الموضوع: رحلة ابن بطوطة
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-04-2004, 07:23 PM   رقم المشاركة : 6
الكاتب

abo _mohammed

المشــرف العــــام

abo _mohammed غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









abo _mohammed غير متواجد حالياً


6- وجهاء القاهرة

وكان سلطان مصر على عهد دخولي إليها الملك الناصر أبو الفتح محمد بن المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي وكان قلاوون يعرف بالألفي لأن الملك الصالح اشتراه بألف دينار ذهبا وأصله من قفجق وللملك الناصر رحمه الله السيرة الكريمة والفضائل العظيمة وكفاه شرفا انتماؤه لخدمة الحرمين الشريفين وما يفعله في كل سنة من أفعال البر التي تعين الحجاج من الجمال التي تحمل الزاد والماء للمنقطعين والضعفاء وتحمل من تأخر أو ضعف عن المشي في الدربين المصري والشامي وبنى زاوية بسرياقص خارج القاهرة لكن الزاوية التي بناها مولانا أمير المؤمنين وناصر الدين وكهف الفقراء والمساكين خليفة الله في أرضه القائم من الجهاد بنفله وفرضه أبو عنان أيد الله أمره وأظهره وسنى له الفتح المبين ويسر بخارج حضرته العلية المدينا البيضاء حرسها الله لا نظير لها في المعمورة في اتقان الوضع وحسن البناء والنقش في الجص بحيث لا يقدر أهل المشرق على مثله وسيأتي ذكر ما عمره أيده الله من المدارس والمرستانات والزوايا ببلاده حرسها الله وحفظها بدوام ملكه

ومن أمراء مصر ساقي الملك الناصر وهو الأمير بكتمور وهو الذي قتله الناصر بالسم وسيذكر ذلك ومنهم نائب الملك الناصر أرغون الدودار وهو الذي يلي بكتمور في المنزلة ومنهم طشط المعروف بحمص أخضر وكان من خيار الأمراء وله الصدقات الكثيرة على الأيتام من كسوة ونفقة وأجرة لمن يعلمهم القرآن وله الإحسان العظيم للحرافيش وهم طائفة كبيرة أهل صلابة وجاه ودعارة وسجنه الملك الناصر مرة.


فاجتمع من الحرافيش آلاف ووقفوا بأسفل القلعة ونادوا بلسان واحد يا أعرج النحس يعنون الملك الناصر أخرجه فأخرجه من محبسه وسجنه مرة أخرى ففعل الأيتام مثل ذلك فأطلقه ومنهم وزير الملك الناصر يعرف بالجمالي ومنهم بدر الدين بن البابه ومنهم جمال الدين نائب الكرك ومنهم تفز دمور ودمور بالتركية الحديد ومنهم بهادر الحجازي ومنهم قوصون ومنهم بشتك وكل هؤلاء يتنافسون في أفعال الخيرات وبناء المساجد والزوايا ومنهم ناظر الجيش الملك الناصر وكاتبه فخر الدين القهطي وكان نصرانيا من القبط فأسلم وحسن إسلامه وله المكارم العظيمة والفضائل التامة ودرجته من أعلى الدرجات عند الملك الناصر وله الصدقات الكثيرة والإحسان الجزيل

ومن عادته أن يجلس عشى النهار في مجلس له باسطوان داره على النيل ويليه المسجد فإذا حضر المغرب صلى في المسجد وعاد إلى مجلسه وأوتي بالطعام ولا يمنع حينئذ أحد من الدخول كائنا من كان فمن كان ذا حاجة تكلم فيها فقضاها له ومن كان طالب صدقة أمر مملوكا له يدعى بدر الدين واسمه لؤلؤ أن يصحبه إلى خارج الدار وهنالك خازنه معه صرر الدراهم فيعطيه ما قدر له ويحضر عنده في ذلك الوقت الفقهاء ويقرأ بين يديه كتب البخاري فإذا صلى العشاء الأخيرة انصرف الناس عنه

ومن قضاة مصر في عهد دخولي إليها قاضي قضاة الشافعية وهو أعلاهم منزلة وأكبرهم قدرا واليه ولاية القضاة بمصر وعزلهم وهو القاضي الإمام العالم بدر الدين بن جماعة وابنه عز الدين هو الان متولي ذلك

ومنهم قاضي قضاة المالكية الامام الصالح تقي الدين الاخنائي

ومنهم قاضي قضاة الحنفية الإمام العالم شمس الدين الحريري وكان شديد السطوة لا تأخذه في الله لومة لائم وكانت الأمراء تخافه ولقد ذكر لي أن الملك الناصر قال يوما لجلسائه إني أخاف من أحد إلا من شمس الدين الحريري

