عرض مشاركة واحدة
قديم 09-20-2015, 10:19 PM   رقم المشاركة : 3
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: شـــعراء في ذاكره الامارات


الشاعر :::::::راشد سالم الخضر


عجمان
(1905 - 1980 ميلادي)

راشد بن سالم بن عبد الرحمن بن جبران السويدي ، و الخضر لقب لأبيه…لقب به لسمرة خفيفة في لونه، اشتهر به شاعرنا حتى بات لا يعرف إلا به. توفي والده و هو في الثامنة من عمره.. و ما هي إلا سنوات قليلة حتى ودعته والدته ليبقى في كنف ابن عمه ناصر بن سلطان بن جبران، مع شقيقه الذي يكبره بسنتين عبد الرحمن الذي لم تمتد به الحياة إذ فارقها و هو لم يتخطى الثامنة عشرة من عمره. هذا و قد تأثر الخضر بالجو الأدبي المحيط به، فوالده هو الشاعر سالم بن عبد الرحمن بن جبران، و أبناء عمومته الشاعر ناصر بن سلطان بن جبران، و الشاعر راشد بن محمد بن جبران. كما أن إمارة عجمان بطبيعتها تربة خصبة…تفتحت بها الكثير من المواهب الشعرية ، نذكر منهم:ماجد بن على النعيمي ، ناصر بن محمد الشامسي، راشد بن ثاني…..و آخرون غيرهم.. و لم يكن الأمر يقتصر على شعراء عجمان فحسب.. بل توافد شعراء الإمارات الأخرى جعل من عجمان منتدىً ثقافياً شعرياً يرسل عبر الأثير…القصيدة على أنها اللغة الشعبية المتعارف عليها. لازم " الخضر" ابن عمه ناصر بن جبران الذي كان يمتهن تطريز البشوت ، فتعلم منه تلك الصنعة ، و أخذ يساعده فيها .. إلا أن القدر لم يمهله كثيراً، حيث ودعه ابن عمه هذه المرة..رجلاً..أخذت منه الحياة الكثير…فلم يحزن و لم ييأس ، مارس الصنعة التي تعلمها من ابن عمه ليتكسب من ريعها، لم يطل المقام بالشاعر في وطنه إذ أن للأقدار في حكمها شؤون حيث كان لموقفه تجاه بعض أهل العلم في عجمان تأثيراً سلبياً على مجريات حياته، فقد أغلظ بعضهم على المتكاسلين عن أداء الصلاة في أوقاتها، الأمر الذي حمل الخضر على كتابة أبيات من الشعر التي يعرض فيها بهؤلاء العلماء، و حين بلغ الأمر الشيخ راشد بن حميد رحمه الله، -و قد كان معروفاً بشدته في التمسك بأمور الدين، و عدم تساهله في ذلك- فما كان من سموه إلا أن استدعى شاعرنا الخضر إلى قصره و هدده بإنزال أقصى العقوبة به إن صح ما نقل إليه عنه، إلا أن الخضر أنكر ذلك.. سافر بعدها الخضر إلى البحرين…و هناك اتصل بحاكمها الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة ، وكان مشهوراً بالكرم و حسن الضيافة و دماثة الخلق….فامتدحه شاعرنا…قائلاً:

حب الأحبة شاغـلي@من كل شغل يعمــل
سقني المدام و غـن لي@و بذكرهم لا أبخــل
بيني و بين معاضـلي@ حمد ابن عيسى الفاضـل


ظل..شاعرنا.. زماناً في البحرين… وصادف زيارة صاحب السمو الشيخ راشد بن حميد النعيمي للبحرين..وهناك التقيا وهنالك أنشده قصيدته التي نذكر منها:


إذا هبـيت يا شرتا المطالع@عسفت النبت لي ف القلب طالع
أراجب عن يميني و الشمايل@و أعيد النظر صوب الشرق اطالع
مسامع للحضر جلت و ملت@من البذى السنتهم ما استملـت
تـدوق شرعهم بالجذب ملت@و حجي الصدق عنهم دوم ضايع

فقال له الشيخ: إن الجماعة في بلدك عجمان ينتظرون قدومك.



وسوف اترككم مع احدى روائع الشاعر .. قصيده بعنوان الشعر حكمه

الـشـــعر حــــكمه وفـــنه يـــحــــــــكما @ بالاحــــكام الــــواعية وبـلا نعس
فــي الأرض راسي وفروعه في السما @ غــير بثلــوج النــســايم مـا يمـس
بالـــقـريحـــة ينـــسقى مـــن غــير مـــا@ تايه و رويــان لو مــا بــه خـرس
يـــعــجب الـــزراع حـــسنه لـــي نـــما @ ظــل كاســات دهـاق وريـف نس
ومن زرع لعلام مــع حــامـــي الحـــما @ نجـــني اثماره ونشكر من غـرس
قمت اتـــله قـــمت اهـــزه لاجـــــل مــا @ اجنــي اثمـــاره من الغدر ابهوس
خـــذ مـــثايل مـــن مـــجرب بـــعد مــا @ صــيد فــخ و ليــخ في بحر ويبس
ومــــن تخــــرج مـــن دروس العــلــما @ ولا درس ديـــــنه كأنـــه ما درس
مـــا نـــقول احــــزن وعــــيش امغندما @ لا ولا نرضـى المهانه ولا النعس
أدر كــاســات الـــطرب حـــالي ومــــا @ واقهوه ولي خـــسه الله اخـــتسس
اتـــرى قـــول النـــاس يـــشري ويـولما @ بــين نعــم وبيــس شــتان النــفس
الـــوطـــن والـــوالـــديــن الاكـــرمــــا @ شيـلهم لو حافي لو رمضا ودهس
واحـــــمـد الله واشـــكره يوم انـــعــمــا @ بحـكم زايـــد على الـــكرسي يلس
ســيد الشجـــعان واكـــرم لــــكـــرمــــا @ عاهــلٍ واســم الله لعظم له حرس
ان تبـــسم كــــل شــــي اتـــبـــســــمـــا@ والمبـــاسم تستـــقـــيل اذا عبـــس
ضـــاقـــت الدنـــيــا بجـــيشــه مثــلـــما @ ضــاق صدر الضد عن رد النفس
ان عطـــا.. طــوفـــان نــوح إذا طــــما @ جوده طامي دوم والنوحى يبـــس
لا مـــعـــن لا جــــعــفــرٍ لا حـــاتـــما @ لا البحر لا الذاريـــات أم الكنــس
والخـــتم صـــلوا علـــى أحـــمد عـــدما@ نبصر السامع ونســـمع من رمس
أو عــــــدد ما قــــــال اّه مــــــــيتـــما @ عــــد دق العـــود أو رن النـــقس

حياته


عاش راشد الخضر حياته عازباً ولم يرغب في الارتباط بزوج له ما أثار عندي سؤال محير هو:

“هل كان الخضر سيتزوج من فتاته علياء لو ساعدته الظروف وهيأت له ذلك ؟”، في حين أن أغلب قصائده تدور موضوعاتها حول قصص العشق والغرام، إلا أنه آثر حياة العزوبية وربما كان ذلك بدافع الخوف من تكرار المآسي التي خبرها منذ طفولته.


وكانت تكفيه التجارب السابقة مع الناس الذين ودعوه ورحلوا عندما كان في أمس الحاجة إليهم.

فيما يذهب آخرون إلى أن الخضر لم يرد الارتباط لسبب أنه كان يعشق الجمال ويفتتن به وفضل أن يكون حراً طليقاً كالطير ينتقل من شجرة إلى أخرى يترنم ويتغزل بجمال الزهور والنسمات.

ويدلل أصحاب هذا الرأي على قولهم هذا بالأبيات التالية للشاعر:


دنّقْ أو دنّقْ قلبي اوياه

فز او قعد قلبي محلّه

وحكاية هذا البيت أنه في أحد الأيام كان الخضر ماراً بمنطقة من المناطق ودعاه أحد معارفه ليحل ضيفاً عنده وبينما هو جالس في المجلس وإذا بفتاة تدخل عليه تحمل من صفات الجمال الشيء الكثير، جاءته بالضيافة فأعجب بها الشاعر وأنشد قصيدة يتغزل بجمالها كانت بدايتها البيت السابق.

وفي قصيدة أخرى يقول:


أنا بين شبكين أبقى

أشبك العمل أم أنت ناصبة شبكا

حميتك يا شبك الشوارع قادر

فمن يحمني من شبك جفنٍ له هتكا

البيتان السابقان من قصيدة للشاعر راشد الخضر نظمها بينما كان يعمل حارساً لمستودع مسيّج وبه معدات تابعة لاحدى الشركات فمرت من خلف ( الشبك ) السياج فتاة جميلة أعجب بها الخضر وتعلق قلبه بها فنظم هذه القصيدة.

“ونّات” الخضر:

ونّيت وكنّي في بساتين لشعار

ونيت يوم الليل عسعس

نار الهوى تسطي بلا حرق

متشوفني م القلب ونّان

ونيت وانيوم السما ابزاغ

ونتي تلجم يرح قلبي

ونيت من قلبٍ امعطل

يا مرحبا ونّه على البال

أهلاً وسهلاً قلت ونيت

ونيت من قلبٍ عليلٍ ولا له

كانت تلك بعض “ونّات” الخضر وكأنه تنبأ بما سيحدث في المستقبل وتوالت بعدها “الونات” في القصائد الباقية و”الونة” في اللغة من الأنين ولكنها تلفظ بالعامية “بالونّه”، يقال يوّن من شدة المرض أي يئن من شدة المرض.


احدي قصائد راشد الخضر
وهي كانت في مدح المرحوم الشيخ راشد بن سعيد ال مكتوم



إذا هبيـت يــا سـيـد الشـراتـي
تبهنـس بالبسـيـس أو بالشـراتـي

إلـى دار الوصـل تجـري سفـنـا
دبـي اللـي بهـا اتـرف انشراتـي

شرات دبي مـول ابـلاد مـا شـي
ولو سارت فلك فـي البحـر ماشـي

لصارت مصر قلص امـن المواشـي
أو باجـي البلـد للبـرد ادفعـاتـي

وظبي الدمن يرنـو بحسـن الكمالـي
الشمـس يخجلهـا وبـدر الكمـالـي

وبحر الهوى ضيع ابراعـي الكمالـي
لـو كـان ربـان لكـل الجهـاتـي

لـو ماملكنـي هـا النديـم ابغرامـه
ماسلمـت روحـي ابلاحـق غرامـه

قالـوا زرعهـم يـا نـع البلغرامـه
شجزيهم اللي بشـروا عـن غناتـي

قالو حبيبك وصـل تكفـى الـزلازل
قلت افرشوا كل درب والمنزل ابـزل

بالعون رودوا الباب لـي مـا زلازل
والحمد للـي جمـع شمـل الشتـات

جيش الهوى واهل الهوى من سباهـا
حوريـه والبيـض تدعـى انسباهـا

كما للنبي بلقيـس يـت مـن سباهـا
للشيخ راشـد اسلمـت هـا الفتاتـي

شيخ عليه العصـر والـرب راضـي
ما جار في حكمه بل الكـل راضـي

حسوده كساه الله ثـوب الأمراضـي
وأعـداه يسجيهـم كـوس المـمـات

شيخ به الدهر المشيب أصبـح أمـرد
تعطي الذي لك وان عليك استوى أمرد

ما همه شيء إن سارما الدنيـا أم رد
فـي كـل شـيء مقتـدر بالثباتـي

هميل السحـب لا يوصـف إبجـوده
وحصن الناس فـي الدنيـا وجـوده

أدام الله ركـوعـه مــع سـجـوده
ولا دارت عـلـيـه النـايـبـاتـي

طعيـن القـوم مـا يقـدر أيمشيهـا
طعنتـه إلا وهـو جدعـاد فـاتـي

صديجـه لقمتـه يفـطـر دسمـهـا
وعـدوه لقمتـه مخـضـر سمـهـا

رسـوم إبهامـة العليـاء رسمـهـا
علـى فـرع النـجـوم عاليـاتـي

أرى الدنيـا بيـد هــل بوفـلاسـا
مليـه أو غيرهـم أيــده فـلاسـا

إلا هـي لـي بهـم أحسـن فلاسـا
ولا كــدر كــووس صافيـاتـي

خليـج اعمـان هـم ظلـه وسـوره
ابصلح أو حرب درسو كـل سـوره

ضعاف الطير في الجـو أو نسـوره
شبـاع منهـم أو وحـش الفـلاتـي

هم القصد أو فضلهـم ليـس ينسـى
وثـوب المـدح فيهـم دوم ينـسـى

إذا ســارت سرايـاهـم وينـسـى
عـيـون الله عليـهـم لا يحيـاتـي

صــلاة الله وتسـلـيـم سـعـفـا
عـدد فـرد أو صـوان أو سعـفـا

وعدد ما الحاج بالمروى سعـى فـا
لبـا عالهـادي نبـي المعجـزاتـي
تنقل الخضر بين إمارات الخليج..عمان ..البحرين السعودية .. قطر .. الكويت .. و ذهب إلى اليمن.. و سوقطرة .. إلا أنه عاد أخيراً إلى عجمان. عاش أعزباً .. وقد يكون ذلك لرؤية خاصة به.. و كان ضمن مجموعة من أهالي عجمان الذين انتقلوا إلى منطقة بور سعيد في دبي عام 1963..و لم يلبث هناك إلا قليلا ثم انتقل إلى الشارقة..حيث أقام بها ردحاً من الزمن ثم لم يلبث أن عاد إلى عجمان..و هناك توفي الخضر –رحمه الله- حيث أحب..
في يوم الأربعاء .. الموافق 22 من أكتوبر 1980م

هذه لمحة بسيطة من حياة هذه الشخصية المميزة التي تركت اضافة واضحة الى شعرنا الشعبي في دولة الامارات، هذه الشخصية التي انطفأت شعلتها في يوم الأربعاء الموافق 22 / 10 / 1980م وإلى الأبد بعدما كانت تسجل واقع الحال كشاهد عيان على أحداث ذلك الزمان.

لد الشاعر في ضاحية الحيرة بالشارقة في عام 1887 م ، في عهد الشيخ صقر بن خالد القاسمي حاكم الشارقة آنذاك ، وقد اعتبره فالح حنظل صاحب " حوليات المفصل في تاريخ الإمارات " من أعلام الإمارات في الشعر الذين ظهروا في العقد الأول من القرن العشرين ، بجانب مبارك بن سيف الناخي في الشارقة ، وسعيد الهاملي وأحمد بن خصيفة ، وعلي بن قمبر في أبوظبي .



وقد ولد في عائلة ميسورة كانت تعمل نواخذة للسفن ، أو طواشين أي في تجارة اللؤلؤ . وقد تميزت هذه العائلة باهتمامات عالية بالشعر والأدب ، وقد كان والد الشاعر وجده لامه وجدته لامه شعراء .

تميزت عقلية الشاعر بالموهبة الجلية ، مع شغفة بالعلم والمعرفة والاطلاع ، كل ذلك ساعده لان يعمل خطيبا ومعلما متطوعا .

كون مجلسا أدبيا في بيته ، يؤمه الأصدقاء من أعيان ووجهاء المجتمع في الإمارات ، وكانت تأتيه الصحف والمجلات من مصر ومكة المكرمة وبغداد وبلاد الهند ، ومن هذه الصحف الفتح وأم القرى والإصلاح والروائع والإخوان المسلمون والاخوة الإسلامية والمنتدى والمصور وآخر ساعة ، وقد قام الشاعر بتجليد أعداد من مجلة المنار لرشيد رضا . وقد ضمت مكتبته مجموعة نفيسة من الكتب . ومن نباهته وتفوقه مشاركته لمعلميه وشيوخه في قراءة المجلات والصحف مثل مجلة الفتح التي كانت تصدر في القاهرة ومجلة أم القرى التي كانت تصدر في مكة المكرمة ، ومن المكونات الثقافية لدى الشاعر المذياع الذي كان يمده بالأخبار .

جمع شعره في ديوان نداء الخليج ، وقد جمعت فيه 185 قصيدة ، تتحدث في الموضوع الوطني والقومي والإسلامي والعالمي ، علما بأن له ديوان شعر مخطوط مكتوب بخط سالم بن كنيد ، الكاتب الخاص للشاعر ، حيث قال الشاعر في مقدمة ديوانه المخطوط " هذا ديوان فيه ما نثرت وما نظمت ، وما أخذت من النظم والنثر ـ والسلام .


ومن شعره في الرثاء ، رثاؤه سعد زغلول الزعيم المصري المشهور :

فابعث بكل بلاد منك زغلولا
ما فقد زغلول خطب يستهان به
فضمها قوة واستأصل القيلا
لاحت له مصر أحزابـا مقطعة
فتى يعد قرين الظلم مسؤولا
لا يوقظ الشعـب إلا ماجد ثقـة


ومن شعره الشعبي النبطي في الردح أي الغزل :

قلبي شرى ذهـن القطـامي
من العام يا زينات الأوصـاف
مـرة وكـم حلـق وحـام
يا ما قعـدت في راس مشراف
يختـال جنحــات الحمـام
لو طاف به من الخلق ما طاف
لأروي قصيـرات الحـزام
الفايجـات العيـن لــولاف
به زامطـن ريش النعــام
وإن يـرف والريـش زفاف
+++++++++++++


تَحيةً إلى الأدباءِ العَرب

لمناسبة توزيع جائزة سلطان العويس عام 1994م


أميرتي مَوطِنَ الأحرارِ يا بلدي فيكِ استَقيتُ من التاريخِ ما عذُبا
إنَّ الإماراتِ في إيحائِها نَغَمٌ فاشدوا كما شِئتُمو يا أيّها الأدبَا
ليست لدينا سجونٌ دونما جُرُمٍ ليست لدينا عيونٌ تفتري الكذِبا
إنَّ الإماراتِ تلقاكم مُحيّية فَأنتمُو نُخبةٌ قد طالت الشُّهبا
ناضلتمُو بِحروفِ الضادِ في زمنٍ قد كان جَمعكُمو مِنْ مُرِّهِ شَرِبا
يا قادةَ الفكرِ فينا دون توريةٍ هاتوا لنقرأ ما قد قيلَ أو كُتبا
كُلٌّ يباهي بما قد نَالَ من غَزَلٍ ومَدحُهُ مِنْ لسانِ الناسِ قَد غُصِبا
ألم تَكُن أغنياتُ القَهرِ واضحةً تُهدّد الفكرَ والقرآنَ والكُتُبا
فِرعونُ حاورَ موسى في تأَلُّههِ ولم يقلْ رَبُّكم اخضع لِما وَجَبا
قد قال والسيفُ لم تُبرزهُ سطوتُهُ وإنَّما كلماتٌ تَحملُ العتَبا
ألَمْ نُرَبِّكَ فيما بينَنا وَلداً ألم تَرَ أنني يوماً دُعيتُ أبا
فإن بَغَيتَ فإنّي ناظرٌ وغداً سَيُحشر الناسُ والعَليا لمن غَلبا
بكُلِّ عطفٍ يناديهِ لِيَرْدعَهُ وحكمةُ اللهِ أمرٌ يقطعُ السَبَبا
واليوم يلقى حوارُ الفكرِ مذبحةً واليتمَ والقهرَ والتَّشريدَ والسَّغبا
لم يدر من قال حقّاً كيف مضجعُهُ إن دُقَّ بابٌ تراهُ ممعِناً هَرَبا
مِنّي إليكم سَلامٌ كلَّما خَطَرت مِنَ المفكّرِ آيٌ تُوقظُ العَربَا


سلطان بن علي العويس

21/3/1994

غزليّة

أهديكِ شِعري والحياةُ قصيــدةٌ لوَّنتُها بـمَحبّتـي وَوَفائــي
لولا جنونُ الـحُبِّ ما عُرِفَ الهوى يوماً ولا سُلْطانُ في الشعــراءِ

4/11/1998


صبابة في الهوى

قالت ألِفْتُكَ قُلتُ الـحُبُّ ألَّفَنا قالت فَديتكَ قلتُ الروحُ للفادي
قالتْ أتذكرُ؟ قلت: الوعد أذكرهُ لـمّا رأيتُكِ كان الوعد ميلادي
كُنتِ الأمانيَّ في روحي لأكتُبهَا بمدمعِ العينِ يا تتويجَ إنشادي
ماذا سأكتُب هل حَرْفي تُفسرهُ تَرنيمةُ الـحبِّ في أفراح أعيادي
صبابةٌ في الهوى ظلّت تُسائِلُني أين الشفاه التي يُروى بِها الصادي


وقد انتقل الشاعر إلى رحمة الله تعالى عام 1959 ، إثر إصابته بحمى شديدة .




