الشيخ راكان بن فلاح آل حثلين زعيم قبيلة العجمان ، وهو فارس مغوار وشاعر مشهور ، وهو مذكور في كتب التاريخ لما له من بطولات ارتبطت مع القبائل الأخرى ، ومع الدولة العثمانية ، هو رجل قد تطابقت أقواله مع أفعاله ، وسوف نورد لكم ما استطعنا أن نجمعه من الكتب ومما ناقلته الأجيال ، وقد حرصنا على تقصي الحقيقة من الأشخاص أو الكتب . ونبدأ معكم بسرد قصة أسره في الدولة العثمانية وبعض أشعاره هناك ، وكانت الاحساء تحت الحكم العثماني بما يعرف بسنجق الاحساء ، وتقوم الدولة العثمانية بدفع مبالغ سنوية من بيت مال المسلمين لبعض القبائل ، بما يسمى بالخرجية ، ومنها قبيلة العجمان ، وهذه المبالغ تدفعها الدولة العثمانية من اجل كسب ولاء هذه القبائل ، وحتى لا تتعرض للقوافل العثمانية حين تمر في منازلها ، وكانت الخرجية تدفع للقبائل المسيطرة على الطرق الواصلة بين المناطق الرئيسة للدولة العثمانية ، على امتداد شبة الجزيرة العربية ، وكانت قبيلة العجمان ترحل إلى مواطن الكلأ في فصل الشتاء ، من اجل رعي مواشيهم ، ويعودون إلى الإحساء في فصل الصيف ، من اجل الماء ، وكان راكان بن حثلين يقوم دائما بتوكيل وكيل له من اجل استلام الخرجية السنوية من الدولة العثمانية في الإحساء ، وهذا الوكيل اسمه ( ابن عوده ) من أهل المراح وتقع بالقرب من منطقة العيون شمال الإحساء ( الهفوف ) ، وفي أحد المرات رحلت قبيلة العجمان إلى البر ، ولم استقر بهم المقام هناك ، ركب راكان بن حثلين مع ستة أشخاص من جماعته وذهبوا جميعا إلى وكيل راكان ليوكله في استلام الخرجية من القائم مقام في الإحساء ، وأتفق راكان مع ( ابن عوده ) على استلام الخرجية ، وواعده على موعد قادم من اجل العوده واستلام الخرجية ، وحين ذهب (ابن عوده ) إلى الباشا ، طلب الباشا من ( ابن عوده ) أن يخبره حين يصل راكان بن حثلين إليه حتى يقبضوا عليه ، وحين وصل راكان بن حثلين إلى ( ابن عوده ) ألح الأخير على عمل العشاء واستضافة راكان بن حثلين ومن معه ، وأثناء ذلك قام (ابن عوده ) بإرسال من يخبر الباشا بوجود راكان بن حثلين عند ( ابن عوده ) ، واستطاع الأتراك أن يقبضوا على راكان بن حثلين وهو على عشاء (ابن عوده ) الذي أمنه راكان بن حثلين على ماله وحياته ويالها من أمانة عند من لا يؤتمن قربه ، وتم وضع القيود به هو ومن معه ، أما راكان بن حثلين فقد تم تكبيله بالقيود وإرساله إلى مدينة اسطنبول في تركيا ، عن طريق البحرين ، وفي أثناء سيره بمنطقة الإحساء ، مر بالقرب من بعض النساء اللواتي يقومن بجمع الحطب من اجل إشعال النار وكن تلك النساء من قبيلة المرة والعجمان فتعرفن عليه ، وهنا جاشت قريحته وقال هذين البيتين يوصيهن بصون العرض والشرف وقال
اللـه يـسـاعــد كـلـنـا في نـويـــه
سـلام عـليكن كلكن يــا حـطاطـيب
والبيـسري لا تـدخلـن في حـويـه بـنـات يــام لا تــجـن القـصــاصـيـب
وبعد ذلك غدروا به الإحساء متجهين إلى اسطنبول عن طريق البحر ، وأما الذين كانوا معه قسم أرسلوه إلى البحرين ، والقسم الأخر أرسل إلى إيران ، وبعد أن وصل راكان بن حثلين إلى اسطنبول وضعوه في سجن أحد القلاع خارج مدينة اسطنبول ، وكان له سجان يقوم بخدمته اسمه حمزة ، وقد سأل حمزة الشيخ راكان بن حثلين ، عن رحلته عبر البحر وعن المدة التي استغرقتها الرحلة ، فرد عليه الشيخ راكان بن حثلين واصفا له رحلته عبر البحر في هذه الأبيات وقال