آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 22192 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 15545 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 21690 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 23114 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 57107 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 52061 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 43982 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 26380 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 26718 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 32624 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-29-2006, 01:36 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

أفاق : الاداره

مراقب

مراقب

أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


رواية بنت الرياض / الجزء الثالث

رواية بنت الرياض / الجزء الثالث


(21)
(فاطمة الشيعية) لا بأس من أن تفعلي شيئاً يستهجنه الجميع ، فما يبدو صحيحاً بالنسبة لك قد لا يبدو كذلك في نظر الآخرين . إلين كادي اخترت لكم اليوم أظرف رسالة وصلتني خلال الأسبوع المنصرم ، لصاحبها (المهاتما علوش) : ودعت أيام الكيرم والبلوت ، وامتلأ وقتي ، إنترنت وبسكوت شابك أون لاين أستني الحبيب ، يتكرّم ، ويتعطف ، أو يجيب قمت أغير لا مني لقيت ، رسايله في كل جيب . هذا يقرأ ، وهذا يسمع ، وذاك يقول بس بس ! عرفته ! وأنا كني فار ، منخش في ركنٍ قريب . ودي أصرخ ! هاذي حبي! معجب فيها وأحلم بالنصيب! محد عطاني وجه لكن ، من كثر ما قلبي يرقع اسمعوه وقالوا رايح ، فيها هذا ومتولّع قاموا وطقوا لي موتر ، ومهر وألماس يتلمّع واحلفوا إني أجي لك ، خاطبٍ وأنا متقطع قلت غالي ، والطلب أرخص ! ولكن !! مهنا أشين ، مني والله ، ومهنا أبشع ! قالوا ما لك شغل ! اخطب ، واحنا بالباقي نتبرّع واحدة خبلة وجاها واحد خبل ! والله عيلة ، ما في أروع !!

** بعد انتقال لميس إلى مبنى كلية الطب بالملز ، تعرضت علاقتها بميشيل للكثير من الصعوبات ، التي جاهدت كلتاهما لتجاوزها ، إلا أن شيئاً ما كان قد بدأ بالتسلل للعلاقة التي دامت قوية لخمس سنوات : كانت فاطمة أخطر تلك الصعوبات . (فاطمة الشيعية) ، هكذا كانت تلقبها الشلة . كانت لميس متأكدة أن أياً من صديقاتها لا تهتم بكون فاطمة شيعية أو سنية أو صوفية أو مسيحية أو حتى يهودية بقدر ما تهتم بكونها غريبة عن وسطهن . كل ما هنالك أن مسألة(المماشاة) في هذا المجتمع تتعدى كونها مجرد علاقة صداقة والسلام . إنها عملية حساسة وخطوة اجتماعية مهمة أشبه بالخطبة والزواج . تتذكر لميس صديقة طفولتها فدوى الحسودي ، التي استمرت علاقتها بها حتى تعرفها على ميشيل . لم تكن فدوى من الشخصيات التي تعجب لميس ، كانت تفضل البنات المرحات والأوجه البشوشة بعكس ما عليه فدوى ، إلا أن هذه الأخيرة فاجأتها صبيحة أحد الأيام بسؤال مباغت : - لميس تصيرين البيست فريند حقتي ؟ هكذا وبلا مقدمات كزواج من زواجات لاس فيغاس السريعة جاءها العرض ، ووافقت لميس التي لم تتخيل أن تصبح فدوى يوماً أكثر الفتيات غيرة منها وحسداً لها . (ماشت) لميس فدوى لعدة سنوات بتءا على طلبها ، ثم تعرفت على ميشيل ، التي أصبحت فيما بعد صديقتها المقربة . كانت علاقتها بميشيل في بداية الأمر لا تتعدى كونها رفقاً بالطالبة الجديدة التي لا تعرف أياً من الطالبات . فدوى التي لم تعجبها فكرة مشاركة صديقتها مع فتاة أخرى بدأ تشن حملات التشهير بلميس بين جميع الطالبات في المدرسة ، وكان الأخبار تصل للميس بسرعة من مصدر جديد في كل مرة : فدوى تقول إنك تكلمين شباب ، فدوى تقول إن أختك تماضر أذكى منك وإنك تغشين منها عشان تجيبين درجات . كان أكثر منا يغيظ لميس أن فدوى بوجهين ، فهي ظلت تدعي البراءة أمامها حتى تخرجهما من الثانوية العامة . لم تستطع لميس سوى أن تتصنع البرود معها حتى تخرجتا واتجهت كل واحدة منهن لدراسة تخصص مختلف . كانت علاقة لميس بفاطمة من نوع آخر . لأول مرة تجد لميس نفسها مشدودة لفتاة إلى هذا الحد . أعجبت بقوة فاطمة ومرحا ، وأحبت فاطمة جرأة لميس وذكاءها ، ووجدت كل منهما نفسها مع مرور الوقت أقرب صديقات الأخرى دون تخطيط مسبق كما كان مع فدوى . استطاعت لميس بعد عناء أن تتجرأ وتسأل فاطمة عن بعض المسائل التي تحيرها بخصوص الشيعة . كانت البداية في أحد أيام رمضان عندما أخذت لميس طعام الفطور إلى فاطمة في شقتها لتفطر معها ، وهي تتذكر الأيام التي كانت تخاف أن تأكل فيها أي طعام تقدمه لها طالبة شيعية من زميلاتها في الجامعة . كانت قمرة وسديم تحذرانها من طعام الشيعة ، فهم ينجسون طعامهم خفية إن عرفوا بأن سنياً سيأكل منه ، ولا يتورعون عن دس السم فيه لينالوا ثواب قتل سني ! كانت لميس تقبل ما تعرض عليها زميلاتها الشيعيات من فطائر أو معجنات شاكرة ، ثم لا تلبي أن ترمي بها في سلة المهملات بعد أن تبتعد عنهن قليلاً . حتى الحلوى وقطع العلك الملفوفة ، كان تخالف أن يكن قد فعلن بها شيئاً قبل تقديمها لها ! لم تتشجع لميس وتتناول شيئاً من أيدي زميلاتها الشيعيات إلا بعد تقربها من فاطمة . لاحظت لميس أن فاطمة تمتنع عن تناول التمرة التي وضعتها أمامها بعد سماعهما أذان المغرب . راحت فاطمة تشغل نفسها بإعداد الفيمتو والسلطة ولم تفطر إلا بعد الأذان بحوالي ثلث ساعة . أخبرتها فاطمة بعد أن رأت استغرابها أنهم لا يفطرون حال سماع الأذان بل ينتظرون قليلاً تحرياً للدقة ، ولا تعرف فاطمة السبب الحقيقي وراء ذلك . لميس التي أثار الموضوع فضولها اندفعت تسأل صديقتها عن الزينة المعلقة على الجدران في شقتها والتي تشير كتاباتها إلى مناسبة دينية . أوضحت لها فاطمة أن الزينة تخص مناسبة (حج ومدينة) التي حييها الشيعة في منتصف شهر شعبان من كل عام . سألتها عن بعض الصور الغريبة التي شاهدتها ضمن ألبوم زفاف أخت فاطمة الكبرى ، وكبحت نفسها عن الاستفسار عنها في حينها . كانت بعض الصور تظهر جدتي العروسين وهما تريقان بعض الماء على قدمي كل من العروسين الموضوعتين في إناء فضي كبير وقد تناثرت قطع معدنية من النقود في قاع الإناء . أخبرتها فاطمة أن هذا من تقاليدهم في الأعراس ، مثل الحنة والجلوة . تفرك قدما العريس والعروس تحت ماء قد قرئت عليه آيات قرآنية وأدعية معينة وترمى النقود تحت قدميهما صدقة حتى يتبارك زواجهما . كانت فاطمة تجيب عن أسئلة صديقتها الفضولية ببساطة وهي تضحك من معالم الإثارة البادية على وجه لميس ! عندما وصل النقاس إلى الأئمة الاثني عشر وسرداب سامراء شعت كلتاهما بتوتر الأجواء واستعداد كل منهما للتجريح في مذهب الأخرى فتوقفتا عن الجدال وانتقلتا بهدوء إلى غرفة المعيشة لتتابعا أحداث المسلسل الرمضاني الشهر (طاش ما طاش) على القناة السعودية الأولى والذي لا يختلف السنة والشيعة على متابعته ! كانت تماضر أول الرافضين لعلاقة أختها بهذه الرافضية . حاولت مراراً أن توضح للميس أن جميع زميلاتهن في الكلية يتندرن حول هذه العلاقة الغريبة : - يا لميس والله سمعت البنات بيقولوا عنها كلام مش كويس بالمرة ! بيقولوا ساكنة لوحدها وعايشة على كيفها إمتى ما تطلع تطلع وإمتى ما ترجع ترجع . تزور اللي تبغاه ويزوها اللي تبغاه كما ! - أيش قصدك ؟ أنا رحت لها وشفت بعيني السيكويرتي اللي ما يضى يدخل أي أحد إلا بالعافية وهي نفسها ما تقدر تطلع من السكن لوحدها إلا لو جاء أوها بنفسه يطلعها. - يا لميس إحنا ما لنا دعوة بهادا الحكي كلو . ما دام الكل دحينا بيتكلم عنها ، بكرة يقولوا عليكي مشيك بطال زيها ! إش بك إنتي؟ من فدوى السايكو للأميرة سارة لفاطمة الشيعية ؟ لا وأحسن واحدة تعرفيها جاية من أميركا فيوزاتها ضاربة ! تتذكر لميس صديقتها سارة ، الأميرة التي التحقت بمدرستهن في السنة الأخيرة من الثانوية . أحبت لميس سارة بصدق ، سحرتها بتواضعها وأخلاقها ، هي التي لم تكن تتوقع من الأميرات إلا التفاخر والعجرفة . لم يكن يعنيها ما تردده البنات عن سر علاقتها بسارة ، فقد كانت توقظها كل صباح لسبب بسيط هو خوفها من أن تنسى الخادمات إيقاظها في ذلك القصر الواسع المليء بالحاشية ، وكانت تحل لها بعض فروضها المدرسية وليس كلها كما كان يزعم البعض ، وذلك عندما تلاحظ انشغال سارة بما هو أهم ، من مناسبات رسمية وعائلية وواجبات اجتماعية تحدثها عنها سارة مسبقاً ، وكانت تدعوها للاستذكار في منزلها المتواضع في أيام الامتحانات الشهرية حتى تتمكن من التركيز بشكل أكبر . أما ما واجهتها به تماضر أيامها مما انتشر بين البنات في المدرسة من إشاعات جارحة فلم يؤثر بها بل زادها تقرباً من صديقتها الجديدة حرصاً على إثبات اقتناعها التام بما تفعل . مع فاطمة ، وجدت لميس نفسها لأول مرة مع فتاة تشبهها إلى درجة فظيعة ! كانت تشعر كلما ازدادت قرباً من فاطمة بأنها تتفحص ملامح وجهها وانحناءات جسمها أمام مرآة كبيرة . كعادتها ، لم تتأثر لميس بما يقوله عنها الآخرون ، إلا أنها خافت هذه المرة على مشاعر ميشيل . غفرت لها ميشيل علاقتها بسارة عندما رأت بنفسها تخلي سارة عنها بمجرد تخرجهن من المدرسة . سافرت سارة للدراسة في أميركا ولم تتصل بلميس بعدها . شعرت ميشيل حينها بالقوة وهي ترى ندم لميس وطلبها الصفح ورغبتها الصادقة في أن تعدودا لصادقتهما المعهودة . هل ستسامهحا ميشيل هذه المرة إن هي تخلت عن صداقتهما للمرة الثانية ؟ كان الحل الأنسب في نظر لميس هو إخفاء العلاقة عن ميشيل وعن بقية الشلة ، لكن قرارها لم ينجح . تماضر التي اغتاظت كثيراً من عناد أختها تولت أمر إخبار الشلة عن كل شيء ، وبالأخص ميشيل . توترت علاقتها بميشيل بعد ذلك . عرفت ميشيل السبب وراء اختفاء لميس طوال تلك الأسابيع . كانت لميس تتذرع بدراسة الطب الصعبة ، وإذا بالحقيقة أنها تفضل الاجتماع بصديقتها الجديدة على الاجتماع بشلتها القديمة . حاولت لميس تبرير موقفها أمام سديم ، أكثر الصديقات مرونة : - افهميني يا سدومة ! أنا أحب ميشيل . طول عمرنا صاحبات ، وراح نفضل صاحبات ، لكن هي مش من حقها تمنعني من إني أصاحب بنات تانيات ! فاطمة فيه حاجات مش موجودة في ميشيل . إنتي كمان بتحبي قمرة لكن فيها حاجات ناقصة ، لو لقيتيها عند بنت تانية راح تتعلقي فيها . - لكن يا لموسة غلط إنك بعد كل هذه السنين تتركين صديقة عمرك عشان ناقصها شي توّك تكتشفينه بعد ما لقيتيه عند واحدة ثانية . إنت ما كان فارق معاك هذا الشيء بدليل إنك عشت سنين من غيره بدون ما تعترضين . بعدين المفروض إنكم تكونون مع بعض على الحلوة والمرة . افرضي إنك تزوجتي وطلع زوجك ناقصه شي ، بتدورين على اللي ناقصه عند غيره ؟! - يمكن ! ولو ما عاجبو خليه يكمل الناقص ويريح نفسه ويريحني معاه ! - يا شديد إنتا ! طيب بالله أنا عندي سؤال يقرقع في صدري من يومي عن الشيعة وماني عارفه جوابه . - إيش هو !؟ - الحين رجال الشيعة ، يلبسون سراويل السنة تحت الأثواب وإلا لا؟؟؟ - الله يرجك يا شيخة !

(22)

(ميشيل تلتقي ماتي) ليس من السهل أن نجد السعادة في داخلنا ، لكنه من المستحيل أن نجدها في أي مكان آخر . آجنيس ريبلير تمددت فوق (ولدي الكسول) وهي الترجمة العربية لـ(ليزي بوي) الذي أجلس إليه عادة عند الكتابة ، والذي يمكن استخدامه ككرسي هزاز للقراءة أو كسرير مريح إذا ما قمت بمد سنادة القدمين وإرجاع ظهره للوراء كمقاعد الدرجة الأولى في الطيارة (ألا يمكننا إضافة ترجمة أقصر وأفضل وأكثر حشمة من هرطي هذا اإلى مورد منير البعلبكي ؟؟). مه على (الليزي بوي) ، كتبت لكم هذه السطور : هبطت الطائرة في مطار سان فرانسيسكو الدولي عند حوالي الساعة العاشرة صباحاً . لم تكن تلك المرة الأولى التي تزو فيها ميشيل سان فرانسيسكو ولكنها كانت المرة الأولى التي تزورها فيها وحيدة بدون أبويها وأخيها ميشو . هواء المكان مشبع بالرطوبة والحرية . ألوان بشرية وأعراق متنوعة تسير في جميع الاتجاهات من حولها . لا أحد يكترث بكونها سعودية ، أو بكون جارها سنغالياً . كل مشغول بحاله . أبرزت التأشيرة الخاصة بها والتي تثبت كونها طالبة من السعودية أتت للدراسة في أميركا . أخبرتها موظفة الجمارك أنها أجمل فتاة عربية رأتها منذ بداية عملها في هذا المطار حتى ذلك اليوم . بعدما أنهت ميشيل جميع الإجراءات اللازمة ، بدأت تبحث بين أوجه المستقبلين عن وجه مألوف . لمحت ابن خالها ماثيو يلوح لها من بعيد فاتجهت نحو بسعادة . - هاي مات ! - هاي سويتي . لونغ تايم نو سي غيرك ! احتضنها ماتي بشوق وهو يسألها عن حال أمها وأبيها وأخيها . لاحظت ميشيل أن ماتي هو الفرد الوحيد من أفراد عائلة خالها الصغيرة الموجود في المطار . - أين البقية ؟ والداك وجيمي وما غي ؟ - والداي في العمل ، وجيمي وماغي في المدرسة . - وأنت ؟ ما الذي أتى بك لاستقبالي ؟ أليست لديك محاضرات ؟ - محاضراتي هذا الصباح ملغاة لاستقبال ابنة عمتي العزيزة . سوف نمضي النهار معاً حتى يصل بقية أفراد العائلة ، ثم سأذهب لإلقاء محاضرة في المساء . بإمكانك الحضور معي إن أردت لأريك الجامعة التي ستدرسين فيها ولتلقي نظرة على غرفتك في السكن أما زلت تصرين على السكن في مسكن الجامعة بدلاً من بيتنا ؟ - هكذا أفضل . أتوق لتجربة العيش باستقلالية . - كما تريدين ، ولكنني أشفق عليك . عموماً ، لقد أعددت لك كل شيء . اخترت لك غرفة مع إحدى طالباتي أعتقد أنك ستستمتعين بصحبتها كثيراً . هي في مثل سنك وشقاوتك ولكنك أجمل منها بكثير . - ماتي ! ألن تكف عن تدليلي ؟ لقد كبرت وأستطيع أن أتدبر أموري بنفسي . - سوف نرى ، لكني أكره أن أغامر . أخذها في جولة نهارية ممتعة في فيشر مانز وورف . أمضيا الوقت في السير وتأمل المحلات المختلفة . ورغم رائحة السمك التي تعبق في الأجواء إلا أن ذلك لم يمنعها من الاستمتاع بكل ما حولها من مؤدي استعراضات ورسامين ومغنين هنا وهناك . وعندما شعرا بالجوع تناولا حساء كلامب شاودر مقدماً في وعاء كبير مصنوع من رغيف خبز . ساعدها ماتي على تدبير شؤون سكنها في الجامعة واختيار المقررات التي ستدرسها خلال ذلك الفصل . قررت مبدئياً أن تدرس مهارات التواصل مثل ابن خالتها بعدما أثنى لها على ذلك التخصص ، وأدرجت المادة التي يدرسها في الجامعة والتي هي وسائل الاتصال غير المنطوقة ضمن موادها . بدأت ميشيل تنهمك في الدراسة والأنشطة الجامعية علها تنسى ما كان ، وقد كان لها ما أرادت . استطاعت أخيراً أن تنسى فيصل ، كل يوم .

(23)
مغامرة لا تنسى وحدهم الذين يقومون بالمجازفة ، يمكن أن يكتشفوا إلى أي مدى يمكنهم البلوغ. تي أس إليوت إن الآيات والأحاديث والاقتباسات الدينية التي أوردها في إيميلاتي تلهمني ، والمقولات المشهورة والأغاني التي تحتويها رسائلي تلهمني أيضاً ، فهل هذا تناقض كما يزعم البعض ؟ هل أكذب وأدعي أنني أحادية الهوى وبدائية التركيب ؟! أنا كأي فتاة في سني ، بل كأي إنسان في أي مكان ! فرقي الوحيد عنهم أنني لا أتوارى ولا أحب السكوت ولا أستحي مما أنا عليه .

** تعرفت لميس إلى شقيق صديقتها فاطمة عندما أوصلتها بسيارتها إلى محطة القطار في أحد الأيام . كان علي يكبرهما بأربعة أعوام . كان يدرس الطب أيضاً إلا أنها لم تلتق به إلا ذلك اليوم أمام القطار المتجه إلى القطيف ، والذي قرر أن يستقله هذا الأسبوع مع أخته لأن سيارته التي عادة ما يُسافر بها معطلة . كانت علاقة فاطمة بأخيها غريبة بالنسبة إلى لميس ، فعلىي يسكن مع أصدقائه في إحدى الشقق التي تؤجر للطلاب القادمين من خارج الرياض ، بينما تسكن أخته مع صديقتها في شقة أخرى في سكن آخر .لم يكن يأتي لزيارتها كثيراً لأن كلاً منهما كان يفضل قضاء وقته مع أصحابه . كان هو يسافر في نهاية كل أسبوع بسيارته أو سيارة أي من زملائه المتجهين للقطيف بينما تسافر هي مع صديقاتها بواسطة القطار . أعجبت لميس بعلي لطوله قبل كل شيء ! كان معظم الشباب الذين تلتقيهم أقصر منا أو في مثل طولها الذي يبلغ مئة وستة وسبعين سنتيمتراً . كان طول علي لا يقل عن مائة وتسعين سنتيمتراً ، وكانت سمرته الجذابة المشربة بحمرة وحاجباه الكثان تضفي عليه سحراً ورجولة طاغية . التقت لميس بعلي بعد تعارفهما بأسبوع في المستشفى الذي توجهت إليه في ذلك اليوم مع فاطمة لشراء بعض المراجع ، قبل أن تنتظمن فيه في السنوات القادمة . كثرت بعد ذلك لقاءاتهما في المستشفى ليشرح لها ما تستصعبه من دروس كبقية زميلاتها في الكلية اللواتي تستعين كل منهم بالطالب الذي تراه (مناسباً) ليساعدها على الفهم والاستيعاب ثم صارت تلتقي به خارج المستشفى ، في أحد المقاهي (الكافيهات) المنتشرة في كل مكان. استمرت علاقة لميس بعلي لمدة شهور ، لم تطلع فيها أياً من صديقاتها عليها . وحدها فاطمة كانت تعلم عن طريق أخيها ، إلا أنها كانت تنصرف أمام صديقتها وكأنها لا تعلم شيئاً عما يدور بينهما ، مع أنها كانت هي التي دبرت للقائهما في محطة القطار ذلك اليوم نزولاً عند رغبة أخيها الذي أعجب بصورة لميس التي رآها في غرفة أخته في منزلهم بالقطيف . كانت الصورة ملتقطة للميس وفاطمة وبعض الزميلات وهن بالمعاطف الطبية البيضاء إلى جانب إحدى الجثث التي قمن بتشريحها في مشرحة كلية الطب للبنات بالملز ، تلك المشرحة الكئيبة التي تختلط فيها رائحة الفورمالين والجثث المتحللة برائحة بخور رخيص . كان علي في السنة الأخيرة من سنوات دراسة الطب البشري وكان عليه أن يبدأ التطبيق (الامتياز) بعد تخرجه مباشرة في أحد مستشفيات المنطقة الشرقية ، أما لميس وفاطمة فكانتا ما تزالان في سنتهما الجامعية الثانية . خلال أحد لقاءات لميس بعلي في أحد المقاهي في شارع الثلاثين ، انقضت عليهما جوقة من رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محاطين بأفراد من الشرطة واقتادوهما بسرعة إلى سيارتين منفصلتين من نوع الجمس (الجي أم سي) توجهتا بهما نحو أقرب مركز للهيئة . هناك تم أخذ كل من لميس وعلي في غرفة على حده ، وبدأ التحقيق معهما . لم تستطع لميس تحمل الأسئلة الجارحة التي وُجهت إليها ، راحوا يسألونها عن تفاصيل علاقتها بعلي بفظاظة ، ويسمعونها كلمات تخجل من التلفظ بها أمام أقرب صديقاتها ، فانهارت باكية بعد أن جاهدت ساعات لتبدو واثقة من نفسها ومقتنعة بفعلها الذي لا تعتقد أن فيه ما يشين ، وفي الغرفة المجاورة كان المحقق يضغط على علي الذي فقد أعصابه أمام ادعاءات الرجل بأن لميس قد اعترفت بكل شيء وأن لا مجال أمامه للإنكار. اتصل مسؤولو الهيئة بوالد لميس وأخبروه أنه قد تم ضبط ابنته مع شاب في أحد المقاهي وتم ترحيلها للسجن وعليه أن يأتي لاستلامها بعد أن يوقع تعهداً بعدم تكرارها لهذا الفعل المخل بالآداب مرة أخرى . جاء والدها مصفر الوجه . وقع التعهدات المطلوبة عن ابنته قبل أن يُسمح له باصطحابها للمنزل . في طريق عودتهما حاول الأب كتم غيظه وتهدئة ابنته المنتحبة قدر المستطاع . وعدها ألا يخبر والدتها وأختها عما حصل ، على ألا تعود للقاء زميلها هذا خارج مبنى الجامعة مرة ثانية . صحيح أنه يسمح لها بالخروج وحيدة مع أبناء عمومتها وأبناء أصدقائه وصديقات والدتها في جدة ولكن ، جدة غير ! شعرت لميس بالشفقة على علي بعد أن سمعت الشرطي يهمس في أذن والدها في مبنى الهيئة أنهم اكتشفوا أن الفتى الذي كان معها من الرافضة ، وأن عقابه سوف يكون أقسى بكثير من عقابها هي . لأول مرة تجد في الرياض اضطهاداً لفئة من المواطنين أكثر من اضطهادهم لأهل الحجاز . انقطعت علاقة لميس بعلي منذ ذلك اليوم ، كما انقطعت علاقتها بأخته فاطمة ، التي استمرت تجحدها بنظرات حارقة كلما التقت عيناهما وكأنها تحملها مسؤولية ما حدث . مسكين علي . لقد كان شاباً لطيفاً ، وبصراحة ، لو لم يكن شيعياً ، لكانت أحبته !
(24)
فراس : الرجل شبه الكامل! للنساء غرائز تحبب إليهن القسوة ، وقد فعلنا نحن الرجال كثيراً لتحريرهن ، فأبين إلا أن يكن لنا عبيداً ، وإلا أن نكون لهن أسياداً . أوسكار وايلد لقد مللت من الردود تتنبأ بشخصيتي بعد كل إيميل ! هل هذا حقاً ما يهمكم بعد كل ما كتبت ؟ أن أكون قمرة أو ميشيل أو سديم أو ليمس ؟ أولكْ كبروا عقولاتكون شوي !

** قالت سديم لقمرة بحماسة : - ما كنت عارفة إن الشوبنج للبيبي ممتع كذا ! يا لبّي سلّم (يا ربي سلم)! حاجاتهم مرة كيوت ! بس لو الله يهديك ورتضين تشوفين بالسونار البيبي ولد ولا بنت كان عرفنا وش نشتري له من ملابس ! مع انشغال أختي قمرة الأكبر منها – نفلة وحصة - بزوجيهما وأبنائهما ، وانشغال أختها شهلاء طالبة الثانوية العامة بدراستها وامتحاناتها اقترحت سديم على قمرة أن تذهب معها لشراء مستلزمات الوليد المنتظر ، وفي بعض الأيام عندما تشتد على والدة أم قمرة آلام الروماتيزم ، كانت سديم تصطحب صديقتها بدلاً منها لمراجعة طبيبة النساء والولادة لمتابعة تطورات الحمل . - لاحقين ، بعدين ما تفرق . خلينا نشتري الأشياء الأساسية والباقي بعد الولادة . - يا برودك ياختي ! أنا لو منك كان ما قدرت أصبر إلى أن يقولون لي ! وانتِ تجيك الدكتورة إلى حد عندك وتولين لها ما أبغي أشوف ! - يا سديم انتِ مانتِ فاهمة . أنا ماني متحمسة لهذا البيبي ! هذا البيبي بيجيني ويغير كل حياتي . بعده مين بيرضى يتزوجني ؟ خلاص يعني ؟ با عيش باقي حياتي مرتبطة بهالولد اللي أبوه ما يبه ولا يبي أمه ؟! يروح راشد يعيش حياته حر ومن غير قيود ويحب ويتزوج ويسوي كل اللي يبغاه وأنا أعيش في هم ونكد باقي عمري!! ما أبغي هالبيبي يا سديم ! ما أبغاه ! تنخرط قمرة في بكاء يائس داخل السيارة وهما في طريقهما لمنزل قمرة ، وتعجز سديم عن إيجاد الكلمات المقنعة لمواساتها . لو أن قمرة عادت للدراسة معها في الجامعة ! لكنها أصرت على كسلها . جسمها الذي كان يُضرب به المثل في النحول حتى كان الجميع يسميها (أم العصاقيل) أصبح مكتنزاً بالشحوم من كثرة الخمول وقلة الحركة ! لابد وأنها تعاني من الملل وهي حبيسة المنزل ، حتى أختها شهلاء التي تصغرها كانت أكثر حرية منها بحكم أنها (ليست مطلقة) وموضي ابنة عمتها الآتية من القصيم للسكن معهم بعد أن التحقت بكلية في الرياض لا تكف عن مضايقتها بانتقاداتها لنمص الحواجب وعباءة الكتف التي ترتديها قمرة عوضاً عن عباءات الرأس الساترة ، أما أكبر إخوتها الذكور ، محمد وأحمد فكل منهما مشغول بأصدقائه ومغامراته مع الفتيات اللواتي (يرقمهن) كل يوم ، لم يتبق لها من يؤنسها سوى نايف ونواف اللذين لم يتعديا سن العاشرة والثانية عشرة . ماذا تقول سديم لقمرة وكيف تسري عنها ؟ ليس هناك أسوأ ممن يدعي مواساة حزين وجداول السعادة تترقرق في عينيه ! لو أنها تستطيع تصنع التعاسة على الأقل ! ولكن كيف تستطيع ذلك ومعها فراس ؟! لقد استجاب الله دعاءها وأهداها فراس من عنده . كم تضرعت لله بعد انفصالها عن وليد حتى يعيده إليها ! بعد أن تعرفت على فراس صارت حرارة دعائها تخفت تدريجياً ، حتى تحول الدعاء من رغبة في عودة وليد إلى دعاء لتقرب فراس . لم يكن فراس رجلاً عادياً ! كان مخلوقاً رائعاً يستحق منها أن تشكر الله عليه ليلاً ونهاراً . ما الذي ينقصه ؟ لابد وأن شيئاً من ينقصه ، أو أن ثمة أمر يعيبه ! لا يمكن لبشر أن يكتمل إلى هذا الحد ! فالكامل وجه الله !! لكنها عاجزة عن إدراك هذا النقص ، واكتشاف هذا العيب . الدكتور فراس الشرقاوي ، صاحب المركز المرموق ومستشار علية القوم ، الدبلوماسي المثقف ، صاحب العلاقات الاجتماعية المميزة . الشخصية القوية التي تقود ولا تقاد ، تحكم ولا تُحكم ، العقلية الفذة التي تثمر يومياً عن قرارات مدروسة ، تثبت بسرعة نجاحها وحكة صاحبها . سرعان ما ذاع صيت فراس بعد عودته من لندن ، وصارت صوره تتصدر صفحات الصحف والمجلات ، بصفته مستشاراً في الديوان الملكي . كانت سديم تشتري نسختين من كل صحيفة أو مجلة تحوي لقاءً معه أو خبراً أو صورة ، نسخة لتحتفظ بها ، والأخرى من أجله ، فمشاغله اليومية تمنعه من متابعة أخباره على الصحف والمجلات ، وأهله كما استشفت منه ليسوا بحريصين كثيراً على قراءة الجرائد وتتبع أخباره فيها ، فأبوه (الشايب) كما يسميه رجل طاعن في السن يعاني الكثير من المشاكل الصحية ، وأمه ربة منزل لا تحسن القراءة ولا الكتابة ، وأخواته البنات آخر همهن السياسة وأعلامها . رفعت ظروفه العائلية من قدره في عينيها ، هذا هو الرجل المكافح الذي صنع كل شيء من لا شيء وسيصل يوماً بجهده وحده إلى أعلى المناصب ! كانت حريصة على أن تقرأ له كل ما يُكتب عنه ، وصنعت له سراً دفتراً مليئاً بقصاصات عنه ، لتهديه إياه في يوم زفافهما . لم تتسرع في تفكيرها وتخطيطها ، حتى نحن صديقاتها لم نعتقد أنها تسرعت في ذلك ! بدا الأمر محتوماً بالنسبة للجميع ، لها ولنا وله . كانت تلميحاته واضحة لا غبار عليها ، ومع أنه لم يذكر الزواج صريحاً ، إلا أن الفكرة كانت تدور في باله منذ يوم عمرته . من داخل الحرم اتصل بها ، كان في رحلة رسمية لأداء العمرة مع بعض الشخصيات المهمة ، سألها عما تود منه الدعاء لها به . - ادعُ لي إن الله ينولني اللي بقلبي ، وانت عارف (اللي بقلبي)! أخبرها بعد أيام أن اعترافها الخجول ذلك اليوم أغرق قلبه في بحر من اللذة التي لم يشعر بمثلها من قبل . بعد جرأتها معه تجرأ هو في أفكاره وبدأ يبحر بخياله منذ ذلك اليوم نحو الارتباط بها . كشف لها عن إحساسه بانجرافه الشديد نحوها وهو الرجل الرصين الذي يحسب لكل خطوة من خطواته ألف حساب ، وصار لا يخفي غيرته عليها وحرصه على معرفة كل ما يدور في حياتها . أقر لها بأنها الوحيدة التي استطاعت أن تتسرب إلى حياته وتعبث بجدوله اليومي الدقيق وتحرضه دون جهد منها على السهر وإهمال أعماله وتأجيل مواعيده في سبيل قضاء أكبر وقت معها على الهاتف ! كان الغريب في فراس التزامه بالدين على الرغم من قضائه ما يزيد عن عشر سنوات في الخارج ، فهو لم يبدو متأثراً بالتحرر الغربي أو متأففاً من أوضاع البلد كغيره ممن يقضي بضع سنوات في الخارج فيصبح كارهاً لكل شيء في بلاده ، حتى مع كونه من أشد المعجبين به والمدافعين عن سياسته قبل السفر ! . لم تتبرم بمحاولاته للتأثير عليها ، بل على العكس ، وجدت في نفسها ميلاً قوياً واستعداداً لتقبل جميع أفكاره واعتناقها ، خاصة وأنه لم يكن صريحاً في محاولاته ، وهذا ما أعبجبها! مجرّد تأخير لمكالمة ما قبل النوم اليومية حتى تتوافق وموعد صلاة الفجر ، وتلميح بريء حول الحجاب كذلك الذي قام به وهما على متن الطائرة ، وتحذير غيور من مضايقات الشباب الذين يلاحقون الفتيات الكاشفات أوجههن في الأسواق . هكذا وبالتدريج ، جهدت سديم في سبيل الاقتراب من الكمال حتى يحق لها الارتباط بفراس ، الأقرب منها بكثير إلى الكمال ! لم يُشعرها فراس يوماً بأنها بحاجة لبذل الجهد في سبيل الوصول إليه ، كان هو الأحرص على الاتصال بها والقرب منها . كان لا يُسافر إلا بعد أن يطلعها على جهة سفره وموعده ويملي عليها عناوين وأرقاماً يمكنها الاتصال به عليها إن تعذر عليه هو الاتصال لطمأنتها . كان الهاتف هو المتنفس الوحيد تقريباً للحب الذي جمع سديم بفراس ، مثل كثير من الأحباء في بلدهما ، لكن أسلاك الهاتف في هذه البلاد كانت قد اتسعت أكثر من غيرها في البلدان الأخرى لتتحمل كل ما يسري فيها من قصص العشاق وتنهداتهم وتأويهاتهم وقبلاتهم التي لا يمكنهم ( أو هم لا يريدون ، نظراً للتعاليم الدينية والتقاليد الاجتماعية ) استراقها على أرض الواقع . شيء وحيد كان ينغص على سديم هناءها وسعادتها ، علاقتها السابقة بوليد . سألها فراس عن ماضيها في بداية علاقتهما فانطلقت تخبره كل شيء عن وليد ، كبوة ماضيها الوحيدة التي تخفي جراحها عن الجميع . استزادها وتعمق في التفاصيل لكنه بعد الشرح بدا متفهماً وحنوناً ، إلا أن ما أربكها هو طلبه ألا تحدثه عن هذا الموضوع مرة أخرى ت! هل أزعجه الحديث عن ماضيها إلى هذه الدرجة ؟ مع أنها كانت تود لو يقلب صفحات قلبها بنفسه كل ليلة حتى يتأكد من خلوه من كل شيء سواه . ودت لو شاركته كل ما في نفسها ، لكنه كان صارماً في قراره كالعادة ، فصار وليد الشيء الوحيد الذي لا يمكن لها مناقشته مع نفسها ، فراس ! - طيب وانت يا فراس ؟ ما كانت لك تجارب سابقة ؟ لم يكن سؤالاً بغرض التحقيق أو التنقيب عن جرح في قلبه يقابل جرحها ويساويه بهذا ! كان حبها لفراس أكبر من أن يتأثر بماض أو حاضر أو مستقبل ، وكانت ستظل الأبعد بينهما دائماً عن الكمال ! كانت مجرد محاولة فضولية ساذجة للعثور على خدش في ركبة فراس يبت لها أن بشر مثلها ! - لا تسأليني هذا السؤال مرة ثانية إن كنت حريصة علي . ومن أحرص منها عليه ؟ لا كان سؤالاً ولا كانت هي وليذهب الفضول إلى الجحيم!!.
(25)
ولادة متعسرة لابن المتعسر حدثنا يحيى بن بكير : حدثنا الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب : أخبرني أبو سلمة قال : قال أبو هريرة رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله : يسب بنو آدم الدهر ، وأنا الدهر ، بيدي الليل والنهار . صحيح البخاري : 6181 أنا أدعو للرذيلة والانحلال ؟ أنا أشجع الفساد وأتمنى أن أرى الفاحشة تعم في مجتمعنا المثالي ؟ أنا أريد استغلال المشاعر المقدسة في غير غرضها الشريف ؟ أنا ؟؟! سامح الله الجميع ، وأزال عن أعينهم الغمة السوداء التي تجعلهم يفسرون كل ما أقول على أنه فسق ومجون . لا أملك سوى الدعاء لهؤلاء بأن ينير الله بصائرهم ليسعهم رؤية بعض مما يدور حولهم على حقيقته ، ويهديهم إلى سبل الحوار الراقي دون تكفير أو تحقير أو استهزاء . استغرقت ولادة قمرة تسع مناوبات بين أمها وأخواتها الثلاث وسديم . لم تكن الولادة متعسرة ، لكنها بكر والبكر كما تقول أمها تلد بصعوبة أكثر ممن سبق لها الولادة من قبل . قضت أم قمرة الساعات السبع الأخيرة من الولادة في غرفة الولادة مع ابنتها ، لتعمل على تهدئتها والتخفيف عنها . كانت قمرة تصرخ مع كل طلقة : - الله ياخذك يا راشد ! - يا رب يصير فيك هاللي فيني وأكثر ! - ما أبغي ولده ما أبيه ! خلوه جوا ما أبغي أولد ! - يمه نادي راشد ... يمه قولي له يجي ... يمه حرام عليه ليش يسوي فيني كذا ... والله ما سويت له شي ... والله تعبت !ماني قادرة أستحمل ! وتشهق بالبكاء بمرارة بصوت يخفت تدريجياً كلما ازداد دوراها مع تسارع الطلق واشتداد الألم . - أبغي أموت وارتاح . خلاص ما أبغي أولد ! ليه كذا يصير فيني ؟ ليه يمه ليه ؟! بعد ستٍ وثلاثين ساعة من المخاض ، سُمِعَ بكاء طفل حديث الولادة في غرفة قمرة تقافزت شهلاء وسديم فرحاً خارج الغرفة وهما بانتظار معرفة جنس المولود الذي أخبرتهم الممرضة الهندية بعد دقائق أنه صبي . رفضت قمرة حمل وليدها بعد أن لمحته ملطخاً بالدماء ومستطيل الرأس ومجعد البشرة بشكل مخيف ! ضحكت الأم منها وأخذته بعد أن قامت الممرضة بتنظيفه وهي تسمي عليه وتذكر الله : قمر يا بنيتي ! ما شاء الله ! طالع على أميمته !! سألت سديم صديقتها بعد ساعات وهي تتأمل بحنان بالغ ذلك الصغير مغمض العينين بين يديها ، وتبحث عن أصابعه الناعمة لتقبض على سبابتها برقة . - وش قررتي تسميه ؟ - صالح . - صالح على مين ؟ - على اسم جده لأبوه . يمكن الاسم يحنن قلب راشد عليه شوي ! كان راشد ما يزال في أميركا عند ولادة قمرة ، ورغم أن والدته قد قامت بزيارتها في المستشفى وبعد عودتها إلى منزل أهلها عدة مرات ، ووالده أيضاً قد عادها مرتين وفرح كثيراً بتسمية الطفل على اسمه ، إلا أن قلب قمرة حدثها أن هذه الزيارات من أهله والهدايا والنقود هي أقصى ما سيمنحها إياه راشد هي وابنهما . في فصل الصيف ، قررت الأم أن تسري عن ابنتها التي شاخت قبل أوانها ، فسافرت وإياها وبقية العائلة لمدة شهر إلى لبنان ، تاركين الطفل الرضيع عند خالته نفلة. في لبنان ، خضعت قمرة لبرنامج (سمكرة) معتبرة ! بداية بعملية تجميل للأنف ، وصولاً إلى جلسات تقشير البشرة وتنظيفها والعناية بها ، مروراً بنظام الريجيم القاسي والتمارين الرياضية تحت إشراف اختصاصي رشاقة ، وانتهاءً بصبغ الشعر وقصه على أيد أمهر المزينين في لبنان . عادت قمرة إلى الرياض وهي أجمل بقليل من ذي قبل ، إلا أن الفرق بدا واضحاً للذين لم يروها منذ زمن ، أمّا من شاهدوها قبل أن تتمكن من نزع غطاء الجرح عن أنفها كموضي ، فأخبرتهم أن أنفها قد كُسر في حادث تعرضت له في لبنان ، واستلزم الأمر تدخلاً جراحياً ، لكنها لم تجرِ عملية تجميل بعدها كما عرض عليها الطيب ، لأنها تؤمن كما يؤمن الجميع بأن عمليات التجميل حرام .

(26)
عالم التشات ، عالم آخر ! ولله غيب السماوات والأرض وإليه يُرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافلٍ عما تعملون سورة هود:123 تملئني النشوة وأنا أستمع للحديث الدائر عني في كل مجلس أكون فيه ! أحب دائماً أن أشارك الحضور في حديثهم وأعطي توقعاتي مثلهم ، وفي منزلنا أطبع الإيميل الذي أرسله كل جمعة لكم وأقرأه على أهل البيت مثلما تفعل جميع البنات ! أشعر في تلك اللحظات بلذة توازي لذة التمدد تحت غطاء سرير ناعم بعد عناء يوم شتوي شاق ، أو لذة من يدير المذياع في لحظة ملل ليفاجأ بأن أغنيته المفضلة تذاع من بدايتها !

** بدأت علاقة لميس بالإنترنيت منذ كانت في الخامسة عشر من عمرها ، عندما بدأ والدها باستخدام الإنترنت عن طريق البحرين ، ثم مع دخول الإنترنت السعودية وهي في السابعة عشر بدأت تتعرف على ذلك العالم المثير عن قرب . كانت في الصف الثالث الثانوي عندما قام والدها بالاشتراك بخدمة الإنترنت ، فظلت علاقتها بالإنترنت محدودة بحكم خوفها على معدلها في تلك السنة المصيرية ، أما بعد التخرج فصارت تقضي ما لا يقل عن أربع ساعات يومياً على الإنترنت ، 99% منها على برامج المحادثة المختلفة (التشات) من ياهو ، ومايكروسوفت ، وآي سي كيو ، وإم آي آرسي ، وأي أو إل . كانت لميس تشتهر بسرعة بين أعضاء التشات بخفة دمها وشقاوتها ، وحتى مع حرصها على تغيير لقبها في التشات باستمرار إلا أن الكثيرين كانوا يكتشفون أن (السوسة) هي نفسها (عفريت) و (معسل) هي دلوعة بابا و(فرخة الجمعية) هي ( بلاك بيرل)! كانت تضحك من شكوك جميع الشباب الذين تحادثهم والذين لا يصدقون كونها بنتاً! - يا بوشنب اخلص علينا والله مانت بنية . - ليه طيب ؟ - يا خي البنات ما صلات ودمهم ثقيل وانت بصراحة محشش ! - يعني لازم أسوي نفسي تقيلة دم عشان تصدق إني ماني ولد ؟ - لا أنا عندي لك حل ! إن كنت فعلاً بنت ، سمعنا صوتك . - ههههههههههههه لا يا شيخ ؟ كان غيرك أشطر ! العب غيرها . - تكفين بس عطيني ألو ، وإذا ما ودك بالتليفون خليها في المايك ، بس عشان تثبتين لي إنك بنت مانت بولد . - عنك ما صدقت يا حبيبي ! - أخخخخخ . عورني قلبي على هالكلمة ! لا خلاص صدقت إنك بنت ! كلمة حبيبي طالعة من بُقك زي العسل ! - هههههههههه .... لا خلاص خليني أبو شنب أحسن من العسل وبلاويه ! - لا لا لا . أنا أشهد إنك أحلى شنبة ( واحد ما هو عارف وش يختار ولد ولا بنت ! محتاااااااااار ). - أحسن ! - طيب باسألك سؤال بيخليني أعرف إن كنت بنت ولا ولد . - أسأل يا عملي الأسود في حياتي . - رُكبك سود والا بيض ؟؟؟ - هههههههههه حلوة ! طيب أنا كما بأسألك سؤال أعرف منو إزا كنت بنت ولا ولد. - إسألي يا بعد عمري ! - أظافر رجولك سودا والا بيضا ؟؟؟ - هههههههههههه قوية ! وش دراك ؟ عاد هاذي ماركتنا المسجلة ! - شفت كيف؟! قال ركب سودة قال ! روحوا يا حبايبي شوفوا البلاوي اللي فيكو بعدين تعالوا تكلموا ! حصلت لميس من خلال التشات على عدد هائل من أرقام هواتف الشباب الذين عجزوا عن أن يحصلوا منها على أكثر من كلمات على شاشة . صرح لها المئات بإعجابهم بشخصيتها ، والعشرات بحبهم لها ، لكنها ظلت على قناعتها ، التشات مجرد وسيلة للضحك والتسلية و(الاستهبال ) على الشباب في مجتمع لا يسمح بذلك في أي مكان آخر . تعرفت قمرة على التشات من خلال لميس . كانت لميس في بداية الأمر تدعوها للدخول معها أثناء الساعات التي تقضيها على النت لتعرفها بأصدقائها أو لاين ، وشيئاً فشيئاً أدمنت قمرة التشات وصارت تصل الليل بالنهار وهي تحادث هذا الشاب أو ذاك أو ذاك أو ذاك ! منذ البداية ، أوضحت لميس لقمرة حقائق التشات وخفاياه . أخبرتها عن حيل الشباب المعروفة وألاعيبهم المكشوفة والتي قد تنطلي على حديثة عهد بالإنترنت مثل قمرة، حتى أنها قرأت لها بعضاً من الأحاديث القديمة لها مع أصدقائها على الإنترنت والتي تختزن أوتوماتيكياً على جهاز الكمبيوتر في بعض برامج المحادثة . - شوفي يا قمرة ، كل الشباب ستايلهم واحد لكن بينهم اختلافات بسيطة . مثلاُ اللي يجي من الرياض غير عن اللي يجي من الشرقية غير عن اللي يجي من الغربية وكدا . خليني أكلمك عن ستايل شباب الرياض بما إنهم يور مين إنترست : أول حاجة حيقول لك : ممكن أعرف إسمك ؟ انتي طبعاً ما تديلوا اسمك الحقيقي ، إما تديه اسم يعجبك أو تقولي لو سوري ما أبغي أقول اسمي . أنا عن نفسي أشتري دماغي وأقول أية اسم ، بس انتبهي كل واحد أديتيه أي اسم ! أنصحك تعملي زيي ، تسجليهم في دفتر علشان ما تتلخبطي ، أو تختاري اسم واحد ثابت ، بس كده أنا أحسو زهق ! بعد الاسم بكم يوم حيقول لك أنا معجب بشخصيتك وما عمري شفت زيك ، ممكن نتكلم بالتليفون ؟ حيطفشك وزن عليك وما حتوافقي طبعاً بس برضو حيديكي رقمو ! بعد كم يوم حيطلب صورتك علشان يبعث لك صورتو ، بس في الأخير حيمل ويبعتها من غير ما تبعتي لو حاجة . ساعتها ستي حتشوفي واحد من اتنين ! إما واحد جالس ورا مكتب وماسك قلم ووراه علم السعودية ، أو واحد عامل فيها بدوي وجالس جلسة عربية على الأرض ومتلتم وواحدة من ركبتيه مرفوعة ومسند دراعو عليها ، وما ناقصو غير صقر على كتفوا ويطلع في برنامج مضارب البادية ! بعدين حيقول لك إنو حب واحدة قبل سنتين وتزوجت . كانت تموت في دباديبو بس جالها عريس كويس وما قدرت تقول لأهلها لاه ، وهو ياحبة عين أمو كان لسه صغير وما يقدر يفتح بيت فاضطر يضحي سعادتو علشان سعادتها وقال لها يا بنت الحلال لا تربطي نفسك بيا وشوفي مستقبلك ونصيبك والله يوفقك ! بعد الاعترافات راح يبدأ يترك لك مسجات أوف لاين ، أغنية رومانسية والا قصيدة والا عنوان موقع شاعري حلو على الإنترنت ، وكما كم يوم حيتعترفك بحبه . راح يقول لك أنا كنت أدور على بنت متلك من زمان وأبغي أخطبك بس إحنا لازم نعرف بعض أكتر ونتكلم على التليفون (وفي بالو إنو راح يطلع معاك بس ما راح يصرح لك بكده وكفاية التليفونات في البداية عشان ما يخوفك)! بعدين شويه شويه حتبدأ مرحلة تقالة الدم ، واستلمي : ليش مطنشتيني ؟ ليش ما بتردي على مسجاتي بسرعة ؟ لا تكوني تكلمي واحد ثاني ؟ ما أبغاكي تكلمي واحد غيري. با غير عليكي . إزا جيتي مرة ثانية وما لقيتيني لا تظلي أو لاين ، ومن هادا الكلام اللي يسم البدن ويخليكي تديلوا بلوك والا اقنور على وشو زي الحلاوة علشان يبطل يعمل نفسو طرزان علكي مرة تانية ، وتروحي تشوفي غيرو !! أهم حاجة يا قمورة إنك ما تثقي بأحد ولا تصدقي أي واحد . حطي في بالك إنو مجرد لعب وإنو كل هدول الشباب نصابين ويبغو يضحكو على البنات الهُبُل ...). لم يكن أسلوب قمرة في التشات بجمال أسلوب لميس ولذلك فإن من تحمسوا لها بعد معرفتهم أنها صديقة لميس سرعان ما انفضوا من حولها بعد أن اكتشفوا أنها ليست بخفة دم صديقتها وسرعة بديهتها . بدأت قمرة تكوين صداقات جديدة بنفسها ، تعرفت على أناس من بلدان مختلفة ، وأعمار متفاوتة ، ومثل لميس ، لم تتعرف على أي من الفتيات . كان كل من على لوائحها للأصدقاء من الجنس الآخر . في إحدى الأمسيات المملة تعرفت على سلطان ، شاب بسيط ولبق في الخامسة والعشرين من عمره ، يعمل بائعاً في أحد محلات الملبوسات الرجالية . كان حديثه ممتعاً وكان يقرأ ما تكتبه له باهتمام ، ويضحك لنكاتها بمرح ويكتب لها الكثير من أبيات الشعر النبطي التي ينظمها بنفسه . مع مرور الأيام ، صارت تكتفي هي من الأصدقاء بسلطان وصار هو يكتفي من الصديقات بها ، كان يدعوها بلقبها على الإنترنت شموخ . حدثها كثيراً عن نفسه ، وبدا لها صريحاً وصادقاً وخلوقاً ، إلا أنها لم تستطع أن تعترف له بشيء عنها فاكتفت باسم شموخ ، وكذبة صغيرة مفادها أنها طالبة في أحد الأقسام العلمية بالجامعة . في تلك الأثناء ، كانت لميس قد تعرفت عر الإنترنت أيضاً على أحمد ، طالب الطب في جامعتها وكان كلاهما في السنة الثالثة . صار أحمد يضع لها نسخاً من الملخصات المهمة في إحدى المطابع لتستلمها من هناك فيما بعد ، وكانت هي ترسل له رسائل إلكترونية تحمل أهم النقاط التي قام الدكتور بالتركيز عليها قبل الامتحان ، فقد كان الدكاترة يتساهلون مع الطالبات أكثر من تساهلهم مع الطلاب والعكس صحيح ، ولذلك فقد كان الشاطر من تصله أخبار الدكاترة من البنات والشاطرة من تصلها أخبار الدكتورات من الأولاد ! لأسباب مهنية بحتة مثل اقتراب موعد الامتحانات وتقلص ساعات الجلوس أمام شاشات الكمبيوتر وازدياد الحاجة لردود سريعة تتعلق بسؤال في أحد الامتحانات أو ملاحظة خاصة بأسلوب أحد الأساتذة في الاختبارات الشفوية ، انتقلت العلاقة بين أحمد ولميس من شاشة الكمبيوتر إلى سماعة الهاتف الجوال .
(27) ' seerehwenfadha7et' Date: 13/8/2004 Subject : سلطان الإنترنتي إذا ما كنتش قد الحب ما تحبش ! محمود الميليجي لم يعد يمر أسبوع من دون أن أقرأ موضوعاً يتناولني في جريدة أو مجلة أو منتدى على الإنترنت . فوجئت عند وقوفي في صف المحاسبة في السيفواي بمجلة شهيرة معروضة وقد كتب على غلافها : آراء المشاهير في القضية الأكثر سخونة حالياً في الشارع السعودي . لم أشك طبعاً بكوني تلك القضية الساخنة . ابتعت المجلة بهدوء وتصفحتها في السيارة وأنا أكاد أطير من الفرح ! أربع صفحات مليئة بصور كتاب وصحفيين وسياسيين وممثلين ومطربين ورياضيين يدلون بدلوهم في قضية الإيميلات ذات المصدر المجهول والتي تشغل الشارع السعودي منذ أشهر ! قرأت بضعة أسطر من حديث الأدباء فلم أفهم شيئاً . قالوا أنني أنتمي للمدرسة الانطباعية بين التناقض بين الانطباعية التأثيرية والتعبيرية إلا أن صاحب الرأي يصر على أنني أول من جمع بين الاثنتين ! لو يدري أنني لا أعرف معنى أي منهما حتى أجمع بينهما ! انتقلت لأسطر اللاعبين والممثلين وقرأت مديحاً يثلج الصدر ، إيه ! هذا الكلام ! ما لنا والسريالية الميتافيزيقية التأثيرية الحنطفيسية !!

** - سديم تتوقعين إن في أمل راشد يحن على ولده ويجي يشوفه في يوم من الأيام ؟ - ما عليك منه . هماه يرسل فلوس مع أمه والا أبوه ؟ خلاص هو بقريح ! وش تبين به بعد كل اللي سواه ؟ من عافنا عفناه يا قمور لو كان غالي ! تتأمل قمرة بعد انتهاء مكالمتها لسديم ألبوم صور زواجها من راشد . تلاحظ عبوسه في جميع الصور بينما تبدو السعادة الانشراح على محياها . استوقفتها صورة لها وسط أخوات راشد ، ليلى المتزوجة أم لطفلين ، وغادة في مثل سنها ، وإيمان في الخامسة عشرة . توقفت لدقائق أمام هذه الصورة وهي تفكر ، وبعد أن توصلت إلى قرارها انطلقت بسرعة نحو جهاز الكمبيوتر ، وقامت بإدخال الصورة إلى الماسحة الضوئية (السكانر) وفي خلال ثوان ظهرت الصورة على شاشة الكمبيوتر أمامها، وببعض الخطوات البسيطة ، أخفت صورتها هي وليلى وإيمان ، وأبقت على صورة غادة فقط . في المساء ، عندما التقت بسلطان على الماسنجر ككل ليلة ، أقنعته بأنها وافقت أخيراً على إرسال صورتها له ، مقابل صوره الكثيرة التي أرسلها إليها . أرسلت له صورة غادة وهي ترتجف . أخبرته مقدماً أن الصورة قد التقطت لها وصديقاتها في عرس إحدى الصديقات ، وقد أخفت صورهن جميعاً أمانة منها . بعد أن انتهى من تحميل الصورة على جهازه ، وبعدما عبر لها عن مدى دهشته وإعجابه بجمالها الذي لم يكن يتصوره ، ألقت إليه بتتمة الكذبة ، أخبرته أن اسمها الحقيقي هو غادة صالح التنبل !
** تتصل حصة بأختها الكبرى نفلة لاستشارتها في مشاكلها الدائمة مع زوجها خالد : - تخيلي ياختي إنه صار يعيرني بقمرة ! ما غير يقول لي وش سوت الداشرةووش ما سوت !! كله عشان سمع من أخواني إنهم ركبوا لها نت في البيت ! - ما يستحي على وجهه يقول ذا الكلام ! بس وراه ما علمتي أمي من أول ؟ - علمتها بس تدرين وش قالت لي ؟ قالت زوجك ما عليه من قمرة ! البنت ما عندها شي تفرح بوه وكفاية حبستها بهالبيت ليل ونهار . على الأقل مقابل هالكمبيوتر أهون من الدوران في الشوارع بأنصاف الليالي ! - أمي مكسور خاطرها على قمرة ليش إنها تطلقت . - ويعني ما دام قمرة تطلقت تبيني أنا بعد ألحقها وأتطلق ؟؟ رجلي يبيها من الله! إن سمع عنها شي تسذا ولا تسذا ليرمينن أنا وعيالي في الشارع ! - ما يخسى إلا هو ! وشو ما عندتس بيت أهل تقعدين بوه ؟ - من زين قعدة بيت الأهل الحين ! أنا والله كل ما شفت حالة قمرة وهالعيشية اللي عايشتها حمدت ربي على هالبلا اللي عندي ، على قولة المثل : اقضب قريدك لا يجيك اللي أقرد منه ! يالله ، الحمد لله والشكر على كل حال . منذ أن أرسلت له صورة غادة أخت راشد (أو صورتها) وسلطان يكاد لا يفارق النت ! ألح عليها كثيراً حتى تقبل بمحادثته هاتفياً إلا أنها أصرت على الرفض لأنها ليست من (ذلك النوع) من الفتيات . كانت كلما ازدادت رفضاً ، ازداد سلطان تعلقاً بها وتمجيداً لأخلاقها . في الحقيقة ، كانت قمرة قد فكرت ملياً في مسألة المكالمات هذه وقررت أنها لا تستطيع القيام بها لسببين ، أولهما أن هاتفها الجوال باسم والدها ، وهكذا فإن بإمكان سلطان اكتشفا كذبتها ومعرفة أنها ليست صاحبة الاسم الذي تدعيه ، وثانيهما أنها لم تتحمس يوماً لفكرة محادثة شاب غريب هاتفياً ، وإن كانت تشعر بقرب سلطان منها وتحس بصدقه والتزامه ، إلا أن شيئاً ما بداخلها ظل رافضاً للفكرة ومستهجناً إياها . بعد ليالٍ طويلة من السُهاد ، ودموع كثيرة ذرفتها ندماً على فعلتها غير المبررة باستغلال صورة غادة للانتقام من راشد ، وبعدما حدثتها والدتها عن مشاكل حصة مع زوجها بسبب إدمانها هي على الإنترنت ، اتخذت قمرة قرارها الصعب بالانسحاب من عالم التشات السحري والبعد عن طريق سلطان الطيب الذي لا يستحق هذا العبث منها ، خاصة بعد أن بدأ يحدثها عن رغبته بالاقتران بها . اختفت قمرة بلا مقدمات وانقطعت أخبارها ورسائلها عن سلطان الذي ظل يكتب لها إيميلات الشوق والحب والاستعطاف لشهور طويلة دون أن ترد عليه يوماً .
(28)
هل أحبها ماتي وهل أحبته عندما تبرد المحبة في قلب المرأة ، لا تعود كل أجواخ العالم تُدفئها . نيلسون نصحني القارئ إبراهيم بأن أصنع لنفسي – أو أن يصنع هو لي – موقعاً على الإنترنت أنشر فيه رسائلي منذ الرسالة الأولى وحتى الأخيرة ، حماية لها من السرقة والضياع ، وحتى أضمن المزيد من القراء لرسائلي حيث سيتم وضع إعلانات وروابط وأشياء أخرى في الموقع كتب لي عنها بإسهاب . أشكرك يا أخي على حرصك وتعاونك ولكنني لا أفهم في تصميم المواقع أكثر مما أفهم طبخ البامية ، ولا يمكنني أن أحملك يا إبراهيم عبئاً كهذا قد تحقد علي بعده ، ولذلك فإني سأظل على أسلوبي العتيق في إرسال الإيميلات الأسبوعية بانتظار عرض أفضل ، كعمود أسبوعي في صحيفة أو برنامج إذاعي أو تلفزيوني أو أي اقتراح تجود به قرائحكم! شحاذة وتتشرط !

** استطاع ماتي أن يجعل من حياة ميشيل مغامرة ممتعة لا تنقطع ، وساعدها معنوياً وعملياً على التأقلم مع نمط معيشتها الجديد . كان يشرح لها ما تستصعبه من دروس سواء في المادة التي يدرسها إياها أو في غيرها من المواد ، وكان يهتم بمتابعة شؤونها في السكن الجامعي ويحاول مساعدتها في حل أية مشكلة تواجهها ، ورغم استمتاعها بسكنها المستقل وتلذذها بطعم الحرية التي تجربها لأول مرة في حياتها إلا أنها كانت تقضي في منزل خالها يومياً أكثر مما تقضيه في غرفتها الصغيرة في سكن الجامعة والتي تشاركها إياها فتاة أخرى . بعد تجاوز صعوبة الأشهر الأولى ، واعتيادها على الروتين الجامعي اليومي ، بدأ تندمج في نشاطات الجامعة وتشرك معها ابن خالها ماثيو (ماتي) الذي كان يُشركها بدوره في نشاطاته الأسبوعية هو ورفاقه . نظمت الجامعة لها ولزملائها رحلة برية للتخييم في حدائق يوسمتي أثناء عطلة نهاية الأسبوع ، وانضم ماتي إلى مجموعة المشاركين بصفته رئيس جمعية أصدقاء الطبيعة في الجامعة . هناك ، بين أحضان الطبيعة الساحرة التي لم تر ميشيل شيئاً بجمالها من قبل ، كان ماتي المرافق المناسب في المكان المناسب . كان يوقظها باكراً حتى تجلس معه فوق الصخور الصغيرة في مكان بعيد ليرقبا شروق الشمس التي تتكسر أشعتها على مياه الشلال المتدفقة أمامهما . كانا يتسابقان لالتقاط أجمل الصور لتلك المناظر الخلابة . تثير غيرته بصورة التقطتها لقبلة بين سنجابين حبيبين ، فيرد عليها بعد قليل بصورة لغزال يسد برأسه قرص الشمس فتبدو أشعتها وكأنها قرون عظيمة تمتد على مرمى النظر . اصطحبها معه في إحدى اللونق ويك إندز إلى نابا فالي التي دعاه إليها ويليام موندافي ، حفيد عائلة موندافي أصحاب أشهر مصانع الخمور في العالم ، وأحد أصدقائه المقربين . في مزرعة ويليام أو بيلي كما يناديه الجميع ، تذوقت أفضل أنواع المربى الطازجة واللحوم المشوية والمكرونة المحضرة من قمح المزرعة إلى جانب أفخر أنواع النبيذ من الشاردونيه والكابرنيه سوفنيو. كانت هذه أمثلة من عطل نهاية كل أسبوع ، أما في العطل الطويلة إلى حد ما والتي لا تسافر فيها للسعودية كعطلة عيد الفصح فقد كان يصطحبها بسيارته إلى لاس فيغاس أو لوس آنجليس . كان خالها يُعد من أبناء الطبقة الراقية أو ما فوق المتوسطة في سان فرانسيسكو ولذلك فقد كان ماتي براتبه الشهري من الجامعة ومساعدة والده ، إلى جانب ما يرسله لها والدها من مصروف شهري كبير ، يرسم لهما معاً خططاً ممتعة لقضاء أية إجازة بشكل غير اعتيادي . أخذها في لاس فيغاس إلى عرض راقص لفرقة لورد أوف ذا دانس الشهيرة ، كما فاجأها بتذكرتين لحضور العرض المائي الباهر (ذي أو شو) للسيرك دو سوليه ، أما في لوس آنجليس فقد كانت هي قائدة الرحلة بحكم زيارتها لها من قبل . أخذته إلى الروديو داريف في النسيت بوليفارد لتمارس أولاً وقبل كل شيء هوايتها في التسوق رغم تذمره ، ثم أمضيا السهرة في تدخين الشيشة في جبسي كافيه ، أما في اليوم التالي فاستمتعا بالسير في البالم بيتش قبل أن يسهرا في مطعم بيبلوس الذي لاحظت تواجد السعوديين فيه بكثرة بصحبة صديقات هنديات وإيرانيات . كان السعوديون يشكون بكونها سعودية بسبب ملامحها ويستغربون وجودها مع شاب أمريكي ، لكن لكنتها الأمريكية المتقنة أثناء حديثها مع ماتي بددت شكوكهم وأبعدتهم عن ملاحقتها بنظراتهم التي تتصيد الفتيات الخليجيات. خلال أيام الأسبوع ، كان يأخذها إلى الحي الصيني حيث الدكاكين الصغيرة والمطاعم الصينية التقليدية . كانا في كل مرة يزوران فيها الحي الصيني يتناولان عصير الكوكتيل الممزوج بالتابيوكا التي تجعل الشراب لزجاً بعض الشيء وأشبه بالصمغ . في فصل الربيع كان يحب اصطحابها لتأمل منظر الغروب من على شاطئ سوساليتو القريب من القولدن قيت . كان يعزف لها أنغاماً ساحرة على غيتاره حتى تنغمس كعكة المس في كوب البحر ، أما في أيام الشتاء فكان كثيراً ما يصطحبها لشرب الكاكاو الساخن في جيراديللي الذي يطل على سجن الكاتراز الشهير العائم وسط البحر ، فيحتسيان شرابهما الساخن وهما يتأملان منارته المضيئة من بعيد والتي تقف دليلاً للسواح والمقيمين على ماضٍ أمريكي مثير للاشمئزاز في قسوته وسواده . كان أكثر ما يعجبها في ماتي احترامه لوجهة نظرها مهما كان الاختلاف بينهما . هي نفسها كانت تلاحظ تسلطها في إقناعه بوجهة نظرها في كثير من الأحيان ، إلا أنه كان دوماً يشرح لها أن اختلافاتهما لا تعني أكثر من كونها اختلافات في وجهات النظر ، وعلى ذلك فليس من المجدي أن يزعجا نفسيهما بمحاولة تغيير أحدهما الآخر من أجل أن يشبها بعضهما في كل شيء ! اعتادت ميشيل في بلادها أن تنسحب من النقاشات بعد أن يتحول الحوار إلى مشادات كلامية ساخنة وتسفيه للآراء ، وكان تتحاشى التعبير عن آرائها صراحة إلا أمام من (تمون) عليهم كصديقاتها المقربات . كانت تلاحظ أن الرأي العام في بلادها لا يعبر بالضرورة عن الرأي العام الفعلي ، لأن الناس كانوا يترددون كثيراً قبل أن يدلوا برأيهم في قضية ما حتى يتحدث أحد الشخصيات القوية أو أصحاب الكلمة المسموعة بين الناس فيقوم الباقون بتأييده . كان الرأي العام علاقة متعدية تترتب على رأي واحد ، رأي الأقوى . هل أحبها ماتي وهل أحبته ؟ لا يمكن إنكار أن كل هذا القرب على مدى عامين متواصلين والاهتمامات المشتركة ساهمت في التقريب بينهما إلى حد كبير ، وأنه مرت عليها لحظات تخيلت فيها أنها تحبه بصدق ، خاصة بعد أمسية شاعرية على رمال المحيط أو بعد نجاحها بتفوق في مادة من أصعب المواد بعد استماتة ماتي في تدريسها إياها قبل الامتحان ، لكن فيصل ظل مخبئاً في أحافير قلبها ، سراً دفيناً لا تستطيع البوح به لماتي الذي يعرف عن السعودية أقل مما أعرف عن أنا عن تصميم المواقع وطبخ البامية مجتمعتين ، ولا يمكنه بأي حال من الأحوال تخيل القيود التي أحكمت بقسوة على حبها لفيصل ومنعته من الارتباط بها . يظن ماتي الذي ينحدر من بلاد الحرية أن الحب كائن خارق يصنع المعجزات . هي نفسها كانت تعتقد ذلك في بداية صباها ، قبل أن تعود من أميركا للعيش في بلادها التي ثٌعامل الحب فيها كنكتة خارجة يمكن التندر بها لفترة قبل أن يمنع تداولها من قبل جهات عليا .
(29)
فراس غير متى أحبت المرأة ، كان الحب عندها ديناً ن وكان حبيبها موضع التقديس والعبادة. طاغور خالد(الشريه) بعث لي دعوة للكتابة في مجلة (الديمن) لصاحبها (ابن السبيت) ، والتي ترأس تحريرها الدكتورة شريفة (الهاص) . بما أنني اكتشفت الآن أن الشحاذ قد يحصل على ما يريد عندما يتشرط ، فسأنتظر حتى أحصل على عرض بتقديم برنامج تلفزيوني أو إذاعي مثل برنامج إضاءات لتركي الدخيل . ما فيش حد أحسن من حد ! استمروا في تدليلي ، فأنا بحاجة إلى دفعة أسبوعية من الدلع والتدليل حتى أستمر ، لتستمعوا بما أرسله لكم كل جمعة . تذكروا أنكم أنتم الرابحون أولاً وأخيراً . تضع أم نوير صحن الحلاوة الطحينية (الرهش) وإبريق الشاي أمام سديم وتصب هذه الأخيرة بيالة لكل منهما ، لترشفاها مع قطع الحلاوة الدسمة . - تصدقين يا خالتي ، ما عرفت أن وليد ما يسوي إلا بعد ما تعرفت على فراس . - عسى بس ما ييي(يجي) اليوم اللي تعرفين فيه إن فراس هم ما يسوى ، بعد ما تتعرفين على اللي وراه ! - فال الله ولا فالك !الله لا يقوله !! أنا ما أبغي من هالدنيا إلا فرسا . فراس وبس. - كنتِ تقولين نفس هالكلام عن وليد ، وبييي (يجي) يوم واذكرج ! - بس فراس وين ووليد وين يا خالتي أم نوري ! - ويه ما لت عليهم اثنينهم ! على قولة المصارية : إيش جاب لجاب ؟ بين الشبشب والقبقاب . - مدري وش فيك ما تحبين فراس ، مع إنه وش ملحه ! - أنا ما أحب كل الرياييل . سليمة صكتهم واحد واحد ! نسيتي لما قلت لج إن وليد مو عاجبني وما عاجبج كلامي ؟ - لا ما نيسيت . كنت خبلة وعلى نياتي ، وإلاّ واحد يجي يقول لي في الملكة إنه راقب كل تليفونات البيت الثابتة والنقالة قبل ما يخطبني ، وفحص سجلات المكالمات الصادرة والواردة لمدة 6 أشهر قبل الخطوبة ، وأنا بكل غباء أقول له الحمد لله إني نجحت بالامتحان ! لا وفخورة بنفسي بعد ! مالت عليّ ! - مدمغة! قلت لج يومها هاللي يسوى جذيه مريض بالشك ومعقد بس ما صدقتيني ! ذبحتينا أحبه وأحبه ! قلت لج باتشر (باكر) يسوي أكثر وما بتخلصين من هالامتحانات ، تشنج (كإنك) داخلة ثانوية عامة مو زواج !وهذا هو ، سوّى لج امتحان آخر شي مثل ويهه(وجهه) ولما ما يبتي (جبتي) النتيجة اللي كان هو يبيها قطج(رمى بك) على صخر! قطوة بجهنم الحمراء قولي آمين ! - بسم فراس غير يا خاليت ، والله عمره ما عرّضني لموقف مثل كذا ولا عمره سألني أسئلة من طقة أسئله وليدوه . فراس مخه نظيف وما يشوف كل شي بوصاخة مثل وليد ! - بس يا سدوم ما يصير تحسسينه إنه كل شي بحياتج ! إنتي صايرة تسوين له (تبسط كفيها وتؤرجحهما أمامها) يا دهينة لا تنكتين ! - وش أسوي يا خالتي تعودت عليه !صار كل شي بحياتي ! أول صوت أسمعه أول ما أقوم الصباح وأخر صوت أسمعه قبل ما أنام ، وطول اليوم هو معاي وين ما كان . يا خالتي تخيلي إنه يسألني عن امتحاناتي قبل أبوي ، ويتذكر البحوث اللي علي أكثر مني ، وإن صارت لي مشكلة بدقيقة حلها لي بعلاقاته ووساطاته ، وان احتجت لشي حتى لو بيبسي بنص الليل قام ووصى أحد يجيبه لي . تخلي إنه مرة من المرات راح بنفسه للصيدلية الساعة أربعة الفجر عشان يجيب لي (أولويز) لأن سواقي كان نايم ! راح بنفسه وشراه لي وحط الكيس عند باب بيتنا ومشى ! يعني معقول يا خالتي بعد كل هالدلع اللي مدلعني إياه ما تبينه يصير كل حياتي ؟ أصلاً أنا وربي ما عدت أذكر كيف كنت عايشة بدونه ! - عدال يا معوده سويتيه حسين فهمي ! إنزين . الله لا يغير عليكم ، ويعطيج خيره ويكفيج شره ! بس والله إن قلبي مو مرتاح له . - ليش بس ؟ علميني ! - الحين ما دامه يحبج على قولتج عيل ليش ليما الحين ما خطبج ؟ - هذا اللي محيرني يا خالتي . - انتي ما قلتي لي إنه تغير من يوم ما دري إنج كنتي عاقدة على وليد ؟ - هو ما تغير بس ، يعني ... حسيت إنه فرق علي شوي . هو ما زال على حنانه ورقته وحرصه علي ، لكن كإن في شي بداخله ما صار يطلعه قدامي ، يمكن يكون هالشي غيرة ! أو قهر إنه ما هو أول إنسان بحياتي مثل ما أنا أول بنت بحياته . - وانتي من قاص عليج بالله وقايل لج إنج أول بنت يحياته ؟! - مجرد إحساس ! قلبي يقول لي إني الحب الوحيد بحياته ، وحتى لو كان عرف بنات قبلي بحكم سنه وعيشته برا ، فأنا متأكدة إنه ما حب واحدة وتعلق فيها ودمج حياته بحياتها مثل مجرد إحساس ! قلبي يقول لي إني الحب الوحيد بحياته ، وحتى لو كان عرف بنات قبلي بحكم سنه وعيشته برا ، فأنا متأكدة إنه ما حب واحدة وتعلق فيها ودمج حياته بحياتها مثل ما سوا معي . الواحد ما يحب ويوصل لهالمستسوى من العطاء والبذل وهو في هالسن إلا إن كان شايف إن اللي حابها ومتعلق فيها واحدة غير ! واحدة من جد تستاهله ، لأنه ما عاد صغير ، وتفكيره في هالسن ما هو تفكير شاب توه في العشرينات ! الرجال في هالسن إذا حب على طول يفكر بالاستقرار والزواج ، ما عنده لعب وتعالي نتعرف على بعض ونشوف ومن هالحكي حق العيال ، والدليل إنه إلى الآن ما عمره طلب مني إنه يشوفني بعد أيام لندن غير هذيك المرة اللي على طريق الشرقية ! - أنا ما دري شلون تجرأتي تخلينه يمر يمكم (جنبكم) بالسيارة وانتي راكبة مع أبوج ! مينونة ! افرضي إن أبوج صادج ؟ اش كان سويتي ؟!. - أنا ما تجرأت ولا شي ، المسألة كلها صارت بالصدفة ! كان المفروض إني أسافر الشرقية بالسيارة مع أبوي عشان نحضر عزاء ، وفراس كان رايح لأهله يقضي الويك إند معهم وطيارته فاتته فقرر يروح بالسيارة . أبوي طلع من الشغل بدري يومها وقال خلينا نمشي وفراس اللي كان المفروض يمشي من الظهر تأخر للعصر بسبب الشغل ! صدفت ساعتها إننا صرنا أنا وهو على الخط ، وظلينا على المسجات وكل واحد يقول للثاني كم كيلوا باقي له ويوصل ، وأنا أحاول أقنعه يبطل يكتب مسجات وهو يسوق! فجأة لقيته يوقل لين وش سيارة أبوك ؟ قلت له لكزس سماوي ، ليه ؟؟ قال أبد بس التفتي يسار بعد خمس ثواني وبتشوفيني !!! آه يا خالتي ... ما قدر أوصف لك شعوري لحظة ما شفته ! عمري ما تصورت إني ألقى إنسان أحبه للدرجة هاذي . مع وليدوه الزفت كنت أحس أني مستعدة أقدم أي تنازلات علشان يرضى عني ، لكن مع فراس المسألة معاه رغبة في العطاء بلا حدود. ودي أعطيه وأعطيه وأعطيه ! تصدقين يا خالتي ، أحياناً تجيني أفكار أستحي منها .. - مثل شنو ؟ - يعني مثلاً أتخيل نفسي وأنا أستقبله كل يوم في بيتنا بعد الزواج وهو راجع من الدوام تعبان . أجلّسه هو على الكنب وأجلس أنا على الأرض قدامه . أتخيل نفي أغسل رجوله بموية دافية وأبوسهم وامسح بهم على وجهي ! مدري كيف يثيرني هذا الخيال يا خالتي ، يثيرني بدرجة جنونية ! مع إن عمري ما تخيلت إني ممكن أفكر أسوي كذا لأي رجال مهما كان ! مدري كيف هالفراس قلب كل مفاهيمي يا خالتي وخلاني أعشقه بهذا الشكل المتطرف ! - ما أقول غير الله يعطيج على قد نيتج يا حبيبتي ويكافيج الشر قولي آمين .




(30)
: قمرة التي لم تتغير وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهوة الغفور الرحيم سورة يونس :107 تردني رسائل كثيرة تحوي قدحاً في أم نوير ، وتذم أهالي صديقاتي الذين سمحوا لبناتهم بالتردد على منزل امرأة مطلقة وحيدة . هل الطلاق كبيرة من الكبائر ترتكبها المرأة دون الرجل ؟ لم لا يُضطهد الرجل المُطلق في مجتمعنا كاضطهاد المرأة المُطلقة ؟ أعرف أنكم تستنكرون أسلتي الساذجة ولكنها أسئلة منطقية جديرة بإجابات عادلة تحمي أم نوير وقمرة وغيرهن من المطلقات من هذه النظرة الفوقية التي يتصدق بها المجتمع عليهن ، فيما الرجال المطلقين يعيشون حياتهم دون معاناة أو رقابة . لم تتغير حياة قمرة بعد ولادة طفلها كثيراً ، فأعباء العناية به كانت ملقاة على عاتق المربية الفلبينية التي استقدمتها أم قمرة خصيصاً لهذا الشأن ، لمعرفتها بكسل ابنتها وإهمالها حتى لنفسها فكيف بطفل حديث الولادة ؟ بقيت قمرة على حالها ، بل عادت إلى حالها قبل الزواج . كان يكفيها الاكتئاب الحاد الذي أصابها بعد انقطاعها عن التشات . ظلت تفكر بسلطان لمدة ليست بالقصيرة . كانت كثيراً ما تشعر برغبة عارمة في محادثته لكنها كانت تعدل عن ذلك بعد أن تتذكر وضعه ووضعها اللذين يصعب اجتماعهما بسهولة. تأخذها الأفكار بعيداً كل ليلة . تلاحق صديقاتها الثلاث وتقارن حياتها بحياة كل واحدة منهن ، فهذه سديم غارقة في حب سياسي ناجح وشخصية معروفة ، قد يتقدم لخطبتها في أية لحظة بناءً على ما تخربه إياها سديم عن حبهما الرائع وتفاهمها حول كل شيء ... والله وبتطيحين واقفة يا سديم ! أحسن من هالشباب الصغار اللي ما يعرفون وش يبغون من الدنيا ؟! لميس في سنتها الجامعية الثالثة وستصبح عما قريب دكتورة قد الدنيا ! لا باس إن تأخر زواجها ، فتأخر سن الزواج شائع في أوساط الطبيبات وقد اعتاد المجتمع على ذلك حتى صار من المستهجن والمستغرب أن تتزوج طالبة الطب صغيرة ! إن أرادت الفتاة أن تعنّس دون أن تنال لقب (عانس) فما عليها إلا أن تدرس الطب ، فالأبصار مغضوضة عن هؤلاء ! أما طالبات الكليات الأدبية والدبلوم ومن لا تلتحق بأية جامعة ، فأصابع الاتهام بالعنوسة تبدأ في الاتجاه نحوهن بمجرد بلوغهن العشرين . بس لميس محظوظة بأمها ما شاء الله . أمها فاهمة ومثقفة ودايم تقعد وتتكلم معها ومع تماضر ، ومتعودين يسولفون لها عن كل شي بدون مِستحى . الله يخلف على أميمتي اللي على قدها وما تعرف لهالخرابيط وكل ما قلنا لها شي قالت لا ، وما كنا نسوى تسذا وما كنا نقول تسذا وكل شي تنقد عليه ! ذاك اليوم لما اشترت شهلاء شوية قمصان نون وبيجامات حرير تقول كل صديقاتها عندهن مثلها هاوشتها وأخذت منها كل الحاجات ورمتهن بالزبالةوهي تصارخ : بعد ما بقى إلا ذا ! تبين تلبسين (قلة حيا) وانت ما بعد أعرس !؟من بكرة راحت شرت لها درزن ملابس داخلية من طيبة وعويس وجابتهن لها بزعمها تراضيها !عطتها الأغراض وقالت لها : الحين ما لك إلا ذولي ، والخرابيط ذيك لاحقن عليها لين أعرست !. حتى ميشيل التي تخلى عنها فيصل كانت أوفر حظ منها ، فأهلها قد سمحوا لها بالدراسة في أميركا بينما هي لا يُسمح لها حتى بالخروج من المنزل وحدها ، وفي زياراتها القليلة لبيت سديم ، كانت أمها تجبر أحداً من إخوتها على إيصالها بنفسه والعودة بها رغم وجود السواق ! ( يا حظك يا ميشيل ) بتاخذين راحتك وتعيشين حياتك مثل ما تبين ! ما وراك أحد يسأل وين رايحة ومنين جاية !بتكونين حرة نفسك وما عليتس من أحد ولا عليتس من كلام الناس اللي ما ينخلص منه . كانت إذا اجتمعت بصديقاتها الثلاث شعرت بالفرق الشاسع الذي طرأ عليهن بعد دخولهن الجامعة . لميس صارت تفضل الاجتماع بصديقاتها من كلية الطب على الاجتماع بهن ، ثم أنها لا تدري ما الذي جرى لعقل هذه الفتاة حتى تلتحق بدورات في الدفاع عن النفس وفي اليوغا ! أصبحت لميس بعيدة عنهن في تفكيرها منذ التحاقها بالكلية الغبراء ، كلية الطب . ميشيل أصبحت ترعبها أحياناً بحديثها عن الحرية وحقوق المرأة ، وقيود الدين والأوضاع الاجتماعية وفلسفتها للعلاقة بين الجنسين ونصائحها لها بأن تكون أقوى وأشرس في الدفاع عن حقوقها وعدم تقديم تنازلات في حق الذات ! سديم الأقرب إليها هي الأخرى بدت أنضج بكثير بعد العطلة الصيفية التي قضتها في بريطانيا ، لعل سفرها وحدها والعمل الصيفي والقراءة قد أفادوها ، أو لعل تلك الثقة بالنفس مصدرها حب رجل بمكانة فراس لها . أياً كانت الأسباب ، فقد شعرت قمرة أنها الوحيدة التي لم تتغير منذ أيام المرحلة الثانوية ، اهتماماتها لم تتغير وأفكارها لم تتطور وأولوياتها لم تتبدل . ما زال حلمها الوحيد هو الزواج من رجل ينتشلها من وحدتها ، ويعوضها عن أيام الشقاء التي عاشتها . كم ودت لو استمدت من ميشيل بعض صلابتها ومن سديم بعض ثقافتها ومن لميس بعض جرأتها ! كم أرادت أن تصنع من نفسها شخصية تحاكي شخصيات صديقاتها وتستطيع الدخول معهن في نقاش عميق ، لكنها ظلت عاجزة عن مجاراتهن . يبدو أنها خلقت بهذه الشخصية الضعيفة التي تحتقرها لتظل سائرة وراء الركب طوال حياتها . ذهبت لتلقي نظرة على صالح قبل أن تنام . دخلت الغرفة التي وضع فيها فراشه الصغير المزركش إلى جانب سرير المربية . اقتربت من فراشه بهدوء حتى لا توقظه أو توقظها ، وإذا بعيني الطفل تلمعان لها وسط ظلام الغرفة وهو يتلفت نحو مصدر الصوت ببراءة ودعة . مدت إليه يديها فتعلق بهما لتلتقطه بحنان وتحمله . حالما حملته شعرت بملابسه المبللة وفخذيه الرطبين وشمت الرائحة النفاذة المنبعثة من حفاظته الصغيرة . حملته إلى الحمام لتجد مؤخرته الغارقة في البلل مغطاة ببقع حمراء صغيرة . لم تعرف قمرة كيف تتصرف في ظرف مثل هذا ، هل توقظ أمها أم توقظ شهلاء ؟؟ ما أدرى شهلاء بالأطفال ! إذا كانت هي نفسها لا تعرف ما تفعل ! هول توقظ المربية ؟ الله يقطعها! كله بسببها!! نايمة ومخلية ولدي غرقان بالبول ! كان الولد أمامها يلعب ببطته الصفراء المطاطية التي ناولته إياها دون أن تبدو عليه معالم الألم أو الضيق ، لكن الأمر كان أقسى على قمرة من مجرد طفح جلدي! كل شيء كان قاسياً عليها ، راشد ، ونظرة المجتمع ، وأمها وحصة ، وزوج حصة ، وموضي ، وصديقاتها ! الكل يستضعفها ويعيب تفاهتها وتخلفها ، حتى المربية الفلبينية أهملت العناية بطفلها بعد أن لاحظت عدم حرصها هي عليه !يا لها من حياة قاسية أخذت منها كل شيء ولم تمنحها شيئاً في المقابل ! أخذت منها شبابها ومرحها لتستبدلهما بلقب بشع وطفل ليس له من سند في هذه الحياة سواها ، هي الأمس منه حاجة للسند ! سقطت البطة من كف صالح الصغيرة عندما احتضنته قمرة بكل ما فيها من قهر وندم وعذاب ، وهي تبكي .


التوقيع :


اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك
النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما عدد مااحاط به علمك
وخط به قلمك واحصاه كتابك
وارض اللهم عن سادتنا ابي بكر وعمر وعثمان وعلي
وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان الى يوم الدين





رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:55 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir