عرض مشاركة واحدة
قديم 10-14-2004, 11:59 AM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

الزوار


الملف الشخصي








مزايا دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله تعالى)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ
اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاَتُهُ

مزايا دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله تعالى)

سلطان بن عبد الرحمن العيد

(مقدمة)

الحمد لله ربِّ العالمين, والعاقبة للمتقين, ولا عدوان إلا على الظالمين, ولا إله إلا الله, إلهُ الأولين والآخرين, وقيومُ السماوات والأرضين, ومالكُ يوم الدين, الذي لا فوزَ إلا في طاعته, ولا عزَّ إلا بالتذلل لعظمته, ولا غنى إلا في الافتقار إلى رحمته, ولا حياةَ إلا في رضاه, ولا نعيمَ إلا في قربه, ولا صلاحَ للقلب ولا فلاح إلا في الإخلاص له وتوحيده وحبه, الذي إذا أُطيعَ شكر, وإذا عُصيَ تابَ وغفر, وإذا دُعِيَ أجاب, الحمد لله الذي شهدتْ له بالربوبية جميعُ مخلوقاته, وأقرتْ له بالإلهية جميعُ مصنوعاته, فلا إله إلا الله, لا إله إلا الله وحده لا شريك له في إلهيته, ولا سَمِيَّ له ولا كفوَ له ولا نِدَّ, أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, كلمةٌ قامت بها السماوات والأرضين, وبها أرسل اللهُ رسلَه, وأنزلَ كتبَه, وشرعَ شرائعَه, ولأجلها نُصِبَتْ الموازين, ووُضِعَتْ الدواوين, وقامَ سوقُ الجنة والنار, وبها انقسمَتْ الخليقة إلى مسلمين وكفار, وأبرار وفجار, وعليها نُصِبَتْ القبلةُ وأُسِسَتْ الملةُ, ولأجلها جُهِّزَتْ سيوفُ الجهاد, وهي حقُّ الله على جميع العباد, فهي كلمةُ الإسلام, ومفتاحُ دار السلام, فلا إله إلا اللهُ عددَ خلقه, ورضى نفسه, وزِنةَ عرشه, ومِدادَ كلماته, وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه, وأمينُه على وحيه, وخيرتُه من خلقه, أرسله اللهُ رحمةً للعالمين, وإماماً للمتقين, وحجةً على الخلائقِ أجمعين, أرسله على حين فترةٍ من الرسل, فهدى به إلى أقومِ الطرقِ وأوضحِ السُّبل, وافترضَ الله على العبادِ طاعتَه ومحبتَه وتوقيرَه, وسدَّ دون جنته الطرق, فلم يفتح لأحد إلا من طريقه, وشرحَ له صدرَه, ورفعَ له ذكرَه, ووضعَ عنه وزرَه, وجعلَ الذِّلةَ والصَغارَ على من خالفَ أمرَه, فتحَ اللهُ برسالته أعيناً عمياً, وآذاناً صماً, وقلوباًَ غلفاً, فبلَّغَ الرسالةَ, وأدَّى الأمانةَ, ونصحَ الأمةَ, وجاهدَ في اللهِ حقَّ جهادِه, فأشرقَتْ برسالته الأرضُ بعدَ ظلماتِها, وتألفَتْ به القلوبُ بعدَ شتاتِها, فصلواتُ الله وسلامُه عليه ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ.


(تمهيد/ العلماء هم حملةُ الشريعةِ المطهرة, وأنصارُ الملةِ المؤيدة)

معاشرَ المؤمنين: لقد بعثَ اللهُ نبيَّه محمداً صلى الله عيه وسلم بالهدى ودينِ الحقِّ ليظهرَه على الدينِ كلِّه, فأكملَ اللهُ به الدينَ, وأتمَ به النعمة, ودخلَ الناسُ في دين الله أفواجاً, وأشرقَتْ الأرضُ بنورِ النبوة, وارتفعَتْ رايةُ التوحيدِ والسنة, وانطمسَتْ معالمُ الشرك والوثنية, وعُبِدَ الله وحدَه, فما تُوفِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد بيَّنَ للأمةِ معالمَ دينها, وتركها على المحجةِ البيضاءِ ليلُها كنهارِها, ودرجَ على هذا المنهجِ القويم خلفاؤه الراشدون وصحبُه المهديون, فبيَّنوا للناس الملةَ الحنيفيةَ ودَعَوهم إليها, وحذروا من سُبُلِ أهلِ الشركِ والبدعة, كما قال ربُّنا جلَّ وعلا: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108) ثمَّ إنَّهم خلفَتْ من بعدهم خُلوفٌ يقولون ما لا يفعلون, ويفعلون ما لا يُؤمرون, وهذا مصداقُ ما أخبر به النبيُّ صلى الله عليه وسلم, ولكن اللهَ ضمنَ لهذه الأمة بقاءَ دينِها وحفظَه عليها, وهذا إنَّما يحصلُ بإقامةِ من يقيمُه الله من أفاضيلِ خليقتِه وخواصِ بريَّتِه, وهم حملةُ الشريعةِ المطهرة, وأنصارُ الملةِ المؤيدة, الذّابّون عن حياضِ السنةِ والتوحيد, المجاهدون مرات خلالَ عرى كلمةِ التقوى, فأظهر اللهُ بكلِّ طبقةٍ من فقهائها أئمةً يُقتدى بهم, ويُنتهى إلى رأيهم, فنصروا السنةَ وحاربوا البدعة, ودَعَوا إلى توحيدِ ربِّ العالمين, وحذّروا من سبلِ المشركين.
وكان من أجلِّهم إمام أهل السنة والصِّدِّيقُ الثاني: أبو عبدِ اللهِ أحمدُ بنُ حنبلَ رضي اللهُ عنه وأرضاه, فكان له مواقفُ ومقاماتٌ عظيمةٌ في نصرةِ مذهبِ السلف, ومن أشهرِها صدعُه بالحقّ لمّا ظهرَتْ فتنةُ القولِ بخلقِ القرآن ونفي صفاتِ اللهِ جلَّ وعلا, وصبرَ على الأذى في سبيلِ نشرِ السنةِ والتوحيد, حتى أظهرَه الله على خصومِه.

ثمَّ أقامَ اللهُ العالِمَ الربَّانيَّ بحرَ العلومِ شيخَ الإسلام: أحمدَ بنَ تيمية, الذي جددَ اللهُ به الدين بعد دروسِه, وأخزى به المرتدعين, فنشرَ مذهبَ السلفَ وألَّف في ذلك, وردَّ على أهلِ البدعِ وكشفَ عوارهم, وقامَ من بعده بهذا الأمرِ تلامذتُه المحققون, وأتباعُه ممن لا يُحصَون, كالعلامةِ ابنِ القيمِ وابنِ رجبٍ والذهبيِّ وابنِ كثيرٍ وابنِ عبدِ الهادي وغيرهم ممن سارَ على نهجِ السلفِ الصالح, علماً وعملاً ودعوةً وجهاداً.


(أولاً/ الحالة الدينية والمخالفات العقدية في نجدٍ في فترة الإمام محمد بن عبد الوهاب)
وبعدهم انتقضتْ عُرى الإسلام, وعُبِدَتْ النجومُ والكواكب, وعُظِّمَتْ القبورُ وبُنِيَتْ عليها المساجد, وعُبِدَتْ تلكَ الأضرحةُ والمشاهد, واعْتُمِدَ عليها عند المصائبِ دون الصمدِ الواحد, ونأتي بحديثِ أنَّ اللهَ جلَّ وعلا يبعثُ لهذه الأمةِ على رأسِ كلِّ قرنٍ من يجددُ لها أمرَ الدين, فبعثَ في القرنِ الثاني عشر شيخَ الإسلامِ الإمامَ المجددَ لِمَا اندرسَ من معالمِ الدين: محمدَ بنَ عبدِ الوهابِ رحمَهُ اللهُ وغفرَ له, فشمَّرَ عن ساعدِ الجِدِّ والاجتهاد, وأعلنَ بالنصح للهِ ولكتابِه ولرسولِه ولسائرِ العباد, ودعا إلى ما دعتْ إليه الرسلُ من توحيدِ اللهِ وعبادَتِه, ونهى عن الشركِ ووسائلِه وذرائعِه.


رد مع اقتباس