الدولة السعودية .. سر البقاء .. و سبب الفناء .. رؤية تاريخية
يقول المؤرخون إن تاريخ الدولة السعودية ينقسم إلى ثلاث دول:
Cant See Images
الدولة السعودية الأولى التي قامت سنة 1157 هـ على يد الإمام محمد بن سعود " رحمه الله تعالى " وسقطت سنة 1233 هـ على يد قوات الغزو التركية المصرية الثالثة بقيادة الهالك إبراهيم باشا
وبعدها الدولة السعودية الثانية وقامت في سنة 1240 هـ على يد الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود " رحمه الله تعالى " وسقطت سنة 1309 هـ على يد محمد بن عبد الله بن رشيد وإن كان السبب الحقيقي في سقوطها هو الصراع الدامي الذي وقع بين أبناء الإمام فيصل بن تركي بن عبد الله " رحمهم الله أجمعين " وأستغله ابن رشيد في القضاء على هذه الدولة التي كانت في أخريات أيامها لا تحكم إلا الرياض وما حولها فقط
* ثم قامت الدولة السعودية الثالثة سنة 1319 هـ على يد الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي " رحمه الله تعالى " وما تزال قائمة حتى يومنا هذا
هذا ما تقوله كتب التاريخ
وأقول مستعيناً بالله تعالى:
إن هذا التقسيم إلى ثلاث دول " أولى ، وثانية ، وثالثه " قد يبدو للوهلة الأولى صحيحاً ولكن بمتابعة دقيقة وقراءة فاحصة لتاريخ الدولة السعودية نجد أن هذا التقسيم بهذه الصورة جانبه الصواب ولا يعبر بدقة وأمانة تاريخية عن تاريخ وسيرة وحقيقة هذه الدولة
وحتى اختيار بعض المؤرخين عبارة " أدوار " بدلاً من كلمة " دول " ويقولون الدور السعودي الأول و الدور السعودي الثاني والدور السعودي الثالث، لا أراه من وجهة نظري صحيحاً ولا يعبر بدقة وأمانة عن تاريخ هذه الدولة وأن كانت كلمة " أدوار " أقرب إلى الصحة من كلمة " دول "
الصحيح من وجهة نظري أنها دولة واحدة وليست ثلاث دول كما زعم البعض ولا حتى أدوار كما قال آخرون وعليه فإن الدولة السعودية لم تسقط يوماً وهي ماتزال قائمة من سنة 1157 هـ بعد اجتماع الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب " رحمهما الله تعالى " إلى يومنا هذا وإلى أن يشاء الله تعالى
ولندقق النظر جيداً في المدة الزمنية الفاصلة بين الدول السعودية الثلاث - بزعمهم - فإنا نجدها بين الأولى والثانية سبع سنوات - من سنة 1233 هـ إلى سنة 1240 هـ - وبين الثانية والثالثة عشر سنوات - من 1309 هـ إلى سنة 1319 هـ - وهذه الفترة الزمنية قصيرة جداً بل هي تافهة في عمر الدول ولا يمكن أن نعتبرها سقوطاً وهي في الحقيقة من وجهة نظري فترة " انكماش وانزواء لا أقل ولا أكثر " هذه هي التسمية الصحيحة التي تصف تلك الفترة بأمانه ودقة ، وإلا ماالذي جعلها تعود مرة أخرى وبهذه السرعة لو كانت سقطت فعلاً ؟؟؟!!!
السقوط يعني النهاية والزوال وهذا لم يحدث
انزواء السلطة السياسية وانكماشها أو حتى اختفاءها فترة يسيرة من الزمن لا يعني السقوط والنهاية والزوال بكل تأكيد
السلطة السياسية انزوت وتقوقعت لكنها لم تسقط بل بقت حية في عقول وقلوب أبنائها
وهذا يجعلنا نتساءل ماهو السر في بقاء هذه الدولة واستمراريتها طوال هذه المدة من الزمن أكثر من قرنين ونصف القرن حتى الآن وهو استثناء جدير بالنظر والدراسة خاصة في عالمنا العربي والإسلامي الذي شهد ويشهد ظهور دول وأنظمة مثل فقاعات الصابون ماتلبث أن تزول وتختفي
إن السر دون ريب هو الأساس الذي قامت عليه هذه الدولة وهو : "لا إله إلا الله محمد رسول الله " وحتى عندما انكمشت هذه الدولة لأسباب مادية وسنن كونية ليس المجال هنا لذكرها نجد أنها سرعان ما وثبت من رقدتها بسبب هذا الأساس المتين والركن الركين الذي قامت عليه "لا إله إلا الله محمد رسول الله " هذه هي الكلمة التي ملكت بها هذه الدولة البلاد وقلوب العباد كما قاله تماماً الشيخ محمد بن عبد الوهاب للإمام محمد سعود " رحمهما الله تعالى " في اجتماع الدرعية الشهير
هذه الدولة السعودية الإسلامية السلفية ( الوهابية ) قامت على الحقيقة الثابتة(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) وهذا هو سر بقائها رغم كل محاولات أعدائها - الذين هم أعداء الأساس الذي قامت عليه - لإسقاطها
أنظر بالله عليك إلى الدولة العثمانية والتي كانت في أخريات أيامها دولة ليست لها حض من الإسلام إلا الاسم فقط ، الدولة العثمانية ناصبت الدولة السعودية العداء واجتاحت جيوشها ديارالدولةالسعودية بمساعدة محمد على باشا والى مصر العثماني وأعدمت الإمام عبد الله بن سعود الكبير
كتب التاريخ تذكر أن الدولة العثمانية ومحمد على باشا انتصروا في حملتهم على الدولة السعودية ونجحوا في إسقاطها !
لكن الواقع يثبت العكس تماماً الدولة السعودية هي التي بقيت والدولة العثمانية ومحمد على باشا أصبحوا أثراً بعد عين فمن المهزوم بربك ومن المنتصر ؟
وفي فترة الانكماش والانزواء الثانية من 1309 هـ إلى 1319 هـ والتي سيطر فيها ابن رشيد تابع الدولة العثمانية على نجد قلب الدولة السعودية اعتقد الجميع إن الدولة السعودية انتهت إلى الأبد لأن المسيطر على مقاليد السلطة هناك هو واحد من أبناء نجد وليس غريباً عنها لأنه ظنوا أن رفض المجتمع النجدي و السعودي لسيطرة الأجنبي كان هو السبب الرئيس في عودة الدولة السعودية !
لكن الواقع أثبت العكس تماماً زالت دولة ابن رشيد وإن كانت من نجد أساساً واستمرت الدولة السعودية ولم تستطع دولة ابن رشيد الفانية الوقوف في وجه الدولة السعودية
حسن سياسة الملك عبد العزيز وشجاعته وصدق جهاده كان عاملاً مساعداً في استمرارية الدولة السعودية وانتصارها لكن السبب الرئيس هو الأساس الذي قامت عليه الدولة السعودية ابتداءً " لا إله إلا الله محمد رسول الله "
وقد واجهت الدولة السعودية فتن وحركات هدامة مثل فتنة الدويش ومن معه " رحمهم الله أجمعين " والتي قد تكون قامت خدمة لـ " لا إله إلا الله محمد رسول الله " أو هكذا خيل لهم ولكنها بكل تأكيد أخطأت الطريق خدمة لا إله إلا الله محمد رسول الله لا تكون إلا بالطرق والوسائل التي شرعها الله تعالى وسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك فشلت هذه الحركة وذهبت ريحها
أما حركة جهيمان العتيبي ومن معه " رحمهم الله أجمعين " فقد خيل لهم شيطانهم أنهم الفئة المنصورة وان محمد بن عبد الله القحطاني أحد رجال جهيمان هو المهدي المنتظر ! واعتصموا بالحرم الشريف وكانوا يعتقدون أن الله سيخسف بقوات الدولة السعودية الأرض
فماذا كانت النتيجة في النهاية ؟
أصبح جهيمان ومن معه تحت الثرى وبقيت الدولة السعودية بسبب " لا إله إلا الله محمد رسول الله "
وحتى حركة من يدعون اليوم أنهم قاموا خدمة لـ " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ونشروا الرعب بين المسلمين واستباحوا الدم الحرام بدون وجه حق ستذهب حركتهم كسابقيهم وستصبح ماضياً لأن الجهاد لـ " لا إله إلا الله محمد رسول الله " لا تكون إلا بالوسائل التي شرعها الله
واليوم تواجه الدولة السعودية أخطر عدو واجهته في جميع مراحل تاريخها قاطبة عدو أدرك حقيقة وسر بقاء هذه الدولة طوال تلك السنين ويحاول جاهداً اليوم نسف هذا الأساس للقضاء عليها
ذلك العدو هو من يطالب اليوم بفصل الدين عن الدولة من خلال دعواه بوقف سيطرة المؤسسة الدينية ! على الدولة السعودية !!!
إن من يطالب بهذالا يعرف ولا يفهم تاريخ هذه الدولة وهوانها دولة قامت على أساس ديني وإقصاء الدين يعني سقوط وزوال هذه الدولة دون رجعة وهذا ما يريده أولائك الأعداء لهذه الدولة وإن حاولوا التظاهر بمظهر الإصلاحيين
إن من يهاجم الفكر " الوهابي " إنما هو يهاجم في الحقيقة هذه الدولة ويريد زوالها ، هذه الدولة قامت على مذهب أهل السنة الجماعة وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرة السلف الصالح رضوان الله عنهم التي سماها أولائك الأعداء حرباً للدين وتشويهاً للحقائق والثوابت " وهابية " ولن تستمر إلا بها
" لا إله إلا الله محمد رسول الله " كانت هي سر بقاء هذه الدولة طوال تلك السنين وبدونها لن تقوم لها قائمة
" لا إله إلا الله محمد رسول الله " ليست كلمات تجري على اللسان فقط بل يجب أن تقر في القلب وتصدقها الأفعال
" لا إله إلا الله محمد رسول الله " تعني أن المعز هو الله وأن المذل هو الله وأن الناصر هو الله وأن الحامي هو الله وليست أمريكا كما يظن المنهزمون التافهون الضالون المضلون
" لا إله إلا الله محمد رسول الله " تعني العبودية لله وحده لا شريك له ولن تجتمع عبودية الله مع العبودية لغيره
العرض العادي