ومنهم قاضي قضاة الحنبلية ولا أعرفه الآن إلا أنه كان يدعى بعز الدين كان الملك الناصر رحمه الله يقعد للنظر في المظالم ورفع قصص المتشكين كل يوم اثنين وخميس ويقعد القضاة الأربعة عن يساره وتقرأ القصص بين يديه ويعين من يسأل صاحب القصة عنها وقد سلك مولانا أمير المؤمنين ناصر الدين أيده الله في ذلك مسلكا لم يسبق إليه ولا مزيد في العدل والتواضع عليه وهو سؤاله بذاته الكريمة المتظلم وعرضه بين يديه المستقيمة أبى الله أن يحضرها سواه أدام الله أيامه وكان رسم القضاة المذكورين أن يكون أعلاهم منزلة في الجلوس قاضي الشافعية ثم قاضي الحنفية ثم قاضي المالكية ثم قاضي الحنبلية فلما توفي شمس الدين الحريري وولي مكانه برهان الدين عبد الحق الحنفي أشار الأمراء على الملك الناصر بأن يكون مجلس المالكي فوقه وذكروا أن العادة جرت بذلك قديما إذ كان قاضي المالكية زين بن مخلوف يلي قاضي الشافعية تقي الدين بن دقيق العيد فأمر الناصر بذلك فلما علم به قاضي الحنفية غاب شهود المجلس أنفة من ذلك فأنكر الملك الناصر مغيبه وعلم ما قصده فأمر بإحضاره فلما مثل بين يديه أخذ الحاجب بيده وأقعده حيث نفذ أمر السلطان مما يلي قاضي المالكية واستمر حاله على ذلك

ومن علماء مصر وأعيانها شمس الدين الأصبهاني إمام الدنيا في المعقولات ومنهم شرف الدين الزواوي المالكي ...... ومنهم برهان الدين ابن بنت الشاذلي نائب قاضي القضاة بجامع الصالح ...... ومنهم ركن الدين بن القوبع التونسي منن الأئمة في المعقولات ...... ومنهم شمس الدين بن عدلان كبير الشافعية ...... ومنهم بهاء الدين بن عقيل فقيه كبير ...... ومنهم أثير الدين أبو حيان محمد بن يوسف بن حيان الغرناطي وهو أعلمهم بالنحو ...... ومنهم الشيخ الصالح بدر الدين عبد الله المنوفي ...... ومنهم برهان الدين الصفاقسي ...... ومنهم قوام الدين الكرماني وكان سكناه على سطح الجامع الأزهر وله جماعة من الفقهاء

والقراء يلازمونه ويدرسون فنون العلم ويفتي في المذاهب ولباسه عبادة صوف خشنة وعمامة صوف سوداء ومن عاداته أن يذهب بعد صلاة العصر إلى موضع الفرج والنزاهات منفردا عن أصحابه ومنهم السيد الشريف شمس الدين ابن بنت صاحب تاج الدين ابن حناء...

ومنهم شيخ شيوخ القراء بديار مصر مجد الدين الاقصرائي نسبة إلى أقصرا من بلاد الروم ومكنسة سرياقص ...... ومنهم الشيخ جمال الدين الحويزائي والحويزا على مسيرة ثلاث ايام من البصرة ...... ومنهم نقيب الأشراف بديار مصر السيد الشريف المعظم بدر الدين الحسيني من كبار الصالحين ...... ومنهم وكيل بيت المال المدرس بقبة الإمام الشافعي مجد الدين بن حرمي...... ومنهم المحتسب بمصر نجم الدين السهرتي من كبار الفقهاء وله بمصر رئاسة عظيمة وجاه..


يوم المحمل هو يوم دوران الجمل يوم مشهود وكيفية ترتيبهم فيه أنه يركب فيه القضاة الأربعة ووكيل بيت المال والمحتسب وقد ذكرنا جميعهم ويركب معهم أعلام الفقهاء وأمناء الرؤساء وأرباب الدولة ويقصدون جميعا باب القلعة دار الملك الناصر فيخرج إليهم المحمل على جمل وأمامه الامير المعين لسفر الحجاز في تلك السنة ومعه عسكره والسقاؤون على جمالهم ويجتمع لذلك أصناف الناس من رجال ونساء ثم يطوفون بالمحمل وجميع من ذكرنا معه بمدينة القاهرة ومصر والحداة يحدون أمامهم ويكون ذلك في رجب فعند ذلك تهيج العزمات وتنبعث الأشواق وتتحرك البواعث ويلقي الله تعالى العزيمة على الحج في قلب من يشاء من عباده فيأخذون في التأهب لذلك والاستعداد

الى اللقاء في الرحلة القادمة

7- من القاهرة إلى أسيوط


الصور المرفقة
 
التوقيع :



قال تعالى :
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
[فصلت:33]






رد مع اقتباس