عرض مشاركة واحدة
قديم 10-18-2003, 04:38 AM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

الزوار


الملف الشخصي








تتمه-----------

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

المتــــن:



القاعدة الثانية : أنّهم يقولون : ما دعوناهم وتوجّهنا إليهم إلا لطلب القُرْبة والشفاعة، فدليل القُربة قوله ـ تعالى ـ : { والذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى الله زُلفى إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدى من هو كاذبٌ كفّار } ودليل الشفاعة قوله ـ تعالى ـ : { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفاؤنا عند الله }، والشفاعة شفاعتان : شفاعة منفيّة وشفاعة مثبَتة : فالشفاعة المنفيّة ما كانت تٌطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلاّ الله، والدليل : قوله ـ تعالى ـ : { يا أيها الذين آمنوا أنفِقوا ممّا رزقناكم من قبل أنْ يأتي يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خُلّة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون } والشفاعة المثبَتة هي : التي تُطلب من الله، والشّافع مُكْرَمٌ بالشفاعة، والمشفوع له : من رضيَ الله قوله وعمله بعد الإذن كما قال ـ تعالى ـ : { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } .



الشـــرح:

القاعدة الثانية : أن المشركين الذين سمّاهم الله مشركين وحكم عليهم بالخُلود في النار، لم يشركوا في الربوبيّة وإنما أشركوا في الألوهية، فهم لا يقولون إنّ آلهتهم تخلُق وترزُق مع الله، وأنهم ينفعون أو يضرّون أو يدبّرون مع الله، وإنما اتخذوهم شفعاء، كما قال الله تعالى عنهم : { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله }، { ما لا يضرّهم ولا ينفعهم } هم معترفون بهذا إنهم لا ينفعون ولا يضرّون، وإنما اتخّذوهم شفعاء، يعني: وُسطاء عند الله في قضاء حوائجهم، يذبحون لهم، وينذُرون لهم، لا لأنّهم يخلقون أو يرزقون أو ينفعون أو يضرّون في اعتقادهم، وإنما لأنهم يتوسّطون لهم عند الله، ويشفعون عند الله، هذه عقيدة المشركين .

وأنت لمّا تناقش الآن قبوريـًا من القبوريّين يقول هذه المقالة سواءً بسواء، يقول : أنا أدري أنّ هذا الوليّ أو هذا الرجل الصالح لا يضر ولا ينفع، ولكن هو رجلٌ صالح وأُريد منه الشفاعة لي عند الله .

والشفاعة فيها حقّ وفيها باطل، الشفاعة التي هي حقّ وصحيحة هي ما توفّر فيها شرْطان :

الشرط الأوّل : أن تكون بإذن الله .
والشرط الثاني : أن يكون المشفوع فيه من أهل التوحيد، أي : من عُصاة الموحدين .

فإنِ اختلّ شرطٌ من الشرطين فالشفاعة باطلة، قال ـ تعالى ـ : { من ذا الذي يشفع عنده إلاّ بإذنه }، { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى }، وهم عُصاة الموحّدين، أما الكفّار والمشركون فما تنفعهم شفاعة الشافعين { ما للظالمين من حميم ولا شفيعٍ يُطاع } .


فهؤلاء سمعوا بالشفاعة ولا عرفوا معناها، وراحوا يطلبونها من هؤلاء بدون إذن الله ـ عزّ وجل ـ، بل طلبوها لمن هو مشرِكٌ بالله لا تنفعه شفاعة الشافعين، فهؤلاء يجهلون معنى الشفاعة الحقّة والشفاعة الباطلة .


الشفاعة لها شروط ولها قُيود، ليست مطلَقة .

فالشفاعة شفاعتان : شفاعة نفاها الله ـ جلّ وعلا ـ، وهي الشفاعة بغير إذنه ـ سبحانه وتعالى ـ، فلا يشفع أحد عند الله إلاّ بإذنه، وأفضل الخلق وخاتم النبيّين محمد إذا أراد أن يشفع لأهل الموقف يوم القيامة يخرّ ساجدًا بين يدي ربّه ويدعوه ويحمدُه ويُثني عليه، ولا يزال ساجدًا حتى يُقال له : (( ارفع رأسك، وقل تُسْمَعْ، واشفع تُشَفَّعْ ))، فلا يشفع إلا بعد الإذن .

والشفاعة المثبتة هي التي تكون لأهل التوحيد، فالمشرك لا تنفعه شفاعة، والذي يقدِّم القرابين للقبور والنذور للقبور هذا مشرك لا تنفعه الشفاعة .

وخلاصة القول : أن الشفاعة المنفية هي التي تطلب بغير إذن الله، أو تطلب لمشرك .

والشفاعة المثبتة هي التي تكون بعد إذن الله، ولأهل التوحيد .


5شرح القواعد الأربع
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

المتـــن:



(( القاعدة الثالثة: أنّ النبي ظهر على أُناسٍ متفرّقين في عباداتهم منهم مَن يعبُد الملائكة، ومنهم من يعبد الأنبياء والصالحين، ومنهم من يعبد الأحجار والأشجار، ومنهم مَن يعبد الشمس والقمر وقاتلهم رسول الله ولم يفرِّق بينهم، والدليل قوله ـ تعالى ـ : { وقاتِلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله}.
والدليل قوله ـ تعالى ـ : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كلّه لله }.
ودليل الشمس والقمر قوله ـ تعالى ـ : { ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر }.
ودليل الملائكة قوله ـ تعالى ـ : { ولا يأمرَكم أن تتّخذوا الملائكة والنّبيّين أربابـًا }.
ودليل الأنبياء قوله ـ تعالى ـ : { وإذْ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنتَ قلتَ للناس اتّخذوني وأُميَ إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أنْ أقول ما ليس لي بحقّ إنْ كنتُ قلتُه فقد علِمْته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنّك أنت علاّم الغيوب } .
ودليل الصالحين قوله ـ تعالى ـ : { أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيُّهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ... } الآية .
ودليل الأحجار والأشجار قوله ـ تعالى ـ : { أفرأيتم اللاّت والعُزّى ومناة الثالثة الأخرى }.
وحديث أبي واقدٍ الليثي ـ رضي الله عنه ـ قال : خرجنا مع النبي إلى حُنين ونحنُ حدثاء عهدٍ بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها : ذات أنواط، فمررنا بسدرة فقلنا : يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ... الحديث)).



الشـــرح:

القاعدة الثالثة : أنّ النبي بُعث إلى أُناسٍ من المشركين، منهم مَنْ يعبُد الملائكة، ومنهم من يعبد الشمس والقمر، ومنهم من يعبد الأصنام والأحجار والأشجار، ومنهم من يعبد الأولياء والصالحين.

وهذا من قبح الشرك أنّ أصحابه لا يجتمعون على شيء واحد، بخلاف الموحّدين فإنّ معبودهم واحد ـ سبحانه وتعالى ـ { أأربابٌ متفرّقون خيرٌ أمِ الله الواحد القهّار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سمّيتموها }، فمن سلبيّات الشرك وأباطيله : أنّ أهله متفرّقون في عباداتهم لا يجمعهم ضابط، لأنّهم لا يسيرون على أصل، وإنّما يسيرون على أهوائهم ودعايات المضلّلين، فتكثُر تفرّقاتهم { ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكِسون ورجلاً سَلَمـًا لرجل هل يستويان مثلاً الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون }، فالذي يعبد الله وحده مثل المملوك الذي يعبده شخص واحد يرتاح معه، يعرف مقاصده ويعرف مطالبه ويرتاح معه، لكن المشرك مثل الذي له عدّة مالكين، ما يدري مَنْ يُرضي منهم، كلّ واحد له هوى، وكلّ واحد له طلب، وكل واحد له رغبة، كل واحد يريده أن يأتي عنده، ولهذا قال سبحانه : { ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون } يعني : يملكه عدّة أشخاص، لا يدري مَن يُرضي منهم، { ورجلاً سَلَمـًا لرجل } مالكه شخص واحد، هذا يرتاح معه، هذا مثل ضربه الله للمشرك وللموحّد .

فالمشركون متفرّقون في عباداتهم، والنبي قاتلهم ولم يفرِّق بينهم، قاتل الوثنين، وقاتل اليهود والنصارى، وقاتل المجوس، قاتل جميع المشركين، وقاتل الذين يعبدون الملائكة، والذين يعبدون الأولياء الصالحين، لم يفرِّق بينهم .

فهذا فيه ردٌّ على الذين يقولون : الذي يعبد الصنم ليس مثل الذي يعبد رجلاً صالحـًا وملكـًا من الملائكة، لأنّ هؤلاء يعبدون أحجارًا وأشجارًا، ويعبدون جمادات، أما الذي يعبد رجلاً صالحـًا ووليـًّا من أولياء الله ليس مثل الذي يعبد الأصنام .

ويريدون بذلك أن الذي يعبد القبور الآن يختلف حكمه عن الذي يعبد الأصنام، فلا يكفر، ولا يعتبر عمله هذا شركـًا، ولا يجوز قتاله
.
فنقول : الرسول لم يفرّق بينهم، بل اعتبرهم مشركين كلّهم، واستحلّ دماءهم وأموالهم، ولم يفرِّق بينهم، والذين يعبدون المسيح، والمسيح رسول الله، ومع هذا قاتلهم . واليهود يعبدون عُزيرًا، وهو من أنبيائهم، أو من صالحيهم، قاتلهم رسول الله ، لم يفرِّق بينهم . فالشرك لا تفريق فيه بين مَنْ يعبُد رجلاً صالحـًا أو يعبُد صنمـًا أو حجرًا أو شجرًا، لأن الشرك هو : عبادة غير الله كائنـًا مَنْ كان، ولهذا يقول : { واعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئـًا }، وكلمة { شيئـًا } في سياق النهي تعمّ كلّ شيء، تعمّ كل مَنْ أُشرك مع الله ـ عزّ وجل ـ من الملائكة والرسل والصالحين والأولياء، والأحجار والأشجار .

قوله : (( والدليل قوله ـ تعالى ـ : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كلّه لله)).

أي : الدليل على قتال المشركين من غير نفريق بينهم حسب معبوداتهم؛ قوله تعالى : {وقاتلوهم}، وهذا عامّ لكل المشركين، لم يستثني أحدًا، ثم قال : { حتى لا تكون فتنة } والفتنة : الشرك، أي : لا يوجَد شرك، وهذا عامّ، أيَّ شرك، سواءً الشرك في الأولياء والصالحين، أو بالأحجار، أو بالأشجار، أو بالشمس، أو بالقمر .

{ ويكون الدين كلّه لله } : تكون العبادة كلها لله، ليس فيها شَرِكَةٌ لأحد كائنـًا مَنْ كان، فلا فرق بين الشرك بالأولياء والصالحين أو بالأحجار أو بالأشجار أو بالشياطين أو غيرهم .

قوله: (( ودليل الشمس والقمر قوله ـ تعالى ـ : { ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر )).

دلّ على أنّ هناك مَن يسجُد للشمس والقمر، ولهذا نهى الرسول عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها سدًّا للذريعة، لأنّ هناك مَن يسجُد للشمس عند طلوعها ويسجد لها عند غروبها، فنهينا أنْ نصليَ في هذين الوقتين وإنْ كانت الصلاة لله، لكن لَمّا كان في الصلاة في هذا الوقت مشابهة لفعل المشركين مُنِعَ من ذلك سدًّا للذريعة التي تُفضي إلى الشرك، والرسول جاء بالنهي عن الشرك وسدّ ذرائعه المفضية إليه .


رد مع اقتباس