مقتطفات من كتاب " عيوب النفس ودوائها " لأبى عبد الرحمن السلمى(325-412هــ)
تحقيق وتقديم د/ محمد السيد الجليند
كلمات رائعة فى عيوب النفس ودوائها لــ أبو حامد الغزالى (450 – 505 هــ):
مقتطفات من قصيدة كتبها أبو حامد الغزالى (450 – 505 هــ) فى عيوب النفس مذكورة فى الكتاب فيقول :
لدَّى نفس أحب أنعتها
لتعرفوا نعتها وأسماها
فاسمع صفاتى لها لعلك أن
تفهم ذا اللب سر معناها
تسعى إلى اللهو وهو غايتها
يا ويلها ما أضر مسعاها
أزجرها وهى لى مخالفة
كأننى لست من أودَّاها
تنظر فى عيب غيرها سفهاً
وكم عيوب لها فتنساها
كم ظلمتنى بسوء عشرتها
ولم تدع لى تقوى ولا جاها
كثيرة اللغو فى مجالسها
قليلة الذكر فى مصَّلاها
قليلة الشكر عند نعمتها
ضعيفة الصبر عند بلواها
كثيرة المطل فى مواعدها
كذوبة فى جميع دعواها
بصيرة بالهو وفتنته
عمية عن أمور أخراها
نشيطة عند وقت لزتها
كاسلة عند وقت ذكراها
نؤومة العين عن عبادة من
أتقن تصويرها فسواها
كثيرة الأمن عند صحتها
عظيمة الخوف عن ضراها
حليفة الكبر والرياء فقد
أفسدها كبرها وأطغاها
عظيمة المدح والثناء لم
يرفع مقدارها ومثواها
مطيلة الذم بالقبح لمن
عرَّفها قدرها وطغياها
ذاكرة للورى مساوئهم
ناسية ماجنَّاه كفاها
كلما قلت نفسى ازدجرى
وراقبى فى أمورك الله
صمت عن الحق وهى سامعة
كأننى ما أريد إياها
لو علمت بعض ماله خلقت
أحزنها علمها وبكاها
لو تعرف الله حق معرفتة
لصححت برها وتقواها
لكنها جهلها بخالقها
أغفلها رشدها وألهاها
ياويح نفسى والويح حق لها
إن صدَّها ربها وأرداها
إلى أن يقول :
قد ضقت ذرعاً بها وأحسبها
لم أك أعصى الإله لولاها
إن أنا حاولت طاعة فترت
وأظهرت وحشه وإكراها
صرت مع النفس فى محاربة
تأمرنى بالهوى وأنهاها
نحن كقرين فى معاركة
أدَّرع الصبر عند لقياها
وهى بجند لهوى مبارزتى
أى صبر يطيق هيجاها
إن جبنت بالقتال شجعها
أو ضعفت فى اللقاء قواها
أصرعها وهى لى معادية
كأننى لست من أحباها
أحبها وهى لى معادية
كأننى لست من أحباها
عدوة لا أطيق أبغضها
يا ليتنى أستطيع أنساها
سابحة فى بحار فتنتها
جاثمة فى سدول ظلماها
أحسبها إن أبت موافقتى
خاسرة دينها ودنياها
ينتقل الغزالى بعد ذكره لهذه العيوب إلى ذكر العلاج من خلال مقارنة رائعة بين نفسه العلية ونفس الفتى التقى الذى أخذ نفسه بالمجاهدة والمحاسبة فإنتصر على نفسه وسلمت له نفسه من عللها وبرئت من أمراضها فوصل إلى غايته مع ربه.
العرض العادي
