عرض مشاركة واحدة
قديم 03-17-2019, 03:59 PM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: الحَيَاء في واحة الشِّعر:الا والله ما في العيش خيرا ولا الدنيا إذا ذهب الحياء

ولا الدنيا إذا ذهب الحياء

كل الجمال الموصوف للمرء عن الرجل أو المرأة قد ينتهي، إلا جمال النفس والأخلاق فهو جمال يبقى ما بقي صاحبه، أليس كذلك؟ وقد قيل «فما الحسن في وجه الفتى شرفا له... إذا لم يكن في فعله والخلائق»، إلا أن هذا الجمال المنشود جمال الأخلاق والنفس، أحيانا وبين وقت وآخر، نصدم بمن يحاول تشويهه حين يأتي بسلوكيات مؤذية للذوق العام، ولعل بعضنا صدمته بعض مقاطع «الفيديو» التي حملت من السلوكيات غير المسؤولة التي تعد خادشة للحياء العام، اقترفها بعض المراهقين والمراهقات، وهي في مجملها سلوكيات لم نعتد عليها في المجتمع السعودي، ورغم أنها -بحمد الله- ليست ظاهرة عامة، ولا يجب أن نعممها، وتبقى حالات فردية لا تمثل إلا أبطالها الذين ارتكبوها، وهم وحدهم من يتحملون مسؤوليتها، إلا أن تناولنا لها هنا، كي نقول بشكل واضح، إن ما حدث غير مقبول، وستبقى من السلوكيات المستهجنة والمرفوضة في مجتمعنا، لأنها تسيء إلى المجتمع بأكمله، وتعمل على تشويه صورته في أنظار الآخرين، وبخاصة في الخارج، وقد يستغلها أعداء الوطن، وقد حدث حينما تناولت القناة الأميركية cnn إحدى هذه القصص، وهذا ما كنا نحذر منه، نحن مجتمع محافظ هكذا عُرفنا، وهكذا ربينا ونشأنا وجُبلنا، على أننا مجتمع نرفض مثل تلك السلوكيات الشاذة، التي لا يمكن تفسيرها -بحسب رأيي- إلا بتفسير واحد وهو أن «الحياء رأس مكارم الأخلاق»، فإذا ضاع الحياء، وهو شعبة من شعب الإيمان، فهذا يعني أنه لم يعد لمقترف السلوك الخطأ أن يميز بين السلوك الصواب والسلوك الخطأ، أو بين ما يجب عمله، وما لا يجب أن يقوم به لأنه تصرف يرفضه الدين وترفضه العادات، واسمحوا لي، ففيما يمس الجانب القيمي لديننا وأخلاقياتنا ووطننا وولاة أمرنا ومجتمعنا، يجب أن نتحدث حولها بصراحة ووضوح، لأنها خطوط حمراء، فإذا ما أردنا مواجهة مشكلاتنا بشكل واضح، كي نضع لها حدودا فيجب توصيفها وتحديد ردات فعلنا إزائها، وأن نرفضها، وإن صمتت كثير من الأقلام في مواجهة تلك المقاطع المسيئة لمجتمعنا التي يغيب فيها «الحياء» لأنها تتصادم مع الدين وتتعارض مع العادات والتقاليد والأخلاقيات والآداب العامة>



وإذا فُقد الحياء فُقد الكثير من مكارم الأخلاق، وقد قيل في الحديث الشريف «لكل دين خلق، وخلق الإسلام الحياء»، وكذلك ورد في الصحيحين: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان»، وكم كنا نردد بيتين شهيرين للإمام الشافعي، كلما جاء الحديث على موقف سلوكي مستهجن في المجتمع حدث أمامنا أو سمعنا عنه كنا نردد «يعيش المرء ما استحيا بخير... ويبقى العود ما بقي اللحاء/ إذا لم تخش عاقبة الليالي... ولم تستح فاصنع ما تشاء/ فلا والله ما في العيش خير... ولا الدنيا إذا ذهب الحياء». ولكن نحمد الله أن بلادنا ستظل ترفض مثل تلك السلوكيات، وستظل تلاحق أصحابها من أجل حماية الأخلاقيات، وهذا ما حدث فعلا، إذا طالت يد رجال الأمن كل من يحاول الخروج على قيم المجتمع تحت أي مسمى، وكما قال سيدي الملك سلمان، حفظه الله، «لا مكان بيننا لمتطرف أو منحل»، فلن يُسمح لواحد أو واحدة أن تعصف بمستقبل أو تاريخ مجتمع بأكمله، فبلادنا قبلة كل مسلم، وبلادنا تضم في ثراها قبر أعظم البشر نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قال «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وهذا يعني أن الأخلاق هي في صميم إنسان هذه الأرض.

وبدون شك أن ما حدث من سلوكيات سلبية، مع وجود قلة اعتادوا تهوينها حتى نجد أنفسنا من سلوك سلبي إلى سلوك سلبي آخر، يجعلنا ندرك خطر تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، وأثر الفضائيات التي لا تحترم قواعد أخلاقيات العرض والبث الفضائي، فتعرض ما يمكن وصفه بأنه خادش للحياء والذوق العام على الأطفال، وهم الشريحة الكبيرة في المجتمع التي يقضون معظم ساعاتهم تقريبا مع أجهزتهم الحاسوبية التي لا يفارقونها إلا عند نومهم، وبعضهم قد ينام وينام الجهاز فوق صدره دون أن يحس، وكما نعلم أن المراهقين والمراهقات وهم يمرون بمرحلة التغيرات النفسية والجسدية، وهي مرحلة «البحث عن النضج»، حينما يرون مثل هذه المشاهد والصور والمقاطع، أو حتى يقرؤون الأفكار الشاذة التي تبث وتعرض، سرعان ما يجنحون إليها، ويأخذون بها مقلدين ومتأثرين بها، وهنا مكمن الخطورة.

لكن حرص الشخص على قيمة الحياء، ستجعله يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على أي تصرف أو سلوك، ويقيسه بميزان الشرع أولا، ثم يضعه في ميزان القيم المجتمعية، ويسأل هل هذا التصرف صحيح أم أنه يخالف تعاليم الدين، ويتعارض مع قيم المجتمع، ويسير بشكل معاكس لمنظومة الأخلاقيات، الطامة الكبرى أن بعض تلك السلوكيات أصبح أصحابها هم من يوثقونها على أنفسهم، أو هي توثق عليهم، ثم ما نلبث إلا ونراها عبر وسائل التواصل. وهنا بودي أن أختم بهذه الخاطرة التي فيها ألف درس، فقد قرأت ذات يوم تساؤل أحدهم وهو يبحث، قائلا: لماذا أنفق موسى -عليه السلام- عشر سنوات من عمره وهي مدة طويلة، كي يقدمها مهرا لفتاة مدين؟ فوجد أن الجواب في قول الله تعالى «تمشي على استحياء» أن الله لم يصف جمالها ولا شيئا من محاسنها، لا طولها ولا شعرها، بل كان الوصف المباشر لقيمة «الحياء»، فلم يكن بدّ من موسى -عليه السلام- إلا أن يختارها زوجة له، وأجمل ما في المرأة -كما يقال- حياؤها، فاللهم زيّن بالحياء أخلاقنا.

* نقلا عن "الوطن"


الصور المرفقة
 
رد مع اقتباس