله عزَّ وجلَّ عن خلقه، وأسبل عليه كنفه، وبصره بعيوب نفسه، ونور قلبه، وعرفه غوائل مخالطة الناس وشؤم الكلام والنطق، وتيقن أن السلامة في الصمت والانزواء والانفراد، وتسَمَّعَ قول النبي صلى الله عليه وسلم : (من صمت نجا). وسَمِعَ قول بعض العلماء : العبادة عشرة أجزاء، تسعة منها في الصمت فهذا رجل ولي الله عزَّ وجلَّ، في ستر الله محفوظا ذو سلامة وعقل وافر، جليس الرحمن منعم عليه، فالخير كل الخير عنده، فدونكه ومصاحبته ومخالطته وخدمته والتحبب إليه بقضاء حوائج تسنح له ومرافق يرتفق بها، فيحبك الله ويصفيك، ويدخلك في زمرة أحبائه وعباده الصالحين ببركته إن شاء الله تعالى.
والرجل الرابع : المدعو في الملكوت بالعظيم كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : (من تعلم ، وعلم ، وعمل ، دعي في الملكوت عظيماً). وهو العالم بالله عزَّ وجلَّ وآياته، استودع الله عزَّ وجلَّ قلبه غرائب علمه، وأطلعه على أسرار طواها عن غيره، واصطفاه واجتباه وجذبه إليه ورقاه، وإلى باب قربه هداه، وشرح صدره لقبول تلك الأسرار والعلوم، وجعله جهبذا وداعياً للعباد ونذيرا لهم وحجة فيهم، هادياً مهدياً شافعاً مشفعاً صادقاً صديقاً، بدلاً لرسله وأنبيائه عليهم صلواته وسلامه وتحياته وبركاته. فهذه هي الغاية القصوى في بني آدم، لا منزلة فوق منزلته إلا النبوّة، فعليك به وأحذر أن تخالفه وتنافره وتجانبه وتعاديه وتترك القبول منه والرجوع إلى نصيحته وقوله، فإن السلامة فيما يقول عنده، والهلاك والضلال عند غيره إلا من يوفقه الله عزَّ وجلَّ ويمده بالسداد والرحمة.



فقد قسمت لك الناس، فانظر لنفسك إن كنت ناظراً، واحترز لها إن كنت محترزاً لها شفيقاً عليها، هدانا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.


رد مع اقتباس
قديم 12-17-2011, 02:01 AM   رقم المشاركة : 43
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم


المقالة الرابعة والثلاثون

فـي الـنـهـى عـن الـســخـط عـلـى الله تـعـالـى


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : ما أعظم تسخطك على ربّك و تهمتك له عزَّ وجلَّ، و اعتراضك عليه و انتسابك له عزَّ وجلَّ بالظلم، واستبطائك في الرزق والغنى وكشف الكروب والبلوى، أما تعلم أن لكل أجل كتاب، ولكل زيادة بلية وكربة غاية منتهى ونفاد، لا يتقدم ذلك ولا يتأخر، أوقات البلايا لا تقلب فتصير عوافى ووقت البؤس لا ينقلب نعيما، وحالة الفقر لا تستحيل غنى.


أحسن الأدب وألزم الصمت والصبر والرضا والموافقة لربك عزَّ وجلَّ، وتب عن تسخطك عليه وتهمتك له في فعله، فليس هناك استيفاء وانتقام من غير ذنب، ولا عرض على الطبع كما هو في حق العبيد بعضهم في بعض، هو عزَّ وجلَّ منفرد بالأزل وسبق الأشياء، خلقها وخلق مصالحها ومفاسدها وعلم ابتداءها وانتهاءها وانقضاءها، وهو عزَّ وجلَّ حكيم في فعله متقن في صنعه لا تناقض في فعله، لا يفعل عبثاً ولا يخلق باطلاً لعباً، ولا تجوز عليه النقائص ولا اللوم في أفعاله، فانتظر الفرج حتى إن عجزت عن موافقته وعن الرضا والغنى في فعله حتى يبلغ الكتاب أجله، فتسفر الحالة عن ضدها بمرور الزمان وانقضاء الآجال، كما ينقضي الشتاء فيسفر عن الصيف، وينقضي الليل فيسفر عن النهار، فإذ طلبت نور ضوء النهار ونوره بين العشاءين لم تعطه، بل يزداد في ظلمة الليل حتى إذا بلغت الظلمة غايتها وطلع الفجر وجاء النهار بضوئه طلبت ذلك وأردته وسكت عنه وكرهته، فإن طلبت إعادة الليل حينئذ لم تجب دعوتك ولم تعطه لأنك طلبت الشئ في غير حينه ووقته فتبقى حسيراً منقطعاً متسخطاً خجلاً، فأرخ هذا كله وألزم الموافقة وحسن الظن بربك عزَّ وجلَّ والصبر الجميل، فما كان لك لا تسلبه، وما ليس لك لا تعطاه. لعمري إنك تدعو وتبتهل إلى ربك عزَّ وجلَّ بالدعاء والتضرع وهما عبادة وطاعة امتثالاً لأمره عزَّ وجلَّ في قوله تعالى : }ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ{.غافر60. وقوله تعالى : }وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ{.النساء32. وغير ذلك من الآيات والأخبار، أنت تدعو وهو يستجيب لك عند حينه وأجله إذا أراد وكان لك في ذلك مصلحة في دنياك وأخراك ويوافق في ذلك قضاءه وانتهاء أجله، لا تتهمه في تأخير الإجابة ولا تسأم من دعائه، فإنك إن لم تربح لم تخسر، وإن لم يجبك عاجلاً أثابك آجلاً، فقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم : (والعبد يرى في صحائفه حسنات يوم القيامة لا يعرفها فيقال له إنها بدل سؤالك في الدنيا الذي لم يقدر قضاؤه فيها) أو كما ورد. ثم أقل أحوالك أنك تكون ذاكراً لربك عزَّ وجلَّ موحداً له حيث تسأله ولا تسأل أحداً غيره، ولا تترك حاجتك لغيره تعالى، فأنت بين الحالتين في زمانك كله ليلك ونهارك وصحتك وسقمك وبؤسك ونعمائك وشدتك ورخائك، وإما أن تمسك عن السؤال، وترضى بالقضاء وتوافق وتسترسل لفعله عزَّ وجلَّ، كالميت بين يدي الغاسل، والطفل الرضيع في يدي الظئر، والكرة بين يدي الفارس يقلبها بصولجانه، فيقلبك القدر كيف يشاء، إن كان النعماء فمنك الشكر والثناء ومنه عزَّ وجلَّ المزيد في العطاء، كما قال تعالى : }لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ{.إبراهيم7. وإن كان البأساء فالصبر والموافقة منك بتوفيقه والتثبت والنصرة والصلاة والرحمة منه عزَّ وجلَّ بفضله وكرمه، كما قال عزَّ من قائل: }إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ{.البقرة153.الأنفال46. بنصره وتثبيته، وهو لعبده ناصر له على نفسه وهواه وشيطانه. وقال تعالى: }إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ{.محمد7. إذا نصرت الله في مخالفة نفسك وهواك بترك الاعتراض عليه والسخط بفعله فيك وكنت خصماً لله على نفسك سيافاً عليها كلما تحركت بكفرها وشركها حززت رأسها بصبرك وموافقتك لربّك والطمأنينة إلى فعله ووعده والرضا بهما كان عزَّ وجلَّ لك معينا. وأما الصلاة والرحمة، فقوله عزَّ وجلَّ : }وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ{.البقرة155-157. والحالة الأخرى أنك تبتهل إلى ربك عزَّ وجلَّ بالدعاء والتضرع إعظاماً له وامتثالاً لأمره، وفيه وضع الشئ في موضعه، لأنه ندبك إلى سؤاله والرجوع إليه، وجعل ذلك مستراحاً ورسولاً منك إليه وموصلة ووسيلة لديه بشرط ترك التهمة والسخط عليه عند تأخير الإجابة إلى حينها، اعتبر ما بين الحالتين ولا تكن ممن تجاوز عن حديهما، فإنه ليس هناك حالة أخرى، فاحذر أن تكون من الظالمين المعتدين فيهلكك عزَّ وجلَّ ولا يبالى كما أهلك من مضى من الأمم السالفة في الدنيا بتشديد بلائه وفى الآخرة بأليم عذابه


رد مع اقتباس
قديم 12-17-2011, 02:02 AM   رقم المشاركة : 44
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم


المقالة الخامسة والثلاثون

فـي الـــورع


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : عليك بالورع وإلا فالهلاك في زيقك ملازم لك لا تنجو منه أبدا إلا أن يتغمدك الله تعالى برحمته، فقد ثبت في الحديث المروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إن ملاك الدين الورع، وهلاكه الطمع، وإن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، كالراتع إلى جنب الزرع يوشك أن يمد فاه إليه لا يكاد أن يسلم الزرع منه) وعن أبى بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : كنا نترك سبعين باباً من المباح مخافة أن نقع في الجناح. وعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : كنا نترك تسعة أعشار الحلال مخافة أن نقع في الحرام، فعلوا ذلك تورعاً في مقاربة الحرام أخذاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لكل ملك حمى) وإن حمى الله محارمه، فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، فمن دخل حصن الملك فجاز الباب الأول ثم الثاني والثالث حتى قرب من سدته خير ممن وقف على الباب الأول الذي يلي البر، فإنه إن أغلق عنه غلق الباب الثالث لم يضره وهو من وراء بابين من أبواب القصر ومن دونه حراس الملك وجنده، وأما إذا كان على الباب الأول فأغلقوا عنه بقى في البر وحده فأخذته الذئاب والأعداء وكان من الهالكين، فهكذا من سلك العزيمة ولازمها. إن سلب عنه مدد التوفيق والرعاية وانقطعت عنه حصل في الرخص ولم يخرج عن الشرع. فإذا أدركته المنية كان على العبادة والطاعة ويشهد له بخير العمل، ومن وقف على الرخص ولم يتقدم إلى العزيمة إن سلب عنه التوفيق فقطعت عنه أمداده فغلب الهوى عليه وشهوات النفس، فتناول الحرام خرج من الشرع، فصار في زمرة الشياطين أعداء الله عزَّ وجلَّ الضالين عن سبل الهدى، فإن أدركته المنية قبل التوبة كان من الهالكين إلا أن يتغمده الله تعالى برحمته وفضله، فالخطر في القيام مع الرخص، والسلامة كل السلامة مع العزيمة، والله الهادي إلى سواء الطريق.


رد مع اقتباس
قديم 12-17-2011, 02:02 AM   رقم المشاركة : 45
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة السادسة والثلاثون

فـي بـيـان الـدنـيـا و الآخـرة و مـا يـنـبـغـي أن يـعـمـل فـيـهـمـا


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : أجعل آخرتك رأس مالك ودنياك ربحه، وأصرف زمانك أولاً في تحصيل آخرتك. ثم إن فضل من زمانك شئ اصرفه في دنياك وفى طلب معاشك، ولا تجعل دنياك رأس مالك وآخرتك ربحه. ثم إن فضل من الزمان فضلة صرفتها في آخرتك تقتضى فيها الصلوات تسبكها سبيكة واحدة ساقطة الأركان، مختلفة الواجبات من غير ركوع وسجود وطمأنينة بين الأركان، أو يلحقك التعب والإعياء فتنام عن القضاء جملة، جيفة في الليل بطالاً في النهار تابعاً لنفسك وهواك وشيطانك، وبائعاً آخرتك بدنياك عند النفس ومطيتها، أمرت بركوبها وتهذيبها ورياضتها والسلوك بها في سبيل السلامة وهى طرق الآخرة وطاعة مولاها عزَّ وجلَّ فظلمتها بقوبلك منها وسلمت زمامها إليها وتبعتها في شهواتها ولذاتها وموافقتها وشيطانها وهواها ففاتك خير الدنيا والآخرة وخسرتهما فدخلت القيامة أفلس الناس وأخسرهم ديناً ودنيا، وما وصلت بمتابعتها إلى أكثر من قسمك من دنياك، ولو سلكت بها طريق الآخرة وجعلتها رأس مالك ربحت الدنيا والآخرة ووصل إليك قسمك من الدنيا هنيئاً مرئياً وأنت مصون مكرم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الله يعطى الدنيا على نية الآخرة ولا يعطى الآخرة على نية الدنيا) وكيف لا يكون كذلك ونية الآخرة هي طاعة الله لأن النية روح العبادات وذاتها.


وإذا أطعت الله بزهدك في الدنيا أو طلبك دار الآخرة كنت من خواص الله عزَّ وجلَّ وأهل طاعته ومحبته، وحصلت لك الآخرة وهى الجنة وجوار الله عزَّ وجلَّ وخدمتك الدنيا فيأتيك قسمك الذي قدر لك منها، إذ الكل تبع لخالقها ومولاها وهو الله عزَّ وجلَّ، وإن اشتغلت بالدنيا وأعرضت عن الآخرة غضب الرب عليك ففاتتك الآخرة وتعاصت الدنيا عليك وتعسرت وأتعبتك في إيصال قسمك إليك لغضب الله عزَّ وجلَّ عليك لأنها مملوكته، تهين من عصاه وتكرم من أطاعه فيتحقق حينئذ قوله صلى الله عليه وسلم : (الدنيا والآخرة ضرتان، إن أرضيت إحداهما أسخطت عليك الأخرى). قال تعالى : }مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ{.آل عمران152. يعنى به أبناء الآخرة، فانظر من أبناء أيهما أنت؟؟ ومن أي القبيلتين تحب أن تكون وأنت في الدنيا؟؟ ثم إذا صرت إلى الآخرة فالخلق فريقان فريق في طلب الدنيا وفريق في طلب الآخرة، وهم أيضاً يوم القيامة فريقان }فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ{.الشورى7. فريق في الموقف قيام في طول الحساب }فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ{.المعارج4. مما تعدون كما قال تعالى، وفريق في ظل العرش كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : (إنكم تكونون يوم القيامة في ظل العرش عاكفون على الموائد، عليها أطايب الطعام والفواكه والشهد أبيض من الثلج). كما جاء في الحديث : (وينظرون منازلهم في الجنة حتى إذا فرغ من حساب الخلق دخلوا الجنة، يهتدون إلى منازلهم كما يهتدي أحد الناس في الدنيا إلى منزله). فهل وصلوا إلى هذه إلا بتركهم الدنيا واشتغالهم بطلب الآخرة والمولى. وهل وقعوا أولئك في الحساب وأنواع الشدائد والذل إلا لاشتغالهم بالدنيا ورغبتهم فيها وزهدهم في الآخرة وقلة المبالاة بأمرها ونسيان يوم القيامة وما سيصيرون إليه غداً مما ذكر في الكتاب والسنة.


فانظر لنفسك نظر رحمة وشفقة، واختر لها خير القبيلتين وأفردها عن أقران السوء من شياطين الإنس والجن، وأجعل الكتاب والسنة أمامك وأنظر فيهما وأعمل بهما، ولا تغتر بالقال والقيل والهوس. قال الله تعالى : }وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ{.الحشر7. ولا تخالفوه فتتركوا العمل بما جاء به وتخترعوا لأنفسكم عملاً وعبادة كما قال عزَّ وجلَّ في حق قوم ضلوا سواء السبيل }وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ{.الحديد27 .، ثم إنه زكى هو عزَّ وجلَّ نبيه صلى الله عليه وسلم ونزهه عن الباطل والزور فقال عزَّ وجلَّ : }وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{.النجم3–4. أي ما آتاكم به فهو من عندي لا من هواه ونفسه فاتبعوه، ثم قال تعالى : }قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ{.آل عمران31. فبين أن طريق المحبة إتباعه قولاً وفعلاً، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال : (الاكتساب سنتي، والتوكل حالتي) أو كما قال، فأنت بين سنته وحالته وإن ضعف إيمانك فالتكسب الذي هو سنته وإن قوى إيمانك فحالته التي هي التوكل قال الله تعالى : }وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ{.المائدة23. وقال تعالى : }وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ{.الطلاق3. وقال تعالى : }إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ{.آل عمران159. فقد أمرك بالتوكل ونبهك عليه كما أمر نبيه صلى الله عليه وسلم في قوله : }وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ{.النساء81.الأنفال61.الأحزاب3+48. فاتبع أوامر الله عزَّ وجلَّ في سؤاله في أعمالك فهي مردودة عليك قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) هذا يعلم طلب الرزق والأعمال والأقوال، ليس لنا نبي غيره فنتبعه ولا كتاب غير القرآن فنعمل به، فيضلك هواك والشيطان. قال الله تعالى : }وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ{.ص26. فالسلامة مع الكتاب والسنة، والهلاك مع غيرهما، وبهما يترقى العبد إلى حالة الولاية والبدلية والغوثية،والله أعلم.


رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:49 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
سبق لك تقييم هذا الموضوع: