الأسواق التقليدية.. مخزون ذاكرة المدن القديمة

[abo _mohammed]

6 Feb 2005 20:19:51 GMT

الأسواق التقليدية.. مخزون ذاكرة المدن القديمة


الوصف المباشر للأسواق التقليدية في الامارات والتي لا يزال بعضها موجوداً حتى الآن أنها بمثابة الذاكرة الاقتصادية والتجارية للأمة، فقد كانت محور الحياة الاقتصادية والاجتماعية أيضاً، كانت تجرى فيها عمليات البيع والشراء والمجالس والسمر وتبادل الآراء وتلقى فيها الاشعار. منها كانت تخرج القوافل الى الاسواق الشهيرة كالبصرة والكويت والهند محملة بالليمون الجاف واللؤلؤ وتعود محملة بالملابس والمواد الغذائية وغيرها.


وفي كل منطقة كان يقام سوق يخدم ابناءها وعادة ما كانت تقام الأسواق بالقرب من الشاطئ قرب الفرضة في المدن الساحلية وينتشر فيها الحمالون والعمال وتبنى من الطين أو جذوع وسعف النخل أو حتى كان بعضها أسواقاً مفتوحة ومؤقتة كالأسواق الخاصة ببيع وشراء التمور والحيوانات.ويبحر معرض الأسواق التقليدية بنا في هذه الأسواق التقليدية ليعود بنا الى سنوات طويلة لم يرها الجيل الجديد، طبيعتها كيف كانت، الموجود منها حتى الآن والذي اختفى. ليس عبثياً ان تنظم دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي هذا المعرض في واحد من أرقى مراكز التسوق.

وهو مركز برجمان، فتنظيم المعرض في هذا المكان يرمز إلى ان التحديث والتطوير ومواكبة العصر والوصول الى مصاف الدول المتقدمة لا يعني الاستغناء عن الماضي أو نسيانه، فنحن امتداد لهذا الماضي بأصالته وعراقته، كما ان هذه الاسواق كانت اساس النهضة التجارية والاقتصادية في الدولة وبالتالي لابد من الحفاظ على تراثها والاعتزاز بها.

ويوفر المعرض كما يقول عبدالله جاسم المطيري مدير بيت الشيخ سعيد آل مكتوم معلومات ثرية ويزخر بصور نادرة جداً للأسواق التقليدية .

كما تعرض فيه صور لبعض الحرف القديمة مثل بائع التمور وبائع القماش والصائغ وتشارك في تنظيمه جمعية الحفاظ على التراث العمراني ويهدف لتعريف الزائر بما كانت عليه الأسواق التقليدية في مرحلة ما قبل النفط وتقريب زوار المهرجان من حياتنا القديمة.

وأضاف عبدالله المطيري ان هذا المعرض نقل الى الزائر صورة هذه الاسواق التقليدية وبالتالي وفر عليه مشقة الذهاب إليها للاستمتاع بها مشيراً الى ان بعضها ما زال قائماً على ما كان عليه في الماضي وبعضها تم ترميمه وبعضها اختفى ويضم صوراً ومعلومات عن الأسواق القديمة في دبي ودبا والعين والشارقة وعجمان.

وبكل تأكيد سيتأثر كبار السن ممن عاصروا هذه الأسواق في فترة ما قبل النفط فحياة الماضي كانت صعبة للغاية وستمر أمام أعينهم من خلال صور هذه الاسواق التي تعلم فيها الناس أدب الحديث، فقد كانت بمثابة المدارس والمجالس حيث كانت البيوت ضيقة ولا تتسع لاستقبال الضيوف.


وقال عبدالله ان كل سوق كانت له خاصيته ولكل سوق كان له ذوقه وعصره وقال انه لا يمكن الاستغناء عن هذه الاسواق كما لا يمكن رفض الأسواق الجديدة، فالقديم له نفحاته والحديث له رونقه وخواصه ومنذ اسند لدائرة السياحة والتسويق التجاري مهمة الاشراف على المتاحف والمواقع الأثرية كان ولا يزال هذا التراث جل اهتمامها لابراز الهوية الثقافية والتراثية للدولة.

وقال ان الدائرة تدعم بكل ثقلها اي حدث يسعى للحفاظ على ما تبقى من التراث مؤكداً ان التقدم الاقتصادي الذي تعيشه الدولة ما هو الا امتداد للأسواق التقليدية وهي في الوقت نفسه نواة النهضة التي نشهدها حالياً.

