آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 35662 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 24474 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 30857 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 32315 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 65723 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 59935 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 51789 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 34201 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 34438 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 40352 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-31-2011, 03:23 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


أيام عبد الناصر الأخيرة ..لمسات عائلية في قلب الازمة(الحلقة الأخيرة)


الرئيس قال لي قبل موته: «عارفة إن السادات ما كانش في الثورة وأنا بعتّ جبته»؟
أيام عبد الناصر الأخيرة ..لمسات عائلية في قلب الازمة(الحلقة الأخيرة)
المصدر: باتفاق خاص ـ جميع الحقوق محفوظة لدار الشروقالتاريخ: 25 يناير 2011

نجح في الامتحان عبدالحكيم؛ أصغر أبنائنا، لينتقل من السنة ثانية ثانوي إلى الثالثة. قبل الامتحان قال له الرئيس: إذا كانت النتيجة أكثر من 80 في المئة تطلب أي شيء تريده، ومحمد أحمد ـ سكرتيره الخاص ـ يحضره لك.


نجح عبدالحكيم بمجموع 84 في المئة، ودخل لوالده يخبره، وكان حكيم كل يوم ينتظر فرصة ليدخل لوالده في حجرته، فيصافحه ويقبله، وإذا كان الرئيس أحضر كاميرا أو راديو أو جهاز تسجيل صغيراً يلفت نظره ويقول له: هل أعجبتك؟ وعند خروج عبدالحكيم من الحجرة يقول له: خذها معك.. ثم يقول لي: إنه جدع لطيف. هنأ الرئيس ابنه عبدالحكيم وقبله، وسأله: ماذا تطلب؟ رد عبدالحكيم قائلا: يا بابا أنا لا أريد شيئًا السنة دي.. أريد أن أذهب إلى لندن لمدة أسبوع مع مهندس الطائرة سعد الصيرفي، الذي كان يرافق الرئيس في رحلاته، وكان حكيم يقابله في مكتب السكرتارية.. فقال له الرئيس، وكنت في الحجرة وقت دخول حكيم: إن لك إخوة في الجبهة الآن في الحر وأنت تذهب إلى لندن؟ إن شاء الله بعد ما نطلع اليهود أرسلك تسافر كما تشاء، حتى لو طلبت أن تذهب لطوكيو. وكان عبدالحكيم في الخامسة عشرة من عمره، فقال: نعم يا بابا.

وطلب من محمد أحمد شراء موتوسيكل.. وكنت لا أوافق على ركوب الموتوسيكل، فأحضره، ولم يظهره لي حكيم حتى رأيته في إسكندرية وهو يركبه. كنت أجلس مع الرئيس في حجرته، وتحدث معي عن أنور السادات نائب الرئيس، وقال: إنه أطيب واحد ويحبنا.. ولا ينسى أبدًا.. ودائمًا يقول لي أنا لا أنسى فضلك.. لم أكن في الثورة وأنت بعتّ لي وجبتني. وقال لي الرئيس: إنت عارفة إنه ما كانش في الثورة وأنا بعتّ جبته؟ فقلت:

نعم أعرف ذلك. ولم يكن أنور السادات في القاهرة وقت قيام الثورة، وأرسل الرئيس في طلبه من رفح. سافر الرئيس للاتحاد السوفييتي، وذهبت إلى إسكندرية مع خالد وعبدالحكيم، وكان بعد انتهاء امتحان آخر السنة. بعد انتهاء زيارة الرئيس لموسكو وقبل عودته عُمل له فحص طبي، وأشار عليه الأطباء هناك بأن يذهب في مكان قريب من موسكو.. وقالوا له: إنك لم تستكمل العلاج وقت النوبة القلبية، وكان يلزمك وقت للراحة. وكان ضمن المرافقين هيكل، ورجع بعد انتهاء الزيارة في موسكو.

