آخر 10 مشاركات
الخبيصه الاماراتيه (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 17948 - الوقت: 09:09 PM - التاريخ: 01-13-2024)           »          حلوى المغلي بدقيق الرز (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 12462 - الوقت: 03:16 PM - التاريخ: 12-11-2023)           »          دروس اللغة التركية (الكاتـب : عمر نجاتي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 18439 - الوقت: 11:25 AM - التاريخ: 08-21-2023)           »          فيتامين يساعد على التئام الجروح وطرق أخرى (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 19904 - الوقت: 08:31 PM - التاريخ: 07-15-2023)           »          صناعة العود المعطر في المنزل (الكاتـب : أفاق الفكر - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 4 - المشاهدات : 54021 - الوقت: 10:57 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كحل الصراي وكحل الاثمد وزينت المرأة قديما من التراث (الكاتـب : Omna_Hawaa - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 49231 - الوقت: 10:46 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          كيفية استخدام البخور السائل(وطريقة البخور السائل) (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 2 - المشاهدات : 41202 - الوقت: 10:36 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          جددي بخورك (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 23785 - الوقت: 10:25 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          عطور الإمارات صناعة تراثية (الكاتـب : OM_SULTAN - مشاركات : 0 - المشاهدات : 24105 - الوقت: 10:21 PM - التاريخ: 11-06-2022)           »          خلطات للعطور خاصة (الكاتـب : أفاق : الاداره - آخر مشاركة : OM_SULTAN - مشاركات : 1 - المشاهدات : 30013 - الوقت: 10:12 PM - التاريخ: 11-06-2022)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-08-2007, 09:13 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

abo _mohammed

المشــرف العــــام

abo _mohammed غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









abo _mohammed غير متواجد حالياً


مجموعة قصص عبدالرحمن بن سعود الشويعر

مجموعة قصص عبدالرحمن بن سعود الشويعر


مجموعة قصص العبد الفقير/عبدالرحمن بن سعود الشويعر/ أجدني مضطراً لنشرها

عبدالرحمن بن سعود الشويعر 20-2-2007 13:08

وذلك بعدما رأيت القصص منشورة في عدة منتديات وقد نسبها الكثير لأنفسهم سامحهم الله وكان البعض
منهم يتلقى التهاني ..وكان بعضهم يقوم بحذف الإسم ..

وأقول أن جميع ماأكتب ليس إلا محاولات متواضعة أعرف جيداً أنها لاترقى إلى الأدب القصصي الذي

بلغه الكثير ، لأني أعرف جيداً أني سأبقى العبد الفقير الذي يحاول ان ينقل صور من داخل مجتمعه

ويبقى الإختيار الأول والأخير للقاريء في أن يستمر في القراءة أو يدع كتاباتي لغيره كي يقرأها

أخوكم ( العبد الفقير .... عبدالرحمن بن سعود بن إبراهيم الشويعر/ حفيد حمد بن ناصر السياري

الخالدي المشهور بلقب ( حميدان الشويعر/ رئيس صحافة نجد في القرن الثاني عشر الهجري ..

القصة الأولى ...(( حكاية بنت إسمها ترانيم ))

....ماذكرت لكم القصة من اولها .. لكن خلونا نبدأ من الساعة التي انطلقت فيها السيارة الفخمة بسائقها

الأسيوي تجاه مطار العاصمة الدولي ..

قبل أن نصل معهما للمطار أود ان أقول اكم أن هذه الزيجة ((المباركة !)) بدأت من أحدى غرف التخاطب

عبر الإنترنت ... انا شايف إن هالمعلومة تكفينا ، على الأقل حتى يجيء وقت مناسب فنتطرق لها

وحينها ندع ترانيم وسامر يقصانها علينا ..

إنطلقت السيارة بهما مسرعة تنهم الطريق السريع صوب المطار الدولي ، وقد بدأ هواء السموم الحار

يهب على العاصمة معلناً يوم جديد حار من خلال أواخر أيام الصيف ..

كان ذلك بعد ليلة صاخبة من الغناء في أفخم صالات الأفراح ..استخدمت فيها سماعات عديدة من نوع

الديجتال لإيصال صوت المغنية ذات الصوت الأجش ومقاطع من الموسيقى الغربية لأذان المدعوات

من النساء والفتيات والعجائز .. بينما فضلن البعض مغادرة الصالة وهن يضعن أصابعهن في أذانهن

لشدة الأصوات النشاز المتداخلة الصادرة من السماعات الضخمة ... غادرن لأنهن يعرفن جيداً المثل

القائل ( القروي إذا تمدن وتحضر جاب لأهله مصيبة ) والمصيبة هنا إختراق طبلات الأذن وإصابتهن

بالصمم المبكر والسمع الثقيل ...

ودعهما عند بوابة الصالة نفر من الأهل والأصدقاء.. بعدها تحركت بهما السيارة صوب المطار ..

إمتدت يده بهدوء ومسك بيدها .. لاحظت أن السائق ينظر إليهما من خلال المرآة الأمامية .. سحبت

يدها وصرخت فيه قائلاً : انظر قدامك ياحمار للطريق .. عمى بوجهك ..

هز السائق رأسه وابتسم ابتسامة صفراء ضاغطاَ على دواسة البنزين ليزيد من سرعة السيارة ..

نظر إليها متعجباً هامساً لها بهدوء : ترانيم ..وش فيك ؟ ..مادريت إنك عصبية .. هو وش سوى؟

اتركنا منه كل سواويق ابوي زبالة .. أنا قايلتلهم مايوصلنا للمطار إلا( ريميلو) سواقي الخاص وش

زينه وزين سواقته قام ابوي وارسله يوصل ( مصابيح ) للفندق ..

ألقت برأسها للخلف وقد بدت عيناها حمراوان وقد سال كحلها الأسود مما يوحي انها في غاية التعب

من السهر .. أما هو فقد تشاغل بالنظر من خلال النافذة المظللة يعد أشجار النخيل التي تمر من جواره

وكأنهن أشباح يودعونه ..

دخلا لصالة المغادرة متجهان عبر الساحة الرئيسية الداخلية ، يمران من بين تجمعات كثيرة

لمسافرين الداخل والخارج .. لم يمكثا طويلاً عند قسم الجوازات ، إتجها بعدها لداخل الطائرة

صوب مقصورة الدرجة الأولى ..

سامر خلك عند الطاقة أبي أجلس بالطرف .. اومأ لها برأسه واخذ مكانه جوار النافذة ..

نظرت إليه من خلال عينان مرهقتان ثم كتمت ضحكة كادت تجلجل بها ..

نظر إليها الشاب الذي لم يتجاوز الثلاثين من عمره .. ضحكينن معك ..

أرادت أن تتكلم لكن معاودة الضحكة منعتها من ذلك تمالكت نفسها قائلة له : أضحك ساعة

جت مصابيح وحبتني وبغت تحبك قمت انت وهربت ، وضحكن الحريم بالصالة ..

ماتشوفين إن حضورها بالعرس ماكان له داعي ، بعدين تعالي كيف يسمحون بجوالات

الكاميرا تدخل للصالة ..

لاتخاف أنا منبهتن عليهن يحذفون كل الصور اللي فيها مصابيح وهي واقفة جنبك .. !!

تشاغل بالنظر من خلال النافذة وقد بدأت الطائرة في السير إستعداداً للإقلاع ..

مر جوارها المضيف ، رفعت غطاء وجهها ( بليز كلاس كافيه ) .. أشار لها بيده.. بعد الإقلاع

همس لها بغضب : كيف تكشفين وجهك وتكلميه ؟..

وش فيك غرت؟ .. بدينا الغيرة .. تراني موتي الرجال الغيار ..

لم يرد عليها معدلاً من جلسته ووضع الحزام وأخذ يرقب الطائرة وهي تنطلق مسرعة

على المدرج ..

بعد الإقلاع بقليل جاء لها المضيف بكأس القهوة ..

تصدق ياسامر إن كاس هالقهوة الخامس من البارحة .. وش فيك ماطلبت قهوة أطلبلك..

بعصبية ..لالا مابيها ..

طيب طيب وش فيك كذه منخرع ...

حاولت النوم لم تستطع .. أشارات لمضيفة مرت بجوارها .. بليز ممكن اعرف كم بقي على لندن ؟

ساعتين مدام ..

كان على وشك النوم عندما همست له .. سامر ..نمت ..

وين النوم ..لهالحين وصوت مصابيح وفرقتها يلعلع باذني ..

لو تعرف ياسامر كم خذت على هالجية لعرسنا ..

كم؟

مية ألف ريال ..

لم يرد وأخذ يرقب قطع السحب البيضاء التي تمر أسفل الطائرة ..

ماقلتك ياسامر وس سوت فيني الكوافيرة ( بنت الكلب) البارحة ..

وش سوت ؟

سوت لي تسريحة قبل هاذي.. و يوم رجعت للبيت عقب نصف الليل قبل جيتي للصالة

وناظرلك في الكاتالوج لمار ماهي هي التسريحة اللي أبيها .. التسريحة اللي ابيها

تجنن تهبل .. وارجعلها وراسها وألف سيف إنها ماتغيرها ، وماهي فاضية

وتعبانة ، ويالله يالله زدتها ألفين ريال

ألفين ريال ؟! أجالي بكم التسريحة الأولى

الاولى بألفين والثانية عقب مازدتها صارت أربع الاف وعليك الحساب ياشاطر

رجع محاولاً النوم ، أما هي فقد طلبت كأس قهوة أخر ..

غفت عينه قليلاً لكنه استيقظ متوتراً بعد رؤيته لكابوس

وش فيك ؟

أبد شفت لي كابوس ..

أقولك خل نومنا أول ماناصل بقي ساعه ونوصل

تراني علمت اخوي مجود ينتظرنا بالمطار ، وقلتله ينظف الفيلا ويجيب الخدامات

سامر تذكر أول ساعة كلمتني فيها بالشات ؟

وانا أقدر انساها ..أنا اعتبرها أجمل ساعة في حياتي ..

وتذكر أول مره شفنا بعض وين كان ؟

كان عند معرض ( كوس كوسيه ) الفرنسي للملابس النسائية الداخلية ..

تعاهدني ياسامر إنك ماتتغير وتبقى سامر أللي أنا أحبه ..

قطع حديثهما صوت المضيف يعلن أنه بقي ساعة على الوصول للندن .

بدت حركة غير طبيعية داخل الطائرة وعدة نساء يتجهن لدورات مياه الطائرة ..

أخرجت حقيبة من درج الطائرة واتجهت لدورة المياه ..

أمضى وقت انتظارها وهو يرقب قمم الجبال والسحب البيضاء ، ولم تنتهي دهشته

تلك من ذهابها لدورة مياه ومعها حقيبة ..

كان قد غط في إغفائة قصيرة عندما جاءت وجلست على مقعدها ..

استيقظ وأخذ يتأملها وكأنه في حلم .... ترانيم ؟!

وش فيك ماعرفتني ؟ ..

أخذ يتأملها ولم يزل غارقاً في دهشته تلك ..

ترانيم .. الله يرضى عليك إرجعي وغيري لبسك هذا ؟

أي لبس ؟

أقول قومي والبسي لبسك الأول ..

سامر وش فيك ؟

مافيني شى ..أقول قومي وغيري هاللبس ..

وشو لبسو اللي أغيرو .. هالبنطلون الوسيع والبلوزة اللي باكمام أجالي لو لبست

بنطلون فيزون اللي انا متعودتن عليه كل ماأجي للندن وش كان قلت؟ ..

فيزون مافيزون ..أقول قومي غيري هاللبس ..

سامر باللي يرحم ابوك خلنا نعيش حياتنا هذا أول يوم لنا بشهر العسل

ترانيم ..هاللبس هذا ماتفقنا عليه

بسيطه.. نو بروبليم .. نتفق عليه هالحين ..تونا بادين

إكتفى بالصمت وأخذ ينظر من خلال النافذة

تبي تسويلنا فيها مطوع .. أنا عاد موتي والمطاوعة .. أنا الحق علي اللي حبيتك ..

صامتاً

ضحكت علي وخليتن احبك همن جيت تبي تحكم بي .. أنا ابوي وامي عمرهم

ماتحكموابي جاين انت تبي تسويلنا فيها مطوع ..

أقول قومي وغيري هاللبس ..

هذا أخر كلام عندك؟ ..

إيه أخر كلام عندي

كان قلت هالكلام قبل نتكلف ونخسر نصف مليون ..ويمكن أكثر..

وشو ؟! نصف مليون؟

أجالي وشو .. تحسب الطفسه اللي انت دفعتها لابوي كان تبي تسوي عرسي ؟

مية ألف ريال تقولين عليها طفسه ..

لوما إن أبوى تكلف ودفع ماكنت أدري وين أبي اودي وجهي قدام صديقاتي ..

إتركينا من هالكلام اللي مابه ثمره وقومي البسي هدومك اللي جينا به ، واقصرى صوتك تري الناس عرفوا

إننا نتخانق..

مانا قايمه ولاانا مغيره ومالك بي ..

ووصلت الطائرة واستقبلهما أخيها ووقع الطلاق ..

وبعد أيام أخذ حقيبته واستقل سيارة أجرة متجها إلى مطار لندن للرجوع ... مر من

أمام الحي الذي تقع فيه فلتهم .. رأها تسير مع مجموعة من صديقاتها وفي يد كل واحدة

منهن جوال كاميرا ، كن جميعهن يرتدين بناطيل الفيزون ...

عندما رأته طوحت بشعرها ..ثم اكملت سيرها مع صديقاتها ..

..... العبد الفقير ... عبدالرحمن بن الشويعر

...................................

القصة الثانية .... (( الرجل الذي قفز بالمظلة ))

سواءُ لكم أقرأتم قصة هذا الحادث أم أعرضتم عن قراءته فستبقى العبرة والعظة في قلوبنا تجاه هؤلاء الذين ظنوا أنه ليس أحد غيرهم يمتلك العاطفة والحب والعدل ..

كان الجو غائماً والسماء ترسل بهتان بارد ناعم وقرص الشمس مختفياً وراء الغيوم البيضاء، والجبال

والأودية تختال تحت عبائة بدايات أيام الربيع التي كستها أزهار في غاية الرقة والمتعة من حسنها كادت

أن تتكلمَ ..

قيل إن فصل الربيع هو فصل من فصول الحب الذي في أيامه تورق أزاهير الحب وتشتعل فيه العاطفة

فيأنس فيه كل محب وعاشق لحبيبته ..

كان ذلك كله في هذه اللوحة الرائعة التي أضعها أمامكم ، والتي لم أغفل أن أبين لكم فيها جزء صغير

جداً منها كان ذاك هو الجزء الذي سيضيف على لوحتنا الرائعة هذه فصلاً دامياً ، لكنا وبالرغم من ذلك

كله تبقى العبرة والعظة ...

أعجبُ ماأعجبُ له هو إستمرارية الحياة بين جسدين قَدر الله لهما أن يعيشا تحت سقف واحد ، بعدما

أنتهت مراسم وفصول الحفلة التنكرية ، وقام فارس الرواية بخلع وجهه التنكري( الحمل الوديع ) لنرى

تحته وجه ( الذئب ) ..

وعندها نرى فتاة في دارها تبكي على غير شيء ... تحمل في قلبها الصغير من الهموم والأحزان

مايجعلها نهماً للخوف والإضطراب والشقاء ...

يكون ذلك كله بعدما يلقي الأب بابنته في حضن هذا الحمل الوديع ليكتشف بعد ذلك أن الحكاية لم تكن

سوى حفلة تنكرية فقد جاء الخاطب بوجه موسى وبعدما حطت العذراء رحلها في خدره أراها وجه فرعون .

هذه قصة مثلها كثير داخل بيوتنا موصدة خلف أبواب متينة ..لأنها تبقى حيز أسرار وهموم ومصائب البيوت

حسناً ..لنعد إلى لوحتنا الجميلة ولنرى تلك الدماء التي شوهتها فجعلت منها مأساة جرحت قلوبنا وآلمت

نفوسنا ...

أيها الزوج سواءاً كنت شاباً أو كهلاً فالأمر سيان .. أقول لك : كن كما تشاء ... عش أيامك ولياليك

وساعاتك ... فستنقضي أيام الشباب والكهولة وستنقضي بانقضائها كل حلم وأمنية لك .. وستبقى

الأماني الصادقة والحب الذي لايعرف الصدأ...

إنطلق بسيارته الفخمة عبر قمم الجبال مستمتعاً آيما متعة بهذا الطقس الجميل ..

كانت سيارته هذه هدية من أبيه بمناسبة زواجه الذي لم يفت عليه أكثر من بضعة شهور ...

مضت ساعات القيادة مملة طويلة ،وبعدما أرهقه ذهنه في استرجاع شريط بداية زواجه توقف

قليلاً عند الساعة الأخيرة عندما قام بتوديعها لكنه استطاع أن يغلبها وأن يتجاهل تلك الدموع التي بقيت

حبيسه في عيناها وكأنهما تحجرتا .. فهو يعرف جيداً أنها تعرف إلى أين هو ذاهب ..ومن يكون هوَ ..

تلهى عن ذلك كله وعن كل حماقة وفساد إصطبغا بشهور زواجه القليلة ومتجاوزاً ذلك كله من خلال

وضع إسطوانة في غرفة التشغيل ،فهزته الكلمات هزاً دفعته إلى فتح الكوة التي بسقف سيارته وأخذ

ينشد مع مطربته المفضلة ( أخاصمك آه أسيبك لأ ) وخلط ذلك مع صيحات تشبه كثيراً صيحات رعاة

البقر في ولاية من ولايات رعي الأبقار في أمريكا ...

كان ينفث دخان سيجارته مستمتعاً عندما صدح جواله: هلا وغلا ...وينك ؟

( حنا بفندق ويستن) عجل ياخوي لاتأخر علينا ..

أقل من ساعة واكون عندكم .. إلا وش قررتوا ؟

( شرم الشيخ ياحلو) ..

أبو حيكم مامليتوا من هالشرم ..

أقول تعال بس ويكون خير ..إلا على فكرة وش سويت مع وزارة الداخلية ؟

خلها على الله يالله انفكيت منها ...

والله مانت هين ... أكيد كليت بعقلها حلاوة وكلها يومين وبارجع ودموع وآه آه

وكم ( مطقة ) .. توك ياولد جديد ماعندك خبره .. اسأل اهل الخبرة اللي مثلي لهم

أكثر من ثلاث سنين ..

قل لنا ياراع الخبرة ، منكم نستفيد ، وشلون تعمل مع داخليتك ..

داخلية ! أنا ماعندي داخلية أنا عندي طاغوت من الطواغيت .. لكن لايهمونك

ياولد ، يحمدن ربهن عايشات بقصور وأكثر من خدامة وسواق ..وش يبن غيرها

إلا بالله تقول لي ..هي ماتعرف عن حياتك الخاصة شي ...

هيييه يه ..تعرف كل شي .. لكن وانا اخوك حنا رجال نعرف كيف نعسفهن

يعني وشلون ؟

أبد يالغالي هناك خطوط حمراء تعرفها زين والا ..

والا وشو؟

لتجاوزتهن كم ( لزخة ) على وجهها وتفلة بوسط عينها ... ويالله

اخلص تعال ترانا متأخرين والطائرة مابقي عليها غير ثلاث ساعات ..

أغلق الهاتف الجوال وزاد من سرعته بعدما رفع صوت جهاز التسجيل ...

وقع ذلك كله سريعاً ..لكنه كيف وقع فذلك مالايعرفه ، لكنه لم يزل يذكر جيداً تلك الساعة

التي تخفق فيها القلوب وتذهل النفوس ، مختلطاً ذلك كله بصرخات الفزع وأخرى بأدعية

من أناس قد تجمهروا عنده وكأنه في كابوس لايستطيع الفكاك منه .. كل الذي يذكره أنه

كان يسير على سرعة 200 كيلو متر في الساعة وحاول تجاوز السيارة التي أمامه لكنه فوجىء

بسيارة أخرى أمامه فتحول مسرعاً ليصطدم بالجبل .. هذا كل مايذكره

لكنه لم يذكر شيئاً بعدما فقد وعيه ورجل قد قفز داخل ركام حديد سيارته يستمع لضربات

قلبه وهو يصيح ..إنه حي ..

كل مارأه أنه ترك كل تلك الحشود التي تجمعت وخرج من بين الحطام وألقى بنفسه

في بطن الوادي ، وشعر بسعادة وهو يرى نفسه هابطاً بمظلة ، لكن سقوطه كان داخل

ورشة حديد وهناك رجل يقوم بقص الحديد بمنشار له دوي .. سقطت عليه أكوام الحديد ورأى

نفسه يحاول الخروج من تحت الركام لكن الرجل ينهره وبقي متألماً وهو يرقب السماء

التي أخذت تمطر دماً ...صاح بالرجل ..( بنادول ..بنادول لو سمحت ) لم أعد استطع تحمل الألم

رجاءاً إرفع عني هذه الركام من الحديد ..

ترك الرجل ورشته وجاء إليه .حاول ان يرفع الحديد من فوقه لم يستطع .. وقبل أن يفقد وعيه

رأي طبيباً يقترب منه ...

همس العامل للطبيب في أذنه وهو يقوم بتقطيع الحديد ... يريد بنادول ..

أخرج الطبيب من حقيبته إبرة وقام بضربه إياها وهو تحت الركام قائلاً ..أي بنادول؟! .. هذه إبرة مورفين ..

إستطاع أن يفيق من غشيته في عصر اليوم الثاني ... فتح عينيه ودار بهما حوله فرأى أبوه

وامه بجانبه ...

إلتفت إلى أبيه بعدما تأمله طويلاً وقال له : ماذا حدث ؟ ..

إنفجرت الأم باكية ، بعدما تحجرت الدموع في عين الأب ..

رأى الباب يُفتح ورأها تدخل وفي يدها ظرف بداخله رسالة حب .. ومعها القرآن الكريم ..

إقتربت منه مقبلة رأسه ..وعندها رفع الغطاء فلم يرى ساقيه وفخذيه ..وعندها عرف الحقيقة

وضع رأسه على كتفها وأجهش بالبكاء ..

همست له : سأبقى معك ... سأبقى معك ... لأنني أحبك ... !!

(( العبد الفقير/ عبدالرحمن بن سعود الشويعر)) .. .................................................. ................................

القصة الثالثة (( رباح وميري والكلبة ريكسي))

.. حميدة

ها حميدة

نعم .. نعم ..سامعاك يابوي ..

دقي الجوال على رباح .. أبي أكلمه ..

أخرجت الصبية ذات الثلاثة عشر ربيعاً جوالها من الدولاب واتصلت على أخيها في نيويورك .. أعطت

الجوال لأبيها ..

هلا .. هلا .. رباح ،شف يابوي حولت لك خمسة الأف ريال ، إقتصد ياولدي ، الله العالم كيف دبرتها ،

ماهي كثيرة ياولدي .. معليش المرة الجاية أبي أرسل لك اكثر منهن .. كيف الجو عندكم ؟

جاءت أم رباح تركض وبقايا الطبخ على كفيها : عطنيه ..عطنيه ..أبي أكلمه ..

وضع الجوال على أذن زوجته : بسرعه لاتطولي ..قصمت ظهورنا الفاتورة ..

هلا رباح .. عندكم ثلوج .. أحرص ياولدي من البرد .. رباح.. عمك بندر يسأل متى جيتك .. إنتظرناك

هالصيفية وماجيت .. ماتجينا بهالشتاء أدفى لك عندنا ياولدي ..

نظر لها زوجها بغضب : أقول أخلصي هاذي مكالمة لأمريكا ..قصت ظهري الفواتير ..

الفتاة : عطينيه ..أبي أكلمه ..

الأب : أقول اهجدي توك مكلمته قبل أسبوع ..

الله يخليك يابوي ..

رفع الجهاز من أذن زوجته وأعطاه للبنت : نصف دقيقه يالله ..

إنتهت المكالمة بينهم وبين إبنهم رباح ...

جاءت إليه وهو يغلق شنطة ملابسه : أبو رباح ..

نعم ..

ماقالك رباح ليه ماجا بهالصيفية ؟ ..

نفس الكلام اللي قاله لنا .. أخذ ساعات الصيف للكورس ، علشان يغلق بسرعه ..

الأم : حنا وش كان لنا ولهالسفرة .. ماكان عندنا هنا دراسة ( للكمبوتر) ..

وحنا خلينا شي معه .. قال سنه وهالحين دخلنا بالثانية ..

الأم : وكنا مواعدين الناس على هالصيفية ، والله تفشلت من امها ..

أبو رباح : أبوها بندر قام يلمح .. عز الله إننا مصخناها ... ماجبتي لرباح طرف هرجة عن الموضوع ..

إلا.. قلت له ..

وش قال ؟ ..

قال بعدين بعدين ..

أغلق الحقيبة قائلاً : أم رباح ..لأحد يدري إني رايح أمريكا ..

يابورباح استخيرالله .. ماسمعته يقول ثلوج وبرد وحاله ..

أم رباح عيني خير ، لازم من روحتي .. أنا قلبي ماهو مرتاح .. الولد هروجه ماهي عاجبتني ..

اذكر الله ، وش بلاك قمت تفول على الولد ..

أقول أتركِ عنكِ الكلام ولاحد يدري إني رايح لامريكا ..

أنا شايفه إنك لازم تقوله ..ياشيخ خاف الله ، تروح ديرة ماتعرفها وولدك هناك وماتخليه ينتظرك بالمطار ..

أم رباح عيني خير .. إن دري ولا دري أحد إني مسافر له ، بكيفك .. ماهو أروح منا وتتصلين فيه منا ..

وضعت غطاء رأسها على وجهها وأخذت في البكاء ..

لاحول ولاقوة إلا بالله .. يامره إذكري الله كلها يومين وارجع اطمنك عنه ..

متى الممشى ؟ ..

أبحرك الليله من الديرة وانام ليلة في جدة والصبح موعد الطائرة .. ولازم أمر على المكتب أخذ جوازي اللي

سوى التأشيرة ..

إستقل الطائرة من جدة إلى نيويورك ومعه حقيبة وتنكة كليجا وكيس مليء بالحبق والنعناع والصرار وتنكة

تمر ..

....

هبطت الطائرة بصعوبة في مطار نيويورك من جراء الثلوج الكثيفة ... وتوجه الركاب لصالة خاصة . قام

بربط شماغه من فوق رأسه مرتدياً ثوب صوف سميك من فوقه سترة ثقيله ..

عندما جاء دوره في التفتيش ، أشار له أن ينزع الشماغ من فوق رأسه ..

أكثر المسافرين غادروا المطار ،أما أبو رباح فقد استلزم الأمر منه البقاء حوالي خمسة ساعات ، بعد

تفتيش دقيق وتصوير وتبصيم ..

إستقل سيارة أجرة من أمام المطار وأعطى للسائق العنوان .. وانطلقا عبر كميات ضخمة من الثلوج ..

توقف في أحد الأحياء ، أخذ أمتعته بعدما نزل من السيارة ، وأخرج من جيبه بعض الدولارات ، أخذها

السائق بعدما أشار له إلى أحد العمائر ..

كان الثلج يتساقط بغزارة ، وقد شارف الفجر على البزوغ مختفياً ضوءه وراء سحب بيضاء كثيفة ..

طرق باب الشقة، وانتظر أن يفتح رباح له الباب .. وقد ملأ الشوق نفسه لرؤيته، متخيلاً حجم المفاجأة

والفرحة اللتين خبأهما عن ابنه الوحيد ذو الستة والعشرين عاماً ..

كانت تلك أول المفاجأت له عندما فتح باب الشقة شاب في منتصف العشرينات من عمره ، كان يرتدي

شورت قصير وقد بدا النصف الأعلى من جسده عارياً ، يتدلى من رقبته سلسلة عليها صورة فتاة .. جاءت

ووقفت وراءه تحتضنه من الخلف .. عرف أبو رباح أنها صاحبة الصورة التي تتدلى من عنق الشاب ..

مرحبا ياعمى ..

مرحبا .. أنا غلطت في الشقة ولا هاذي برضه شقة رباح ..

رباح الحماد ؟ ..

رباح الحماد ..

إنت أبوه ؟

أنا أبوه ..

اتفضل ..اتفضل ياعمي ..

عصف القلق به وقد توجس أمراً ..

أشار الشاب للفتاة ، التي ركضت وأغلقت باب إحدى الغرف عليها ..

الله يرضى عليك ياولدي .. هاذي شقة رباح ..

إلا شقته . بس ماتخلينا نضيفك أول ..

كثر خيرك .. ريحني ياولدي فين رباح ..

موجود .. رباح موجود وبخير ، بس أنت كذه ريحك نفسك واطمن ..

ياولدي الله يرضى عليك ويهديك تراك اشغلتني ..

هوا ماقال لكم ؟ ..

أحس الأب بعاصفة من الخوف والقلق تجتاحاه .. أيش قال ؟ ..

ماقال لكم إنه تزوج ؟ ..

صمت الأب محاولاً تخطي المفاجأة ، وقد شعر ان لسانه قد تجمد ..

ماهو معقول ياعمي .. يعني ماقال لكم ؟ إخس عليك يارباح .. هيا أمريكا كده تنسي الواحد أبوه وأمه ؟

هو هنا بالشقة ؟ ..

أي شقة ياعمي ..ولدك ساكن مع حرمته له تقريباً سبعه شهور .. لاتخاف عليه حرمته ( مقرقشة ) ..

تعرف عنوانه ؟ ..

يابالله عليَ..أنا كنت عنده أمس .. بس بالهداوة ياعمي .. دقايق ألبس وأجيك ..

لايدري كم من الوقت مر وهو ينتظر الشاب ، كل الذي يعرفه أنه رأه يقف أمامه وقد ارتدى ملابسه

وتلك الفتاة تتحدث معه بانفعال .. أحس أنهما يتشاجران ، أنهاه الشاب بالصياح عليها .. ركضت

وأغلقت على نفسها الغرفة ..

مشى برفقة الشاب وسط ثلوج تتساقط بغزارة .. عندما أصبحا عند تقاطع مجموعة من الشوارع ، أشار

الشاب لسيارة أجرة ... نظر السائق للشاب من خلال المرأة الخلفية ، متحدثاً معه بالإنجليزية .

وش يقول ؟ ..

بيقول أن المكان اللي إحنا رايحين له مليان( تلج ) ويبغا أربعين دولار ؟ يعني كذة حوالي ميه وخمسين

ريال ..

مايهم.. بس نوصل ..

نظر للشاب : برضه انت جيت لامريكا تدرس ( كمبوتر ) ؟ ..

لا .. أنا أدرس ( بزنس ) ..

أخذ يردد ..بزنس ..بزنس ..بزنس ..

الشاب : عمي ..

نعم ..

ابغى أكلمك في موضوع بس مستحي منك ..

ليش تستحي؟!.. إتفضل ..

لا ولا حاجه هيا شغلة بسيطة .. أقولك ..يقولوا اللي يستحي من بنت عمه مايجيله ولد ..بالصراحه ،

أهلي بعتولي حوالة بمبلغ وتأخرت الحوالة ..يعني معليش ياعمي ، لو ما إنك زي أبويا ماكان قلتلك ..

محتاج مبلغ سلفه ولما تجي الحوالة أدي الفلوس لرباح ..

شف عاد أنا أبي أطلعلك كل الفلوس اللي معي ، وشف وش تاخذ .. وأخرج من جيبه ربطة من

الدولارات ..

زاغت عينا الشاب : كم دول ؟ ..

خذ هاذي مائتين دولار ..

بس ؟! ..

أقولك أبغاها سلفة ..

أرجوك لاتحرجني ..

خلاص ..خلاص ، هاتهم ..

أشار الشاب للسائق بالوقوف عند أحد الأحياء ، وقد كسا الثلج كل شيء ..

شف ياعمي ..أنا رايح ، بس أمانه لاتقول لرباح إني جيت معاك .. هيا مع السلامة ..

بقي واقفاً تحت الثلوج المنهمرة بغزارة ، بعدما أشار له الشاب على منزل صغير ..

شعر ببرد شديد يجتاحه وهو يمشى بين الثلوج بخطى سريعة ..

عندما اقترب من المنزل ..شاهده واقفاً أمام نافذة المطبخ .. لايدري ماذا كان يفعل حينها .. لكنه يعرف أن

هناك إحساساً داخل صدره يتصارع بعنف مع خيبة امل وخوف وشعور بإحباط ..

مشى بهدوء مقترباً من البيت .. كان الثلج الكثيف أمام النافذة يحجبه عنه ..

سمعه جيداً ينادى بصوت عال ( ميوي ) ثم يكمل غسل الأطباق ..

رجع للخلف وأشار بيديه له ..

لوقالوا لرباح في تلك الساعة أن هناك مرتفع جوي قادم نحو ( نيويورك ) مصطحباً معه حرارة تبلغ

أربعين درجة مئوية لصدق .. ولو قالوا له أن البيت الأبيض قـُصف بطائرة لصدق ذلك أيضاً ، أما أن يرى

أباه يقف أمامه تحت ثلوج تهطل بغزارة ، فذلك شيء لايصدق .. وبالرغم من ذلك كله هاهو أباه بشماغه

الأحمر يقف أمامه ..

ركض للباب تاركاً كل شيء ، وخرج لحديقة المنزل ، وتعانقا الإثنان ..

أحس رباح ببرودة السلام والمعانقة من أبيه ..

أما مفاجأة يابوي .. الله يسامحك ماقلت لي إنك جاي ..

لم يرد عليه بشيء .. ودخلا للمنزل ..

رأى الصالة الصغيرة مليئة بالبالونات والأوراق الملونة والشموع ..

هالله هالله هالله ..أيش هذا كله .. هذا دكان ولا بيت ..

أجلس أبيه على الكنبة الكبيرة ، وجلس جواره على كنبة صغيرة ..

تقول مفاجأة يارباح؟! ..هه .. تصدق ياولدي .. مفاجأتي أكبر من مفاجأتك ..

إلا كيف عرفت يابوي البيت؟! .. ماشاء الله عليك ..

أقول اتركنا من كيف عرفت البيت؟ وخلينا في المفاجأة ..

أيش تقصد يابوي ؟ ..

شف يارباح .. صدقني ماحد يعرفك مثل مايعرفك ابوك .. هات السالفة وخلنا من ( المطمطة ) ..

تقصد زواجي ؟؟ .. يعني عرفت ؟ ..

عرفت ماعرفت هات العلم ، عجل .. عجل يارباح ..لحسن ياولدي هالصالة تدور بي ..

صمت الإبن ، وأحس أن الحياة كلها قد توقفت ، فلايرى شيئاً سوى وجه أبيه النحيف وقد كسا

الشيب إبن الخامسة والستين ، فما ترك ادنى مساحة ضئيلة في رأسه ولحيته وشاربه .. رأي صور

كثيرة من الماضي تتداعى بقوة في مخيلته ، وكأنهن شريط يُعرض أمامه ..كان يرى كل شيء قد توقف

ماعدا وجهه أبيه النحيل وتساقط الثلوج في الخارج ..

بقي كل منهم غارقاً في صمت موحش .. قام برمي الشماغ من فوق رأسه ومد ساقاه فوق الكنبة ، وأخذ

يراقب تساقط الثلوج قائلاً : الله يهالثلوج .. بحياتي ماشفت مثلها ..

يعرف رباح والده جيداً في مثل هذه المواقف .. فهو يجد متعة في الهروب من كل تلك المواقف التي

تجعله يفقد حلمه وصبره.. ولكن ليس أكثر وأغرب من هذا الموقف ..أما الصحيح كله الذي يراه امامه

وهو الذي دون أدنى شك أنه حقيقة ، وليس حلماً جميلاً أن يرى أباه أمامه بعد غياب سنة كاملة ، كما انه

ليس كابوساً مريعاً عندما يفترقا سنة كاملة ، ثم يكون اللقاء مؤلماً موجعاً ، كما هو الحال في هذه الدقائق

القاتلة ، التي توقف فيها كل شيء .. نعم كل شيء ... ماعدا ثلوج تتساقط ..

خليق بنا أن نكون حذرين ونحن نرى ( ميري ) أو ( ميوي ) كما يحلو لرباح بن شنان الحامد أن ينادي به

زوجته .. أقول علينا ان نعرف جيداً أن ( ميوي) قد هالها رؤية رجل غريب ممدداً على كنبتها العزيزة

وقد وضع قدماه الخشنتين المتشققتين عليها ..

تقدمت إليهما عبر الصالة الصغيرةالمزدحمة بكل مايلزمه ( عيد الديك الرومي ) ومن خلال ضوء باهت

أخذت كرسي وجلست تاركة بطنها الكبيرة تتدلى أمامها ..

رباح .. من هذا ؟ ..

أبي ..

إذن هذا أباك ..

هز رأسه ..

متمعناً في بطن زوجة أبنه وقد كظم غيظه بأقصى مايملك.. حامل؟ ..سرع مالقحت ! ..

جلس ناظراً إليه بحدة : رباح ؟ ..

نعم يابوي ؟ ..

تدري وش الشي اللي أنا أتمناه هالحين ؟ ..

صامتاً ..

قل وش اتمنى ؟..

وشو ؟ ..

أتمنى يارباح ( أللخك بكف ) أخلي كل اللي بامريكا يسمعونه ..

تحسس رباح صفحة خده ، وطأ طأ برأسه ..

المشكلة يارباح إنك تعرف عمرى ماضربتك ..أجي عقب ماصرت رجال بالست والعشرين أضربك ..

تأمل أبيه بشفقه .. فلاأحد يعرف أبو رباح جيداً كما يعرفه رباح .. يعرف أباه جيداً ويعرف كل حب

وحنان أغدقه عليه منذ وفاة أخواه سالم وفلاح في ذلك الحادث البشع .. يذكر جيداً ذاك الصباح الباكر

عندما كان يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً ، ويبلغ كل من سالم وفلاح الثلاثين عاماً .. يذكر جيداً أخواه

وهما أسفل الشاحنة الضخمة المحملة بأكياس بالشعير ، يقوما بإصلاح عطل في الجزء الأخير ، وقد

رفعا الشاحنة برافعتان كبيرتان .. لاينسى أبوه وهو ينادى عليهما من نافذة منزلهم الكبير أن يخرجا من

تحت الشاحنة ، ويقوما أولاًً بإنزال أكياس الشعير .. أخر كلمة سمعها من سالم وهو يقول له : رباح قل

لابوك قضينا خلاص ..باقي شوي ..وبعدها بقليل هوت الشاحنة عليهما ..