ومن الأسواق القديمة التي لا تزال موجودة الى الآن السوق الكبير في كل من ديرة وبردبي وسوق الذهب وسوق الملابس، كما تعرض لوحات لسوق العين القديم في منطقة القطارة وسوق العرصة في الشارقة وسوق عجمان القديم.

ان اسواق دبي التقليدية هي الأشهر باستقطابها للناس من كافة انحاء الامارات على مدار السنوات مؤكداً ان السوق جزء مهم من حياة الانسان، فالعمل قديماً كان يتم فيها، كان فيها التجار والحمالون والفرضة والعمال وكان يتم انشاؤه بالقرب من الشواطئ والسواحل غالباً .

حيث تأتي السفن وتجار اللؤلؤ والاسماك وكانت تخرج رحلات من هذه الاسواق الى مناطق الخليج كالبصرة والكويت والبحرين وقطر في الشتاء حاملين معهم الليمون الجاف وزعانف الاسماك وبعض أنواع التمور ويجيئون محملين بالتمور من البصرة ومنتجات اخرى، وفي الصيف كانت التجارة الرئيسية مع الهند وزنجبار وايران وعمان .

حيث يذهبون للهند باللؤلؤ ويعودون بالأرز والمأكولات ومواد البناء كالأخشاب والشندل مشيراً إلى أن دبي والبصرة والكويت والهند كانت مراكز الأسواق الرئيسية في تلك المنطقة مشيراً الى أن السوق الكبير في بر دبي وسوق ديرة متواجدان منذ عام 1850 ولهذا فهما يشكلان الذاكرة الاقتصادية والتجارية.

ويؤكد احمد خليفة الشامسي مدير إدارة التراث والآثار في الفجيرة ونائب رئيس جمعية الحفاظ على التراث العمراني على أهمية الحفاظ على التراث مستشهداً بما كان يقوله المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بأن «من ليس له ماض ليس له حاضر» وهنا يأتي دور دوائر الآثار في الامارات المختلفة في الحفاظ على ما تركه لنا الآباء والأجداد سواء كان هذا الارث منقولاً أو مدونا.

أو مشاهد من أبنية تاريخية وحصون ومقالات وأشعار، فحين تحافظ على هذا فأنت تعرف الجيل الجديد والأجيال القادمة بأن هذه الأمة قد عانت وأن الأجداد عانوا كثيراً ويجب أن يتذكروا هذه المعاناة، وكيف كانت وكيف حافظوا على وطنهم ومن المؤكد أن كل ما ورثوه لنا نستنير وتستنير به الأجيال الجديدة في مسيرة الحياة التي يعيشونها.

ويؤكد محمد عامر النيادي مدير ادارة الآثار والسياحة في العين على أهمية المعرض الذي يعد جزءاً من أنشطة جمعية الحفاظ على التراث العمراني .

مؤكداً أن الأسواق التقليدية هي بمثابة الذاكرة الاقتصادية للأمة ويجب الحفاظ عليها، فالإمارات اليوم تحتل شهرة عالمية في مجال الاقتصاد والتجارة ولديها ارتباطات اقتصادية واسعة على النطاق العالمي ومن المؤكد أن جذور هذه العلاقات تتمثل في الأسواق القديمة..

وقال ان في كل مكان بالإمارات كان يوجد فيه سوق خاص بعضه مبني من سعف النخيل كما كانت هناك أسواق مفتوحة غير مبنية في المناسبات مثل أسواق التمور وأسواق المواشي مؤكدا أن المؤسسات الحكومية في كل إمارة تبذل جهوداً كبيرة في الحفاظ على التراث وترميمه وتشغيله للحفاظ على الطابع المعماري للأسواق التقليدية.

وأشار النيادي الى سوق العين القديم الذي بناه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان تشجيعاً للتجارة والتجار حيث وزع عليهم المحلات مجاناً. وقال هذه الأسواق كانت بينها اتصالات.

وعلى سبيل المثال كانت العين تصدر إلى دبي وأبوظبي والشارقة التمور والفحم والفواكه وتستورد منها بعض احتياجات المدينة من ملابس وأرز وكل ما هو موجود في المناطق الساحلية ولم تكن القوافل التي تجيء محملة بالمواد الغذائية والملابس وتنقطع طوال العام قبل ظهور النفط.

كتب وجيه عبدالعاطي:

الصور المرفقة

 

[abo _mohammed]

.

الصور المرفقة