طمأنة هيكل والسادات

طلبني في التليفون وقال لي: إن الرئيس يهديك سلامه، وهو بخير، وسيبقى في الاتحاد السوفييتى أسبوعين للاستجمام. وقت وجود الرئيس في موسكو خرجت لزيارة إحدى السيدات في المساء، وبعد رجوعي للمنزل قال لي السفرجي: إن سيادة النائب أنور السادات حضر في غيابك وسأل عنك وعن الأولاد، ولم يكن أحد منهم موجودا. كنت قلقة على صحة الرئيس لبقائه في الاتحاد السوفييتي رغم مكالمة هيكل لي، وطلبت أنور السادات في التليفون وسألته عن صحة الرئيس، فقال لي: اطمئني، إنه بخير وبصحة جيدة. بقيت في إسكندرية حتى قبل رجوع الرئيس بيوم، ثم رجعت للقاهرة مع الأولاد لنكون في استقباله، وكان قبل عيد ثورة 23 يوليو بأيام قليلة. حكى لي الرئيس عن بقائه في الاتحاد السوفييتي وأنهم قالوا له إن الطريقة التي يمكن أن يستريح بها أن يبقى هناك، وقال: لقد قلت لهيكل أن يتصل بك عند حضوره مباشرة حتى لا تقلقي.. فقلت:

نعم لقد كلمني هيكل وطمأنني. كان يوم 23 يوليو 1970 في المساء، وجلست كالعادة أمام التلفزيون مع أولادي نستمع لخطاب الرئيس الذي أعلن فيه الانتهاء من بناء السد العالي وهنأ الشعب ببناء السد.. وكان آخر خطاب له في عيد الثورة. مكثنا في القاهرة بضعة أيام، وقال لي الرئيس: لا داعي للبقاء هنا في الحر، اذهبي والأولاد للإسكندرية.. وإن شاء الله سأحضر بعد أيام قليلة. نشر في الجرائد عن مرض أنور السادات بالإنفلونزا.. وعندما حضر الرئيس لإسكندرية سألته عن أنور السادات فقال: إنه موجود في إسكندرية، فقلت: ممكن أذهب لزيارته؟ وكان الرئيس قد زاره فقال لي: كما تريدين. ذهبت لزيارة أنور السادات ووجدته جالسا في الفراندة.. واستقبلني بترحيب ومكثت زيارة قصيرة معه. أمضى الرئيس في إسكندرية 11 يوما قضاها في شغل كالعادة ورجع للقاهرة، ثم سافر للخرطوم لحضور مؤتمر.

بقيت في إسكندرية مع الأولاد، وكان الرئيس يطلبني كل يوم بالتليفون من القاهرة ويسأل عن الأولاد، وإذا كانوا موجودين في البيت يتحدث معهم، وكان يقول لي: أنا بمفردي في البيت.. ويقول لي بالحرف: البيت وحش جدًّا لا يطاق من غيرك والأولاد.. فأقول له: احضر.. وأكون مسرورة بوجودي معك.. فيقول لي: أنا مشغول وأخرج، ولا أرجع إلا في وقت متأخر من الليل، وسوف تكونين بمفردك.. فالأحسن أن تبقي مع الأولاد في إسكندرية. في أول سبتمبر سافر الرئيس إلى ليبيا لحضور احتفالات الثورة، وكان أول عيد لثورة ليبيا.. وبقى هناك أياماً قليلة.

وحضرت للقاهرة والأولاد لنكون في استقباله، ثم رجعنا لإسكندرية، وكانت رغبة الرئيس أن يستمتع خالد وحكيم بالبحر، وما زال هناك وقت على انتهاء الإجازة.. وقال إنه سيكون مشغولاً ولن يكون عنده وقت يقضيه معنا.. وأضاف: وإن شاء الله سأحضر لإسكندرية قريبا وأبقى معكم فترة. لم يحضر الرئيس لإسكندرية، وظل يكلمني كل يوم بالتليفون، وكان أحد الضيوف سيحضر.. رئيس جمهورية هنغاريا ولا ترافقه زوجته فلم أذهب للقاهرة لأكون مع الرئيس في استقباله. وفي يوم 12 سبتمبر رجعت للقاهرة مع خالد وعبدالحكيم.. وكان اليوم السبت، إذ أراد حكيم أن يقضي في إسكندرية يوم الجمعة.

هل تأتين معي إلى مرسى مطروح؟

في اليوم التالي خرج الرئيس في المساء، وذهب للقيادة كالعادة، ورجع في ساعة متأخرة. في يوم الثلاثاء.. وكان الرئيس سيغادر القاهرة في المساء بالقطار للإسكندرية ويبيت فيها، ثم يذهب بالقطار أيضًا لمرسى مطروح في اليوم التالي..

قال إنه سيزور القوات المسلحة هناك وسيرافقه وزير الحربية وحسين الشافعي، وسيحضر الرئيس الليبي معمر القذافي في زيارة ليوم واحد. أثناء تناولنا الغداء قال لي: هل تحضرين معي؟ قلت: إنه يسرني أن أذهب معك لمرسى مطروح.. وكنت لم أذهب إليها منذ 1953، وقت أن رافقته مدة النقاهة بعد أن أجريت له عملية الزائدة. غادرنا الإسكندرية بالقطار لمرسى مطروح، وكان وزير الحربية وحسين الشافعي في القطار معنا. قال وزير الحربية للرئيس: لقد طلبت خروج عبدالحميد من الكلية وذهابه للبيت لتراه، وبعد وقت سألت عنه إذا كان غادر الكلية، فقالوا لي إنه رفض الخروج فقلت: فليخرج بالأمر.. وشكر وأثنى على عبدالحميد وقال: إنه طالب مثالي في تهذيبه وأخلاقه.. إنه غير معقول ويمدح فيه المدرسون في الكلية ويحافظ على واجباته.. فشكره الرئيس. وصلنا مرسى مطروح في المساء.. وكان الاستقبال من الجماهير كالعادة حارًا، وذهبنا لنقيم في بيت المحافظ، وكان خاليًا. كان الرئيس يخرج في مرسى مطروح، وفي مرة كان سيمشي على البحر، فقال لي: تعالي معي. وذهبنا لبيت قريب من البيت الذي نقيم فيه، وقال: إنها استراحة يقيم فيها حسين الشافعي، وكان قد حضر بعد أن أخذ حماماً في البحر.. مكثنا وقتا قصيرا معه، ورجعنا البيت.

في اليوم التالي حضر الرئيس الليبي معمر القذافي ومعه عدد من أعضاء مجلس الثورة، ومكثوا يوما واحدا تناولوا فيه الغداء مع الرئيس في البيت في الدور الأول، وتناولت الغداء في الدور الثاني مع عبدالحكيم، وقبل خروج الرئيس الليبي ومرافقيه طلبني الرئيس لمصافحتهم. مكثنا ثلاثة أيام، زار فيها الرئيس القوات المسلحة في مرسى مطروح. وفي يوم السبت غادرنا بالقطار للإسكندرية، وفي الطريق أثناء سير القطار وفي المحطات كان الأهالي ومعهم أولادهم يقفون لتحية الرئيس، فنظر لي وقال:

إنني أشتغل من أجل هؤلاء.. فقلت: إنهم في مظهر أحسن من قبل، فرد وقال: أريد أن ينال هؤلاء الأطفال فرصة التعليم والعلاج والمظهر كخالد ابننا.. لم يحن الوقت بعد. وكان الرئيس يتأثر عند رؤيته لطفل يشتغل عند أسرة كخادم، وكان يقول لي: إنها مشكلة لا تحل إلا بالتدريج، ويستطرد: ليس في وسعي عمل شيء إلا العمل باستمرار على رفع مستوى الفلاح في القرية والكادحين ونشر التعليم.. وإن شاء الله تتلاشى.