يعرف رباح جيداً مرض والده عقب ذلك بمرض السكر ، وبقي هو وحده له الحب والحنان بعدما جائت

( حميده ) بعد وفاة سالم وفلاح في ذلك الحادث الشنيع بسنوات ..

أفاق من شروده على صوت أبيه يسأله : إذن هذه حرمتك واللي في بطنها ولدك .. ولا لأ ؟ ..

إكتفى بهز رأسه ..

أما هي فقد أخذت تقلب بصرها بينه وبين أبيه ..

لأحظت أن أبيه يتأملها بحدة من وراء عينان ذابلتان ..

ردت على هذه النظرات الحادة بابتسامة قائلة : هالو دادي ..

نظر لأبنه : وش تقول ؟ ..

تقول : حياك الله ..

رباح

نعم

لف هدومك وياالله مشينا ..

على وين !؟ ..

على ديرة أبوك وامك وأختك .. مشينا يارباح ..

عرفت أن هناك حديث هام يدور بينهما .. ماذا يقول أبيك ؟ ..

يريدني أن أعود معه ؟

وانت ماذا قلت ؟ ..

ميوي أطلعي فوق وخليني أتفاهم انا وابوي ..

أطلع !؟ ..لابد ان أعرف ماذا يحدث هنا ؟

ميوي .. لو سمحتي بس دقائق بعدين تعالي ؟

قامت بعصبية .. بعدما أشعلت سيجارة وأتت بقنينة ( خمر ) جاءت وجلست بينهما ..

كظم رباح غيظه ناظراً إليها ..

لاحظ أبوه ( تكهرب الجو بينهما ) .. لالا لالا.. على هونك ياولدي ، المره حامل ..خلها ( تزقر ) وتنسطل

مضبوط .. يعني ماراحت وجت إلا على هاذي؟! ..

رأت تمعن أبيه بزجاجة الخمر ..ظنت انه يريد كأساً : دادي ..فيه ..فيه ..

زعق بعصبية : ميري ..

نهضت بغضب وأرجعت زجاجة الخمر .. جاءت وجلست بينهما ..

نظر لابنه : رباح .. لاتطولها ياولدي وهي قصيره ..قم هات شنطتك ومشينا ..

أبوي .. ماقدر ..ماقدر .. طيب وولدي اللي في بطنها ..

أقول قوم وبعدين نشوف له حل ..

كانت تنقل بصرها بينهما بحيرة ..ثم قامت وصرخت ..أنا أعرف ، أبوك يريدك ان تعود معه ، رباح ،

يجب أن يعرف أباك كل شيء .. يجب أن يعرف ان هذا البيت بيتي ، وأني انا من يصرف عليك ،

وأنك لن تستطيع العودة لبلدك إلا بأذني ..هيا قل له ذلك ..

وش تقول هاذي ياقليل المروة ..أنا قايل من أول وش لنا ولامريكا تضحك علي وتقول : لايابوي

معاهدنا ماتعطي شهادة دولية ..شهادات ( الكمبوتر ) في أمريكا غير ..وضحكت علي .. ضحكت علينا

كلنا يارباح .. نفسي أعرف كيف وصلك عقلك لهالمواصيل .. أه أه أه يارباح ..ياخساره .. ياخساره

ياولدي

أبوي ..أبوي ماقدر أرجع معك .. أرجع انت وتوكل على الله ، وبعدين أنا أرتب كل شي ..

رن جرس جوال رباح : هلا يامه ..كيف حالك .. إيه وصل أبوي هذا هو عندي .. تبينه ..

أعطى الجوال لأبيه : مرحبا ..إيه وصلت ، يالله بعدين ... بعدين بعدين .. رمى بالجوال على الطاولة

مشينا يارباح ..

ماقدر يابوي ..

أخذ شماغه وحقيبته .. وتوجه للخارج وهو يبكي .. رح يارباح منك لله .. بريء منك ليوم الدين ..

أخذ يرقب أبيه وهو يسير فوق الثلج متجاوزاً الحديقة الداخلية ، كان بادياً عليه الحزن ، لكنها

أدارت برأسه ناحيتها وطبعت على فمه قبلة عميقة ..

لكن كان هناك مفاجأة ( لم يكن أبو رباح ولارباح ولا ميوي ) يحسبون لها أي حساب ..

فقد إنطلقت كلبة سوداء ضخمة كانت داخل حظيرة ، صوب أبو رباح ، وقد أثارها الشماغ الأحمر ،

وأخذت تنهش فيه وسالت الدماء غزيرة على الثلج الأبيض ..

ركض رباح نحو أبيه ومن خلفه ( ميوي ) ببطنها الكبير المتدلي .. وحاولا تخليصه من أنياب الكلبة

السوداء ولكن الكلبة أصرت على عدم إفلاته ، وأخذت تعضه من فروة رأسه ..

رباح : ريكسي .. ريكسي ..

عندما رأى تشبث الكلبة بأبيه ركض وجاء بقطعة حديد وأراد أن يضرب به الكلبة مع رأسها .. لكن

ميري ولولت ووقفت أمامه قائلة : دعني أعالج الموقف ..إقتربت من الكلبة وهى لازالت تنقل أنيابها

الحادة بين رأس ورسغ أبو رباح ..

ريكسي .. ريكسي ..وأخذت تلاطفها ، وأخيرأً تركت الرجل بعدما فقد وعيه وأخذت جروحه تنزف ..

حضرت سيارة الإسعاف ونقلته لأقرب مستشفى ... إحتاج علاجة عدة غرز في أنحاء متفرقه

من جسده كان أكثرها في فروة رأسه ..

غادرا المستشفى متكئاً على ابنه .. أريد المطار ..

ماسمعت يابوي الدكتور ..لازم ترتاح أسبوع وبعدين تسافر ..

أقولك وديني المطار ، خليني لامت أموت هناك ..

أبوي إنت قلت أنهم في المطار أخبروك لابد من مراجعة مكتب الأمن ..

لا انا رايح ولاانا جاي ..أقولك وديني المطار ، ولاخلني أروح ..

يابوي ماتقدر ، مايخلونك تسافر ..خلنا نراجع مكتب الأمن .. توجها بسيارة ( ميوي ) إلى مركز

الأمن وهناك كانت ( ثالثة الأثافي ) ..

تمعن المحقق فيه : إذن انت شنان بن فلاح الحامد.. الشهرة ( أبو فلاح )

لم يرد

لقد كنت في باكستان منذ خمسة عشر عاماً ودخلت عن طريق مطار إسلام أباد..صحيح ؟

بقي صامتاً من وراء ضمادات رأسه ورسغه ..

قام المحقق الأمريكي وجاء محقق عربي : سلامات ..سلامات .. شفيك ..

بقي صامتاً ..

باهي ..باهي .. ماتخافش ..ماتخافش أبو فلاح .. كلها ساعه وبتروح ..

أستمر التحقيق لساعات طوال وعرف الأمريكيين انه ذهب لباكستان قبل خمسة عشر

عاماً بحسب ماجائهم من مكتب الإستخبارات الباكستاني ... وكان ذهابه ليحضر عاملين من باكستان

بعد أن حصل على تأشيرتيهما .. لكنه زار بعض الأصدقاء في بيشاور وأعطاهم مبلغاً يعينهم على

الجهاد ..

دخل عليه المحقق العربي : باهي ..باهي أبو فلاح .. ماتخافش .. ماتخافش .. كانوا مصرين على

تصنيفك في كوبا جونتانامو ... لكن أقنعتهم إنك ماتستاهل ..بنبعتك لرومانيا ومن هناك بيشوفوا تبقى

هناك ولا يودوك لبولندا ... هيا معتقلات بس أرحم من جونتانامو ...

كان المحقق العربي يزف هذه البشريات المتتابعة لابو رباح أو كما هو معروف لدي مكتب الامن

الأمريكي ( أبو فلاح ) ولكن المضحك والمبكي والذي يدعو للرثاء والسخرية ..أن تلك البشريات عندما

كان ينثرها عليه المحقق العربي ( الممسوخ ) كان أبو رباح يغط في نوم ... عميييييق ...

العبد الفقير(( عبدالرحمن بن سعود الشويعر))

.................................................. ..

القصة الرابعة ...(( عشق وبصل وحب)) ...

.....قامت بفتح المعرض الذي تمارس البيع فيه .. وأخذت تتجول بداخله تعيد بعض الملابس إلى أماكنها والتي كانت ملقاة فوق طاولة البيع ..

نادي عليها وهويقف على باب المعرض ... شذي ، الجماعه يقولوا ماحيفطروا حتى تيجي شذي ..

شوية وجايه .. عسى مايكون الفطور زي أمس ..

لأ ..اليوم فول قلابة وعيش حب بدل التميس .. والشاى منعنش ..

طيب روح انا جايه وراك ..

إتجهت بخطى سريعة للمعرض المقابل ..رأتهم وهم مجتمعين حول طعام الأفطار خلف فترينة عرض

الساعات والجولات ..

صاح بها احدهم .إلحقى ياشذي فول القلابة لهفوه المفاجيع ..

رمت بحذائها وجلست معهم ..

تأملتها باستغراب قائلة :مين الأخت ؟!

رد صاحب المعرض نيابة عنها : هذه جتني للمحل وطلبت مني أشغلها بياعة ..

عادت تتأملها باستغراب وقد وضعت الأخيره الغطاء على وجهها وجلست على كرسي صغير

تتأملهم وهم يفطرون ..

نظرت لصاحب المعرض وهمست له : حاتخليها تبيع ودا على وشها ..

أخذ يمضغ وبسرعة لقمة كبيرة وضعها في فمه ..أزدرد اللقمة قائلاً : خلينا نشوف وش نبي نعمل معها..

وضع قطعة بصل كبيرة في فمه ورشف من كأس الشاي وهو يقول : عمركم شفتوا بياع في مركز فخم

مثل مركز ثرثرة مول يقابل الزباين من صبح الله وهو أكل بصل ..

نظر إليه أبو دلش البائع العتيق في المركز قائلاً له : ماهو من طفاستك تاكل بصل على الصبح

البصل ياواد ياكلوه بالليل ... بالليل .. ولازم كمان تستأذن من ام العيال ..

ضحك جميعهم ..أما هي فقد تظاهرت بأنها تتأمل الساعات والجوالات الموضوعة داخل الفترينة..

نظر لأبو دلش وهو يرشف من الشاي: أي ام عيال يابو دلش؟! هالحين وانت عارف إني لهالحين

ماتزوجت..

ماهو من الدشرة ماتبغا تتجوز ، شوف عمرك وصل فوق الثلاثين ولسه ماتجوزت..( أنا كم لي في

( سرسرة مول ) زيك ماشفت .. ضارب الدنيا طناش ..

وضع كأس الشاي من يده وهو يضحك قائلاً : قمت يابو دلش تخربط علينا من الصبح .. وفيه أحلى من

الدشرة ؟ ..

نظرت إليه بحدة قائلة له : فيه ..الزواج ..

سكب من إبريق الشاي قائلاً : ماشاء الله عليك ياشذي أشوفك صرتِ بصفه ..

أبو دلش : أي صف ياواد ..زعلتك الحقيقة .. هيا ماهي متجوزة وانت عزابي .. خلاص نحط سمننا

في دقيقنا وتتجوزوا ..

ناظراً إليها بطرف عينه : وش رايك في كلام ابو دلش ؟ ..

بالله عليك تسيبني في همي تراني كرهت نفسي ..سامع ..

كذه يابو دلش خربت علينا شذى ..

أي شذى اللي خربناها عليك ياواد .. ماهو أحسن من الدشرة أنت وهيا ..

أقول قم قم يابودلش رح لدكانك تراك غثيتنا على الصبح ..

ماعجبك الكلام ..ياشيخ لو انت ولدي كان أذبحك من غير سكين ..

غادر أبو دلش ، أما هي فقد أخذت بيد الشاب صاحب المعرض وذهبا لركن من المحل

حتى لاتراهما ... قالت له : ما قلتلي هاذي حتوقفها تبيع في المعرض ..

وش رأيك ؟

بالشكل دا ماحينفع ..

يالله ورينا شطارتك ..حاول ان يقبلها لكنها دفعته قائلة : الله يقرفك ريحتك بصل ..أنا رايحه

المعرض.. شويه وابعتها ليه أنا أوضبها لك ..أخليها قمر ..بس أشوف وشها ..

لحقها عند باب المعرض إقترب منها هامساً لها بهدوء : على هونك عليها تري البنت يتيمة لاأب

ولاام وعايشة في بيت خالها وعندها إخوان صغار ..

إنت بس إبعتها ومالك شغل ..

..... دخلت عليها في المعرض ولما كشفت عن وجهها رأت جمال باهر ..

إش إش أيش الجمال دا كله ...يابختك يامساعد ، محلك حاينزحم بالزباين ..

نظرت إليها بارتباك وبالكاد تحدثت متلعثمة في كلامها : أي زباين ؟ ! ..

الزباين اللي حاييجوا لمركز سرسره مول يشتروا .إنت فين راح عقلك .. أقولك يابنت الناس كده ماحينفع

عسى ماتفتكري إنك حتوقفي وتبيعي والغطا على وشك ..

أجالي وشو ؟ !

لا يا.... إنت ماقلتيلي إيش اسمك ؟ ..

حصة ... إسمي حصة ..

عاشت الأسامي ياحصة .. شوف يااختي ياحصة ، أنا محلي ومحل مساعد واحد .. ويهمني أنه

يمشي زي مامحلي يمشي ..

ومساعد هذا يقربلك ؟ ..

أكثر من قريب ؟ مساعد صديق ويمكن قريب نتجوز ... !!

بالصراحه انا ماعندي مانع إني استلم الشغل أما قولة إني أكشف وجهي ماأقدر؟

شوفي يابنت الناس : اللي أوله شرط أخره نور ..حكاية إنك تبيعي عندنا والبتاعة دي على وشك

من دحين أقولك مع السلامة والله يستر علينا وعليك ِ يابنت الناس ..

الله يخليك ..والله إني محتاجة للشغل ..

هيا كلمة واحده ..يالشغل ياكشف الوجه ..

أخذت منديل من علبة قريبة ومسحت دموعها وهي تهز برأسها علامة الموافقة ..

إبتسمت بخبث ودهاء وهي تقول : هيا بسرعة قبل المول ينزحم خليني أمكيجك ..

لا لا الله يرضى عليك بلاش المكياج ..

نظرت لها بحدة ... حصه وبعدين ..

رضخت حصة في الأخير وارجعت غطاء الرأس للنصف رأسها ، وقد تفننت في وضع الماسكرا

واحمر الشفاة ..

.......... بعد ثلاثة أيام من عملها في معرض مساعد

جائت لها زوجة خالها ومعها إخوانها الصغار بملابس رثة وبعضهم حافياً ..ركضت إليهم قبل أن يروها

وقد وضعت الغطاء على وجهها : الله يفشلكم وشو هذا يامرة خالي ماعرفتي تلبسيهم زين ، وحافيين

بعد ..يافشيلتي ..تعالوا تعالوا بعيد عن المحل قبل يشوفكم أحد ، نبي نقعد بهالكوفي شوب ...

وخري بس تستعرين منا ، لي ساعة وانا أدور بهالمركز أبي أشوف المحل اللي إشتغلتِ به لين تكسرت

رجليني انا واخوانك هالشياطين وفي الأخير .... فشلتوني ..

جائت لكل واحد من إخوانها بعلبة عصير وأقنعت إمرأة خالها بالذهاب فوراً من المركز ..

شوفيلي حمام قبل اروح السكر طايش علي اليوم ، جاب لي خالك السكر الله لايبارك بكم ولايبارك بيوم

عرفتكم فيه ..وين الحمام ؟

دخلت معها الحمام ،، لاحظت ان على عين زوجة خالها كدمة : وهاذي اللي على عينك من متى يامرت

خالي ؟..

البارح بالليل ..خالك خلخل الله حنوكه قعد طول الليل يسكر يسكر همن غدا مثل الثور وتعرفين خالك ..

وهالحين وينه؟ ..

على فراشه نايم مثل الحمار ..

وغادرت زوجة خالها وأشقائها الصغار المركز ..

رجعت للمعرض فوجدت صاحبته : مخصوم عليك ِ يوم ياهانم انا في العمل ماعندي لعب ..

أنا قريبة هنا مارحت بعيد ..

شفتك جالسه في الكوفي شوب .. أهلك دول ..

مرت خالي والصغار اخواني ..

قولي لهم مره ثانية مايجونك في محل شغلك ..فاهمة ؟

فاهمة ..

بعد أسبوع .....

حاول زبون ان يمسك يدها وهي تقدم له باقي النقود .. وعندما سحبت يدها هجم عليها ، فقامت

بصفعه على وجهه ..

صرخت فيها : حصة إيش فيه ؟..

هذا بغا يمسك يدي وتهجم علي ..

ذهب الزبون مسرعاً وترك الأغراض التي كان يريد شرائها ..

جائت لها قائلة : إسمعي ياحصة كلنا بنتعرض لحركات من دي ..بس إنك تضربيه لأ ..

يعني أخليه ..

ماقلتلك خليه ..بس عالجي الموقف بهدوء.... !

....

في صباح يوم تناولت حصة الفطور معهم لاول مرة .. إقترب منها مساعد وأخذ يهمس لها ببعض الكلمات

في أذنها .. إرتبكت في البداية ، لكنها رأت نفسها تبتسم إليه مما جعله يقترب منها أكثر ..

كانت شذى تراقب ذلك كله من خارج المعرض ، لم تترك له فرصة ليتمادى أكثر من ذلك ، إتجهت

إليه والشرر يتطاير من عينيها ... صفعته على وجهه وهي تشير إلى بطنها قائلة له .. واللي في بطني

هذا أوديه فين (ياسرسري) ...

خرجت حصة من المول وهي تركض ، لاتدري أين تذهب ..أشرت لاول ونيت مر بجوارها ..ركبت فيه

واختفت وسط الزحام ....

العبد الفقير (( عبدالرحمن بن سعود الشويعر))

.................................................. ..............................

القصة الخامسة(( عندما كُسِرت قارورة الدواء))

......ودعته عند باب شقته وهي تحمل طفلتهما الصغيرة ، طبع قبلتان ..واحدة على خد زوجته ، وأخرى على خد طفلته الصغيرة بينما كانت مستغرقة في نومها على كتف أمها ..

سالم ..لاتنسى الفاتورة ، ترى موعد قطع الكهرب من قبل يومين ..

أغلق باب الشقة قائلاً لها : ربك ييسرها ..

وجد سيارة الدورية تقف أمام العمارة القديمة ، عندما هم بركوب السيارة نادته من خلال النافذة .. رجع

واقفاً تحت النافذة ..خير !

رمت له بسترته الثقيلة ، مبتسمة له ..

إلتفت يميناً ويساراً لم يرى أحد فأرسل لها قبلة عبر الهواء ..

