عرض مشاركة واحدة
قديم 09-27-2012, 12:18 AM   رقم المشاركة : 4
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: الأبعاد السياسية للطاعنين في معاوية رضي الله تعالى عنه

الأبعاد السياسية للطاعنين في معاوية رضي الله تعالى عنه – الحلقة الرابعة (الصوفية والجفري)

ذكرنا فيما مضى أن من الجهات التي سعت في الطعن في معاوية رضي الله عنه بعض المتصوفة، وذكرنا شيئًا من أقوالهم هناك، أما هنا فإننا نسلِّط الضوء على ما يُراد من وراء هذه الطعون من مخطِّط خطير لاستقطاب الشباب إلى المدرسة الصوفية العلوية بحضرموت عن طريق علي الجفري الذي يمثِّل قنطرة عبور في هذا المخطَّط وعلى يد آخرين من هذه المدرسة الصوفية العلوية الحضرمية، فنقول:
حاولت الصوفية تثبيت أقدامها والترويج لأفكارها بإيجاد رابط بين التصوف وأهل البيت، على غرار العديد من الأيدلوجيات الفكرية والحركات السياسية التي شهدها التاريخ والتي جعلت من أهل البيت شعارًا لممارسة سيطرة فكرية أو سياسية باسم الأحقية في الاتباع أو في الحكم.
يقول محمد حمزة بن علي الكتاني أحد المتصوفة:”عند عرضنا لسلاسل أسانيد التصوف نجد كثيرا منها يرتبط بأئمة آل البيت عليهم السلام، خاصة الإمام سيدنا جعفر الصادق وولده عليهما السلام؛ وبغض النظر عن صحة تلك السلاسل وعدمها ؛ فإنه ما من شك أن إمام الصوفية في وقته: معروفا الكرخي كان تلميذا للإمام علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق عليهم السلام، بل أسلم على يديه، وعنه أخذ السري السقطي وبه اهتدى، ولا ينكر مطلع على تاريخ التصوف ومذاهبه التعظيم الخاص الذي يوليه الصوفية لللأئمة الاثني عشر: سيدنا محمد بن الحسن العسكري وآبائه إلى سيدنا علي عليهم السلام؛ واعتبارهم أن أول الأقطاب في الإسلام هو الحسن بن علي أو والدته سيدتنا فاطمة الزهراء عليها سلام الله”.
إلى أن قال:”ثم إن أغلب مشايخ الطرق الكبار ينتسبون لآل البيت الكرام، كالشيخ عبد القادر الجيلاني، والشيخ أحمد الرفاعي، والإمام البدوي، والشيخ عبد السلام بن مشيش، و الإمام الشاذلي وغيرهم رضوان الله عليهم جميعا”.
وألف أحد كبار الصوفية في هذا العصر وهو أحمد صديق الغماري كتابًا سماه (البرهان الجلي في تحقيق انتساب الصوفية إلى علي) زعم فيه أن سلسلة التصوف تنتهي إلى علي رضي الله عنه وأنهم تلقوا حقائق التصوف منه رضي الله عنه.
بل جنح الغماري في هذا الكتاب إلى أمر آخر وهو ادعاء أن التفضيل بين الصحابة رضي الله عنهم أمرٌ ظني لا قطعي، ليجعل من هذا الادعاء طريقًا له إلى القول بأفضلية عليٍّ رضي الله عنه على بقية الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم؛ ليوافق بذلك طوائف الشيعة ويمهِّد الطريق إلى مذهبهم.
وأحمد الغماري هو أحد الطاعنين في معاوية رضي الله عنه وقد ملأ بذلك كتبه، وقد سبق شيء من كلامه فيما مضى.
وقد تواطأ على هذا الطعن جماعة آخرون من المتصوفة في مخطَّط واضح يمهِّد لبث الفكر الشيعي في المجتمعات السنية باسم التصوف وأهل البيت، ومحاولة إيجاد مرجعيات صوفية علوية للسيطرة على المجتمعات، ذلك الذي لا تُحمد عقباه، ومحاولة التغني بكلمات من مثل السلام والحوار والتعايش السلمي واستغلالها في هذا المضمار، ومن المعلوم بالضرورة أن التعايش السلمي مع أصحاب الأديان والقوميات لا يعني من قريب أو بعيد الترويج لأجندات معينة من هنا أو هناك باسم التعايش والسلام.
ومن هؤلاء الصوفية الطاعنين في معاوية رضي الله عنه علي الجفري حيث يقول:”أشعر بالأسى أحياناً وبالغثيان أحياناً، فهذا الكلام غير مقبول؛ لأن البداية كانت عند رفع المصاحف في معركة صفين استثماراً لعواطف المسلمين في صف الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ولتقديسهم لكتاب الله عز وجل، فكان هذا أول استثمار للدين في معركة سياسية” (حوار مع صحيفة المصري اليوم).
فنجد أن الجفري بدلاً من أن يكف عما وقع بين الصحابة ويذكرهم بالجميل كما هو مذهب أهل السنة والجماعة نراه يوجه سهامه الطاعنة في معاوية رضي الله عنه ويزعم أنه كان يستثمر الدين ويستغله من أجل تحقيق مكاسب سياسية!
نعم! لم يجد الجفري حرجًا من أن يتهم معاوية رضي الله عنه بأنه من الذين يستغلون الدين لأغراض معينة.
إذا علمنا هذا فإنه يزول استغرابنا من موقف الجفري عندما آثر انتقاص الكُتَّاب والمثقفين من أبناء هذا البلد الذين تصدوا لهجوم الكبيسي على معاوية رضي الله عنه واعتبر تصدِّيهم ودفاعهم لا يمت للأخلاق والإسلام بصلة!

وهذا يذكرنا بقول محمد بن عقيل بن عبد الله باعلوي:”وكقول الكثير منهم (أي: من الصوفية العلوية) بانتفاء عدالة معاوية وأشباهه وبغضهم في الله ومنع تسويدهم والترضي عنهم، على أنهم لا يخوضون في هذه المسألة إلا في مجالسهم الخاصة بهم”.
وإذا كان هنا كلام عن استغلال الدين لتحقيق المصالح والأهداف فإنَّ من الذين انزلقوا في هذا الباب وجعلوا من أعمال منسوبة إلى الدين طريقًا لهم إلى تكتيل الناس وتجميعهم واستجلاب عواطفهم وكسب ولاءاتهم هم كثير الصوفية.
فكم هي محاولات هؤلاء الصوفية للتأثير على الناس عن طريق حفلات الأناشيد والغناء والرقص؟!
وكم هي محاولاتهم اليوم لاستغلال كلمات من مثل السلام والحوار والمحبة وغيرها لزخرفة المذهب الصوفي وإخفاء ما وراء الكواليس؟!
وكم هي محاولات هؤلاء الصوفية لاستغلال اسم أهل البيت للترويج لأفكارهم وأجنداتهم وكسب الولاءات وإضفاء هالات التقديس على مشايخهم؟!
وإذا كان هناك أناس سعوا إلى اعتلاء كراسي الحكم باسم أهل البيت بادعاء الأحقية في الملك فإن الصوفية العلوية تحاول فرض أجنداتها بادعاء أنها الأحقُّ بالاتباع كما سيأتي.
ولم يتوقف الأمر على طعن أولئك الصوفية في معاوية رضي الله عنه، بل توالت محاولاتهم الحثيثة والعديدة للترويج للفكر الشيعي بأساليب وطرق ملتوية وشعارات مختلفة، ومن ذلك محاولتهم زعزعة عقيدة أهل السنة والجماعة في التفاضل بين الخلفاء الراشدين على النسق المعروف بين أهل السنة من أفضلية الصديق ثم الفاروق ثم ذي النورين ثم أبي السبطين رضي الله عنهم أجمعين، في محاولة من أولئك الصوفية لتقرير أفضلية أهل البيت على من سواهم ترويجًا لمذهب الشيعة.
وكان ابتداء هذا المخطَّط بادعاء أن مسألة التفضيل بين الخلفاء الراشدين مسألة ظنية تقبل الأخذ والرد، ثم الانطلاق من ذلك لتقرير أفضلية علي رضي الله عنه على بقية الخلفاء رضي الله عنهم أجمعين وادعاء أفضلية أهل البيت على غيرهم.
ومن الجهود الصوفية في هذا الباب ما قام به محمود سعيد ممدوح من تأليب كتابٍ سماه (غاية التبجيل وترك القطع في التفضيل) قدَّم له جماعة من صوفية حضر موت من شيوخ علي الجفري، وطبعته دار الفقيه التابعة للجفري، قرَّر محمود سعيد في كتابه هذا مذهب الشيعة الزيدية، وابتدأ ذلك بادعاء أن مسألة التفضيل بين الخلفاء مسألة ظنية، وأنه يجب ترك القطع بالترتيب المعروف عند أهل السنة، لينطلق بعد ذلك إلى تقرير أفضلية علي رضي الله عنه على بقية الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.
وقد اعترف محمود سعيد في كتابه هذا بأن ما قرَّره هو مذهب الشيعة الأوائل، وأن الشيعي هو من وافق الشيعة في أن عليًّا رضي الله عنه أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن خالفهم في عدا ذلك، وأن الضابط الذي يمكن من خلاله تبيين الحد الأدنى المتفق عليه في معنى الشيعي هو تفضيل عليٍّ على سائر الصحابة رضي الله عنهم، هذا التفضيل الذي جنح إليه المؤلف نفسه.

وهذا تصريح مباشر من محمود سعيد بالترويج للفكر الشيعي في كتابه هذا.
كما ألمح صاحب الكتاب إلى تقرير مذهب الزيدية من استباحة الخروج على ولاة الأمر إن كانوا على ظلم، وهذا مزلق خطير آخر، فما أسهل أن يتهم من شاء ولاة الأمر بالظلم لاستباحة الخروج عليهم، كما فعل الخوارج الأوائل عندما استباحوا الخروج على الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه وقتله تحت شعار محاربة الظلم والجور.
كما نجد أن صاحب الكتاب يورد الثناء على مذهب الزيدية وأنه مذهب قد صين عن الغواية وأنه اتصل بسلاسل الذهب من الرواية وتناقله الأئمة الكرام!
هكذا تواطأ غير واحد من صوفية حضرموت على التقديم لهذا الكتاب الذي يروِّج للفكر الشيعي وبمنتهى الجرأة.
وهكذا أيضًا لم يجد علي الجفري بأسًا من أن يتولى دار الفقيه طباعة هذا الكتاب الذي يصرِّح صاحبه في طياته بتقرير المذهب الشيعي بالتصريح المباشر.
كما نجد سالم الشاطري أحد المقرظين للكتاب يقول في تقريظه عند كلامه عن المؤلِّف:”ووضع الخلاف والأقوال مفتحة الأبواب أمام القارئ وهو بالخيار يأخذ منها ما أحب بإنصاف”!
هكذا أصبحت مسألة التفاضل بين الخلفاء عند الشاطري مسألة خلافية يسوغ للقارئ أن يأخذ فيها بما شاء!
كما نجد أن عمر بن حفيظ يؤكد في تقريظه للكتاب أن مسألة التفضيل ظنية وأن التوقف شأن أهل ورع واحتياط؛ ليخالف بذلك مذهب أهل السنة والجماعة في التفاضل المعروف بين الخلفاء الراشدين!
وهكذا أيضًا أشاد أبو بكر العدني في تقريظه بالمؤلِّف وأنه جاء في كتابه بالبدائع!
ومن ذلك أيضًا محاولات علي الجفري لتثيبت أقدام المذهب الشيعي والتعاطي مع ما فيه من معتقدات على أنه إثراء للشريعة الإسلامية وأنه من الخلاف العلمي الشرعي الإيجابي المثمر، وأن المذهب الشيعي هو من المذاهب المخدومة المؤسسة المؤصلة، وأن المشكلة هي مشكلة سياسية لا دينية.
يقول علي الجفري:”في السابق عندما كانت الأمة مستقرة على مذاهب مخدومة ومؤسسة ومؤصلة كالمذاهب الأربعة لدينا – مذهب أهل السنة والجماعة- ومذهب إخواننا الزيدية، ومذهب إخواننا الإثنى عشرية، ومذهب إخواننا الإباضية، العلاقة التي تراكمت فيها الثروة المعرفية لدى كل مذهب من هذه المذاهب سار بها شيئاً فشيئاً إلى القدرة على استيعاب هذا التنوع” (حوار مع صحيفة المصدر اليمنية).
ويُسأل: كيف يستطيع المسلمون تجنب الفتن الموجودة في كل مكان وخاصة الفتن التي تحدث بين أصحاب الطوائف المختلفة مثل السنة والشيعة؟ فيقول:”بأن يفرقوا بين الاختلاف العلمي الشرعي وبين الصراع السياسي الذي يستغل الاختلاف الطائفي” (مقابلة مع جريدة البيان).
ويُسأل عن الاختلافات المذهبية بين السنة والشيعة فيقول:”المذهبية شيء راقٍ وليست خطأ لأنها مناهج واجتهادات لفهم الشريعة مستنبطة من الكتاب والسنة من خلال وجود المذاهب بل من خلال اختلاف المذاهب صارت عندنا ثروة تشريعية بسببها صار علماء القانون في العالم الذين يتخصصون في فلسفة صياغة القانون ينظرون إلى التشريع الإسلامي نظرة إكبار وإعجاب من خلال هذا الأمر، إذن ليس الإشكال في المذاهب ولا في الاختلاف ولا في التاريخ الذي مضى، إنما الإشكال في من يريد أن يستثمر ذلك لمصالح ضيقة أو فردية إما جماعية أو سياسية أو عنصرية وعندما تتحول الاختلافات المذهبية التي هي في حقيقتها تنوع وإثراء للشريعة الإسلامية إلى صدام فهنا الإشكال” (لقاء موقع الشورى نت)!
وعندما نراه يطالب الشيعة بالكف عن جرح مشاعر السنة بالتعدي على الصحابة رضي الله عنهم فإننا نجده يقول عن هذا الأمر:”وهذا (أي: سب الصحابة) ليس من أسس مذهبهم وإلا لكان لنا نظر فيه” (صحيفة التصوف الإسلامي المصرية)!
هكذا يستغفل الجفري القراء ويسعى لتثيبت أقدام المذهب الشيعي بادعاء أنه مذهب مؤسس مخدوم مؤصل وأنه لبنة من لبنات إثراء الشريعة الإسلامية!
كما أننا نجد أيضًا أن غير واحد من صوفية حضرموت يحاول تكوين توليفة عجيبة يجمع فيها بين مذهب أهل السنة في التفاضل بين الخلفاء ومذهب الإمامية في تفضيل أهل البيت على من سواهم وأنهم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم وحملة أسراره.
يقول أبو بكر بن عبد الرحمن العلوي الحضرمي:”وقد ذهب سيدي قطب الإرشاد الحبيب عبد الله بن علوي نفع الله به إلى أن وراثة المختار وحمل ما اضطلع من الأسرار لأهل بيته الأطهار، وذكر ذلك في مواضع من كتبه ودواوينه، ومن ذلك قوله في التائية الكبرى:
وآل رسول الله بيتٌ مطهَّرٌ … محبتهم مفروضةٌ كالمودةِ
هم الحاملون السرَّ بعد نبيهم … ووراثه أكرم بها من وراثةِ”.
ونظرًا لهذا الغلو في أهل البيت نجد أن المؤرخ صالح بن حامد العلوي الحضرمي يقول في كتابه (تاريخ حضرموت) وهو يتكلم عن أحفاد أحمد بن عيسى المهاجر الذي ينتسب إليه العلويون في حضرموت:”إلا أنه بقي فيهم من يعتنق المذهب الإمامي إلى اليوم، ومن هؤلاء في عصرنا الشاعر أبو بكر بن عبد الرحمن بن شهاب المتوفى سنة 1341هـ”.
كما أنَّنا مجد عدة مصادر شيعية من مثل (أعيان الشيعة) للعاملي و(طبقات أعلام الشيعة) للطهراني ترجمت لأبي بكر بن عبد الرحمن الحضرمي.
ذلك الذي جعل عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف قاضي ومفتي حضرموت في زمانه يقول في كتابه (نسيم حاجر في تأييد قولي عن مذهب المهاجر):”إن العلويين الحضرميين ومن لفَّ لفَّهم إلى هذا الحين إن لم يكونوا على مذهب الإمامية فإنهم على أخيه، إذ طالما سمعنا ممن لا يحصر عدًّا أو لا يضبط كثرة منهم من يقول: إنها لما زُويت عنهم الخلافة الظاهرة عوِّضوا بالخلافة الباطنة، فصارت إلى عليٍّ ثم إلى ابنه ثم إلى زين العابدين ثم إلى الباقر ثم إلى الصادق، وهكذا في الأفضل ثم الأفضل من ذرياتهم، ألا ترى أنهم يقولون بقطبانية هؤلاء، وما القطبانية إلا الإمامة نفسها”.
وإضافة إلى احتضان المدرسة الصوفية العلوية الحضرمية لمنهج الغلو في أهل البيت فإننا نجد أيضًا أنها تعتبر نفسها صاحبة الحق المطلق وأنه لا يجوز الاعتراض عليها في شيء وأن من خالف طريقتها فقد انحرف إلى السبل المتفرقة.
نقل أبو بكر بن عبد الرحمن العلوي في كتابه المذكور عن عبد الله الحداد قوله:”ومن خالف طريقة السادة بني علوي بحيث يضادها فهو من السبل المتفرقة عن سبيل الله”.
قال أبو بكر بن عبد الرحمن:”والحاصل أن طريقتهم هي السبيل الأقوم والمهيع الواسع الذي لا يقدر أحد على الاعتراض على شيء من مجملاتها أو مفصلاتها من غير احتياجها إلى تأويل أو تعليل بما كثر فيه القال والقيل، فهي المأمور بالعض عليها بالنواجذ والمطابقة في جميع أصولها وفروعها للكتاب والسنة”.
قال:”وقد قلت سابقًا أبياتًا تناسب المقام وتشير إلى طرائق أولئك الأقوام وهي:
لذ بالنبي وبالأئمة من بني … علوي الغر الهداة الحائر
فهم الخلاصة من سلالة أحمد … ومعين فياض الندى المتواتر”.
كما أننا نجد أيضًا إضفاء الهالات المقدسة على العديد من هؤلاء الصوفية العلوية، ومن ذلك على سبيل المثال ما جاء في ترجمة علوي بن الفقيه المقدم:”وحكي أن الشيخ عبد الله با عباد سأل صاحب الترجمة عما ظهر له من المكاشفات بعد موت والده فقال: (ظهر لي ثلاث: أحيي وأميت بإذن الله، وأقول للشيء كن فيكون، وأعرف ما سيكون، فقال الشيخ عبد الله: نرجو فيك أكثر من هذا)”!!
بل لم يسلم من ذلك نسبة أحاديث مفتراة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول أبو بكر بن عبد الرحمن العلوي:”نقل السيد العلامة عبد الرحمن بن مصطفى العيدروس المدفون بمصر في كتابه (مرآة الشموس) قال: أخرج الطبراني في الأوسط قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حضرموت تنبت الأولياء كما تنبت الأرض البقل)”.
فهذا الحديث لا أصل له لا في المعاجم ولا في المسانيد ولا في غيرها!
ونظرًا لادعاء المدرسة الصوفية العلوية الحضرمية الأحقية في الاتباع فقد كرَّس علي الجفري جهده في استقطاب الناس إلى هذه المدرسة الصوفية امتثالاً لأمر اللواذ بالصوفية من بني علوي بحضرموت.
وقد حاول ممارسة هذا الاستقطاب تحت ستار إرجاع الأمة إلى مرجعيتها، والتي يعني بها الصوفية العلوية بحضرموت.
فنجده يقول:”مشكلة غياب المرجعية الواعية التي يرجع إليها في مثل هذا الأمر كان لها دور في تأجيج مثل هذه الصراعات” (حوار مع موقع العربية).
ويقول:”من الممكن الحل إذا أعيدت الدفة إلى العلماء العاملين الموثوق بهم المتصل علمهم بالسند رواية ودراية وتزكية”.
ويقول أيضًا:”وليسامحني أيضاً أهل السنة فقدوا الرجوع إلى المراجع الحقيقيين فيهم، ومن ثمّ أصبح زمام تصرفات السنة ليس إلى المراجع الحقيقيين وإنما للناس الأكثر شهرة والأقدر مؤسسة ومالاً، والذين تَهُب رياح السياسة لصالحهم” (حوار مع صحيفة المصري اليوم).
ولذلك نجده في مواطن عديدة يضفي الهالات الكبيرة على الصوفية العلوية بحضرموت، ويصرِّح في مواضع أخرى بمحاولات ربط الآخرين في أقطار العالم الإسلامي بهذه المدرسة الصوفية العلوية.
يقول الجفري:”عندما انتهت فترة الشيوعية عندنا في ما كان يسمى باليمن الجنوبي وحصلت الوحدة وعدنا إلى مدارسنا مع أشياخنا الذين شُردوا عن مدارسهم وبدأنا نفتحها ونعيد صلاتِنا بإندونيسيا وجنوب شرقي آسيا وشرقي أفريقيا وكل المناطق التي كانت تتبع تلك المدرسة دعوياً” (حوار مع صحيفة المصري اليوم).
ومن مكامن الخطورة أيضًا أن من الأمور التي يمكن بها صرف الولاءات إلى مشايخ الطرق الصوفية ما يُسمى بالعهد والبيعة.
يقول أبو بكر بن عبد الرحمن العلوي عن طريقة بني علوي:”ويقولون بأخذ العهد والتلقين ولبس الخرقة” إلخ.
وقد تأثرت بهذه الطريقة الصوفية في الاستقطاب من أخذ البيعات والعهود جماعات عدة.
يقول الجفري:”الدعوة والتبليغo0o0o0o0o ‬مؤسسوها من الصوفية،o0o0o0o0o ‬والإخوان المسلمون مؤسسها حسن البنا دعوته سنية صوفية،o0o0o0o0o ‬فلن تجد حركة إسلامية استطاعت أن تخلف أثرا فيo0o0o0o0o ‬العصر الحديث إلا كان لها صلة بالصوفية” (لقاء صحيفة الأيام البحرينية).
ومن المعلوم ما تضمنته دعوة التبليغ والإخوان المسلمين من أخذ البيعات والعهود وصرف الولاءات إلى زعماء هذه الطرق التبليغية والإخوانية، وما ذلك إلا تأسيا بالطرق الصوفية وما تضمنت من أخذ البيعات والعهود.
نعم! لقد جعل الجفري من نفسه جسرًا لاستقطاب الشباب إلى الفكر الصوفي عمومًا وإلى المدرسة الصوفية العلوية بحضرموت خصوصًا، كلُّ ذلك وفق خطة منهجية مرحلية لإحكام السيطرة على العقول باسم المرجعية والتصوف وأحقية اتباع أهل البيت، ومن مقتضيات هذه الخطة المرحلية المؤقتة:
1- تجنب الكلام عن الأمور السياسية.
2- تجنب المصادمة مع الحكام؛ لئلا يتسبب ذلك في التقليص من المد الصوفي في هذه المرحلة.
3- تجنب الكلام عن الجماعات وأعيانها ولو كانت تنظيم القاعدة نفسها باستثناء من يُسمونهم بالوهابية فلا بد من الهجوم عليهم باعتبارهم حجر عثرة في طريق المد الصوفي.
يقول الجفري:”أسامة بن لادن لا أمدحه ولا أذمه” (لقاء صحيفة الأيام البحرينية).
ويُسأل: هل من وجهة نظركم الشخصية تعتبرون تنظيم القاعدة والشيخ أسامة بن لادن إرهابيون؟ فيقول الجفري:”لم اجلس معه، وعلمنا أن لا نحكم على من لم نجالس” (صحيفة 26 سبتمبر اليمنية).
ويقول أيضًا:”أما الإخوان (أي: الإخوان المسلمون) وماذا يريدون وماذا يفعلون فلست حكماً عليهم”.
وكلُّ هذه النقاط السابقة مِن تجنب الخوض في السياسة وعدم المصادمة مع الحكام ليست إلا أمورًا مرحلية مؤقتة وخطة منهجية مقرَّرة يُراد منها إبعاد العراقيل أمام المد الصوفي عمومًا والتمهيد لصرف الولاءات إلى الصوفية العلوية بحضرموت خصوصًا.
وقد حاول الجفري أن يمارس أنواعًا من الإرهاب الفكري للترويج للفكر الصوفي.
فمن ذلك قوله:”التصوف أصل من أصول الدين” (حوار مع جريدة الشرق الأوسط).
ويقول أيضًا:”التصوف هو صمام الأمان في حفظ الدعوة” (حوار مع صحيفة التصوف الإسلامي المصرية).
ويقول:”التصوف هو صمام أمان لمحبة أهل السنة لآل البيت من أن تخرج عن حدها إلى الحد المحظور” (حوار مع موقع العربية).
ويقول:”التصوف هو المؤهل عالمياً لأن يكون سفير السلام الحقيقي إلى العالم” (حوار مع صحيفة المصري اليوم).
ويقول:”أنجح من يقوم بنشر الإسلام في الغرب هم الصوفية” (حوار مع صحيفة التصوف الإسلامي المصرية).
كما يصرِّح الجفري بوجود تحالفات صوفية عالمية فيقول:”ولكنهم (أي: الصوفية) قادمون وبقوة، ليس في منهج واحد من مناهج التصوف أو في بلد واحد، لكن على مستوى العالم الإسلامي، فهناك انتهاضة لن يستطيع أن يوقفها أحد”!
هكذا خططت الصوفية في مؤامرة كبرى لصرف الولاءات إلى مشايخ الطرق الصوفية وهكذا خطط الجفري لصرف الولاءات إلى الصوفية العلوية بحضرموت تحت شعار إقامة المرجعية الدينية في العالم الإسلامي وهكذا ادعى غير واحد من صوفية حضرموت بأحقية بني علوي من أبناء أحمد بن عيسى المهاجر بالاتباع وأنهم الأولى بإيفاد الناس إليهم وربط الناس بهم، وأمَّا ما يُحاك وراء الكواليس فلا يبعد أن يكون أمرًا أكبر من هذا كله.

يتبع …
Cant See Links


رد مع اقتباس