عرض مشاركة واحدة
قديم 08-04-2020, 01:26 PM   رقم المشاركة : 25
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: كتاب آداب المريدين




[(فصل) وأما الصدق]

فالأصل فيه قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 119].

وما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يزال العبد يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، ولا يزال يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا".

وقيل: إن الله أوحى إلى داود عليه السلام: يا داود من صدقني في سريرته صدقته عند المخلوقين في علانيته.

واعلم أن الصدق عماد الأمر وبه تمامه وفيه نظامه، وهو ثاني درجة النبوة، وهو قوله عز وجل: {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين} [النساء: 69].

والصادق هو الاسم اللازم من الصدق، والصديق هو المبالغة منه، وهو من تكرر منه الصدق فصار دأبه وسجيته، وصار الصدق غالبه، فالصدق استواء السر والعلانية، فالصادق هو الذي صدق في أقواله، والصديق من صدق في أقواله وجميع أفعاله وأحواله.


وقيل: من أراد أن يكون الله معه فليلزم الصدق، فإن الله مع الصادقين.

وقال الجنيد رحمه الله تعالى: الصادق ينقلب في اليوم أربعين مرة، والمرئي يثبت على حاله واحدة أربعين سنة.

وقيل: الصدق هو القول بالحق في مواطن الهلكة.

وقيل: الصدق موافقة السر بالنطق.

وقيل: الصدق منع الحرام من الشدق.

وقيل: الصدق الوفاء لله بالعمل.


وقال سهل بن عبد الله: لا يشم رائحة الصدق عبد داهن نفسه أو غيره.

وقال أبو سعيد القرشي رحمه الله تعالى: الصادق الذي يتهيأ أن يموت ولا يستحي من سره ولو كشف، قال الله تعالى: {فتمنوا الموت إن كنتم صادقين} [البقرة: 94، والجمعة: 6].

وقيل: الصدق صحة التوحيد مع القصد.

وقيل: حقيقة الصدق أن تصدق في موطن لا ينجيك منه إلا الكذب.

وقيل: ثلاثة لا تخطئ الصادق: الحلاوة، والهيبة، والملاحة.

وقال ذو النون رحمه الله تعالى: الصدق سيف الله في أرضه ما وضع على شيء إلى قطعه.

وقال سهر بن عبد الله رحمه الله تعالى: أول جناية الصديقين حديثهم مع أنفسهم.

وسئل فتح الموصلي رحمه الله تعالى عن الصدق، فأدخل يده في كانون الحداد وأخرج الحديد وهي تشتعل نارًا ووضعها على كفه حتى بردت وقال: هذا هو الصدق.

وسئل الحارث المحاسبي عن علامة الصدق، فقال: الصادق هو الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الخلق من أجل صلاح قلبه، ولا يحب اطلاع الناس على مثاقيل الذر من حسن عمله، ولا يكره أن يطلع الناس على السيئ من عمله، فإن كراهته ذلك دليل على أنه يحب الزيادة عندهم، وليس هذا من أخلاق الصديقين.

وقال بعضهم: من لم يؤد الفرض الدائم لا يقبل منه الفرض المؤقت، قيل: ما الفرض الدائم؟ قال: الصدق.

وقيل: إذا طلبت الله بالصدق أعطاك مرآة تنظر فيها كل شيء من عجائب الدنيا والآخرة.



رد مع اقتباس