ركب السيارة التي أنطلقت به وبسائق الدورية من خلال شوارع ترابية ضيقة إلى الشارع العام ..

كان الإزدحام في ذروته كما هي العادة في ساعات ذهاب الأولاد والبنات لمدارسهم ..

كان الجو قارس البرودة والسماء ملبدة بغيوم سوداء منذرة بمطر غزير ..

أغلق زجاج سيارته والتفت لسائق الدورية قائلاً: مر من قدام مدرسة بناتي .. رأهن وهن ينزلن من سيارة

أخيه الكبير الذي يوصل بناته مع بنات أخيه ..

نزلن البنات يتراكضن من خلال باب المدرسة ... لمحت أبيها في سيارة الدورية .. أشرت له ورد

عليها بقبلة ...

مرت سيارة مسرعة جاءت من الطريق العام ودخلت عبر الطريق المؤدي للمدرسة ومن خلال الساحة

الواسعة دار دورتين في حركة إستعراضية ، محدثاً صريراً من خلال كفرات سيارته .. كاد ان يدهس

فتاة عندما حاولت الدخول سريعاً للمدرسة ، عندما أصبحت عند باب المدرسة إلتفتت للسيارة الفخمة

التي كان بها مجموعة من الشباب بصقت عليهم قائلة : الله يلعنكم ويلعن اللي خلفوكم ..

أخرج الشاب الجالس في المقعدة الخلفية جوار الباب نصف جسمه من السيارة وأشار لها بإصابع يده

عبر السبابة والوسطى بعلامة( سبعة ) ثم وضعهما على شفتيه ...

كانا يراقبانهما من خلال شارع جانبي ، أشار لسائق الدورية بالوقوف أمام سيارتهم .. لكنهم إنطلقوا

بسيارتهم متجهين للطريق العام ، ولم يفوت سائق الدورية الفرصة ، دخل من احدى الشوارع وقطع

عليهم الطريق قبل أن يصلوا إلى فتحة يهربوا من خلالها ، لكنهم فوتوا الفرصة عليه من خلال قفز

الرصيف .. لكنهما تمكنا في الأخير من الإيقاع بهم ، عندما تعلقت سيارتهم فوق كوم ترابي .. تركوا

السيارة الفخمة ولاذوا بالفرار مع سيارة أخرى كانت تتبعهم ..

بدأ المطر يسقط هتاناً من خلال هواء قارس البرودة ، وبدأت المساحتان تزيل قطرات الماء الصغيرة

من فوق زجاج سيارة الدورية ..

نظر له سائق الدورية قائلاً وهو يشير للسيارة المعلقة فوق الكوم الترابي : وش نبي نعمل فيها ؟

قال له وهو يضغط على جهاز الإتصال : نتصل بالونش يسحبها ونخليها بحوش الدوريات ..

كان المطر يشتد هطوله قليلاً ثم يعاود السقوط عبر نقاط صغيرة ..

نظر في ساعته كانت الساعة تقترب من التاسعة صباحاً وقد بدأت حركة السيارات تخف في منطقة

وحدود دوريته ..

أشار للسائق بالتوقف عند أحد مكائن الصرف ..نزل من السيارة بعدما ارتدى سترته الثقيلة ..كانت

ماكينة الصرف خاوية ، وضع البطاقة لتسديد فاتورة الكهرباء، تأمل الشاشة بقلق وهو يرى عبارة ( نأسف

لعدم خدمتك الرصيد غير كاف ) :مهمهماً .. لاحول ولاقوة إلا بالله .. الفاتورة (500) ريال والرصيد (498)

ريال .. كرر العملية وطلب مبلغ (400 ريال) .. إتجه لسيارة الدورية ..

تردد كثيراً في أن يطلب من سائق الدورية مائة ريال ..

لاحظ زميله سائق الدورية قلقة .. قال له : في شي ؟ ..

مافي قروش ياحمدان ..

ضحك السائق قائلاً له : هذا وانت رقيب أول أجالي وش أقول أنا يالعريف .. ولاتشيل هم كلها خمسة

أيام ونستلم الراتب ..

يالله ربك ييسرها ...

إستمرا في دوريتهما من خلال الشوارع الفرعية ..كان يحاول الهروب من همه من خلال قراءة

الرسائل القديمة في جهازه ... (( أمك جنبي ياسالم تدعيلك وتقول لك قلبها راضي عنك ياأحن ولد

والله يجعل يومها قبل يومك أختك ( عواطف ) ... إبتسم من وراء عينان قد بدت الدموع فيهما

ورسالة ثانية ( سالم تعال هالحين ماعاد أقدر أصبر على هالكلب اللي معنا في البيت ) أختك سميحه

ونكتة ثالثة لايعرف مصدرها ( واحد يسأل واحد غبي يقول له : وش رايك في الزواج المبكر ؟

قال الغبي : يعني الساعه كم ؟ ) ضحك والتفت للسائق تسمع هالنكته ..لكن الجهاز قطع حديثهما

من العمليات لشفق 3 ..

معك شفق ثلاثه ..

إتجه لمبنى الدوريات ..

إتجهت سيارة الدورية للمبنى ، وهناك وجد ( مرسول ) جاء لاستلام السيارة التي طارداها في صباح

الباكر .. رمي بمفتاحها واتجه لخارج المبنى ..

وجد هناك شابين قد أتت بهما دورية من حدود منطقة دوريته ..

سأل الجندي الذي أتى بهما : وش فيهم ؟

يفحطون عند مدرسة بنات ..

إقترب من الأول: وش سيارتك؟ .. مازدا قديمة مبوشه ..

قرص أذنه قائلاً له : رح لسيارتك وان شفتك تفحط مرة ثانية لاتلوم إلا نفسك ..سامع ..

إقترب من الثاني : وش سيارتك ؟: ونيت قديم يجيب أبوى فيه الخضرة ..

قرص أذنه بشده : وقال له ماقاله للأول ..

خرجا من المبنى يركضان غير مصدقين أنفسهم ...

مرت من أمامه سيارة الصباح الفخمة .. كان يقودها رجل أسود البشرة يرتدي غترة بيضاء

ناصعة البياض وعقال ماركة ( أبو جنط ) ..

رمى بنفسه على مقعد السياره وانطلق به السائق لنطاق وحدود دورياته ..

سائق الدورية : هيا شايف ..بغينا نروح وحنا طردي وراهم .. أنا من أول قايل لك هالسيارات الفخمة

فكنا منها ..

بقي غارقاً في همومه .. أفاق على صوت الجهاز : ياشفق 3

لاحول ولاقوة إلا بالله ... معك شفق3 ياعمليات ..

كلم البيت يبغونك ..

نظر له السائق : جوالك مايشتغل ؟

الرصيد منتهي ..

توقفا عند كابينة هاتف : خير وش فيه ؟

قطعوا الكهرب ياسالم ..

أنت متاكدة إنهم قطعوها ؟

الكهرب شغاله بكل العمارة ..عندنا بس مقطوعة ..

طيب .. طيب .. خلاص .. خلاص أبي أتصرف

رجع للسيارة

السائق : خير

قطعوا الكهرب عنا ..

لاحول ولاقوة إلا بالله .. ليه ماسددت الفاتورة ..

أقول خلها على الله ياحمدان ..

أقولك ..كم تبغا ..

خمسمائة ريال ، معي أربعمائة ، باقي مائة ..

أقولك ..تصدق عاد إني فلا أملكها ، لكن تدري خلني أمر على البيت يمكن القى عند ام العيال ..

حمدان أذكر الله .. خلاص كلها خمسة ايام ويجي الراتب ..

وتبي تقعد الخمسة ايام من غير كهرب ..

وش نسوي نبي نصبر ..والحمدلله هذا حنا بالشتا ، والحطب والفحم عندنا ..

توقف سائق الدورية أمام بيته ..

وش تبي تسوي ..

أقول اذكر الله ..

أقول أركب ياحمدان حلفت عليك إنك ماتجيب شي .

أقول والله غير اجيبها غصبن عنك .. ياخوي وش ذنب عيالك الصغار يقعدون من غير كهرب يكفيك

غسيل كلى أمك كل أسبوع ..

أخذ المائة من زميلة واتجها لأقرب بنك ..وجد ازدحام شديد عنده .. إتجه لبنك أخر ..

عندما أراد الدخول للبنك ، نادى عليه السائق ..

رجع للسيارة ... وجد العمليات تطلبه ..

معك شفق3 ياعمليات ..

إتصل على بيت الوالدة ..

وقف عند أقرب كابينة : خير يامه ..

خذ كلم هذي اختك سميحة ، والله ماعاد فيه حيل اتكلم ، حنا عجزنا من هالكلب اللي ماندري من وين

جانا ..خذ اختك ..

أخذت السماعة وهي تبكي : سالم أنا ماعاد ارجع البيت ، ياطلقوني من هالرجال والا تروني أبي أذبح

نفسي ..

طيب ..طيب .. بس هدي نفسك وان شاء الله تبي تنحل ..

أقول مافي حل ..أنا ماني راجعة للبيت ، طابت نفسي .. لو تشوف اختك ماتعرف وجهها من هالكلب

بكسني ..بكسني ..ولوى يدي ..يدي مكسورة ياسالم .. الله يلعنه ويهلكه هالمدمن السكار ..

والعيال وينهم ..

العيال معي ، هنا عند امي ..

طيب ..بس تخلص دوريتي ويكون خير ..

رجع للسيارة ..

لاحظ السائق تأثره ... خير ان شاء الله ..

أي خير ياحمدان وهالضعيفة أختي عند هاللي مايخاف الله .. ياشيخ والله لولا العيال كان ماتقعد معه يوم ..

لاحول ولاقوة إلا بالله رجع ضربها غير الضربة الاولى ..

ضربات ياحمدان ماهي ضربة ... أقول وقف وقف عند هالبنك ...

سدد الفاتورة وذهب لمكتب الإشتراكات ..

وجدا مشاجرة داخل أحد الأحياء الشعبية ..توقفا عندها ..

خير ان شاء الله وش فيه ؟

إسمع ياحضرة الرقيب بالله هذا يرضي الله والا يرضي رسوله ..مسكن ناس في هذا البيت

الشعبي ، والله لايوريك رجال داخلين ورجال خارجين البيت كراخانه ..

إشهد عليه يارقيب .. إشهدوا عليه يقول إني فاتح البيت كارخانه ..

نظر لصاحب البيت : البيت فيه عوايل ؟ ..

فيه عوايل

وش جنسيتهم ؟

مشكلين .... !!

خلاص كلن يروح في حاله ..

أيش هذا ياحضرة الرقيب ، يعني جينا نستنجد فيكم نلقاكم وقفتم ضدنا ..

رقيب سالم : ياأخي خلك ببيتك ومالك دعوى بغيرك

صاحب البيت : أقولك يارقيب لقافه ، إشمعنى ماحد تكلم في الحارة إلا هو ..

ياشيخ خاف الله ، عندنا بنات وشباب ..

نهره الرقيب سالم : خلاص أقول رح لبيتك ، وغمز له بعينه ..

عرف الرجل مقصد سالم ...

أشار للسائق الوقوف عند مركز للهيئة .. دخل قليلاً ثم خرج ...

بعد صلاة الظهر أكمل عمله من خلال التجول في الأحياء والشوارع ، رجع لتلك الحارة

التي بها بيت الدعارة ، وجد الهيئة ومعهم مجموعة من الجنود يخرجون نساء ورجال من

داخل البيت ..

نزل من سيارة الدورية ووقف مع عضو الهيئة : بهالسرعة ماشاء الله عليك ..

عضو الهيئة : مايحتاج أرسلنا واحد ولما دخل واختلى بأحد النساء ، أعطانا إشارة بالجوال وحنا

قريبين من البيت ..

عضو الهيئة : هل تستلمونهم مع محضرنا ؟ ..

رقيب سالم : توكل على الله .. شاهد الرجل الذي تشاجر مع صاحب البيت

يقف في النافذة يشاهد عملية القبض ... قال له : مبسوط .. رد عليه الرجل ... رح ياشيخ الله يستر

عليكم دنيا وأخره ..

ووضع الجميع داخل مجموعة من سيارات الدورية وسيارات الهيئة ومن مركز الشرطة ،تم رسالهم

للمستشفى ..وتبين أن بعضهن مصابات ( بالإيدز ) ..

إستمر المطر بالهطول هتاناً ..وقد مالت الشمس للأفق ترسل بأشعتها البرتقالية من خلال فتحة في

السحب الداكنة .. نزل السائق يؤدي صلاة العصر بعدما انتهى هو من الصلاة ..

بقي ساعة على إنتهاء فترة دوريته ، وقد ازدادت قساوة البرد ...

كانت المياه في الشارع العام غزيرة وقد توحلت الطرق الترابية المؤدية للعمارة القديمة التي يسكن

فيها ..

حمدان وقف شوي عند العمارة أبي أتاكد رجعت الكهرب ..

خير .. مابقي إلا نصف ساعة وننتهي . أقول وش رايك تجي عندي الليلة ، نشب الحطب بالحوش وام

العيال الليلة مزينة ( رز بالعدس وخبزة ) ..

رز وعدس وخبزة .عز الله إني تعشيت عندك الليلة ياحمدان ..

وصل شقته وجاء أبنائه يتراكضون ... عانقوه .. إستراح لما رأى الكهرباء قد عادت ..

إبنته الكبيرة : أبوي .. تقول الأبله تبغا من كل واحده خمسين ريال للحفلة القادمة ..

نهرتها الأم : وبعدين ، على طول أبوك جاى تعبان ومن عند الباب نبغى ونبغى ..

أردات نزع سترته المبللة بالماء ..

خليها ..خليها تونا مانتهينا ..باقي نصف ساعة . جيت اتطمن على رجوع الكهرب ..

مسك بيد زوجته وسحبها لداخل الغرفة مغلقاً بابها : وش عندك من الذهب ؟

ليه خير ان شاء الله ..

أبد ..باقي على الراتب خمسة ايام ..ورجال طويل عريض مابجيبه غير ريالين ..

ضحكت وهي تحتضنه .. مابجيبه غير ريالين ، لكنه سيد الرجال وتاج راسي ..

وخري ..وخري ماهو وقت الحب .. الدورية تحت .. ماقلتيلي باقي عندك شي من القطع

باقي قطعة ماتجيب إلا مائة وخمسين ريال .

خير وبركة ..نبيعها الليلة ... الحمدلله ..الحمدلله ..

لما اقترب من باب الشقة ركض إليه أطفاله وجاءت إبنته الصغيرة تتعثر في مشيتها وقنينة الحليب في

يدها حملها وعانقها ... لم يرها مع إخوانها ..

وين سلمى ؟ !

من جيتها من المدرسة وهي على سريرها ..

وش فيها ..

شوى حرارة ..

رجع لغرفة بناته رأها على السرير وقد وضعت كمادة ماء على جبهتها ..

حضنها وقبلته مع رقبته ..

لمس يدها فوجد حرارتها مرتفعة ..

نظرت إليه الطفلة ذات الإثنا عشر ربيعاً بحنان قائلة : إنتهت الدورية ...

ليه ؟

أبيك تجلس جنبي ماتروح ..

وبعدين ؟ ...

إبتسمت بصعوبة ..

مسح على رأسها وقام من جوارها قائلاً لأمها : حرارتها مرتفعة ماعطيتيها خافض حرارة ..

لمست الأم جبهتها . فبدى القلق عليها قائلة : والله مرتفعة ، وماعندنا خافض

خرج من الشقة متجهاً لزميله سائق الدورية ..

أبشرك رجعت الكهرب ... حمدان مر بنا على الصيدلية اللي على الشارع العام نبي ناخذ خافض حرارة ،

قبل تروح تسلم السيارة ..

خير ليش الخافض ؟

البنية عندي مرتفعة حراراتها ..

توقفت سيارة الدورية أمام الصيدلية .. نزل سالم وأخذ زجاجة خافض الحرارة ..

كم قيمتها ؟ ..

سبعه ريال ..

أخرج من جيبه الريالين ، رجع لزميله حمدان : حمدان خمسه ريال الله يرضى عليك

أبشر .. وأخرج سائق الدورية خمسة ريالات .. حاسب الصيدلي ورجع للسيارة ..

كان حمدان مترجلاً من سيارة الدورية يقف بجوارها ، وسالم بيده زجاجة الخافض وبالأخري فاتورة

الكهر باء التي سدد قيمتها في الصباح .. كان كل شيء هادئاً ماعدى صوت دولايب السيارات وهي

تنزلق فوق مياه المطر .. كان المطر يسقط هتاناً ..

كانوا هناك على رأس الشارع يراقبون الدورية ..

تلثموا ، وخاطبهم قائدهم قائلاً : هاهم الكافرين أعوان الكفرة والظلمة ، ياللا ياشباب هنيئاً لكم الجنة

هنيئاً لكم الحور العين ... سنقضي على الكافرين وأعوانهم !!!!!!..

واقترب حفدة بن ملجم الغارقون في لوثاتهم من دورية الرقيب أول سالم والعريف حمدان ..

وانطلقت زخات الرصاص من أسلحتهم ، وتجاوزوهم وهم يصيحون ..الله اكبر .. الله أكبر !!!!!!!!!!!!!!!!

وسقط سالم وسقط حمدان .. واختلطت الدماء بماء المطر .. مات حمدان على الفور

أما سالم فقد رفع سبابته اليمنى للسماء يتشهد ..أخذ زجاجة الخافض باليد الأخرى ورفعها للذين

تجمهروا حول سيارة الدورية .. سبحت فاتورة الكهرباء مع ماء المطر .. وفاضت روح سالم وسقطت

زجاجة الخافض من يده ...

إنكسرت الزجاجة وأختلط الدواء مع الدماء وماء المطر ..

لم يعرف أحد منهم ماذا يريد سالم ... لكننا جميعاً عرفنا القصة .. عرفناها جيداً

(( العبد الفقير)) عبدالرحمن بن سعود الشويعر ..

.................................................. ...................................

القصة السادسة (( ذهب مع الشيح )) ...

.....ِكانت الساعة تُشير إلى الثامنة مساءاً عندما انتهت من ارتداء ملابسها واضعة عباءتها على رأسها

ممسكة بيد ابنتها ذات السادسة من العمر، اتجهت إلى غرفة التلفاز، كان يشاهد أحد المحطات الفضائية،

إليه قائلة: سأذهب أجابها مراقباً الشاشة:إلى أين؟

ما رأيك لو جدت علينا بنظرة؟

لم يزل شارداًً بنهم في مراقبة محطة فضائية ،اندفعت بفضول لترى ماذا يشاهد، كان هناك عرض لنساء في

ملابس فاضحة، نظرت إليه بغيرة يشوبها غضب قائلة له: أراك تنظر مستمتعاً..

أجابها وعيناه مازالتا تُراقبان العرض المُثير: هل تظنين إنهن يؤثرن علي؟..

أجابته باستهزاء: نعم واضح

أرادت ابنته الدخول للغرفة لتشاهد التلفاز، لكنها ًقامت بأخذ جهاز التحكم من يده وأطفأته

نظر إليها بحنق قائلاً بهدوء: عزيزتي سبق وان تناقشنا في هذا الأمر وانتهينا بالاتفاق على أن يكون لك

جهاز تشاهدين فيه محطاتُك وهذا الجهاز لي أشاهد فيه ما أُريد وإن سمحتي يا حبيبتي لا تتدخلي في شئوني

الخاصة واعلمي إنني لن لا اسمح لك بذلك

افعل ما يحلو لك لن أجادلك في شئ فلست راغبة في مشاجرة معك، استدارت مغادرة غرفته المُعبقة

برائحة الدُخان، التفت إلى ابنته قائلا : قُبلة.. قُبلة لبابا، انشغلت قليلاً بمشاهدة العرض المُثير ثم انطلقت

راكضة صوب أمها قائلة: أمي أمي الكافرات في التلفاز كاشفات عن أجسامهن، اتجهت صوب الباب

الداخلي للمنزل مع ابنتها وصوته من ورائهما سائلاً.. لم تخبريني أين ذاهبة؟

إلى أُمي آخي عاصم ينتظرنا في الخارج

اخذ يتنقل بين المحطات الفضائية بواسطة جهاز التحكم مستمتعاً بما يراه ، قليلاً ورن جرس الهاتف

اخذ السماعة.. جاءه صوت ناعم من الطرف الآخر ! ..

من أنتِ؟ ..

أنت لا تعرفني لكني أعرفك...

هل اعرف سبب اتصالك بي ومن أين لك رقم الهاتف؟

لو أردت أن اشرح لك سبب اتصالي بك للزم ذلك مني وقتاً طويلا ..

حسناً لأي غرض كان اتصالك بي؟

للتعرف عليك.. هل هناك مانع؟

حسناً ترغبين في عقد صداقة معي؟

هكذا تقريباً ...

هل تعرفين؟.. صوتك جميل جداً..

ضاحكة بدلال:هل أعجبك؟

جداً ..

هل تشعر أن التكلفة سقطت بيننا؟

ارجوا ذلك..

هل أستطيع أن أسأل سؤالاً آخر؟

ليس قبل أن اعرف نوع الصداقة التي ترغبها..

لن أخبرك حتى اطرح عليك سؤالي...

تفضل..

هل كان اتصالك بي صدفة فأصابت أناملك رقمي؟

ليس كذلك ..

إذن أنا المقصود بالذات في اتصالك هذا..

نعم أنت الرجل الذي أريده..

من أين لي معرفة ذلك؟

حسناً ما الذي تريده مني لأثبت لك بالقول القاطع إنك أنت وبعينك تماماً من… اعذرني أن أوضح لك

اكثر من ذلك..

إذن إلي بالبينة على ذلك..

حسناً أنت عامر وزوجتك رابية ولديك ابنه تبلغ من العمر ست سنوات تقريباً تُدعى نجلاء....

آه أيتها الشقية تعرفين كل شئ عني وكأنك تقرئين بطاقتي العائلية ..

ألا تشعر انك بدأت تقسو علي بأن أطلقت جزافاً لقب الشقية ووصمتني به ..

اقبلي عُذري يا صاحبة اجمل صوت سمعته وارشديني إلى اللقب الذي تُحبين أن أناديك به...

إن شئت فنادني بالعاش.!

أغلقت خط الهاتف، وضع السماعة وتناول جهاز التحكم وأخذ يتنقل بين المحطات أفاق من مطاردته

للمحطات الفضائية التي استغرقت وقتاً طويلاً على صوت استدارة المفتاح في ثُقب الباب، أتت إليه

ابنته نجلاء راكضة نحوه وفي يدها لعبة من البلاستيك وحديثُها يسبقها إليه..آبي انظر ماذا اشترى إلي

خالي عاصم، أخذها مُعانقاً وقام بضمها إلى صدره ،أما هي فأسرعت متجهة إلى غرفتها ملقية بحقيبتها

وعباءتها وغطاء رأسها ووجهها على الطاولة واستلقت على السرير وأخذت تُحملق في سقف الغرفة

كان مستغرقاً في مشاهدة فيلماً ناسياً أن ابنته بجانبه حتى أتى مشهداً يشبه تماماً للمشاهد التي يؤديها أي

مخلوقين من ذكر وأنثى بدءاً بالعصافير ونهاية بالحمير..

أفاق من غلفته منتبهاً على صياح ابنته وهي تركض من جانبه متجهة إلى أمها قائلة: أمي أمي الرجل يُقبل

المرأة وينام… وهي…

تنهدت بعصبية آمرةابنتها بهدوء بالخروج من الغرفة وان تتركها لوحدها..لكنهاأخذت تشُدها من يدها لتذهب

معها لمشاهدة ما يعرض في التلفاز،نهرت ابنتها بعصبية وأخرجتها من الغرفة وأغلقت الباب ورائها

بالمفتاح.. جلست الطفلة بجانب الباب على الأرض بادياً على وجهها الغض الحيرة والذهول..

غادر غرفة التلفاز مسرعاً إليها في غرفة النوم وفي طريقه تعثر بابنته وكاد أن يسقط رمقته الصغيرة

بنظرة حزينة وهي لم تزل جالسة بجوار الباب، طرق الباب طرقتين بهدوء، قامت فاتحة الباب بعصبية ثم

رجعت إلى السرير مُكملة نظراتها القلقة تلك إلى سقف الغرفة

دلف للغرفة مُغلفقاً بابها بالمفتاح،وقف مُحاذاتها مُبتسماً.. رابية يا زوجتي الحبيبة لماذا تقسين علي بهذا

الشكل؟!

ألقت عليه نظرة سريعة ثم عادت متأملة سقف الغرفة

أخذ يضحك مُقهقهاً مُنفرجاً فمه عن أسنان صفراء يفرق بينها صبغة سوداء من اثر القطران

إستمرت في صمتها العميق..

اخذ يجر خصلة من شعرها لكنها إستدارت بكاملها الى جهة الحائط ودموعها تسيل بصمت.. احس انهاتبكي

جلس على مقعد جوار السرير قائلاً لها.. هل استطيع معرفة الذنب الذي ارتكبته حتى تعاملينني بهذه

القسوة والبرود ؟

عندها إستدارت بقوة ناحيتة وجلست على طرف السرير منهية بذلك صمتُها العميق وخاطبته بحدة من وراء

عينين حمراوين من البكاء قائلة:ايها الرجل أفق لنفسك استيقظ من سباتك الى متى! هاأنت توشك ان تبلغ

الاربعين من العمر ولا زلت تتعثر في خطاياك وذنوبك الا تتقي الله في وفي ابنتك

نهض واقفاً واقترب منها قائلاً بغضب: هل تنكرين انني احبك وأحب ابنتي وأوفر لكما كل ماتريدانه من أجل

سعادتكما ؟

عند ذلك قفزت من السرير بخفة واقفة امامه.. أي حُب هذا الذي تتكلم عنه، هل تعتقد انك تعرفه إن كنت تظن

انه الحب العاطفي فأنت مُخطئ تماماً، اعلم جيداً انه حب تشترك فيه جميع الكائنات نعم انت تحبنا انا لا

انكر ذلك ولكنه حب أناني اتمني ايضاً ان تعلم جيداً حتى الوحوش الكاسرة والحيات الرقطاء والعقارب تُحب

ابنائها اتقي الله في وفي ابنتك

اشعل لفافته مطيحا براسه الى الوراء ثم نظر اليهاإذن تُشبهين حبي بحب الحيايا والعقارب..حبيبتي لا

تكوني مُعقدة مارأيك لو تركنا الخلاف جانباً وعشنا سوياً حياة سعيدة

ناظرة اليه بتجهم..ماالذي تقصده!؟

انت تعرفين قصدي جيداً

صامتة هل يعجبك هذا الاسلوب الذي فرضتيه علينا في البيت وخارجه؟ اصبح كل منا يعيش حياة تختلف عن

الاخر كن شجاعاً وافصح عما تُريد قوله

حسناً..الايكفيك مااديتيه من دور رابعة العدوية لا اسمع منك سوى هذا لا يجوز ارجوك دعني لوحدي فقد

اصبت بالاختناق من جراء لفافتك الخبيثة هذه

عند ذلك نهض واقفا قائلاً لها بحدة وغضب: اسمعي ايتها الواعظة الخرقاء انني اعرف ربي وديني قبل ان

اراك، لست بحاجة الى نصائحك، انتي التي تفهمين الدين بطريقة خاطئة هل لأني استمتع بحياتي بطريقتي

الخاصة والله يعلم عن طهارة قلبي وصفاء نيتي يجب ان تعلمي انه لولا ابنتي مارضيت في استمرار الحياة

معك، انتي ياحضرة الزوجة المحترمة لا تفهمين ولا تُريدي ان تفهمي في أي عصر نحن نعيش تحملتك كثيرا

عند سفرنا للخارج منذ ثلاث سنوات ، هذه حياتي سوف احياها كما اريد لن اغيرها انتي التي يجب عليك ان

تتغيري، افيقي من غفلتك وفكري جيدا قبل ان اُجبر على امر لا نرضاه جميعا

كانت صامتة واضعة رأسهافوق ركبتيها تبكي بصمت فتح باب الغرفة وخرج مسرعا متعثرا بابنته الجالسة

بجوار الباب تبكي، لكنه هذه المرة سقط على الارض مما جعل ابنته تنقطع عن البكاء وتغرق في نوبة ضحك

عميقة، نظر اليها بحنق ، قام واقفا ودخل غرفة التلفاز وأغلق على نفسه الباب

كان صوت اذان العشاء يرتفع عندما طرق الباب في ليلة من ليالي برج العقرب الاولى، كان كل شئ هادئاً

داخل المنزل عندما إتجهت صوب الباب لتفتحه، كان الطارق شقيقها عاصم ، سلم عليها وهو يتجه الى

غرفة التلفاز، جلسا قليلاً يتجاذبان الحديث كان حينها تعرض محطة فضائية عربية منظراً تتقزز منه الانفس

حاول اخذ الجهاز منه ليُغير المحطة، لكنه تشبث بالجهاز قائلاً له وهو يضحك.. اترك الجهاز أم اراك

تطوعت مثل اختك، رد شقيقُها.. الله يهديك ياعامر…

ويهديك

اقام المؤذن صلاة العشاء فنهض ممسكاً بيد زوج شقيقته ليصلوا سويا، إعتذر انه سيصلي في البيت

والعشاء وقته طويل!

إتجه الى باب البيت ماراُ بأخته وهي جالسة جوار طاولة المطبخ ورأسها بين يديها وابنتها جالسة

علي ارض المطبخ منشغلة في بعض لِعبها حين وتراقبها بطرف خفي حين اخر، إنسل بهدوء مُغادراً لكنها

لحقته من خلال النافذة قائلة له: عاصم إنتظر سأتي معك، إتجهت لغرفة نومها مرتدية ملابسها على عجل،

بعدما وضعت عبائتها علي رأسها، أمسكت بيد ابنتها واتجها الي باب البيت وصوته من ورائها إلى اين؟

… إلى أُمي ..

تمدد على الاريكة واضعاً وسادة تحت رأسه وأشعل لفافة تبغ، أخذ يُقلب في المحطات الفضائية حتى استقر

به مزاجه على محطة منحطة، كان غارقاً في المشاهدة عندما رن جرس الهاتف..أخذ سماعة الهاتف، انساب

صوتها اليه وهمس من خلال السماعة بهدوء هذا انت ايتها الشقية

الا زلت مصراً على مناداتي بالشقية؟

هل ترغبين في اسم غيره

لا أدري؟، اين هي؟

من ؟

زوجتك

خرجت قبل قليل

اعرف ذلك

هل افهم من ذلك انك تعرفين كل شئ عني حتى مغادرة زوجتي البيت؟

نعم إنك خطيرة جدا ياصاحبة اجمل صوت سمعته في حياتي

هل تُريد ان اثبت لك ذلك

تعنين انك خطيرة ليس كذلك، بل خروجها من المنزل

تفضلي

خرجت برفقة شخص اعتقد انه شقيقها ومعهما ابنتك

إذن انت قريبة مني

اقرب مما تتصور

إذن علي ان اكون حذرا

ليس الى هذا الحد

هل تسمحين لي بسؤال؟

إسأل ماشئت

ماالذي تريديه مني؟

ماذا تعتقد؟ لا ادري

الا يكفي انني احبك بهذه السهولة

إن شئت فقل بصعوبة، لقد امضيت زمنا وانا اراقبك

انني اسكن بالقرب منك اراك في دخولك وخروجك، هل تصدق انني بدأت اشعر بالغيرة من زوجتك

ايتها الشقية مالذي يجعلك تقحمينها بيني وبينك

الهذه الدرجة تُحِبُها؟

اليست زوجتي

إن كانت هي حبيبتك فمن انا ؟

انتي عشيقتي،هي حبيبتي وانت عشيقتي

الاتعتقد انها لو درت بعلاقتك معي قد تغضب

لن تعرف هذا

لعل حبنا في يوم ينكشف

سوف نمارسه بعيدا عن الاخرين

ماذا قلت ؟

قلت سوف نكون بعيدين عن الاخرين

لا قلت كلمة قبل هذا

تقصدين نمارس

إذن انت تريد حباً من نوع خاص

وهل تظنين اني اُريد شيئاً غير هذا ؟

تقصد بذلك ان نتزوج ونمارس حبنا كما نشاء

لا ياعشيقتي ليس الامر كذلك

كيف؟ دعينا نمارسه دون ان يكون بيننا قيود

إذن المسألة هكذا.. وتتهمني بالشقاوة ايها الشقي

لا عليك انت شقية وانا شقي كلنا اشقياء

وأنا قبلت الصفقة

نقول مبروك إنتظر قليلاً الا ترى ان نتزوج

أي زواج ايتها الشقية

الزواج الذي تعرفه ايها الشقي

ليس الامر كذلك ياعزيزتي.. دعينا نُمارس الحب قليلا ثم اقرر ماالذي علي ان افعله

اليس ذلك تجربة مُخيفة

هل افهم من ذلك أنك جاهلة بطقوس الحب

صامته

اعذريني.. لا اكاد ان اصدقك.. بالله عليك الا تعرفين الحب

اعرفه افضل منك.

إذن هل تقبلينني تلميذاً صغيراً يتعلم فنون الحب

قبلتك ايها التلميذ الشقي

لدي سؤال ايتها العاشقة الولهانة

تفضل هل عشيقتي بكراُ ام ثيبا؟

بصوت يشبه الهمس.. إنني متزوجة

صامتاً الا ترغب في هذا؟

لا بأس هل لي ان اعرف اين هو الان؟

دعك منه فهذه الامور لن تهمك

افهم من ذلك انك تحبينه؟

كنت

والأن

هو نكرة في حياتي

الهذه الدرجة وصلت العلاقة بينكما

هو الذي رغب في ذلك

لم افهم

هو في طريق وأنا في طريق

كيف؟

هو يبحث عن متعه وشهواته

هو فقط!؟ وانت

لا أدري؟ الا ترى انك اتعبتني بكثرة اسئلتك؟

سامحيني ايتها العاشقة،لدي سؤال اخير، هل يعرف انك تتحدثين مع الرجال!؟

نعم يعرف والأن هو يعرف ذلك

ماذا!؟

مابك هل انت خائف؟

أرجوك انا لا اريد المشاكل

لا تخف هو جبان جدا

يالك من شقية خطيرة

وانت شقي وخواف

لا اخفي عليك انني خائف،اين هو الان

قريب جداً، يعرف كل شئ وانني اتكلم مع رجل

إذن هو ديوث

سميه ما شئت،دعني الان

إنتظري لم انتهي من حديثي معك

سوف اهاتفك غداً في نفس الوقت الساعة العاشرة ليلا

وانا في انتظارك

أغلق السماعة وأخذ احدى المجلات التي بجانبه،كان على غلافها إمراه في كامل زينتها وتبذلها، أخذ

يتأملها بعينين نهمتين ..أفاق من تأملاته على صوت فتح الباب اعقبه دخول زوجته وشقيقها خلفها يحمل

ابنتها وهي نائمة،أخذتها منه ذاهبة الى غرفتها ووضعتها على سريرها بينما إتجه شقيقها اليه ملقياً عليه

التحية، دعاه للبقاء لتناول العشاءلكنه اعتذر واتجه مغادراً بخطوات سريعة ، جائت وجلست بعيدة عنه،أخذ

يُقلب في المحطات الفضائية ولا زالت المجلة في يده إستقر رأيه على محطة محلية،طال الصمت بينهما

ألقى المجلة من يده

تناولتها متأملة صورة الغلاف..نظرت اليه قائلة:جميلة اليست كذلك

استمر في صمته

كم دفعت ثمناً لها؟

ثلاثون ريالا

جمال مُغري لعله هو الذي شجعك في دفع هذا المبلغ الضخم في بضع وريقات لا تُساوى شيئا

لا انكر انها جميلة ولكنك اجمل منها

صحيح!

وهل لديك شك في ذلك؟

ألقت الجريدة من يدها وقامت متجهة الى غرفة النوم.. لحِقها ثم اغلق الباب وراءه بهدوء..ناظراً اليها:

رابية حبيبتي

نعم

هل انت غاضبة علي؟

من قال هذا أنني راضية عنك جداً جدا

أخذ يعبث بخصلات شعرها قائلاً:ارجوك دعي عنك اسلوبك هذا في الكلام..

هربت منه مرتمية على السرير رامية الغطاء فوقها مدبرة بوجهها عنه قائلة:أرجوك انا متعبة دعني انام

حسناً انت وشأنك غادر الغرفة مغلقاً الباب وأخذ يتجول بين الغرف لفت إنتباهه وقوف الخادمة بجانب

السياج الخشبي للدور العلوي، عند رؤيتها له قالت: هل يرُيد سيدي شيئا اشار بيده قائلاً: اذهبي لغرفتك لا

اريد شيئا،إتجه الى غرفة ابنته وقف بجانب سريرها يتأملها وهي نائمة، رجع بعدها الى غرفة التلفاز،جلس

على الاريكة وأشعل لفافة تبغ وأخذ يمارس هوايته بالتنقل بين المحطات الفضائية، خفق قلبه عندما رن

جرس الهاتف أخذ السماعة.. من؟

أرجوا المعذرة هل رابية موجودة

إنها نائمة هل تُريدين أن اوقظها لك؟

شكراً لا داعي لذلك سوف أتصل بها غداً إن شاءالله.

قام بالاتصال على صديق له..مرحبا

مرحباً عامر أين انت نحن مجتمعون لا ينقصنا سواك

دقائق وسأكون عندكم.

كانت ساعة الحائط تُشير الى الثامنة مساءاً عندما فرغا من طعام العشاء،اتجه الى غرفة التلفاز وأخذ يقُلب

في المحطات الفضائية واتجهت هي الى غرفتها وألبست ابنتها الصغيرة، تمددت على اريكة في الصالة

وابنتها واقفة بجوارها تتأمل الدموع التي في عينيها قبلتها قائلة:أمي لماذا تبكين هل اغضبك أبي..

إكتفت بالنظر اليها لكن الطفلة أخذت تُحملق في وجهها بحيرة، ضمتها على صدرها بهدوء قائلة: لا يابنتي

لم يغضبني لكني ابكي من ألم في رأسي..

هل أتي لك بالدواء الذي تستعملينه عندما يؤلمك رأسك؟

لا ياحبيبتي سوف أخذ منه فيما بعد

نادى عليها بصوت أجش ورائحة لفافته تتسلل الى الصالة…رابية أين انت هل أتي وأجلس معك أو تأتي

إلي هنا ؟..

لم ترد عليه

رابية الا تسمعيني

بل سمعتك ولكن دعني أرجوك

أنت وشأنك، نجلاء تعالي

نظرت الطفلة اليها..هل أذهب

نعم أذهبي أليه

ركضت الطفلة صوب الغرفة المُعبقة برائحة الدخان وقامت بمعانقة ابيها ملتقطة الجهاز من يده وأخذت

تُقلب في المحطات، تركها أمام الجهاز واتجه إلى الصالة،جلس بجوارها وأخذ يهمس في أذنها..حبيبتي

رابية ألا تعترفين أنني احبك؟

صامته

بالله عليك دعي عنك هذا الاسلوب في الحياة ودعينا نتمتع بحياتنا،أرجوكِ لا تكوني سبباً في تعاسة ابنتنا

نظرت اليه قائلة: ماالذي تُريد ان اعمله

آه أخيراً تكلمت..أُريد أن يكون أسلوبنا في الحياة واحد

لم أفهم ؟

أنت تعرفين جيدا

إعتدلت في جلستها قائلة له: حسناً أتي اليك لأعيش اسلوبك في الحياة أم تأتي لتعيش معي أسلوب حياتي

ألست تقولين دائماً لتلميذاتك أن على المرأة طاعة زوجها فهو جنتها ونارُها

ضحكت بعمق قائلة له: أفصح عما تُريد قوله أيها الزوج المُخلص..

ماذا تقصدين بكلمة مُخلص ..

ماالغرابة في ذلك أقصد أنك مُخلص.. وهل تشكين في إخلاصي لك..

لا ياعزيزي لا أشك في ذلك البته.. بل أعترف انك تُحبُني أشد من حُبك للفافة تبغك هذه ..

أراكِ عدتِ الى أسلوبك الذي اعرفه في الحديث معي، كلما أردت التفاهم معك لوضع الحلول لحياتنا

المزدوجة تُخاطبينني بالألغاز والكلمات المُبهمة.. رابية إرحمي حُبي لك إكتفت بالنظر أليه وهي صامته

رابية حبيبتي الجميلة لا تقتليني بصمتك هذا

وماالفائدة في نقاشنا لهذا الموضوع هل تعرف اننا لكثرة تردادنا له قد اهترئ،هل نسيت اننا نتناقش فيه منذ

زواجنا

إصرارك وعنادك هو سبب ذلك كله

هل تصدق ياعامر أنني بدأت اقتنع انني لن أستطيع أن أُغيرك إلا اذا شاء الله، قد تأكد لي أنك مؤمن

بأسلوب حياتك الذي تعيشه، كم انت مُعجب بحسن صنعتك

ماهذا الكلام أرحميني أيتها الواعظة الخرقاء ألم أقل لك انه لا يحلو لك الكلام معي إلا بالألغاز والعبارات

المُبهمة حسناً أعدُك انني لن أتناقش معك في هذا الموضوع مرة أخرى.

وضحي كلامك

لن تفهمني ولن أفهمك وهي النتيجة المعروفة مُسبقا كلما طرحنا موضوعنا المهترئ هذا للنقاش

قام من أمامها ممسكاً برأسه راكعاً على ركبتيه أمامها مقترباً بوجهه من وجهها وأخذ يُخاطبها بعنف.. أيتها

المرأة الجامدة هل تشعرين بالمتعه وانت ترينني أتعذب معك في حياتي

لا أدري من منا يتعذب، أرجوك دعني لوحدي

قام من أمامها واتجه إلى غرفة النوم مُغلقاً الباب وراءه، إستلقى على السرير وأشعل لفافة تبغ

ركضت لصغيرة صوب أمها وجلست بجوار قدميها ناظرة اليها بعينين ينفذ منهما الحيرة والخوف قائلة

لها:أمي لماذا أبي يصرخ هكذا..هل انت غاضبة عليه ؟

أكتفت بالنظر اليها والشرود يكسو ملامحها

أمي هل انت غاضبة عليه لأنه يشرب السيجارة ولا يستعمل الفرشاة ومعجون الأسنان

إبتسمت اليها إبتسامة باهتة ولم يزل الحزن مُلقياً بظلاله الكئيبة على وجهها

فتح باب الغرفة وخرج ومن خلفه رائحة التبغ،ألقى نظرة عليها وعلى ابنته،جلس بجوار ابنته معطيً أياها

صفحة خده لتطبع عليها قُبل ..تأملت خده قائلة له:أبي هُناك شعرات بيضاء،..

خاطبها بحنق قائلاً : مالك ولها..قبلة هيا، طبعت قُبلة باردة على خده

إقترب بوجهه من وجه زوجته مبتسماً ابتسامة عريضة يفوح من خلالها رائحة التبغ، أخذ يُغني لها.. من

حبوبي أنا.. رد علي وقول، نفضت يداه عنها ناظرة اليه بعينين مليئتان بالكراهية والقرف والاشمئزاز

واتجهت لغرفة النوم مُغلقة أياها بشدة خيم صمت موحش عليه وعلى ابنتها التي أخذت تنكت في الارض

بأ صبعها حيناً وناظرة اليه حيناً أخر

خاطب ابنته قائلاً:مارأيك يانجلاء في أمك

إكتفت بالنظر أليه وهي في صمتها وحيرتها

قامت بفتح الباب ثم قامت بسحب أبنتها لداخل الغرفة مُغلقة الباب، لم يطل مكوثها داخل الغرفة غادرتها وقد

إرتدت هي وابنتها ملابس الخروج، غادرت المنزل مُغلقة الباب ورائها

كانت الساعة تُشير الى العاشرة مساءاً بعد مغادرة زوجته وابنته المنزل بحوالي ساعة وذلك عندما رن جرس

الهاتف، كان مستغرقاً في مشاهدة محطة فضائية.. رفع سماعة الهاتف ناظراً الى الساعة المُعلقة على

الحائط أمامه دقيقة في المواعيد

هل تُعجبك دقة المواعيد ؟

ليس دائماً ولكن معك تعجبني

أنت بمفردك في البيت أليس كذلك؟

هو كذلك أيتها المراقبة الجميلة

رأيتها تخرج منذ ساعة تقريبا ومعها ابنتك

تقصدين من؟

رابية حبيبتك

صامتاً

هل ان اعرف من صمتك انها حبيبتك

نعم أنني أُحبُها

هل تعتقد أنني سوف أغار منها

بدأت أشعر بذلك

أنت مخطئ يجب عليك أن تُحبُها إنها زوجتك

صامتاً

أُصارحك القول أُقدر فيك إخلاصك لها

أتهزئين بي أيتها الشقية ذات الصوت الجميل، سبق وأن عقدت إتفاقاً بيني وبينك وأفهمتك انها حبيبتي

وأنت عشيقتي

لا زلت أذكر ذلك الاتفاق وسوف أحرص علي تنفيذه بكل إخلاص، لكن الا تظن إنك بذلك تُعرض حبك معها

للضياع بسبب علاقتي معك

كيف ؟

وهل تعتقد أنها سوف تكون سعيدة وتطير فرحا إذا عَلِمت بعلاقتك مع إمراة غيرها؟

اطمئنك انها لن تعرف ذلك ولن تطير فرحا

أخشي ان تُصبح يوماً عشيقتك بدلاً من حبيبتك

وهل سيأتي ذلك اليوم ؟

وماالذي يجعلك تظن انه لن يأتي ؟

كم حاولت أن أجعل ذلك ولكني فشلت

لعل العيب فيك

بل منها

كيف؟

هُناك عقبة كؤود تقف في طريقنا

ألم تستطيعا تجاوزها

كانت اكبر مني ومنها

هل لي أن أعرف صفة هذه العقبة الكؤود ؟

ومالكِ انت وهذه العقبات، هذه الأمور تخص حبيبتي ولا دخل لعشيقتي فيها..بالله عليك متى يجمع اللقاء

بيننا؟

لن أقول لك حتى تخبرني عن هذه العقبة الكؤود

الا ترين أنكِ بأسئلتك هذه تُنغصين علينا حُبنا ؟

إذا لم تُخبرني لن أستمر في حُبي معك ولن تراني

حسناً هي تصر على التعامل معي بأسلوب قديم لا يناسب العصر

لم أفهم

يكفيك هذه المعلومة ودعينا نتحدث في أمور أخرى تهمنا

تقصد أنها متزمتة ومُعقدة

تقريباً أما حاولت أن تعيش معها في أسلوبها هذا؟

هل تمزحين!؟

إني جادة

هل أعجبك أسلوبها هذا الذي تعيشه ؟

أي أسلوب؟

أن تكوني مطوعة مثلها

ياساتر إنني أحب الأنطلاق والتمتع بمباهج الحياة ولذائذها

هل هذا الذي دفعك لأقامة صداقة معي؟

نعم

وكيف عرفت أنني أتقمص طبيعتك

عند لقائنا سوف أخبرك

دعنا نعود إلى رابية .. ألم تُحاول أن تغير من طبائعها؟

لم أستطع

هل سافرت معك للخارج ؟

مرة واحدة تشاجرنا فيها سويا

أنت أم هي سبب ذلك؟

وماالذي يهمك في ذلك؟

أريد أن أعرف؟

بالله عليك دعينا من ذلك

ها، هي أم أنت؟

إن ظللت على أسلوبك هذا سأغلق الخط

أعدك أنه أخر سؤال

وعد ؟

وعد

هي السبب لأنني أعرف كيف أعيش حياتي وأتمتع بها

حسناً سافي بوعدي ولن أسألك عنها بعد ذلك

ها متى نلتقي؟

متى شئت أنا حاضرة

أين؟

هل تحب السفر؟

جداً جداً

مارأيك أن نلتقي في الخارج..هل تُحب البحر؟

وماعلاقة البحر بذلك؟

أجبني أولا.. هل تُحب البحر؟

ليس كثيرا أجمل منظر له عندي عندما أراه من بعيد

أيها الجبان سأجعله تحت قدميك مباشرة

وكيف سيكون ذلك أيتها الشقية ؟

حسناً سأوضح لك ذلك..كم كنت أتمنى أن أعيش قصة حب وأنا في سفينة تشق مياه البحر الزرقاء أستمتع

بساعات حُبي مع من أُحبه ونقف ليلاً على سطحها نستمتع ببريق النجوم وظلمة الكون من حولنا (لم تستطع

أن تُكمل من البكاء)

نعم نعم ماالذي يبكيك أيتها العشيقة الحالمة!؟

أنا أسفة ولكنها كانت أمنيتي منذ زمن بعيد لم أستطع أن أُحققها.. أعدك أني لن أفعل ذلك ثانية

أ صارحك القول أيتها العشيقة الباكية أنه قد ازداد غموضك لي

أعدك أنني لن أكون هكذا مرة أخرى وسأغرقك بصراحتي وجرأتي وذكائي

لكني أخشى أن تغرقيني في البحر قبل ذلك

أسمع جيداً أيها العاشق هناك عبارة فخمة ستبدأ أول رحلة لها بعد يومين من مرفأ جدة متجهة إلي مرفأ

ضباء وسوف تتوقف هناك لساعات قليلة ثم تُكمل رحلتها إلى الغردقة سأكون أنا على متنها..

قاطعها قائلاً: إنتظري إنتظري أيتها العاشقة البحرية لم أستوعب ماقلتيه

أفهم من ذلك أنك لن تحقق لي حلمي الجميل إذن لتكن هذه أخر مكالمة بيننا وسأغلق الخط

بالله عليك إنتظري هذا الكلام الذي تقولينه أسطورة

ماذا تقصد؟

أقصد أولاً أنني أخاف من البحر ثانياً لم أفكر يوماً أن أمتطي ظهره بالرغم من حب رابية له والحاحها الدائم

لي ان نسافر في رحلة بحرية وذلك لشدة خوفي من ركوب البحر

هل أفهم من ذلك أنك لن تحقق لي أمنيتي هذه؟

هل أنت جادة فيما تقولين؟

إعلم أن لم توافق على ذلك فستكون هذه أخر مكالمة بيننا

حسناً دعيني أُفكر

بدون تفكير

ولماذا البحر؟ الطائرة أسرع وأجمل

بل البحر أمتع وأجمل هل ستحقق لي أمنيتي هذه أم أُغلق الخط

أمري إلى الله البحر البحر

شكراً أيها العاشق الولهان

عفواً أيتها العاشقة الجبارة..هل أن أعرف كيف سنلتقي؟

إسمعني جيداً السفينة ستغادر مرفأ جدة بعد غد إلي مرفأ ظباء وبعد توقفها ساعات قليلة سوف تُغادر متجهة

إلى مدينة الغردقة عندها سوف تراني وأراك ويحدث أمتع لقاء

حلو مخططك هذا ولكن كيف لي أن أعرفك

عند مغادرة السفينة ميناء ظباء سأبعث لك برسالة موضح فيها رقم قُمرتي وماعليك بعد ذلك سوى الاتجاه

إلي ولا تنسى أن تكون غرفتك في الدرجة الاولى

هكذا

هكذا وهل هناك أبسط من ذلك

لا يالك من بحرية خطيرة، أُصارحك القول لي مغامرات كثيرة مع النساء ولكني لأول مرة أُحس بخطورة

مُغامرة مع إمراه

أعرف ذلك

ولكنك أخطر مني ياصاحبة أجمل صوت سمعته في حياتي

لا أخفي عليك سترى مني أشياء أجمل منها ولكن دعها لوقتها

يالك من عاشقة لعوب

هيا إذن لا تُضيع الوقت إذهب لأقرب وكالة بحرية واحجز على السفينة التي تُغادر مرفأ جدة الي ظباء

والغردقة في أول رحلة لهاً

سأذهب حالاً.. لدي سؤال كيف سيُسمح لك بالسفر بدون محرم؟

ومن قال لك أنني سأسافر بدون محرم.. سيكون معي

من هو!؟

زوجي

نعم!!؟

قُلت لك زوجي

أهلاً أهلاً على مايبدو ترغبين في مشاهدة رجل يُقتل على ظهر عبارة بحرية متجهة الى ميناء الغردقة

المصري وتُلقي جثته في البحر..أسمعي أرفض ذلك وبشدة

أيها الجبان كيف تُريد ان تخاف من زوجي ولا أخاف من زوجتك ؟

ومادخل زوجتي في ذلك هل هي معنا في العبارة

اطمئنك أنه لن يكون معي في العبارة؟

ماهذه الألغاز لا أفهم شيئا وضحي لي لو سمحتي

هو في جو أخر سيكون معنا ولكنه مشغول بعشيقته ولو رأني معك لن يفعل شيئا

إلهذه الدرجة هو ديوث

أرجوك لا تسبه هو يُحبُني

ماأقذره

دعك منه..ماذا قلت؟

هل أنت متأكده انه لو رأنا سوياً لن يفعل شيئا

أؤكد لك ذلك،نعم سيجمعنا مكان واحد ولكنه سيكون غارقاً مع عشيقته

أمري إلى الله.. الله يستر

سأتصل بك غداً لأخذ منك رقم قُمرتك ولا تنسى ان تحجز في الدرجة الاولى

هيا مع السلامة

إنتظر أُريد منك خدمة هل تستطيع أن تؤديها لي

بدون شك ماهي

أُريد شيح

ماذا!شيح؟

نعم شيح

تقصدين الشيح الشيح ليس غيره

نعم الشيح ليس غيره ماالغرابة في طلبي هذا

أُصارحك القول إنه طلب غريب..لماذا الشيح

صامتة

بالله عليكن ماقصتكن مع الشيح ايتها النساء

ماذا تقصد؟

حتى زوجتي رابية تُحبه وتشرب منه كثيرا شيح.. شيح سأتيك به فلدينا منه الكثير في الثلاجة

هيا سأغلق الخط قبل أن تأتي حبيبتك ولا تنسى ماطلبته منك عشيقتك سأتصل بك غداً في مثل هذا الوقت

لأخذ رقم القُمرة،أكثر من الملابس الثقيلة فنحن في الشتاء كما تعرف

هيا مع السلامة

أغلق سماعة الهاتف وتمدد على الأريكة مشعلاً لفافة تبغ وأخذ يُقلب في المحطات الفضائية إعتدل في

جلسته عندما سمع صوت المفتاح يدور في ثقب الباب

دخلت متجهة لغرفتها وانطلقت الطفلة صوب أبيها الذي كان مشغولاً بمراقبة فقرة فضائية عارية، لم تنتبه

الطفلة للفافة التبغ التي كانت في يد أبيها فالتصقت جمرة اللفافة في خدها الغض،جائت تركض على إثر


صرخة أبنتها المُفزعة وجدت الاب يحملها ويقوم برش الماء على موضع الحرق،أخذتها منه واتجهت بها

للمطبخ، أخذت مرهماً من الثلاجة وقامت بدهن مكان الحرق، بعدما هدأ بكاء الطفلة قليلا حملتها واتجهت

بها الى غرفة النوم، أخذت تمسح على رأسها لتساعدها على النوم والتخفيف من ألم الحرق، خيم على

المنزل صمت موحش قطعه صوت منخفض قادم من غرفة التلفاز، كانت مستغرقة في التفكير ولازالت يدها

تمسح على رأس أبنتها التي كانت ترتجف رجفات متقطعة يعقب ذلك بكاء ونشيج ثم تعود للنوم، سكبت

عبراتها في صمت قاتل لم يعكره سوى صوت نسائي متسللاً قادما من أحدي المحطات الفضائية

يقول..طيبين وحلوين.. وبنحب، أعقب ذلك صيحة بدرت منه دون شعور: ياروحي..شعر بعدها بالخجل متذكراً

أنها بالبيت وقريبة منه تسمعه، قام من مكانه مطفئاً الجهاز،أتجه إلى غرفة النوم، إقترب منها مُلقي نظرة

على ابنته، همس بصوت أجش..ماهذه الظلمة هل تسمحين أشعل النور؟

لم ترد عليه

أشعل المصباح واتجه للطرف الأخر من السرير ملقياً نظرة على وجه ابنته..لونها يميل إلى الأصفرار أليس

كذلك؟

لم ترد

إتجه إلي ناحيتها وقام بالمسح على شعرها الناعم،أخذ كُرسي وجلس بجوارها هامساً لها بصوت يشبه

الفحيح:أيتها الحقود

بقيت مسترسلة في حزنها وصمتها

هامساً لها: صدق من قال الحب عذاب أشعل لفافة تبغ وأخذ ينفخ الدخان بعصبية ظاهرة

نهضت بغضب وأشعلت جهاز التكييف بالرغم من برودة الجو رجعت تُريد النوم جوار أبنتها عندما وضع

قدمه على السرير مانعاً إياها، تركته وجلست على كُرسي جوار المرآة واضعة رأسها بين يديها

رمقها بنظرة إحباط وغضب مُغادراً وأغلق باب الغرفة بعنف أيقظت ابنته من نومها التي جلست تراقب أمها

وهي تبكي في سكون، لمست موضع الحرق بيدها ثم عادت محاولة إكمال نومِها، فتح باب الغرفة مُطلاً

برأسه قائلاً:إسمعي سوف أُسافربعد غداً إلى مصر لدي بعض الأعمال هُناك حضري لي الشنطة وأكثري من

الملابس الثقيلة هل سمعتي، أغلق الباب تاركاً إياها غارقة في حُزنِها

قبل الغروب بقليل كانت قد إنتهت من إعداد حقيبتها، ذهبت أليه في غرفة التلفاز قالت له وهي واقفة على

باب الغرفة..سأذهب هل تُريد مني شئ؟

هل حزمتي لي حقيبتي ؟

نعم

البذلة الرمادية

في الحقيبة

الكاروهات

في الحقيبة

المعطف الأزرق الذي اشتريته من لندن

في الحقيبة..هيا إني ذاهبة

مع السلامة

مع السلامة عندما إقتربت من باب المنزل ركض باتجاهها ووقف أمامها ساداً الباب بظهره،قام بحمل ابنته

وأخذ يُقبلها.. نظر إلى زوجته قائلاً:ألا تودعيني

تحاشت النظر أليه قائلة : أتمني لك رحلة ممتعة

هكذا

صامتة

ها ألا تودعيني

قلت لك مع السلامه

أنتي حرة، متى ستقلع طائرتكم إلى الرياض؟

بقي ساعتين على موعدها أرجوك لا تأخرنا

هل أخبرتي أختك بمجيئكما أليها؟

نعم .. هل هناك شئ أخر؟

من سيذهب معكما؟

أخي عاصم أنه ينتظرنا الأن


إنطلق صوت منبه أخيها عاصم يستحثها على الأسراع

حسناً عندما أتي سأحاول المجئ اليكم في الرياض، لن أغيب أكثر من عشرين يوما

عشرين يوماً فقط لماذا هذا الأستعجال نصحيتي لك أن لا تتعجل تمتع بوقتك قدر إستطاعتك

نظر أليها بعينين وقحتين قائلاً:أي وقت أستمتع به.. رابية لا تُكلميني بهذه الطريقة أرجوك

أزاحته من أمامها بهدوء ثم غادرت المنزل ممسكة بيد أبنتها، عندما هم بأغلاق الباب سألها أن تسمح له

بأن يأخذ الشيح الذي في الثلاجة

التفتت أليه بتعجب قائلة: منذ متى الشيح؟!

ليس لي ولكنه لصديق لي في مصر رجل أعمال أوصاني أن أتي له بشيح

لم ترد عليه وانطلقت راكضة مع درجات المنزل الى أخيها في السيارة التي إنطلقت بهما صوب الشمال.

رجع إلى الثلاجة مُلقياً نظرة على الشيح رأه اخضراً طازجاً،أخرجه من الثلاجة ناظراً أليه وكأنه يراه لأول

مره،أخذ يشمه بعمق وبمتعة، قام بوضعه داخل كيس وأودعه حقيبه سفره. قبل أن ينتصف الليل بقليل رن

جرس الهاتف، رفع السماعة، عندما سمع صوتها صاح بانفعال قائلاً: أينك ظننت أنك لن تتصلين بي لقد

تأخرتي

لا تغضب هاأنا إتصلت.. هل أنت لوحدك

لقد سافرت

حسناً أين أنتي الأن؟

قريبة

هل زوجك موجود؟

نعم إنه يسمعني وأنا أتحدث معك

غريب هذه الرجل ألا يغار

ضاحكة.. لا أخاف منه إنه جبان

إذن أنتما متفقان فيما بينكما

تقريباً كذلك هو أيضاً له مغامرات

أُصارحك القول لم أستوعب ذلك

لماذا؟

أعتقد أن هذا يُخالف الفطرة

إنني أراها قسمة عادلة

يالك من فيلسوفة طائشة

يالك من أناني متسلط

ولماذا هذا التجريح أيتها الشقية

لأنك لاترضى أن تطلق حرية حبيبتك رابية كما أطلقتها لنفسك

ومن قال لك أنها تُريد أن تكون مثل.. لم يُكمل

تقصد أن تكون مثلي

ليس هكذا بالظبط أقصد هل تريدين أن أكون مثل زوجك

ولماذا لا تُريد أن تكون رابية مثلي

أنا رجل وهي إمراه

وزوجي رجل وأنت رجل

بل هو ديوث وأنا رجل

ضاحكة.. دعنا من ذلك وأخبرني هل رتبت الحجز

كل شئ جاهز رقم قُمرتي (41) في الدرجة الاولى

جيد،إذن سنلتقي بعد أن تتجه العبارة الى الغردقة مُبتعدة عن مرفأ ظباء

بالله عليك قبل أن نلتقي في البحر مارأيك لو تأتين إلى الليلة سوف أُفرجك على كابينة لي في البحر جميلة

جدا، سوف أجعل الطباخ هناك يشوي لنا سمك واستكوزا.. هل تحبينهما إني أُحبهما جداً.

لا تكن عجولا بعد يومين سنلتقي،هيا سأغلق الخط فأمامي عمل كثير قبل السفر أياك أن تنسي الشيح هيا مع

السلامة

إنطلقت العبارة الفخمة في أول رحلة لها إلى مدينة الغردقة من ميناء جدة عن طريق ظباء، كان واقفاً

بالقرب من سياج العبارة يرقب مدينة جدة وهي تبتعد عن ناظريه من خلال هواء رطب يميل قليلاً الى

البرودة، بعدما أقبل الليل أخذ يتجول داخل العبارة متجهاً بعد ذلك الى المطعم، بعد تناوله العشاء إتجه إلى

قُمرته ليمضي فيها ليلته وصلت العبارة الى ميناء ظباء في اليوم الثاني، كان الجو بارداً والسماء تتخللها

غيوم سوداء ، وقف على سياج العبارة يراقب نزول ركاب ظباء وصعود ركاب الغردقة، أمضت العبارة بضع

ساعات قليلة في وقوفها تحركت بعده مبتعدة عن رصيف الميناء، رجع إلى قُمرته وأغلق الباب أشعل لفافة

تبغ وجلس جوار النافذه يرقب مرفأ مدينة ظباء وهو يبتعد عن ناظريه، ، لم يمكث كثيراً حتى طرق الباب،

عندما فتحه وجد أمامه أحد أفراد طاقم العبارة حياه وناوله خطاب وكرتون صغير، أغلق الباب راجعاً الى

مكانه جوار نافذة القُمرة فض الخطاب وأخذ يقرأ :

(( إلى من يستحق الرجم))

يجب أن تعلم جيداً أنه ليس لي قُمره لأنني لست على هذه العبارة ولن أكون عليها إلا إذا شاء الله

أُصارحك القول كم تمنيت وكم كنت أحلم أن أكون معك على ظهر أي عبارة بل على أي قارب ولكن لم يشأ

الله لي ذلك،كُتب علي أن تفوتني هذه الرحلة التي كُنت أتوق ان أكون على ظهرها، فاتتني هذه الرحلة كما

فاتني الكثير من رحلاتي معك، لن أندب حظي فاالله اراد لي ذلك لم أكن اعلم أنك على هذه الدرجة من الغباء

لم تلاحظ اني لا أتصل بك إلا عندما تكون رابية خارج المنزل لن أُعاتبك الذي بيننا أكبر من ذلك بكثير.. أعلم

أنني إمرأة حره مسلمة والفراق بيني وبينك بيدي وحمداً لله على ذلك، لم أكن أتمني لك أبداً هذا الموقف

المُخزي المُحرج ، كم أمُهلت من الله، لن أدع حيرتك هذه تطول،إذا أردت أن تعرف من أنا أخرج الجهاز

الذي في الكرتون وأوصله بالكهرباء حرك المؤشر على الجهة اليسرى قليلاً قليلا سوف تتمكن عندها من

سماع صوتي الناعم الذي أوقعك في شباكي ألذي أريده منك عند عودتك أن تُطلق سراحي، هل عرفت ماذا

أُريد، أود إحاطتُك أن جميع المكالمات التي تمت بيني وبينك مُسجلة والاشرطة موجودة لدي ... أتمنى لك

رحلة سعيدة ولا تنسى أن تتناول من شراب الشيح أنت ومن تُحب من نسائك اللاتي فضلتهن علي أِخيراً إتجه

لسياج العبارة قبل أن تبتعد عن الميناء إن إردت أن تراني للمرة الاخيرة

المطعونة في كرامتها ... رابية

وما أن انتهى من قراءة الخطاب حتى غادر قُمرته راكضاً وأخذ يصعد درجات العبارة بسرعة وعند السياج

ألقى نظرة على المرفأ،فوجدها برفقة أخيها عاصم وابنتها واقفون بالقرب من سيارتهم في الساحة، ركض

عائداً إلى قُمرته وارتمى على السرير،أخذ الجهاز من الكرتون وأوصله بالكهرباء وأخذ يحرك المؤشر الى

اليسار وهو يردد رابية رابية فجائه الصوت الناعم ...صوت حبيبته الشقية.

تأليف(( العبد الفقير )) عبدالرحمن بن سعود الشويعر ...

.................................................. .................................................. ..

القصة السابعة (( عروس من أفغانستان))

.....مر العلج أمام بيتهم المبني من الطين .. نظرت إليه الطفلة عائشة التي لاتتجاوز السادسة من عمرها ..

حياها بوضع إصبعية على جبهته من تحت خوذته الكبيرة ، لم تأبه لتحيته ، فكانت مشغولة بالنظر إلى

قمم الجبال التي يكسوها الثلج ..

مزق السكون صوت طائرات تطير على إرتفاعات شاهقة .. كان اليوم الثالث لدخول العلوج الكافرين ..

قامت الأم سريعاً من فوق وعاء الغسيل واتجهت إليها .. قامت بسحبها من أمام الباب وأغلقته ..

رجعت تكمل عملها وهي تنظر للسماء ترقب الطائرات التي تحلق على إرتفاع شاهق ..

وقفت بجانب أمها تراقبها وهي تعصر قطعة من الملابس قائلة : متى سيعود أبي ؟

لم ترد عليها وتشاغلت عنها بالغسيل .. جاءت الجدة وجلست جوار زوجة ابنها : هل أساعدك ؟

أوشكت على الإنتهاء ..

هل جاءت أخبار عنه ؟

نعم ..هو قريب منا ويتحين الوقت المناسب ليلحق بإخوانه المجاهدين هناك في الجبال ..

رأت إبنتها واقفة على الباب تنظر إلى الجبال البعيدة ..

عائشة ..هيا أغلقي الباب وتعالي هنا ..

جاءت وجلست جوار جدتها قائلة : متى سيعود من تلك الجبال ؟

حضنتها مخفية دموعها عنها : سيأتي قريباً إن شاء الله ..

عادت الطائرات تمزق السكون وقد أنخفضن كثيراً ..

راقبت الأم والجدة الطائرات بقلق، أما هي فقد ركضت لداخل الغرفة الصغيرة

ونزلت تحت سريرها الخشبي القديم ..

إنقطعت أصوات الطائرات ..خرجت من تحت سريرها واتجهت لصندوق خشبي

كبير وأخذت تبحث داخله .. رأته في قاع الصندوق ، أخرجته وقامت بنشره على الأرض

وأخذت تتامله بشوق ، فتر ثغرها الصغير عن ابتسامة ..ركضت إلى إمها قائلة : أمي ، سوف

أتزوج أبي ..

ضحكتا الأم والجدة .. نظرت الأم إليها بشوق قائلة : ولكن ذلك ياعائشة لايجوز ..

تأملت امها وقد بدا من خلال عيناها الواسعتان الحيرة : مثلما أنت تزوجتيه

سأتزوجه ..ركضت راجعة إلى داخل الغرفة الطين الصغيرة وأخذت تتأمل ثوب

عرس أمها الذي نشرته على الأرض .. قامت بارتدائه سريعاً ووقفت على باب الغرفة

تنادي أمها : هذا ثوب عرسي

نهرتها الأم : عائشة أرجعي الثوب إلى مكانه سريعاً ..

تأملت أمها وقبل أن ترد عليها ..مزق السكون مرور طائرة عقبها صوت انفجار

كبير أطاح بمعظم بيوت الحي القديمة ، وكان بيت عائشة وأمها وجدتها من ضمن هذه البيوت ...

جاء مهرولاً دموعه تسبقه وقد نسي الخطر من مجيئه .. وأخذ ينبش الطين المتهدم باحثاً عنها فلم يجدها

وجد أمه وزوجته ولم يجدها .أكمل عمله ومن خلال رفع باب الغرفة وجدها ميتة .. كانت

ترتدي ثوب العرس وعلى وجهها الصغير بقية إبتسامة لم تفارقها..

(( العبد الفقير)) عبدالرحمن بن سعود الشويعر

.................................................. .............................

القصة الثامنة ...(( مسيمير ....أبشششر بسعدك))

...اتجه للموظف الجالس أمام المكتب في ذلك المبنى الضخم .. كان يتصبب منه العرق ، وبقايا بعض

أوراق الخضرة عالقة على شماغه... ارتمى على أول مقعد قابله ، محاولاً إلتقاط أنفاسه من خلال الهواء

البارد المكيـّف... ناظراً للموظف: الشيخ .. فيه ؟

الموظف مبتسماً ببرود : - موجود يامسيمير .. يا أخي أنا داير أعرف إيش القرابة اللي بينك وبين الزول ،

قصدي الشيخ بتاعنا .. والله يا أخي أنا متعجب ، إنتا الوحيد اللي مايقدر يصرفك .. أنتم قرايب ؟ .. والله

ومن بَراك يازول وباراني .. داير أول مايسمع أنو مسيمير جا ، وينقلب قلب ..

بلاك ماتدري وش اللي كان بينا .. إيه يقرب لي لكن قرابة بعيدة .. لكن أيام الفقر والجوع عشناهن

سوا .. وسبحان اللي معطي ..

أيي سبحان العاطي يازول .. شوف هوا فين وانتا فين .. كلمة في سرّك بايع أرض إمبارح بستين

مليون .. وشوف إنتا داير واقفلي قدام المساجد تبيعا خضرا وحبحب..

- أقول ، باللي يرحم أبوك شوف لي اياه ، ترى راسي مستديرة من الحر..

- أبشر يامسيمير.. - سبحان الله صرت مادخل عليك يابو راشد إلا بإذن !! ...

- اتفضل يامسيمير ..

- هلا ..هلا ..هلا بمسيمير .. ماتجينن إلا وأنا مشغول ..

- الشكوى لله يابو راشد ..

- وش هاللي على شماغك وعلى عقالك ؟!! ..

- إيه ..هذا ورق جرجير وبقدونس .. شريتلي بيعة هالصبح من الحلقة ..

- ماشوفك بهاك الشارع اللي كنت تاقف عنده؟ - جونا البلدية وطردونا.. هالحين أقف عند مسجد بسوق

الديرة ..

الله يحييك والله يامسيمير ... ها وش عندك ؟ .. عجّـل عندي عقب شوين اجتماع مع رئيس مصنع الاسمنت

- هذي طردة والا وشّو يابو راشد ؟

- أفا يامسيمير .. هالحين عقب هالعمر إللي بيننا وهالسنين تقول هاكلام ؟!! ..

- أقول خلّـك من الكلام اللي مابه ثمرة .. أنا جايك بأرضك الكبيرة اللي بطريق المطار .. فيه زبون يبيها .

- أي أرض يامسيمير ؟ .. والله إنك مهبول ..عسى ماهي الجمبو ؟؟ ..

- جمبو !! .. وشو جمبو ؟؟!! .. أقولك أرض تقول لي جمبو!!. .مادري إن ماكانك تبيع طيارات .. ، ماهي

بعيدة عنك.. السمنت ودخلت به .. الكهرب ودخلت به .. المطاعم ودخلت به .. المخططات ودخلت به..

- شف يامسيمير ، لاتقلب راسي ، أنا مشغول وهالحين طالع .. يالله إخلص ، تراك دبلته..

- أنا اللي دبلته يابو راشد ؟ .. مايخالف .. خلنا بموضوعنا .. أنا أكلمك على أرضك الكبيرة إللي على

طريق المطار ..

- إيه عرفتها .. اسم الله الرحمن الرحيم .. وش درّيك إنه لي ؟!

- مافي شي يخفى يابو راشد .. أقول عندي له زبون ..

- ومن إللي قالك إني أبيعها ؟ .. والله إنك مهبول .. أنا أبيع الجمبو ؟؟!! ..

- بعد ومسميها جمبو ؟!! .. أبو حيك انفعن ببيعه .. شايف حالي وعذابي ، وماعمرك نفعتن .

- أقول أخلص يامسيمير .. ترى موعدي قرب ..

- ماعندي غير هالكلام .. عندي زبون لها ..

- إنت ماتفهم ؟؟!! .. أقولك ماهي للبيع .. أنا ماني محتاج .. الله لايقولو أبيع الجمبو .. - هذي أبخليها

لتالي عمري لي ولعيالي ...... وش دفع زبونك هذا؟

- دفع به خمسين ... - وشو خمسينه ؟

- خمسين مليون .. خمسين أرنب على ماقالوا المصريين ..

- أبو حيك مدفوع به سبعين مليون ومابعتها..

- ياخوي مامن بعد خمسين وإلا سبعين .. ماهن بعيدات ..

- مسيمير باللي يرحم أبوك لا عاد تفتح لي سيرة بيعات ..

- يالله ..الله لا يحيجنا إلا لوجهه .. - شف وأنت خارج ، خل " السر " يعطيك تنكة من تنك التمر .. جانا

قبل يومين من الديرة . - تنكة تمر !!!!!

- مسيمير .. مسيمير .. يازول .. في تنكة تمر هنا يقول الشيخ تاخدها معاك ... - خله عندكم .. أبدوّر لي واحد

ذابحه الجوع وأرسله عليكم ياخذها....


*** - سر .. سر .. وين رحت ؟ ..
- أنا هنا .. شنو يامسيمير .. إنتا لسه مامشيتا ؟!! ...

- الونيت عيّا يشتغـل .. البطارية له يومين متعبتني ..

- استنى أشوفلك اشتراك ...

- شغـّل ؟؟ ...

- ماش مافي فايدة .. لازم أجيب بطارية جديدة ...

- مسيمير .. شوف .. شوف .. الشيخ طلع .. رايح لشركة الأسمنت .. فيه شيك هناك بسبعة مليون رايح

يستلمه ...

هه مسيمير ... لسه مامشيت ؟!. وش فيه الونيت ؟؟ ...

- الونيت انتهى عمره من زمان يابو راشد ...

- خلك معه يالسّر ، ترى مسيمير حبيبنا ... يالله ، أي خدمة يامسيمير ؟ .. تامر على شي ؟..

- سلامتك مانستغني ..

- والله يازول الشيخ دا بتاعنا أونطا .. والله يامسيمير طلع عـّيل .. ياأخي إنتا قرايبينو ..وصاحبه أيام

المره ... أنا .. أنا .. ياأخي لو أنا منو والله يازول ماحلفتاني ، كان داير أجيبلك ونيت جديد واخليك تقسط

قيمته ...

- سر ..

- آي .. -

ما ألقا معك مية وخمسين ريال ؟ .. مافي فايدة لازم بطارية جديدة ..

- والله يازول مامعايا إلا خمسين ريال ..

- كان معي خمسمائة ريال شريت هالخضرة اللي تشوفه . . وإن مابعته عقب صلاة الظهر خربت..

- تعال يازول .. صاحب البنشر دا صاحبي .. نديلو الخمسين والباقي يصبر علينا..

- بيّض الله وجهك يا سرّ ...


*** - السلام عليكم .. - وعليكم السلام .. أهلا ً بمسيمير ..اتفضل يازول .. - هذه الخمسين .. وتراني مريت على
البنشري وعطيتو الميه .. وشبك .. عسى ماشر ؟!!

- مُصيبه ..مُصيبه يامسيمير ..

- أعوذ بالله عسى ماشر ..

- إنتا ماعرفتا ؟

- وش أعرف ؟ أنا توني جاي أابعطيك خمسينك .. والبنشري قروشو وابي امشي..

- الشيخ في المستشفى..

- أفا .. من متى ؟!! ...

- طب ساكت يازول ..

- أفا .. وبعدين ؟!! ..

- كان في البيت مافيهو حاجة .. طوالي شالو للمستشفي ..

- إنا لله وإنا إليه راجعون ..

أي مستشفى ؟

- مستشفى البدري ..

- يالله .. أبي أروح له ..

- استنى يامسيمير .. بس يجي مرزوق المحاسب من البنك وطوالي نروح ..

- أخاف يتأخر ؟ - لا مايتأخر .. حايصدق شيك بتلاتين مليون ويجي طوالي ...

- الله أكبر!! .. ثلاثين مليون ؟؟ ..

- أي .. قيمة مجمع الذهبية السكني ..

- الله يبارك له فيه .

- فين بازول يبارك له فيه؟ .. الراجل ميّت في المستشفى ..

- أعوذ بالله منك يا سرّ .. وش بلاك قمت تفوّل على الرجّـال ؟!..

- بيني وبينك يامسيمير .. في زول صاحبي في المستشفي قال لي الراجل معاهو سكتة مخيّـة ..

( رن جهاز الهاتف .. وعرف مسيمير أن ابو راشد مات )


*** بعد ستة أشهر...
أبناء أبو راشد الخمسة وأختهم وأم راشد يتسوقون في السوق المركزي .. أكبر أبناء أبو راشد يبلغ السابعة

عشر من العمر..

راشد :- يامّه .. يامّه .. شفتي اللي يرص الجحّ في الونيت عند مواقف السيارات ؟

- وين ؟..

- هناك .. هناك .. شوفيه ..

- إيه .. و ش بُه ؟ ..

- تري هذا مسيمير ..

.. ( اقتربت من زجاج السوق .. رفعت غطاء الوجه وأخذت تتأمله ) .. - وهذا مسيمير ؟!! .. والله

ياولدي أحسبه كبير.. هو ماله عيال ؟

.. راشد : لو بنت وولد .. بالعشرين ..

أم راشد : وين حرمته ؟

راشد : مطلقها ..

دخل مسيمير للسوق المركزي واشتري قارورة ماء ، وأثناء مغادرته نادى عليه راشد : - مسيمير ..

مسيمير ..

التفت إليه .. وجده مع إخوانه وأمه .. اتجه إليهم .. - وشلونك يام راشد .. الله يرحم أبو راشد .. تريه

رفيق لنا من مبطي ..

- الله يحييك يامسيمير .. كان دايم المرحوم يذكرك بخير..

- الله يغفر لنا وله ..

راشد لأمه وهم راجعين إلى البيت : كان أبوي الله يرحمه كل سنة يعطي مسيمير تنكة تمر ..

الأم : وهالونيت القرمبع اللي معه ، وشلون يمشي به ؟!! ..

- اسكتي يمه .. وش خلا لنا مواقف سيارات أبوي من بقع الزيت .. مرة خانقه أبوي.. وعقبها ماعاد

يوقف الونيت إلا بجنب البنشري بعيد ..

الأم : إيه طابت علومك ، لاتنزل من السيارة إلا والمقاضي بيدك ، سامع .. خلاص قضينا من

الدلع ..السواقين سافروا وماعندنا سواويق ..

وهي برفقة ابنها راشد والسائق الجديد :- راشد مشتهية بطيخ ... مانلقى بطيخ بهذا .. إن ماكان عثري

لاتشريه ..

- إلاّ يامّه ..أخبر به وانيتات تاقف بهذا .. إلا هذا واحد ... ها .. يامه هذا مسيمير !!

تقف السيارة الشبح جوار ونيت البطيخ ...

- هلا راشد .. وشلونك يابوي ؟..

- هلا مسيمير .. - أمي معي بالسيارة .. ونبي كم جحّـه ..

قام بتنقية بطيختين كبار ، وقام بحملهما للسيارة .. أخرج راشد الفلوس - أفا ياراشد !! .. رح .. رح ..

الله يسامحك .. هذا وحنا أهل وشلون لو ماحنا أهل ؟!! ...

- الأم : والله غير تاخذهن يامسيمير ..

- الله يسامحك يأم راشد ، والله لوما إنك حلفتي فلا أخذهن ..

الأم : وش دعوى .. يكفي وقفتك بهالشمس ..

أثناء رجوعهم للبيت .. الأم : وش بلاك ياولدي ماتقوله ياعمي مسيمير ؟ ..

راشد : والله يامّه من يوم عرفناه وحنا ما نقوله إلاّ مسيمير ..

- عيب ياولدي .. هذا رفيق أبوك .. ورجّال كبير .. كم تعطيه ياراشد من العمر ؟؟..

- هو قالنا هاك المره .. إن عمره خمسة واربعين ..

الأم :- يعني أكبر مني بخمس سنين .. سبحان الله ماهو باين عليه.. وش رايك ياراشد تعزمه يوم ؟ ..

- وش المناسبة يامه ؟ ..

- والله ياولدي حاله يقطع القلب ..

- تصدقين عاد يمّه إن أبوي وش مسميه من وراه ؟ ...

- وش مسميه ؟

- مسميه .. دبلة الكبد ..

الأم : إيه.. أبوك الله يرحمه ماكان يحب إلا القروش وأهل القروش .. ..........

مسيمير يدخل ذاك القصر الكبير معزوماً على الغداء ... بعد الغداء .. أبناء أبو راشد ومسيمير يشربون

الشا ي .. وبعد الغداء بأيام كان العشاء ... وبعد ذلك بأيام ، أبدى مسيمير رغبته بالزواج ... ومن وراء

الباب سأل المملك أم راشد : - هل قبلتي بمسيمير زوج لك ؟ ..

أم راشد : - .. نعم قبلت ..


*** - أطلب تمنى يامسيمير .. ياجمارة قلبي .. عسى ماحد من العيال يزعلك ؟؟ ..
- أبد .. والله ماشوف منهم إلا كل خير ..

- وهالونيت لي متى يبي يبقى بالحوش ؟ ..

- أبد ماهو هينن علي أبيعه .. -

هالحين عقب هالونيتات وهالعمال اللي تحت يدك والسوق المركزي اللي شريتو لك .. متمسك بهالونيت؟! -

أبشري ياوطفه .. مادام هالونيت مضايقك .. أبي أشيله ..

- لا ياعيوني .. على كيفك ...

- وطفه ...

- ياروح وطفه .. - جاين زبون لأرضكم اللي بطريق المطار ...

وطفه : الجمبو ؟؟ ..

- إيه .. الجمبو .. - وش رايك ؟؟ ..

- الرأي رايك .. - خلني أشوف العيال ...

وبعد أيام بيعت الجمبو ، وأخذت وطفه زوجة مسيمير نصيبها ، ووضع الباقي في عقارات لأبناء أبو

راشد ...

وطفه : شف يامسيمير .. هالشيك تراه طالعن من ذمتي بطيب خاطر لك ..

مسيمير ناظراً للشيك بتعجب :- شيك بعشره مليون ؟؟!! ..

وطفه - : وقليل بحقك ياعيوني ..


*** - ماشا الله !! وش هالونيت يامسيمير ؟!..
- أسكت يابو نوره ..الرزاق بالسما ..

- يقولون صار عندك أسواق وعماير ..

- تبي الصراحة يابو نوره .. هذا كله ماهو من قروشي .. هذي قروش أم راشد الله لايحرمني منها.. -

تستاهل كل خير يامسيمير .. أنت رجال أجودي وصبرت كثير على الغـثا والتعب..

- وش أخبار أم نوره ونوره ؟؟ ..

- خلها على الله يامسيمير .. المريرة ( المرارة ) ثايرتن على أم نوره ، وقالوا الدخاتر لازم نشيلها ..

- وليه ماشلتها ؟

- عطونا المستشفي موعد عقب ستة اشهر ..

- وماوديته مستشفى خاص ؟ - إلاّ .. قالوا سبعة ألاف ريال .. وثلاث ألاف ريال تأمين تحت الحساب ..

والله مبلغ كبير ..

- أبو نوره .. قل يالله ترزقني ..

- وحنا لنا مين غير الله .. يالله القروش ناكل به ونشرب وبنزين للسيارة ..

( ويخرج مسيمير دفتر الشيكات) ..

- عشرين ألف ريال يامسيمير .. ومتى أبي أردهن ؟ ..

- وش ترد يابو نوره .. جتك من عند الله ...

ويدور مسيمير على جميع أصدقاء العازة والفقر ويعطي... و وطفه : ( وش تشتهي يابعد عمري)

ويقابل مسيمير ..السرّ في أحد الشوارع وهو يقوم بدفع سيارته القديمة .. ويوقف السيارة الشبح وينزل

يدفع معه ..

السرّ : مين؟ مسيمير !! الله ..الله .. ايش الجَخـّة دي كلها ، والله وراح الجحّ وجا الجَخ .. والشبح دا

تبعك؟؟ ..

- الرزاق الله يا سر ..

- أي والله يازول الرزاق الله ..

- سرّ .. هذا شيك بثلاثين ألف .. رح اشر لك سيارة جديدة ..

- شنو دا ؟!! .. أنا في حلم و إلا علم ؟!!.. سبحان مغيـّر الأحوال .. ماتقولي الفلوس دي من الخضرة

والجح يامسيمير !!! ..

- لاهي من الجحّ ولاهي من الخضرة ..هذي من الله ثم من أم راشد ..

- مين أم راشد ؟

- أم راشد يا سرّ ماغيره .. أرملة عمك أبو راشد ..

- شنو شنو ؟!! أبو راشد ماغيرو ؟!!!!

- إيه ابو راشد ماغيرو ..

والله عجايب يازول الدنيا دي .. ناس تزرع العنب وتحصدوا وتشيلوا على ظهرها ، وناس تاكلو .

(( العبد الفقير)) عبدالرحمن بن سعود الشويعر




--------------------------------------------------------------------------------

لاتقوم الساعة حتى يكون أحظى الناس بالدنيا لكع بن لكع ( لئيم بن لئيم)حديث صحيح


(37 المواضيع السابقة)
عبدالرحمن بن سعود الشويعر 04-6-2007 12:33 38.


عربجي ..... تأليف ( العبد الفقير ) عبدالرحمن بن سعود الشويعر .

( عربجي) كلمة تدعونا إلى أن نقف قليلاً لنسبغ غور نفس بشرية ، طالما ساطها الناس بسوط الدنائة

والخسة والهبوط .. ولعلها باقة من الصفات تجمعت في هذه النفس التي نحن الان بصدد تحليها تحليل دقيق

على نحو غير مألوف ومستغرب في هذه النفس الفطرية ...

عربجي ..عرابجة ... عربجة ... إسم وصفتان أخذت شهرتها من خلال مهنة ، للتعريف بها تلزمنا أن نقف

قليلاً عندها لأننا لن نعرف حقيقتها إلا بفهم الطباع والنيات التي تسبقها ... وذلك يجعلنا حتماً نُلم

بالصفات والطباع ليتضح لنا جلياً الفرق بين نية ونية ، والإختلاف بين كل باعث لكل صاحب مهنة ..

ونعود بعد ذلك كله إلى تفاسير تفترق في تحليلها بين أشخاص عدة ..

حسناً ... يبدو اننا جميعنا متفقون ان مهنة ( العربجة) وشاغلها ( العربجي) تعتبر دون شك عندما

تلامس أذاننا أنها المهنة التي تكون في الحضيض ولا أجد احد يلومنا إذا ماعرفنا أن كثير منا

يود أن يسمع كل نعت ماعدا أن يصفه أحد بأنه ( عربجي) أو من العرابجة ...

لم يعرف العرب قديماً هذا المصطلح ناهيكم أن يكونوا قد عرفوا هذه المهنة ... لأن مصطلح ( عربجي)

ليس عربياً ، وهي لفظة تركية ، وهو وصف صادق لصاحب مهنة إتخذ من عربة يجرها بغل أو حمار

أو حصان كديش سبباً لتعيشه والكد وراء رزقه ...

ولو أردنا إسباغ هذا اللقب على كل من يحمل بضاعة فوق وسيلة لايجرها بغل أو حمار أو غير ذلك من

الدواب، لوجدنا أنفسنا أمام كثيرين من أصحاب هذه المهنة ...

دعونا من ذلك كله وماتحمله هذه المهنة من صفة مقيتة كما تبدو للكثير منا ، تجعلنا نصل في كثير من

الأحيان إلى إمتهان الأخرين من خلال إطلاق هذه الصفة عليه ، ودعونا نعرف حقيقة طبائع وصفات قد

تكون ملازمة لشخص لايمت بتاتاً بأدنى صلة لهذه المهنة ولعلنا نكون قد تجاوزنا وأسرفنا عندما وصمناه

( بالعربجة ) بينما صاحب هذه المهنة بريء كل البراءة منه ... براءة تامة .... تامة ...

..لايملك من الدنيا سوى عربة قديمة يجرها (البغلة جمالات ) التي بلغت من الكبر عتيا ... وغرفة شعبية

متهالكة ...

لم يكن هناك شيء يغريه في الحياة سوى التزود من الطاعات ورعاية إبنته الوحيدة ( سكينة) التي تملك

قسطاً وافراً من الجمال قد ورثته من أمها التي ماتت بعد ولادتها بسنوات قليلة ...

هذا كل شيء في حياة ( بدران ) الذي عُرِف بالعربجي بدران في الحي الشعبي الذي يقطنه ...

في يوم مطير ، كانت أزقة الحي الشعبي الذي يسكن فيه بدران وابنته سكينة ، موحلة ، تسلل بدران

بعربته المتهالكة تجرها البغلة المسنة ... ويالله على بابك .... بعدما أوصل إبنته الشابة لمدرستها المتوسطة

وفي طريق عودته ، تلكأت البغلة عند الإشارة الخضراء ..

نزل بدران وسحبها بهدوء .... مشت البغلة وسط ضجيج منبهات السيارات ...

إقترب منه سائق سيارة وبصوت عال : ياحمار عطلت السير .. إلسع الحمار يمشي

جاوبه بدران : ربنا يسامحك .. هذه بغلة وليست حمار ، إسمها جمالات .. عشرين عاماً لم أضربها فيه

ضربة واحدة ..

ردل الرجل بحنق ..( أنزل أوريك كيف الضرب) ..

بدران : لاتوريني ولا أوريك ... توكل على الله .

مرت مجموعة من الشباب ببدران وهو يحمل حملة رزقه الله بها : صاحوا به ..ياعربجي .

مر به مجموعة أخرىمن الشباب بسيارتهم وقد جاء بابنته سكينة من مدرستها ...

رمي أحدهم بورقة فيها رقم هاتفة مخاطباً الفتاة : هذا رقمي يابنت العربجي ..

مزقت الورقة ورمت بها .... إقتربوا من العربة وقام الشاب الذي رمى بالورقة بالبصق عليها قائلاً :

شكلك عربجية زي أبوك ِ ..

في صباح يوم وبعدما أوصل ابنته لمدرستها ، أخذ يتجول بين الأزقة والشوارع يبحث عن حملة رأى بدران

منظراً لم يكن يتوقع أن يراه ... رأى رجل داخل سيارة يقوم بضرب امرأة بوحشية ،أعقب ذلك برفسها في

صدرها بقدمه فألقاها في وسط الشارع بعدما فتحت المرأة باب السيارة محاولة الهروب أكمل طريقه

بعدها وكأنه لم يفعل شيئاً !

لم يحرك المشهد أحد غير بدران أكتفوا جميعهم بالتفرج ثم اكملوا سيرهم. إقترب منها بدران عارضاً عليها

المساعدة . بكت بصمت وهي تدعو ... (منك لله رح لله ، الله بيتليك بمصيبة ماتدري منين جايتك) ..

لم يستطع بدران أن يُخفي فضوله فسألها : من هذا ؟

زوجي .. الله يقطع اليوم اللي قبلت فيه الزواج منه ..

رأى بدران من خلال ثوبها الممزق كدمة زرقاء كبيرة على جانب ثديها ... غض بصره سريعاً ...

قفز على عربته وأخذ يتحدث مع البغلة ( جمالات) ..شفتِ ياجمالات كيف يرفسون الأوادم ، لكِ عشرين

سنة معي ماعمرك رفستي ولا مرة ... صرنا بزمن ياجمالات ماعاد عرفنا .. الرجال من الحمار ..

بعدما أدى بدران صلاة الظهر في المسجد القريب من مدرسة إبنته سكينه .. أخفى عربته في أحد

الشوارع ، حسب المتبع وكما أفهمته إبنته أن النبات يضحكن عليها عندما يرونها جوار المدرسة فوق عربة

أبيها بدران تجرها البغلة ( جمالات ).

وصل بدران للحي القديم ... فوجد فرقة من البلديات تشعر ساكني الحي بالمغادرة ..حيث صدر الأمر

بتسليم الأرض ( لولد الشيوخ ) التي امتلكها من صاحبها الأصلى ..

صُدم بدران وهو يرى ( شيول يقوم بإزالة غرفته القديمة المغطاة بأخشاب متهالكة ) ...لم يشعر إلا

وهو يقوم بالقفز فوق الشيول وينهال بالضرب على سائقه ...

إصطحبوه لمخفر الشرطة بعدما تمكنوا منه .... وهناك تم تأديبه وأخذ التعهد عليه بعدم التعرض لفرقة

الإزالة ..

رجع بدران وابنته سكينة ومن بين حطام الغرفة المهدمة إلتقط بقايا مايملك ..

إنطلقت بهما( البغلة جمالات ) لايعرفان أين وجهتهما ...

تلكأت ( البغلة جمالات )وكانها عرفت الحيرة التي يعيش فيها صاحبها ...

ربت على ظهرها متمتماً ( حا ياجمالات ... مانا ناقصك ) ...

... أخيراً أترك لكم الحكم .... هل نحن بحاجة لوضع تفسير حقيقي لكلمة ( عربجي وعربجة )

ومن هم العرابجة الحقيقيين ؟ ..


المصدر:
Cant See Links


التوقيع :



قال تعالى :
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
[فصلت:33]






رد مع اقتباس
قديم 12-29-2008, 09:50 AM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

الشويعر

الاعضاء

الشويعر غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








الشويعر غير متواجد حالياً


رد: مجموعة قصص عبدالرحمن بن سعود الشويعر

شكر وتقدير لأخي الكريم المشرف العام / أبو محمد ، في نقله لكتاباتي إلى منتديات أفاق دبي الثقافية


رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:45 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir