الموضوع: فتوح الغيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-17-2011, 09:59 AM   رقم المشاركة : 64
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: فتوح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة الحادية والخمسون

فـي الـــزهــــــد


قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : الـزاهـد يثاب بسبب الأقسام مرتين يثاب في تركها أولاً، فلا يأخذها بهواه و موافقة النفس، بل يأخذها بمجرد الأمر، فإذا تحققت عداوته لنفسه و مخالفته لهواه عُد من المحقين و أهل الولاية و أدخل في زمرة الأبدال و العارفين أمر حنيئذ بتناولها و التلبس بها، إذ هي قسمة لابد له منها لم تخلق لغيره، جف بها القلم و سبق بها العلم، فإذا امتثل الأمر فتناول أو أطلع بالعلم فتلبس بها بجريان القدر و الفعل فيه من غيري أن يكون هو فيه، لا هوى و لا إرادة و لا همة أثيب بذلك ثانياً، هو ممتثل للأمر بذلك أو موافق لفعل الحق عز و جل فيه.


فإن قال قائل : كيف أطلقت القول بالثواب لمن هو في المقام الأخير الذي ذكرته من أنه أدخل في زمرة الإبدال و العارفين المفعول فيهم، الفانين عن الخلق و الأنفس و الأهوية و الإرادات و الحظوظ و الأماني و الأعواض على العمال الذين يرون جميع طاعاتهم و عباداتهم فضلاً من الله عز و جل و نعمة و رحمة و توفيقا و تيسيراً منه عز و جل ويعتقدون أنهم عبيد الله عز و جل ، و العبد لا يستحق على مولاه حقاً، إذ هو برمته مع حركاته و سكناته و أكسابه ملك لمولاه، فكيف يقال في حقه يثاب و هو لا يطلب ثواباً و لا عوضاً على فعله و لا يرى له عملاً، بل يرى نفسه من البطالين و أفلس المفلسين من الأعمال.


فتقول : صدقت، غير أن الله عز و جل يواصله بفضله و يدلـله بنعمه و يربيه بلطفه و رأفته و بره و رحمته و كرمه، إذ كف يده عن مصالح نفسه و طلب الحظوظ لها و جلب النفع إليها و دفع الضر عنها، فهو كالطفل الرضيع الذي لا حراك له في مصالح نفسه و هو مدلل بفضل الله عز و جل و رزقه الدار على يدي والديه الوكيلين الكفيلين، فلما سلب عنه مصالح نفسه عطف قلوب الخلق عليه و أوجد رحمة و شفقة له في القلوب حتى كل واحد يرحمه و يتعطف عليه و يبره، فهكذا الكل فانٍ عن سوى الله الذي لا يحركه غيره أمره أو فعله مواصل بفضل الله عز و جل دنيا و أخرى مدلل فيهما مدفوع عنه الأذى متولي، قال تعالى : }إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ{.الأعراف196.


رد مع اقتباس