ما هي حقيقة الفيتامين (هـ) E كعلاج مضاد للشيخوخة ومرطّب للجلد ومحسّن للخصوبة؟
هل بات يصح تناول فيتامين Eلتحقيق تلك الأهداف؟
إن الجواب على هذا السؤال لا يزال بحاجة إلى مزيد من الدراسات والأبحاث... منذ أسبوعين تقريباً كنت أحضرُ المؤتمر العالمي لطب التجميل ومضادات الشيخوخة والذي عُقد في باريس. في إحدى جلسات المؤتمر سأل المحاضر الحضور:
(كم واحداً منكم يستعمل فيتامين E ورفع نصف عدد الحضور أيديهم مؤكدين استعمالهم لهذا الفيتامين.
وعاد المتحدث إلى السؤال: (كم واحداً منكم يصف لمرضاه هذا الفيتامين؟) وعندها عاد هؤلاء إلى إنزال أيديهم. أي أن أحدا من الأطباء الحاضرين لا يصفه لمرضاه.
إن هذين السؤالين والإجابتين عنهما، يستوجبان طرح السؤال الثالث التالي: (هل يجب عليك أن تؤمن بفائدة هذا الفيتامين؟) ولكي يستطيع السادة القرّاء الإجابة عن هذا السؤال، نورد في ما يلي كل ما تجب معرفته من حقيقة فيتامين E
الخبراء يقعون في حيص بيص، إذا سُئلوا عن هذا الفيتامين. ولهم عذر في حيرتهم، فهنالك أدلة لا يرقى إليها شكّ على أن هذا الفيتامين يمكن أن يفيد عند الكثيرين. إلا أن هذه الأدلة ذاتها زاخرة بالثغرات الواسعة المحيرة.
وما كان لمثل هذه الأسئلة أن تطرح، لولا سعة انتشار استعمال فيتامين E بين الناس، وفي هذا السبب تكمن علّة إقبال الناس عليه.
إذ هنالك من يقولون أن جرعات كبيرة من فيتامين E تحمي الإنسان من السرطان وأمراض القلب، بل إنه يعمل أيضا كترياق ضد الشيخوخة وسأحاول أن أتطرق معكم إلى مناقشة فوائد الفيتامين E كمضاد للشيخوخة ولأمراض الجلد خاصة.
دوره كمانع للشيخوخة
إن عملية التردي البطئ لمَلكات الإنسان، التي اصطلحنا على تسميتها ب(الشيخوخة) أو الهرم، هي كما تقول إحدى النظريات، نتاج تراكم للخلايا والأنسجة التي تتلفها (الجذور الحرة) Free Radicals وعلى هذا يُعتقد أن للفيتامين E دور كامن في صدّ الأذى الذي يلحق بخلايا الجسم، وفي تقوية دفاعات الجسم الطبيعية بما أنه مضاد للتأكسد.
ويمضي أصحاب هذه النظرية بالقول بأن أنواع الأحياء الطويلة الأعمار، كالجنس البشري، تتمتع بوجود أعلى مستويات مضادات الأكسدة في دمائها، بما فيها فيتامين E، وال(بيتا كاروتين)، فضلاً عما يفرزه الجسم نفسه من أنزيمات مضادة للأكسدة.
ولكن هل لهذا الاستنتاج نصيب من الصحة؟
كلاّ! فقد دُحِضَت هذه النتيجة المنطقية منذ سنوات عدة مخبرياً.
إذ إن مجموعة من الفئران المخبرية عولجت في إحدى التجارب بجرعات كبرى من مضادات المؤكسد.
غير أن تلك المعالجة لم تقدم أو تؤخر أعمار تلك الحيوانات.
دوره في تطرية الجلد
تقوم شركات إنتاج مواد التجميل بإضافة فيتامين هـ إلى الكريمات المقاومة لأشعة الشمس والدهونات الجلدية ومما إلى ذلك من منتجات التجميل، زاعمة أن هذا الفيتامين فيه حماية من أشعة الشمس وأنه يمنع التجاعيد.
قد يفيد فيتامين E الجلد بطريقتين: منع الأذية التي تسببها أشعة الشمس للجلد، والحيلولة دون تلف الخلايا بفعل مضادات المؤكسد. إلا أن مواد التجميل لا تحتوي إلا على قدر ضئيل من هذا الفيتامين E أما الإدعاءات القائلة أن فيتامين E يستطيع معالجة الندبات والحيلولة دون ظهور خطوط التمطط عند الحوامل، وأنه يؤدي إلى تباطؤ تجاعيد الشيخوخة فإن بعضها لا يعدو كونه (صرعات) طبية متداولة. إذ إنّ كثيرا من أطباء التجميل يقرّون بفوائد هذا الفيتامين للجلد، ولكن حاول أن تعثر على الأساس العلمي لهذه الادعاءات، فإنك لن تعثر على أي منها.
دوره في القوة الجنسية
إذا أردت أن تحيط بدور فيتامين ه من حيث قدرته على زيادة النشاط الجنسي، فإليك القصة التالية:
في عام 1922م أطعم اثنان من العلماء بعض الفئران المخبرية طعاماً فقيراً في محتوياته الغذائية فأدى ذلك إلى عقم تلك الحيوانات، ولم تسترد قوتها الجنسية إلا بعد أن أعطيت أغذية محتوية على زيت جنين القمح. وقد ظهر في ما بعد أن المكون المفتقد أساساً كان فيتامين E.
إن هذه التجربة المخبرية حول نقص الفيتامين وتأثيره على الفئران المخبرية، ولّدت مبالغات وادعاءات زعمت أن الأشخاص الذين يغذّون أنفسهم بمقادير زائدة من فيتامين E، تتحسن خصوبتهم، ويحال بذلك دون إسقاط الحوامل، وتزداد قواهم الجنسية.
فماذا بقي حتى الآن من كل هذه التكهنات؟ كل ما بقي منها هو أن العلماء والباحثين دائبون الآن في أبحاثهم لمعرفة ما إذا كان عقم الذكور يمكن أن يكون ناشئا عن تلف تحدثه مضادات المؤكسد على نطاف الرجل، وما إذا كان إعطاء الرجل جرعات زائدة من فيتامين E يمكن أن يمنع عنه العقم. وفي ما عدا ذلك ليس هنالك أي دليل صادق يزكّي هذه الادعاءات.
هذه لمحة موجزة عن ذلك الفيتامين الذائع الصيت علّني استطعت أن أسلّط الضوء في كل ما يتعلق بالفيتامين E وتأثيراته على الجلد وكمضاد للشيخوخة.
د. عبد الله محمد العيسى
استشاري أمراض طب وجراحة الجلد والعلاج بالليزر
العرض العادي
