وجه فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودةرسالة لجاك شيراك

وجه فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودةرسالة لجاك شيراك

ينتقد فيها حظر الحجاب

الرياض : عبد الحي شاهين
32/11/1424 8:52 م
24/01/2004

وجه فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة -المشرف العام على مؤسسة (الإسلام اليوم) في السعودية- رسالة إلى الرئيس الفرنسي (جاك شيراك) انتقد فيها قرار حظر الحجاب الإسلامي في المدارس الفرنسية، واعتبر القرار لا ينسجم مع قيم الحرية والعلمانية اللذين تفخر بهما فرنسا.
وأكد الشيخ سلمان في صدر رسالته أن الأمة الإسلامية والعربية تقدِّر لفرنسا مواقفها الإنسانية والإيجابية العادلة تجاه بعض القضايا العربية والإسلامية، ومنها معارضتها الصريحة لاحتلال القوات الأمريكية والبريطانية للعراق بجانب قضية فلسطين. وأشار إلى أن هذه المواقف أثبتت أن دولة فرنسا أقرب إلى تفهم قضايا المسلمين من غيرها من الدول، كما أن ذات المواقف هي التي فتحت المجال واسعًا للاستغراب والاندهاش؛ لما حازته فرنسا من رضى شعبي على امتداد العالم العربي والإسلامي.

ولفت الشيخ العودة في الرسالة التي وجهها صباح اليوم للرئيس الفرنسي جاك شيراك - تعليقًا على القرار الصادر مؤخرًا بحظر ارتداء الحجاب الإسلامي في المدارس- إلى أن قيم العلمانية وفصلها للدين عن الدولة تتيح للمتدينين حرية ممارسة دينهم والدعوة إليه بطريقتهم الخاصة ما دامت لا تتعارض مع حرية الآخرين، وهذا متوافر في حجاب الرأس؛ فهو سلوك ديني لا يتعارض مع حرية الآخرين، وليس رمزًا ولا علمًا. وأبدى استغرابه (الشديد) لحرمان الدولة الفرنسية لفئة من مواطنيها بعض الحرية الشخصية التي تحميها وتمنحها (العلمانية)، وتساءل: هل أضحت العلمانية نفسها دينًا للدولة تعادي به الأديان الأخرى؟!
وأضاف.. أليس مما تقتضيه الحرية – والتي هي جزء من العلمانية – السماح للمواطنين بالانتماء إلى ما شاؤوا من ثقافات؟.
وطالب العودة في ختام الرسالة بإعادة النظر في قرار حظر الحجاب في المدارس، وتعميم نطاق الحرية ليشمل حق المسلمين في التزام واجباتهم الدينية.
وكان الرئيس الفرنسي جاك شيراك أعلن في 17 كانون الأول/ديسمبر تأييده لمنع العلامات الدينية "الظاهرة" في المدارس والإدارات العامة في فرنسا بما فيها الحجاب الإسلامي والقلنسوة اليهودية والصلبان الكبيرة المسيحية، على الرغم من معارضة السلطات الدينية الفرنسية.
ودعا المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث فرنسا بعد جلسة طارئة عقدت مؤخرًا في دبلن إلى "مراجعة موقفها وتوجهها بشأن منع ارتداء الحجاب في مدارس الدولة".
وشكل المجلس لجنة برئاسة وزير العدل الموريتاني السابق (عبد الله بن بية) لزيارة فرنسا ولقاء المسؤولين هناك لتبيان الموقف الواجب تجاه قضية الحجاب في فرنسا.

نص الخطاب


بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة للرسالة التي وجهها فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة
المشرف العام على مؤسسة (الإسلام اليوم) في السعودية لفخامة الرئيس الفرنسي جاك شيراك تعليقاً على قرار حظر الحجاب في المدارس الفرنسية


خطاب إلى شـيراك

إن الأمة الإسلامية والعربية؛ تقدّر لدولة فرنسا مواقفها الإنسانية, والإيجابية العادلة تجاه بعض قضايا العرب والمسلمين. كان آخرها معارضتها الصريحة والقوية لاحتلال القوات الأمريكية والبريطانية لبلد العراق، وإسهامها الناجح في إجهاض محاولة تشريع الاحتلال بقرار من مجلس الأمن.
فهو - بحق – موقف إنساني مشرّف في نصرة الحق, والعدل, ودفع الظلم, والاعتداء!
وهو يضاف إلى مواقف أخرى في القضية الفلسطينية, وغيرها؛ تثبت أن دولة فرنسا أقرب إلى تفهم قضايا المسلمين, ومساندتها.
وهذا يفتح باباً من الرضى الشعبي هو أرضية حاضرة ومستقبله؛ لتبنى الأجيال علاقاتها ومصالحها مع الذين يؤمنون بقضيتها ، ويحترمون حقوقها.
غير أن موقف دولتكم – فرنسا – الأخير من قضية ارتداء الحجاب في مدارسها الحكومية؛ قد أثار شيئاً من الحزن والاستنكار لدى كثير من العرب والمسلمين داخل فرنسا وخارجها.
وهو أمر مثير للغرابة والاندهاش ! إذ نشعر بأنه موقف لا يتناغم مع ما تفخر به فرنسا من قيم الحرية, وما تلتزمه من نظام العلمانية.
إذ العلمانية – كما هو مفهومها – نظام سياسي يفصل الدين عن الدولة ، ويتخذ موقفاً محايداً يمنح المتدينين – ولا سيما الأفراد منهم – حرية ممارسة دينهم والدعوة إليه بطريقتهم الخاصة؛ ما دامت لا تتعارض مع حرية الآخرين.
وهذا متوافر في حجاب الرأس، فهو سلوك ديني لا يتعارض مع حرية الآخرين، وليس رمزاً, ولا علماً, ولا نشيداً, ولا زياً -يلبس في المناسبات؛ ليظهر دين لابسه- وإنما هو سلوك دائم لكل فتاة مسلمة تلتزمه كلما خرجت من بيتها كما تلتزم بالعادات والمعاملات الاجتماعية.
إننا استغربنا حرمانكم لفئة من مواطنيكم بعض الحرية الشخصية التي تحميها وتمنحها العلمانية.
واستغربنا أكثر من تسويغكم لهذا المنع بأن الحجاب رمز ديني، ومِنْ ثَمّ يتعارض مع العلمانية.
فهل أصحبت العلمانية نفسها ديناً للدولة, تُعادي به الأديان الأخرى ؟!
ثم أليس مما تقضيه الحرية – والتي هي جزء من العلمانية – السماح للمواطنين بالانتماء إلى ما شاؤوا من ثقافات.
وكم هو عجيب أن تعطي العلمانية للشواذ والعراة مطلق الحرية في ممارسة الشذوذ والتعري؛ ثم تضيق عن غطاء تلفه الفتاة المسلمة حول رأسها!!
فإذا كانت حرية الشاذين والعراة لا تتعدى على حريات الآخرين, ولا تحرّض على الاعتداء عليهم؛ فكذلك التزام الفتاة لحجاب الرأس لا يضر بالآخرين, ولا يتعدّى على حرياتهم.
ثم ماذا لو أن نساءً من غير المسلمات اخترن أن يغطين رؤوسهن, واعتبرن هذا موضة عصرية جديدة، فهل يمنعن من ذلك بحجة أنه مخالف للعلمانية ؟!
إن إعادة النظر في هذا القرار, وتعميم نطاق الحرية؛ ليشمل حق المسلمين في التزام واجباتهم الدينية؛ هو ما ينتظر منكم, ونأمل أن يتم بشكل يكفل للمسلمين حقهم وحريتهم, ويبعد عنهم ما يمكن تفسيره على أنه استهداف لدينهم وانتمائهم.
سلمان بن فهد العودة