آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 20814 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 14632 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 20797 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 22226 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 56290 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 51395 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 43288 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 25693 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 26067 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 31975 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-08-2005, 05:05 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

sultan

المديـــر العـــام

sultan غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









sultan غير متواجد حالياً


كلمة في جمع الكلمة

كلمة في جمع الكلمة


كلمة في جمع الكلمة(2)

2/12/1425
13/01/2005


وهنا لدينا مستويات:

الأول:
أن لا يبدأ الإنسان أخاه بشيء من الشر؛ فإن البادئ أظلم. فكونك تبدأه بذلك تكون استثرته.

المستوى الثاني:
هو أنه إذا بُدئ بشيء من ذلك؛ فعليه ألا يرد، وهذا مستوى راقٍ، (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيم) (فصلت:35)، وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ سبحانه وتعالى وَسَبَّ رَجُلٌ رَجُلاً عِنْدَهُ، قَالَ فَجَعَلَ الرَّجُلُ الْمَسْبُوبُ يَقُولُ: عَلَيْكَ السَّلاَمُ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (أَمَا إِنَّ مَلَكاً بَيْنَكُمَا يَذُبُّ عَنْكَ كُلَّمَا يَشْتُمُكَ هَذَا قَالَ لَهُ بَلْ أَنْتَ وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ وَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيْكَ السَّلاَمُ قَالَ لاَ بَلْ لَكَ أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ ) .

إن الرد والمخاصمة -في كثير من الأحيان- لا يزيد النار إلا اشتعالاً وخصومة، ومن الخطأ أن يظن البعض أن كثرة اللجاج والقيل والقال سبب في إزالة الإشكال ووضوح النية وصفاء النفوس، بل الأمر على العكس من ذلك تماماً.

تسعة أسباب لكظم الغيظ :

كلنا نواجه هذا اللون من الاستفزاز الذي هو اختبار لقدرة الإنسان على الانضباط، وعدم مجاراة الآخر في ميدانه، وهناك تسعة أسباب ينتج عنها أو عن واحد منها ضبط النفس:
أولاً: الرحمة بالمخطئ والشفقة عليه، واللين معه والرفق به.
قال سبحانه وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر)(آل عمران: من الآية159). وفي هذه الآية فائدة عظيمة وهي أن الناس يجتمعون على الرفق واللين، ولا يجتمعون على الشدة والعنف؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)(آل عمران: من الآية159).
وهؤلاء هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم، والسابقين الأولين فكيف بمن بعدهم؟! وكيف بمن ليس له مقام رسول الله سبحانه وتعالى من الناس، سواء كان من العلماء أو الدعاة أو ممن لهم رياسة أو وجاهة؟! فلا يمكن أن يجتمع الناس إلا على أساس الرحمة والرفق.
َقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه لِرَجُلٍ شَتَمَه: "يَا هَذَا لَا تُغْرِقَنَّ فِي سَبِّنَا وَدَعْ لِلصُّلْحِ مَوْضِعًا فَإِنَّا لَا نُكَافِئُ مَنْ عَصَى اللَّهَ فِينَا بِأَكْثَرَ مِنْ أَنْ نُطِيعَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ"، وَشَتَمَ رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ فَقَالَ له الشَّعْبِيُّ: "إنْ كُنْتُ كمَا قُلْتَ فَغَفَرَ اللَّهُ لِي وَإِنْ لَمْ أَكُنْ كَمَا قُلْتَ فَغَفَرَ اللَّهُ لَكَ"، وشتم رجل معاوية شتيمة في نفسه، فدعا له وأمر له بجائزة.
فالقدرة على تعويد النفس على الرضا والصبر واللين والمسامحة هي قضية أساسية، والإنسان يتحلّم حتى يصبح حليماً، وبإسناد لا بأس به عن أَبي الدَّرداءِ قالَ: قالَ رسولُ الله سبحانه وتعالى: ( إِنَّما العلمُ بالتعلُّم، وإِنما الحِلْمُ بالتحلُّمِ، مَنْ يَتَحَرَّ الخيرَ يُعْطَهُ، ومَنْ يَتَّقِ الشرَّ يُوقَه ُ)(1)، فعليك أن تنظر في نفسك وتتريث وتضع الأمور مواضعها قبل أن تؤاخذ الآخرين، وتتذكر أن تحية الإسلام هي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نقولها لأهلنا إذا دخلنا؛ بل قال الله سبحانه وتعالى: (فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ)(النور: من الآية61)، وأن نقولها للصبيان والصغار والكبار ومن نعرف ومن لا نعرف.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو – رضي الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَي الإِسْلاَمِ خَيْرٌ قَالَ: ( تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ )(2).
وعن عمار رضي الله عنه:" ثَلاَثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلاَمِ لِلْعَالَمِ، وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَارِ"(3)

لهذه التحية معان، ففيها معنى السلام: أن تسلم مني، من لساني ومن قلبي ومن يدي، فلا أعتدي عليك بقول ولا بفعل، وفيها الدعاء بالسلامة، وفيها الدعاء بالرحمة، وفيها الدعاء بالبركة… هذه المعاني الراقية التي نقولها بألسنتنا علينا أن نحولها إلى منهج في حياتنا، وعلاقتنا مع الآخرين.
ثانياً: من الأسباب التي تدفع أو تهدئ الغضب سعة الصدر وحسن الثقة؛ مما يحمل الإنسان على العفو، ولهذا قال بعض الحكماء: "أحسنُ المكارمِ عَفْوُ الْمُقْتَدِرِ وَجُودُ الْمُفْتَقِرِ"، فإذا قدر الإنسان على أن ينتقم من خصمه غفر له وسامحه، (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)(الشورى:43)، وقال صلى الله عليه وسلم لقريش : (مَا تَرَوْنَ أَنِّي صَانِعٌ بِكُمْ؟)" قَالُوا : خَيْرًا! أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ. قَالَ: (اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ)(4)، وقال يوسف لإخوته بعد ما أصبحوا في ملكه وتحت سلطانه: (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)(يوسف:92).

ثالثاً:

شرف النفس وعلو الهمة، بحيث يترفع الإنسان عن السباب، ويسمو بنفسه فوق هذا المقام.

لَنْ يَبْلُغَ الْمَجْدَ أَقْوَامٌ وَإِنْ عَظمُوا
حَتَّى يَذِلُّوا وَإِنْ عَزُّوا لأْقوامِ

وَيُشْتَمُوا فَتَرَى الْأَلْوَانَ مُسْفِرَةً
لا صفْحَ ذُلٍ وَلَكِنْ صَفْحَ أَحْلامِ

أي: لابد أن تعوِّد نفسك على أنك تسمع الشتيمة فيُسفر وجهك، وتقابلها بابتسامة عريضة، وأن تدرِّب نفسك تدريبًا عمليًّا على كيفية كظم الغيظ.

وَإِنَّ الذِي بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي أَبِي
وَبَيَن بَنِي عَمِّي لَمُخْتَلِفٌ جِدَا

فَإِنْ أَكَلُوا لحَمْي وَفَرْتُ لُحُومَهُم
وَإِنْ هَدَمُوا مَجْدِي بَنَيْتُ لَهُمْ مَجْدَا

وَلَا أَحْمِلُ الْحِقْدَ الْقَدِيم عَلَيهِم
ولَيْسَ رَئِيسُ الْقَوْمِ مَنْ يَحْمِلُ الْحِقْدَا

رابعاً: طلب الثواب عند الله.

إن جرعة غيظ تتجرعها في سبيل الله سبحانه وتعالى لها ما لها عند الله عز وجل من الأجر والرفعة، فعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( مَنْ كَظَمَ غَيْظًا - وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ - دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ مَا شَاءَ )(5)، والكلام سهل وطيب وميسور ولا يكلف شيئاً، وأعتقد أن أي واحد من الممكن أن يقول محاضرة خاصة في هذا الموضوع، لكن يتغير الحال بمجرد الوقوع في كربة تحتاج إلى الصبر وسعة الصدر واللين فتفاجأ بأن بين القول والعمل بعد المشرقين.




رد مع اقتباس
قديم 02-08-2005, 05:08 AM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

sultan

المديـــر العـــام

sultan غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









sultan غير متواجد حالياً


خامساً:

استحياء الإنسان أن يضع نفسه في مقابلة المخطئ، وقد قال بعض الحكماء: "احْتِمَالُ السَّفِيهِ خَيْرٌ مِنْ التَّحَلِّي بِصُورَتِهِ وَالْإِغْضَاءُ عَنْ الْجَاهِلِ خَيْرٌ مِنْ مُشَاكَلَتِه"، وقال بعض الأدباء: "مَا أَفْحَشَ حَلِيمٌ وَلَا أَوْحَشَ كَرِيمٌ"، وَقَالَ لَقِيطُ بْنُ زُرَارَةَ وهو أحد حكماء العرب وشعراءهم:

وَقُلْ لِبَنِي سَعْدٍ فَمَا لِي وَمَا لَكُمْ
تُرِقُّونَ مِنِّي مَا اسْتَطَعْتُمْ وَأَعْتِقُ

أَغَرَّكُمْ أَنِّي بِأَحْسَنِ شِيمَةٍ
بَصِيرٌ وَأَنِّي بِالْفَوَاحِشِ أَخْرَقُ

وَإِنْ تَكُ قَدْ فَاحَشْتَنِي فَقَهَرْتَنِي
هَنِيئًا مَرِيئًا أَنْتَ بِالْفُحْشِ أَحْذَقُ

وقال آخر:

سَأُلْزِمُ نَفْسِي الصَّفْحَ عَنْ كُلِّ مُذْنِبٍ
وَإِنْ كَثُرَتْ مِنْهُ إلَيَّ الْجَرَائِمُ

فَمَا النَّاسُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ
شَرِيفٌ وَمَشْرُوفٌ وَمِثْلٌ مُقَاوِمُ

فَأَمَّا الَّذِي فَوْقِي فَأَعْرِفُ قَدْرَهُ
وَأَتْبَعُ فِيهِ الْحَقَّ وَالْحَقُّ لَازِمُ

وَأَمَّا الَّذِي دُونِي فَأَحْلُمُ دَائِبًا
أَصُونُ بِهِ عِرْضِي وَإِنْ لَامَ لَائِمُ

وَأَمَّا الَّذِي مِثْلِي فَإِنْ زَلَّ أَوْ هَفَا
تَفَضَّلْت إنَّ الْفَضْلَ بِالْفَخْرِ حَاكِمُ

وفي حديث خروج النبي صلى الله عليه وسلم من الطائف، وقد ردوه شر رد تقول عائشة - رضي الله عنها - زَوْجَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لِلنَّبِي صلى الله عليه وسلم: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: ( لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ؛ فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَي ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمِ الأَخْشَبَيْنِ. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم : بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا )(6).

سادسًا: التدرب على الصبر والسماحة فهي من الإيمان.

إن هذه العضلة التي في صدرك قابلة للتدريب والتمرين، فمرّن عضلات القلب على كثرة التسامح، والتنازل عن الحقوق، وعدم الإمساك بحظ النفس، وجرّب أن تملأ قلبك بالمحبة، فلو استطعت أن تحب المسلمين جميعًا فلن تشعر أن قلبك ضاق بهم، بل سوف تشعر بأنه يتسع كلما وفد عليه ضيف جديد، وأنه يسع الناس كلهم لو استحقوا هذه المحبة، فمرّن عضلات قلبك على التسامح في كل ليلة قبل أن تخلد إلى النوم، وتسلم عينيك لنومة هادئة لذيذة، سامح كل الذين أخطؤوا في حقك، وكل الذين ظلموك، وكل الذين حاربوك، وكل الذين قصروا في حقك، وكل الذين نسوا جميلك، بل وأكثر من ذلك...انهمك في دعاء صادق لله -سبحانه وتعالى- بأن يغفر الله لهم، وأن يصلح شأنهم، وأن يوفقهم، ستجد أنك أنت الرابح الأكبر، وكما تغسل وجهك ويدك بالماء في اليوم بضع مرات أو أكثر من عشر مرات؛ لأنك تواجه بهما الناس، فعليك بغسل هذا القلب الذي هو محل نظر الله سبحانه وتعالى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ )(7)، فقلبك الذي ينظر إليه الرب سبحانه وتعالى من فوق سبع سموات احرص ألا يرى فيه إلا المعاني الشريفة والنوايا الطيبة، اغسل هذا القلب، وتعاهده يوميًّا؛ لئلا تتراكم فيه الأحقاد والكراهية والبغضاء، والذكريات المريرة التي تكون أغلالاً وقيودًا تمنعك من الانطلاق والمسير والعمل، ومن أن تتمتع بحياتك.



سابعاً:

قطع السباب وإنهاؤه مع من يصدر منهم، وهذا لا شك أنه من الحزم. حُكِيَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِضِرَارِ بْنِ الْقَعْقَاعِ: وَاَللَّهِ لَوْ قُلْت وَاحِدَةً لَسَمِعْت عَشْرًا. فَقَالَ لَهُ ضِرَارٌ: وَاَللَّهِ لَوْ قُلْت عَشْرًا لَمْ تَسْمَعْ وَاحِدَةً.

وَفِي الْحِلْمِ رَدْعٌ لِلسَّفِيهِ عَنْ الْأَذَى
وَفِي الْخَرْقِ إغْرَاءٌ فَلَا تَكُ أَخْرَقا

فَتَنْدَمَ إذْ لا َنْفَعَنكَ نَدَامَةٌ
كَمَا نَدِمَ الْمَغْبُونُ لَمَّا تَفَرَّقَا





رد مع اقتباس
قديم 02-08-2005, 05:10 AM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

sultan

المديـــر العـــام

sultan غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









sultan غير متواجد حالياً


وقال آخر:

قُلْ مَا بَدَا لَك مِنْ زُورٍ وَمِنْ كَذِبِ
حِلْمِي أَصَمُّ وَأُذْنِي غَيْرُ صَمَّاءِ

وبالخبرة وبالمشاهدة فإن الجهد الذي تبذله في الرد على من يسبك لن يعطي نتيجة مثل النتيجة التي يعطيها الصمت، فبالصمت حفظت لسانك ووقتك وقلبك؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى لمريم عليها السلام: (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً)(مريم:26)، والكلام والأخذ والعطاء، والرد والمجادلة؛ تنعكس أحياناً على قلبك، وتضر أكثر مما تنفع.
ثامناً: رعاية المصلحة، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم أثنى على الحسن رضي الله عنه بقوله: ( ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (8) فدل ذلك على أن رعاية المصلحة التي تحمل الإنسان على الحرص على الاجتماع وتجنب المخالفة هي السيادة.
تاسعاً: حفظ المعروف السابق والجميل السالف؛ ولهذا كان الشافعي - رحمه الله- يقول: إِنَّ الْحُرَّ مَنْ رَاعَى وِدَادَ لَحْظَةٍ وَانْتَمَى لِمَنْ أَفَادَه لَفْظَةً. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ )(9) وأمثلة ذلك كثيرة.


المسألة الرابعة:

اختلاف الاجتهاد بين العلماء والدعاة ونحوهم، وهذا الاختلاف أمر طبعي لا حيلة فيه، بل من المصلحة بقاؤه، والله سبحانه وتعالى يقول: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)(التين:4)، فهذا جزء من خلقة الإنسان، فالناس مختلفون في البصمة (عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَه)(القيامة:4)، مختلفون في حدقة العين، مختلفون في العقل والنظر في الأمور ومجرياتها وفي التفكير، مختلفون في نبرة الصوت، فكل إنسان له نبرة، وبصمة، وحدقة مختلفة عن غيره، فالسبب الأول من أسباب الاختلاف هو الاختلاف في التكوين الفطري والنفسي والجبلي في المزاج الذي ركب منه هذا الإنسان، فأبو بكر يختلف عن عمر، عن عثمان، عن علي، كل واحد له تكوين خاص يختلف عن الآخر.

السبب الثاني هو الاختلاف في التحصيل، أي: قدر ما حصله هذا الإنسان من المعرفة، والعلم، والفهم، والإدراك.
السبب الثالث هو الاختلاف في الظرف الذي يعيشه هذا الإنسان، فقد يعيش شخص ظرفاً معيناً يختلف عن الآخر، بحسب تغير الأحوال، والظروف، والمجتمعات، والسلم والحرب، والقوة والضعف، والصحة والمرض، وغير ذلك.
السبب الرابع الهوى الخفي، وقل من يسلم منه، حتى ذكر الإمام ابن تيمية - رحمه الله- أنه قد وقع فيه كثير من الأكابر من أهل الفضل والعلم، ومن السابقين من الأئمة والعلماء. فالإنسان يوجد عنده -أحياناً- نوع من الهوى الخفي الذي قد لا يشعر به هو نفسه، ولا يُلام عليه؛ لأن الله سبحانه وتعالى فضله واسع وعظيم وإن كان على الإنسان أن يراقب نفسه بشكل جيد، لكن يقع للإنسان نوع من الهوى الخفي الذي لا يدركه، وقد يحمله على بعض المواقف وردود الأفعال تجاهها سلباً وإيجاباً.
ومن الحكمة الربانية اختلاف التنوع الهائل الضخم الذي بموجبه تعمر هذه الدنيا، فلقد اختلف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهم أنبياء الله ورسله، اختلف موسى وهارون، (وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْه)(الأعراف: من الآية150)، واختلف موسى والخضر، (قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) (الكهف:66)، (أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا)(الكهف: من الآية71)، (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ)(الكهف: من الآية74)، (لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً)(الكهف: من الآية77)، واختلف موسى وآدم، فعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ لَهُ مُوسَى يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَ أَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ. قَالَ لَهُ آدَمُ يَا مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلاَمِهِ، وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ، أَتَلُومُني عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَ اللَّهُ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً. فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى )(10)، والنبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به، ومر على موسى يقول صلى اله عليه وسلم: (فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلاَةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ قُلْتُ فَرَضَ خَمْسِينَ صَلاَةً. قَالَ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ. فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى قُلْتُ وَضَعَ شَطْرَهَا. فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ، فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُهُ. فَقَالَ هِي خَمْسٌ وَهْي خَمْسُونَ، لاَ يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَي. فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ. فَقُلْتُ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي )(11)، فالاختلاف موجود حتى بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وكذلك اختلف الصحابة رضي الله عنهم في أسرى بدر فانظر كلام عمر رضي الله عنه وهو الرجل الذي في جبلته، وطبيعته، وتكوينه الفطري أو النفسي الخلقي نوع من القوة، والشجاعة، والجرأة حتى كان الشيطان يخاف منه، وقارن بينه وبين أبي بكر وما بينهما من اختلاف في الطبائع والآراء، فعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مَا تَقُولُونَ فِي هَؤُلاَءِ الأَسْرَى ). قَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَوْمُكَ وَأَهْلُكَ اسْتَبْقِهِمْ وَاسْتَأْنِ بِهِمْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ. قَالَ وَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. أَخْرَجُوكَ وَكَذَّبُوكَ قَرِّبْهُمْ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ. قَالَ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. انْظُرْ وَادِياً كَثِيرَ الْحَطَبِ فَأَدْخِلْهُمْ فِيهِ ثُمَّ أَضْرِمْ عَلَيْهِمْ نَاراً. قَالَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: قَطَعْتَ رَحِمَكَ. قَالَ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئاً. قَالَ فَقَالَ نَاسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ. وَقَالَ نَاس:ٌ يَأْخُذُ بِقَوْلِ عُمَرَ. وَقَالَ نَاسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ. قَالَ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ لَيُلِينُ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ حَتَّى تَكُونَ أَلْيَنَ مِنَ اللَّبَنِ وَإِنَّ اللَّهَ لَيَشُدُّ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ حَتَّى تَكُونَ أَشَدَّ مِنَ الْحِجَارَةِ وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: ( مَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وَمَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ عِيسَى قَالَ: ( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا عُمَرُ كَمَثَلِ نُوحٍ قَالَ: (رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً) وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا عُمَرُ كَمَثَلِ مُوسَى قَالَ: ( رَبِّ اشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِم فَلاَ يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ) أَنْتُمْ عَالَةٌ فَلاَ يَنْفَلِتَنَّ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ بِفِدَاءٍ أَوْ ضَرْبَةِ عُنُقٍ ).
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ سُهَيْلُ ابْنُ بَيْضَاءَ فَإِنِّي قَدْ سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ الإِسْلاَمَ. قَالَ: فَسَكَتَ. قَالَ: فَمَا رَأَيْتُنِي فِي يَوْمٍ أَخْوَفَ أَنْ تَقَعَ عَلَي حِجَارَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حَتَّى قَالَ: ( إِلاَّ سُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ ). قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ) مَا كَانَ لِنَبِي أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْلاَ كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)(12)، والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم أعاد القضية إلى نوع من التركيب الموجود حتى عند الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وتجد أيضاً الخلاف عند الأئمة كأئمة الفقه والتفسير والحديث في الأحكام، وفي الحكم على الأحاديث، وفي تخريجها، وما أشبه ذلك من ألوان العلوم؛ فهذه كلها موجودة وقائمة.
إذا اختلفت مع أخيك في مسألة علمية، أو شرعية فاطرح على نفسك ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: هل أعتقد أو أقول عن نفسي: أنا أعلم من فلان بالدين والشرع ولذلك اختلفت معه، أو أعتقد أنه قد يكون له من العلم مثل ما عندي وأفضل؟
السؤال الثاني: هل أعتقد أنني أعقل منه، وأنني قد أوتيت من الغريزة العقلية الفطرية المركبة في أصل تكويني من قوة الإدراك، وحدة الفهم ما لم يؤت، فأنا أعقل منه وأذكى منه، ولذلك أدركت ما لم يدركه؟
السؤال الثالث: هل أعتقد أن عندي من الصدق مع الله سبحانه وتعالى والإخلاص وسلامة النية والغيرة شيء ليس عنده، ولذلك اختلفت معه؟ هذه المعاني من المفترض ألا يزكي الإنسان فيها نفسه، وإنما يقول: لعل أخي أعلم مني، ولعله أعقل مني، ولعله أصدق وأخلص وأغير مني، فهذا لا يعني: أن أتابعه ولكن يعني: أن أعذره.

