الشعر موهبة لطيفة
واصدق ماتجده من كلمات تصل القلب
وسمي شاعر لانه يشعر بما لايشعر به غيره
واروع الشعراء
من اذا قال أسرع .. واذا اسرع ابدع .. واذا تكلم اسمع ..واذا مدح رفع واذا هجا وضع
ووصف البعض الشاعر بقوله
الشعراء فأعلمن اربعة :
1-.فشاعر يجري ولايجرى معه..
2-وشاعر يخوض وسط المعمعة...
3-وشاعر لاتشتهي ان تسمعه..
4- وشاعر لابد ان تصفعه
كان ولايزال الشعر سمير ليالينا وحافظا تاريخنا وأيامنا
فيه نبث اشواقنا ونتوارى عن حقائقنا
يهيم بصاحبه في كل واد فمرة بادية وصحراء وأخرى بساتين وورود وزهور ..
كان ولايزال منه الحكمة ومنه البيان وان خرج به البعض عن مقصوده شأنه في ذاك شأن كل فن جميل فتناوله البعض بالتحريم كله التي تترك المذنب وتحرم الأشيء الغير فاعلة
وكان الشعر نبال وسهاما وسيوفا ضد العدو وهكذا صوره خير من نطق الضاد كافة صلى الله عليه وسلم حين امر حسان بن ثابث بهجو الكفار المشركين ..وقد سمع قصيدة كعب بن زهير
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول = مقيد في اثرها لم يفد مكبول
فلما وصل الى البيت القائل
إن الرسول لسيف يستضاء به = مهند من سيوف الله مسلول
قام الرسول صلى الله عليه وسلم بوضع بردته عليه.. وهى قصيدة نحى نحوها كثير من الشعراء اومايسمى بمعارضة القصيدة ومنهم الامام الشيخ البوصيري في بردته
امن تذكر جيران بذي سلم = جرن دمعا جري من مقلة بدم
ثم احمد شوقي في قصيدته الرائعة نهج البردى
ريم على القاع بين البان والعلم = أحل سفك دمي في الأشهرالحرمِ
لما رنـا حدثتـني النفس قائلة = ياويح جنبك بالسهم المصيب رُمي
ومن القصائد التي عارضها شعراء قصيدة
ياليل الصب متى غده = أقيام الساعة موعده
رقد السمـار وأرقــــه = أسفا بالبين يكابـــده
رد علييها الكثير من الشعراء ومنهم احمد شوقي
مضناك جفاه مرقده = وبكاه ورحَم عُودُه
ومن غريب الشعر ماتستطيع قرأته بالعكس أي مقلوبا
مودته تدوم لكل هول = وهل كل مودته تدوم
أرع لخل إن أسا وأس إن الخل عرا
ارث لمن مل قلا الق لمن مل ثرا
ارم عدوا اذا حما امح اذاً ودع مرا
وفي النثر كلمات كثيرة نستطيع قراءتها من الجهتين أي معكوسة:
أرض خضراء .. كل في فلك .. ربك فكبر .. كبرت ايات ربك .. رمح احمر .. كمالك تحت كلامك .. سر فلا كبا بك فرس .. هزم حمزة .. عيد بديع ..
