عرض مشاركة واحدة
قديم 11-20-2004, 03:43 PM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

الزوار


الملف الشخصي








- النظرية الأخلاقية الأوربية:

وفقا لمفهوم Beauchamp و Childress [1] فهناك ثماني نظريات (؟؟ذكر6نظريات فقط؟؟) أخلاقية لا يمكن استخدام إحداها منفردة لحل كل المشكلات الطبية الأخلاقية، ولا تتوافر لإحداها منفردة خواص النظرية الأخلاقية الجيدة من حيث الوضوح والترابط والكمال والفهم والبساطة والعملية والقدرة على الإيضاح والإثبات. وبالتالي لا بد من استخدام أكثر من نظرية معا لحل قضية أخلاقية معينة، وبالطبع هذا مرهق ومربك.

1- نظرية المنفعة: تعتمد هذه النظرية على النتيجة المنفعية، وهنا يتم الحكم على جودة أي عمل (أي أنه جيد أم سيئ) تبعا للموازنة بين نتائجه الجيدة والسيئة. ومذهب المنفعة هنا يهدف إلى تحقيق أعظم إيجابيات بأقل سلبيات، وعيوب هذا المذهب أنه يسمح بأعمال غير أخلاقية بوضوح على أساس المنفعة.
2- نظرية الإلزام: وتقول هذه النظرية: إن الأخلاقيات تعتمد على الاستنتاج الخالص، وقد رفض Immanuel Kan فيلسوف هذه النظرية: التقاليد، والحدس، والبديهة، والضمير والعواطف كمصدر للحكم الأخلاقي. وقال: إن وجود مبرر أخلاقي شرعي يبرر الأفعال، وقال: إن الأفعال يكون أساسها الإلزام الأخلاقي. المشكلة في هذه النظرية أنها لا توجِد حلا للتضارب في الالتزامات؛ لأنها تعتبر القواعد الأخلاقية مطلقة.
3- نظرية الحقوق: وتعتمد هذه النظرية على احترام حقوق الإنسان للملكية والحياة والحرية والتعبير، ومشكلة هذه النظرية أن التشديد على الحقوق الفردية يخلق مناخا معاديا؛ حيث إن الحقوق الفردية من الممكن أن تتعارض مع حقوق الجماعة، ومن الممكن أن تتعارض حقوق فرد مع حقوق الآخر.
4- نظرية الجماعة: وتقول هذه النظرية: إن التحكم في الأحكام الأخلاقية يكون بمراعاة اعتبارات الصالح العام والأهداف الاجتماعية والتقاليد، وهذه النظرية تنكر نظرية الحقوق التي ترتكز على الفردية، إلا أن المشكلة في هذه النظرية أنه من الصعب الوصول إلى إجماع على ما تتكون منه قيم الجماعة في ظل المجتمع المعقد المتنوع.
5- نظرية العلاقة: وتؤكد هذه النظرية على العلاقات الأسرية والعائلية، والعلاقة الخاصة بين الطبيب والمريض. وهنا تراعي الأحكام الأخلاقية عدم فعل أي شيء يعطل أو يمزق الحياة الطبيعية للأسرة. ومشكلة هذه النظرية أنه من الصعب التعامل وتحليل العوامل النفسية والعاطفية في هذه العلاقات.
6- نظرية الحالة: وهي نظرية عملية في إصدار القرارات وفقا لكل حالة على حدة كما هي، وهذه النظرية قد تعطي نتائج متناقضة لحالات ذات طبيعة متشابهة، وهي أيضا عرضة للانحياز.

قواعد الأخلاقيات الأوربية

قواعد الأخلاقيات هي البديهيات أو الحقائق المقررة التي تبسط الاستنتاج الأخلاقي وفقا لـ Beauchamp و Childress، وهناك أربعة قواعد أخلاقية أوربية أساسية، وهذه القواعد هي:

1- قاعدة الاستقلال: وهي خاصة بقدرة المريض على اتخاذ القرارات الخاصة بالإجراءات الطبية.
2- قاعدة عدم الإيذاء: وهي خاصة بعدم التسبب في أي ضرر.
3- قاعدة النفع: وهي الإفادة والموازنة بينها وبين المخاطرة والتكاليف.
4- قاعدة العدل: أي العدل في توزيع المنافع والتكاليف والمخاطر.

وعند مقارنة القواعد الأخلاقية الأوربية بالمقاصد الشرعية الإسلامية نجد أن القواعد الأوربية غير مبنية على نظرية مفهومة.. نعم قد نجد بعض التشابه بينهما لكن القواعد الأوربية محدودة في مجال التغطية.

قوانين الأخلاقيات الأوربية

وفقا لـ Beauchamp و Childress فإن تطبيق القواعد الأربعة السابقة يتطلب قوانين أخلاقية. هذه القوانين قد تكون قوانين أساسية، وقوانين السلطة، وقوانين إجرائية.

أ‌- القوانين الأساسية: تتعلق بالحق، الصدق، الخصوصية، السرية والإخلاص.
ب‌- وقوانين السلطة: تتعلق بالوكالة، السلطة المهنية، والعدالة في التوزيع.
ت‌- القوانين الإجرائية: وكل منها خاص بالإجراءات التي تطبق.
من الممكن أن نجد علاقة بين القوانين الأخلاقية الأوربية وبين ضوابط الفقه، لكن القوانين الأوربية ذات مجال ضيق عند مقارنتها بضوابط الفقه.

الأخلاقيات الإسلامية وخصائصها العامة

الأخلاقيات الإسلامية مطلقة وذات أصل مقدس، ولا يمكن أن يتخذ الإجماع البشري غير المستنبط من التشريع المقدس مصدرا للخطوط الإرشادية للأخلاقيات. ويقتصر دور العنصر البشري على تطبيق التعاليم الشرعية والأخلاقية للإسلام على المواقف العملية.
والشريعة الإسلامية تحظر تلقائيا كل الأفعال غير الأخلاقية فيما يطلق عليه الحرام، وتجيز تلقائيا كل ما هو أخلاقي فيما يطلق عليه المباح. والخطوط الإرشادية للأخلاقيات في الإسلام ثابتة ومتغيرة في الوقت نفسه، فالقواعد الأخلاقية والشرعية ثابتة وواسعة المدى لتشمل احتياجات كل الأزمنة والأمكنة، والتطبيقات التفصيلية متغيرة وتتغير بالتطور في العلم والتكنولنوجيا.
والإسلام يقر بأن الأخلاقيات لا يمكن فصلها عن الشريعة؛ فالشريعة الإسلامية هي خلاصة وافية من الأخلاقيات والقواعد الشرعية. وبالتالي فإن مقاصد الشريعة [2] وقواعد الفقه وضوابطه [3] هي أساس الأخلاقيات. والإسلام يقر أن العقل البشري قادر على الاستنباط العقلي لكل ما هو صحيح وكل ما هو خطأ في معظم مشكلات الحياة، إلا إذا كان العقل فاسدا متبعا للشيطان. إلى جانب ذلك توجد عدة مساحات رمادية للاستنتاج الأخلاقي تحت إرشاد الوحي للوصول إلى نتائج صحيحة.
ويعتبر الإسلام الأخلاقيات الطبية نفس الأخلاقيات في مجالات الحياة الأخرى، وبالتالي فإنه لا يوجد دستور مخصوص للأطباء. ومن ثم فما نطلق عليه الأخلاقيات الطبية ما هو إلا القواعد الأخلاقية العامة باستخدام المصطلحات والتطبيقات الطبية. فقوانين الأخلاقيات الطبية يمكن استخلاصها من الشريعة الأساسية لكن التطبيقات التفصيلية تتطلب اجتهاد الأطباء. ومما يثير العجب أن بعض المشكلات الأخلاقية يمكن حلها باجتنابها؛ حيث إنه من التعاليم الإسلامية اجتناب كل ما يثير الشك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دع ما يَريبك إلى ما لا يَريبك" [4].
والنظرية الأخلاقية في الإسلام متمثلة في المقاصد الشرعية الخمس التي هي: حفظ الدين، حفظ النفس، حفظ العقل، حفظ النسل، وحفظ المال. فأي عمل طبي يجب أن يحقق هذه المقاصد حتى نعتبره أخلاقيا. والقواعد الأخلاقية الأساسية للإسلام المتعلقة بممارسة الطب تستخلص من قواعد الشريعة الخمس التي هي القصد، اليقين، الضرر، المشقات، والعرف.


مقاصد الشريعة في الطب

المقصد الأول:
حفظ الدين: وهذا المقصد يخص الصحة الجسدية والعقلية؛ فحفظ الدين يتضمن حفظ العبادات، وبالتالي فإن العلاج الطبي يسهم مباشرة في حفظ العبادات عن طريق الحفاظ على الصحة الجيدة، مما يعطي العابد الطاقة الجسدية والعقلية اللازمة للقيام بمسئوليات العبادات. والعبادات الأساسية التي تعتمد على الطاقة الجسدية هي الصلاة، والصوم، والحج. فالجسد الضعيف لا يتمكن من أداء هذه العبادات على أكمل وجه. وكذلك الصحة المتوازنة ضرورية لفهم العقائد ودرء الفهم الخاطئ للقواعد.

المقصد الثاني:
حفظ النفس: وهذا هو المقصد الأساسي للطب، والطب لا يمنع أو يؤجل الموت؛ لأن الموت بيد الله وحده، لكن الطب يحاول المحافظة على جودة عالية للحياة حتى ميقات الموت، وهذا بالحفاظ على الوظائف الجسدية.
المقصد الثالث:
حفظ النسل: ويساهم الطب في حفظ النسل عن طريق التأكد من العناية الجيدة بالأطفال حتى يصبحوا أفرادا أصحاء في المجتمع يمكنهم تقديم نسل جديد ذي صحة جيدة، وعلاج عقم الذكور والإناث يضمن تكاثرا ناجحا، والعناية بالسيدات الحوامل والعناية بالأطفال في مرحلة ما قبل الولادة كل هذا يضمن أطفالا أصحاء يكبرون في صحة جيدة.
المقصد الرابع:
حفظ العقل: يلعب الطب دورا في حفظ العقل عن طريق علاج الأمراض الجسدية حيث إن علاج الجسد من آلامه يزيح الضغط العصبي الذي يؤثر على الحالة العقلية. وكذلك علاج الحالات النفسية لحفظ الوظائف العقلية، وأيضا علاج إدمان الكحوليات والمخدرات لمنع تدهور الحالة العقلية للإنسان.
المقصد الخامس:
حفظ المال: يساهم الطب في حفظ المال، حيث إن أموال أي مجتمع تعتمد على الأنشطة المنتجة التي يقوم بها المواطنون الأصحاء، وبالتالي فإن المحافظة على صحة الأجيال وعلاج أي أمراض يضمن الحفاظ على الأموال. ونجد المجتمعات ذات الصحة العامة المتدنية أقل إنتاجا من المجتمعات ذات الصحة العامة الجيدة.
قد يحدث تضارب بين مبادئ حفظ النفس وحفظ المال في علاج الحالات التي تعاني من أمراض مميتة، حيث إن الأموال التي تنفق على علاج هذه الحالات يمكن استخدامها لعلاج حالات أخرى من المتوقع شفاؤها. وحل مثل هذا التناقض يكون بالرجوع إلى قواعد الشريعة.

قواعد الشريعة

قاعدة القصد: يندرج تحت هذه القاعدة العديد من القواعد الفرعية التي تطبق على ممارسة الطب، مثل القاعدة الفرعية القائلة: الأمور بمقاصدها، وهي تدعو لأن يرجع الطبيب إلى ضميره، حيث إن هناك الكثير من الإجراءات والقرارات الطبية التي لا تظهر للجمهور، فمن الممكن أن يقوم الطبيب بإجراء يكون مقبولا ظاهريا، لكنه له مقصد مختلف لا يظهر لنا، ومثال ذلك استخدام المورفين لتسكين الألم في المراحل النهائية للمرض في حين أن المقصد الحقيقي من الممكن أن يكون إحداث هبوط في التنفس يؤدي إلى الموت.
ومثل القاعدة الفرعية القائلة: مقاصد ومعانٍ لا ألفاظ ومبانٍ، وتستخدم هذه القاعدة لدحض استخدام الخلافات الشرعية التي تحدث بسبب الترجمة الحرفية لتبرير الأفعال غير الأخلاقية، ومثال ذلك التفسير الخاطئ لبعض الأحاديث عن علم الأجنة لتبرير الإجهاض قبل أن تنفخ الروح في الجنين. وهذه القواعد التي لها حكم المقاصد تقول أيضا: إنه يجب عدم إنجاز أي مقصد طبي بطرق غير أخلاقية.
قاعدة اليقين: لم يصل الطب بعد في مجالي التشخيص وتحديد العلاج المناسب إلى درجة اليقين التام التي يطلبها الشرع، فالطب يعمل الآن عند مستوى (الظن الغالب). ولا يمكن أن يسير العمل في المجال الطبي عند مستوى الظن أو الشك. وفي نفس الوقت لا يوجد في الطب مواقف لا يوجد بها شك أو تردد، أي أن اليقين التام غير موجود في الطب. وفي حالة (الظن الغالب) يكون هناك دليل لأحد الاحتمالات ولا يوجد دليل للآخر، لكن في حالة الظن يكون هناك ميل لأحد الاحتمالات لكن دون أي دليل كافٍ، أما في حالة الشك فالدليل للاحتمالين متساو.


رد مع اقتباس