أزقة الضباب
زمن كهذا الذي نعيش بياضه ممزوزجا بسواده , ما أراه إلا توأما دهسته حوافر خيول يعود عهدها لتلكم الأحقاب الغابرة أيامها ..أيام داحس والغبراء وحرب الباسوس , أيام كانت قطعة من القطع المتجاورة , يحاذي بعضها بعضا محاباة ورياء , حتى فصل رب العالمين وختم قدره.
زمن انقلبت فيه المفاهيم وأطلق العنان لألسنة حادة تنهش الصلب واللين من العظام, وكأن لسان
حالنا يبشر بقدوم الديناصورات , ومن قال أن الديناصورات قد انقرضت؟.....
فليأت ببرهانه؟..... سنلقي عليه قولا ثقيلا.
زمن نقول فيه نحن البشر لبائع الملح والخبز والخضر : هل عندك مر الصبر؟
والطبيب يسألنا حين الفحص : طبعا ليس لكم من كبد أو قلب..؟ ونجيب : ليس لدينا ما ذكر؟.
وتتفحم الكلمات في فم إبليس ثم تسيل وتنهمر فتسقي جذور الزقوم من الشجر.....
حينها تتلوى بين الفكين ثعابين وفيها العطب الخطر ...
إبليس اقترف أو ل معصية في السماء فعصى ربه ..فحاوره والله تعالى أمهله إلى يوم موعود
وحين حل ذاك اليوم تبرأ إبليس من أولئك الذين سبحوا حفاة عراة في مستنقعات ماؤها آسن ...نحن نعلم هذا ونعيه جيدا , لكن بصائرنا عمت وضلت ...هذا يغتصب ذاك وهذه تلوك تلك
ثم ما ذا بعد .نلهث نحو البريق ..شطر الأوهام.. اتجاه السراب , في أزقة ضيقة مظلمة
ذات منعطفات حرجة .....دعنا نسميها أزقة الضباب .....؟
ما هكذا تورد الإبل.؟ وما هكذا تؤكل الكتف..؟
ولا يستقيم ظل بناء وصاحب الدار ضرير والباني أعرج .؟
وما دا مت ظهورنا منحية فكل الناس يركبون ...
وما دام طول قامتي يغر بي استخفافا بأخي الأقل مني قامة فجهلت وتناسيت أنه أقرب وأسرع مني لله سجودا .
وما دمت أقتسم مع فرسي علفه وأراوغه حتى التهم بنهم وشهية نصيبه , وتجاهلت أن لولاه ما بلغت بلدا كان بعيدا .
كيف نتآخى وأفكارنا شاردة ؟ وعقولنا سحب عليها ملبدة , والرحمة فينا مقيدة , وفي مهدها تئن تلكم المؤودة ...
من يحم أرض محمد صلاة ربي وسلامه عليه غير أبناء محمد ؟
من يذود عنها غير أبنائها ؟
ذلك بالفعل لا بالقول , ولكن للفطنة كونوا نخاعا؟ وللتأني سلاما؟, ولأرض محمد وئاما ؟
دعوا عنكم اللغط والغلط ..ابصروا واستبصروا ؟, وكونوا مقدرين موقع الخطو قبل الرجل ؟
وليسأل بعضنا بعضا : هل نحن من قلة ؟ حتى يستهان بعظيم الخلق سيد المرسلين ...
هل بلغ بنا الوهن فأمسينا عهنا منفوشا ؟
أنا لست سياسيا حتى أسوس واسأل الساسة ...
ولست قاضيا حتى أحاكم المتهمين .....
كما أني لم أتشرف برتبة أو لقب يؤهلني للدعوة والصحوة... فقط أنني عربي مسلم , مهنتي كتاب أقرأه , وحساب أعده , ورب أنتظر موعده .....
فهل من رشيد حكيم يردد معي بصدق قلب و صفاء فؤاد : لا إله إلا الله محمد رسول الله
( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم .......) الفتح 29
ننصر رسول الله –عليه الصلاة والسلام بالإلتزام بالذي أتى به وما نهى عنه ...بإحياء سنته.
أن نكون أسوة حسنة في قيامنا وقعودنا ..في كلامنا ونظراتنا .. في أفعالنا وأقوالنا ولباسنا وملامحنا ..
ننصر رسول الله في اللحمة والإلتحام والوحدة والتآخي والرحمة والتغاضي والترفع عن سفاسف الأمور ..
إننا نملك نحن معشر أمة محمد صلاة ربي وسلامه عليه سلاحا لم يمتلكه بشر من ذي قبل
ولا ولن يمكن لبشر من غير أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن يحوزه , فسلاحنا :
إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ...
المسلم أخو المسلم أين ما كان وحيث ما وجد ....
سلاحنا تلكم الصيحة المدوية : وامعتصماه......
سلاحنا أن نغفر لبعضنا ولا نزكي أنفسنا , ولا نتبع عثراتنا وعوراتنا
سلاحنا ألا نستخف ونحتقر بعضنا بعضا ....
سلاحنا أن نساير الركب ونأخذ منه ما ينفعنا ونترك الضار منه ..
سلاحنا نبذ الشقاق والإنشقاق والنفاق وسوء الأخلاق ....
سلاحنا هذه وغيرها مما عند السادة من علمائنا ودعاتنا .. بذلك نقف سدا منيعا وجدارا صلبا متينا فيما فكر ويفكر فيه عدونا , وبهذا يبطل سحرهم وكيدهم ومكرهم , وتدمغ حججهم الواهية
ولنعلم أن نور الله لا يطفأ , وان الله متم نوره ......
إذن لما الوهن...؟ لما الخمول...؟ لما العجز ...؟ لما نفضل الإرتماء في أحضان نعلم يقينا أن
مخالبها نحاسية وأنيابها تقطر سما ناقعا .
أنا لا أقف ضد من نطق لسانه غير لغة القرآن ..لكن لا ولن أرضى مطلقا أن تكون هذه اللغة لغة القرآن اللغة الشريفة يتيمة بين أهلها وغريبة في أوطانها , مهمشة من قبل أبنائها , فابناء من أنتم إن أنتم فضلتم غيرها ؟...
ابراهيم تايحي
العرض العادي
