عرض مشاركة واحدة
قديم 08-04-2020, 12:02 PM   رقم المشاركة : 14
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: كتاب آداب المريدين




[(فصل: في آدابهم مع الأهل والولد)]

من ذلك حسن الخلق والإنفاق عليهم بالمعروف بما أمكنه، وإذا ملك في اليوم ما يكفيه ليومه فلا يحبس شيئًا لغد، وله إلى ذلك القدر حاجة في الحال، فإن فضل من ذلك شيء فليدخره لغد للعيال لا لنفسه، فلا يأكل إلا تبعًا لهم، بل يكون كالوكيل والخادم لعياله والمملوك مع سيده، ويعتقد بخدمته عياله والكد عليهم والقيام بمصالحهم أداء أمر الله وطاعته، وليعزل خدمة نفسه من الوسط، ويؤثر عياله على نفسه، وإذا أكل أكل بشهوتهم، ولا يحملهم على متابعة شهوة نفسه، وإذا كان في ذات يده شيء يصلح لشتائه وهو في الصيف محتاج لثمنه صرفه في وجه حاجته في الصيف، وإن وجد كفاية يومه وكان فيه فضل للكسب في يومه لكفاية غد لعياله لم يشتغل بذلك، بل يقف مع الكفاية في يومه، لأن الوقوف مع الكفايات واجب، وأخر تدبير غد إلى غد، فإن كان له قوة في التوكل وصبر على مقاساة الشدائد والقلة والجوع والضر، وتقصر قوة عياله عن ذلك، فلا يجوز له أن يدعوهم إلى حالة نفسه، بل يتحرك ويكتسب لأجلهم، وإن رأى من أهله الطاعة لله عز وجل وحسن السيرة والعبادة، فعليه بكسب الحلال وإطعامهم الحلال المباح حتى يثمر ذلك الطاعة والصلاع، ولا يطعمهم الحرام فإنه يثمر العصيان والجناح، وليجتهد في ذات نفسه بإصلاح العمل والصدق وطهارة الباطن حتى يصلح الله أمره بينه وبين عياله في حسن الصبر وحسن الطاعة له ولله عز وجل والموافقة له، وتعود بركة صلاحه على عياله، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أصلح ما بينه وبين الله عز وجل، أصلح الله تعالى ما بينه وبين الناس" وأهله وعياله من جملة الناس.

وإذا نزل به ضيف فيجب أن يطعم عياله مما يطعم الضيف إذا كان بذات يده سعة ومكنة فليوفر ذلك بحيث يعم الجميع ويكفيهم ويفضل عنهم، فإن كان هناك فقر وقلة وضيق يد وعلم من عياله الإيثار والرضا بذلك، فحينئذ يؤثر الضيفان، فإن فضل عنهم شيء تناولوه على وجه التبرك، فإن الله تعالى سيخلف عليهم ويوسع ما لديهم، فإن الضيف ينزل برزقه ويرحل بذنوب أهل البيت، كما جاء في الحديث.


وإذا دعا الفقير إلى دعوة وله عيال وليس له ما يصلح شأنهم فليس من الفتوة أن يضيع عياله ويمضي إلى الدعوة ويؤثر شهوته على فاقة عياله، ولا يستقيم في الطريقة والشريعة أخذ الزلة والخيبة لأجل العيال من الدعوة، فليمتنع من الحضور وليصبر مع أهله، فإن كان في صاحب الدعوة فتوة وعلم بأن للضيف عيالاً، فينبغي له ألا يفرده بالاستحضار، بل يفرغ قلب الضيف عن شغل عياله بأن يكفيه ذلك، ويحمل إليهم ما يحتاجون إليه، ويعلم ضيفه بذلك.

والواجب على الفقير أن يؤدب أهله بملازمة ظاهر العلم والشريعة، ولا يمكنهم من مخالفة العلم في القليل والكثير.

ولا ينبغي له أن يسلم أولاده إلى السوق وتعلم الحرف، بل يعلمهم أحكام الدين ويحملهم على ترك طلب الدنيا، إلا أن يغلب عليه الفقر وقلة الصبر وانكشاف الحال والفضيحة والرجوع إلى الخلق في القوت وما يسد به الخلة، فليشغل أهله وولده ونفسه بالكسب وتحصيل ما يحصل به الغنى عن الناس، فهو أفضل من غيره مع حفظ الحدود، ويعرف أولاده وجوب مراعاة حق الوالدين ومجانبة العقوق، ويعرف أهله مراعاة حقه، وفضيلة الصبر مع وطاعته وغير ذلك على ما بينا في باب آداب النكاح.



رد مع اقتباس