طفلة لا يتجاوز عمرها الثماني سنوات تجولت في أنحاء قرية التراث، وهي تتلو آيات عطرة من الذكر الحكيم ترافقها فتيات أصغر منها سناً ويرددن «آمين». هذه العادة كانت متداولة في الماضي وتعرف باسم «التومينة»، وهي الاحتفالات بعد الختمة، وفيها تدور المطوعة مع الأطفال الذين ختموا القرآن شوارع الحي وهي تردد قصائد دينية في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم والأطفال يرددون خلفها.
تحصل المطوعة على مبلغ من المال من أسرة الولد أو البنت التي ختمت القرآن، وهو ليس محدداً، بل بما يتناسب مع قدرة الأسرة المالية.
الجدير بالذكر أن المطوعة كانت وسيلة التعليم الوحيدة المعروفة آنذاك، وحفظ القرآن يتم على يدها، حيث تفتح بيتها لتعليم أبناء الحي. والمطوعة تنسب إلى الطاعة، وهي المعلم الديني، وقد استقت تعليماتها وتقسيماتها من الدين الإسلامي والتراث العربي التقليدي، وكانت الكتاتيب في الماضي هي مصدر العلم والثقافة والمكان الرئيسي لتلقي التعليم، وكانت المطوعة تردد ويردد التلاميذ خلفها إلى أن يتقنوا القراءة الصحيحة.
وكان القرآن يدرّس في الماضي بطريقتين، الأولى طريقة العراب، وهي قراءة كلمات القرآن بمفرداتها وتشكيلها، وبهذه الطريقة يتقن التلميذ قراءة القرآن والحروف وكتابتها. والثانية طريقة السرد، وهذه تأتي بعد الطريقة الأولى، أي تلاوة الآيات متصلة وليست كلمة كلمة، ويتم حفظ القرآن ما بين سنة واحدة وثلاث سنوات، وربما أقل أو أكثر.
ومن هنا كان الاحتفال بمن ختم القرآن له مغزاه، فعندما يصل الصبي إلى الأجزاء الأخيرة كان يسود المطوعة وتلاميذها شعور بالاستبشار والبهجة، وكذلك الأولاد الذين يرمقون زميلهم بنظرات التحدي والتودد، أما الصبي نفسه فيشعر بأهمية عظمى لأن الحي كله يتحدث عن ختمه.