وابيات في المدح ان قرءتها بالعكس تصبح مدحا:
عدلوا فما ظلمت لهم دول = تبثوا فلازالت بهم قدم
بذلوا فما شحت لهم قدم = سعدوا فلازالت لهم قدم
فيصبح دول لهم ظلمت فما عدلوا..قدم بهم زالت فلا تبثوا .. وهكذا
وهناك مايقرأ بالطول والعرض
فؤادي سباه غزال ربيب = سبتني فتاة وهذا حرام
سباه بقد كغصين رطيب = فتاة يباح لديها غرام
غزال كغصن جناه عجيب = وهذا لديها يعد امام
ربيب رطيب عجيب حبيب = حرام غرام مُدام
فتستطيع قراءته بالعرض أي الكلمة الاولى من البيت الاول مع الثانية في البيت الثاني وهكذا
ومن الابيات التي لاتلتصق حروفها
اذا رام ودي ذو ود أوده = وان زار داري دام ودي ووده
اراه اداري زوره وأزوراره = واورده وردي اذا رام ورده
ومن الاحاديث التي نظم بعضهم شعرا قول الامام السيوطي عن الاعمال التي تصل الميت اجرها
اذا مات ابن ادم ليس يجري = عليه من فعال غير عشرٍ
علوم بثها ودعاء نجل وغرس = الشجر وصدقات تجري
وراثة مصحف ورباط نفــر = وحفر بئر واجــــراء نهرِ
وبيت للغـــــريب بناه يأوي = اليــه اوبناء محـــل ذكـــرِ
وتعـــــليم لقـــــرأن كـــــريم = فـخـــــذها من عالم معتبرِ
وفي القواعد الشريعة ومايستنبط منها وهى خمسة ومنها تخرج كل القواعد الفقهية: لاضرر ولاضرار .. العادة مُحكمة .. المشقة تجلب التسيير .. اليقين لايزول بالشك .. والامور بمقاصدها ... وقد اجمعها الشاعر في قوله:
ضرر يُزال وعادة قد حُكمت = وكـذا المشقــة تـجلـب التسييرا
والشــك لاتـــرفع به متيقـــنا = والقصد اخلص ان اردت اجورا
وكذلك الحديث النبوي الشريف (القلوب جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف) نظم عليه الشاعر ابونواس ابيات في غاية الرقة :
يا قلبُ رفقاً أجداً منك ذا الكَلفُ = ومن كلفت به جافٍ كما تصفُ
وكان في الحق أن يهواك مجتهداً = بذاك خبَّر منا الغابرُ السلفُ
إنَّ القلوب لأجنادٌ مجنّدةٌ لله = في الأرض بالأهواء تعترفُ
فما تناكر منها فهو مختلفٌ = وما تعارف منها فهو مؤتلفُ
والحديث النبوي الشريف (يا عائشة، إياك ومحقِّرات الذنوب، فإنَّ لها من الله طالباً)
لا تحقرنَّ من الذنوب صغيراً = إنَّ الصغير غداً يعود كبيرا
إنَّ الصغير وإن تقادم عهده = عند الإله مسطرٌ تسطيرا
فازجرهواك عن البطالة لاتك = صعب القياد وشمِّرن تشميرا
إنَّ المحبّ إذا أحبَّ إلهه = طار الفؤادُ وألهم التفكير
فاسأل هدايتك الإله بنيّةٍ = فكفى بربك هاديــاً ونصيرا
ومن غريب الكلمات في الشعر قول القائل في وصف اهل الزمان واهله وحال ماوصلت اليه نفوس البعض:
إِن الزمانَ زمانُ ســوْ وجميعُ هذا الخَلْـــقِ بَوّ
وإِذا سـألتهمُ نــــــدىً فجوا بُهم عن ذاك وَوْ
لو يملكونَ الضوءَ بخلاً لم يكــــنْ للخلقِ ضوْ
ذهبَ ا لكرا مُ بأسرِهمْ وبقي لنــا ليــت وَلـــوْ
ومن المستحيلات التي يأتي بها الشعراء في احيان عديدة في كلامهم وتعابيرهم في هذه الحياة
لقلعُ ضِرْسٍ.. وضَرْبُ حبسٍ ونــزْعُ نـفـــسٍ ورَدُّ أمــــــــسِ
ونفْـــــخُ نـارٍ.. وحَمْــلُ عـــارٍ وَبيْـــعُ دارٍ بــربــــعِ فـــــلسِ
وبَيْـــعُ خـــفٍ وعــدم إِلـــــفٍ وضَرْبُ ألفٍ بحبـــلِ قـــــلسِ
أهـــونُ من وقفــــةِ الحــــــرِّ يرجــوا نوالاً ببــــــابِ نحسِ
وقول اخر:
والله.. والله... مـرتيــن لحفـر بئـــــر بإبرتــــــــين
وكنس صحراء الحجاز يوما في يوم ريح بريشتـين
وغسـل عبـدين أسودين حــــتى يصـــيرا أبيضـين
ولاوقوفــى بباب شخص يلقـاني يوما بوجـه شين
جنبنا الله واياكم ذل السؤال واراقة ماء الوجه الذي لانملك غيره
وحفظنا الله من الوقوف بابواب وجوهها كاشحة وعابسة
حكاية الشاعر الاصمعي مع الخليفة العباسي وقصة قصيد
" صوت صفير البلبل" :
كان الخليفه العباسي أبو جعفر المنصور يقيم مجلس للشعر والشعراء واشترط على الشعراء أن يأتوا بقصــــــيده لم يسمعها قط ويعطيهم عليها وزنها ذهب.
وكان الخليفه ذكي يحفظ القصيده اذا سمعها من أول مره
وكان عنده غلام يحفظ القصيده اذا سمعها من ثاني مرة
وعنده جاريه تحفظ القصيده اذا سمعتها من ثالث مرة
فكان كل مرة يأتيه شاعر ويلقي قصيدته يقول الخليفه إنها قصيدة قديمه وانا سمتعها واحفظها وقام الخليفه وألقى القصيده له فالشاعر متفاجئ لم يصدق قال الخليفه لم تصدق نادوا على الغلام وجاء الغلام وقال الخليفه هل سمعت هذه القصيده قال نعم سمعتها وقام وألقى القصــــــــــــــــيده أمامهم والشــــــــاعر لم يحرك ساكنا فقال الخـــــليفه نادوا على الجاريه فقال للجاريه هل سمعتي هذه القصيده قالت الجاريه نعم وقامت وألقت القصيده فقال الخليفه للشاعر إذا فأنت تسرق الأشعار اخرج ولا ترجع لي فكان كل ما يأتيه شاعر عمل الخليفه نفس الفعل حتى لا يعطيهم الذهب فالشعراء أفلسوا وكان رأس مالهم ألسنتهم .
وفي يوم من الايام عندما كان معظم الشعراء جالسين مجلسهم دخل عليهم الأصمعي وقال مابكم هكذا فأخبروه بالقصة وقالوا كلما نعد قصيدة بالليل ونأتي لنعدها للخليفه نجده حافظا لها هو وغلامه وجاريته فقال الأصمعي: إذا في الامر حيلة.
فأعد قصيدته الشهيرة ودخل على الخليفة في مجلسه متنكرا واضاعا عباءة على وجهه حتى لا يعرفه أحد فقال للخليفة إن عندي قصيدة سألقيها عليك فقال الخليفة أتعرف الشروط قال نعم اعرفها قال فألقها علينا
صـــوت صـفـيـر الـبـلـبـل ** هــيــج قـلـبـي الـثـمـل
المـاء والـزهـر مــعــــا ** مــع زهـــر لـخـط المـقـل
وأنت يـا ســـيــد لـــي ** وســيــدي و مـــــولـلــي
فــكــم فــكــم تـيـمـني ** غــزيــــــــــــل عــقــيــقــــــــل
قــطــفــتـه مــن وجـنــة ** مـــن لــثــم ورد الخـجـل
فـــــقــــــــال لا لا لا لا ** و قــد غـــدا مــهــرول
والــخـــود مــالـت طــربا ** مــن فـــعـــل هذا الرجل
فــولــولــت وولـــولــت ** ولــي ولــي يـــا ويـــــــلـلـي
فلم يستطيع الخليفة أن يحفظها لصعوبة كلماتها وتداخل حروفها ،
فنادى الغلام فلم يستطع شيئا غير أبيات متقطعة ..
فنادى الجارية فعجزت .. عندئذ قال الخليفة
أحضر ما كتبته عليها لنعطيك وزنه ذهبا ..
قال الأصمعي ورثت عمود رخام من أبي نقشت عليه القصيدة وهو على ظهر
الناقة لا يحمله إلا أربعة من الجنود ..
فانهار الخليفة وجئ بالعمود فوزن كل ما في الخزنة ...
وعندما أراد الخروج .. عرف الخليفة أنه الأصمعي ، وعرف منه سبب حيلته ..
فاتفق معه أن يعطي الشعراء ما تيسر من أجل تشجيعهم.
العرض العادي
