عندما ننظر حولنا لنرى كم الكتب الكبير الخاصة بتعليم الأطفال الطهي، لا يسعنا سوى التساؤل:
هل ظهرت لدى الأطفال فجأة رغبة جامحة للطهي؟
أم أن البالغين باتوا أكثر تصميماً لإشراك صغارهم في نشاطات المطبخ؟
حتى فترة قريبة، اكتفى الأطفال بالتعلم من خلال مراقبة البالغين،
إذاً لماذا أصبح لدى المهنيين المعنيين بالطهي اعتقاد بوجود طبقة خاصة من
الطلاب ينبغي عليهم تلبية احتياجاتها؟
أم أن هؤلاء المعلمين هم الذين يحتاجون إلى جمهور من الطلاب يغلب عليهم الخضوع؟
في الواقع، لا تعد هذه التساؤلات بالأمر الجديد، حيث ظهرت مع صدور كتب تعليم فن الطهي للأطفال في القرن التاسع عشر. ومن الواضح أن الكتب التي تعمد لاستغلال رغبات الأطفال تضر بمكانة الكبار، مثلما اتضح من الكتاب الشهير الذي نشرته «إليزابيث ستانسبري كيركلاند» عام 1877 تحت عنوان «ستة طهاة صغار» وغلب عليه الاهتمام بالكعك والحلويات. على الجانب الآخر، فإنه حال تركيز كتاب للطهي على الفوائد الهائلة للقنبيط، على سبيل المثال، ربما يتخطى بذلك حدود التدريس إلى الإجبار على تناول الطعام.
علاوة على ذلك، من المؤكد أن البالغين الراشدين لن يسمحوا قط بترك طفل بمفرده في المطبخ وبصحبته كتاب لتعليم الطهي. في الحقيقة عند إمعان النظر نجد أن شخصاً يضع كتاباً لتعليم الأطفال فن الطهي، فإنه يخاطب أيضاً الآباء من خلاله، سواء جاء ذلك بصورة صريحة في الكتاب أم لا.
ومن غير المثير للدهشة أن نجد أن أسوأ ملامح مثل هذه النوعية من الكتب غالباً ما تتركز في النبرة العامة له، حتى عندما يحمل الكتاب فحوى قيماً، حيث تعج بالأمثلة التي ترمي لمخاطبة عقل الأطفال.
بيد أن الصعوبة التي ينطوي عليها تأليف مثل هذه النوعية لم يحل دون سعي عدد متنام باستمرار من كبريات دور النشر والجمعيات التعليمية للدخول في هذا المجال. إضافة إلى ذلك، توجد مجموعة من خبراء التسويق ترمي لاستغلال النجاحات التي تتحقق بوسائل إعلامية أخرى للترويج لكتب الطهي. على سبيل المثال، جاء نشر مجموعة كتب «ما هو الطهي؟» الصادرة عن دور نشر «هيبريون بكوس» متزامناً مع النجاح الذي حققه فيلم «راتاتوي» في دور العرض. من ناحية أخرى، حاولت الأسماء البارزة بفن الطهي على صعيد البالغين، بداية من «إرما رومباور» (التي نشرت كتاب «إرشادات الطهي للبنات والبنين» عام 1946) وصولاً إلى «باولا دين» (التي من المقرر أن تنشر دار «سيمون آند تشوستر» كتابها بعنوان «إرشاداتي الأولى للطهي» في الخريف القادم)، اقتحام عالم وضع كتب تعليم الطهي للأطفال، وحالف النجاح بعض هذه المحاولات، بينما مُني الآخر بالفشل. من ناحيتها، تسهم الشركات الكبرى المنتجة للأغذية والمجلات الخدمية بصورة مستمرة بهذا المجال.
من جانبها، تسعى دور النشر دوماً وراء أحدث التوجهات، لكن الكتب التي تروق لها سريعاً ما تفقد بريقها، فمثلاً لم يقبل الصغار بجنون على أساليب الطهي باستخدام الميكروويف، على خلاف التوقعات التي سادت عن نشر كتاب «إرشادات «بيتي كروكر» للطهي باستخدام الميكروويف للبنين والبنات» عام 1992. وبالمثل، يبدو الآن كتاب «إرشادات الطهي للأطفال» الصادر عن «اتحاد القلب الأميركي» عام 1993عتيقاً للغاية بالنسبة للكثيرين بسبب إقراره أطعمة بديلة للبيض. والمؤكد أن الآباء والأطفال الباحثين عن مجموعة قيمة من كتب تعليم الطهي سيفاجأون بكم هائل من الكتب بالغة التنوع بصورة تبعث على الحيرة ولا يكاد يوجد بينها ملمح مشترك، ففي الوقت الذي تخاطب بعض الكتب الأطفال في سن المرحلة الإعدادية من التعليم، تخاطب أخرى أطفالاً لم يبلغوا السن التي تمكنهم من القراءة بعد. وتحمل بعض الكتب أفكاراً أشبه بمشروعات طهي علمية، بينما تلقن أخرى الفتيات الصغيرات كيفية تنفيذ حفل شاي. وتخاطب بعض الكتب الآباء بدرجة تجعل الطفل يشعر بأنه يحتل مكانة هامشية من اهتمام الكتاب، وتحمل أخرى نبرة استعلاء في مخاطبتها للصغار. بيد أن ذلك لا يعني أن كتب الأطفال تشكل مضيعة للوقت، حيث نجد الكثير من الحجج المنطقية المؤيدة لوضع مثل هذه الكتب في متناول الأطفال. وينبغي الاعتماد على الخصائص المميزة لمرحلتي الطفولة والبلوغ في تحديد متى ينبغي أن يكون للبالغين الكلمة العليا داخل المطبخ مع تخصيص بعض المهام للصغار، ومتى يكون الصغار على استعداد للاضطلاع بالمسؤولية كاملة عن الطهي، بدعم من قبل البالغين.
وعند استعراض كتب الطهي المخصصة للأطفال، نجد أن الغالبية العظمى منها تخاطب الأطفال بين سن الثامنة والثالثة عشرة. في كل الأحوال، ينبغي على كل من الشخص البالغ والطفل تفحص مشترياتهم من كتب تعليم فن الطهي اعتماداً على عدد من الإرشادات: ـ هل تحذيرات السلامة مناسبة؟
ـ هل تبدي النبرة العامة احتراماً للأطفال؟
ـ ما مدى وضوح أسلوب شرح الوصفات وإمكانية تنفيذها؟
ـ هل تتوافق الصور مع الشرح الشفهي؟
ـ هل تتناغم المعدات والمكونات المذكورة مع تجهيزات مطبخك وأولوياتك الغذائية؟
أما الكتب الموجهة للأطفال بالغي الصغر، فينبغي تقييمها بصورة مختلفة. شخصياً، أميل نحو الاعتقاد بضرورة عدم منع أي شيء يستحوذ على خيال الطفل إلا إذا وجد الآباء انه مقيت للغاية. ونظراً لأنه من المحتمل أن يضطلع البالغ بقراءة وشرح جميع الوصفات من بدايتها حتى نهايتها وأن يتولى تنفيذ معظم الخطوات الجوهرية بها، فإن التعليم الحقيقي سيترتب في نهاية الأمر على أي شيء يقوم به البالغ. وفي ما يلي مجموعة منتقاة لأفضل الكتب الموجهة للأطفال من مختلف المراحل العمرية تم نشر
ها خلال العقد السابق:
ـ بالنسبة للأطفال الصغار:
* «إرشادات طهي البيض الأخضر وفخذ اللحم: وصفات ملهمة من دكتور سويس»، تأليف «جورجيان بنمان» (دار نشر «راندم هاوس» عام 2006) يلائم هذا الكتاب أي شخص، كبيراً كان أو صغيراً، يعشق كتب دكتور «سويس». وتجمع «بنمان» في ثنايا الكتاب بين عدد من التعليمات المعتمدة على خطوات محددة يمكن تنفيذها والطابع الفوضوي الذي يتميز به دكتور «سويس». • «السلطة ووصفات أخرى حقيقية» تأليف «مولي كاتزن» (دار نشر «تريسيكل برس»، عام 2005) يتميز الكتاب بطابع نباتي ويخاطب بصورة أساسية الأطفال قبل سن المدرسة. وينقسم فحوى الكتاب بالتساوي بين إرشادات للبالغين وعدد محسوب من الخطوات والصور الموجهة للأطفال. وتتميز «كاتزن» بحس جيد يمكنها من إدراك مواطن قوة وضعف الأطفال. ـ الأطفال بين 8 و13:
* «إرشادات الطهي السريع والسهل للأطفال»، تأليف «أنجيلا ويلكس» (دار نشر «دي. كيه. بيبرباك»، عام 2006) يخاطب الكتاب الأطفال الأصغر عمراً داخل هذه الفئة العمرية ويقترح عدداً من الوصفات التي يستغرق تنفيذ كل منها ما يزيد على نصف الساعة. وتعتمد الوصفات على مجموعة من الصور التي تم تصميمها بصورة دقيقة وعملية. بصورة عامة، تتلاءم هذه الوصفات بصورة أفضل مع الصغار الذين يميلون للحذر، وليس المغامرين منهم. أما أكثر الوصفات جرأة فترتبط بالحلويات. • «إرشادات «دي. كيه» للأطفال: وصفات سريعة ولذيذة للطهاة الصغار» (دار نشر «دي. كيه»، عام 2004) يتضمن هذا الكتاب وصفات أكثر صعوبة إلى حد ما عن سابقه. ويصاحب الوصفات التي وضعتها «كاثرين إيبس» مجموعة متسلسلة من الصور التي تعنى بالتفاصيل الدقيقة وضعها «هوارد شوتر». ويتعين على من ينفذون الوصفات التعامل بحذر مع معدات خلط الطعام ومعالجته. • «ازرعه واطهه» (دار نشر «دي. كيه»، عام 2008) يعد كتاباً إرشادياً مصوراً لزراعة خضراوات بالحديقة (وبضعة أنواع من الفاكهة) داخل حاويات، ثم يقدم الكتاب وصفات تتعلق بالنباتات الغذائية التي تمت زراعتها، مثل الجزر والبرتقال، وهي فكرة رائعة، رغم أن تقديرات الفترات الزمنية للزراعة لا تأخذ في الاعتبار المواسم المناخية المختلفة.
• «طهي الأطفال 1 ـ 2 ـ 3: وصفات للطهاة الصغار باستخدام 3 مكونات»، تأليف «روزان جولد» (دار نشر «بلومسبري لكتب الأطفال»، عام 2006) في ثنايا الكتاب، تطرح «جولد» أفكاراً مثيرة للفضول، لكن مسألة المكونات الثلاثة أحياناً يتم تجاوزها إلى عدد أكبر من المكونات. أما الملمح المميز لهذا الكتاب فهو اعتماده الكامل على الكلمات في شرح الأفكار، بينما غابت الصور. • «مطبخ الأطفال: طعام جيد سهل الطهي»، تأليف «أماندا جرانت» (دار نشر «ميتشل بيزلي بيبرباك»، عام 2005) يلمح الكتاب إلى طموحات تعليمية أوسع من غالبية الكتب الأخرى، حيث يشجع الأطفال على التفكير بشأن المصادر التي يأتي منها الغذاء والتركيز على أساليب الطهي. وتسهم الصور التي صممتها «فرانسيسكا يورك» بدرجة كبيرة في فحوى الكتاب. • «الطعام المسلي لـ «ويليامز سانوما: 25 وصفة لذيذة بمقدور الأطفال طهيها» (دار نشر «فري برس»، عام 2006) رغم كلمة «المسلي» التي يتضمنها العنوان، تتطلب الوصفات الواردة بالكتاب عزماً وذكاءً حقيقيين من جانب الراغبين في تنفيذها. وتظهر الصور التعليمية التي صممها «جيسون لوي»، والمتناغمة بصورة جيدة مع الوصفات التي صاغتها «ستيفاني رزونباوم»، أطفالاً قادرين على التعامل مع سكاكين ضخمة والاضطلاع بمهام تتطلب قدراً كبيراً من المسؤولية.
• «الطهي مع الأطفال: 15 درساً للأطفال من سن السابعة إلى ما أعلى الراغبين فعلاً في تعلم فن الطهي»، تأليف «ماريون كننجهام» (دار نشر نوبف»، عام 1995) تم نشر هذا الكتاب في البداية عام 1995، ويعتبر من كلاسيكيات كتب تعليم الطهي للأطفال. وتتجنب «كننجهام» التعامل مع الأطفال بصورة توحي باستخفافها بهم وتبدي شجاعة حيال استخدام لفظ «دروس». وتحرص المؤلفة على جذب الانتباه إلى أمور مثل كيفية تصحيح التوازن بين مكونات طبق السلطة. الكتب المخصصة للبالغين مع مشاركة الأطفال:
• «مطبخ الأسرة: وصفات سهلة ولذيذة للآباء والأطفال للعمل والتمتع معاً»، تأليف «دبرا بونزيك» (دار نشر «كلاركسون بوتر»، عام 2006) تركز «بونزيك» على الأطباق الصالحة لجميع الوجبات. وتخاطب الوصفات الآباء، لكنها تحوي قائمة بمهام محددة للمعاونين الصغار.
* خدمة «نيويورك تايمز»
العرض العادي