مؤتمر القمة في الهيلتون

بقينا في إسكندرية حتى يوم الاثنين 21 سبتمبر.. لم أره يستريح، وكل وقته كان مشغولا بمتابعة أخبار الاعتداء على الفلسطينيين في الأردن. وأمضى يومي الأحد والاثنين يمهد لمؤتمر قمة عربي، ويطلب الرؤساء والملوك العرب بالتلفون ويتحدث معهم، وقال لي: سنغادر الإسكندرية في المساء. وكان في الصباح - وهو يوم الاثنين - قد علم بوفاة زوجة خاله، فقال: سأذهب لتعزية أولاد خالي ونحن في طريقنا للقاهرة، إذ يقيمون في إسكندرية.

مكثنا عندهم نصف ساعة.. وفي الساعة السابعة مساء غادرنا إسكندرية للقاهرة.

أثناء الطريق تحدث بالتلفون وهو في العربة، وعلم أن الرئيس الليبي معمر القذافي يصل في نفس الليلة، فقال لي بعد وصولنا: سأخرج لأجتمع مع الرؤساء الذين وصلوا، فقلت: الأحسن أن تستريح الليلة.. فرد: لقد عملت ترتيب مقابلتهم. ورجعنا البيت بمنشية البكري، وكانت الساعة حوالي العاشرة مساء. استبدل الرئيس ملابسه وخرج.. وكنت قد رقدت في السرير أستريح، وأنا أعرف ما بذله من مجهود طوال اليوم، وأراه يخرج.. رجع في الساعة الثالثة صباحًا.

اليوم التالي الثلاثاء خرج في الصباح ورجع قبل تناول الغداء، وفي المساء خرج ورجع بعد تناول العشاء مع الضيوف في قصر القبة. يوم الأربعاء خرج في الصباح وتناول الغداء مع الضيوف وظل خارج البيت، وفي المساء خرجت لزيارة إحدى قريباتي وتسكن في الدقي.. دعوتها أن تحضر معي للبيت لتشاهد فيلماً في السينما. عندما رجعت إلى البيت وجدت الرئيس في حجرته.. دخلت له فوجدته يستعد للخروج..

تبادلنا التحية وقلت له: لقد كنت عند قريبتي وأحضرتها معي لنشاهد فيلماً، فقال: أحسن، فلتتسلي معها، ثم أضاف: سأذهب وأبقى في الهيلتون مع الضيوف حتى ينتهي المؤتمر.. وحياني وخرج حتى المدخل بجوار السلم.. وخرجت معه، ووقف حوالي دقيقتين يقرأ في نوتة صغيرة، ثم حياني ونزل السلالم.. وبقيت واقفة، فنظر لي مرة ثانية وهو ينزل السلالم وحياني بيده.. وكان ذلك من عادته قبل خروجه إذا كنت واقفة أثناء نزوله السلم. خرج وقريبتى جالسة في الصالون في الدور الثاني، وكان يدخل الصالة ويصافح الضيوف الموجودين، ويكونون عادة من الأقارب، لكنه لم يدخل في هذه المرة.

المشهد الأخير

لبث الرئيس في الهيلتون.. وكنت أتتبع الأخبار في الجرائد والإذاعة والتلفزيون. وفي يوم الأحد، وكنت جالسة أمام التلفزيون، وكانت نشرة الأخبار الساعة التاسعة مساء تقرؤها المذيعة سميرة الكيلاني، وقالت: لقد تم الوفاق واختتم المؤتمر أعماله، وغادر الضيوف من الملوك والرؤساء القاهرة، وكان في توديعهم الرئيس، وسيغادر الباقي غدًا.. فهللت من الفرحة، وصفقت بيدي، وكانت ابنتي منى حضرت في هذه اللحظة، وبعد انتهاء نشرة الأخبار قالت لي: نشاهد يا ماما فيلماً في السينما؟ ونزلنا للدور الأول. وفي الساعة العاشرة والنصف جاء لي السفرجي يقول: لقد حضر سيادة الرئيس.. فقلت لمنى: فلتكملي أنت الفيلم، وسأصعد، وتركتها. دخلت الحجرة فوجدت الرئيس راقداً على السرير.. صافحته بحرارة وقلت له: الحمد لله، لقد سمعت نشرة الأخبار وفرحت جدًّا وهللت.. فقال: الحمد لله..

وكان قد طلب العشاء، وسألني: هل تناولت عشاءك؟ فقلت: نعم.. وجلست معه، ولم يأكل إلا اللبن الزبادي، ورجع إلى السرير. لم تستكمل منى مشاهدة الفيلم، وطلعت ودخلت حجرة والدها، وصافحته وجلست معه على طرف السرير، وحضر خالد أيضًا وصافحه، وجلسا في الحجرة قليلا يتحدثان مع والدهما. ظل الرئيس يتحدث في التلفون حتى الساعة الثانية عشرة، ثم قال: سأنام مبكرًا، وغداً سأذهب في الصباح لتوديع الملك فيصل وأمير الكويت.. وأطفأ النور ونام. في الصباح استيقظ الرئيس قبل الثامنة، وحضر الطبيب الخاص، وكنت قد قمت وخرجت من الحجرة ودخلت حجرتي، استعداداً للدخول للرئيس في حجرته لأتناول معه الإفطار، فدخل لي في الحجرة لتحيتي قبل خروجه، وقال: سأذهب للمطار.. ووجدت الإفطار قد جهز في حجرته ولم يتناول شيئًا، وعلمت أنه تناول فاكهة فقط. رجع الرئيس في الساعة الثانية عشرة، وحضر الطبيب الخاص ودخل له، وكنت سأدخل للرئيس، ووجدت الدكتور يجري له فحص رسم قلب، فرجعت ولم أدخل له في الحجرة، ثم بعد ذلك خرج الرئيس مرة ثانية لتوديع أمير الكويت.

رجع الرئيس من المطار في الساعة الثالثة بعد الظهر، وعند خروجي من حجرتي وجدت ابنتي هدى تستعد لتذهب إلى بيتها بعد أن انتهت من الشغل، وكانت تجلس في مكتب والدها في الدور الثاني تعمل سكرتيرة له منذ عام. وكان الرئيس بعد مضى بضعة شهور من شغلها معه قال لي: إن هدى الآن تدربت على العمل معي وتعلمت وتريحني.. وكان سعيداً بها. قالت لي هدى بصوت خافت.. وكنت قد مشيت حتى باب حجرة النوم: إن بابا تعبان وسينام.. فرآني وقال: تعالي يا تحية.. فدخلت الحجرة، وأشار لي بيده وهو راقد على السرير أن أجلس.. فجلست على طرف السرير، فسألني: هل تناولت الغداء يا تحية؟ قلت: نعم تناولته مع الأولاد.. فقال لي: أنا مش هاتغدى.. وأشار لي بيده أن أبقى كما أنا جالسة.. فبقيت حوالي عشر دقائق وهو راقد لم يتكلم. وحضر الدكتور الصاوي حبيب، فقال له الرئيس: ادخل يا صاوي، فدخل، وقمت كعادتي عند دخول الأطباء له في الحجرة، وخرجت إلى المكتب، فقال الدكتور:

نريد عصيرًا.. فذهبت وأحضرت عصير برتقال وليمون جهزته بنفسي بسرعة، وحملتهما ودخلت له في الحجرة..وقلت: هذا برتقال محفوظ وليمون طازج، فقال: آخذ برتقالاً، وشرب الكوب وأنا واقفة، وقال لي: متشكر. خرجت من الحجرة وجلست في حجرة المكتب، وبعد دقائق حضر طبيب اختصاصي.. منصور فايز، فقلت له بالحرف: إنت جيت ليه يا دكتور دلوقتي؟ أنا لما بأشوفك بأعرف إن الرئيس تعبان وبأكون مشغولة.. فرد: أنا معتاد أن أحضر كل أسبوع في يوم الاثنين، واليوم الاثنين.. ودخل للرئيس. بقيت جالسة في حجرة المكتب، وسمعت الرئيس يتحدث، وسمعت الراديو.. نشرة الأخبار في إذاعة لندن.


قالت لي منى ابنتى: بابا بخير والحمد لله.. تعالي نخرج من هنا. وخرجت معها وجلسنا على الترابيزة في حجرة السفرة، وبعد دقائق جاء لي الطبيب الاختصاصي وقال: الرئيس الآن تحسن، وإذا أردت الدخول له فلتدخلي.. وأخذ يدخن سيجارة، فقلت له: لا داعي حتى لا يشعر بأنني قلقة. بعد لحظات جاء الدكتور الصاوي يجري مسرعاً قائلاً: تعال يا دكتور.. ودخل الدكتور يجري، ودخلت لحجرة المكتب، ومنعتني منى من الدخول لوالدها، وقالت: إن بابا بخير، لا تخافي يا ماما، وأجلستني في حجرة المكتب، وجلست معي. وبعد فترة حضر دكتور آخر ثم ثالث..

فدخلت عنده ووجدت الأطباء بجانبه يحاولون علاجه.. وكنت أبكي، وخرجت حتى لا يراني الرئيس وأنا أبكي، ثم دخلت له مرة ثانية، وازداد بكائي، وخرجت وجلست في حجرة المكتب، ودخل عدد من السكرتارية، ثم حضر حسين الشافعي ومحمد حسنين هيكل.. وكل واحد يدخل الحجرة ولا يخرج منها.. وكنت أبكي. أصرت منى على أن أخرج إلى الصالة، فكنت أمشي وأقول: جمال جمال.. ووجدت الكل يخرج وينزل السلالم، فدخلت مسرعة.. رأيت حسين الشافعي يخرج من الحجرة يبكي ويقول: مش معقول يا ريس. وحضر خالد وعبدالحكيم في هذه اللحظة، ولم يكونا في البيت ولا يدريان شيئًا، ودخلا مسرعين، وحضرت هدى وكانت لا تعلم بما جرى بعد ذهابها لبيتها. دخلت للرئيس، ووقفت بجواره أقبله وأبكي، ثم خرجت من الحجرة لأستبدل ملابسي وألبس ملابس الحداد.

ونزلت مسرعة إلى الدور الأول، ووجدت الكل.. الأطباء والسكرتارية وهيكل وحسين الشافعي، وأنور السادات حضر..

والكل واقف في الصالون. قلت: لقد عشت ثمانية عشر عامًا لم تهزني رئاسة الجمهورية ولا زوجة رئيس الجمهورية، وسوف لا أطلب منكم أي شيء أبدًا.. أريد أن يجهز لي مكان بجوار الرئيس لأكون بجانبه.. وكل ما أرجوه أن أرقد بجواره. خرجت إلى الصالة، وجاء لي هيكل والدكتور الصاوي، وطلبا مني أن أصعد للدور الثاني، ثم أدخلني الدكتور حجرتي وأعطاني بضع حبات دواء، وظل بجانبي، ثم أعطاني حقنة. وحضرت إحدى قريباتي وظلت معي، وجاء عبدالحميد من إسكندرية، ودخل لي في الحجرة وهو يبكي، وقال: لقد قالوا لي إن بابا تعبان، وحضرت في طائرة، ودخلت هدى ومنى..

