آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 20939 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 14733 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 20886 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 22295 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 56361 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 51459 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 43362 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 25756 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 26138 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 32036 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-09-2010, 12:02 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


التكفير مفهومه و أخطاره و ضوابطه


بسم الله الرحمن الرحيم :

التكفير مفهومه و أخطاره و ضوابطه

إن الحمد لله نحمده و نشكره و نستهديه و نستغفره ِو نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و اشهد ألا إله إلا الله و أشهد أن محمدآ عبده و رسوله .
اللهم إني أبرأ من الثقة إلا بك و من الأمل إلا فيك و من التسليم إلا لك و من التفويض إلا إليك و من التوكل إلا عليك و من الرضا إلا عنك و من الطلب إلا منك و من الذل إلا في طاعتك و من الصبر إلا على بابك و من الرجاء إلا في يديك الكريمتين و من الرهبة إلا بجلالك العظيم .

اللهم تتابع برك و اتصل خيرك وكمل عطاؤك و عمت فواضلك و تمت نوافلك وبر قسمك و صدق وعدك و حق على أعدائك وعيدك ولم يبقى لي حاجة هي لك رضآ و لي صلاح إلا قضيتها و أعنتني على قضائها يا أرحم الراحمين .

وبعد :-
فهذا بحث التخرج للسنة الرابعة بقسم الشريعة و أصول الدين في الكلية الأوروبية للدراسات الإسلامية و الذي أتناول فيه موضوع " التكفير أخطاره و ضوابطه " و الحقيقة التي تظهر لنا من عنوان البحث الذي نحن بصدده أنه موضوع بحثين في بحث واحد بمعنى أننا نستطيع أن نفرد أخطار التكفير في بحث مستقل عن ضوابط التكفير إلا أن ضيق الوقت و الذي يعتبر من المعوقات الأساسية لمن يعيش في ديار الغرب ثم قلة المصادر و المراجع التي سيعتمد عليها الطالب في إعداد مثل هذا البحث تعيقان مثل هذه المحاولة و لكن حسبي من هذا البحث أن أسلط الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة – ظاهرة التكفير – التي إستشرت في مجتمعنا العربي و الإسلامي والمجتمع الأوروبي كذلك فأسقطت عصمة المسلمين و استباحت دماءهم و أموالهم

مقدمــة :-

إن تكفير أي إنسان أو اتهامه بالفسق و الضلال و الإنحراف أو النفاق فإن هذا يجرده عمليآ من حقوقه الإنسانية و يعرضه للإهانة و القتل و الطرد من المجتمع , و إذا اتخذت عملية التكفير طابعآ جماعيآ- جماعة التكفير- و شملت جماعة أو طائفة فإنها تعرض المجتمع الإسلامي إلى الفرقة و الإختلاف , و إذا انهارت الرابطة الدينية فلا مجال لإن نستعيض عنها بأي شيئ آخر .

وإدراكآ من الإسلام لخطورة عملية التكفير فقد دعى إلى إحترام هوية كل من يتشهد الشهادتين و يلتزم بأركان الدين وعدم التشكيك بإسلام من يعلن إسلامه حتى في ساحات القتال و تحت بريق السيوف , حيث قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) (1)
و عندما حدثت الفتنة الأولى بين المسلمين و نشبت بينهم الحروب رفض سيدنا علي رضي الله عنه أن يتهم خصومه بالكفر و النفاق و قال: كما نقل بن كثير في البداية و النهاية (إخواننا بغوا علينا).
و مع ذلك فإن الإمة الإسلامية قديمآ و حديثآ لم تسلم من داء التكفير, وقد تعرض الإمام علي رضي الله عنه نفسه إلى عملية التكفير من قبل الخوارج الذين رفضوا التحكيم بين علي و معاوية . و بالرغم من أن مأخذهم لم يكن يتعدى الإجتهاد السياسي إلا أنهم أضفوا عليه صفة الكفر و الإيمان , و ذهبوا إلى حد شق وحدة الإمة المسلمة و إعلان الحرب على المسلمين .
و منذ ذلك الحين استمرت ظاهرة التكفير في المجتمع الإسلامي , و كانت تنتشر و تستعر أحيانآ و تتقلص و تخبو أحيانآ أخرى , فبينما كانت الحروب الداخلية و الظروف الإقتصادية السيئة تؤججها , كانت أجواء السلام و الرخاء تطفئها و تقضي عليها .

و هذه الظاهرة - ظاهرة التكفير - في معظم الأحوال كانت تستند إلى تأويلات تعسفية و أقاويل و شواهد ضعيفة و فتاوى عاطفية و مواقف نفسية.

و إذا لم تكن عملية التكفير صارخة و صريحة أحيانآ , فإنها كانت تقترب من ذلك أحيانآ أخرى, حيث تنسب كل جهة إلى نفسها الصواب المطلق و الرشد التام و معرفة الإسلام الحق , في حين تتهم الطوائف الأخرى بالفسق و الضلال , و ذلك إستنادآ إلى تفسير خاطئ لحديث من أحاديث النبي صلى الله عليه و سلم و هو إفتراق الأمة الإسلامية إلى ثلاث و سبعين أو إثنين و سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة , مما كان ينعكس سلبآ على علاقة كل فريق بالأخر , و يؤدي إلى تصور كل فرقة أنها هي الناجية الوحيدة فتعامل الأخرين و كأنهم من أهل النار .

و قد عرفت الحركة الإسلامية الحديثة منذ أواسط القرن الماضي حركات تكفير عديدة بداية من جماعة التكفير و الهجرة التي ظهرت في سجون مصر نتيجة التعذيب الشنيع الذي كانوا يتعرضون إليه و هذا التعذيب كان مُبرِرآ و دافعآ لهم كي يكفروا المجتمع بأكمله و إنتهاءً بالمجموعات التكفيرية التي ظهرت أخيرآ و التي كانت تتهم المجتمع الإسلامي بالجاهلية والردة والكفر لإنه يخضع لإنظمة لا تطبق الشريعة الإسلامية .
من هذه المنطلقات آنفة الذكر كان لزامآ علينا علاج هذا الفكر المنحرف و المِعْوَج وذلك بالحوار و الإقناع و إقامة الحجة و الدليل.

سبب أختيار البحث :-

يعود سبب إختياري هذا البحث لعدة أمور :


أولها :-
أن هذه الفتنة العظيمة - فتنة التكفير - التي مزقت جسد الأمة الإسلامية هي أول البدع والفتن ظهورآ في الإسلام أي بمعنى أنها منبع لكثير من الإنحرافات العقائدية و السلوكية و الخلقية و النفسية التي عانت منها الأمة المسلمة على مدى أربعة عشر قرنآ

قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في الفتاوي : " أول البدع ظهورآ في الإسلام , أظهرها ذمآ في السنة و الأثار: بدعة الحرورية المارقة , فإن أولهم قال للنبي صلى الله عليه و سلم في وجهه : إعدل يا محمد ! فإنك لم تعدل , و الأحاديث عن النبي صلى الله عليه و سلم مستفيضة في وصفهم و ذمهم .

و قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى : ": صح الحديث في الخوارج من عشرة أوجه. و قد خرجها مسلم في صحيحه, و خرج البخاري طائفة منها. قال النبي صلى الله عليه و سلم "يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم, و صيامه مع صيامهم و قراءته مع قراءتهم, يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم, يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية –و في رواية- يقتلون أهل الإسلام و يدعون أهل الأوثان".

وثانيها:
أن ظاهر تمسكهم بالدين يوهم عموم الناس , و من لا فقه له بأنهم أحق الناس بالدين , و بالإسلام , و هم في الحقيقة على غير ذلك . ولذلك فهم يشتبهون على كثير من الناس . كما سئل على بن أبي طالب رضي الله عنه : أكفار هم ؟ قال من الكفر فروا. فقيل : فمنافقون هم ؟ قال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلآ , و هم يذكرون الله بكرة و أصيلآ . قيل : من هم ؟ قال : قوم أصابتهم فتنة فعموا و صموا . (2)

و قال ابن عمر رضي الله عنهما : هم شرار الخلق , و قال : إنهم إنطلقوا إلى أيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين. (3)

وثالثها :
أنهم فارقوا جماعة المسلمين و أئمتهم و ذلك بخروجهم عن السنة , و جعلهم ما ليس بسيئة سيئة أو ما ليس بحسنة حسنة , و هذا هو الذي أظهروه في وجه النبي صلى الله عليه و سلم حيث قال له ذو الخويصرة التميمي : إعدل فإنك لم تعدل , حتى قال له المصطفى عليه الصلاة و السلام ( و يلك ! و من يعدل إذا لم أعدل ؟ لقد حبت و خسرت إن لم أعدل ) . فقوله : فإنك لم تعدل جعل منه لفعل النبي صلى الله عليه و سلم سفهآ و ترك عدل , و قوله : أعدل أمر له لما أعتقده هو حسنة من القسمة التي لا تصلح , و هذا الوصف تشترك فيه البدع المخالفة للسنة , فقائلها لا بد أن يثبت ما نفته السنة , أو ينفي ما أثبتته السنة , و يحسن ما قبحته السنة , أو يقبح ما حسنت السنة .
و الخوارج جوزوا على النبي صلى الله عليه و سلم نفسه أن يجور و يضل في سنته , و لم يوجبوا طاعته و متابعته , و إنما صدقوه فيما بلغه من القرآن دون ما شرعه من السنة التي تخالف بزعمهم ظاهر القرآن.

ورابعها :
إستفحال و إنتشار هذه الظاهرة الشاذة و تسللها إلى مجتمعنا بفئاته و شرائحه المختلفة يحتم علينا أن تكون لنا وقفة مساهمة بكتابة مثل هذه البحوث التي تعالج مثل هذه القضايا الخطيرة و توضح لكل مسلم أنه يجب عليه ألا يتعجل في إطلاق تعابير التكفير و التفسيق على المعينين أو الجماعات حتى يتأكد من وجود جميع أسباب الحكم عليه بالكفر و انتفاء جميع موانع التكفير في حقه و هذا يجعل مسألة التكفير من مسائل الإجتهاد التي لا يحكم فيها بالكفر على شخص أو جماعة إلا العلماء الذين بلغوا مرتبة الإجتهاد لإن الحكم على المسلم بالكفر و هو لا يستحقه ذنب عظيم , لإنه حكم عليه بالخروج من ملة الإسلام , و أنه حلال الدم و المال , و حكم عليه بالخلود في النار إن مات على ذلك , و لذلك ورد الوعيد الشديد في شأن من يحكم على مسلم بالكفر , و هو ليس كذلك , و قد ثبت عند البخاري عن أبي ذر قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : " لا يرمي رجل رجلآ بالفسوق ولا يرمية بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم صاحبه كذلك " (4).


{ الباب الأول }:
( الفصل الأول ) :

التعريف اللغوي و الإصطلاحي للتكفير :-


الكفر في اللغة :
بمعنى الستر و التغطية , يقال لمن غطى ذرعه بالثوب : قد كفر درعه و يقال للمزارع : " كافرآ " لإنه يغطي البذر بالتراب , و منه سمي الكفر الذي هو ضد الإيمان " كفرآ " لإن فيه تغطية للحق بجحد أو غيره , و قيل : سمي الكافر " كافرآ " لإنه قد غطى قلبه بالكفر (5)

و الكفر في الإصطلاح :
يقول الشيخ بكر أبوزيد في كتابه درء الفتنة و الكفر في الإصطلاح هو إعتقادات و أقوال و أفعال جاء في الشرع ما يدل أن من وقع فيها ليس من المسلمين و قد حكى جمع من أهل العلم إجماع العلماء على أن الكفر يكون بمجرد القول أو الفعل .


( الفصل الثاني ) :

أصل ظاهرة التكفير و منشأها ( الخوارج ) :-

إن أصل هذه الظاهرة أساسآ هم الخوارج و الخوارج في اللغة :


يقول الشهرستاني في كتابه الملل و النحل : الخوارج جمع خارج، وخارجي اسم مشتق من الخروج، وقد أطلق علماء اللغة كلمة الخوارج في آخر تعريفاتهم اللغوية في مادة ((خرج)) على هذه الطائفة من الناس؛ معللين ذلك بخروجهم عن الدين أو على الإمام علي، أو لخروجهم على الناس.
في الاصطلاح: اختلف العلماء في التعريف الاصطلاحي للخوارج، وحاصل ذلك:
منهم من عرفهم تعريفاً سياسياً عاماً، اعتبر الخروج على الإمام المتفق على إمامته الشرعية خروجاً في أي زمن كان.

