الموضوع: رحلة ابن بطوطة
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-04-2004, 07:15 PM   رقم المشاركة : 4
الكاتب

abo _mohammed

المشــرف العــــام

abo _mohammed غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









abo _mohammed غير متواجد حالياً


4 من المحلة الكبرى إلى القاهرة

فقصدت تلك البلاد ونزلت بزاوية الشيخ المذكور وتلك البلاد كثيرة النخل والثمار والطير البحري والحوت المعروف بالبوري ومدينتهم تسمى ملطين وهي على ساحل البحيرةالمجتمعة من ماء النيل وماء البحر المعروفة ببحيرة تنيس ونسترو بمقربة منها نزلت هنالك بزاوية الشيخ شمس الدين القلوي من الصالحين وكانت تنيس بلدا عظيما شهيرا وهي الآن خراب

ثم سافرت في أرض رملة إلى مدينة دمياط وهي مدينة فسيحة الأقطار متنوعة الثمار عجيبة الترتيب آخذة من كل حسن بنصيب والناس يضبطون اسمها باعجام الذال وكذلك ضبطه الامام أبو محمد عبد الله بن علي الرشاطي وكان شرف الدين الإمام العلامة أبو محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطي إمام المحدثين يضبطها بإهمال الدال ويتبع ذلك بأن يقول خلاف الرشاطي وغيره وهو أعرف بضبط اسم بلده

ومدينة دمياط على شاطيء النيل وأهل الدور الموالية يستقون منه الماء بالدلاء وكثير من دورها بها دركات ينزل فيها إلى النيل وشجر الموز بها كثير يحمل ثمره إلى مصر في المراكب وغنمها سائحة هملا بالليل والنهار ولهذا يقال في دمياط سورها حلوى وكلابها غنم وإذا دخلها أحد لم يكن له سبيل إلى الخروج عنها إلا بطابع الوالي فمن كان من الناس معتبرا طبع له في قطعة كاغد يتظهر به لحراس بابها وغيرهم يطبع على ذراعه فيستظهر به والطير البحري بهذه المدينة كثير متناهي السمن وبها الألبان الجاموسية التي لا مثل لها في عذوبة الطعم وطيب المذاق وبها الحوت البوري يحمل منها إلى الشام وبلاد الروم ومصر وبخارجها جزيرة بين البحرين والنيل يسمى البرزخ بها مسجد وزاوية لقيت بها شيخها المعروف بابن قفل وحضرت عنده ليلة جمعة ومعه جماعة من الفقراء الفضلاء المتعبدين الأخيار فقطعوا ليلتهم صلاة وقراءة وذكرا ودمياط هذه حديثة البناء والمدينة القديمة هي التي خربها الإفرنج على عهد الملك الصالح وبها زاوية الشيخ جمال الدين الساوي قدوة الطائفة المعروفة بالقلندرية

وهم الذين يحلقون لحاهم وحواجبهم ويسكن الزاوية في هذا العهد الشيخ فتح التكروري يذكر أن السبب الداعي للشيخ جمال الدين الساوي إلى حلق لحيته وحاجبيه أنه كان جميل الصورة حسن الوجه فعلقت به امرأة من أهل ساوة وكانت تراسله وتعارضه في الطرق وتدعوه لنفسها وهو يمتنع ويتهاون فلما أعياها أمره دست له عجوزا تصدت له إزاء دار على طريقه إلى المسجد وبيدها كتاب مختوم فلما مر بها قالت له:

يا سيدي أتحسن القراءة قال نعم قالت له الكتاب وجهه إلي ولدي وأحب أن تقرأه علي فقال لها نعم فلما فتح الكتاب قالت له يا سيدي إن لولدي زوجة وهي بأسطوان الدار فلو تفضلت بقراءته بين بابي الدار بحيث تسمعها فأجابها لذلك فلما توسط بين البابين غلقت العجوز الباب وأخرجت المرأة جواريها فتعلقن به وأدخلته إلى الدار وراودته المرأة عن نفسه فلما رأى أن لا خلاص له قال لها إني حيث تريدين فأريني بيت الخلاء فأرته إياه فأدخل معه الماء وكانت عنده موسى جديدة فحلق لحيته وحاجبيه وخرج عليها فاستقبحت هيئته واستنكرت فعله وأمرت بإخراجه وعصمه الله بذلك فبقي على هيئته فيما بعد وصار كل من يسلك طريقته أن يحلق رأسه ولحيته وحاجبيه يذكر أنه لما قصد مدينة دمياط لزم مقبرتها وكان بها قاض يعرف بابن العميد فخرج يوما إلى جنازة بعض الأعيان فرأى الشيخ جمال الدين بالمقبرة فقال له:


أنت الشيخ المبتدع فقال له وأنت القاضي الجاهل تمر بدابتك بين القبور وتعلم أن حرمة الإنسان ميتا كحرمته حيا فقال له القاضي وأعظم من ذلك حلقك للحيتك فقال له إياي تعني وزعق الشيخ ثم رفع رأسه فإذا هو ذو لحية سوداء عظيمة فعجب القاضي ومن معه ونزل إليه عن بغلته ثم زعق ثانيا فإذا هو ذو لحية بيضاء حسنة ثم زعق ثالث ورفع رأسه فإذا هو بلا لحية كهيئة الأولى فقبل القاضي يده وتتلمذ له وبنى له زاوية حسنة وصحبه أيام حياته حتى مات الشيخ فدفن بزاويته ولما حضرت القاضي وفاته أوصى أن يدفن بباب الزاوية حتى يكون كل داخل إلى زيارة الشيخ يطأ قبره وبخارج دمياط المزار المعروف بشطا وهو ظاهر البركة يقصده أهل الديار المصرية وله أيام في السنة معلومة لذلك وبخارجها أيضا بين بساتينها موضع يعرف بالمنية فيه شيخ من الفضلاء يعرف بابن النعمان قصدت زاويته وبت عنده وكان بدمياط أيام إقامتي بها وال يعرف بالمحسني من ذوي الإحسان والفضل بنى مدرسة على شاطيء النيل وبها كان نزولي في تلك الأيام وتأكدت بيني وبينه مودة

ثم سافرت إلى مينة فارسكور وهي مدينة على ساحل النيل ونزلت بخارجها ولحقني هنالك فارس وجهه إلي الأمير المحسني فقال لي إن الأمير سأل عنك وعرف بسيرتك فبعث إليك بهذه النفقة ودفع إلي بجملة دراهم جزاه الله خيرا ثم سافرت إلى مدينة أشمون الرمان ونسبت لكثرته بها ومنها يحمل إلى مصر وهي مدينة عتيقة كبيرة على خلج النيل ولها قنطرة خشب ترسو المراكب عندها فإذا كان العصر رفعت تلك الخشب وجازت المراكب صاعدة ومنحدرة وبهده البلدة قاضي القضاة ووالي الولاة

ثم سافرت عنها إلى مدينة سمنود وهي على شاطيء النيل كثيرة المراكب حسنة الأسواق وبينها وبين المحلة الكبيرة ثلاثة فراسخ


ومن هذه المدينة ركبت النيل مصعدا إلى مصر ما بين مدائن وقرى منتظمة متصل بعضها ببعض ولا يفتقر راكب النيل إلى استصحاب الزاد لأنه مهما أراد النزول بالشاطيء نزل للوضوء والصلاة وشراء الزاد وغير ذلك والأسواق متصلة من مدينة الإسكندرية إلى مصر ومن مصر إلى مدينة أسوان من الصعيد..

ترقبوا .....

5- مدينة القاهرة {{{ مصر }}}


الصور المرفقة
 
التوقيع :



قال تعالى :
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
[فصلت:33]






رد مع اقتباس