عرض مشاركة واحدة
قديم 12-01-2011, 10:36 AM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

أفاق الفكر

مراقب

مراقب

أفاق الفكر غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








أفاق الفكر غير متواجد حالياً


رد: المؤرخة د. فراوكه تترجم كتابها من الإمارات المتصالحة إلى دولة الإمارات العربية

الازدهار الاقتصادي في الإمارات المتصالحة

Cant See Images

Cant See Images
المصدر: إعداد : بشاير المطيريالتاريخ: 11 نوفمبر 2011
الاتحاد أسهم في تزويد الدولة بإداريين مواطنين. أرشيفية

كانت النجاحات التي تحققت بمساندة مكتب تطوير الإمارات المتصالحة في مجال التعليم، إضافة إلى مواطن الضعف، ظاهرة للعيان، ونزولاً عند الضغوط القوية لوزارة التنمية البريطانية لما وراء البحار، تولى الوكيل السياسي البريطاني ومكتب التطوير، منذ عام 1965 مهام مسؤولياتها في الإمارات المتصالحة مستخدمين المبادئ والنظم نفسها التي كانا يتبعانها في أية دولة نامية أخرى، وسعياً إلى تحفيز الشباب على تلقّي التدريب المهني والتجاري، ولم يحاولا تدريب كادر من الموظفين الإداريين.


ويبدو أن هذا النوع من الأولويات كان مناسباً في دولة قليلة السكان تتوقّع زيادة كبيرة وسريعة في عدد الوظائف الفنية التي ستحتاج إليها عمليات شركات النفط، وكانت التجارة تتوسع في المراكز السكنية الكبيرة بعد تزايد أنشطة شركة النفط، وأصبح من المؤكد بالنسبة للحكام أنه من المفيد بالنسبة لهذه الإمارات تدريب الطلاب على المهارات التي سيحتاجها الاقتصاد المزدهر، وقد لقيت هذه السياسة ترحيباً وتشجيعاً في مجلس الإمارات المتصالحة.

ومن الممكن التساؤل بعدما تحقّق الأمر، هل كان من الضروري تدريب عدد أكبر من القوى العاملة المحدودة جداً في مجال الوظائف الإدارية؟ وهل تمكّن الناس المشتركون في أعمال التنمية في الإمارات المتصالحة في أواخر ستينات القرن الـ20 أن يعرفوا مسبقاً أن هذه الدولة لم تكن «دولة نامية» عادية، بل دولة لم يكن فيها تمويل أي مشروع يشكّل مشكلة؟ لقد تم توقّع شكل ما من أشكال الاتحاد السياسي وتالياً فقد كان يجدر بذل مجهود أكبر لتزويد تلك الدولة بإداريين مواطنين لإدارة البلاد في المستقبل، وهذا لا يعني أنه لم يكن هناك بعض الناس الذين طالبوا بإنفاق الأموال المتوافرة على بناء المؤسسات وتدريب الكوادر بدلاً من الإنفاق على الخدمات الاجتماعية.

ومهما كانت الطريق التي من الممكن أن تسلك، لتغليب التعليم الفني أو الإداري على غيرهما من فروع التعليم، كانت الأحداث كفيلة بتغيير النتيجة، وفي النهاية فإن التعليم عبارة عن عملية طويلة الأمد، وكان من المستحيل التنبؤ حتى بعد اكتشاف النفط بكميات تجارية في أبوظبي عام 1960 بأن الازدهار الاقتصادي الناتج عن ذلك سيكون بهذا الحجم الكبير، وأنه سيزداد زخماً بهذه السرعة، كذا لم يكن من الممكن تدريب الناس في الفترة التي سبقت الازدهار والاتحاد عام 1971 على إدارة الأوضاع الجديدة التي كانت بحد ذاتها نتيجة للتغيّرات الاقتصادية والسياسية.


لقد كان التدخل البريطاني في أبوظبي مختلفاً بطبيعته عنه في بقية الإمارات المتصالحة، فقد كان التدخل استشارياً وليس عملياً فعالاً، ومن الأسباب التي استدعت إرسال ضابط بريطاني إلى أبوظبي عام 1957 وترقيته إلى وكيل سياسي عام ،1961 ودفعت الحكومة البريطانية إلى البحث عن مستشارين مناسبين، تشجيع الحاكم على تسريع عملية التنمية بمبادرته الخاصة، وقد تم توظيف هؤلاء المستشارين من قبل حاكم أبوظبي مباشرة، وتالياً كانوا يتلقون تعليماتهم منه وليس من وكالة التطوير ومن الحكومة البريطانية.

أما موظفو مكتب التطوير أو غيرهم من الوافدين العاملين في دبي، فقد أسهموا باستمرار وبفاعلية في مجالات عملهم المختلفة، ولكن لم يكن من المتوقع أن يكونوا مهتمين بصورة خاصة بالمشكلات المتعلقة بتنسيق جهود التنمية عبر الإمارات المتصالحة.

وفي أواخر ستينات القرن الـ20 أصبحت دبي تتمتع بثراء كبير وكانت تضطلع بمساهمات مالية كبيرة تجاه نمو وتطوّر إمارات الساحل المتصالح الشمالية.

من جهة أخرى، تحسّن مستوى المعيشة لدى أهالي أبوظبي بشكل كبير مقارنة بالتغيّر الذي حدث في إمارات أخرى، ولم يكن أحد بمن فيهم المستشارون، يدرك أهمية عدم التوازن هذا في ذلك الوقت، ولكن تصحيح هذا الأمر كان سيسهّل عملية التحوّل إلى دولة متحدة، والتي ستحلّ محلّ المشيخات الصغيرة القائمة عاجلاً أم آجلاً.

كان حاكم أبوظبي آنذاك قد طلب من الأميركيين الذين كانوا يديرون المستشفى الهولندي التابع للكنيسة في مطرح في عمان، إقامة مرافق وتقديم خدمات طبية في العين، ويعتبر إنقاذ حياة أي شخص في مثل هذا المجتمع القليل السكان إضافة مهمة لذلك المجتمع، ولذلك فقد كان لجهود الطبيب الجرّاح كينيدي وزوجته الطبيبة النسائية، ومساعديهما منذ افتتاح مستشفى الواحة عام 1960 دور كبير في إنقاذ أرواح الكثير من الناس الذين يعتبرون مهمين للمجتمع المحلي اليوم.

وفي العين ومناطق أخرى قامت البعثة الطبية ببناء منشآت صحية فيها قبل أية حكومة، ولم يكن لدى معظم العائلات المحلية أي اتصال آخر مع العالم الخارجي، وأصبح مدى نجاح أو فشل الطب الغربي إضافة إلى الاشخاص الذين يديرونه، مقياساً لما يمكن أن يتوقعه العديد من الناس من أوروبا والدول المتقدمة.

وفي عام 1966 أطلق حاكم أبوظبي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مجموعة كبيرة من المشروعات التنموية والخدمات الاجتماعية، التي كان بإمكانه تمويلها من مدخول النفط المتنامي.

ويعود التغيير الكبير الذي طرأ على أهالي الإمارات المتصالحة خلال خمسينات وأوائل ستينات القرن الـ20 بشكل أساسي، إلى أنشطة شركة تطوير بترول الساحل المتصالح ومقرّها لندن وبعدها شركة أدما، وإلى جهود الحكومة البريطانية، ومما لاشك فيه أن أعداداً كبيرة من موظفي شركة النفط ومسؤولي التنمية وموظفي الحكومة البريطانية، قد بذلوا جهوداً كبيرة في التخطيط وتنفيذ أعمال ومجهودات بدنية كبيرة، وربما كانت قوة الإرادة والجهد الشخصي على مختلف المستويات هما السر في سعي أولئك الناس لتحقيق نتائج فورية وملموسة يمكن رؤيتها على أرض الواقع في المجالات الخاصة التي تهمهم.

ومع نهاية ستينات القرن الـ،20 كانت الحياة في الإمارات المتصالحة تبدو أقلّ صعوبة بكثير مما كانت عليه في نهاية الحرب العالمية الثانية، فقد توافرت فرص العمل للعديدين مع شركات النفط، وكانت التجارة في دبي وأبوظبي تنمو وتزدهر بسرعة هائلة، كما كان الأمن وسبل المواصلات والخدمات الاجتماعية تتحسّن كلّ شهر، وكان الازدهار الاقتصادي بحدّ ذاته كافياً لتحسين البنية التحتية باستمرار.



المصدر: من الإمارات المتصالحة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، فراوكه هيرد ــ باي.
Cant See Links


رد مع اقتباس