لماذا يمرض المسرفون في الطعام ويصح الصائمون؟

[أفاق الفكر]

لماذا يمرض المسرفون في الطعام ويصح الصائمون؟

Cant See Images

الصوم يقوي الفطنة ويحسن النشاط ويصلح لمرضى القلب والمصابين بالأورام في حالات مستقرة


جدة: د. عبد الحفيظ خوجة
الجهاز العصبي هو مركز القيادة في الجسم، فهو يتحكم في كل أعضاء الجسم.. يتلقى الأخبار والمعطيات، يدرسها ويحللها.. ثم يرسل إلى الأعضاء الأوامر والتنبيهات. ويخطئ من يعتبر الجهاز العصبي جهازا مستقلا بذاته، ويجعل من أمراضه أمراضا مستقلة به.. فآثار الإفراط في الطعام مثلاً تنعكس على الجهاز العصبي مثلما تنعكس على العديد من أجهزة الجسم.
يقول المثل العربي «البطنة تذهب بالفطنة»، وعليه فإن الصوم يقوي الفطنة ويحسن نشاطها، ولقد كان المفكر اليوناني سقراط يصف بالوحشية أو بالهمجية الذين كانوا يتناولون أكثر من وجبتين غذائيتين في اليوم.. تُرى ما عساه أن يصف «متمدني العصر الحديث» الذين يأكلون لذائذ الطعام في وجبات ثلاث ويأكلون كل ما تشتهيه الأنفس من مقبلات ومشهيات في فترات ما بين الوجبات، ثم يخلدون للنوم على ضجيج المعدة والأمعاء، تتقلب على بعضها البعض مثقلة بما فيها من مأكولات.

يقول الدكتور حسان شمسي باشا استشاري أمراض القلب بمستشفى القوات المسلحة بجدة، ان الذين يظنون أن الطعام يشفي من المرض يخطئون، وإلا فلماذا يمرض المسرفون في الطعام من الأغنياء؟ ولماذا يصح الصائمون وتقوى مناعتهم؟ فالشخص الذي يتناول ثلاث وجبات في اليوم غنية بأطايب الطعام، ثم يتبع ذلك ما شاء من القهوة والشاي والتدخين، لا بد له من أن يعاني في بداية الصوم من الحرمان من كل ما لذ وطاب، بل ربما لا يستطيع القيام بأي عمل.. إنه الإحساس الخيالي بالضعف والوهن. ولكن الصائم لا بد أن يشعر بالحيوية والنشاط مع بداية رمضان، وتقوى عزيمته وإرادته، ويحارب شهواته وغرائزه. وللصيام فوائد نفسية كثيرة، ففيه تربية وتهذيب للنفس، وعلاج لكثير من أمراض النفس والجسم، فالإمساك عن الطعام والشراب إنما هو تدريب للإنسان على مقاومة شهواته والسيطرة عليها وتهذيب الغرائز والتحكم بها. وحول صيام مرضى القلب، أوضح الدكتور أمير طربين استشاري أمراض القلب والقسطرة القلبية بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بجدة أن مريض القلب يستطيع الصيام، وينبغي عليه الانتباه لأمور عديدة في شهر رمضان، ومنها:


ـ إذا كان وضع مريض القلب غير مستقر كالمريض بضيق الشرايين القلبية أو أن يكون لديه أزمات قلبية متكررة على الجهد الخفيف أو أثناء الراحة أو لديه قصور في القلب أو يعاني من ضيق في التنفس، فإن وضع هؤلاء المرضى غير مستقر وهم بحاجة لمراجعة الطبيب لمعرفة إمكانية صيامهم بعد استقرار وضعهم الصحي.

ـ أما المرضى الذين أجريت لهم قسطرة قلبية أو كانوا في مرحلة ما بعد العمل الجراحي في القلب وكانوا بخير ولا يشكون من أزمات قلبية أو ضيق في التنفس أثناء الجهد العادي، فهؤلاء المرضى لا مانع من صيامهم على الإطلاق.

ومن النصائح الطبية لمرضى القلب في رمضان:

أولا: تناول الأدوية بانتظام وحسب إرشادات الطبيب، وكما يعلم الجميع فإن أكثر الأدوية يدوم مفعولها لمدة طويلة ويتمكن المريض معها من أخذها مرة أو مرتين بسبب الصيام وحسب إرشادات الطبيب المعالج.

ثانياً: ينصح المريض بعدم الإفراط في الطعام والشراب وتجنب الأطعمة الدسمة والمالحة ومن الأفضل تقسيم وجبة الإفطار على وجبتين خفيفتين بدلاً من وجبة واحدة ثقيلة.

ثالثا: تجنب الإجهاد والعمل الشاق أو العمل في جو حار أثناء الصيام وذلك للحفاظ على استقرار حالة القلب والحيلولة دون حدوث أي أعراض قد تتطلب منه الإفطار.

وبالنسبة للذين يرغبون منهم في أداء العمرة في رمضان ان يتجنبوا أداء العمرة أثناء الصيام وليكن ذلك في الليل وان يحملوا معهم حبوب (النتروغليسرين) لاستخدامها تحت اللسان إذا حدث لديه ألم في الصدر أثناء الجهد. ونذكر أيضاً بأنه إذا حدث ألم في الصدر أثناء الصيام فيمكن للمريض استخدام لصقات النتروغليسرين والتي توضع على الجلد وتدخل إلى الدم وتوسع الشرايين القلبية وتخفف من الآلام القلبية.

وفي الختام إذا وجد الصائم والمصاب بمرض قلبي أنه تعب ويشكو من تزايد آلام الصدر وضيق التنفس وبحاجة إلى تناول الأدوية التي تخفف من هذه الأعراض، فعدة من أيام أخر حتى لا تسؤ حالته الصحية، وعليه أن يتمتع بالرخصة الدينية في الإفطار. يكثر الحديث في شهر رمضان حول موقف المرضى من الصوم، وخاصة ذوي الأمراض المزمنة، وبالذات مرضى الأورام الذين يستخدمون طرقا مختلفة من الوسائل الحديثة المستخدمة في التقنية المتطورة في هذا المجال مثل العلاج الكيميائي أو الشعاعي لكي يتغلبوا على هذه الأمراض.

وحول هذا الموضوع وكيفية الصيام بالنسبة لهذه الشريحة من الصائمين الذين يتعاطون هذا النوع من العلاج، طرحت «الشرق الأوسط» مجموعة الأسئلة التي تدور بين هؤلاء المرضى على البروفسور عز الدين إبراهيم استشاري أمراض أورام الكبار ورئيس قسم الأورام بمستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة:


> هل للصيام اثر ايجابي على مريض الأورام؟

ـ بشكل عام، نعم، فإذا كان مريض الأورام متمتعاً بصحة عامة جيدة وتمكن من الصيام، فيتوقع أن يكون للصيام هنا أثر إيجابي.

لقد أجريت تجارب مختبرية على مجموعتين من الفئران: إحداهما مصابة بأورام خبيثة والأخرى سليمة وتم حجب الطعام عن إحدى المجموعتين، فلوحظ لدى المجموعة التي حجب عنها الطعام أن نمو الورم فيها كان مثبطا وبطيئاً مقارنة بالمجموعة الأخرى.

> هل هناك ضرر من الصيام على مريض الأورام؟

ـ يخشى الأطباء على مرضى الأورام الذين يخضعون للعلاج الكيميائي من حدوث مضاعفات لهم إن صاموا، فينصحونهم بالإفطار أثناء تناول جرعة العلاج الكيميائي لما ينتج عنها من غثيان ولحاجة المريض معها لأخذ الكثير من المغذيات وبمعدل كل يوم أو يومين يليان العلاج خاصة مع استمرار الغثيان.

أما بالنسبة للمرضى الذين ما زال المرض موجوداً لديهم لكنه في حالة استقرار، فهؤلاء يصومون على حسب حالتهم الصحية وقدرتهم على تحمل الصيام.

> متى ينصح مريض الأورام بالإفطار وعدم الصيام؟

ـ في حالة أخذه للعلاج الكيميائي حيث يصاب بغثيان شديد وربما بأعراض أخرى أشد. أما من لا يتناول علاجا كيميائيا وكانت صحتهم العامة جيدة فبإمكانهم الصيام.

وإن كان مريض الأورام قد انتهى من العلاج الكيميائي فيمكنه المشاركة في هذه الأنشطة الدينية الجماعية بشرط أن تكون لديه القدرة الصحية العامة. أما إن كان لا يزال يتناول العلاج الكيميائي فإن هذه الأدوية معروف أنها تؤثر على الكريات البيضاء والخطوط الدفاعية العامة للميكروبات، وبالتالي فيستحسن تجنب الزحام والتجمعات البشرية التي تزداد معها قابلية هؤلاء المرضى للإصابة بالأمراض كما تزداد مخاطر حدوث العدوى وخاصة التهابات الجهاز التنفسي. والأورام ليست من الأمراض المعدية، لأنها ناتجة عن خلايا طبيعية من داخل الجسم وليست مكروبات من خارج الجسم.

> هل هناك احتياطات في تناول الأطعمة المختلفة لمريض الأورام في شهر رمضان؟

ـ لا توجد احتياطات غذائية بالنسبة لمرضى الأورام من حيث تأثيرها على المرض أو تعارضها مع العلاجات الكيميائية أو الشعاعية، ولكن إن كان المريض نفسه مصاباً أيضاً بأمراض أخرى كالسكري مثلا فيجب عليه الاستمرار في الحمية الغذائية الخاصة بذلك المرض.

Cant See Links

التوقيع :

لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم