الموضوع: فتوح الغيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-17-2011, 02:02 AM   رقم المشاركة : 44
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم


المقالة الخامسة والثلاثون

فـي الـــورع


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : عليك بالورع وإلا فالهلاك في زيقك ملازم لك لا تنجو منه أبدا إلا أن يتغمدك الله تعالى برحمته، فقد ثبت في الحديث المروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إن ملاك الدين الورع، وهلاكه الطمع، وإن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، كالراتع إلى جنب الزرع يوشك أن يمد فاه إليه لا يكاد أن يسلم الزرع منه) وعن أبى بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : كنا نترك سبعين باباً من المباح مخافة أن نقع في الجناح. وعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : كنا نترك تسعة أعشار الحلال مخافة أن نقع في الحرام، فعلوا ذلك تورعاً في مقاربة الحرام أخذاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لكل ملك حمى) وإن حمى الله محارمه، فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، فمن دخل حصن الملك فجاز الباب الأول ثم الثاني والثالث حتى قرب من سدته خير ممن وقف على الباب الأول الذي يلي البر، فإنه إن أغلق عنه غلق الباب الثالث لم يضره وهو من وراء بابين من أبواب القصر ومن دونه حراس الملك وجنده، وأما إذا كان على الباب الأول فأغلقوا عنه بقى في البر وحده فأخذته الذئاب والأعداء وكان من الهالكين، فهكذا من سلك العزيمة ولازمها. إن سلب عنه مدد التوفيق والرعاية وانقطعت عنه حصل في الرخص ولم يخرج عن الشرع. فإذا أدركته المنية كان على العبادة والطاعة ويشهد له بخير العمل، ومن وقف على الرخص ولم يتقدم إلى العزيمة إن سلب عنه التوفيق فقطعت عنه أمداده فغلب الهوى عليه وشهوات النفس، فتناول الحرام خرج من الشرع، فصار في زمرة الشياطين أعداء الله عزَّ وجلَّ الضالين عن سبل الهدى، فإن أدركته المنية قبل التوبة كان من الهالكين إلا أن يتغمده الله تعالى برحمته وفضله، فالخطر في القيام مع الرخص، والسلامة كل السلامة مع العزيمة، والله الهادي إلى سواء الطريق.


رد مع اقتباس