الموضوع: فتوح الغيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-17-2011, 10:17 AM   رقم المشاركة : 89
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب


بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة الثانية والسبعون

فـي مـن إذا دخـل الأســواق و مـال إلـى مـا فـيـهـا
و مـن إذا دخـلـهـا و صـبـر

قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : الذين يدخلون الأسواق من أهل الدين و النسك في خروجهم إلى أداء ما أمر الله تعالى من صلاة الجمعة و الجماعة و قضاء حوائج تسنح لهم على أضرب :

مــنــهــم من إذا دخل السوق و رأى فيه من أنواع الشهوات و اللذات تقيد بهما و علقت بقلبه فتن، و كان ذلك سبب هلاكه و تركه دينه و نسكه و رجوعه إلى موافقة طبعه و إتباع هواه إلا أن يتداركه عزّ و جلّ برحمته و عصمته و إصباره إياه عنها فتسلم.

و مــنــهــم من إذا رأى ذلك كاد أن يهلك بها رجع إلى عقله و دينه و تصبر و تجرع مرارة تركها، فهو كالمجاهد ينصره الله تعالى على نفسه و طبعه و هواه، و يكتب له الثواب الجزيل في الآخرة. كما جاء في بعض الأخبار عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( يكتب للمؤمنين بترك شهوة عند العجز عنها أو عند المقدرة سبعون حسنة ) أو كما قال.

و مــنــهــم من يتناولها و يتلبس بها و يحصلها بفضل نعمة الله عزّ و جلّ التي عنده من سعة الدنيا و المال، و يشكر الله عزّ و جلّ عليها.

و مــنــهــم من لا يراها و لا يشعر بها، فهو أعمى عن ما سوى الله عزّ و جلّ، فلا يرى غيره، و أصم عما سواه فلا يسمع من غيره، عنده شغل عن النظر إلى غير محبوبه و اشتهائه، فهو في معزل عما العالم فيه فإذا رايته و قد دخل السوق فسألته عما رأى في السوق يقول ما رأيت شيئاً. نعم قد رأى الأشياء لكن قدر رآها ببصر رأسه لا ببصر قلبه، و نظرة فجاءت لا نظرة شهوة، نظر صورة لا نظر معنى، نظر الظاهر لا نظر الباطن، فبظاهره ينظر إلى ما في السوق و بقلبه ينظر إلى ربه عزّ و جلّ، إلى جلاله تارة و إلى جماله تارة أخرى.



و مــنــهــم من إذا دخل السوق امتلأ قلبه بالله عزّ و جلّ رحمة لهم، فتشغله الرحمة لهم عن النظر إلى ما لهم و بين أيديهم فهو في حين دخوله إلى حين خروجه في الدعاء و الاستغفار و الشفاعة لأهله و الشفقة و الرحمة عليهم و لهم، و عينه مغرورقة و لسانه في ثناء و حمد لله عزّ و جلّ بما أولى الكافة من نعمه و فضله فهذا يسمى شحنة البلاد و العباد، و إن شئت سميته عارفاً و بدلاً و زاهداً و عالماً غيباً و بدلاً محبوباً مراداً و نائباً في الأرض على عباده، و سفيراً و جهبذاً و نفاذا و هادياً و مهدياً و دالاً و مرشداً فهذا هو الكبريت الأحمر و بيضة العقعق، رضوان الله عليه و على كل مؤمن مريد لله وصل إلى انتهاء المقام، و الله الهادي.


رد مع اقتباس