قال الشهرستاني في كتابه الملل و النحل : ((كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجياً، سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين أو كان بعدهم على التابعين لهم بإحسان والأئمة في كل زمان)) .
ومنهم من خصهم بالطائفة الذين خرجوا على الإمام علي رضي الله عنه. قال الأشعري كما نقل الشهرستاني في الملل: ((والسبب الذي سُمّوا له خوارج؛ خروجهم على علي بن أبي طالب)).

زاد ابن حزم في كتابه الفصل في الملل و النحل ( بأن اسم الخارجي يلحق كل من أشبه الخارجين على الإمام عليّ أو شاركهم في آرائهم في أي زمن ).

إذن أصل ظاهرة التكفير هم الخوارج و الخوارج هم الفئة التي خرجت على الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه بعد ان كانت تحارب معه، و يغلب على هذه الفرقة الإنفعال والتطرف في السلوك، والتزّمت في الدين والتحجّر في الفكر، تكونت بعد معركة صفين، بسبب رفضها لنتيجة التحكيم، واصبحت العبارة التي صاغها أحدهم ( لا حكم الا لله ) شعار هذه الطائفة، وكان تأسيسها في منتصف القرن الأول الهجري.

ـ لما طالت الحرب بين معاوية رضي الله عنه و علي رضي الله عنه في وقعة صفين وكاد النصر أن يتمَّ لجيش علي لولا رفع المصاحف من قبل اصحاب معاوية ودعوا اصحاب علي الى مافيها. مما ادى الى الاضطراب والفوضى في جيش علي، اضطر بعد ذلك علي رضي الله عنه على الرجوع من صفين الى الكوفة فلم تدخل معه الخوارج وأتوا حروراء فنزل منهم بها اثنا عشر الفا، وسموا حينذاك ( بالحرورية ) نسبة الى هذه القرية، ( وبالمحكمة ) أي الذين يقولون لاحكم الا لله ـ وهما اسمان كثيرا مايطلقان على الخوارج، وأمروا عليهم رجلا منهم اسمه عبد الله بن وهب الراسبي.

ـ عندما انطلت خدعة رفع المصاحف على جماعة من اصحاب علي رضي الله عنه ورفعهم شعار ( لا حكم الا لله ) قاتلهم الامام علي بن ابي طالب في النهروان مقاتلة شديدة، فما انفلت منهم الاّ أقل من عشرة، انهزم اثنان منهم الى عمان واثنان الى كرمان واثنان الى سجستان واثنان الى الجزيرة وواحد الى تل مورون في اليمن، وظهرت بدع الخوارج في هذه المواضع وبقيت الى اليوم.

وأول من بويع بالامامة من الخوارج عبد الله بن وهب الراسبي في منزل زيد بن حصين بايعه عبد الله بن الكواء، وعروة بن جرير، ويزيد بن عاصم المحاربي، وجماعة غيرهم.

ـ كان لرفع الشعار المستمد من القرآن الكريم ( لا حكم الا الله ) التأثير الخطير على استقطاب بسطاء الناس من خلال الايحاء بالتمسك بكتاب الله مع ان هذا الشعار. ـ كما عبر سيد نا علي بن ابي طالب ـ هو ( كلمة حق يراد بها باطل )، اضافة الى كثرة عبادة هؤلاء وتعمقهم في الدين حتى سُمّو المتعمقين، وقراءتهم القرآن اذ كانوا يسَمون بقراء القرآن.

ـ ذهبوا الى القول بتكفير علي وعثمان والحكمين واصحاب الجمل، وكل من رضي بتحكيم الحكمين.
ـ قالوا : ان مرتكب الكبيرة اذا مات ولم يتب فهو مخلد في النار واما صغائر الذنوب فإن الانسان اذا تاب منها فالله يغفرها له.
ويجوز عندهم ان يكون الانبياء ـ قبل البعثة ـ من اهل الفسق والكفر كما يجوز على الانبياء بعد بعثهم الكفر وارتكاب الصغائر والسهو والنسيان. ـ اباحة قتل اطفال المخالفين لافكارهم ونسائهم.
ـ أستحلوا دماء أهل العهد والذمة وأموالهم .

ـ قالوا : ان القرآن هو كلام الله المنزل على النبي بواسطة جبرائيل وانه مخلوق مثل بقية الاشياء.
ـ قالوا : ان كل خبر ورد عن النبي يخالف ظاهر الكتاب لايعمل به، وان كل خبر لايكون متواترا لايجوز ان يتخذ دليلا (6) .


أسباب ظهور الخوارج :

إن عرض أسباب ظهور فرقة الخوارج في صدرالإسلام يقربنا من معرفة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ظهور إمتداد هذه الفرقة متمثلة في جماعات التكفير الحديثة و من أهم أسباب ظهور فرقة الخوارج ما يلي :

1- النزاع حول الخلافة:

وربما يكون هذا هو أقوى الأسباب في خروجهم، فالخوارج لهم نظرة خاصة في الإمام معقدة وشديدة، والحكام القائمون في نظرهم لا يستحقون الخلافة، لعدم توفر شروط الخوارج القاسية فيهم، أضف إلى هذا عدم الاستقرار السياسي الذي شجعهم على الخروج، وإلى الحسد الذي كان كامناً في نفوسهم ضد قريش. إضافة إلى أنهم فسروا الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما بأنه نزاع حول الخلافة. ومن هنا استسهلوا الخروج على عليّ ومعاوية من بعده.

2- قضية التحكيم:


فقد أجبروا الإمام عليّ على قبول التحكيم، وحينما تم ذلك طلبوا منه أن يرجع عنه بل ويعلن إسلامه، فرد عليهم رداً عنيفاً.

وهناك من يقلل من شأن هذه القضية كعامل في ظهور الخوارج، ولا شك أن هذا خطأ، فقد كان التحكيم من الأسباب القوية في ظهورهم.

وقد رد بعض العلماء وشنع على من يقول من المؤرخين وكتاب الفرق، بأن كان في قضية التحكيم خداع ومكر، كالقاضي ابن العربي في كتابه العواصم من القواصم؛ حيث فصّل القول في هذا الأمر.

3- جور الحكام وظهور المنكرات:

هكذا كان الخوارج يرددون في خطبهم ومقالاتهم، أن الحكام ظلمة والمنكرات فاشية، والواقع أنهم حينما خرجوا فعلوا أضعاف ما كان موجودا من المظالم والمنكرات، حينما رأوا أن قتال المخالفين لهم قربة إلى الله تعالى، وأن الأئمة ابتداءً بالإمام علي –مع عدله وفضله- ثم بحكام الأمويين والعباسيين-كلهم ظلمة في نظرهم دون تحرٍّ أو تحقيق، مع أن إقامة العدل والنهي عن المنكرات يتم بغير تلك الطريقة التي ساروا عليها في استحلال دماء مخالفيهم حكاماً ومحكومين.

4- العصبية القبلية:

التي ماتت في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وزمن أبي بكر عمر رضوان الله عليهما. ثم قامت في عهد عثمان وما بعده قوية شرسة، وكانت قبل الإسلام بين ربيعة- وأكثر الخوارج منهم- وبين مضر قوية، وقد قال المأمون في إجابته لرجل من أهل الشام طلب منه الرفق بالخوارج: ((وأما ربيعة فساخطة على الله منذ بعث نبيه من مضر، ولم يخرج اثنان إلا خرج أحدهما شارياً)).

وهناك أسباب أخرى مثل العوامل الاقتصادية؛ كقصة ذي الخويصرة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وثورتهم الممقوتة على عثمان رضي الله عنه؛ حيث نهبوا بيت المال بعد قتله مباشرة، ونقمتهم على عليّ في معركة الجمل، ومنها كذلك الحماس الديني الذي مدحهم به بعض المستشرقون كجولد زيهر حينما ذكر أن تمسك الخوارج الشديد بالقرآن أدى بهم إلى الخروج على المجتمع، والمغالطة في قوله هذا واضحة، فإن التمسك بالقرآن لا يؤدي إلى الخروج على المجتمع و سفك دماء الأبرياء.


الحُكم على الخوارج :

اختلفت العلماء في الحكم على الخوارج إلى قولين:

(1) الحكم بتكفيرهم.

(2) الحكم عليهم بالفسق والابتداع والبغي.


وقد استند الذين كفروهم على ما ورد من أحاديث المروق المشهورة عند علماء الفرق؛ رادين الخوارج إلى سلفهم القديم ذي الخويصرة وموقفه الخاطئ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم موقف الخوارج أيضاً من الصحابة خصوصاً الإمام علياً وغيره ممن شارك في قضية التحكيم.

والأحاديث الواردة فيهم كثيرة غير أن بعض العلماء يرى أن هذه الأحاديث إنما تصدق –على فرض صحتها كما يذكر- على المرتدين في زمن أبي بكر رضي الله عنه.

وإذا كان بعض العلماء يتحرج عن تكفيرهم عموماً فإنه لا يتحرج عن تكفير بعض الفرق منهم، كالبدعية من الخوارج الذين قصروا الصلاة على ركعة في الصباح وركعة في المساء. والميمونية- حيث أجازوا نكاح بعض المحارم كبنات البنين وبنات البنات وبنات بني الأخوة، ثم زادوا فأنكروا أن تكون سورة يوسف من القرآن لاشتمالها –فيما يزعمون- على ذكر العشق والحب، والقرآن فيه الجد، وكذا اليزيدية منهم، حيث زعموا أن الله سيرسل رسولاً من العجم فينسخ بشريعته شريعة محمد صلى الله عليه وسلم.

أما الرأي الثاني و الأرجح: وهو القول بعدم تكفير الخوارج؛ فأهل هذا الرأي يقولون: إن الاجتراء على إخراج أحد من الإسلام أمر غير هين، نظراً لكثرة النصوص التي تحذر من ذلك إلا من ظهر الكفر من قوله أو فعله فلا مانع حينئذ من تكفيره بعد إقامة الحجة عليه.

ولهذا أحجم كثير من العلماء أيضاً عن إطلاق هذا الحكم عليهم وهؤلاء اكتفوا بتفسيقهم، وأن حكم الإسلام يجري عليهم لقيامهم بأمر الدين- وأن لهم أخطاء وحسنات كغيرهم من الناس، ثم إن كثيراً من السلف لم يعاملوهم معاملة الكفار كما جرى لهم مع علي رضي الله عنه وعمر بن عبد العزيز؛ فلم تسبى ذريتهم وتغنم أموالهم.

قال الإمام ابن تيمية‏:‏ ‏"‏ ولا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله، ولا بخطأ أخطأ به، كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة، فإن الله تعالى قال‏:‏ (‏آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ‏( (7) ‏، وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى أجاب هذا الدعاء وغفر للمؤمنين خطأهم‏.‏

والخوارج المارقون، الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -أحد الخلفاء الراشدين- واتفق على قتالهم أئمة الدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ولم يكفرهم علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وغيرهما من الصحابة، بل جعلوهم مسلمين مع قتالهم، ولم يقاتلهم علي رضي الله عنه حتى سفكوا الدم الحرام، وانحازوا على أموال المسلمين، فقاتلهم لدفع ظلمهم وبغيهم، لا على أنهم كفار، ولهذا لم يسب حريمهم، ولم يغنم أموالهم‏.‏

وإذا كان هؤلاء الذين ثبت ضلالهم بالنص والإجماع لم يكفروا، مع أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بقتالهم، فكيف بطوائف المختلفين الذين اشتبه عليهم الحق في مسائل غلط فيها من هو أعلم منهم‏؟‏ فلا يحل لأحد من هذه الطوائف أن تكفر الأخرى، ولا تستحل دمها ومالها، وإن كانت فيها بدعة محققة، فكيف إذا كانت المكفرة لها مبتدعة أيضا‏؟‏‏.‏

والأصل أن دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم محرمة من بعضهم على بعض، لا تحل إلا بإذن الله ورسوله‏.‏‏.‏ فقد أخرج البخاري رحمه الله عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خطبهم في حجة الوداع قال‏:‏ ‏‏إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا وفي شهركم هذا‏‏، وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏كل المسلم على المسلم حرام‏:‏ دمه وماله وعرضه‏‏‏.‏

وقال في نفس الحديث‏:‏ ‏‏لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض‏‏، وقال‏:‏ ‏‏إذا قال المسلم لأخيه يا كافر‏!‏ فقد باء بها أحدهما‏‏، ‏.‏

وإذا كان المسلم متأولا في القتال أو التكفير لم يُكفر بذلك، كما في الحديث الذي أخرجه البخاري عن علي رضي الله عنه أن عمر ابن الخطاب قال‏:‏ يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏إنه شهد بدرا، وما يدريك أن الله قد اطلع على أهل بدر، فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم‏‏‏؟‏ (8) ‏.‏

وكذلك ثبت في الصحيحين عن أسامة بن زيد أنه قتل رجلا بعد ما قال‏:‏ لا إله إلا الله، وعظم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لما أخبره، وقال‏:‏ ‏يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله‏؟‏ وكرر ذلك عليه حتى قال أسامة‏:‏ تمنيت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ، ومع هذا لم يوجب عليه قودا، ولا دية، ولا كفارة، لأن كان متأولا ، ظن جواز قتل ذلك القائل، لظنه أنه قالها تعوذا‏.‏ (9)

فهكذا السلف قاتل بعضهم بعضا من أهل الجمل وصفين ونحوهم ، وكلهم مسلمون مؤمنون، كما قال تعالى‏:‏ ‏}‏وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {‏ (10) فقد بين الله تعالى أنهم مع اقتتالهم، وبغي بعضهم على بعض أخوة مؤمنون، وأمر بالإصلاح بينهم بالعدل‏.‏

ولهذا كان السلف مع الاقتتال يوالي بعضهم بعضا موالاة الدين، لا يعادون كمعاداة الكفار، فيقبل بعضهم شهادة بعض، ويأخذ بعضهم ا علم عن بعض، ويتوارثون ويتناكحون ويتعاملون بمعاملة المسلمين بعضهم مع بعض، مع ما كان بينهم من القتال والتلاعن وغير ذلك‏.‏

وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم ، سأل ربه‏:‏ ‏‏ألا يُهلك أمته بسنة عامة، فأعطاه ذلك، وسأله ألا سلط عليهم عدوا من غيرهم، فأعطاه ذلك، وسأله ألا يجعل بأسهم بينهم، فلم يُعطه ذلك‏‏‏.‏ وأخبر أن الله لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم يغلبهم كلهم حتى يكون بعضهم يقتل بعضا، وبعضهم يسبي بعضا‏.‏

وثبت في الصحيحين لما نزل قوله تعالى‏:‏ ‏(‏قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ )‏ (11) قال‏:‏ ‏أعوذ بوجهك (‏ْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ‏ ((12)قال‏: ‏أعوذ بوجهك(‏‏‏ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ) ‏ (13) وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏هاتان أهون‏‏‏.‏

هذا مع أن الله أمر بالجماعة والائتلاف، ونهى عن البدعة والاختلاف، وقال‏:‏ ‏(‏إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ )‏ (14) وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة‏ ‏، وقال‏:‏ ‏الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد‏.‏

ولعل الصحيح أن الذين حكموا على الخوارج بالكفر الصريح قد غلوا في تعميم الحكم عليهم، والذين حكموا عليهم بأنهم كغيرهم من فرق المسلمين أهل السنة قد تساهلوا، بل الأولى أن يقال في حق كل فرقة ما تستحقه من الحكم حسب قربها أو بعدها عن الدين.

وإطلاق ما أطلقته النصوص في الحكم العام، ويتوقف عن إطلاق التكفير المخرج من الملة على المعين إلا بعد إقامة الحجة عليه، أو إذا ظهر كفره من قوله أو فعله أو اعتقاده.

( الفصل الثالث ) : جماعات التكفير الحديثة :

التعريف :-

هي جماعات إسلامية غالية نهجت نهج الخوارج في التكفير بالمعصية ، نشأت داخل السجون المصرية في بادئ الأمر ، وبعد إطلاق سراح أفرادها ، تبلورت أفكارها ، وكثر أتباعها في صعيد مصر وبين طلبة الجامعات خاصة .

الأفكار و المعتقدات :-

- التكفير عنصر أساسي في أفكار ومعتقدات هذه الجماعة فهم يكفرون كل من أرتكب كبيرة وأصر عليها ولم يتب منها ، وكذلك يكفرون الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله بإطلاق ودون تفصيل ، ويكفرون المحكومين لأنهم رضوا بذلك وتابعوهم أيضاً بإطلاق ودون تفصيل ، أما العلماء فيكفرونهم لأنهم لم يكفروا هؤلاء ولا أولئك ، كما يكفرون كل من عرضوا عليه فكرهم فلم يقبله أو قبله ولم ينضم إلى جماعتهم ويبايع إمامهم . أما من انضم إلى جماعتهم ثم تركها فهو مرتد حلال الدم ، وعلى ذلك فالجماعات الإسلامية إذا بلغتها دعوتهم ولم تبايع إمامهم فهي كافرة مارقة من الدين .

- وكل من أخذ بأقوال الأئمة بالإجماع حتى ولو كان إجماع الصحابة أو بالقياس أو بالمصلحة المرسلة أو بالاستحسان ونحوها فهو في نظرهم مشرك كافر .

- والعصور الإسلامية بعد القرن الرابع الهجري كلها عصور كفر وجاهلية لتقديسها لصنم التقليد المعبود من دون الله تعالى فعلى المسلم أن يعرف الأحكام بأدلتها ولا يجوز لديهم التقليد في أي أمر من أمور الدين .

- قول الصحابي وفعله ليس بحجة ولو كان من الخلفاء الراشدين .
• والهجرة هي العنصر الثاني في فكر الجماعة ، ويقصد بها العزلة عن المجتمع الجاهلي ، وعندهم أن كل المجتمعات الحالية مجتمعات جاهلية . والعزلة المعنية عندهم عزلة مكانية وعزلة شعورية ، بحيث تعيش الجماعة في بيئة تتحقق فيها الحياة الإسلامية الحقيقة - برأيهم - كما عاش الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في الفترة المكية .

- يجب على المسلمين في هذه المرحلة الحالية من عهد الاستضعاف الإسلامي أن يمارسوا المفاضلة الشعورية لتقوية ولائهم للإسلام من خلال جماعة المسلمين - التكفير والهجرة - وفي الوقت ذاته عليهم أن يكفوا عن الجهاد حتى تكتسب القوة الكافية .

- لا قيمة عندهم للتاريخ الإسلامي لأن التاريخ هو أحسن القصص الوارد في القرآن الكريم فقط .

- لا قيمة أيضاَ لأقوال العلماء المحققين وأمهات كتب التفسير والعقائد لأن كبار علماء الأمة في القديم والحديث - بزعمهم - مرتدون عن الإسلام .

- قالوا بحجية الكتاب والسنة فقط ولكن كغيرهم من أصحاب البدع الذي اعتقدوا رأياً ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه فما وافق أقوالهم من السنة قبلوه وما خالفها تحايلوا في رده أو رد دلالته .

- دعوا إلى الأمية لتأويلهم الخاطئ لحديث ( نحن أمة أمية …) فدعوا إلى ترك الكليات ومنع الانتساب للجامعات والمعاهد إسلامية أو غير إسلامية لأنها مؤسسات الطاغوت وتدخل ضمن مساجد الضرار .

- أطلقوا أن الدعوة لمحو الأمية دعوة يهودية لشغل الناس بعلوم الكفر عن تعلم الإسلام ، فما العلم إلا ما يتلقونه في حلقاتهم الخاصة .

- قالوا بترك صلاة الجمعة والجماعة بالمساجد لأن المساجد كلها ضرار وأئمتها كفار إلا أربعة مساجد : المسجد الحرام والمسجد النبوي وقباء والمسجد الأقصى ولا يصلون فيها أيضاً إلا إذا كان الإمام منهم .

- ادعى زعماء الجماعة أنهم بلغوا درجة الإمامة ، والاجتهاد المطلق ، وأن لهم أن يخالفوا الأمة كلها وما أجمعت عليه سلفاً وخلفاً .

أهم شخصياتهم :-

علي إسماعيل : كان إمام هذه الفئة من الشباب داخل المعتقل ، وهو أحد خريجي الأزهر ، وقد صاغ علي إسماعيل مبادئ العزلة والتكفير لدى الجماعة ضمن أطر شرعية حتى تبدو وكأنها أمور شرعية لها أدلتها من الكتاب والسنة ومن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في الفترتين : المكية والمدنية ، متأثراً في ذلك بأفكار الخوارج ، إلا أنه رجع إلى رشده وأعلن براءته من تلك الأفكار التي كان ينادي بها .

ولقد إنتشرت هذه الجماعة في معظم محافظات مصر وفي منطقة الصعيد على الخصوص ، ولها وجود في بعض الدول العربية مثل اليمن والأردن والجزائر … وغيرها . (15)

إذن فجماعة التكفير هي جماعة غالية أحيت فكر الخوارج بتكفير كل من ارتكب كبيرة وأصر عليها وتكفير الحكام بإطلاق ودون تفصيل لأنهم لا يحكمون بشرع الله وتكفير المحكومين لرضاهم بهم بدون تفصيل وتكفر العلماء لعدم تكفيرهم أولئك الحكام . ولا يخفى مدى مخالفة أفكار ومنهج هذه الجماعة لمنهج أهل السنة والجماعة في مصادر التلقي والإستدلال وقضايا الكفر والإيمان وغير ذلك مما سبق بيانه .

( الفصل الرابع ) :
أسباب ظاهرة التكفير الحديثة :-


إن أسباب ظهور ظاهرة التكفير الحديثة ، وفشوها وانتشارها عديدة، يكمن أهمها في:
1ـ الجهل الذريع، وربما الجهل المركب بهذه المسألة المهمة، في معرفة الكفر في موارد أدلة الوحي الشريف، والفرق بين الكفرين: الأكبر والأصغر، وحال أصحابهما من جهة اجتماع الشروط وانتفاء الموانع، والفرق بين الكفر المطلق والكفر المعيِّّن، والكفر الدنيوي والحكم لصاحبه بالخلود الأخروي بالنار.
2ـ اتباع الهوى، والأغراض النفسية في التكفير المخالف وذمه والقدح في عرضه بالكفر دون تبصّر بالعلم، وتورّع بالديانة.
3ـ اتباع المذاهب البدعية، والأقوال الشاذة، وتقليد الأصاغر في العلم والدين في إطلاق الكفر على الدول والمجتمعات والأفراد.
4ـ الاستهانة بمحارم الله وأحكام شرعه، وعدم الأخذ على يد المكابر والمعلن بقالة الكفر، وأطره على الحق أطراً بقوة البرهان والسلطان! إلى غير ذلك من الأسباب، مع الأخذ في الاعتبار أن كل سبب من هذه الأسباب يحتاج إلى بسط في العرض والتحليل وضرب الأمثلة والتدليل..إلخ.
5.إنتشار الكفر والردة الحقيقية جهرة في مجتمعاتنا الإسلامية، واستطالة أصحابها وتبجحهم بباطلهم، واستخدامهم أجهزة الإعلام وغيرها لنشر كفرياتهم على جماهير المسلمين دون أن يجدوا من يزجرهم أو يردهم عن ضلالهم وغيهم.
6. تساهل بعض العلماء في شأن هؤلاء الكفرة الحقيقيين وعدهم في زمرة المسلمين، والإسلام منهم براء.
7. إضطهاد حملة الفكر الإسلامي السليم، والدعوة الإسلامية الملتزمة بالقرآن والسنة، والتضييق عليهم في أنفسهم ودعوتهم. والاضطهاد والتضييق لأصحاب الفكر الحر، لا يولد إلا اتجاهات منحرفة، تعمل تحت الأرض، في جو مغلق بعيدا عن النور والحوار المفتوح.
8. قلة بضاعة هؤلاء الشبان الغيورين من فقه الإسلام وأصوله، وعدم تعمقهم في العلوم الإسلامية واللغوية . الأمر الذي جعلهم يأخذون ببعض النصوص دون بعض، أو يأخذون بالمتشابهات، وينسون المحكمات، أو يأخذون بالجزئيات ويغفلون القواعد الكلية، أو يفهمون بعض النصوص فهما سطحيا سريعا، إلى غير ذلك من الأمور اللازمة لمن يتصدر للفتوى في هذه الأمور الخطيرة، دون أهلية كافية. فالإخلاص وحده لا يكفي، ما لم يسنده فقه عميق لشريعة الله وأحكامه، وإلا وقع صاحبه فيما وقع فيه الخوارج من قبل، الذين صحت الأحاديث في ذمهم من عشرة أوجه، كما قال الإمام أحمد. هذا مع شدة حرصهم على العقيدة والتنسك.

