الموضوع: فتوح الغيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-16-2011, 02:21 AM   رقم المشاركة : 11
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة الثامنة

فـي الـتــقــرب إلــى الله

قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : إذا كنت في حالة لا تختر غيرها أعلى منها ولا أدنى، فإذا كنت على باب الملك لا تختر الدخول إلى الدار حتى تدخل إليها جبراً لا اختياراً, وأعني بالجبر أمراً عنيفاً متأكداً متكرراً, ولا تكف بمجرد إذن بمجرد الدخول, لجواز أن يكون ذلك منكراً وخديعة من الملك, لكن اصبر حتى تجبر على الدخول فتدخل الدار جبراً محضاً وفضلاً من الملك, فحينئذ لا يعاقب الملك على فعله, إنما تتعرض العقوبة لك لشؤم تخيرك وشرهك، وقلة صبرك وسوء أدبك, وترك الرضي بحالتك التي أقمت فيها, فإذا حصلت فكن مطرقاً غاضاً لبصرك متأدباً, محافظاً لما تؤمر به من الشغل والخدمة فيها غير طالب للترقي إلى الذروة العليا. قال الله عزَّ وجلَّ : }وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى{.طـه131. فهذا تأديب منه عزَّ وجلَّ لنبيه المختار صلى الله عليه وسلم في حفظ الحال والرضا بالعطاء بقوله : }وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى{.طـه131. أي ما أعطيتك من الخبر والنبوة والعلم والقناعة والصبر وولاية الدين, والعروة فيه أولى مما أعطيت وأحرى, فالخير كله في حفظ الحال والرضا بها وترك الالتفات إلى ما سواها, لأنه لا يخلو إما أن يكون قسمك أو قسم غيرك, أو أنه لا قسم لأحد بل أوجده الله فتنة, فإن كان قسمك وصل إليك شئت أم أبيت فلا ينبغي أن يظهر منك سوء الأدب والشره في طلبه, فإن ذلك غير محمود في قضية العلم والعقل, وإن كان قسم غيرك فلا تتعب فيما لم تناوله ولا يصل إليك أبداً, وإن كان ليس بقسم لأحد بل هو فتنة فكيف يرضى للعاقل ويستحسن أن يطلب لنفسه فتنة ويستجلبها لها, فقد ثبت أن الخير كله والسلامة في حفظ الحال, فإذا رقيت إلى الغرفة ثم إلى السطح فكن كما ذكرنا من الحفظ والإطراق والأدب, بل يتضاعف ذلك منك, لأنك أقرب إلى الملك وأدنى بالخطر, فلا تتمن الانتقال منها إلى أعلى منها ولا إلى أدنى, وثباتها وبقائها, ولا تغير وصفها وأنت فيها, ولا يكون لك اختيار ألبته, فإن ذلك كفر في نعمة الحال والكفر يحل بصاحبه الهوان في الدنيا والآخرة فاعمل على ما ذكرناه أبداً حتى ترقى إلى حالة تصير لك مقاماً تقام فيه فلا تزال عنه، فتعلم حينئذ أنه موهبة ظهر بيانها فتمسكه ولا تزل، فالأحوال للأولياء والمقامات للأبدال والله يتولى هداك.


رد مع اقتباس