الشاعر راشد بن طناف بن فايز بن سعيد،



ولد في منطقة الذيد في الشارقه، حوالي سنة 1910م ، تربى في كنف جده ( والد امه)

_ (سعيد الصوايه) حتى بلغ السابعه من عمره .. انتقل بعدها الى مدينة الشارقه

مع اسرته ليبدأ في عالم الثقافه الاسلاميه لدى كل من المطوع عبدالله بن صالح

و المطوع عبدالله بن جربوع ختم بعدها القرآن الكريم ، فأصر والده أن يعلمه

الكتابه.. فأخذه الى الشاعر أحمد بن عبدالرحمن بوسنيده .. وبعد سنتين ،بدا في

الذهاب الى الغوص وعمره لم يتجاوز الـ (17) عاما ، ثم تزوج للمره الاولى فلم

يوفق معها فطلقها بعد سنه واحد من زاجه بها ثم تزوج الثانيه، الا ان سؤ طالعه

لاحقه ايضا ، فطلقها بعد عام ايضا من زواجه بها .. والثالثه توفاها الله وهي

تضع جنينا لم يكتب له البقاء .. حيث رحل معها .. أما الرابعه .. فبقت حوالي (25)

عاما ، حيث انتقلت الى رحمته_ سبحانه وتعالى _ عندما كانت تطوف حول الكعبه

الشريفه ، في موسم الحج عام 1975م .


سافر الى البحرين .. والسعوديه .. وأخيرا الى الهند للعــلاج ..

وكانت بدايته في الشعر وعمره لم يتجاوز الـ (25) عاما حينما حرك مشاعره

قوله لأحدهم ، وجهه الى صديق طفولته واستاذه ، ونواخــذاه الشاعر (عبد العزيز

بن دخين ) .. فشدا قائلا : ........


احتـــــــــــرك لولب من فـوادي ......... والشــعـــــر ينقاد لي فنـه
قمـــــــت ادير الفن بـــــالجادي ......... طـــاش لونا صرت مخفنه
عم واملا الجاش واجبـــــــادي ......... وانـــــــدفق بل ويري منه
سال و اسقى السيح والـــوادي ......... الصبـــــخ والرمل فاضنه
انبـــت اشيـــار بــــلا جـــــــادي ......... من فضل مــولاي منشنه
والعـــــــــــــــدو لي ياك متبادي ......... ينكسر لي شـــــــافنا جنه
المعلــــــــم بــــــــــــاول البادي ......... ايقايس الحـــملين والغنه
ينتظر في سير لعبـــــــــــــــادي ......... والجمـــــال ايصور قارنه
بــــــــــو سعود انته لي اسنادي ......... اليلــــــق لا تصير مرذنه
جـــــــــاوب اللي قابض الجادي ......... ما اييـــــا وش منه ومنه
في فــــريــــج السوق لا يمادي ......... ما يشوف الشمل لي منه

شكل راشد بن طناف ركنا في برنامجالشعر الشعبي ، الذي كان يقدمه الشاعر(حمد بن خليفه بوشهاب) من تلفزيون دبي الأبيض والأسود وكان يشدوا بقصائده

الساحره .. بين الحين والىخر .. كي تبقى رمزا لخلود ذكراه في عالم الشعر الشعبي

الاماراتي .. والى الأبد..
واليكم قصيدتين من احلى القصائد التي كتبها (تعتبر قصائد طناف من القصائد الهزليه)..

فشدا قائلا.. الاولى( والله والله )..

في الــمدرسه عني يدرس ......... يقــــــــــرى كتاب الألف والبي
خــــــــلانيه يالس واكرس ......... بمضـــغ لـــــحمهم ناضي وني
يــا مارس المهجه تمرس ......... تسحـــب وصدت القلب ب اللي
دمعي على الوجنه يخرس ......... حبـــــــــك بلاني يوم انا اصبي
لــــو شفتني شيبه وأفرس ......... وامــــــــــشي بعكازين وأرتي
والله والله مــــا تــــعــرس ......... ما دام راسي بــــــــاجي وحي
انـــا الذي ساجي واغرس ......... بيــــداركم خـــرفوا لـــي شوي
عيـــزت كم أطبخ وأهرس ......... ويـــــــــوم غرفوا ما بدني شي
كله كلـــــه ذاك المضرس ......... لــي يـــــــاي بخطوطه من دبي
واجف على بابي واحرس ......... مــــره افـــــــــــــج ومره ازلي
مـا دوق شراعي امترس ......... ولا نزل الفــــر من عن الـصي
تصبغني ابــــجذبك وورس ......... عييت عنـــــــــــــك وبتبع الفي


والثانيه ..( يا وليفي )....

ما قلتلك يا الغالي اطمــــــــــــن ......... خـــــــــــــل الدلع لا تصير بطران
أخـيـــــر اطــــــــاوعني وتستـن ......... لا تستـــــــــــــــوي خبله وشيطان
مـــــــا ريت لي فيكم حسن ظـن ......... غـيـــــــــر الرفاس وعض اللسان
قـــــلبي عـــــــــــليكم دايم يحـن ......... وانتــــــــــــــــــه قليبك هوب حنان
اتشوف عمرك في الوزن طــن ......... شـــــــــــــايب ووزني سبعة أطنان
يتــــــــــــــك النفيعه سقط وجن ......... والبنـــــــــــــــــك لك مملاي نيطان
حبـــــــك كمنجه فـ الحشا ايرن ......... ويــــــــحرك اوتــــــاري والاشجان
يــــــــــــا وليفي يا صغير السن ......... لا تـــــــستوي لــي دوم منــــــــــان
ان ييــــــــــت صوبك ريتك تون ......... وان سرت ترقص جنك حـــصــــان
خـــــــــذت التذاكر .. قوم بنسن ......... ويــــــــاك بتــــــــــــزبن فـ لبنـــان
غــــــــــــربي يبل بيروت بسكن ......... هنـــــــــــاك لا حاسد وونـــــــــــان
ويـــــــــــن المدافع دومها تحن ......... لا تخــــــــــــــــــــاف متدرب وفنان
علـــــــــــــى نبي الانس والجن ......... صلــــــــــــوا عليه من نسل عدنان


كما صور بداية العشق حيث تبدو الكلمات ولهى مليئة بالأحاسيس الصادقة والشكوى فقال:

أوياك متصلب ومشتد
مالي هوس متغثبر البال
مالي نديم غيرك ايسد
أفسر له الغاية ولحوال

وبعد ان هجرته محبوبته, ولازمه الهم من جديد, ذهب يخاطب أم محبوبته راجيا منها ان تأتي زائرة لتطمئن قلبه المغرم بأحوال العزيز الهاجر:

يا أم الروح وش وياج
جودي أبوصلج ريحته فيج
ولي من وصلتي جنة أوياج
ممنون, ببشارة وبعطيج

وفي محاولة للحفاظ على كرامته التي أهدرتها معشوقته تفجرت ثورته في قصائد من العتاب يقول فيها:

يا نور عيني صابك اغرور
والشي متوضح بيانه
دومك جذوب اتلف واتدور
للمكر عندك درفانه

لم يترك الشاعر بن طناف بابا يستطيع تصويره الا وطرقه, ونقل لنا من خلاله صورة من حياته, فكما صور لحظات العشق والجفاء وعبر عنها بأحاسيسه المشبعة بتأثير البيئة التي تربى وعاش فيها والتي رسمت سمات شعره, نجده يصور حالة اخرى حيث دون مشاعره أثناء تأدية فريضة الحج ودعوته لصديقه الحميم ورفيق درب الكلمة محمد بن علي الكوس إلى مرافقته:


يا بو علي ليتك أويانا
بتشم وتحصل أجر غير
باتسكن الجنة احذانا
وياقوت خله م المخاسير

ولم تفت الشاعر ــ الى جانب ما سبق من اسهاماته الشعرية في العديد من المحاولات ــ فرحته المشاركة في الاحتفالات الوطنية والمناسبات القومية فقد حيا الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في أعقاب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 قائلا:

ألف الفت الكمال
أسد الهيجا جمال
وقعوا خبث العمال
تحت ضغط ولهب

كما مدح أصحاب السمو شيوخ دولة الامارات وفي مقدمتهم صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة:


كم منزل أسس لسكان ها الدار
وكم أسس اجيوش ودرب سرية
ويا بو خليفة يا حمى الشعب واليار
حشت المعاني والخصال الزكية

من أشعاره هذه القصيدة التي ألقاها في الشاعر عبدالعزيز بن ادخين:


احترك لولب من افوادي
والشعر ينقاد لي فنه
قمت أدير الفن بالجادي
طاش لونا صرت مخفنه
عم واملا الجاش واجبادي
اندفق نل ويرى منه
سال واسقى السيح والوادي
الصبخ والرمل فاضنه
انبت اشيار بلا جادي
من فضل مولاي منشنه
والعدو لي ياك متبادي
ينكسر لي شافنا جنه
المعلم بأول البادي
ايقايس الحملين والغنه
ينتظر في سير لبعادي
والكمال ايصور قارنه
بو سعود انته لي اسنادي
اليلق لا اتصير مرذنه
جاوب اللي قابض الجادي
ما ايياوش منه ومنه
في فريج السوق لا ايمادي
ما يشوف الشمل منه


بعض اشعار بن طناف الصوتيه

العقل غافي

الحب فشعني تفشيع

البارحة

الليل عس عس

الخرابة

الملا اذهالي

كم يريت الهوا

رساله

يوم أنا في المهد

أهواك

هاض مابي


رحم الله الشاعر راشد بن طناف فقد عاش ساخرا ومات وفيا للشعر فقد نظمه في سنوات مبكرة وظل أنيس عمره ورفيق وحدته حتى وافته المنية أواخر أيام عيد الفطر عن 88 عاما
الشاعرة : موزة بنت جمعة بن هندي المهيري


ولدت الشاعرة في سنة 1900م على وجه التقريب ، ولا تزودنا الروايات الشفوية المتاحة بأية معلومات تفصيلية عن ولادتها ونشأتها الأولى .

وتذكر الروايات الشفوية أن للشاعرة خمسة أخوة هم حمد وعلي وغدير وعتيق وخميس ( والد الشاعر الشعبي المعروف محمد بن خميس بن هندي ) ، كما تذكر أن لها أختين .
وكانت الشاعرة قد حظيت برعاية والديها ، ونشأت كما كانت بنات جيلها ينشأن ، نشأة عربية إسلامية أصيلة ، ترفدها الثقافة الشعبية الشفوية التي تقوم على الإلمام بمفردات التاريخ المحلي للمنطقة ، ومعرفة سير أعلام المجتمع ، وحفظ شيء من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والشعر الشعبي مما يتصل بالأخلاق الحميدة والخصال الكريمة التي كان ينشأ عليها القوم .

ولما بلغت الشاعرة سن الزواج تزوجت من حارب بن سيف العميمي ، وأنجبت له ابنين وأربع بنات ، وقد عاشت مع زوجها وأبنائها وبناتها متنقلين بين مناطق مختلفة ، بين الخصوب وبراق ، وبدع المغني وغيرها .
وكانت أسرتها تقيم وقت القيظ في نخيل والدها جمعة المهيري في منطقة المعترض بالعين .
وكان زوجها يعمل في مهنة الغوص التي كانت مزدهرة في الإمارات ، في النصف الأول من القرن العشرين ، وقد توفاه الله في إحدى رحلاته ، مما ترك أثر كبيرا في نفسية الشاعرة ، وجعلها تمر بظروف اقتصادية واجتماعية صعبة ، تحملت في ظلها مسؤولية كبيرة ، بعد أن كانت قد عاشت هي وأسرتها في رغد من العيش بفضل ما كانت توفره مهنة الغوص من دخل طيب .
وقد استطاعت الشاعرة موزة بن جمعة المهيري بحكمتها ، وتدبرها وقدرتها على التصرف أن تتجاوز الصعاب ، وأن تحافظ على مستوى معيشة أسرتها ، وأن تربي ابنيها وبناتها تربية عربية إسلامية أصيلة ، حتى غدوا رجالا وغدون نساء فاضلات .

ولقد استقرت الشاعرة منذ فترة زمنية بعيدة في مدينة العين ، في رعاية ابنيها وبناتها وأحفادهم .

تجربتها الشعرية

تشير الروايات الشفوية إلى أن الشاعرة موزة بنت جمعة المهيري كانت قد بدأت نظم الشعر في مرحلة مبكرة من حياتها ، وأن نتاجها الشعري لم يكن قليلا ، غير أن أكثره ضاع ولم يصل إلينا لغياب تدوين الشعر الشعبي وتوثيقه في الوقت الذي نضجت فيه موهبتها الشعرية وانتشر شعرها بين الناس على ألسنة الرواة وحفظة الشعر ، كما أن كثيرا من هؤلاء كان قد انتقل إلى رحمة الله تعالى ، فضاع ما كان ينفرد لحفظه من الشعر الشعبي ، ومنه شعر الشاعرة .

وتكشف الأخبار ومناسبات بعض القصائد عن أن شعرها قد انتشر بين الناس ، لما تميز به من سهولة وصدق ، وحظي باهتمامهم وتقديرهم ، حتى غدا الرواة يتناقلونه ويتدارسونه في مجالس السمر ، ضمن ما كانوا يتسامرون به من الشعر الشعبي الذي يشكل عنصرا مهما من عناصر الثقافة الشعبية .
لقد توافر على نقل شعر الشاعرة موزة بنت جمعة المهيري وإشاعته بين الناس عدد من رواة الشعر الشعبي الإماراتي وحفظته ، كان في مقدمتهم السيد راشد بن سيف بالحايمة .

إن من يقرأ شعر موزة بنت جمعة المهيري يجد أنها تميل إلى الطبع في نظم الشعر ، وهو طبع بعيد عن التكلف والصنعة ، وقد يصدر أحيانا عن البديهة والارتجال ، ويبعد عن التحكيك المبالغ والصنعة المعقدة وتكلف القول .
وتكشف الشاعرة في بعض قصائدها عن مفهومها للشعر ووظيفته ، فهي ترى أن الشعر تعبير فني عن المعاناة الذاتية والتجربة الشعورية ، وأن العملية الإبداعية صعبة ولا تأتي في كل الأوقات تقول في إحدى قصائدها :

درب الشعر مرقاته تعيب ولا له على قلبي طرايات

ولقد تعددت دوافع نظم الشعر عند الشاعرة موزة بنت جمعة المهيري وتنوعت البواعث التي تدعوها إلى نظم القريض ، وقد ذكرت الشاعرة نفسها أن الشعر لا يواتيها في كل حالاتها على سنن واحدة ، ولا في كل الأوقات ، فللوقت فعاليته في نظمها الشعر ، حيث تقول في إحدى قصائدها :

تو الشعر في خاطري زان توه لفا وافتج بابه

وما لم يكن الوقت مواتيا أو باعثا على نشاط القريحة وتدفقها غدت معرضة لأن يرتج عليها قول الشعر .
ويظهر لنا أن مما كان يفتق موهبة الشاعرة المناظر الحسنة والمطر المتدفق ، وهديل الحمائم ، والاحتفاء بالمناسبات الاجتماعية المختلفة ، وتكشف بعض قصائدها أن هناك دواعي أخرى تتصل بعاطفة الشاعرة اتصالا مباشرا ، كالفرح والسرور والأسى والحزن وغيرها ، وإلى ذلك تشير بقولها :

درب الشعر تركته وسار وأعفيتله دربه بيايور
والبارحة في خاطري دار رحبتبه وأعطيته الشور
من كثر ما ياني من البار ودموع عيني هلت عبور

وكان بعض المعجبين بشعرها من أبناء المجتمع المحلي ، وأصدقاء أسرتها ومعارفها يحركون قريحة الشاعرة بأن يختلقوا خبر قصيدة يزعمون أنها قيلت فيها ، أو قضية ما يدركون أنها ذات أثر كبير في نفسها ، ومن ذلك أن السيد راشد بن سيف بالحايمة الذي كان يروي شعرها وينشره بين الناس ، كان قد أراد أن يثير قريحة الشاعرة ويدفعها إلى نظم الشعر ، مستغلا حبها لشجر الغاف وتعلقها به ، فنقل إليها خبرا مختلفا فحواه أن الرياح الشديدة والسيول الجارفة قد اقتلعت عود ( غاف ) بوهرمه فهاجت عاطفة الشاعرة وتوقدت قريحتها ، ونظمت قصيدة في بكاء شجر الغاف والتحسر عليه .


محاور شعرها

لقد تعددت المضامين التي دارت حولها قصائد الشاعرة التي انتهت إلينا ، ويمكن أن نجملها في ثلاث محاور رئيسية :
1- الوجدانيات
2- المجتمع الإماراتي وأحواله
3- البيئة الطبيعية الإماراتية

الوجدانيات:

لقد كانت الشاعرة ذاتية في أكثر شعرها ، فنظمت فيما يخطر لها ، وفيما يعبر عن أحوالها ، كما اتخذت شعرها وسيلة لترجمة مشاعرها الذاتية وعواطفها النفسية ، وعرض معاناتها الشخصية ، ومن ذلك الحنين إلى الماضي ، وأيام الصبا ، والتحسر على ذهابها تقول :

ولو غدت قصمة عراجيب ما جنها مرت لها أوقات
جاد الزمان بعود وبطيب ترجع سنينه الأوليات

ومن ذلك أيضا شكواها المرض الذي ألم بها ، وما كان من سوء أحوالها الصحية وذهاب أيام عمرها ، وضعف بنيتها ، واشتعال رأسها شيباً ، إنها تصور حالها ولواعج نفسها المتصدعة بوقع المرض تصويراً دقيقا ، تقول :

ما ينحسب شب ويا شيب وأنا زماني خطف وفات

ومن ذلك شكواها تقدم السن والمرض الذي ألم بها ، مما حال دون تواصلها مع صديقاتها ومعارفها ، ومن ذلك قولها مخاطبة ابنها سعيد شاكية ما حل بها ، فهي لم تذق طعم النوم ثلاثة شهور ، ولم يعد شرب الدواء يفيدها :

ان سلتني الحال يا سعيد حالي عبر وأربد سمحان

ما خذ ثلة أشهر مياريد النوم ما غضت به إعيان
شرب المحو ما فادني فيد ولا نوا عوقي ابريان

وتعبر الشاعرة في كثير من قصائدها عن معاناتها الكبيرة نتيجة بعدها عن أصدقائها ومعارفها ، وتكشف عن أحاسيسها ومشاعرها الصادقة تجاههم ، وتتمنى أن يمد الله عز وجل في عمرها لتنعم برؤيتهم ، تقول :


إن جان طول عمري أريد باشوف حياتي والأوطان
اللي بهم يستامن سعيد واللي لهم القلب سكان

وتعبر الشاعرة في بعض قصائدها عن لوعتها ، وما تجده من حرقة وشدة حزن لفقدان بعض الأهل والأحبة ، ومن ذلك ما نظمته عند سماعها خبر وفاة زوجها ، حيث تقول مخاطبة إحدى بناتها :

نهار ما يتنا الخباير جمت الصبر وآجنت بالله
الريل باتت في ملايل والقلب على نار موراه
الراس سويته يدايل والعين حطت فوقها غطاه
والعين لي سوت مخايل ومن العبر ما وقف ابجاه
يا زم رجوعه م المحايل وعليه ياما طول فرقاه

وتكشف بعض قصائدها عن حبها للناس ، وهو حب صادق أصيل فطرت نفسها عليه ، ومن ذلك تعبيرها عن فرحها الكبير بعودة الماء في بئر بوهرمه بعد انقطاع ، مما أعاد الحياة إلى المنطقة المحيطة به ، وكثر ترداد الناس إليها بعد طول توقف ، طلبا للماء :

جيت متنومس وفرحاني يوم بيري كثرت وروده
ويروي منه كل عطشاني وكل مضمومة ومرغوده

واتسمت الشاعرة بإكبار قيم الجوار والدعوة إلى التعلق بها والمحافظة عليها ، وقد بدا ذلك واضحا في كثير من مقطوعاتها الشعرية التي تتحدث فيها عن بعض العوائل التي كانت تربطها علاقات حميمة ، تقول :

جاري ولا أبيعه بالاثمان إن عاد متلني وأنا أتليه

كما اتسمت بالمحافظة على قيم الصداقة الأصيلة التي تربطها بعدد كبير من الناس ، ويبدو ذلك واضحا في قولها تخاطب ابنتها فاطمة عقب رجوعها من زيارة إحدى العوائل الصديقة لأسرتها :

يا فطيم يوم روحت عنهم تم دمع العين ذرافي

وتشكل الإخوانيات جزءا مهما في قصائد الشاعرة ، فقد مدحت كثيرا من الشواعر الصديقات لها ، وعبرت عن عناصر المودة التي تجمع بينها وبينهن ، وكشفت عن احترامها الكبير وتقديرها العظيم لهن ، ومن ذلك قولها عقب زيارة الشاعرة عائشة كليبوه إياها ، وما كان من عدم تمكنها من تلبية رغبة الشاعرة المهيرية في أن تمكث عندها حينا من الزمن :

ناس يثنون الترحاب لي عنديه غالين وأحشام
عسى عليهم يسجي صاب برق ورعد ومزون الغمام

وأدارت الشاعرة موزة بنت جمعة المهيري حديثها في الإخوانيات على الصفات التي تعد أمهات الفضائل ، وهي الكرم والجود والصدق والحمية ، وغيرها ، ويبدو هذا واضحا في ثنايا كثير من قصائدها .
أما المحور الثاني فكان حول المجتمع وأحواله المختلفة ، والتعبير عن عاداته وتقاليده ، والأعراف والأخلاق الحميدة التي تحكمه .
لقد حرصت على إظهار المضمون السامي المؤثر في حياة أبناء المجتمع ، لذلك نجدها قائمة على الترحال والتنقل طلبا للكلأ والماء بين الواحات والأفلاج المنتشرة حول مدينة العين ، أو الانتقال وقت القيظ واشتداد الحر إلى الإقامة في مزارع النخيل .
ومن العادات والتقاليد الاجتماعية التي تحدثت عنها وأشارت إليها نزوع الناس إلى الخير ، من خلال بنائهم الأمكنة ومراكز الخدمات العامة التي يستفيد منها المسافرون وأبناء السبيل والمتنزهون الذين كانوا يخرجون إلى بعض الطويان .
ومن ذلك ما أشارت إليه في إحدى قصائدها من أن أهل الخير كانوا يحفرون الطويان ( الآبار ) ليرد عليها الناس ، والبوش وسائر الحيوانات ، ومن ذلك أيضا ما نظمته بمناسبة حفر أحد أحفادها طويا في قرية غمض ، وقد رفعت الأعلام في الطرق والدروب التي تقود إليها ليستدل الناس عليه ، ودعت له بالمطر والسقيا على عادة الشعراء القدماء ، تقول :

جمعة مسوي عد ما ثور حق الذي بيسير كشات
يينا وسويناله انشور وعليه عدلنا بنيات
يالله عسى تسقيه لمطور ويعل امطره في كل ساعات

كما دعت إلى الالتزام بكثير من القيم السامية والأخلاق الرفيعة والمثل العليا التي عرفتها الأجداد والآباء ، وانحدرت إلى الأبناء والأحفاد عبر الزمن .
ودعت إلى الالتزام بآداب الدين الحنيف ، وتأدية الشعائر الدينية المختلفة لما في ذلك من بناء للشخصية وتهذيب للنفس ، ومن ذلك ما جاء في إحدى قصائدها من دعوة إلى صوم رمضان والحفاظ على تأدية فروضه وشكر الله تعالى على نعمائه ، تقول :

صلوا وصوموا في توهيب وتحمدوا يا ناس لله
صلوا فروضه في المواجيب وغبين يللي داس معصاه

وقدمت لوحات مختلفة لبعض مظاهر احتفال الشيوخ وأعيان المجتمع بالمناسبات الاجتماعية المختلفة ، مثل إقامتهم سباقات الهجن في مناسبات اجتماعية مختلفة كالزواج والأعياد وغيرها .
وقد ذكرت في كثير من قصائدها التي تتحدث فيها عن سباقات الهجن سلالات كثير من النوق العربية الأصيلة التي عرفها مجتمع الإمارات العربية المتحدة ، ومنها بنات الهدرة ، وبنات عرجان وغيرها .
كما تحدثت عن كثير من القيم العربية الأصيلة الراسخة التي توارثها أبناء الإمارات كإكرام الضيف ، والشجاعة والفروسية وغيرها .

أما المحور الثالث الذي دارت حوله قصائد الشاعرة المهيرية ، فكان حب الطبيعة والتعلق بها ، فقد كان لطبيعة منطقة العين الجميلة التي تكثر فيها الخضرة والأفلاج ، والطويان ، وتحيط بها العيون من جهاتها المختلفة أثر كبير في تكوين الشاعرة النفسي ، وفي تجربتها الشعرية ، إذ صارت الطبيعة جزءا من نفسها ، وتطبعت بمحاسنها ، فغدت لها طبعا متأصلا ، وملجأ ترتاح فيه ، لذلك كان الحديث عن الطبيعة جزءا أصيلا من تجربتها الشعرية .
لقد احتل الحديث عن الطبيعة في الربيع آو ان تفتحها وتجددها ، وتدفق الحياة من نباتها وأشجارها وطيورها وإبلها وحمائمها وغير ذلك من مكوناتها مكانة رفيعة في شعر المهيرية .

ويعد مشهد المطر من أكثر المشاهد الطبيعية بروزا في شعر الشاعرة المهيرية ، فقد تحدثت عن صفة الأرض حالة الجدب والقحط ، ووصف الأرض حال اخضرارها عقب نزول الغيث ، وقد اهتزت الأزهار والطيور والشجر .
ومن لوحاتها الجميلة التي رسمتها لعدد من عناصر الطبيعة ومظاهر الجمال قيها قولها في الحديث عن نباتات الإمارات البرية التي كست الربى بألوانها الزاهية ، تقول :

شب ادخنا حرشا ومخضار واشجار ربي كلها نور
وتعلقت الشاعرة بشجرة ( الغاف ) عود تعلقا كبيرا ، وأخذت تعدد في بعض قصائدها محاسن هذه الشجرة وفضائلها وفوائدها ، فهي تزين جبال الوطن وأمكنته ، ويقيم الناس في ظلها :
كم لي حلوه مياديله لي حسين وزين لجباله
كم غر جابع بشيله قد ليا وانزاح ف ظلاله

وحظيت الإبل والحمام دون سائر حيوانات بيئة الشاعرة بمكانة رفيعة في عدد كبير من قصائدها ، فقد تفاعلت مع هذه الحيوانات ذات القرب من الإنسان تفاعلا صادقا ، وشاركتها أحزانها ومعاناتها التي غدت أحزان الشاعرة نفسها .
ومن الأمثلة على ذلك أن الشاعرة كانت قد خرجت صباح ذات يوم للتنزه ، فسمعت نوح الورق أو الحمام فزعة من طلقات الصائد السيد غريب بن محمد ، فأحزنها ما رأت من معاناة الحمام ، وما سمعت من هديلها ، وأخذت الدموع تترقرق في أجفانها ، وكان أن أخذت عهدا على السيد غريب بن محمد بأن لا يتعرض للحمام مرة أخرى ، حيث تقول :

يا غريب الراعبي صاحي من صياحه هلت العينا
قال أنا صوبت بسلاحي وافترق شمل المحبينا
مرفجنه جانك تواحي ضرب ولد الراعبي شينا

وقد امتنع السيد غريب بن محمد عن الصيد وفاء لعهده ، غير أن صديقه السيد راشد الحفير لم يمتنع عن ذلك ، فأخذ يمارس هواية الصيد في منطقة العين الفايضة ، مما أغضب الشاعرة ، وأثار مشاعرها ، فقالت مخاطبة من نقل إليها الخبر المحزن ، ومحملة إياه رسالة للسيد راشد بأن يرأف بحال الحمام ، ويمتنع عن فعله ، ويحفظ بندقية صيده في صندوقها :

يا ساير بالخبر مصدوق بلغ سلامي لا تخفيه
الراعبي اتراه مرفوق قولوا لراشد لا يعانيه
جنه غتير وشله الدوق ينصا غريب وبايصافيه
حطوا سكوته وسط صندوق لا يتم لي من حل يرميه

إن حب الشاعرة جمال طبيعة العين ، وتعلقها بها ، قد جعلها لا تطيق حياة المدن ، عندما كانت ترحل إليها في سبيل زيارة الأهل وبعض الأسر الصديقة ، ومن ذلك قولها معبرة عن أنها ملت حياة الإقامة في مدينة دبي ، وأن روحها كانت تسافر وترحل إلى دار الأهل ومرابعهم في مدينة العين وضواحيها :

يا سيف مليت الحدادير ولا أشوف لي في الدار مصروف
مليت م النخرة والخوير ومن عزر نفسي لحجني حوف
في الليل روحي تندري طير كم شرفت في عدبن وطوف

ويكشف كثير من نتاج الشاعرة عن ارتباطها الوثيق بالمكان الإماراتي ، وتعلقها بمظاهر الجمال فيه ، وإذ هي لا تمر على الأمكنة والمواقع مر الكرام ، بل تتفاعل معها وما فيها من عناصر الجمال ، مثل كواكب ، وبوهرمة ، والساد وغيرها ، ولهذا تدعو بالسقيا ونزول المطر والغيث لهذه الأمكنة ، ومن ذلك قولها في شرف كواكب :

يعل ذاك الشرف سحاب ومن السماء يا رب هله
لي ساكنينه عرب أنياب متحذر عن كل خله


ومن قصائدها
قصيـــدة : هب السهيلي

هب السهيلـي يـاب ريعـانيــذكــر الـقـلــب الـعـلـيـلـي
ونيت مـا بـي زود نقصـانيـا غيـر بـي هـيـر طويـلـي
بــدو تعـلـت روس نجـيـانيسقـون م الـوبـل الهميـلـي
من مرعـد فـي الليـل دنـانمن عطية اللي هب بخيلـي
بشهـد بـلـن الـوقـت مـنـانلـي يـاب منسـوع اليديـلـي
غر ربـا فـي غرسـة عمـانيسقى من البجس الظليلـي
صـبـاه لا عــرق ولا شــانمحروز عن جمع الضويلي
لــه الثـنـايـا حـــب رمـــانواللـي خلـج مثـلـه جليـلـي
هاي السنة لا تقـول حـرانوغير السنة شـورك دليلـي
وغير السنة بنريـع سمـانشـقـر مــن الـظـلـة يفـيـلـي
وأن هب شرتا بريـح ذنـانعـلـيـك بـالـثـوب الهلـيـلـي
محلا مسيـر عنـد الأخـوانإن جـان روف ولا عييـلـي
يوم القمر وسط السما زانأول شهـر زبـن المسـيـري
والشـور مـن تـولاه خــلانكــــل عـلـيــه الله وكـيـلــي


قصيـــدة: بستان قلبي صابه الهيف

ذهبت الشاعرة إلى جميرا لزيارة ابنتها المقيمة في دبي وبقيت هناك مدة غير قصيرة ، لم يأت إليها أحد من أولادها لإعادتها إلى مدينة العين التي اشتاقت إليها كثيرا ، فقالت :

خلونيـه حايـن عـلـى السـيـفوتـنـيـهــوا فـــــي دار بـعــيــد
عـيـنـي تـرابــي للمـخـاطـيـفأهـل الـرجـاب الـلـي مشـاديـد
مـا حـد قربـي مـن المعاريـفالـلـي بـهـم يسـتـامـن سـعـيـد
بستـان قلـبـي صـابـه الهـيـفواسـتـم حـالـي يـــا مشـاهـيـد
يعـل السحـب يللـي مراضيـفيـسـجـن عـلــى دار الأيـاويــد
يسجن على داري مع الصيفيــازم حـفـرهـا بـــاع ويـزيــد
يسجن على بـو خشـم رهيـفراعـــي الحيـايـيـن المعـاقـيـد
ماخـذ مـن الريـم التواصـيـفومـــن الـغـزيـل يـــوم بيـعـيـد


قصيـــدة: ونتي والنفس مشغوبه

ونـتـي والنـفـس مشغـوبـهوش حجـيـلـك م المجفـيـنـا
من السكن قد عفيت دروبهويــــن أهــلـــه الأولـيـيـنــا
حـمــده وسـالــم تـعـايـوبـهمـــا علـيـهـم حــــد يـبـيـنـا
واتركه هو عوف مشروبهأمــس م التـنـكـر مـرويـنـا
إلا يـا جـان خايـف عقوبـهانـتـه الـلـي كـامــل الـديـنـا



رد مع اقتباس