ولهذا كان أئمة السلف يوصون بطلب العلم قبل التعبد والجهاد، حتى لا ينحرف عن طريق الله من حيث لا يدري.

وقد قال الحسن البصري: العامل على غير علم كالسالك على غير طريق، والعامل على غير علم، ما يفسد أكثر مما يصلح، فاطلبوا العلم طلبا لا يضر بالعبادة، واطلبوا العبادة طلبا لا يضر بالعلم، فإن قوما طلبوا العبادة وتركوا العلم، حتى خرجوا بأسيافهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولو طلبوا العلم لم يدلهم على ما فعلوا. (16) .

( الفصل الخامس ) :
في أنواع الكافرين وكفرهم:
لا يجوز لمسلم التحاشي عن تكفير من كفرهم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم لِمَا فيه من تكذيبٍ لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ‏.‏

والكفار على صنفين ‏:‏


الصنف الأول ‏:‏ الكفار كفراً أصلياً ، وهم كل من لم يدخل في دين الله الذي بعث الله به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى والدهريين والوثنين وغيرهم من أمم الكفر الذين قال الله تعالى فيهم (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) ‏(17).
والذين قال الله فيهم ‏(لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ ) (18)
والذين قال الله فيهم (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ) ‏‏(19).
والذين قال الله فيهم ‏:‏ ‏(إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا) (20).
وهؤلاء الكفار كفراً أصلياً لا يفرق في الحكم عليهم بالكفر ، سواء كانوا أفراداً أو جماعاتٍ ، أحياءً وأمواتاً كما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة ‏.‏
وهؤلاء يجب على المسلمين قتالهم متى استطاعوا حتى يدخلوا في الإسلام أو يدفعوا الجزية ‏.‏

الصنف الثاني ‏:‏ المسلم الذي يرتد بعد إسلامه بارتكاب ناقض من نواقض الإسلام ، ومن أمثلة ذلك في القرآن العظيم ‏:‏
كفر التكذيب ‏:‏ كما قال تعالى ‏:‏ ‏(وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَاء الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) ‏‏(21).
ومثل كفر ‏:‏ المستهزئين بالله ، ورسوله ، ودينه ، الذين قال الله فيهم ‏(وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ) ‏ (22).
ومثل كفر ‏:‏ من سب الله ورسوله ودينه ، فان السب ينافي التعظيم الواجب لله ولرسوله ولدينه وشرعه ، قال الله تعالى ‏(ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ )‏ (23).
ومثل كفر ‏:‏ الإباء والاستكبار والامتناع عن طاعة الله تعالى كما قال سبحانه عن إبليس ‏:‏ ‏(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) ‏ (24).
وهذا النوع هو الغالب على كفر أعداء الرسل ‏.‏
ومثل كفر ‏:‏ الإعراض عن دين الله تعالى كما قال :( وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ )‏ ‏ (25).
ومثل الكفربالقول كما قال تعالى(وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ ) (26)
وكما قال سبحانه : (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ )‏ ‏.‏ إذ قالوا ‏:‏(يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ) (28).
ومنه قول المنافقين في غزوة تبوك ‏:‏ ‏(‏ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء- يعنون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم- أرغب بطونا، وأكذب ألسنا ، وأجبن عند اللقاء ‏.‏
ومثل الكفر ‏:‏ بالعمل كما قال الله تعالى :( قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) (29) ‏.‏ فالسجود لغير الله والذبح لغير الله ، شرك وكفر بالله ‏.‏
ومن الكفر العملي ‏:‏ السحر كما قال الله تعالى:( لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) (30).
وذلك لما فيه من استخدام الشياطين والتعلق بهم ودعوى علم الغيب ودعوى مشاركة الله في ذلك قال الله تعالى: ( ‏وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَق)ٍ ‏(‏31)
ولأن السحر شرك وكفر أدخله العلماء المصنفون في ‏:‏ ‏(‏التوحيد وأبوابه‏)‏ في أنواع الشرك ، للتحذير منه ، وبيان أنه من نواقض التوحيد ‏.‏
ومثل الكفر ‏:‏ بالاعتقاد والشك ، كما قال الله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) ‏.‏وقال سبحانه:( إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ‏(32) .
وقال عَزَّ من قائل : (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ‏ (33).

فكل هؤلاء قد كفرهم الله ورسوله بعد إيمانهم بأقوال وأفعال صدرت منهم ولو لم يعتقدوها بقلوبهم ‏.‏ لا كما يقول المرجئة المنحرفون ، نعوذ بالله من ذلك ‏.‏
مع العلم أن الحكم بكفر المعين المتلبس بشيء من هذه النواقض المذكورة موقوف على توافر الشروط وانتفاء الموانع في حقه كما هو معلوم ‏.‏

{ الباب الثاني } :
( الفصل الأول ) : قواعد في التكفير :-
القاعدة الأولى :
أن الإنسان يدخل الإسلام بالشهادتين:


شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فمن أقر بالشهادتين بلسانه فقد دخل في الإسلام، وأجريت عليه أحكام المسلمين، وإن كان كافرا بقلبه، لأنا أمرنا أن نحكم بالظاهر، وأن نكل إلى الله السرائر. والدليل على ذلك:
1. أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الإسلام ممن أقر بالشهادتين، ولا ينتظر حتى يأتي وقت الصلاة، أو حول الزكاة، أو شهر رمضان… مثلا. حتى يؤدي هذه الفرائض، ثم يحكم له بالإسلام. ويكتفي منه بالإيمان بها، وألا يظهر منه إنكارها.
2. حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما عند البخاري وغيره: أنه قتل رجلا شهر عليه السيف فقال: (لا إله إلا الله) فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم أشد الإنكار، وقال: أقتلته بعدما قال: (لا إله إلا الله)؟ فقال: إنما قالها تعوذا من السيف؟ فقال: هلا شققت عن قلبه؟! وفي بعض الروايات: كيف لك بـ (لا إله إلا الله) يوم القيامة؟ (34)

3. حديث أبي هريرة: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) (35) متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وما جئت به.
وفي البخاري عن أنس مرفوعا: حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله.
والمراد بـ "الناس" في الحديث مشركو العرب. كما قال العلماء، وكما فسره أنس في حديثه، لأن أهل الكتاب يقبل منهم الجزية بنص القرآن.
والشاهد هنا: إنهم إذا قالوا لا إله إلا الله، دخلوا بها في الإسلام، بدليل عصمة دمائهم وأموالهم، لأن العصمة إما بالإسلام أو بالعهد والذمة، ولا عهد ولا ذمة هنا، فلم يبق إلا الإسلام.
وقد صح هذا الحديث عن عدد من الصحابة بألفاظ متقاربة. ولهذا قال الحافظ السيوطي في "الجامع الصغير": هو حديث متواتر. قال شارحه المناوي: لأنه رواه خمسة عشر صحابيا.
وقد روى سفيان بن عيينة –أحد أئمة الحديث في زمنه- أنه قال: كان هذا في أول الإسلام قبل فرض الصلاة والصيام والزكاة والهجرة.
وعقب العلامة ابن رجب الحنبلي في كتابه على هذا بقوله: وهذا ضعيف جدا، وفي صحته عن سفيان نظر. فإن رواة هذه الأحاديث إنما صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، وبعضهم تأخر إسلامه. (36) جامع العلوم و الحكم
ثم قوله: عصموا مني دماءهم وأموالهم، يدل على أنه كان عند هذا القول مأمورا بالقتال، وهذا كله بعد هجرته إلى المدينة.
قال: ومن المعلوم بالضرورة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل من كل من جاء يريد الدخول في الإسلام، الشهادتين فقط، ويعصم دمه بذلك، ويجعله مسلما. فقد أنكر على أسامة بن زيد قتله لمن قال: "لا إله إلا الله" لما رفع عليه السيف، واشتد نكيره عليه، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يشترط على من جاءه يريد الإسلام أن يلتزم الصلاة والزكاة، بل قد روى أنه قبل من قوم الإسلام واشترطوا ألا يزكوا.
ففي مسند الإمام أحمد عن جابر رضي الله عنه قال: اشترطت ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا صدقة عليهم ولا جهاد، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سيتصدقون، ويجاهدون.
وفيه أيضا عن نصر بن عاصم الليثي عن رجل منهم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم على أن لا يصلي إلا صلاتين، فقبل منه.
قال ابن رجب: وأخذ الإمام أحمد بهذه الأحاديث وقال: يصح الإسلام على الشرط الفاسد، ثم يلزم بشرائع الإسلام كلها.
واستدلوا أيضا بأن حكيم بن حزام قال: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا أخر إلا قائما.
قال أحمد: معناه أن يسجد من غير ركوع اهـ. كلام ابن رجب والذي يهمنا من هذه النقول أمران:

الأول: أن الدخول في الإسلام إنما يكون بالشهادتين، وإذا اقتصر في بعض الأحاديث على شهادة التوحيد، فهو إما من باب الاكتفاء أو الاختصار من بعض الرواة. وإما لأن مشركي العرب المقصودين بكلمة "الناس" في الحديث، لم يكونوا ليقروا بشهادة التوحيد إلا إذا شهدوا لمن جاء بها، ودعا إليها، وهو محمد رسول الله.
ولهذا جاء عن بعض السلف: الإسلام الكلمة. يعني: كلمة الشهادة.
وأما الصلاة والصيام وسائر شرائع الإسلام وفرائضه فإنما يطالب بها بعد أن يصبح مسلما إذ هي لا تصح ولا تقبل إلا من مسلم. أما الكافر فلا صلاة له ولا صيام ولا حج… الخ… لفقدانه شرط القبول… وهو الإسلام.

والثاني: ما دلت عليه الأحاديث الأخيرة التي ذكرها ابن رجب، والتي رواها إمام السنة أحمد بن حنبل من المرونة وسعة الأفق، التي كان يعالج بها النبي صلى الله عليه وسلم الأمور، ويواجه بها المواقف. وخصوصا مع الداخلين في الإسلام.
فقد قبل من بعضهم ما رفضه من غيرهم. فقد جاء عن بشير بن الخصاصية أنه أراد أن يبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام دون أن يتصدق أو يجاهد، فكف يده عنه وقال: يا بشير، لا جهاد ولا صدقة! فبم تدخل الجنة إذن؟!
ولكنه قبل هذا من ثقيف، لعلمه بأنهم لن يجمدوا على هذا الموقف، وأنهم إذا حسن إسلامهم سيصنعون ما يصنع سائر المسلمين، ولهذا قال في ثقة عنهم: سيتصدقون ويجاهدون.

القاعدة الثانية:
من مات على التوحيد استوجب الجنة:


أن من مات على التوحيد (أي على: لا إله إلا الله) استحق عند الله أمرين:
الأول: النجاة من الخلود في النار، وإن اقترف من المعاصي ما اقترف، سواء منها ما يتعلق بحقوق الله كالزنا، أو بحقوق العباد كالسرقة. وإن دخل بذنوبه النار فسيخرج منها لا محالة، مادام في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان.
الثاني: دخول الجنة لا محالة، وإن تأخر دخوله، فلم يدخلها مع السابقين: بسبب عذابه في النار لمعاص لم يتب منها، ولم تكفر عنه بسبب من الأسباب:
والدليل على ذلك أحاديث صحاح مشهورة في الصحيحين وغيرهما من دواوين السنة منها: عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من شهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من عمل).
وعن أبي ذر قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة).
(إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله) أي لم يقلها لمجرد أن يعصم بها دمه وماله كالمنافقين في عهد النبوة.



Cant See Links


التوقيع :

لااله الا الله محمد رسول الله
laa ilaaha ilaa allaah muhameed rasoolullah

which means
None is Worthy of Worship But Allah and Muhammed is
the Messenger of Allah

قال تعالى:
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي
الألْبَابِ *الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي
خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ*)

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ))

ذكرى الله في الصباح والمساء
remembrance allah at morning and evening
Fortress of the Muslimحصن المسلم باللغة الانجليزية

ONLINE ISLAMIC BOOKS
http://www.kitabosunnah.com/islamibo...he-muslim.html




http://dalil-alhaj.com/en/index.htm









رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:07 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir