عرض مشاركة واحدة
قديم 08-22-2006, 02:41 PM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

xavi

Registered User

الصورة الرمزية xavi

xavi غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









xavi غير متواجد حالياً


إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى xavi إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى xavi

مشاركة: رجال غيروا وجه التاريخ ( حلقة خاصة)

إليكم كل البيانات التى توفرت لدى عن الملك فهد

رحيل الملك «المعتدل» فهد بن عبد العزيز..!
فقدت قوى الاعتدال في العالم العربي نصيرا مهما بوفاة الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود; ولكن ما يخفف من فداحة الخطب أن خليفته الملك عبد الله بن عبد العزيز لا يختلف كثيرا من حيث المنهج والتوجه عن الملك الراحل. ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية وبروز الدولة العربية المعاصرة، كان الصراع بين «الراديكالية» و«الاعتدال» هو مركز «السياسة» العربية، وخلال الستينيات كتب أستاذ العلوم السياسية الأمريكي وعميد الجامعة الأمريكية في بيروت واصفا العلاقات بين الدول العربية بأنها «الحرب الباردة» العربية. ولم يكن ما يجري بطول العالم العربي وعرضه مجرد انعكاس لما يجري على الساحة العالمية، من صراع بين المعسكرين الغربي والشرقي، الاشتراكي والرأسمالي، حلف الأطلنطي وحلف وارسو، وفي القلب من ذلك كله الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي; ولكنه كان عاكسا لتوجهات عربية اختلفت اختلافا جذريا بصدد تسيير الأمور العربية في داخل وخارج كل دولة وتحقيق مصالح العرب في مرحلة ما بعد الاستقلال.

وببساطة كان التيار الراديكالي هو الغالب، والزاعق أيضا، طوال الخمسينيات والستينيات، وتصور في الأساس أن مرحلة ما بعد الاستقلال لا تختلف كثيرا عما كان الحال قبلها، وأن معركة «حركة التحرر الوطني» لا تزال مستمرة، وقيل إن ذلك كان راجعا لإلحاح القضية الفلسطينية، وقيل في أحيان أخرى، إنه راجع لاستمرار وجود بعض الجيوب الاستعمارية في العالم العربي أو لوجود الاستعمار «الجديد» بأشكال أخرى، ولكن ما كان موجودا في كل الأحيان، هو الادعاء بوجود تناقضات جوهرية غير قابلة للحل بين الدولة العربية «المستقلة» والغرب عامة، والولايات المتحدة على وجه الخصوص. وعلى الجانب الآخر كان تيار الاعتدال العربي لا يختلف كثيرا في تبني «الهموم» العربية، ولكن رؤيته قامت على أن الدولة المستقلة لا تتحمل الحركة الدبلوماسية والسياسية والإعلامية بمعزل عن فهم وتقدير توازنات القوى. وكان معنى ذلك عمليا هو الاستمرار في الدفاع عن الحقوق العربية حيثما وجدت، وفي نفس الوقت بناء الجسور مع العالم الغربي بالمصالح والعلاقات التي تعطي للعرب وزنا، حيث يجب أن يكون الوزن.

وفي منتصف السبعينيات، وتحديدا في عام 1975 حينما تولى الأمير فهد بن عبد العزيز ولاية العهد في المملكة العربية السعودية بصلاحيات أوسع من مهام منصبه داخليا وخارجيا، كان العالم العربي قد انقلب حاله، وتغيرت العلاقات والموازين بين القوى الراديكالية والمعتدلة لصالح الأخيرة. فقد كان الراديكاليون العرب قد أخذوا الأمة العربية كلها إلى واحدة من أبشع هزائمها التاريخية في يونيو 1967، ومن بعدها تواضع خطابهم السياسي وانخفضت سقوف الأهداف القومية حتى لم تعد تزيد عن «إزالة آثار العدوان». وحدث ذلك في نفس الوقت الذي كانت فيه القوى «المعتدلة» قد وصلت إلى حافة الراديكالية عندما كانت على استعداد لاستخدام سلاح النفط ضد الولايات المتحدة والغرب، من أجل خدمة المصالح العربية العليا خلال حرب أكتوبر 1973.

ولم يكن معنى هذا الانقلاب نهاية الراديكالية في العالم العربي، فلعلها في النهاية بقيت معنا حتى الآن، بعد أن أخذت أشكالا وعباءات مختلفة كان بعضها أحيانا بعثيا على الطريقة السورية، وأحيانا بعثيا على الطريقة العراقية، وفي أحيان ثالثة كان خليطا بين الاثنين على طريقة قناة الجزيرة في قطر، وفي أحيان رابعة على الطريقة «الإسلاموية» بمذاهبها ومنطلقاتها المختلفة في تورا بورا أو في لندن. ولكن التحول الجوهري كان التغير في القاهرة من جانب، والتقاء القاهرة مع الرياض من جانب آخر; ومع هذا التحول انتهى عمليا الصراع الأساسي في «الحرب الباردة» العربية. وبات ممكنا خلق توافق عربي عام. وبينما كان الرئيس السادات ـ رحمه الله ـ في مصر، والملك فيصل ـ رحمه الله ـ في الرياض، هما مهندسا التغيير في العالم العربي، فإنه كان على العاصمتين إدارة هذا التحول، حتى بعد أن تم اغتيالهما من قبل قوى راديكالية.

والحقيقة أن ما حاوله الملك فهد ـ رحمه الله ـ خلال الثمانينيات من تسوية الصراع العربي ـ الإسرائيلي، لم تكن سوى استكمال لما كان السادات يحاول القيام به منفردا. فجوهر ما كان يحاوله الملك هو تحقيق السلام على أساس من مبادلة الأرض بالسلام، التي جاءت في شكل مبادرة باسمه أولا، ثم بعد ذلك عرفت باسم مبادرة فاس; ولكن الفارق هو تحقيق توافق عربي على هذا المسار. ولم تكن هناك مشكلة بعد ذلك في إعادة استيعاب القاهرة مرة أخرى إلى الصف العربي، خاصة بعد أن نجحت في تحقيق انسحاب إسرائيلي كامل من أراضيها يصلح أن يكون سابقة تسري على باقي الأراضي العربية المحتلة.

والحقيقة أن عودة مصر إلى الصف العربي بقيادة الرئيس مبارك المعتدل، هو الآخر جاء في وقته تماما، حيث بات المسرح العربي كله مهيئا لمعركة عظمى بين الراديكاليين والمعتدلين. ومن الناحية الاستراتيجية البحتة لم يكن استيلاء عراق صدام حسين «تصحيحا» لأخطاء تاريخية، أو خلافا على آبار نفط، أو عودة لمحافظة ضائعة إلى البلد الأم، وإنما كان محاولة لقلب موازين القوى في المنطقة كلها، من خلال الاستيلاء على النفط الكويتي، ووضع بقية دول الخليج وبترولها تحت الابتزاز المستمر، ووضع بقية العرب تحت الإغراءات والضغوط. وكان ذلك كارثة عربية بكل المقاييس، ليس فقط لضياع استقلال بلد عربي، وهو مهم، وليس فقط دعوة لهجوم عالمي على بلد عربي، حيث لا تسامح مع امتلاك قوة مجنونة لكل هذا النفط، وهو ما لا يقل أهمية، وإنما لأن ذلك كان سوف يقلب موازين القوى تماما بين المعتدلين والراديكاليين لصالح الأخيرين، بحيث يكون في مقدورهم أخذ العالم العربي كله إلى كل موارد التهلكة.


ما جرى بعد ذلك معروف، ولكن القرارات التي اتخذها الملك فهد في هذه اللحظة كانت هي التي حافظت على إمكانيات بقاء الأمة العربية، خاصة بعد أن نجحت خلال الثمانينيات في درء خطر الثورة الإيرانية. وبشكل ما فإن تيار الاعتدال الذي أخذ في التشكل على الساحة العربية عامة، وبين القاهرة والرياض خاصة، كان قادرا على التعامل بنجاح مع أنواع مختلفة من الراديكالية مرة بالنصيحة والتدخل البناء، كما جرى في اتفاقية الطائف، التي أنقذت لبنان وسوريا معا، ومرة بالمواجهة الفكرية كما جرى مع طهران، ومرة بالصراع المسلح عندما لم يكن هناك بد من دماء تسال، كما حدث مع العراق بعد غزو الكويت. ولم يكن ذلك استسلاما للولايات المتحدة، بل إنقاذا للعالم العربي من قوى غير عاقلة، وحينما أتت أحداث الحادي عشر من سبتمبر بأخطارها التي مهدت الطريق إلى غزو العراق، لم تكن هناك مشكلة في طلب جلاء القوات الأمريكية، ولا كانت هناك مشكلة في رفض الغزو ذاته عندما وقع. وعندما ذهبت روح الملك فهد إلى الرفيق الأعلى كانت المعركة لا تزال مستمرة، ولكن تاريخه خلق فرصة للاعتدال لم يكن لها لتتوفر لولا مجهودات الملك الراحل على مدى ثلاثة عقود


رد مع اقتباس