ولم أدر كم مضى من وقت.. فقمت لأخرج من الحجرة، فقال لي الدكتور: لماذا قمت؟ فقلت سأذهب وأجلس بجانبه.. فقالت هدى: لقد ذهب بابا لقصر القبة.. وذهبنا معه.. فقلت: حتى الآن أخذوه! والآن أعيش المرحلة الثالثة من حياتي حزينة أبكيه.. وقد زاد حزني حسرة، وسأظل أبكيه حتى أرقد بجانبه في جامع جمال عبدالناصر بمنشية البكري.. وقد جهز لي المكان كما طلبت. إنه جمال عبدالناصر الذي عاش عظيمًا.. وهو في رحاب الله عظيم.. تاريخه وحده هو شاهده.

اللقاء الاخير مع مسدو

غادرنا القاهرة ومعنا عبدالحكيم، ونحن في القطار قال الرئيس: لم أر عبدالحميد منذ حوالي شهرين.. وقت الإجازة كنت في موسكو، وعندما رجعت كان عبدالحميد في رحلة مع الكلية في البحر، وغدًا إن شاء الله سأغادر إسكندرية، وضحك..

وكان وزير الحربية جالسًا معنا في الصالون. بعد وصولنا للمعمورة.. حوالي الساعة التاسعة مساء، طلبني عبد الحميد بالتليفون، وقال: لقد قالوا لي أن أخرج وأحضر للبيت.. يا ماما أنا لا أريد أن أخرج بمفردي في غير وقت الخروج، إنني أشعر بإحراج ولا أريد الحضور للبيت الآن.. وسألني: هل طلبتم خروجي؟ وكان متضايقا وهو يتحدث. ودخل الرئيس أثناء الحديث، فقلت له: عبدالحميد يتحدث.. فأخذ السماعة وحياه بحرارة وقال له: وحشتني جدًّا يا ميدو.. كما تريد.. افعل ما يريحك.. فقلت: فليحضر لنراه.. فقال لي الرئيس:

إنه جدع حساس، وضحك، وقال: إنه وزير الحربية الذي طلب خروجه بعد الحديث في القطار، ثم دخل حجرته. بعد وقت قصير.. وكان يتحدث بالتليفون، وكنت في الصالة، ورأيت عبد الحميد أمامي. استقبلته بحرارة، ودخلت معه للرئيس في الحجرة، فصافحه وقبله، ثم قال له وهو يضحك: إنك تدخن.. وسأله عن عدد السجائر التي يدخنها، وقال له: لا تدخن كثيرًا حتى لا تضر بك، وبعدين لما تكبر يقول لك الأطباء لا تدخن.. ثم استمر في الحديث بالتلفون. وكان الذي يتحدث معه هيكل.. وحكى له وهو يضحك عن عبدالحميد، وكيف أنه شم رائحة السجائر وهو يقبله، وكان الرئيس لم يدخن ولو سيجارة واحدة منذ أن كان في الاتحاد السوفييتي في شهر يوليو 1968 وطلب منه الأطباء عدم التدخين. جلسنا نتناول العشاء، وقال عبدالحميد: لقد رفضت الخروج، وبعد شوية قال لي الضابط النوبتشي: إنك يجب أن تخرج الآن فلدينا أمر بخروجك، فسأله الرئيس: ومتى سترجع الكلية؟ قال: إنهم قالوا لي ارجع الكلية الساعة العاشرة صباح الغد، لكن يا بابا أريد أن أرجع الليلة حتى أكون مع الطلبة في الصباح.. فقال له الرئيس:

اذهب يا بني كما تريد، وصافحه ودخل حجرته.. وغادر عبدالحميد البيت للكلية بعد تناوله العشاء معنا.. وكانت آخر مرة رأى فيها الرئيس ابنه الطالب في الكلية البحرية في السنة الثالثة. في اليوم التالي.. وكان يوم الأربعاء قبل الظهر.

Cant See Links

Cant See Links


رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:34 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir