عرض مشاركة واحدة
قديم 08-04-2020, 01:01 PM   رقم المشاركة : 21
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: كتاب آداب المريدين



[(فصل) وأما حسن الخلق]

فالأصل فيه قول الله عز وجل لنبيه -صلى الله عليه وسلم- في كتابه المنزل عليه: {وإنك لعلى خلق عظيم} [القلم: 4].

وما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: "قيل: يا رسول الله أي المؤمنين أفضل إيمانًا؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: أحسنهم خلقًا".

الخلق الحسن أفضل مناقب العبد وبه تظهر جواهر الرجال، والإنسان مستور بخلقه مشهور بخلقه.

وقيل: إن الله عز وجل خص نبيه ورسوله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- بما خص به من المعجزات والكرامات والفضائل، ثم لم يثن عليه بشيء من خصاله بثمل ما أثنى عليه بخلقه، فقال عز من قائل: {وإنك لعلى خلق عظيم} [القلم: 4].

وقيل إنما وصفه الله تعالى بالخلق العظيم لأنه جاد بالكونين، واكتفى بالله عز وجل.

وقيل: الخلق العظيم: أن لا يخاصِم ولا يخاصَم من شدة معرفته بالله تعالى.

وقيل: معناه لم يؤثر فيك جفاء الخلق بعد مطالعتك للحق.


وقال أبو سعيد الخراز رحمه الله تعالى: هو ألا تكون له همة غير الله عز وجل.
وقال الجنيد رحمه الله تعالى: سمعت الحارث المحاسبي يقول: فقدنا ثلاثة أشياء: حسن الوجه مع الصيانة، وحسن القول مع الأمانة، وحسن الإخاء معه الوفاء.

وقيل: الخلق الحسن استصغار ما منك، واستعصام ما لك.

وقيل: علامة حسن الخلق كف الأذى، واحتمال المؤن.

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه رضي الله عنهم: "إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم ببسط الوجه وحسن الخلق".

وحسن الخلق مع الله عز وجل أن تؤدي أوامره، وتترك نواهيه، وتطيعه في الأحوال كلها من غير اعتقاد استحقاق العوض عليه، وتسلم جميع المقدور إليه من غير تهمة، وتوحده من غير شرك، وتصدقه في وعده من غير شك.

وقيل لذي النون المصري رحمه الله تعالى: من أكثر الناس همًا؟ قال: أسوأهم خلقًا.

وقال الحسن البصري رحمه الله تعالى في قوله عز وجل: {وثيابك فطهر} [المدثر:4] أي خلقك فحسن.

وقيل في قوله تعالى: {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة} [لقمان:20] قيل: الظاهرة: تسوية الخلق، والباطنة: تصفية الخلق.

وقيل لإبراهيم بن أدهم رحمه الله تعالى: هل فرحت في الدنيا قط؟ فقال: نعم مرتين، إحداهما: كنت قاعدًا ذات يوم فجاء كلب وبال علي، والثانية، كنت قاعدًا فجاء إنسان وصفعني.


وقيل: كان أويس القرني رحمه الله تعالى إذا رآه الصبيان يرمونه بالحجارة، فيقول: إن كان لابد فالرموني بالصغار لئلا تدموا ساقي وتمنعوني عن الصلاة.

وقيل: شتم رجل الأحنف بن قيس رحمه الله تعالى وكان يتبعه، فلما قرب من الحي وقف وقال: يا فتى إن كان بقي في قلبك شيء فقله كيلا يسمعك بعض سفهاء الحي فيجيبوك.

وقيل لحاتم الأصم رحمه الله تعالى: يحتمل الرجل من كل أحد، قال: نعم، إلا من نفسه.

وروي أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه دعا غلامًا له فلم يجبه، فدعاه ثانيًا وثالثًا فلم يجبه، فقام إليه فرآه مضطجعًا، فقال: أما تسمع يا غلام؟ قال: نعم، قال: ما حملك على ترك جوابي؟ قال: أمنت عقوبتك فتكاسلت، قال: امض فأنت حر لوجه الله عز وجل.

وقيل: الخلق الحسن أن تكون من الناس قريبًا وفيما بينهم غريبًا.

وقيل: الخلق الحسن قبول ما يرد عليك من جفاء الخلق وقضاء الحق بلا ضجر ولا قلق.

وقيل: مكتوب في الإنجيل: عبدي اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب.

وقالت امرأة لمالك بن دينار رحمه الله تعالى: يا مرائي، فقال: يا هذه قد وجدت اسمي الذي أضله أهل البصرة.

وقال لقمان لابنه: يا بني لا تعرف ثلاثًا إلا عهد ثلاث: الحليم عند الغضب، والشجاع في الحرب، والأخ عند الحاجة إليه.

وقال موسى عليه السلام: يا إلهي أسألك ألا يقال لي ما ليس في، فأوحى الله تعالى إليه: ما فعلت ذلك لنفسي، فكيف أفعله لك؟




.


رد مع اقتباس