بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المديح النبوي
بردة البوصيري وميمية شوقي
بردة البوصيري في ميزان النقد الأدبي
تعد قصيدة البردة من عيون الشعر العربي وفرائده التي نالت
حظوة كبيرة من قبل العرب والمسلمين جميعًا: من العامة والنُّخبة
على السواء؛ فقد انتشرت انتشارًا واسعًا و تناقلتها الأجيال:
جيلاً بعد جيل؛ بسبب حسن ألفاظها و عمق معانيه
وروعة صورها البيانية وتشكيلاتها الوصفية وأعشابها البديعية،
و بسبب تنوع أغراضها وتشابكها...
أبياتها تلامس القلب و تحرك الشعور و الإحساس، و قراءتها تشعر
بلذة روحانية و جاذبية و تدفع لقراءتها كاملة
و بشوق و لهفة؛ لمعرفة ما يحتويه كل بيت فيها.
و لاغرابة أن نجدها قد ترجمت الى عدة لغات، منها الإنجليزية
و الفرنسية و الألمانية و التركية و الهندية و الفارسية و غيرها؛
لأنها ذات مكانة أدبية وفكرية كبيرة ...
ومن ثَمَّ فإنني سأقوم بعرضها على مقاييس النقد الأدبي
المستقرة، بعيدًا عن أي تعصب مذهبي، معددًا إيجابياتها
وسلبياتها على السواء من منطلق فني محض!
المديح النبوي بردة البوصيري
أمِنْ تَــذَكُّرِ جيرانٍ بــذي سَــلَمِ *** مَزَجْتَ دَمعًــا جرى مِن مُقلَةٍ بِدَمِ
أَم هَبَّتِ الريحُ مِن تلقــاءِ كــاظِمَةٍ *** وأومَضَ البرقُ في الظَّلمـاءِ مِن إِضَمِ
فـما لِعَينـيكَ إِن قُلتَ اكْفُفَـا هَمَـتَا *** وما لقلبِكَ إِن قلتَ اسـتَفِقْ يَهِــمِ
أيحَســبُ الصَبُّ أنَّ الحبَّ مُنكَتِــمٌ *** ما بينَ منسَــجِمٍ منه ومُضْـطَـرِمِ
لولا الهوى لم تُرِقْ دمعًـــا على طَلِلٍ *** ولا أَرِقْتَ لِــذِكْرِ البـانِ والعَلَـمِ
فكيفَ تُنْكِـرُ حبًّا بعدمـا شَــهِدَتْ *** به عليـك عُدولُ الدمـعِ والسَّـقَمِ
وأثبَتَ الـوَجْدُ خَـطَّيْ عَبْرَةٍ وضَـنًى *** مثلَ البَهَـارِ على خَدَّيـك والعَنَـمِ
نَعَمْ سـرى طيفُ مَن أهـوى فـأَرَّقَنِي *** والحُبُّ يعتَـرِضُ اللـذاتِ بالأَلَـمِ
يــا لائِمي في الهوى العُذْرِيِّ مَعـذرَةً *** مِنِّي إليـك ولَو أنْصَفْـتَ لَم تَلُـمِ
عَدَتْـــكَ حاليَ لا سِـرِّي بمُسْـتَتِرٍ *** عن الوُشــاةِ ولا دائي بمُنحَسِــمِ
مَحَّضْتَنِي النُّصْحَ لكِنْ لَســتُ أسمَعُهُ *** إنَّ المُحِبَّ عَنِ العُــذَّالِ في صَمَـمِ
اِنِّي اتَّهَمْتُ نصيحَ الشَّـيْبِ فِي عَذَلِي *** والشَّـيْبُ أبعَـدُ في نُصْحٍ عَنِ التُّهَمِ
لها مَعَــانٍ كَموْجِ البحرِ في مَـدَدٍ *** وفَـوقَ جَوهَرِهِ في الحُسـنِ والقِيَمِ
فَمَـا تُـعَدُّ ولا تُحـصَى عجائِبُهَـا *** ولا تُسَـامُ على الإِكثــارِ بالسَّأَمِ
قَرَّتْ بَهـا عينُ قارِيها فقُلتُ لــه: *** لقـد ظَفِـرتَ بحَبْـلِ الله فـاعتَصِمِ
البردة منهج الشعراء ومدرسة المنشدين
فقد جرى لساني بالانشاد قبل ان تقرا عيني نفائس الابيات وذخائر المعاني .
وهاجت نفسي الى حب محمد صلوات الله عليه وسلم
بردة البصيري أغنى وارفع عن كل نقد وحديث
وهي حالما تتردد على السمع الا ويمضي بنا التاريخ
في تراجع حميم وقداسي الى فترة من التاريخ لا أنور منها
و لا أجمل مما تعاقب منه من أزمنة التاريخ البشري.
يكفي الامام البصيري ان بنى للشعراء بعده نهجا لا يضاهى بناؤه
ولا يدرك قراره* ولا يساما قدره* في عصر ادبي نعته النقاد
بعصر الانحطاط- فجاءت البردة لتغيب وتمحو هاته الصفة
التي وسم بها هذا العصر وتظهر عبقرية رجاله وشعرائه .
وصارت قمة ما ابدع في الشعر وهي وان كان غرضها الاساسي
هو مدح النبي محمد عليه الصلاة والسلام .
فقد جاءت جامعة مؤلفة بين اغراض الشعر الاخرى
كما تفضل الاستاد صبري او الحسن بتفصيل ذلك في تساوق وتناغم جم .
*البردة نهج الشعراء والمداحين وهي أنشاد للمريدين
وتقوى للصالحين *نذكر أمير شعراء الشرق
الشاعراحمد شوقي فقد نظم على نهجها اسلوبا ومعاني ايقاع رائعته الخا لدة
نهج البرده
ريم على القاع بين البان والعلم *** احل سفك دمي في الاشهر الحرم
رمى القضاء بعيني جؤذرا اسدا *** يا ساكن القاع ادرك ساكن الاجم
ولا زال المغاربة والى يومنا هذا يعتبرونها طقسا من طقوسهم الشعرية
يشنفون الاسماع بها ويرددون ايقاعها *
وويحلون باجوائها الروحانية*
فقد اهاج نفسي في حب رسول الله من خلال
بردة البوصيري وميمية شوقي *
منهج تحليل البردة
مواجهة النص الشعرى عملية نقـــــدية شاقة وشيقة،
خصوصًا إذا كان نصًّا بديعًــا مستفزًّا ، مثيـــرًا لكثير مــــن
الإشكاليـــات المتنــــوعة عقديًّا وتاريخيًّا وأدبيًّا، مثل بـردة البوصيرى.
ولعل المنهج الأمثل – فى نظرى – لتلك المواجهة يتمثل فى المراحل الثلاثة الآتية:
ما قبل النص
يدرس فيه النــاقد شخصية المبــدع بمــــؤثرتها ومعالمها
المختلفة، ليستعين بذلك فى فك بعض رموز النص وإشاراته.
كما يدرس الجو التاريخي الذى أبدع فيه النص، ليحـــاول
الوصول إلى البـــاعث على إبداعه.
كما يـدرس العنـــوان، إن كــان للنص عنوان،
لينفذ من خلاله إلى عالم النص شكليًّا ومضمونيًّا .
مع النص
يقرأ الناقد النص قراءة توثيقية، ومعجمية، وعروضيــــة،
حتى يستعين بتلك القراءات فى المعايشة العميقة للنص .
ثم يقوم الناقد بتحليل النص من خلال العنصرين الرئيسين:
الشكل والمضمون .
أما الشكل
فيتناول فيه لغـــة النــص وأسلوبــــه وقالبه العروضي، والصور
الفنية البارزة فيه، ومواطن التأنق به من مطلع وتخلص وختام .
أما المضمون
فيحلل فيه الناقد غرض النص أو أغراضه،ومعانيه وأفكاره،
محاولاً الوصول إلى أحكام مقبولة عن هذين العنصرين
عن طريق تطبيق مقاييس النقد بالأغراض والمعانى .
ما بعد النص
يدرس فيــــه النــاقد عاطفــــــة المبدع، ومذهبـــه الإبــــداعى،ومدى
تحقق الوحــــــدة الموضـــوعية، وما فيــــــه من تأثر وتأثيــــر،
ثم الخلوص إلى بيــان قيمة النــص من حيث تحليقاته وإخفاقاته.
وهذا المنهج مرن، قابل للتطوير والتغيير حسب مقتضيــات
كل نص، إذا لكل نص طبيعته التى تفرض التركيز على
عنصر أكثر من غيره، حسب درجـــة هيمنته على المبدع.
منقول من مواقع مختلفة ومنسق لاعادة الطرح من جديد
اثراءا للساحة الادبية
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنه عرشه
ومداد كلماته، اللهم ارحم المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات
الأحياء منهم والأموات، لا إلـه إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.