عرض مشاركة واحدة
قديم 08-17-2004, 09:01 AM   رقم المشاركة : 6
الكاتب

الزوار


الملف الشخصي








أضحت عليـه يهتــاج الفـؤاد لهـا

وللرواســم فيمـا دونهـا عمـــل

حتـى تـرى الحـرة الوجنـاء لاغبـة

والارحبـى الذي في خطـوه حطـــل

خوصـا تديـر عيونا مـاؤها سـرب

عـلى الخدود إذا مـا اغـرورق المقــل

لو اغب الطـرف منقوبـا محاجـرها

كأنهــا قلـب عـاديـة مكـــل

يمشـين رهواً فـلا الإعجـاز خـاذلة

ولا الصـدور على الإعجـاز تتكــل

عُـرِفَ الشاعر الطرماح بن حكيم بن الحكيم والمكنى أبا نفـر وأبا ضبيـة بطول قامتـه ، وعشقه للإبل ، وكثيرا ما كان يتغزل بناقته ، بعد أن يمـزج قصيدته بالغزل والموعظة ، وله قصيدة ضادية خلص فيها إلى وصـف ناقتـه ، وصفاً بديعـاً بليغاً فيقـول :

فهـي قــوداء أنفجـت عضـداهـا

عـن زحـالـيف صـفصـف ذي دحـاض

عوسـرانية إذا انتقــض الخـمــ

س نطـــاف الفضـيض أي انتقـــاض

صـنتـع الحـاجبيـن خرطـة البقـ

ـل بديــا قبــل اســتكال الريـاض

مـع رحــلات الإبــل :

ويذكـر بأن الشعراء غالباً ما كانوا يتتبعـون الإبـل في رحـلاتها عبر الصحـراء : " ثم يدفع الشعراء الإبل أمامهم ، ويندفعون وراءها ، يتتبعـون رحلتها عبـر الصحراء الواسعة ، وما تجتـاز من جبال ووديان وآبار وأشجار وكثبان ومياه ، وما تتنكب عن يمين وشمـال من مواقـع ، ويسرف الشعراء كثيراً في تتبع رحلة الظعن ، وكأنمـا كانوا شـهوداً لهـا حقيقـة " .

ويقـول في ذلك شاعر المعلقات زهير بن أبي سلمى :

ردّ القيـان جمـال الحـيَّ فاحتمـلوا

إلى الظهيـرة أمـر بينهـم لبـك

مـا إن يكـاد يخليهـم لوجهتهـم

تخـالج الأمـر أنّ الأمـر مشـترك

يغشـى الحداة بهـم حرّ الكثيب كما

يغشـى السَفائن موج اللجّـة العَرِك

ومن المناظر الحضارية التي لفتت انتبـاه الشعراء الجاهليين ، منظر السفن السابحة في لُجّـة البحـر ، التي شبهوا بها ظعنهم ونوقهـم السابحة على صفحة الرمال ، وتصوروا في بعض الأحيان الإبل سُـفناً حقيقية فسموا البختي من الإبل أو ولده (الصرصور) ، وهو نوع من السفن معروف ، وسموا الناقة الطويلة العنق ( الشراعية ) ، والشراعية هي السفينة ذات الشراع وأطلقوا على الناقة التي عطفت على ولد واحد اسم (الخلية ) ، وهي السفينة العظيمة التي يتبعها زورق . وترجمة لهـذا أشـعار كثيرة سمت الناقـة بسفينة البّـر ، كقولهـم :

رحلـن لشــقة ونصـبن نصـبا

لواغـرات الهـواجر والسـموم

فكـن سـفينها وضـربن جـأشـا

لخمـس في مـأججــة أزوم

كما سموا عنـق الناقـة شراعاً على نحـو ما هو موجود في شعر المسيب بن علـس :

وكـان غـاربهـا ربـاوة مخـرم

وتمـدثنـي جديلهــا بشـراع

ونجد الإبل قد جاءت في المرتبـة الثانية بعد الخيل في أهميتها الحربيـة ، وفي الشعر الجاهلي ثمـة أحاديث كثيرة حول الإبل وقيمتها في المواجهة والدفاع عن القبيلة ومراقبة المغيرين ، فمن على ظهورهـا كانوا يرصدون الأعـداء . وقد أنشد عميرة بن طارق في هذا الموضع :

ولمـا رأيت القـوم جـد نفيـرهم

دعـوت بمنـى محـرزاً والمثـلمـا

وأعـرض عنـي قعنـب وكأنمـا

يـرى أهـل ودّ من صداء وسـلهما

فكلفـت ما عنـدي من الهـم ناقتـي

مخـافـة يـوم أن ألام وانــدما

ولما كانت الإبل لا تصلح كثيراً لِقِراعِ الأبطال ، ولا تُحسن الكـرّ والفـرّ ، لأنها ثقيلات الأجسام ، يجفلنّ من قعقعة السـلاح ، فقد كانت في الغالب ترافق المحاربين تخفيفـاً عن الخيل وحفظاً لقـواها ، وقد قال الربيـع بن زياد :

أفبعـد مقـتل مـالك بمضـيعـة

ترجـو النسـاء عواقب الأطهـار

مـا أن أرى من بعـد مقتـل مالك

إلا المطـي تشــد بـالاكــوار

ومجنبــات مـا يذقـن عـذوفـة

يمصـعن بالمهــرات والألمهــار

ديّــات بـاهظــة :

وهناك قصص وردت وتحدثت عن الإبل ، وجعلها ( دِيَّـة ) لأسـرى الحرب والقتلى ، وقيل إن أكبر قيمـة دفعت في فداء أسير أيام الجاهلية هي ثلاثمـائة بعير دفعتها أم بسطام بن عبدالله فداءً لابنهـا ، وفي ذلك يقول شاعر بنـي سـعد :


ومنـا رئيـس القـوم ليـلة ادلجـوا

بهـوذة مقـرون اليـدين إلى المنحـر

وردنـا منـه نخـل اليمـامة عانيـا

عليـه وثـاق القـد والحلق الســمر

وقال قيس بن العيزارة عندما أسّـرته قبيلة (فهـم) ، وأخذ سلاحه تأبط شراً ، يفدي نفسـه بالإبل والشاه ، فلم يقبلوا إلا بناقتـه النجيبـة (البلهاء ) ، العزيزة على قلبـه فقـال :

قلت لهـم شـاء رغيـب وجـامـل

فكلكـم مـن ذلك المـال شــابع


وقـالوا لنـا البلهـاء أول ســؤلة

وأعراسـها ، والله عني يــدافــع

ويصـدق (شعل) من فـدائـي بكـرة

كأنّك تعطـي من قـلاص ابن جـامع


الصور المرفقة
 
رد مع اقتباس