مسائل في الاختلاف، في الانتسابات الدعوية، والاجتهادات العلمية، بين الدعاة وبين العلماء وغيرهم.
الأولى: نسبة الإنسان رأيه واجتهاده إلى الدين، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ: (... وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلاَ تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لاَ )(13)، ومع ذلك فالبعض إذا اختلفت معه، ربما نسب قوله إلى شريعة الله، وحكم على من يخالفونه بأنهم يردّون على الله ورسوله ويخالفون الملة الحنيفية، فيقول مثلاً: من قال كذا وكذا؛ كأنه يقول لا سمع ولا طاعة لك يا رسول الله. مع أنه لا يوجد أحد من المسلمين يقول هذا، وإنما هم ينازعونك في القول الذي تقوله، هل يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم أم لا يقوله؟ فينبغي أن يتعود الإنسان على احتمال وجهات نظر الآخرين فيما يحتمل مثل هذا.
الثانية: التعاون على البر والتقوى بين المختلفين، والتنسيق بين الدعاة من غير أنفة، ولا ترفع ولا استعلاء؛ فإن الميادين اليوم مكشوفة، والحاجة إلى الدعوة وإلى جهود الدعاة ضخمة جداً، فينبغي أن يكون ثمة تعاون، وأن يضع كل منا يده في يد أخيه.
قد يمتنع البعض من التعاون بدافع تنظيمي كما يقال، أي: يرى أنه ليس من المصلحة ذلك، ولهذا لا يقوم به، والبعض قد يمتنع بدافع تنظيري، أي: يرى أنه لا يجوز أو لا يُشرع له أن يتعاون مع إخوانه في الله سبحانه وتعالى.



رد مع اقتباس
قديم 02-08-2005, 05:12 AM   رقم المشاركة : 4
الكاتب

sultan

المديـــر العـــام

sultan غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









sultan غير متواجد حالياً


إنه لمن الحكمة والحزم الاستفادة ممن هم دونك مهما كانوا بالانتفاع بتجاربهم أو التعاون معهم، والله سبحانه وتعالى أمر بذلك في محكم تنزيله، فهذا الأمر من الواجبات (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)(المائدة:2)، فالأَوْلى أن نعزّز روابط التعاون والأخوة والتنسيق بين المؤمنين ونتجنب عوامل الفرقة والاختلاف.
الثالثة: العناية والتركيز على جوانب الاتفاق أكثر من جوانب الاختلاف؛ لأن هذه الجوانب التي نختلف حولها قليلة، ولكنها تكبر بالتركيز عليها وتكريسها، مثال بسيط، عندما تصلي في الجماعة، ويصلي إلى جوارك أخوك المسلم، تجد أنك تراقبه كيف يهوي في سجوده؟ أين يضع يديه؟ كيف يحرك إصبعه السبابة في التشهد؟ فهذه من الأمور التي تعودنا أن نراقبها ونحكم عليها، حتى بعد الصلاة ربما أمسكه وأقول أنت تفعل كذا لماذا؟ بينما نسيت أنك تتفق معه في أصول الدين، وفي أركان الإيمان، والإسلام، وفي عصمه الكبار، تتفق معه في صلاة الجماعة، في أركان الصلاة، في شروط الصلاة، في واجبات الصلاة، بل في معظم سنن الصلاة.
90% تتفق مع أخيك عليها والخلاف هو في 10% من السنن فقط، ومع ذلك كبرها الشيطان وأدارها في الرأس وربما جعلها أصولاً بعد أن كانت فروعاً فلم يُبق غيرها، وقد ذكر أبو بكر بن العربي أن شيخه الطرطوشي ذهب إلى بلاد الأندلس، وصلى عند حاكم هناك، فكان يرفع يديه عند التكبير، وعند الركوع، وعند الرفع منه. قال: فأمر هذا الحاكم بأن يُقتل الشيخ. قال أبو بكر بن العربي: فأصابني ما قَرُب وما بَعُد. وأتيت إليه وقلت: غفر الله للأمير، أصلح الله الأمير، هذا شيخ الأمة، هذا فقيه الوقت، كيف يقتل بمثل هذا؟ قال: لماذا يرفع يديه؟ قال: فمازلت به حتى بيّنت له أن هذه هي السنة، وأن هذا وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم وقولٌ لكثير من أهل العلم. قال: فسكن، وإلا كاد أن يقتله.
وهدد أحدهم أخاه -وقد رآه يحرك إصبعه بطريقة معينة- هدده بأنه سوف يقطع إصبعه.
ونحن نتكلم الآن عن تجنب الخلاف، وعدم التركيز على عوامل الفرقة أذكر لكم هذه الحادثة التي وقعت لي شخصياً، قبل أسبوع صليت بجوار أحد الشباب، فلما كنا في التشهد جاءني وتسلل إليّ الشيطان وقال: انظر هذا الشاب كيف يحرك إصبعه، فنظرت فوجدته يحرك إصبعه محنية، ويحركها باستمرار، فبدأ الشيطان يهمس لي وقال: ألا تلاحظ أنه يعتمد على حديث ضعيف، وهو أنه حناها شيئاً، وهذا الحديث لا يثبت عند أهل العلم، والشيطان أحياناً يصدق وهو كذوب وقد ينقل الإنسان من المفضول إلى الفاضل، بدلاً من أن تُقبل على صلاتك، وتخشع فيها وتتدبر قراءتك يحاول أن يشغلك بذكريات من الأمور العلمية التي هي موجودة ومستقرة، وهولم يضف جديداً، لكنه بعثها وكبرها وأشغلك بها، ثم قال أيضاً: إن كثرة حركته للإصبع لا تتناسب مع خشوع الصلاة وسكونها وهدوئها، فصرت في حديث وحوار في هذا الموضوع، واستيقظت على سلام الإمام.
إننا بحاجة كبيرة جداً إلى أن نتدرب مرة، وعشرة، ومائة، وألف على قضية التركيز على عوامل الاجتماع، وجوانب الوحدة بيننا، وهي كثيرة وعظيمة جداً، وعزل جوانب الاختلاف، وألا نلغيها، ولكن لا نضخمها أو نبالغ فيها.
الرابعة: قضية التخصص والتناوب في الأعمال، بحيث يكون اختلافنا من اختلاف التنوع كما يقال
أو كما يطلق بعضهم: كلانا على خير، هذا مشغول بدعوة، وهذا مشغول بإغاثة، وهذا بتعليم، وهذا بعلم، وهذا بإصلاح، وفي كل خير ولا أحد يستطيع أن يستوعب الخير كله.
هذا خالد بن الوليد رضي الله عنه كان قائداً للجيوش، ولما انتهت مهمته في الحرب كان يصلي بالناس فيقرأ بقصار المفصل، ويقول: شغلني الجهاد عن القرآن. بينما أبو هريرة رضي الله عنه لم يَقُدْ جيشاً ولا معركة، وإنما كان معروفاً بنقل العلم وروايته وحفظه، فينبغي أن ندرك أن شمولية الإسلام ليس معناها أو مقتضاها شمولية المسلم.
الإسلام دين شامل للحياة كلها، لكن المسلم ليس تعبيراً كاملاً عن الإسلام ولا لشموليته؛ ولهذا قد يتخصص في شيء دون آخر، أو ينشغل بشيء دون سواه، أو يعتني بأمر دون غيره.
الخامسة: الخطوط المتوازية، فلا يلزم أن نتقاطع دائماً إذا اختلفنا، أو يدمّر بعضنا جهود بعض، حتى لو لم يكن لديك قناعة بما يفعله الآخرون، دع الأمر للوقت، ربما يتبين مع الأيام أن ما كان يفعله صواب أو خطأ، أو أن فيه بعض الصواب وبعض الخطأ.

أحياناً فرط إحساسنا بالمسؤولية- كأننا مسئولون عن الأمة، وعن الناس، وعن الدعوة، وعن العلم- يحملنا على توزيع البطاقات الْحُمر ذات اليمين وذات الشمال، مع كل من نختلف معهم في الرأي أو في الاجتهاد أو في القول أو في الانتساب أو حتى في المزاج أحياناً، وربما نقوم بمراقبة الآخرين ونفتح ملفات لأخطائهم، فعندنا قائمة طويلة؛ بماذا أخطأ فلان وبماذا أخطأ علان، وهذا في الواقع إلى الله سبحانه وتعالى وليس إلى البشر؛ ولهذا كان من أقوال عيسى عليه السلام، فعن مَالِك -رحمه الله - أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَانَ يَقُولُ:" لاَ تُكْثِرُوا الْكَلاَمَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ فَإِنَّ الْقَلْبَ الْقَاسِي بَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ، وَلَكِنْ لاَ تَعْلَمُونَ وَلاَ تَنْظُرُوا فِي ذُنُوبِ النَّاسِ كَأَنَّكُمْ أَرْبَابٌ وَانْظُرُوا فِي ذُنُوبِكُمْ كَأَنَّكُمْ عَبِيدٌ فَإِنَّمَا النَّاسُ مُبْتَلًى وَمُعَافًى فَارْحَمُوا أَهْلَ الْبَلاَءِ وَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى الْعَافِيَةِ "(14)، وَعَنْ سُفْيَانَ قال: كُنْت جَالِسًا عِنْدَ إيَاسٍ؛ فَنِلْتُ مِنْ إنْسَانٍ. فَقَالَ: هَلْ غَزَوْت الرُّومَ وَالتُّرْكَ؟ فَقُلْت: لَا.

فَقَالَ: سَلِمَ مِنْك التُّرْكُ وَالرُّومُ وَمَا سَلِمَ مِنْك أَخُوك الْمُسْلِمُ!!
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ: لِيَكُنْ حَظُّ الْمُؤْمِنِ مِنْك ثَلَاثَ خِصَالٍ: إنْ لَمْ تَنْفَعْهُ فَلَا تَضُرَّهُ ،وَإِنْ لَمْ تَسُرَّهُ فَلَا تَغُمَّهُ، وَإِنْ لَمْ تَمْدَحْهُ فَلَا تَذُمَّهُ. ولذلك تجد أن كثيراً منا ربما لا يستخدم الأسلوب نفسه مع أعداء الإسلام، ولو قيل له في ذلك لم يُعرْ اهتماماً لهذا، وقد لا يعتني بمتابعة الأحوال، والأوضاع، والأخبار، والمتغيرات التي لها أثر عميق وعظيم في واقع الأمة، وفي سلوكها، وفي حاضرها ومستقبلها، ورجالها ونسائها، وربما يرى أن الاشتغال بمثل هذه الأشياء نوعاً من الفضول، ويعتني ببعض الخلافات التي تقع مع إخوانه المسلمين.

وفي هذا المجال قضية التعاون وأن الاختلاف لا يفسد للود قضية كَتَبَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله مَا لَفْظُهُ:

قَالُوا يَزُورُك أَحْمَدُ وَتَزُورُهُ
قُلْت الْفَضَائِلُ لَا تُفَارِقُ مَنْزِلَهْ

إنْ زَارَنِي فَبِفَضْلِهِ أَوْ زُرْتُهُ
فَلِفَضْلِهِ فَالْفَضْلُ فِي الْحَالَيْنِ لَهْ

فَأَجَابَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله:

إنْ زُرْتنَا فَبِفَضْلٍ مِنْك تَمْنَحُنَا
أَوْ نَحْنُ زُرْنَا فَلِلْفَضْلِ الَّذِي فِيكَا

فَلَا عَدِمْنَا كِلَا الْحَالَيْنِ مِنْك وَلَا
نَالَ الَّذِي يَتَمَنَّى فِيك شَانِيكَا




رد مع اقتباس
قديم 02-08-2005, 05:13 AM   رقم المشاركة : 5
الكاتب

sultan

المديـــر العـــام

sultan غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









sultan غير متواجد حالياً


وأحمد - رحمه الله- كان يقول: الشافعي كالشمس للدنيا والعافية للبدن؛ فهل ترى لهذين من عوض أو عنهما من خلف!!
وكان يقول أيضاً: كنا على خلاف مع أهل الرأي من أصحاب أبي حنيفة من أهل الكوفة، حتى جاء الشافعي فأصلح بيننا. وكثيراً ما كان يقول: إني قلما أصلي إلا ودعوت الله سبحانه وتعالى له.
ومالك هو أحد شيوخ الإمام الشافعي، وهكذا تجد أن هؤلاء الأئمة كانوا كلهم كأنهم عائلة واحدة وأسرة واحدة.
السادسة: الثوابت والمتغيرات، من المهم أن نفرق بين الثوابت والمسلمات القطعية المعروفة الضرورية في الدين، وبين الاجتهادات والمتغيرات القابلة للأخذ والرد.
بالنسبة للثوابت والمسلمات: هي محكمات في دين الله عز وجل لا مجال للاختلاف حولها من نصوص الكتاب والسنة، وإجماعات السلف الصالح رضي الله عنهم الصادقة القطعية، وهذه هي معقد الولاء والبراء بين المؤمنين، وهي أصل الدين، ولهذا يسميها ابن تيمية - رحمه الله-:" الدين الجامع" لأنه لا خلاف حولها، وهناك الأمور التي يقع فيها اختلاف.
والبعض قد يصير له خلل، فربما يشكك في المحكمات، كما تجد في بعض المدارس الفكرية المعاصرة في كثير من المؤلفات، والمصنفات، والكتب - أصبحت تشكك في بعض محكمات الدين، وقطعياته، وضرورياته، وتحاول إعادة قراءة القرآن الكريم، أو إعادة فهم القرآن الكريم، وهذا لا شك أنه انحراف خطير يُفضي بأصحابه إلى خارج الدائرة الإسلامية، لكن ثمت خلل آخر يقع وهو أن يقوم البعض بما أسميه التخريج على الثوابت، وأعني به أن يلحق الإنسان بثوابت الدين وقطعياته ما ليس منها؛ ليعزز اختصاصه بشيء، أو تميزه بشيء، أو ليخرج غيره ممن يختلفون معه، وعلينا أن ندرك أن كلمة ( المنهج ) لا تعني إلا الكتاب والسنة والدين الصحيح، فعندما نحكي أو يحكي الإنسان المنهج، وما كان عليه السلف الصالح رضي الله عنهم يجب ألا يعتمد فيها على الرأي المجرد، أو الاجتهاد الخاص، وإنما على النقل المحقق، حتى القول لواحد من أئمة السلف كأن يكون قولاً لأحمد أو الشافعي أو مالك أو الأوزاعي أو سفيان أو الزُهري فإنه لا يتحول إلى منهج بمجرد كونه قولاً قاله، وإنما المنهج هو ما أجمعوا واتفقوا عليه وانطلقوا منه، فالخلاف لا يكون في الثوابت والمسلمات؛ وإنما يكون فيما وراء ذلك، في الفقهيات والفروع، وهي كثيرة جداً كالخلاف في بعض المسائل في الصلاة أو الزكاة أو الصوم أو الحج وكان الصحابة رضي الله عنهم يختلفون فيها، أيضاً يكون الاختلاف في الوسائل، وليس في الغايات، فالغاية واحدة، لكن الاختلاف في وسيلة معينة، هل نستخدم هذه الوسيلة أم تلك؟

قد يتحدث بعض الدعاة عن الاختلاف في استخدام التقنيات الحديثة، في الدعوة إلى الله عز وجل أو استخدام طريقة معينة، في دعوة الشباب، في الأساليب لا في الأهداف، فالأهداف واحدة، لكن أسلوب الدعوة قد يكون بشدة أو بلين، أو بطريقة أو بأخرى، أو بصورة فردية أو جماعية، هذا أيضاً أسلوب لا يؤثر الاختلاف فيه، مثل ذلك الاختلاف في نوازل الأمة التي تلاقيها؛ فإن الخلاف في هذه النوازل والأمور الواقعة الحادثة الجديدة التي لها سابق يحتاج إلى نظر وتأمل واستنباط (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُم)(النساء: من الآية83).
السابعة: أهمية إعطاء الأزمات والمحن حقها؛ فإننا اليوم نعيش في أزمة ومحنة لا يعلمها إلا الله عز وجل ولو قلتَ إنه منذ بعث محمد صلى الله عليه وسلم إلى اليوم لم يطرق ناموس هذا العالم مثل هذه المصائب الضخمة الهائلة التي تحيط بالمسلمين من كل مكان لم تكن بعيداً عن الصواب.
إن مثل هذه المعاناة التي نجدها اليوم توجب علينا، وإن لم يكن المقام مقام الحديث عن هذه الأزمة أن نوحد صفوفنا، وأن نتقارب فيما بيننا، وأن نهدئ من عوامل الفرقة والانشقاق في وجودنا وفي أشخاصنا وفي حياتنا. إن الله سبحانه وتعالى يقول: (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُم) (الأنفال: من الآية46).
إن من السخرية أن تهيمن على الحياة الإسلامية نظم غربية، وأن تبدأ القوى الإمبراطورية باحتواء المسلمين سياسياً، واقتصادياً، وعسكرياً، بينما نجد أن كثيراً من المسلمين يلتقطون كِسرة خبز، ويتصارعون حولها في زاوية صغيرة، وكأنهم لا يحسون بصخب الحياة وضجيجها من حولهم، لا أزيد على ما تعرفونه من معاناة المسلمين في أرض فلسطين من الصلف اليهودي الجائر، والعدوان الغادر، وقتل الرجال والنساء والصبيان والأطفال، وهدم المنازل، وتجريف المزارع، واستهداف الرجال بكافة وسائل القتل والاغتيال، وسفك الدماء.
أيها الأخ الكريم لا تقتصر على أن يكون همك نفسك، و اجعل همك واسعاً همَّ الأمة كلها، أشركهم في دعائك:

وَإِنّي لَأدْعُو اللهَ حَتَّى كَأَنَّمَا
أَرَى بِجَمِيلِ الظَّنِ مَا اللهُ صَانِعُ

أشركهم في دموعك، أعطهم دموعاً تذرف من قلبك، حينما ترى هذه المصائب التي تنزل بهم، أشركهم في إمكانياتك وقدراتك. إن كان عندك شيء من مال « تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ مِنْ دِرْهَمِهِ مِنْ ثَوْبِهِ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ، حَتَّى قَالَ صلى الله عليه وسلم: وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ »(15).
اصنع الحياة، لا تقتصر على مجرد معالجة الأزمة أو الوقوف معها، ابن نفسك بناءً أخلاقياً، علمياً، تربوياً، دعوياً، اكتسب المهارات، والمواهب، والقدرات، ربّ إخوانك وأولادك ومن حولك، دعونا نصنع الحياة الإسلامية المستقرة؛ فإن هذه الأشياء المطلوبة من الأمر بالمعروف، لا ينبغي أن تتوقف بسبب أزمة عابرة مرت بنا، والله سبحانه وتعالى أعلم بالغيب, ربما تكون الأيام المقبلة لا تختلف اختلافاً كبيراً عن الأوضاع التي يعيشها الناس اليوم.
نعم. قد تتفاوت؛ فأشياء سوف تسوء، وأشياء سوف تتحسن، سوف تأتي أمور صعبة، وأمور ربما تتحول إلى فرص، لن يكون هناك كبير شيء في المستقبل إلا ما يصنعه الناس بجهودهم وصبرهم ومعاناتهم، وعليك ألا تفقد صبرك، واتزانك، وتفكيرك، عليك أن تخطط؛ فإن عدوك إنما غلبك بالتخطيط وبُعد النظر، وألا تقبل بالاستفزاز، بل وعليك ألا تسمح لهذه الأزمات أن تقلق راحتك، أو تزيل سكينتك، أو تنقلك من هدوئك، وأقترح عليك أن تسعد وأنت نائم وأنت مستيقظ وفي مأكلك ومشربك ومع زوجتك ومع صبيانك، احضنهم وداعبهم واضحك معهم وعلمهم وتعلم منهم، ولا تظن أن هذا يتنافى مع صدق الإحساس بالمصيبة التي تنزل بالأمة، بل ربما هو المناسب؛ ولهذا الله سبحانه وتعالى امتن على نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)(الشرح:1)، في ظروف ومحن صعبة كان يواجهها صلى الله عليه وسلم وكان الدين يواجه خطر الاستئصال أيضاً، ومع ذلك فإن انشراح الصدر، وهدوء النفس، وقرة العين، والسكون هو أهم شيء من شأنه أن يجعل الإنسان يتصرف، ويعمل بشكل صحيح.
اللهم أنزل على إخواننا من فضلك، ورحمتك يا حي يا قيوم ما تلم به شعثهم، وتهدي به قلوبهم، وتصلح به شؤونهم، وتهديهم به إلى ما تحب وترضى.
اللهم أصلح من ذاتهم وذرياتهم، وارزقهم العلم النافع والعمل الصالح، واجمع قلوبهم على البر والتقوى، واجعلهم من ورثة جنة النعيم.

|1|2|


(1) حسَّن الألباني إسناده في الصحيحة ج1 رقم 342.
(2)أخرجه البخاري في صحيحه ج 1/ص 13/ح 12و مسلم في صحيحه ج1/ص65/ح39، ج1/ص65/ح40 عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(3) انظر صحيح البخاري ج: 1 ص: 19
(4) انظر السيرة النبوية ج: 5 ص: 74 وسنن البيهقي الكبرى ج: 9 ص: 118 وتاريخ الطبري ج: 2 ص: 161
(5) الترمذي في سننه ج4/ص372/ح2021 و أبو داود في سننه ج4/ص248/ح4777 و ابن ماجه في سننه ج2/ص1401/ح4186. و أحمد في مسنده ج3/ص438/ح15657 وحسنه الألباني انظر حديث رقم: 6522 في صحيح الجامع .

(6) أخرجه البخاري في صحيحه ج 3/ص 1180/ح 3059 ,أخرجه مسلم في صحيحه ج3/ص1421/ح1795 عن عائشة رضي الله عنها.
(7) أخرجه مسلم في صحيحه ج 4/ص 1987/ح 2564
(8) أخرجه البخاري في صحيحه ج3/ص1328/ح3430، ج3/ص1369/ح3536، ج6/ص2602/ح6692.
(9) قال الحاكم:هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد اتفقا على الاحتجاج برواته في أحاديث كثيرة وليس له علّة.ووافقه الذهبي
(10) أخرجه البخاري في صحيحه ج 6/ص 2439/ح 6240 وأخرجه مسلم في صحيحه ج4/ص2043/ح2652، ج4/ص2044/ح2652.
(11) أخرجه البخاري في صحيحه ج2/ص590/ح1555، ج3/ص1174/ح3035، ج3/ص1218/ح3164، ج3/ص1264/ح3247 ومسلم في صحيحه ج1/ص149/ح163، ج1/ص151/ح164.
(12) أصله أخرجه مسلم في صحيحه ج3/ص1386/ح1763وهذا لفظ أحمد في مسنده ج1/ص31/ح208
(13) جزء من عجز حديث أخرجه مسلم في صحيحه ج3/ص1357/ح1731
(14) مالك في الموطأ ج2/ص987/ح1784، ج2/ص987/ح1784. و عبد الرزاق في مصنفه ج6/ص340/ح31879، ج7/ص65/ح34230
(15) جزء من حديث أخرجه مسلم في صحيحه ج2/ص706/ح1017، ج2/ص706/ح1017، ج4/ص2060/ح1017، ج4/ص2060/ح1017. عن المنذر بن جرير عن أبيه


رد مع اقتباس
قديم 02-08-2005, 05:15 AM   رقم المشاركة : 6
الكاتب

sultan

المديـــر العـــام

sultan غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









sultan غير متواجد حالياً


http://www.islamtoday.net/pen/show_articles_o0o0o0o0oo0o0o0o0oo0o0o0o0oo0o0o0o0oo0o0o0o0oo0o0o0o0oo0o0o0o0o.cfm?id=64&catid=197&artid=4970


رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:58 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir